34-  باب ما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر في النص

على القائم ع و غيبته و أنه الثاني عشر من الأئمة

 1-  حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر عن أبيه عن جده محمد بن علي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع قال إذا فقد الخامس من ولد السابع

 

===============

(360)

فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم أحد عنها يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به إنما هي محنة من الله عز و جل امتحن بها خلقه و لو علم آباؤكم و أجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه فقلت يا سيدي و ما الخامس من ولد السابع فقال يا بني عقولكم تضعف عن ذلك و أحلامكم تضيق عن حمله و لكن إن تعيشوا فسوف تدركونه

 2-  حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن العباس بن عامر القصباني قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ع يقول صاحب هذا الأمر من يقول الناس لم يولد بعد

 3-  حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب البجلي و أبي قتادة علي بن محمد بن حفص عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع قال قلت ما تأويل قول الله عز و جل قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ فقال إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون

 

===============

(361)

4-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن خالد البرقي عن علي بن حسان عن داود بن كثير الرقي قال سألت أبا الحسن موسى بن جعفر ع عن صاحب هذا الأمر قال هو الطريد الوحيد الغريب الغائب عن أهله الموتور بأبيه ع

 5-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن صالح بن السندي عن يونس بن عبد الرحمن قال دخلت على موسى بن جعفر ع فقلت له يا ابن رسول الله أنت القائم بالحق فقال أنا القائم بالحق و لكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله عز و جل و يملؤها عدلا كما ملئت جورا و ظلما هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه يرتد فيها أقوام و يثبت فيها آخرون ثم قال ع طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا و البراءة من أعدائنا أولئك منا و نحن منهم قد رضوا بنا أئمة و رضينا بهم شيعة فطوبى لهم ثم طوبى لهم و هم و الله معنا في درجاتنا يوم القيامة

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه إحدى العلل التي من أجلها وقعت الغيبة الخوف كما ذكر في هذا الحديث و قد كان موسى بن جعفر ع في ظهوره كاتما لأمره و كان شيعته لا تختلف إليه و لا يجترون على الإشارة خوفا من طاغية زمانه حتى أن هشام بن الحكم لما سئل في مجلس يحيى بن خالد عن الدلالة على الإمام أخبر بها فلما قيل له من هذا الموصوف قال صاحب القصر أمير المؤمنين هارون الرشيد و كان هو خلف الستر قد سمع كلامه فقال أعطانا و الله من جراب النورة فلما علم هشام أنه قد أتى هرب و طلب فلم يقدر عليه و خرج إلى الكوفة و مات بها

 

===============

(362)

عند بعض الشيعة فلم يكف الطلب عنه حتى وضع ميتا بالكناسة و كتبت رقعة و وضعت معه هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين حتى نظر إليه القاضي و العدول و صاحب المعونة و العامل فحينئذ كف الطاغية عن الطلب عنه

ذكر كلام هشام بن الحكم رضي الله عنه في هذا المجلس و ما آل إليه أمره

 حدثنا أحمد بن زياد الهمداني و الحسين بن إبراهيم بن ناتانة رضي الله عنهما قالا حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير قال أخبرني علي الأسواري قال كان ليحيي بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة و ملة يوم الأحد فيتناظرون في أديانهم يحتج بعضهم على بعض فبلغ ذلك الرشيد فقال ليحيي بن خالد يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون قال يا أمير المؤمنين ما شي‏ء مما رفعني به أمير المؤمنين و بلغ بي من الكرامة و الرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم فيحتج بعضهم على بعض و يعرف المحق منهم و يتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم فقال له الرشيد أنا أحب أن أحضر هذا المجلس و أسمع كلامهم على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني و لا يظهروا مذاهبهم قال ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء قال فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ففعل ذلك و بلغ الخبر المعتزلة فتشاوروا بينهم و عزموا على أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد و إنكاره على من قال بالإمامة قال فحضروا و حضر هشام و حضر عبد الله بن يزيد

 

===============

(363)

الإباضي و كان من أصدق الناس لهشام بن الحكم و كان يشاركه في التجارة فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة فقال هشام أيها الوزير ليس لهم علينا جواب و لا مسألة إن هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ثم فارقونا بلا علم و لا معرفة فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق و لا حين فارقونا علموا على ما فارقونا فليس لهم علينا مسألة و لا جواب فقال بيان و كان من الحرورية أنا أسألك يا هشام أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أ كانوا مؤمنين أم كافرين قال هشام كانوا ثلاثة أصناف صنف مؤمنون و صنف مشركون و صنف ضلال فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي إن عليا ع إمام من عند الله عز و جل و معاوية لا يصلح لها فآمنوا بما قال الله عز و جل في علي ع و أقروا به و أما المشركون فقوم قالوا علي إمام و معاوية يصلح لها فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي ع و أما الضلال فقوم خرجوا على الحمية و العصبية للقبائل و العشائر فلم يعرفوا شيئا من هذا و هم جهال قال فأصحاب معاوية ما كانوا قال كانوا ثلاثة أصناف صنف كافرون و صنف مشركون و صنف ضلال

 

===============

(364)

فأما الكافرون فالذين قالوا إن معاوية إمام و علي لا يصلح لها فكفروا من جهتين إذ جحدوا إماما من الله عز و جل و نصبوا إماما ليس من الله و أما المشركون فقوم قالوا معاوية إمام و علي يصلح لها فأشركوا معاوية مع علي ع و أما الضلال فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية و العصبية للقبائل و العشائر فانقطع بيان عند ذلك فقال ضرار و أنا أسألك يا هشام في هذا فقال هشام أخطأت قال و لم قال لأنكم كلكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي و قد سألني هذا عن مسألة و ليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب قال ضرار فسل قال أ تقول إن الله عز و جل عدل لا يجور قال نعم هو عدل لا يجور تبارك و تعالى قال فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد و الجهاد في سبيل الله و كلف الأعمى قراءة المصاحف و الكتب أ تراه كان يكون عادلا أم جائرا قال ضرار ما كان الله ليفعل ذلك قال هشام قد علمت أن الله لا يفعل ذلك و لكن ذلك على سبيل الجدل و الخصومة أن لو فعل ذلك أ ليس كان في فعله جائرا إذ كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته و أدائه قال لو فعل ذلك لكان جائرا قال فأخبرني عن الله عز و جل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم قال بلى قال فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين أو كلفهم ما لا دليل لهم على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب و المقعد المشي إلى المساجد و الجهاد قال فسكت ضرار ساعة ثم قال لا بد من دليل و ليس بصاحبك قال

 

===============

(365)

فتبسم هشام و قال تشيع شطرك و صرت إلى الحق ضرورة و لا خلاف بيني و بينك إلا في التسمية قال ضرار فإني أرجع القول عليك في هذا قال هات قال ضرار لهشام كيف تعقد الإمامة قال هشام كما عقد الله عز و جل النبوة قال فهو إذا نبي قال هشام لا لأن النبوة يعقدها أهل السماء و الإمامة يعقدها أهل الأرض فعقد النبوة بالملائكة و عقد الإمامة بالنبي و العقدان جميعا بأمر الله جل جلاله قال فما الدليل على ذلك قال هشام الاضطرار في هذا قال ضرار و كيف ذلك قال هشام لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه إما أن يكون الله عز و جل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول ص فلم يكلفهم و لم يأمرهم و لم ينههم فصاروا بمنزلة السباع و البهائم التي لا تكليف عليها أ فتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول ص قال لا أقول هذا قال هشام فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون قد استحالوا بعد الرسول ص علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم و أصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه أ فتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلى أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق قال لا أقول هذا و لكنهم يحتاجون إلى غيرهم قال فبقي الوجه الثالث و هو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه

 

===============

(366)

الرسول لهم لا يسهو و لا يغلط و لا يحيف معصوم من الذنوب مبرأ من الخطايا يحتاج الناس إليه و لا يحتاج إلى أحد قال فما الدليل عليه قال هشام ثمان دلالات أربع في نعت نسبه و أربع في نعت نفسه فأما الأربع التي في نعت نسبه فإنه يكون معروف الجنس معروف القبيلة معروف البيت و أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه إشارة فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة و الدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فتصل دعوته إلى كل بر و فاجر و عالم و جاهل مقر و منكر في شرق الأرض و غربها و لو جاز أن تكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده و لجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم و غيرهم و لكان من حيث أراد الله عز و جل أن يكون صلاح يكون فساد و لا يجوز هذا في حكمة الله جل جلاله و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة و الدعوة فلم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة و هي قريش و لما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة و لما كثر أهل هذا البيت و تشاجروا في الإمامة لعلوها و شرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إشارة إليه بعينه و اسمه و نسبه كي لا يطمع فيها غيره و أما الأربع التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله و سننه و أحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق و لا جليل و أن

 

===============

(367)

يكون معصوما من الذنوب كلها و أن يكون أشجع الناس و أن يكون أسخى الناس فقال عبد الله بن يزيد الإباضي من أين قلت إنه أعلم الناس قال لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله و أحكامه و شرائعه و سننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود فمن وجب عليه القطع حده و من وجب عليه الحد قطعه فلا يقيم لله عز و جل حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا قال فمن أين قلت إنه معصوم من الذنوب قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطأ فلا يؤمن أن يكتم على نفسه و يكتم على حميمه و قريبه و لا يحتج الله بمثل هذا على خلقه قال فمن أين قلت إنه أشجع الناس قال لأنه فئة للمسلمين الذي يرجعون إليه في الحروب و قال الله عز و جل وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله و لا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عز و جل حجة الله على خلقه قال فمن أين قلت إنه أسخى الناس قال لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها فكان خائنا و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن فعند ذلك قال ضرار فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت فقال صاحب القصر أمير المؤمنين و كان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله فقال عند ذلك أعطانا و الله من جراب النورة ويحك يا جعفر و كان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر من يعني بهذا فقال يا أمير المؤمنين يعني

 

===============

(368)

به موسى بن جعفر قال ما عنى بها غير أهلها ثم عض على شفتيه و قال مثل هذا حي و يبقى لي ملكي ساعة واحدة فو الله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف و علم يحيى أن هشاما قد أتي فدخل الستر فقال يا عباسي ويحك من هذا الرجل فقال يا أمير المؤمنين حسبك تكفى تكفى ثم خرج إلى هشام فغمزه فعلم هشام أنه قد أتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه و انسل و مر ببيته و أمرهم بالتواري و هرب و مر من فوره نحو الكوفة فوافى الكوفة و نزل على بشير النبال و كان من حملة الحديث من أصحاب أبي عبد الله ع فأخبره الخبر ثم اعتل علة شديدة فقال له بشير آتيك بطبيب قال لا أنا ميت فلما حضره الموت قال لبشير إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل و ضعني بالكناسة و اكتب رقعة و قل هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين مات حتف أنفه و كان هارون قد بعث إلى إخوانه و أصحابه فأخذ الخلق به فلما أصبح أهل الكوفة رأوه و حضر القاضي و صاحب المعونة و العامل و المعدلون بالكوفة و كتب إلى الرشيد بذلك فقال الحمد لله الذي كفانا أمره فخلى عمن كان أخذ به

 6-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي قال سألت سيدي موسى بن جعفر ع عن قول الله عز و جل وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً فقال ع النعمة الظاهرة الإمام الظاهر و الباطنة الإمام الغائب فقلت له و يكون في الأئمة من يغيب قال نعم يغيب عن أبصار الناس شخصه و لا يغيب عن

 

===============

(369)

قلوب المؤمنين ذكره و هو الثاني عشر منا يسهل الله له كل عسير و يذلل له كل صعب و يظهر له كنوز الأرض و يقرب له كل بعيد و يبير به كل جبار عنيد و يهلك على يده كل شيطان مريد ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته و لا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز و جل فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه بهمدان عند منصرفي من حج بيت الله الحرام و كان رجلا ثقة دينا فاضلا رحمة الله عليه و رضوانه

 

===============

(370)

 

35-      باب ما روي عن الرضا علي بن موسى ع في النص

على القائم و في غيبته ع و أنه الثاني عشر

 1-  حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن أيوب بن نوح قال قلت للرضا ع إنا لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر و أن يرده الله عز و جل إليك من غير سيف فقد بويع لك و ضربت الدراهم باسمك فقال ما منا أحد اختلفت إليه الكتب و سئل عن المسائل و أشارت إليه الأصابع و حملت إليه الأموال إلا اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث الله عز و جل لهذا الأمر رجلا خفي المولد و المنشأ غير خفي في نسبه

 2-  حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن علي بن الحسن بن فضال عن الريان بن الصلت قال سمعته يقول سئل أبو الحسن الرضا ع عن القائم ع فقال لا يرى جسمه و لا يسمى باسمه

 3-  حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال العبرتائي عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع قال قال لي لا بد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة و وليجة و ذلك عند

 

===============

(371)

فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء و أهل الأرض و كل حرى و حران و كل حز

ين و لهفان ثم قال ع بأبي و أمي سمي جدي ص و شبيهي و شبيه موسى بن عمران ع عليه جيوب النور يتوقد من شعاع ضياء القدس يحزن لموته أهل الأرض و السماء كم من حرى مؤمنة و كم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقدان الماء المعين كأني بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب يكون رحمة على المؤمنين و عذابا على الكافرين

 4-  حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن محمد بن أحمد عن محمد بن مهران عن خاله أحمد بن زكريا قال قال لي الرضا علي بن موسى ع أين منزلك ببغداد قلت الكرخ قال أما إنه أسلم موضع و لا بد من فتنة صماء صيلم تسقط فيها كل وليجة و بطانة و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي

 5-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال قال علي بن موسى الرضا ع لا دين لمن لا ورع له و لا إيمان لمن لا تقية له إن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية فقيل له يا ابن رسول الله إلى متى قال إلى يوم الوقت المعلوم و هو يوم خروج قائمنا أهل البيت فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا

 

===============

(372)

فقيل له يا ابن رسول الله و من القائم منكم أهل البيت قال الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور و يقدسها من كل ظلم و هو الذي يشك الناس في ولادته و هو صاحب الغيبة قبل خروجه فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا و هو الذي تطوى له الأرض و لا يكون له ظل و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق معه و فيه و هو قول الله عز و جل إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ

 6-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى ع قصيدتي التي أولها

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏

فلما انتهيت إلى قولي

خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات‏يميز فينا كل حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات‏

بكى الرضا ع بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم فقلت لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملؤها عدلا كما ملئت جورا فقال يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني و بعد محمد ابنه علي و بعد علي ابنه الحسن و بعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز و جل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ

 

===============

(373)

الأرض عدلا كما ملئت جورا و أما متى فإخبار عن الوقت فقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه ع أن النبي ص قيل له يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك فقال ع مثله مثل الساعة التي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً و لدعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه خبر آخر أحببت إيراده على أثر هذا الحديث الذي مضى حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رضي الله عنه عن أبيه عن جده إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال دخل دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع بمرو فقال له يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة و آليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال ع هاتها فأنشدها

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏

فلما بلغ إلى قوله

أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏

بكى أبو الحسن الرضا ع و قال صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات‏

جعل أبو الحسن ع يقلب كفيه و هو يقول أجل و الله منقبضات فلما بلغ إلى قوله

 

===============

(374)

 لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها و إني لأرجو الأمن بعد وفاتي‏

قال له الرضا ع آمنك الله يوم الفزع الأكبر فلما انتهى إلى قوله

و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنه الرحمن في الغرفات‏

قال له الرضا ع أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك فقال بلى يا ابن رسول الله فقال ع

و قبر بطوس يا لها من مصيبة توقد في الأحشاء بالحرقات‏إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم و الكربات‏

فقال دعبل يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو فقال الرضا ع قبري و لا تنقضي الأيام و الليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي و زواري في غربتي ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا ع بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك فقال دعبل و الله ما لهذا جئت و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شي‏ء يصل إلي و رد الصرة و سأل ثوبا من ثياب الرضا ع ليتبرك به و يتشرف فأنفذ إليه الرضا ع جبة خز مع الصرة و قال للخادم قل له يقول لك مولاي خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة و الجبة و انصرف و سار من مرو في قافلة فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص و أخذوا القافلة بأسرها و كتفوا أهلها و

 

===============

(375)

كان دعبل فيمن كتف و ملك اللصوص القافلة و جعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل من قصيدته أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏

فسمعه دعبل فقال له لمن هذا البيت فقال له لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن علي فقال له دعبل فأنا دعبل بن علي قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم و كان يصلي على رأس تل و كان من الشيعة فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل قال له أنت دعبل فقال نعم فقال له أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه و كتاف جميع أهل القافلة و رد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل و سار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في مسجد الجامع فلما اجتمعوا صعد دعبل المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال و الخلع بشي‏ء كثير و اتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك فقالوا له فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم و سار عن قم فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب فأخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم فسألهم رد الجبة عليه فامتنع الأحداث من ذلك و عصوا المشايخ في أمرها و قالوا لدعبل لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من رد الجبة عليه سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك فأعطوه بعضها و دفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار و انصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان له في منزله فباع المائة دينار التي كان الرضا ع وصله بها من الشيعة كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم فتذكر قول الرضا ع

 

===============

(376)

إنك ستحتاج إليها و كانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما فأخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة و قد ذهبت و أما اليسرى فنحن نعالجها و نجتهد و نرجو أن تسلم فاغتم دعبل لذلك غما شديدا و جزع عليها جزعا عظيما ثم إنه ذكر ما معه من فضلة الجبة فمسحها على عيني الجارية و عصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت و عيناها أصح مما كانتا و كأنه ليس لها أثر مرض قط ببركة مولانا أبي الحسن الرضا ع

 7-  حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال قلت للرضا ع أنت صاحب هذا الأمر فقال أنا صاحب هذا الأمر و لكني لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا و كيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني و إن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ و منظر الشبان قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها و لو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها يكون معه عصا موسى و خاتم سليمان ع ذاك الرابع من ولدي يغيبه الله في ستره ما شاء ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما