1- حدثنا علي بن الحسن بن الفرج المؤذن رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الكرخي قال سمعت أبا هارون رجلا من أصحابنا يقول رأيت صاحب الزمان ع و وجهه يضيء كأنه القمر ليلة البدر و رأيت على سرته شعرا يجري كالخط و كشفت الثوب عنه فوجدته مختونا فسألت أبا محمد ع عن ذلك فقال
===============
(435)
هكذا ولد و هكذا ولدنا و لكنا سنمر الموسى عليه لإصابة السنة .
2- حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال حدثني معاوية بن حكيم و محمد بن أيوب بن نوح و محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه قالوا عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي ع و نحن في منزله و كنا أربعين رجلا فقال هذا إمامكم من بعدي و خليفتي عليكم أطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا قالوا فخرجنا من عنده فما مضت إلا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد ع .
3- حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال قلت لمحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه إني أسألك سؤال إبراهيم ربه جل جلاله حين قال له رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فأخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته قال نعم و له رقبة مثل ذي و أشار بيده إلى عنقه .
4- حدثنا علي بن أحمد الدقاق و محمد بن محمد بن عصام الكليني و علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثني علي بن محمد قال حدثني محمد و الحسن ابنا علي بن إبراهيم في سنة تسع و سبعين
===============
(436)
و مائتين قالا حدثنا محمد بن علي بن عبد الرحمن العبدي من عبد قيس عن ضوء بن علي العجلي عن رجل من أهل فارس سماه قال أتيت سر من رأى فلزمت باب أبي محمد ع فدعاني من غير أن أستأذن فلما دخلت و سلمت قال لي يا أبا فلان كيف حالك ثم قال لي اقعد يا فلان ثم سألني عن رجال و نساء من أهلي ثم قال لي ما الذي أقدمك علي قلت رغبة في خدمتك قال لي فقال الزم الدار قال فكنت في الدار مع الخدم ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق و كنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرجال فدخلت عليه يوما و هو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني مكانك لا تبرح فلم أجسر أخرج و لا أدخل فخرجت علي جارية و معها شيء مغطى ثم ناداني ادخل فدخلت و نادى الجارية فرجعت فقال لها اكشفي عما معك فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه و كشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود فقال هذا صاحبكم ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد ع قال ضوء بن علي فقلت للفارسي كم كنت تقدر له من السنين فقال سنتين قال العبدي فقلت لضوء كم تقدر له الآن في وقتنا قال أربع عشرة سنة قال أبو علي و أبو عبد الله و نحن نقدر له الآن إحدى و عشرين سنة .
5- حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال حدثنا آدم بن محمد البلخي قال حدثني علي بن الحسن بن هارون الدقاق قال حدثنا جعفر بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر قال حدثنا يعقوب بن
===============
(437)
منقوش قال دخلت على أبي محمد الحسن بن علي ع و هو جالس على دكان في الدار و عن يمينه بيت و عليه ستر مسبل فقلت له يا سيدي من صاحب هذا الأمر فقال ارفع الستر فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك واضح الجبين أبيض الوجه دري المقلتين شثن الكفين معطوف الركبتين في خده الأيمن خال و في رأسه ذؤابة فجلس على فخذ أبي محمد ع ثم قال لي هذا هو صاحبكم ثم وثب فقال له يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم فدخل البيت و أنا أنظر إليه ثم قال لي يا يعقوب انظر إلى من في البيت فدخلت فما رأيت أحدا .
6- حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي رضي الله عنه قال حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن جعفر القصباني البغدادي قال حدثنا محمد بن جعفر الفارسي الملقب بابن جرموز قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن بلال بن ميمون قال حدثنا الأزهري مسرور بن العاص قال حدثني مسلم بن الفضل قال أتيت أبا سعيد غانم بن سعيد الهندي بالكوفة فجلست فلما طالت مجالستي إياه سألته عن حاله و قد كان وقع إلي شيء من خبره فقال كنت ببلد الهند بمدينة يقال لها قشمير الداخلة و نحن أربعون رجلا ح و حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن علان الكليني قال حدثني علي بن قيس عن غانم أبي سعيد الهندي ح قال علان الكليني و حدثني
===============
(438)
جماعة عن محمد بن محمد الأشعري عن غانم ثم قال كنت عند ملك الهند في قشمير الداخلة و نحن أربعون رجلا نقعد حول كرسي الملك و قد قرأنا التوراة و الإنجيل و الزبور يفزع إلينا في العلم فتذاكرنا يوما محمدا ص و قلنا نجده في كتبنا فاتفقنا على أن أخرج في طلبه و أبحث عنه فخرجت و معي مال فقطع علي الترك و شلحوني فوقعت إلى كابل و خرجت من كابل إلى بلخ و الأمير بها ابن أبي شور فأتيته و عرفته ما خرجت له فجمع الفقهاء و العلماء لمناظرتي فسألتهم عن محمد ص فقال هو نبينا محمد بن عبد الله ص و قد مات فقلت و من كان خليفته فقالوا أبو بكر فقلت انسبوه لي فنسبوه إلى قريش فقلت ليس هذا بنبي إن النبي الذي نجده في كتبنا خليفته ابن عمه و زوج ابنته و أبو ولده فقالوا للأمير إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر فمر بضرب عنقه فقلت لهم أنا متمسك بدين و لا أدعه إلا ببيان فدعا الأمير الحسين بن إسكيب و قال له يا حسين ناظر الرجل فقال العلماء و الفقهاء حولك فمرهم بمناظرته فقال له ناظره كما أقول لك و اخل به و ألطف له فقال فخلا بي الحسين و سألته عن محمد ص فقال هو كما قالوه لك غير أن خليفته ابن عمه علي بن أبي طالب و هو زوج ابنته فاطمة و أبو ولده الحسن و الحسين فقلت أشهد أن لا إله إلا الله و أنه رسول الله و صرت إلى الأمير فأسلمت فمضى بي إلى الحسين ففقهني فقلت له إنا نجد في كتبنا أنه لا يمضي خليفة إلا عن خليفة فمن كان خليفة علي ع قال الحسن ثم الحسين ثم سمى الأئمة واحدا واحدا حتى
===============
(439)
بلغ الحسن بن علي ثم قال لي تحتاج أن تطلب خليفة الحسن و تسأل عنه فخرجت في الطلب قال محمد بن محمد و وافى معنا بغداد فذكر لنا أنه كان معه رفيق قد صحبه على هذا الأمر فكره بعض أخلاقه ففارقه قال فبينما أنا يوما و قد تمسحت في الصراة و أنا مفكر فيما خرجت له إذ أتاني آت و قال لي أجب مولاك فلم يزل يخترق بي المحال حتى أدخلني دارا و بستانا و إذا بمولاي ع قاعد فلما نظر إلي كلمني بالهندية و سلم علي و أخبرني عن اسمي و سألني عن الأربعين رجلا بأسمائهم عن اسم رجل رجل ثم قال لي تريد الحج مع أهل قم في هذه السنة فلا تحج في هذه السنة و انصرف إلى خراسان و حج من قابل قال و رمى إلي بصرة و قال اجعل هذه في نفقتك و لا تدخل في بغداد إلى دار أحد و لا تخبر بشيء مما رأيت قال محمد فانصرفنا من العقبة و لم يقض لنا الحج و خرج غانم إلى خراسان و انصرف من قابل حاجا فبعث إلينا بألطاف و لم يدخل قم و حج و انصرف إلى خراسان فمات رحمه الله بها قال محمد بن شاذان عن الكابلي و قد كنت رأيته عند أبي سعيد فذكر أنه خرج من كابل مرتادا أو طالبا و أنه وجد صحة هذا الدين في الإنجيل و به اهتدى
===============
(440)
فحدثني محمد بن شاذان بنيسابور قال بلغني أنه قد وصل فترصدت له حتى لقيته فسألته عن خبره فذكر أنه لم يزل في الطلب و أنه أقام بالمدينة فكان لا يذكره لأحد إلا زجره فلقي شيخا من بني هاشم و هو يحيى بن محمد العريضي فقال له إن الذي تطلبه بصرياء قال فقصدت صرياء فجئت إلى دهليز مرشوش و طرحت نفسي على الدكان فخرج إلي غلام أسود فزجرني و انتهرني و قال لي قم من هذا المكان و انصرف فقلت لا أفعل فدخل الدار ثم خرج إلي و قال ادخل فدخلت فإذا مولاي ع قاعد بوسط الدار فلما نظر إلي سماني باسم لي لم يعرفه أحد إلا أهلي بكابل و أخبرني بأشياء فقلت له إن نفقتي قد ذهبت فمر لي بنفقة فقال لي أما إنها ستذهب منك بكذبك و أعطاني نفقة فضاع مني ما كانت معي و سلم ما أعطاني ثم انصرفت السنة الثانية فلم أجد في الدار أحدا .
7- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي عن إسحاق بن محمد الصيرفي عن يحيى بن المثنى العطار عن عبد الله بن بكير عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم و لا يرونه .
8- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه قال سمعته يقول و الله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة فيرى الناس و يعرفهم و يرونه و لا يعرفونه .
9- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه فقلت له أ رأيت صاحب هذا الأمر فقال نعم و آخر عهدي به عند بيت الله الحرام و هو يقول اللهم أنجز لي ما وعدتني .
10- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال سمعت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه يقول رأيته ص متعلقا بأستار الكعبة في المستجار و هو يقول اللهم انتقم لي من أعدائي .
===============
(441)
11 - حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ع قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود قال حدثنا أبو النضر محمد بن مسعود قال حدثنا آدم بن محمد البلخي قال حدثنا علي بن الحسن الدقاق قال حدثني إبراهيم بن محمد العلوي قال حدثتني نسيم خادمة أبي محمد ع قالت دخلت على صاحب هذا الأمر ع بعد مولده بليلة فعطست عنده قال لي يرحمك الله قالت نسيم ففرحت بذلك فقال لي ع أ لا أبشرك في العطاس قلت بلى قال هو أمان من الموت ثلاثة أيام .
12- و بهذا الإسناد عن إبراهيم بن محمد العلوي قال حدثني طريف أبو نصر قال دخلت على صاحب الزمان ع فقال علي بالصندل الأحمر فأتيته به ثم قال أ تعرفني قلت نعم فقال من أنا فقلت أنت سيدي و ابن سيدي فقال ليس عن هذا سألتك قال طريف فقلت جعلني الله فداك فبين لي قال أنا خاتم الأوصياء و بي يدفع الله عز و جل البلاء عن أهلي و شيعتي .
13- حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثنا جعفر بن معروف قال كتب إلي أبو عبد الله البلخي حدثني عبد الله السوري قال صرت إلى بستان بني عامر فرأيت غلمانا يلعبون في غدير ماء و فتى جالسا على مصلى واضعا كمه على فيه فقلت من هذا فقالوا محمد بن الحسن ع و كان في صورة أبيه ع .
14- حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال كنت مع أحمد بن إسحاق عند العمري رضي الله عنه فقلت للعمري إني أسألك عن مسألة كما قال الله عز و جل في قصة إبراهيم أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي هل رأيت صاحبي فقال لي نعم و له عنق مثل ذي و أومأ بيديه
===============
(442)
جميعا إلى عنقه قال قلت فالاسم قال إياك أن تبحث عن هذا فإن عند القوم أن هذا النسل قد انقطع .
15- حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثنا جعفر بن معروف عن أبي عبد الله البلخي عن محمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير مولى الرضا ع قال خرج صاحب الزمان على جعفر الكذاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث بعد مضي أبي محمد ع فقال له يا جعفر ما لك تعرض في حقوقي فتحير جعفر و بهت ثم غاب عنه فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره فلما ماتت الجدة أم الحسن أمرت أن تدفن في الدار فنازعهم و قال هي داري لا تدفن فيها فخرج ع فقال يا جعفر أ دارك هي ثم غاب عنه فلم يره بعد ذلك .
16- حدثنا محمد بن محمد الخزاعي رضي الله عنه قال حدثنا أبو علي الأسدي عن أبيه عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان ع و رآه من الوكلاء ببغداد العمري و ابنه و حاجز و البلالي و العطار و من الكوفة العاصمي و من أهل الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزيار و من أهل قم أحمد بن إسحاق و من أهل همدان محمد بن صالح و من أهل الري البسامي و الأسدي يعني نفسه و من أهل آذربيجان القاسم بن العلاء و من أهل نيسابور محمد بن شاذان و من غير الوكلاء من أهل بغداد أبو القاسم بن أبي حليس و أبو عبد الله الكندي و أبو عبد الله الجنيدي و هارون القزاز و النيلي و أبو القاسم بن دبيس و أبو عبد الله بن فروخ و مسرور الطباخ مولى أبي الحسن ع و أحمد و محمد ابنا الحسن و إسحاق الكاتب من بني نيبخت و صاحب النواء و صاحب
===============
(443)
الصرة المختومة و من همدان محمد بن كشمرد و جعفر بن حمدان و محمد بن هارون بن عمران و من الدينور حسن بن هارون و أحمد بن أخية و أبو الحسن و من أصفهان ابن باذشالة و من الصيمرة زيدان و من قم الحسن بن النضر و محمد بن محمد و علي بن محمد بن إسحاق و أبوه و الحسن بن يعقوب و من أهل الري القاسم بن موسى و ابنه و أبو محمد بن هارون و صاحب الحصاة و علي بن محمد و محمد بن محمد الكليني و أبو جعفر الرفاء و من قزوين مرداس و علي بن أحمد و من فاقتر رجلان و من شهرزور ابن الخال و من فارس المحروج و من مرو صاحب الألف دينار و صاحب المال و الرقعة البيضاء و أبو ثابت و من نيسابور محمد بن شعيب بن صالح و من اليمن الفضل بن يزيد و الحسن ابنه و الجعفري و ابن الأعجمي و الشمشاطي و من مصر صاحب المولودين و صاحب المال بمكة و أبو رجاء و من نصيبين أبو محمد بن الوجناء و من الأهواز الحصيني .
17- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن أحمد الكوفي المعروف بأبي القاسم الخديجي قال حدثنا سليمان بن إبراهيم الرقي قال حدثنا أبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي قال كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجة بعد العتمة و أنا أتضرع في الدعاء إذ حركني محرك فقال قم يا حسن بن وجناء قال فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن أقول إنها من أبناء أربعين فما فوقها فمشت بين يدي و أنا لا أسألها عن شيء حتى
===============
(444)
أتت بي إلى دار خديجة ع و فيها بيت بابه في وسط الحائط و له درج ساج يرتقى فصعدت الجارية و جاءني النداء اصعد يا حسن فصعدت فوقفت بالباب فقال لي صاحب الزمان ع يا حسن أ تراك خفيت علي و الله ما من وقت في حجك إلا و أنا معك فيه ثم جعل يعد علي أوقاتي فوقعت مغشيا على وجهي فحسست بيد قد وقعت علي فقمت فقال لي يا حسن الزم دار جعفر بن محمد ع و لا يهمنك طعامك و لا شرابك و لا ما يستر عورتك ثم دفع إلي دفترا فيه دعاء الفرج و صلاة عليه فقال بهذا فادع و هكذا صل علي و لا تعطه إلا محقي أوليائي فإن الله جل جلاله موفقك فقلت يا مولاي لا أراك بعدها فقال يا حسن إذا شاء الله قال فانصرفت من حجتي و لزمت دار جعفر بن محمد ع فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلا لثلاث خصال لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار و أدخل بيتي وقت الإفطار فأصيب رباعيا مملوءا ماء و رغيفا على رأسه و عليه ما تشتهي نفسي بالنهار فآكل ذلك فهو كفاية لي و كسوة الشتاء في وقت الشتاء و كسوة الصيف في وقت الصيف و إني لأدخل الماء بالنهار فأرش البيت و أدع الكوز فارغا فأوتي بالطعام و لا حاجة لي إليه فأصدق به ليلا كي لا يعلم بي من معي .
18- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد الخديجي الكوفي قال حدثنا الأزدي قال بينما أنا في الطواف قد طفت ستا و أنا أريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة و شاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبته متقرب إلى الناس يتكلم فلم أر أحسن من كلامه و لا أعذب من نطقه و حسن جلوسه فذهبت أكلمه فزبرني الناس فسألت بعضهم من هذا فقالوا هذا ابن رسول الله يظهر في كل سنة يوما لخواصه يحدثهم فقلت يا سيدي مسترشدا أتيتك فأرشدني هداك الله فناولني ع حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه ما الذي دفع إليك فقلت حصاة و كشفت عنها فإذا أنا بسبيكة
===============
(445)
ذهب فذهبت فإذا أنا به ع قد لحقني فقال لي ثبتت عليك الحجة و ظهر لك الحق و ذهب عنك العمى أ تعرفني فقلت لا فقال ع أنا المهدي و أنا قائم الزمان أنا الذي أملؤها عدلا كما ملئت جورا إن الأرض لا تخلو من حجة و لا يبقى الناس في فترة و هذه أمانة لا تحدث بها إلا إخوانك من أهل الحق .
19- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن مهزيار قال قدمت مدينة الرسول ص فبحثت عن أخبار آل أبي محمد الحسن بن علي الأخير ع فلم أقع على شيء منها فرحلت منها إلى مكة مستبحثا عن ذلك فبينما أنا في الطواف إذ تراءى لي فتى أسمر اللون رائع الحسن جميل المخيلة يطيل التوسم في فعدت إليه مؤملا منه عرفان ما قصدت له فلما قربت منه سلمت فأحسن الإجابة ثم قال من أي البلاد أنت قلت رجل من أهل العراق قال من أي العراق قلت من الأهواز فقال مرحبا بلقائك هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني قلت دعي فأجاب قال رحمة الله عليه ما كان أطول ليله و أجزل نيله فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار قلت أنا إبراهيم بن مهزيار فعانقني مليا ثم قال مرحبا بك يا أبا إسحاق ما فعلت بالعلامة التي وشجت بينك و بين أبي محمد ع فقلت لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيب أبي محمد الحسن بن علي ع فقال ما أردت سواه فأخرجته إليه فلما نظر إليه استعبر و قبله ثم قرأ كتابته فكانت يا الله يا محمد يا علي ثم قال بأبي يدا طالما جلت فيها
===============
(446)
و تراخى بنا فنون الأحاديث إلى أن قال لي يا أبا إسحاق أخبرني عن عظيم ما توخيت بعد الحج قلت و أبيك ما توخيت إلا ما سأستعلمك مكنونه قال سل عما شئت فإني شارح لك إن شاء الله قلت هل تعرف من أخبار آل أبي محمد الحسن ع شيئا قال لي و ايم الله إني لأعرف الضوء بجبين محمد و موسى ابني الحسن بن علي ع ثم إني لرسولهما إليك قاصدا لإنبائك أمرهما فإن أحببت لقاءهما و الاكتحال بالتبرك بهما فارتحل معي إلى الطائف و ليكن ذلك في خفية من رجالك و اكتتام قال إبراهيم فشخصت معه إلى الطائف أتخلل رملة فرملة حتى أخذ في بعض مخارج الفلاة فبدت لنا خيمة شعر قد أشرفت على أكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا فبدرني إلى الإذن و دخل مسلما عليهما و أعلمهما بمكاني فخرج علي أحدهما و هو الأكبر سنا محمد بن الحسن ع و هو غلام أمرد ناصع اللون واضح الجبين أبلج الحاجب مسنون الخدين أقنى الأنف أشم أروع كأنه غصن بان و كأن صفحة غرته كوكب دري بخده الأيمن خال كأنه فتاة مسك على بياض الفضة و إذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة أذنه له سمت ما رأت العيون أقصد منه و لا أعرف حسنا و سكينة و حياء
===============
(447)
فلما مثل لي أسرعت إلى تلقيه فأكببت عليه ألثم كل جارحة منه فقال لي مرحبا بك يا أبا إسحاق لقد كانت الأيام تعدني وشك لقائك و المعاتب بيني و بينك على تشاحط الدار و تراخي المزار تتخيل لي صورتك حتى كأنا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة و خيال المشاهدة و أنا أحمد الله ربي ولي الحمد على ما قيض من التلاقي و رفه من كربة التنازع و الاستشراف عن أحوالها متقدمها و متأخرها فقلت بأبي أنت و أمي ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد ع فاستغلق على ذلك حتى من الله علي بمن أرشدني إليك و دلني عليك و الشكر لله على ما أوزعني فيك من كريم اليد و الطول ثم نسب نفسه و أخاه موسى و اعتزل بي ناحية ثم قال إن أبي ع عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلا أخفاها و أقصاها إسرارا لأمري و تحصينا لمحلي لمكايد أهل الضلال و المردة من أحداث الأمم الضوال فنبذني إلى عالية الرمال و جبت صرائم الأرض ينظرني الغاية التي عندها يحل الأمر و ينجلي الهلع
===============
(448)
و كان ع أنبط لي من خزائن الحكم و كوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة و اعلم يا أبا إسحاق أنه قال ع يا بني إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه و أهل الجد في طاعته و عبادته بلا حجة يستعلى بها و إمام يؤتم به و يقتدى بسبيل سنته و منهاج قصده و أرجو يا بني أن تكون أحد من أعده الله لنشر الحق و وطء الباطل و إعلاء الدين و إطفاء الضلال فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض و تتبع أقاصيها فإن لكل ولي لأولياء الله عز و جل عدوا مقارعا و ضدا منازعا افتراضا لمجاهدة أهل النفاق و خلاعة أولي الإلحاد و العناد فلا يوحشنك ذلك و اعلم أن قلوب أهل الطاعة و الإخلاص نزع إليك مثل الطير إلى أوكارها و هم معشر يطلعون بمخائل الذلة و الاستكانة و هم عند الله بررة أعزاء يبرزون بأنفس مختلة محتاجة و هم أهل القناعة و الاعتصام استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العز
===============
(449)
في دار القرار و جبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى و كرامة حسن العقبى فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد أمورك تفز بدرك الصنع في مصادرها و استشعر العز فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبه إن شاء الله و كأنك يا بني بتأييد نصر الله و قد آن و تيسير الفلج و علو الكعب و قد حان و كأنك بالرايات الصفر و الأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم و زمزم و كأنك بترادف البيعة و تصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدر في مثاني العقود و تصافق الأكف على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفنائك من ملإ برأهم الله من طهارة الولادة و نفاسة التربة مقدسة قلوبهم من دنس النفاق مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق لينة
===============
(450)
عرائكهم للدين خشنة ضرائبهم عن العدوان واضحة بالقبول أوجههم نضرة بالفضل عيدانهم يدينون بدين الحق و أهله فإذا اشتدت أركانهم و تقومت أعمادهم فدت بمكانفتهم طبقات الأمم إلى إمام إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعبت أفنان غصونها على حافات بحيرة طبرية فعندها يتلألأ صبح الحق و ينجلي ظلام الباطل و يقصم الله بك الطغيان و يعيد معالم الإيمان يظهر بك استقامة الآفاق و سلام الرفاق يود الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا و نواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا تهتز بك أطراف الدنيا بهجة و تنشر عليك أغصان العز نضرة و تستقر بواني الحق في قرارها و تئوب شوارد الدين إلى أوكارها تتهاطل عليك سحائب الظفر فتخنق كل عدو و تنصر كل ولي فلا يبقى على وجه الأرض جبار قاسط و لا جاحد غامط و لا شانئ مبغض و لا معاند كاشح و من يتوكل على الله فهو
===============
(451)
حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ثم قال يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلا عن أهل التصديق و الأخوة الصادقة في الدين إذا بدت لك أمارات الظهور و التمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا و باهر المسارعة إلى منار اليقين و ضياء مصابيح الدين تلق رشدا إن شاء الله قال إبراهيم بن مهزيار فمكثت عنده حينا أقتبس ما أؤدي إليهم من موضحات الأعلام و نيرات الأحكام و أروي نبات الصدور من نضارة ما ادخره الله في طبائعه من لطائف الحكم و طرائف فواضل القسم حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم فاستأذنته بالقفول و أعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته و التجرع للظعن عن محاله فأذن و أردفني من صالح دعائه ما يكون لي ذخرا عند الله و لعقبي و قرابتي إن شاء الله فلما أزف ارتحالي و تهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعا و مجددا للعهد و عرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم و سألته أن يتفضل بالأمر بقبوله مني فابتسم و قال يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك فإن الشقة قذفة و فلوات الأرض أمامك جمة و لا تحزن لإعراضنا عنه فإنا قد أحدثنا لك شكره
===============
(452)
و نشره و ربضناه عندنا بالتذكرة و قبول المنة فبارك الله فيما خولك و أدام لك ما نولك و كتب لك أحسن ثواب المحسنين و أكرم آثار الطائعين فإن الفضل له و منه و أسأل الله أن يردك إلى أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الأوبة و أكناف الغبطة بلين المنصرف و لا أوعث الله لك سبيلا و لا حير لك دليلا و أستودعه نفسك وديعة لا تضيع و لا تزول بمنه و لطفه إن شاء الله يا أبا إسحاق قنعنا بعوائد إحسانه و فوائد امتنانه و صان أنفسنا عن معاونة الأولياء لنا عن الإخلاص في النية و إمحاض النصيحة و المحافظة على ما هو أنقى و أتقى و أرفع ذكرا قال فأقفلت عنه حامدا لله عز و جل على ما هداني و أرشدني عالما بأن الله لم يكن ليعطل أرضه و لا يخليها من حجة واضحة و إمام قائم و ألقيت هذا الخبر المأثور و النسب المشهور توخيا للزيادة في بصائر أهل اليقين و تعريفا لهم ما من الله عز و جل به من إنشاء الذرية الطيبة و التربة الزكية و قصدت أداء الأمانة و التسليم لما استبان ليضاعف الله عز و جل الملة الهادية و الطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم و تأييد نية و شدة أزر و اعتقاد عصمة و الله يهدي من يشاء
===============
(453)
إلى صراط مستقيم .
20- و سمعنا شيخا من أصحاب الحديث يقال له أحمد بن فارس الأديب يقول سمعت بهمدان حكاية حكيتها كما سمعتها لبعض إخواني فسألني أن أثبتها له بخطي و لم أجد إلى مخالفته سبيلا و قد كتبتها و عهدتها على من حكاها و ذلك أن بهمدان ناسا يعرفون ببني راشد و هم كلهم يتشيعون و مذهبهم مذهب أهل الإمامة فسألت عن سبب تشيعهم من بين أهل همدان فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحا و سمتا إن سبب ذلك أن جدنا الذي ننتسب إليه خرج حاجا فقال إنه لما صدر من الحج و ساروا منازل في البادية قال فنشطت في النزول و المشي فمشيت طويلا حتى أعييت و نعست فقلت في نفسي أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت قال فما انتبهت إلا بحر الشمس و لم أر أحدا فتوحشت و لم أر طريقا و لا أثرا فتوكلت على الله عز و جل و قلت أسير حيث وجهني و مشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضراء كأنها قريبة عهد من غيث و إذا تربتها أطيب تربة و نظرت في سواء تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنه سيف فقلت ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده و لم أسمع به فقصدته فلما بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين فسلمت عليهما فردا ردا جميلا و قالا اجلس فقد أراد الله بك خيرا فقام أحدهما و دخل و احتبس غير بعيد ثم خرج فقال قم فادخل فدخلت قصرا لم أر بناء أحسن من بنائه و لا أضوأ منه فتقدم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ثم قال لي ادخل فدخلت البيت فإذا فتى جالس في وسط البيت و قد علق فوق رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمس رأسه و الفتى كأنه بدر يلوح في ظلام فسلمت فرد السلام بألطف كلام و
===============
(454)
أحسنه ثم قال لي أ تدري من أنا فقلت لا و الله فقال أنا القائم من آل محمد ص أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف و أشار إليه فأملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما فسقطت على وجهي و تعفرت فقال لا تفعل ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها همدان فقلت صدقت يا سيدي و مولاي قال فتحب أن تئوب إلى أهلك فقلت نعم يا سيدي و أبشرهم بما أتاح الله عز و جل لي فأومأ إلى الخادم فأخذ بيدي و ناولني صرة و خرج و مشى معي خطوات فنظرت إلى ظلال و أشجار و منارة مسجد فقال أ تعرف هذا البلد فقلت إن بقرب بلدنا بلدة تعرف بأسدآباذ و هي تشبهها قال فقال هذه أسدآباذ امض راشدا فالتفت فلم أره فدخلت أسدآباذ و إذا في الصرة أربعون أو خمسون دينارا فوردت همدان و جمعت أهلي و بشرتهم بما يسره الله عز و جل لي و لم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير .
21- حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال حدثنا أحمد بن مسرور عن سعد بن عبد الله القمي قال كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم و دقائقها كلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها مغرما بحفظ مشتبهها
===============
(455)
و مستغلقها شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها و مشكلاتها متعصبا لمذهب الإمامية راغبا عن الأمن و السلامة في انتظار التنازع و التخاصم و التعدي إلى التباغض و التشاتم معيبا للفرق ذوي الخلاف كاشفا عن مثالب أئمتهم هتاكا لحجب قادتهم إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة و أطولهم مخاصمة و أكثرهم جدلا و أشنعهم سؤالا و أثبتهم على الباطل قدما فقال ذات يوم و أنا أناظره تبا لك و لأصحابك يا سعد إنكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما و تجحدون من رسول الله ولايتهما و إمامتهما هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته أ ما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده و أنه هو المقلد لأمر التأويل و الملقى إليه أزمة الأمة و عليه المعول في شعب الصدع و لم الشعث و سد الخلل و إقامة الحدود و تسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك و كما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ ليس من حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه و لما رأينا النبي متوجها إلى الانجحار و لم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها و إنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث به و لم يحفل به لاستثقاله و لعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها قال سعد فأوردت عليه أجوبة شتى فما زال يعقب كل واحد منها بالنقض و الرد علي ثم قال يا سعد و دونكها أخرى بمثلها تخطم أنوف الروافض أ لستم
===============
(456)
تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك و الفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسران النفاق و استدللتم بليلة العقبة أخبرني عن الصديق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها قال سعد فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الإلزام و حذرا من أني إن أقررت له بطوعهما للإسلام احتج بأن بدء النفاق و نشأه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر و الغلبة و إظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا و إن قلت أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس قال سعد فصدرت عنه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب و تقطع كبدي من الكرب و كنت قد اتخذت طومارا و أثبت فيه نيفا و أربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد ع فارتحلت خلفه و قد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال بخير لحاقك بي قلت الشوق ثم العادة في الأسولة قال قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة فقد برح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمد ع و أنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل و مشاكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة
===============
(457)
فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه و لا تفنى غرائبه و هو إمامنا فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا فاستأذنا فخرج علينا الآذن بالدخول عليه و كان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة و ستون صرة من الدنانير و الدراهم على كل صرة منها ختم صاحبها قال سعد فما شبهت وجه مولانا أبي محمد ع حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر و على فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين و بين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة و بيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه و يشغله بردها كي لا يصده عن كتابة ما أراد فسلمنا عليه فألطف في الجواب و أومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي ع إلى الغلام و قال له يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك و مواليك فقال يا
===============
(458)
مولاي أ يجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة و أموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها فقال مولاي يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال و الحرام منها فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل على اثنين و ستين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها و كانت إرثا له عن أبيه خمسة و أربعون دينارا و من أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا و فيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير فقال مولانا صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها فقال ع فتش عن دينار رازي السكة تأريخه سنة كذا قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه و قراضة آملية وزنها ربع دينار و العلة في تحريمها أن صاحب هذا الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا و ربع من فأتت على ذلك مدة و في انتهائها قيض لذلك الغزل سارق فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه و استرد منه بدل ذلك منا و نصف من غزلا أدق مما كان دفعه إليه و اتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه و بمقدارها على حسب ما قال و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها قال و كيف ذاك قال لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة و ذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف و كان ما حص الأكار بكيل بخس فقال مولانا صدقت يا بني ثم قال يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شيء منها و ائتنا بثوب العجوز قال أحمد و كان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلى مولانا أبو محمد ع فقال
===============
(459)
ما جاء بك يا سعد فقلت شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا قال و المسائل التي أردت أن تسأله عنها قلت على حالها يا مولاي قال فسل قرة عيني و أومأ إلى الغلام فقال لي الغلام سل عما بدا لك منها فقلت له مولانا و ابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله ص جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين ع حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة إنك قد أرهجت على الإسلام و أهله بفتنتك و أوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك فإن كففت عني غربك و إلا طلقتك و نساء رسول الله ص قد كان طلاقهن وفاته قال ما الطلاق قلت تخلية السبيل قال فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله ص قد خليت لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج قلت لأن الله تبارك و تعالى حرم الأزواج عليهن قال كيف و قد خلى الموت سبيلهن قلت فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله ص حكمه إلى أمير المؤمنين ع قال إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي ص فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج و أسقطها من شرف أمومة المؤمنين قلت فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته قال الفاحشة المبينة هي السحق دون الزناء فإن المرأة إذا
===============
(460)
زنت و أقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد و إذا سحقت وجب عليها الرجم و الرجم خزي و من قد أمر الله برجمه فقد أخزاه و من أخزاه فقد أبعده و من أبعده فليس لأحد أن يقربه قلت فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى ع فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة فقال ع من قال ذلك فقد افترى على موسى و استجهله في نبوته لأنه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين إما أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة و إن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس و أطهر من الصلاة و إن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام و ما علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز و هذا كفر قلت فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما قال إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني و غسلت قلبي عمن سواك و كان شديد الحب لأهله فقال الله تعالى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا
===============
(461)
قلت فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل كهيعص قال هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد ص و ذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين سرى عنه همه و انجلى كربه و إذا ذكر الحسين خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة فقال ذات يوم يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي فأنبأه الله تعالى عن قصته و قال كهيعص فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد و هو ظالم الحسين ع و العين عطشه و الصاد صبره فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيها الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كانت ندبته إلهي أ تفجع خير خلقك بولده إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أ تلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أ تحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ثم كان يقول اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر و اجعله وارثا وصيا و اجعل محله مني محل الحسين فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم فجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه الله يحيى و فجعه به و كان حمل يحيى ستة أشهر و حمل الحسين ع كذلك و له قصة طويلة قلت فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم قال مصلح أو مفسد قلت مصلح قال فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد قلت بلى قال فهي العلة و أوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى و أنزل عليهم الكتاب و أيدهم بالوحي و العصمة إذ هم أعلام الأمم و أهدى إلى
===============
(462)
الاختيار منهم مثل موسى و عيسى ع هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا هما بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان أنه مؤمن قلت لا فقال هذا موسى كليم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين قال الله تعالى وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا إلى قوله لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح و هو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور و ما تكن الضمائر و تتصرف عليه السرائر و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح ثم قال مولانا يا سعد و حين ادعى خصمك أن رسول الله ص لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده و أنه هو المقلد أمور التأويل و الملقى إليه أزمة الأمة و عليه المعول في لم الشعث و سد الخلل و إقامة الحدود و تسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه و إنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له و لم يحفل به لاستثقاله إياه و علمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها فهلا نقضت عليه دعواه بقولك أ ليس قال رسول الله ص الخلافة بعدي ثلاثون سنة فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم فكان لا يجد بدا من قوله لك بلى قلت فكيف تقول حينئذ أ ليس كما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد أبي بكر لعمر و من بعد عمر لعثمان و من بعد عثمان لعلي فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك نعم ثم كنت
===============
(463)
تقول له فكان الواجب على رسول الله ص أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار و يشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر و لا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم و تخصيصه أبا بكر و إخراجه مع نفسه دونهم و لما قال أخبرني عن الصديق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها لم لم تقل له بل أسلما طمعا و ذلك بأنهما كان يجالسان اليهود و يستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة و في سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد ص و من عواقب أمره فكانت اليهود تذكر أن محمدا يسلط على العرب كما كان بختنصر سلط على بني إسرائيل و لا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي فأتيا محمدا فساعداه على شهادة أن لا إله إلا الله و بايعاه طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره و استتبت أحواله فلما آيسا من ذلك تلثما و صعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه فدفع الله تعالى كيدهم و ردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا كما أتى طلحة و الزبير عليا ع فبايعاه و طمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد فلما آيسا نكثا بيعته و خرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين قال سعد ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي ع للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما و طلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت ما أبطأك و أبكاك قال قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره قلت لا عليك فأخبره فدخل عليه مسرعا
===============
(464)
و انصرف من عنده متبسما و هو يصلي على محمد و آل محمد فقلت ما الخبر قال وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه قال سعد فحمدنا الله تعالى على ذلك و جعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياما فلا نرى الغلام بين يديه فلما كان يوم الوداع دخلت أنا و أحمد بن إسحاق و كهلان من أهل بلدنا و انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما و قال يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة و اشتد المحنة فنحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك و على المرتضى أبيك و على سيدة النساء أمك و على سيدي شباب أهل الجنة عمك و أبيك و على الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك و أن يصلي عليك و على ولدك و نرغب إلى الله أن يعلي كعبك و يكبت عدوك و لا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك قال فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه و تقاطرت عبراته ثم قال يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا فخر أحمد مغشيا عليه فلما أفاق قال سألتك بالله و بحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال خذها و لا تنفق على نفسك غيرها فإنك لن تعدم ما سألت و إن الله تبارك و تعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا قال سعد فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق و ثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها فلما وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ثم قال تفرقوا عني هذه الليلة و اتركوني وحدي فانصرفنا عنه و رجع كل واحد منا إلى مرقده قال سعد فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت
===============
(465)
عيني فإذا أنا بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد ع و هو يقول أحسن الله بالخير عزاكم و جبر بالمحبوب رزيتكم قد فرغنا من غسل صاحبكم و من تكفينه فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء و العويل حتى قضينا حقه و فرغنا من أمره رحمه الله .
22- حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع قال وجدت في كتاب أبي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أحمد الطوال عن أبيه عن الحسن بن علي الطبري عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار قال سمعت أبي يقول سمعت جدي علي بن إبراهيم بن مهزيار يقول كنت نائما في مرقدي
===============
(466)
إذ رأيت في ما يرى النائم قائلا يقول لي حج فإنك تلقى صاحب زمانك قال علي بن إبراهيم فانتبهت و أنا فرح مسرور فما زلت في الصلاة حتى انفجر عمود الصبح و فرغت من صلاتي و خرجت أسأل عن الحاج فوجدت فرقة تريد الخروج فبادرت مع أول من خرج فما زلت كذلك حتى خرجوا و خرجت بخروجهم أريد
===============
(467)
الكوفة فلما وافيتها نزلت عن راحلتي و سلمت متاعي إلى ثقات إخواني و خرجت أسأل عن آل أبي محمد ع فما زلت كذلك فلم أجد أثرا و لا سمعت خبرا و خرجت في أول من خرج أريد المدينة فلما دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي و سلمت رحلي إلى ثقات إخواني و خرجت أسأل عن الخبر و أقفو الأثر فلا خبرا سمعت و لا أثرا وجدت فلم أزل كذلك إلى أن نفر الناس إلى مكة و خرجت مع من خرج حتى وافيت مكة و نزلت فاستوثقت من رحلي و خرجت أسأل عن آل أبي محمد ع فلم أسمع خبرا و لا وجدت أثرا فما زلت بين الإياس و الرجاء متفكرا في أمري و عائبا على نفسي و قد جن الليل فقلت أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها و أسأل الله عز و جل أن يعرفني أملي فيها فبينما أنا كذلك و قد خلا لي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف فإذا أنا بفتى مليح الوجه طيب الرائحة متزر ببردة متشح بأخرى و قد عطف بردائه على عاتقه فرعته فالتفت إلي فقال ممن الرجل فقلت من الأهواز فقال أ تعرف بها ابن الخصيب فقلت رحمه الله دعي فأجاب فقال رحمه الله لقد كان بالنهار صائما و بالليل قائما و للقرآن تاليا و لنا مواليا فقال أ تعرف بها علي بن إبراهيم بن مهزيار فقلت أنا علي فقال أهلا و سهلا بك يا أبا الحسن أ تعرف الصريحين قلت نعم قال و من هما قلت محمد و موسى ثم قال ما فعلت العلامة التي بينك و بين أبي محمد ع فقلت معي فقال أخرجها إلي فأخرجتها إليه خاتما حسنا على فصه محمد و علي فلما رأى ذلك بكى مليا و رن شجيا فأقبل يبكي بكاء طويلا و هو يقول رحمك الله يا أبا محمد فلقد كنت إماما عادلا ابن أئمة و أبا إمام أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك ع ثم قال يا أبا الحسن صر إلى رحلك و كن على أهبة من كفايتك حتى إذا ذهب الثلث من الليل و بقي الثلثان فالحق بنا فإنك ترى مناك إن شاء الله قال ابن مهزيار
===============
(468)
فصرت إلى رحلي أطيل التفكر حتى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي و أصلحته و قدمت راحلتي و حملتها و صرت في متنها حتى لحقت الشعب فإذا أنا بالفتى هناك يقول أهلا و سهلا بك يا أبا الحسن طوبى لك فقد أذن لك فسار و سرت بسيره حتى جاز بي عرفات و منى و صرت في أسفل ذروة جبل الطائف فقال لي يا أبا الحسن انزل و خذ في أهبة الصلاة فنزل و نزلت حتى فرغ و فرغت ثم قال لي خذ في صلاة الفجر و أوجز فأوجزت فيها و سلم و عفر وجهه في التراب ثم ركب و أمرني بالركوب فركبت ثم سار و سرت بسيره حتى علا الذروة فقال المح هل ترى شيئا فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب و الكلأ فقلت يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب و الكلأ فقال لي هل ترى في أعلاها شيئا فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقد نورا فقال لي هل رأيت شيئا فقلت أرى كذا و كذا فقال لي يا ابن مهزيار طب نفسا و قر عينا فإن هناك أمل كل مؤمل ثم قال لي انطلق بنا فسار و سرت حتى صار في أسفل الذروة ثم قال انزل فهاهنا يذل لك كل صعب فنزل و نزلت حتى قال لي يا ابن مهزيار خل عن زمام الراحلة فقلت على من أخلفها و ليس هاهنا أحد فقال إن هذا حرم لا يدخله إلا ولي و لا يخرج منه إلا ولي فخليت عن الراحلة فسار و سرت فلما دنا من الخباء سبقني و قال لي قف هناك إلى أن يؤذن لك فما كان إلا هنيهة فخرج إلي و هو يقول طوبى لك قد أعطيت سؤلك قال فدخلت عليه صلوات الله عليه و هو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متكئ على مسورة أديم فسلمت عليه و رد على السلام و لمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر لا بالخرق و لا بالبزق و لا بالطويل الشامخ و لا بالقصير اللاصق ممدود القامة صلت الجبين أزج الحاجبين أدعج العينين أقنى الأنف سهل الخدين على خده الأيمن
===============
(469)
خال فلما أن بصرت به حار عقلي في نعته و صفته فقال لي يا ابن مهزيار كيف خلفت إخوانك في العراق قلت في ضنك عيش و هناة قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان فقال قاتلهم الله أنى يؤفكون كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم و أخذهم أمر ربهم ليلا و نهارا فقلت متى يكون ذلك يا ابن رسول الله قال إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم و الله و رسوله منهم براء و ظهرت الحمرة في السماء ثلاثا فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا و يخرج السروسي من أرمينية و آذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر لزيق جبل طالقان فيكون بينه و بين المروزي وقعة صيلمانية يشيب فيها الصغير و يهرم منها الكبير و يظهر القتل بينهما فعندها توقعوا خروجه إلى الزوراء فلا يلبث بها حتى يوافي باهات ثم يوافي واسط العراق فيقيم بها سنة أو دونها ثم يخرج إلى كوفان فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغري وقعة شديدة تذهل منها العقول فعندها يكون بوار الفئتين و على الله حصاد الباقين ثم تلا قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ فقلت سيدي يا ابن رسول الله ما الأمر قال نحن
===============
(470)
أمر الله و جنوده قلت سيدي يا ابن رسول الله حان الوقت قال اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ .
23- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي قال حدثني أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي قال حدثني أبو نعيم الأنصاري الزيدي قال كنت بمكة عند المستجار و جماعة من المقصرة و فيهم المحمودي و علان الكليني و أبو الهيثم الديناري و أبو جعفر الأحول الهمداني و كانوا زهاء ثلاثين رجلا و لم يكن منهم مخلص علمته غير محمد بن القاسم العلوي العقيقي فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ثلاث و تسعين و مائتين من الهجرة إذ خرج علينا شاب من الطواف عليه إزاران محرم بهما و في يده نعلان فلما رأيناه قمنا جميعا هيبة له فلم يبق منا أحد إلا قام و سلم عليه ثم قعد و التفت يمينا و شمالا ثم قال أ تدرون ما كان أبو عبد الله ع يقول في دعاء الإلحاح قلنا و ما كان يقول قال كان يقول اللهم إني أسألك باسمك الذي به تقوم السماء و به تقوم الأرض و به تفرق بين الحق و الباطل و به تجمع بين المتفرق و به تفرق بين المجتمع و به أحصيت عدد الرمال و زنة الجبال و كيل البحار أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا ثم نهض فدخل الطواف فقمنا لقيامه حين انصرف و أنسينا أن نقول له من هو فلما كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف فقمنا كقيامنا الأول
===============
(471)
بالأمس ثم جلس في مجلسه متوسطا ثم نظر يمينا و شمالا قال أ تدرون ما كان أمير المؤمنين ع يقول بعد صلاة الفريضة قلنا و ما كان يقول قال كان يقول اللهم إليك رفعت الأصوات و دعيت الدعوات و لك عنت الوجوه و لك خضعت الرقاب و إليك التحاكم في الأعمال يا خير مسئول و خير من أعطى يا صادق يا بارئ يا من لا يخلف الميعاد يا من أمر بالدعاء و تكفل بالإجابة يا من قال ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ يا من قال وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ يا من قال يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ثم نظر يمينا و شمالا بعد هذا الدعاء فقال أ تدرون ما كان أمير المؤمنين ع يقول في سجدة الشكر قلنا و ما كان يقول قال كان يقول يا من لا يزيده إلحاح الملحين إلا جودا و كرما يا من له خزائن السماوات و الأرض يا من له خزائن ما دق و جل لا تمنعك إساءتي من إحسانك إلي إني أسألك أن تفعل بي ما أنت أهله و أنت أهل الجود و الكرم و العفو يا رباه يا الله افعل بي ما أنت أهله فأنت قادر على العقوبة و قد استحققتها لا حجة لي و لا عذر لي عندك أبوء إليك بذنوبي كلها و أعترف بها كي تعفو عني و أنت أعلم بها مني بؤت إليك بكل ذنب أذنبته و بكل خطيئة أخطأتها و بكل سيئة عملتها يا رب اغفر لي و ارحم و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم و قام فدخل الطواف فقمنا لقيامه و عاد من غد في ذلك الوقت فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى فجلس متوسطا و نظر يمينا و شمالا فقال كان علي بن الحسين سيد العابدين ع يقول في سجوده في هذا الموضع و أشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب عبيدك بفنائك مسكينك ببابك أسألك ما لا يقدر عليه سواك ثم نظر
===============
(472)
يمينا و شمالا و نظر إلى محمد بن القاسم العلوي فقال يا محمد بن القاسم أنت على خير إن شاء الله و قام فدخل الطواف فما بقي أحد منا إلا و قد تعلم ما ذكر من الدعاء و أنسينا أن نتذاكر أمره إلا في آخر يوم فقال لنا المحمودي يا قوم أ تعرفون هذا قلنا لا قال هذا و الله صاحب الزمان ع فقلنا و كيف ذاك يا أبا علي فذكر أنه مكث يدعو ربه عز و جل و يسأله أن يريه صاحب الأمر سبع سنين قال فبينا أنا يوما في عشية عرفة فإذا بهذا الرجل بعينه فدعا بدعاء وعيته فسألته ممن هو فقال من الناس فقلت من أي الناس من عربها أو مواليها فقال من عربها فقلت من أي عربها فقال من أشرفها و أشمخها فقلت و من هم فقال بنو هاشم فقلت من أي بني هاشم فقال من أعلاها ذروة و أسناها رفعه فقلت و ممن هم فقال ممن فلق الهام و أطعم الطعام و صلى بالليل و الناس نيام فقلت إنه علوي فأحببته على العلوية ثم افتقدته من بين يدي فلم أدر كيف مضى في السماء أم في الأرض فسألت القوم الذين كانوا حوله أ تعرفون هذا العلوي فقالوا نعم يحج معنا كل سنة ماشيا فقلت سبحان الله و الله ما أرى به أثر مشي ثم انصرفت إلى المزدلفة كئيبا حزينا على فراقه و بت في ليلتي تلك فإذا أنا برسول الله ص فقال يا محمد رأيت طلبتك فقلت و من ذاك يا سيدي فقال الذي رأيته في عشيتك فهو صاحب زمانكم فلما سمعنا ذلك منه عاتبناه على ألا يكون أعلمنا ذلك فذكر أنه كان ناسيا أمره إلى وقت ما حدثنا و حدثنا بهذا الحديث عمار بن الحسين بن إسحاق الأسروشني رضي الله عنه
===============
(473)
بجبل بوتك من أرض فرغانة قال حدثني أبو العباس أحمد بن الخضر قال حدثني أبو الحسين محمد بن عبد الله الإسكافي قال حدثني سليم عن أبي نعيم الأنصاري قال كنت بالمستجار بمكة أنا و جماعة من المقصرة فيهم المحمودي و علان الكليني و ذكر الحديث مثله سواء و حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن محمد بن حاتم قال حدثنا أبو الحسين عبيد الله بن محمد بن جعفر القصباني البغدادي قال حدثني أبو محمد علي بن محمد بن أحمد بن الحسين الماذرائي قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي المنقذي الحسني بمكة قال كنت جالسا بالمستجار و جماعة من المقصرة و فيهم المحمودي و أبو الهيثم الديناري و أبو جعفر الأحول و علان الكليني و الحسن بن وجناء و كان زهاء ثلاثين رجلا و ذكر الحديث مثله سواء .
24- حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع قال سمعت أبا الحسين الحسن بن وجناء يقول حدثنا أبي عن جده أنه كان في دار الحسن بن علي ع فكبستنا الخيل و فيهم جعفر بن علي الكذاب و اشتغلوا بالنهب و الغارة و كانت همتي في مولاي القائم ع قال فإذا أنا به ع قد أقبل و خرج عليهم من الباب و أنا أنظر إليه و هو ع ابن ست سنين فلم يره أحد حتى غاب و وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ و لم أسمعه إلا عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال مات أبو محمد الحسن بن علي ع يوم جمعة مع صلاة
===============
(474)
الغداة و كان في تلك الليلة قد كتب بيده كتبا كثيرة إلى المدينة و ذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون منه سنة ستين و مائتين من الهجرة و لم يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية و عقيد الخادم و من علم الله عز و جل غيرهما قال عقيد فدعا بماء قد أغلي بالمصطكى فجئنا به إليه فقال أبدأ بالصلاة هيئوني فجئنا به و بسطنا في حجره المنديل فأخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه و ذراعيه مرة مرة و مسح على رأسه و قدميه مسحا و صلى صلاة الصبح على فراشه و أخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه و يده ترتعد فأخذت صقيل القدح من يده و مضى من ساعته ص و دفن في داره بسر من رأى إلى جانب أبيه ص فصار إلى كرامة الله جل جلاله و قد كمل عمره تسعا و عشرين سنة قال و قال لي عباد في هذا الحديث قدمت أم أبي محمد ع من المدينة و اسمها حديث حين اتصل بها الخبر إلى سر من رأى فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر و مطالبته إياها بميراثه و سعايته بها إلى السلطان و كشفه ما أمر الله عز و جل بستره فادعت عند ذلك صقيل أنها حامل فحملت إلى دار المعتمد فجعل نساء المعتمد و خدمه و نساء الموفق و خدمه و نساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت و يراعون إلى أن دهمهم أمر الصغار و موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة و خروجهم من سر من رأى و أمر صاحب الزنج بالبصرة و غير ذلك فشغلهم ذلك عنها و قال أبو الحسن علي بن محمد حباب حدثني أبو الأديان قال قال عقيد الخادم و قال أبو محمد بن خيرويه التستري و قال حاجز الوشاء كلهم حكوا عن عقيد الخادم و قال أبو سهل بن نوبخت قال عقيد الخادم ولد ولي الله الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ليلة الجمعة غرة شهر رمضان سنة أربع و خمسين و مائتين من الهجرة و يكنى أبا القاسم و يقال أبو جعفر و لقبه المهدي و هو حجة الله
===============
(475)
عز و جل في أرضه على جميع خلقه و أمه صقيل الجارية و مولده بسر من رأى في درب الراضة و قد اختلف الناس في ولادته فمنهم من أظهر و منهم من كتم و منهم من نهى عن ذكر خبره و منهم من أبدى ذكره و الله أعلم به و حدث أبو الأديان قال كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع و أحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت عليه في علته التي توفي فيها ص فكتب معي كتبا و قال امض بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما و تدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني على المغتسل قال أبو الأديان فقلت يا سيدي فإذا كان ذلك فمن قال من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي فقلت زدني فقال من يصلي علي فهو القائم بعدي فقلت زدني فقال من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان و خرجت بالكتب إلى المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي ع فإذا أنا بالواعية في داره و إذا به على المغتسل و إذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة من حوله يعزونه و يهنونه فقلت في نفسي إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور فتقدمت فعزيت و هنيت فلم يسألني عن شيء ثم خرج عقيد فقال يا سيدي قد كفن أخوك فقم و صل عليه فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله يقدمهم السمان و الحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة فلما صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي ص على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجبذ برداء جعفر بن علي و قال تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر و قد أربد وجهه و اصفر
===============
(476)
فتقدم الصبي و صلى عليه و دفن إلى جانب قبر أبيه ع ثم قال يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه فقلت في نفسي هذه بينتان بقي الهميان ثم خرجت إلى جعفر بن علي و هو يزفر فقال له حاجز الوشاء يا سيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه فقال و الله ما رأيته قط و لا أعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي ع فعرفوا موته فقالوا فمن نعزي فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه و عزوه و هنوه و قالوا إن معنا كتبا و مالا فتقول ممن الكتب و كم المال فقام ينفض أثوابه و يقول تريدون منا أن نعلم الغيب قال فخرج الخادم فقال معكم كتب فلان و فلان و فلان و هميان فيه ألف دينار و عشرة دنانير منها مطلية فدفعوا إليه الكتب و المال و قالوا الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الإمام فدخل جعفر بن علي على المعتمد و كشف له ذلك فوجه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية فطالبوها بالصبي فأنكرته و ادعت حبلا بها لتغطي حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي و بغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة و خروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم و الحمد لله رب العالمين
26- حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن مهران الآبي العروضي رضي الله عنه بمرو قال حدثنا أبو الحسين بن زيد بن عبد الله البغدادي قال حدثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي قال حدثني أبي قال لما قبض سيدنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري ع وفد من قم و الجبال وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم و العادة و لم يكن عندهم خبر وفاة الحسن ع فلما أن وصلوا إلى سر من رأى سألوا عن سيدنا الحسن بن علي ع فقيل لهم إنه قد فقد فقالوا و من وارثه قالوا أخوه جعفر بن علي فسألوا عنه فقيل لهم
===============
(477)
إنه قد خرج متنزها و ركب زورقا في دجلة يشرب و معه المغنون قال فتشاور القوم فقالوا هذه ليست من صفة الإمام و قال بعضهم لبعض امضوا بنا حتى نرد هذه الأموال على أصحابها فقال أبو العباس محمد بن جعفر الحميري القمي قفوا بنا حتى ينصرف هذا الرجل و نختبر أمره بالصحة قال فلما انصرف دخلوا عليه فسلموا عليه و قالوا يا سيدنا نحن من أهل قم و معنا جماعة من الشيعة و غيرها و كنا نحمل إلى سيدنا أبي محمد الحسن بن علي الأموال فقال و أين هي قالوا معنا قال احملوها إلي قالوا لا إن لهذه الأموال خبرا طريفا فقال و ما هو قالوا إن هذه الأموال تجمع و يكون فيها من عامة الشيعة الدينار و الديناران ثم يجعلونها في كيس و يختمون عليه و كنا إذا وردنا بالمال على سيدنا أبي محمد ع يقول جملة المال كذا و كذا دينارا من عند فلان كذا و من عند فلان كذا حتى يأتي على أسماء الناس كلهم و يقول ما على الخواتيم من نقش فقال جعفر كذبتم تقولون على أخي ما لا يفعله هذا علم الغيب و لا يعلمه إلا الله قال فلما سمع القوم كلام جعفر جعل بعضهم ينظر إلى بعض فقال لهم احملوا هذا المال إلي قالوا إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب المال و لا نسلم المال إلا بالعلامات التي كنا نعرفها من سيدنا الحسن بن علي ع فإن كنت الإمام فبرهن لنا و إلا رددناها إلى أصحابها يرون فيها رأيهم قال فدخل جعفر على الخليفة و كان بسر من رأى فاستعدى عليهم فلما أحضروا قال الخليفة احملوا هذا المال إلى جعفر قالوا أصلح الله أمير المؤمنين إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال و هي وداعة لجماعة و أمرونا بأن لا نسلمها إلا بعلامة و دلالة و قد جرت بهذه العادة مع أبي محمد الحسن بن علي ع
===============
(478)
فقال الخليفة فما كانت العلامة التي كانت مع أبي محمد قال القوم كان يصف لنا الدنانير و أصحابها و الأموال و كم هي فإذا فعل ذلك سلمناها إليه و قد وفدنا إليه مرارا فكانت هذه علامتنا معه و دلالتنا و قد مات فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه و إلا رددناها إلى أصحابها فقال جعفر يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قوم كذابون يكذبون على أخي و هذا علم الغيب فقال الخليفة القوم رسل و ما على الرسول إلا البلاغ المبين قال فبهت جعفر و لم يرد جوابا فقال القوم يتطول أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتى نخرج من هذه البلدة قال فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها فلما أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجها كأنه خادم فنادى يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان أجيبوا مولاكم قال فقالوا أنت مولانا قال معاذ الله أنا عبد مولاكم فسيروا إليه قالوا فسرنا إليه معه حتى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي ع فإذا ولده القائم سيدنا ع قاعد على سرير كأنه فلقة قمر عليه ثياب خضر فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال جملة المال كذا و كذا دينارا حمل فلان كذا و حمل فلان كذا و لم يزل يصف حتى وصف الجميع ثم وصف ثيابنا و رحالنا و ما كان معنا من الدواب فخررنا سجدا لله عز و جل شكرا لما عرفنا و قبلنا الأرض بين يديه و سألناه عما أردنا فأجاب فحملنا إليه الأموال و أمرنا القائم ع أن لا نحمل إلى سر من رأى بعدها شيئا من المال فإنه ينصب لنا ببغداد رجلا يحمل إليه الأموال و يخرج من عنده التوقيعات قالوا فانصرفنا من عنده و دفع إلى أبي العباس محمد بن جعفر القمي الحميري شيئا من الحنوط و الكفن فقال له أعظم الله أجرك في نفسك قال فما بلغ أبو العباس عقبة همدان حتى توفي رحمه الله
===============
(479)
و كان بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد إلى النواب المنصوبين بها و يخرج من عندهم التوقيعات
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه هذا الخبر يدل على أن الخليفة كان يعرف هذا الأمر كيف هو و أين هو و أين موضعه فلهذا كف عن القوم عما معهم من الأموال و دفع جعفر الكذاب عن مطالبتهم و لم يأمرهم بتسليمها إليه إلا أنه كان يحب أن يخفى هذا الأمر و لا ينشر لئلا يهتدي إليه الناس فيعرفونه و قد كان جعفر الكذاب حمل إلى الخليفة عشرين ألف دينار لما توفي الحسن بن علي ع و قال يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي الحسن و منزلته فقال الخليفة اعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا إنما كانت بالله عز و جل و نحن كنا نجتهد في حط منزلته و الوضع منه و كان الله عز و جل يأبى إلا أن يزيده كل يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة و حسن السمت و العلم و العبادة فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا و إن لم تكن عندهم بمنزلته و لم يكن فيك ما كان في أخيك لم نغن عنك في ذلك شيئا .