وصلِّ على الخلف الصالح الهادي المهدي إمام المؤمنين ، ووارث
المرسلين ، وحجّة ربِّ العالمين.
اللّهمّ صلِّ على محمَّد وأهل بيته الاَئمّة الهادين المهديّين ، العلماء
الصّادقين الاَبرار المتّقين ، دعائم دينك ، وأركان توحيدك ، وتراجمة وحيك ،
وحججك على خلقك ، وخلفائك في ارضك ، الّذين اخترتهم لنفسك ،
واصطفيتهم على عبادك وارتضيتهم لدينك ، وخصصتهم بمعرفتك ، وجللتهم
بكرامتك ، وغشيتهم برحمتك وربّيتهم بنعمتك ، وغذّيتهم بحكمتك ، وألبستهم
[من] نورك ، ورفعتهم في ملكوتك وخففتهم بملائكتك وشرَّفتهم بنبيّك.
اللّهمّ صلِّ على محمَّد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيّبة ، لا يحيط بها إلاّ
أنت ولا يسعها إلاّ علمك ، ولا يحصيها أحدٌ غيرك.
اللّهمّ صلِّ على وليّك المحيي سنّتك ، القائم بأمرك ، الدَّاعي إليك ، الدِّليل
عليك ، وحجّتك على خلقك ، وخليفتك في أرضك ، وشاهدك على عبادك.
اللّهمّ أعزَّ نصره ، ومدِّ في عمره ، وزيّن الاَرض بطول بقائه ، اللّهمّ أكفه بغي
الحاسدين ، وأعذه من شرِّ الكائدين ، وادحر عنه إرادة الظّالمين وخلّصه من
أيدي الجبّارين.
اللّهمّ اعطه في نفسه وذرِّيّته وشيعته ورعيّته وخاصّته وعامّته وعدوِّه
وجيمع أهل الدُّنيا ما تقرُّ به عينه ، وتسرُّ به نفسه ، وبلّغه أفضل أمله في الدُّنيا
والآخرة إنّك على كلِّ شيء قدير.
اللّهمّ جدِّد به ما مُحي من دينك ، وأحي به ما بدِّل من كتابك ، وأظهر به ما
غيّر من حكمك ، حتّى يعود دينك به وعلى يديه غضّاً جديداً خالصاً مخلصاً لا
شكَّ فيه ، ولا شبهة معه ، ولا باطل عنده ، ولا بدعة لديه.
اللّهمّ نوِّر بنوره كل ظلمة ، وهدِّ بركنه كلّ بدعة ، واهدم بعزَّته كلّ ضلالة ،
واقصم به كلَّ جبّار ، وأخمد بسيفه كلَّ نار ، واهلك بعدله كلِّ جبار واجر حكمه
على كلِّ حكم ، وأذلّ بسلطانه كلَّ سلطان.
اللّهمّ أذلّ كلّ من ناواه ، واهلك كلّ من عاداه ، وامكر بمن كاده ، واستأصل
بمن جحد حقّه واستهان بأمره ، وسعى في إطفاء نوره واراد اخماد ذكره.
( 521 )
اللّهمّ صلّ على محمّد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزّهراء
والحسن الرِّضا ، والحسين المصطفى ، وجميع الاَوصياء ، ومصابيح الدُّجى ،
وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم
وصلّ على وليّك وولاة عهدة ، والائمّة من ولده ، ومدَّ في أعمارهم ، وزد في
آجالهم ، وبلّغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة إنّك على كلّ شيء قدير.
دلائل الامامة للطّبريّ : قال نقلت هذا الخبر من أصل بخطِّ شيخنا أبي
عبدالله الحسين بن عبيدالله الغضائري قال : حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن عبدالله
القاسانيّ عن الحسين بن محمد ، عن يعقوب بن يوسف مثله.
بيان : رجل ربعة أي لا طويل ولا قصير ، قوله : « إلى الصفرة ما هو » أي
مائل.
ما أورد من توقيعاته عليه السَّلام في كمال الدين
وروى الصّدوق محمَّد بن علي بن الحسين بن بابويه في كمال الدَّين
وتمام النعمة
(ج2 ص482 إلى ص 522) توقيعات للصّاحب صلوات الله عليه وعلى
آبائه ، ونشير إلى مضامينها:
1 ـ التوقيع في النّهي عن التسمية.
2 ـ التوقيع في مدح قوّامهم وخدامهم.
3 ـ التوقيع في تكذيب الوقائين.
4 ـ التوقيع في جواب مسائل اشكلت على محمَّد بن عثمان العمري.
وفيه قوله عليه السَّلام.
واما وجه الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس اذا غيبتها عن الاَبصار
السحاب واني لامان لاَهل الارض كما أنّ النّجوم أمان لاَهل السماء.
5 ـ توقيع من ناحية وكيله وفيه أخبار عن ظهر الغيب.
6 ـ التوقيع في ردّ مال أُنفذ إلى ناحيته عليه السَّلام لاَجل اشتماله على
حقّ الغير
( 522 )
أخبر به عن ظهر الغيب.
7 ـ التوقيع لاَبي عبدالله بن الجنيد وفيه أخبار عن ظهر الغيب.
8 ـ التوقيع في أنّ الله لا يُخلي الاَرض من حجته وفيه أنّه لم ينقطع الامامة
لموت الحسن العسكري عليه السَّلام.
9 ـ التوقيع بما فيه أخبار عن ظهر الغيب.
10 ـ التوقيع بما فيه أخبار عن ظهر الغيب أيضاً.
11 ـ توقيعه عليه السَّلام في جواب رقعة ليس فيها كتابة خطّ.
12 ـ التوقيع في اخباره عليه السَّلام عن استخلاص من سأل الدعاء عنه
لاستخلاصه وذكر فيه توقيعين آخرين رواها عن أبيه علي بن بابويه 1 ـ التوقيع
في استجابة دعائه عليه السَّلام في الهلالي 2 ـ التوقيع في أنّه سيخلف الله لولد
مات لابي جعفر فكان كما أخبر.
13 ـ توقيع فيه أخبار متعدّدة عن ظهر الغيب.
14 ـ توقيع في نهي علي بن محمد الشمشاطي عن الخروج مع اليمانيين
لما استأذنه عليه السَّلام فما خرجت سفينة في تلك السّنة الا توجّه إليه
المخاطرة.
15 ـ توقيع لاَبي رجا المصري حيث خرج في طلبه عليه السَّلام بعد
وفاة أبي محمد العسكري عليه السَّلام بسنتين قال فاذا هاتف أسمع صوته ولا
أرى شخصه وهو يقول يا نصر بن عبد ربّه إلى آخره ، ولم أكن أعرف ذلك
الاسم لاَبي.
قال وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما فورد أما أنت يا فلان
آجرك الله ودعا للآخر فمات ابن المعزي.
16 ـ توقيعات خرجت (1) لاَبي القاسم ابن أبي حُليس (2) وحاجز (3)
هارون بن موسى الفرات في جواب ما كتب إليه في اشياء وخط بالقلم بغير مداد
(4) ورجل من ربض (5) ومحمّد بن محمّد البصري حيث سأله الدعاء فورد
الجواب بما سأل واستجيب لدعائه عيه السَّلام (6) ومحمد بن يزداد (7)
ومحمَّد بن كشمرد (8) وغانم.
17 ـ توقيع لعلي بن محمد بن إسحاق الاشعري فيه دلالة على علمه عليه
السلام بظهر الغيب.
( 523 )
18 ـ توقيع لاَبي جعفر فيه أخبار متعدّدة عن ظهر الغيب.
19 ـ توقيع فيه أيضاً اخبار عن ظهر الغيب.
20 ـ توقيع لابرايهم بن محمد بن الفرج الرخجى وفيه دلالة على علمه
عليه السَّلام بالغيب.
21 ـ توقيع خرج لاَبي طاهر البلالي.
22 ـ توقيع لجعفر بن حمدان.
23 ـ توقيع لعليّ بن محمد الصيمري وفيه اخبار من انه يموت سنة
ثمانين أو إحدى وثمانين فمات في الوقت الذي حدّه عليه السلام.
24 ـ توقيع لاَبي جعفر العمري بجمع أمره للموت فحفر لنفسه قبراً
وسواه بالساج فمات بعد ذلك بشهرين.
25 ـ توقيع من العمري وكيله عليه السَّلام يخبر أبا جعفر محمد بن علي
الاَسود عن ظهر الغيب.
26 ـ توقيع صدر في حقّ المصنف قدّس سرّه قال:
حدّثنا أبو جعفر محمَّد بن عليّ الاسود رضي الله عنه قال : سألني عليَّ بن
الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمَّد بن عثمان العمريّ
رضي الله عنه أن اسأل أبا القاسم الرُّوحي أن يسال مولانا صاحب الزَّمان عليه
السَّلام أن يدعو الله عزَّوجلّ أن يرزقه ولداً ذكراً قال : فسألته فأنهى ذلك ، ثمَّ
أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنّه قد دعا لعليّ بن الحسين وأنّه سيولد له ولدٌ
مبارك ينفع [الله] به وبعده أولاده.
قال أبو جعفر محمَّد بن عليّ الاَسود رضي الله عنه وسألته في أمر نفسي
أن يدعو الله لي أن يرزقني ولداً ذكراً فلم يجبني إليه وقال : ليس إلى هذا سبيل ،
قال : فولد لعلي بن الحسين رضي الله عنه محمد بن علي وبعده أولاد ، ولم يولد
لي شيء.
27 ـ توقيع في الامر بوصيّة محمَّد بن عثمان العمري لاَبي القاسم
الحسين بن روح.
28 ـ كرامة جرت على يد محمَّد بن عثمان العمري وكيله عليه السَّلام.
( 524 )
29 ـ اخبار عن ظهر الغيب على لسان الحسين بن روح وكيله عليه
السَّلام.
30 ـ سأل محمَّد بن إبراهيم بن اسحاق مسائل عن الشيخ أبي القاسم
الحسين بن روح فاجابه بجواباتها قال فعدت إليه وأنا أقول في نفسي الخ.
31 ـ توقيعات لمحمد بن شاذان بن نعيم وفيهما اخبار عن ظهر الغيب.
32 ـ توقيع لاَبي العباس أحمد بن الخضر بن أبي صالح الخجندي.
33 ـ توقيع خرج لرجل بزاز بقم وفيه اخبار عن ظهر الغيب.
34 ـ توقيع للشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في التعزية بابيه.
35 ـ توقيع خرج للعمري وابنه في مناظرات الميثمي.
36 ـ توقيع للشيخ علي بن محمد السمري يخبر فيه عن موت السمري
ووقوع الغيبة الكبرى.
37 ـ توقيع لاَبي الحسين الاسدي بواسطة الشيخ أبي جعفر محمَّد بن
عثمان العمري ، وقع التغيير في كتابته بالاعجاز إلى جواب اشكال تلجلج في
قلبه.
ما اورده الشيخ من توقيعاته عليه السَّلام
في كتاب الغيبة : ص172 ـ 199
1 ـ التوقيع في مشاجرات جماعة من الشيعة مع ابن أبي غانم.
2 ـ التوقيع في جواب أحمد بن اسحاق.
3 ـ التوقيع في جواب مسائل اشكلت على محمد بن عثمان العمري.
4 ـ التوقيع في جواب المسألة عن تفويض الخلق والرزق إلى الائمة.
5 ـ توقيع فيه اخبار عن ظهر الغيب على لسان وكيله عليه السَّلام.
6 ـ توقيع صدر من ناحية وكيله عليه السَّلام.
7 ـ توقيع إلى محمد بن زياد الصيمري وفيه اخبار عن سنة وفاته.
8 ـ توقيع لابي غالب الزراري ومن معه على يد أبي القاسم حسين بن
روح وفيه
( 525 )
أخبار عن ظهر الغيب.
توقيع آخر له عليه السَّلام خرج لاَبي الغالب الزراري أيضاً.
9 ـ توقيع آخر خرج له أيضاً.
10 ـ مباهلة وكيله عليه السَّلام وفيه كرامة له عليه السَّلام.
11 ـ توقيع في لعن أبي العذافر.
12 ـ توقيع لابن بابويه في جواب كتابه إلى الشيخ أبي القاسم بن روح أن
يسأل الحضرة أن يدعو الله أن يرزقه أولاداً فقهاء فرزق الصدوق محمد بن علي
بن بابويه واخوه الحسين.
13 ـ توقيع خرج في رجل عابد مجتهد يسمّى بالسرور وفيه اعجاز له عليه
السَّلام.
14 ـ توقيع خرج في القاسم بن العلاء يخبر فيه عن موته بعد وصول
الكتاب باربعين يوماً فكان كما أخبر ، وذلك بعد انقطاع المكاتبة عنه نحو
شهرين.
وكان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السَّلام على يد أبي
جعفر محمد بن عثمان العمري وبعده على أبي القاسم بن روح رحمهما الله.
15 ـ توقيع إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن علي العقيقي وفيه أخبار
عن ظهر الغيب.
16 ـ توقيع لعليّ بن الحسين بابوبه يخبره أنه سيولد له ولد مبارك ينفع
الله به فولد ابنه ، حُفظة الشيعة محمد بن علي الصدوق.
17 ـ توقيع لاَبي العباس أحمد بن الحسن بن صالح الخجندي.
18 ـ توقيع لاَبي غالب أحمد بن محمَّد الزراري وفيه إعجاز له عليه
السَّلام.
ما أورده الطبرسي من توقيعاته عليه السَّلام
في كتاب الاحتجاج : ج2 ص278 إلى 325
1 ـ توقيع خرج لجماعة من الشيعة.
2 ـ توقيع في ابطال قيمومة جعفر بعد أخيه أبي محمَّد العسكري عليه
السَّلام.
( 526 )
3 ـ توقيع خرج لاسحاق بن يعقوب بواسطة محمد بن عثمان العمري.
وفيه قوله عليه السَّلام : واما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة حديثنا
فانهم حجتي عليكم (رواه في ج2 ص283 عن محمّد بن يعقوب الكليني عن
إسحاق بن يعقوب).
4 ـ توقيع خرج لجماعة من الشيعة يسألونه عن مسألة اختلفوا فيها.
5 ـ توقيع على لسان حسين بن روح.
6 ـ توقيع في الردِّ على الغلاة.
7 ـ توقيع في البراءة عن محمد بن علي بن بلال والحسين بن منصور
الحلاج ومحمد بن علي الشلمغاني.
8 ـ توقيع في وقوع الغيبة التامة بموت علي بن محمد السمري.
9 ـ توقيع يشمل على اللعن على من أخر صلاة العشاء حتى تشتبك
النجوم ، وعلى من أخر صلاة الغداة حتى تنقضي النجوم.
10 ـ توقيع لمحمد بن عثمان العمري ويشتمل على أجوبة مسائل
فقهيّة ، وفيه قوله عليه السَّلام : لا يحل لاَحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه
(رواه في ج2 ص298 عن محمد بن جعفر الاسدي).
11 ـ توقيع آخر لمحمد بن عثمان العمري ، ويشتمل على أجوبة مسائل
فقهية أُخرى.
12 ـ توقيع خرج لمحمد بن عبدالله بن جعفر الحميري في جواب أسئلة
فقهية.
13 ـ توقيع آخر خرج له أيضاً في جواب أسئلة أُخرى.
14 ـ توقيع آخر خرج له أيضاً في تعليم دعاء حين التوجه به صلوات الله
عليه إلى الله ، وفيها الشهادة على الائمة الاثني عشر المذكور فيها باسمائهم
الشريفة بانهم حجّة الله وفي آخره في الخطاب إلى الصاحب عليه السَّلام اشهد
أنك حجّة الله.
15 ـ توقيع خرج للشيخ محمَّد بن محمَّد بن النعمان المفيد شهر صفر
سنة 410 هـ.
16 ـ توقيع آخر خرج له أيضاً شهر ذي الحجّة سنة 412 هـ.
( 527 )
الفصل التاسع والثلاثون
في من فاز برؤيته في الغيبة الكبرى
إعلم أن من فاز برؤية الامام المنتظر المهدي عليه السَّلام في الغيبة
الكبرى عصراً بعد عصر إلى هذا العصر لا تعد ولا تحصى وقد حصل فيض
رؤيته والتشرف إلى حضرته في زماننا هذا حتّى لعدّة ممّن أعرفهم ولكن لم
يعرفوه عند ذلك ومن شاء الاطلاع على نبذة منهم فليراجع الكتب المتضمنة
لاحواله عليه السَّلام.
كغيبة النعماني ، وغيبة الشيخ ، والكافي ، ودلائل الامامة للطبري ، وكمال
الدين وتمام النعمة ، وكشف الغمة ، والخرائج والجرائح ، واثبات الهداة
بالنصوص والمعجزات ، وبحار الاَنوار ، وعيون المعجزات ، ودار السَّلام
للميثمي ، والزام الناصب ، من رأى الامام الغائب ، والنجم الثاقب ، وبغية الطالب ،
وتتمة الثاقب ، ومنتهى الامال ، والمنتقم الحقيقي ، وتبصرة الولي فيمن رأى
القائم المهدي ، ومدينة المعاجز ، وجنة المأوى.
إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة الموضوعة لذلك.
( 528 )
الفصل الاَربعون
في وكلائه عليه السَّلام في الغيبة الصغرى
1 ـ كمال الدين : ج2 ص432
حدثنا محمَّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : حدثنا الحسين بن
علي بن زكريا بمدينة السلام قال : حدثنا أبو عبدالله محمد بن خيلان قال :
حدثني أبي عن أبيه عن جده عن غياث بن أسيد قال : ولد الخلف المهدي
صلوات الله عليه يوم الجمعة وأُمه ريحانة ويقال لها : نرجس ويقال : صقيل
ويقال سوسن ، وكان مولده عليه السَّلام لثمان ليال خلون من شعبان سنة ست
وخمسين ومائتين ووكيله عثمان بن سعيد.
فلما مات عثمان بن سعيد أوصى إلى إبنه أبي جعفر محمد بن عثمان ،
وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح ، وأوصى أبو القاسم إلى أبي
الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فلما حضرت السمري الوفاة سئل
أن يوصي ، فقال : لله أمر هو بالغه ، فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي
السمري رضي الله عنه.
غيبة الشيخ : ص226
الحسين بن إبراهيم بن ابن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد عن خاله
أبي إبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي عن أبيه وعمه عبدالله بن إبراهيم وجماعة
من أهلنا يعني بني نوبخت أن أبا جعفر العمري لما اشتدت حاله إجتمع جماعة
من وجوه الشيعة منهم أبو علي بن همام وأبو عبدالله بن محمَّد الكاتب وأبو
عبدالله الباقطاني وأبو سهل
( 529 )
إسماعيل بن علي النوبختي وأبو عبدالله بن الوجنا
وغيرهم من الوجوه والاَكابر فدخلوا على أبي جعفر فقالوا : له أن حدث أمر
فمن يكون مكانك؟ فقال لهم : هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر
النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الامر عجل الله فرجه
والوكيل له والثقة الامين ، فارجعوا إليه في اموركم وعولوا عليه في مهماتكم
فبذلك امرت وقد بلغت.
غيبة الشيخ : ص222
جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه قال :
حدثني محمد بن علي بن الاسود القمّي أنا أبا جعفر العمري قدّس سرّه حفر
لنفسه قبراً وسواه بالساج ، فسألته عن ذلك فقال : للناس أسباب ، ثم سألته عن
ذلك ، فقال : قد أمرت أن أجمع أمري ، فمات بعد ذلك بشهرين رضي الله عنه
وأرضاه.
الاحتجاج : ج2 ص297
خرج التوقيع إلى أبي الحسن السّمري : يا عليَّ بن محمَّد السمري أعظم
الله أجر إخوانك فيك ، فانّك ميّت ما بينك وبين ستة أيّام فاجمع أمرك ولا توص
إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلا بعد إذن
الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الاَمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الاَرض جوراً ،
وسيأتي من شيعتي من يدَّعي المشاهدة ، ألا فمن أدَّعى المشاهدة قبل خروج
السّفيانيّ والصيحة فهو كذَّاب مفتر ، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.
نبذة من الكرامات التي جرت على
يد وكلائه عليه السَّلام
كمال الدين : ج2 ص518
حدثنا الحسين بن عليّ بن محمَّد القمّي المعروف بأبي عليّ البغدادي
قال : كنت
( 530 )
ببخارى ، فدفع إليَّ المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهباً وأمرني
أن أسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدّس الله
روحه ـ فحملتها معي فلمّا بلغت آموية ضاعت منّي سبيكة من تلك السّبائك
ولم أعلم بذلك حتّى دخلت مدينة السلام ، فأخرجت السبائك لاسلّمها
فوجدتها قد نقصت واحدة فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع
السبائك.
ثمَّ دخلت على الشيخ أبي القاسم الحسن بن روح ـ قدَّس الله روحه ـ
ووضعت السبائك بين يديه فقال لي : خذ تلك السبيكة الّتي اشتريتها ـ وأشار
إليها بيده ـ وقال : إنَّ السبيكة الّتي ضيّعتها قد وصلت إلينا وهوذا هي ، ثمَّ أخرج
إليّ تلك السبيكة التي كانت ضاعت منّي بآموية فنظرت إليها فعرفتها.
قال الحسين بن عليّ بن محمَّد المعروف بأبي عليَّ البغداديِّ ورأيت
تلك السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وكيل مولانا عليه السَّلام من هو؟
فأخبرها بعض القمّيين أنّه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار إليها فدخلت عليه
وأنا عنده ، فقالت له أيّها الشيخ أيُّ شيء معي؟ فقال : ما معك فألقيه في الدِّجلة
ثمَّ ائتيني حتّى أخبرك ، قال : فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في
الدِّجلة ، ثمَّ رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الرُّوحي ـ قدّس الله روحه ـ فقال أبو
القاسم لمملوكة له : أخرجي إليَّ الحقَّ ، فأخرجت إليه حقّه فقال للمرأة : هذه
الحقّة التي كانت معك ورميت بها في الدِّجلة أخبرك بما فيها أو تخبريني؟
فقالت له : بل أخبرني أنت ، فقال : في هذه الحقّة زوج سوار ذهب ، وحلقة كبيرة
فيها جوهرة ، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر ، وخاتمان أحدهما فيروزج
والآخر عقيق. فكان الاَمر كما ذكر ، لم يغادر منه شيئاً. ثمَّ فتح الحقّة فعرض عليَّ
ما فيها فنظرت المرأة إليه ، فقالت : هذا الذي حملته بعينه ورميت به في الدَّجلة ،
فغشي عليَّ وعلى المرأة فرحاً بما شاهدناه من صدق الدَّلالة.
ثمّ قال الحسين لي بعد ما حدَّثني بهذا الحديث : أشهد عند الله عزّوجلّ
يوم القيامة بما حدَّثت به أنّه كما ذكرته لم أزد ولم أنقص منه ، وحلف بالاَئمّة
الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدَّث به وما زاد وما نقص منه.
( 531 )
غيبة الشيخ : ص188
أخبرني محمَّد بن النعمان والحسين بن عبيدالله عن محمَّد بن أحمد
الصفواني ـ رحمه الله ـ قال : رأيت القاسم بن العلاء وقد عمر مائة سنة وسبع
عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين ، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمَّد
العسكريين عليهما السَّلام وحجب بعد الثمانين وردت عليه عيناه قبل وفاته
بسبعة أيام ، وذلك أني كنت مقيماً عنده بمدينة الران من أرض آذربايجان وكان
لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السَّلام على يد أبي جعفر محمد
بن عثمان العمري وبعده على أبي القاسم بن روح ـ قدّس الله روحهما ـ
فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين فقلق ـ رحمه الله ـ لذلك فبينا نحن
عنده نأكل إذ دخل البواب مستبشراً فقال له فيج العراق لا يسمى بغيره فاستبشر
القاسم وحول وجهه إلى القبلة فسجد ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه
وعليه جبة مصرية ، وفي رجله نعلم محاملي ، وعلى كتفه مخلاة ، فقام القاسم
فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ، ودعا بطشت وماء فغسل يده وأجلسه إلى
جانبه فأكلنا وغسلنا أيدينا ، فقام الرجل فاخرج كتابا أفضل من النصف المدرج
فناوله القاسم فاخذه وقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة فاخذه أبو
عبدالله ففضه وقرأه حتى أحس القاسم بنكاية فقال : ياأبا عبدالله خير ، فقال : خير
فقال : ويحك خرج في شيء فقال أبو عبدالله : ما تكره فلا ، قال القاسم : فما هو؟
قال نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب باربعين يوماً ، وقد حمل اليه
سبعة أثواب فقال القاسم : في سلامة من ديني؟ فقال : في سلامة من ديك ،
فضحك ـ رحمه الله ـ فقال : ما اؤُمل بعد هذا العمر ، فقال الرجل الوارد فاخرج
من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً فأخذه
القاسم ، وكان عند قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السَّلام ، وكان
له صديق يقال له عبدالرحمن بن محمد البدري ، وكان شديد النصب ، وكان بينه
وبين القاسم ـ نضر الله وجهه ـ مودة في أمور الدنيا شديدة ، وكان القاسم يوده ،
وقد كان عبدالرحمن وافى إلى الدار لاصلاح بين أبي جعفر
( 532 )
بن حمدون
الهمداني وبين ختنه ابن القاسم ، فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين
معه أحدهما يقال له أبو حامد بن عمران المفلس والآخر أبو علىّ بن جحدر أن
إقرئا هذا الكتاب عبدالرحمن بن محمَّد فاني أحب هدايته وأرجو يهديه الله
بقراءة هذا الكتاب ، فقالا له الله الله الله فان هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من
الشيعة فكيف عبدالرحمن بن محمَّد ، فقال أن أعلم أني مفشٍ لسر لا يجوز لي
إعلانه لكن من محبتي لعبدالرحمن بن محمَّد وشهوتي أن يهديه الله عزّوجلّ
لهذا الاَمر هوذا ، أقرئه الكتاب ، فلما مر ذلك اليوم ـ وكان يوم الخميس لثلاث
عشرة خلت من رجب ـ دخل عبدالرحمن بن محمَّد وسلم عليه فأخرج القاسم
الكتاب فقال له إقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك فقرأ عبدالرحمن الكتاب فلما
بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده وقال للقاسم : يا ابا محمَّد إتق الله
فانك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك والله عزّوجلّ يقول : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأيِّ أرض تموت ) وقال : ( عالم الغيب لا يظهر على غيبه أحداً ) فضحك القاسم وقال له أتم الآية ( إلا من أرتضي من رسول ) ومولاي عليه السلام هو الرضا من الرسول وقال : قد علمت انّك تقول
هذا ولكن ارخ اليوم فان أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في هذا الكتاب فاعلم
أني ليست على شيء ، وإن أنامت فانظر لنفسك ، فورخ عبدالرحمن اليوم
وافترقوا ، وحمّ القاسم يوم السابع من ورود الكتاب ، واشتدت به في ذلك اليوم
العلة ، واستند في فراشه إلى الحائط ، وكان ابن الحسن بن القاسم مدمناً على
شرب الخمر ، وكان متزوجاً إلى أبي عبدالله بن حمدون الهمداني وكان جالساً
ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية ، وأبو جعفر
بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي إذا اتكى القاسم على يديه إلى
خلف وجعل يقول : يامحمَّد ياعليّ ياحسن ياحسين ياموالي كونوا شفعائي إلى
الله عزّوجل ، وقالها الثانية ، وقالها الثالثة ، فلما بلغ في الثالثة ياموسى ياعلي
تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان وانتفخت حدقته ،
وجعل يمسح بكمه عينيه وخرج من عينيه شبية بماء اللحم مدّ طرفه إلى إبنه
فقال ياحسن إليَّ يا أبا حامد يا أبا علي إلي ، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى
( 533 )
الحدقتين
صحيحتين ، فقال له أبو حامد تراني وجعل يده على كل واحد منا وشاع الخبر
في الناس والعامة ، وانتابه الناس من العوام ينظرون اليه وركب القاضي إليه وهو
أبو السائب عتبة بن عبدالله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه
فقال له : يا أبا محمَّد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتماً فصه فيروزج فقربه منه فقال
عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم ـ رحمه الله ـ فلم يمكنه قراءته وخرج الناس
متعجبين يتحدثون بخبره ، والتفت القاسم إلى إبنه الحسن فقال له : إنّ الله منزلك
ومرتبك مرتبة فاقبلها بشكر ، فقال له الحسن يا أبه قد قبلتها ، قال القاسم على
ماذا؟ قال : على ما تأمرني به يا أبه ، قال : على أن ترجع عما أنت عليه من شرب
الخمر ، قال الحسن يا أبه وحق من أنت في ذكره لارجعن عن شرب الخمر ومع
الخمر أشياء لا تعرفها ، فرفع القاسم يده إلى السماء وقال : اللهم ألهم الحسن
طاعتك وجنبه معصيتك ثلاث مرات ، ثم دعا بدرج فكتب وصيته بيده ـ رحمه
الله ـ وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه وكان فيما أوصى
الحسن أن قال : يابني إن اهلت لهذا الاَمر ـ يعني الوكالة لمولانا ـ فيكون قوتك
من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه ، وسائرها ملك لمولاي ، وإن لم تؤهل له
فاطلب خيرك من حيث يتقبل الله ، وقبل الحسن وصيته على ذلك ، فلما كان في
يوم الاَربعين وقد طلع الفجر مات القاسم ـ رحمه الله ـ فوافاة عبدالرحمن يعدو
في الاَسواق حافياً حاسراً وهو يصيح : واسيداه ، فاستعظم الناس ذلك منه وجعل
الناس يقولون ماالذي تفعل بنفسك ، فقال إسكتوا فقد رأيت ما لم تروه وتشيع
ورجع عما كان عليه ووقف الكثير من ضياعه ، وتولى أبو علي بن جحدر غسل
القاسم وأبو حامد يصب عليه الماء ، وكفن في ثمانية أثواب على بدنه قميص
مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الاَثواب التي جاءته من العراق ، فلما كان بعد
مدة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا عليه السَّلام في آخره دعاء ،
ألهمك الله طاعته وجنبك معصيته ، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه ، وكان آخره
قد جعلنا أباك إماماً لك وفعاله لك مثالاً.
*
*
*
( 534 )
كمال الدين : ج2 ص516
حدّثنا أبو جعفر محمَّد بن عليِّ بن أحمد بن بزرج بن عبدالله بن
منصور بن يونس بن برزج صاحب الصادق عليه السَّلام قال : سمعت محمَّد بن
الحسن الصيرفيّ الدَّورقيّ المقيم بأرض بلخ يقول : أردت الخروج إلى الحجِّ
وكان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضّة ، فجعلت ما كان معي من الذَّهب
سبائك وما كان معي من الفضّة نقرأ وكان قد دفع ذلك المال إلي لاسلّمه من
الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدّس الله روحه ـ قال : فلمّا نزلت سرخس
ضربت خيمتي على موضع فيه رمل ، فجعلت أميّز تلك السبائك والنقر فسقطت
سبيكة من تلك السبائك منّي وغاضت في الرَّمل وأنا لا أعلم قال : فلمّا دخلت
همدان ميّزت تلك السبائك والنقر مرَّة أُخرى اهتماماً منّي بحفظها ففقدت منها
سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل ـ أو قال : ثلاثة وتسعون مثقالاً ـ قال :
فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة وجعلتها بين السبائك ، فلمّا وردت
مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح ـ قدَّس الله روحه ـ
وسلّمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر ، فمدَّيده من بين [تلك] السبائك
إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلاً ممّا ضاع منّي فرمى بها إليَّ وقال لي :
ليست هذه السبيكة لنا وسبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في
الرَّمل فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت واطلب السبيكة هناك تحت الرَّمل
فانّك ستجدها وستعود إلى هاهنا فلا تراني.
قال : فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت نزلت ، فوجدت السبيكة
تحت الرَّمل وقد نبت عليها الحشيش ، فأخذت السبيكة وأنصرفت إلى بلدي ،
فلمّا كان بعد ذلك حججت ومعي السبيكة فدخلت مدينة السلام وقد كان
الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مضى ، ولقيت أبا الحسن عليّ
بن محمَّد السمريّ رضي الله عنه فسلّمت السبيكة إليه.
*
*
*
( 535 )
غيبة الشيخ : ص198
واخبرني جماعة ، عن أبي جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين قال : حدثني
محمَّد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رحمه الله ـ قال : كنت عند الشيخ أبي
القاسم الحسين بن روح ـ رضي الله عنه ـ مع جماعة منهم علي بن عيسى
القصري فقام إليه رجل فقال اني أريد أن أسألك عن شي فقال له سل عمّا
بدالك ، فقال الرجل : أخبرني عن الحسين عليه السَّلام أهو وليُّ الله؟ قال : نعم ،
قال : أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله؟ قال : نعم ، قال الرجل : فهل يجوز أن
يسلط الله عزّوجلّ عدوه على وليه؟ فقال له أبو القاسم قدس سره : إفهم عني ما
أقول لك إعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم
بالكلام ولكنه ـ جلت عظمته ـ يبعث اليهم رسلاً من أجناسهم وأصنافهم بشراً
مثلهم ، ولو بعث اليهم رسلاً من غير صفتهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا
منهم ، فلما جاؤهم ـ وكانوا من جنسهم يأكلون ويمشون في الاَسواق ـ قالوا لهم :
أنتم مثلنا لا نقبل منكم حتى تأتوا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنكم
مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه ، فجعل الله عزّوجلّ لهم المعجزات التي
يعجز الخلق عنها فمنهم من جاء بالطوفان بعد الاعذار والانذار ففرق جميع من
طغى وتمرد ومنهم من ألقي في النار فكانت عليه برداً وسلاماً ، ومنهم من أخرج
من الحجر الصلد الناقة وأجرى من ضرعها لبناً ، ومنهم من فلق له البحر وفجر له
من الحجر العيون وجعل له العصار اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون ، ومنهم من
أبرأ الاَكمه وأحيى الموتى باذن الله وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ،
ومن من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك ، فلما أتوا
بمثل ذلك وعجز الخلق من اُممهم أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله جل جلاله
ولطفه بعباده وحكمته أن جعل انبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين ،
واُخرى مغلوبين ، وفي حال قاهرين ، واُخرى مقهورين ، ولو جعلهم عزّوجلّ
في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس
آلهة دون الله عزّوجلّ ، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار
ولكنه
( 536 )
جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى
صابرين ، وفي العافية والظهور على الاَعداء شاكرين ، ويكونوا في جميع
احوالهم متواضعين ، غير شامخين ولا متجبرين ، وليعلم العباد أن لهم عليهم
السَّلام الهاً هو خالقهم ومديرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله ، ويكونوا حجّة لله ثابتة
على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبيّة ، أو عاند وخالف وعصى ، وجحد
بما أتت به الاَنبياء والرسل وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة
(قال محمَّد بن ابراهيم بن اسحاق « رضي الله عنه » فعدت إلى الشيخ أبي القاسم
الحسين بن روح ـ قدّس سرّه ـ من الغد وأنا أقول في نفسي أتراه ذكر لنا يوم
أمس عند نفسه فابتدأني؟ فقال : يامحمَّد بن إبراهيم لاَن أخر من السماء
فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح من مكان سحيق أحب إليّ من أن أقول في
دين الله برأيي ومن عند نفسي ، بل ذلك من الاَصل ومسموع من الحجة صلوات
الله وسلامه عليه.
غيبة الشيخ : ص192
وبهذا الاسناد عن الصفواني قال : وافى الحسن بن علي الوجناء النصيبي
سنة سبع وثلاثمائة ومعه محمَّد بن الفضل الموصلي ، وكان رجلاً شيعياً غير أنه
ينكر وكالة أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ ويقول إن هذه الاَموال تخرج
في غير حقوقها ، فقال الحسن بن علي الوجناء لمحمد بن الفضل : ياذا الرجل
إتق الله فان صحة وكالة أبي القاسم كصحة وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان
العمري ، وقد كانا نزلا ببغداد على الزاهر ، وكنا حضرنا للسلام عليهما ، وكان قد
حضر هناك شيخ لنا يقال له أبو الحسن بن ظفر وأبو القاسم بن الاَزهر ، فطال
الخطاب بين محمَّد بن الفضل وبين الحسن بن عليّ ، فقال محمَّد بن الفضل
للحسن من لي بصحة ما تقول وتثبت وكالة الحسين بن روح؟ فقال الحسن بن
علي الوجناء : إبين لك ذلك بدليل يثبت في نفسك ، وكان مع محمَّد بن الفضل
دفتر كبير فيه ورق طلحى مجلد بأسود فيه حسباناته فتناول الدفتر الحسن وقطع
منه نصف ورقة كان فيه بياض وقال لمحمد بن الفضل : إبروا لي قلماً فبرى قلماً
واتفقا على شيء بينهما لم أقف أنا عليه واطلع عليه أبا الحسن بن ظفر
( 537 )
وتناول
الحسن بن علي الوجناء القلم وجعل يكتب ما اتفقا عليه في تلك الورقة بذلك
القلم المبري بلا مداد ولا يؤثر فيه حتى ملاَ الورقة ثم ختمه وأعطاه لشيخ كان
مع محمَّد بن الفضل أسود يخدمة وأنفذ بها إلى أبي القاسم الحسين بن روح
ومعنا إبن الوجناء لم يبرح ، وحضرت صلاة الظهر فصلينا هناك ، ورجع الرسول
فقال : قال لي : امضر فان الجواب يجيء ، وقدمت المائدة فنحن في الاَكل اذ ورد
الجواب في تلك الورقة مكتوب بمداد عن فصل فصل ، فلطم محمَّد بن الفضل
وجهه ولم يتهنأ بطعامه وقال لابن الوجناء : قم معي فقام معه حتى دخل على
أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ وبقى يبكي ويقول : ياسيدي أقلني أقالك
الله ، فقال أبو القاسم يغفر الله لنا ولك إن شاء الله.
غيبة الشيخ : ص195
(وأخبرنا جماعة) عن محمَّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ،
قال أخبرنا محمَّد بن علي بن متيل قال : كانت إمرأة يقال لها زينب من أهل آبة ،
وكانت إمرأة محمد بن عبديل الآبي معها ثلاثمائة دينار فصارت إلى عمي جعفر
بن أحمد بن متيل وقالت : أُحب أن يسلم هذا المال من يدي إلى يد أبي القاسم
بن روح ـ رضي الله عنه ـ قال : فانفذني معها اترجم عنها فلما دخلت على أبي
القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ أقبل عليها بلسان آبي فصيح فقال لها زينب
چونا چون بدا كوليه چونسته ومعناه كيف أنت وكيف كنت وما خبر صبيانك ،
فاستغنت من الترجمة وسلمت المال ورجعت.
غيبة الشيخ : ص186
أخبرني الحسين بن عبيدالله ، عن أبي الحسن محمَّد بن أحمد بن داود
القمّي ـ رحمه الله ـ عن أبي علي بن همام قال : أنفذ محمَّد بن علي بن همام قال :
أنفذ محمَّد بن علي الشلمغاني العزاقري إلى الشيخ الحسين بن روح يسأله أن
يباهله وقال : أنا صاحب الرّجل وقد امرت باظهار العلم وقد أظهرته باطناً
وظاهراً فباهلني فأنفذ اليه الشيخ ـ رضي الله عنه ـ في جواب ذلك أينا تقدم
صاحبه فهو المخصوم فتقدم العزاقري فقتل وصلب واخذ معه إبن أبي عون ،
( 538 )
وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
غيبة الشيخ : ص196
وأخبرني جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى
بن بابويه ، قال حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي
خرجت القرامطة على الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي ـ رضي الله عنه
ـ كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ رضي الله عنه ـ يستأذن في
الخروج إلى الحج فخرج في الجواب لا تخرج في هذه السنة فاعاد فقال : هو
نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب إن كان لابدّ فكن في القافلة
الاَخيرة فكان في القافلة الاَخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الاَخر.
هذا آخر الكتاب ، وقد أوردنا فيه جملة وافية حد التواتر من النصوص
المعرفة للمهدي عليه السَّلام بالتصريح بسام أبيه وأسماء آبائه الطاهرين ، من
أراد الاستقصاء فعليه بالتتبع التام في جميع كتب العامة والخاصة ، أضف على
ذلك الاَحاديث المتضمنة لذكر أسماء الائمة الاثني عشر حيث تنطبق حسب
الترتيب المذكور فيها على حجة بن الحسن العسكري عليه السَّلام ووواحد بعد
واحد من آبائه ، والاَحاديث الدالة على أن أوصياء النبيّ صلّى الله عليه وآله
وسلّم اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهديِّ القائم عليه السَّلام فإنّها أيضاً
تنطبق بحسب القرآئن الخارجية على حجة بن الحسن العسكريّ عليه السَّلام
وعلى آبائه حتى ينتهي إلى علي عليه السَّلام.
فإنَّ الوصاية تقتضي عدم انقطاع الزمان بينهم وأن يتصل زمان بعضهم
ببعض فيكون زمان القائم عليه السَّلام متصلا بزمان الامام الحادي عشر ويمتد
من حين وفاة الامام الحادي عشر إلى أن يشاء الله ظهوره وقيامه ، وهاتان
القسمان من الاَحاديث كثيرة جداً لم نقصد ايرادها في هذا الكتاب ومن أرادها
فليراجع كتب الاَحاديث المتضمنة لحالات المهديّ القائم عجل الله تعالى فرجه
وجعلنا من كلِّ مكروه وقاه ، والحمد لله وصلّى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.