رعياً لصبحك

رَعْياً لِصُبْحِكَ هذا الواعدُ الغَرِدُ

 

تهفو لمقدمهِ الدنيا وتحتشدُ

تهفو لمقدمِهِ الدنيا التي اتَّقدت

 

بالموبِقاتِ، وما تَنْفَكُّ تَتَّقِدُ

جالت على صدرها الأمواج عاتيةً

 

وراح ينحتُ في أعضادها الزبدُ

وأوهنتها الدياجي، كلّما طفقتْ

 

تحل من عقدِ الظلماء.. تنعقدُ

طالت بأحشاء هذا الليل رحلتها

 

واغتال أحداقها الإرهاقُ والسهدُ

وبين أحضانها الأرزاءُ تُرضعها

 

حتى إذا فطمتَ أشبالَها.. تلدُ

ما إن تفيق من المأساةِ في بلدٍ

 

إلاّ أعان على ضرّائها بَلدُ

فراوحت تقرأُ الأيام أسئلةً:

 

أمَا لهذا الهوان المستميت غدُ؟

أما لهذا الحصاد المرِّ من أمدٍ؟

 

أم أنّه السيل يستشري و يَطَّرِدُ؟

فتلكَ أياميَ الحُبلَى التي شُغِفتْ

 

بالنائباتِ، على كلّ المُنى رصَدُ

ليلٌ يمُور وأنواءٌ وعاصفةٌ

 

تظلُّ من هولها الآمال ترتعدُ

تخبو، فأجمعُ أشلائي التي انتشرتْ

 

فوق الضّراوةِ، من ماتوا ومن فُقدوا

أكلّما قلت هذا البرُّ يا سُفُني

 

راحت عن المرفأ المأمونِ تبتعدُ؟

وكلّما شعّ في عيني بصيصُ سَنا

 

من كُوّة الفجرِ.. حالت دونهُ لُبَدُ؟

متى ألملمُ أحلامي فأرْسِمُها

 

مشارقاً بالغد الوضاء تنفردُ؟

متى أشمُّ عبيرَ النورِ في رِئَتي

 

ويرحَلُ الوهمُ من عينيَّ والرمدُ؟

متى أحسُّ انهمارَ الغيثِ يغمرني

 

لطفاً، ويمسحُ عني كلما أجدُ؟

متى تُمدُّ إلى قيدٍ وَهيْتُ لهُ

 

يَدُ النجاة .. وكم تُثْري الوجودَ يَدُ

متى انطفاءُ غليلٍ فَتَّ في كبدي

 

تزيدُ فورتَه الآهاتُ والكمدُ؟

شاختْ على عتباتِ الغيبِ أسئلتي

 

وطالَ دونَ بلوغِ الغايةِ الأمدُ

لكن وُعِدتُّ بأن الله مُنْتَقِمٌ

 

من الطُغاةِ.. ومن جاروا، ومن جحدوا

بدولةٍ من خيوطِ الوحيِ قد نَسَجتْ

 

ثوبَ الحياةِ، فلا زيغٌ ولا صددُ

وقائمٍ تُسرِجُ الآفاقَ طلعتُه

 

وطوعُ إمرتِهِ الأنحاء والأمد

يقومُ بين يَدَيْهِ العدلُ ملحمةً

 

وجُنْدُ منهجهِ الإيمانُ والرشدُ

وحين يُنفَخُ في أصْوارِ دعوتِه

 

إلى الخلاصِ فمن آلامها تَفِدُ

هي الظماء إلى محرابِه ازْدَلَفتْ:

 

اَلقلبُ والروحُ والأنفاسُ والجسدُ

وراح ينصبُّ من ميزابِ رحمتهِ

 

ريٌّ رويٌّ هنيءٌ سائغٌ بَرَدُ

والحق قد مدَّ ممَّا ناله رَهَقاً

 

كلتا يَدَيْهِ من الألطاف يبتردُ

يُهْنِيكِ يا هذه الدنيا فإنَّ لهُ

 

ذكرى على هامةِ الأيامِ تنعقدُ

حجَّتْ لِكَعْبَتِها الأرواح مذ عَلِمَت

 

أن المآب عليها هانئٌ رغَدُ

وأنها البحرُ بالخيراتِ عامرةٌ

 

شُطآنه، أينما يمَّمته تَردُ

وأنها زمزمُ الأنْداءِ مُشْرَعَةً

 

ما رُدَّ ـ إن جاءها مُستَرْفِداً ـ أحدُ

بُورِكْتِ يا هذه الدنيا بمشرقِ مَنْ

 

فِداهُ أنفسنا والمالُ والولدُ

يا أيها (القائم المهديُّ) إنَّ بنا

 

شوقاً إليك بعُمْر العُمْرِ يطّردُ

عشناك عشقاً، صموداً، رفعةً وهدىً

 

برغم من كابَروا بغياً ومن حسدوا

وعاش أسلافُنا معناك في دمهم

 

حتى ورثناه مذخوراً لمن وُلِدوا

فأنت أكبرُ من آمالنا أمَلاً

 

ونَصْبُ عينِك ما نلقى وما نجدُ

جئنا نجدد عهداً .. بيعةً .. ثقةً

 

فكلُّ أيامِنا في حبكم جُدُدُ