( 104 )
===============
الباب الثالث
الفصل الخامس
المهدي من الاَئمّة الاثني عشر
(عليهم السلام)
===============
( 106 )
===============
( 107 )
10
«المهديُّ من الاَئمّة الاثني عشر»
1ـ ومن كتاب «سليم بن قيس»: ما رواه أحمد بن
محمّد بن سعيد بن عقدة، ومحمّد بن همّام بن سهيل، وعبد العزيز، وعبد الواحد ـ ابنا
عبد اللّه بن يونس الموصلي ـ، عن رجالهم، عن عبد الرزَّاق بن همّام، عن معمر بن
راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، وأخبرنا به في غير هذه الطرق هارون بن
محمَّد، قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّى الهمداني، قال:
حدَّثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي، قال: حدَّثنا عبد اللّه بن
المبارك ـ شيخ لنا كوفي ثقة ـ، قال: حدَّثنا عبد الرزاق بن همّام (1)قال:
حدَّثنا معمّرُ بن راشدٍ (2)عن أبان بن أبي عيّاش،
____________
(1)
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري من المشاهير عنونه ابن حجر في «تهذيبه»: 6|311
وأطال الكلام في ترجمته ونقل عن الصوري، عن عليّ بن هاشم عنه ـ يعني عن عبد الرزاق
ـ أنَّه قال: كتبت عن ثلاثة لا أبالي أن لا أكتب عن غيرهم، كتبت عن ابن الشاذكوني
وهو من أحفظ الناس، وكتبت عن ابن معين وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتبت عن أحمد
بن حنبل وهو من أثبت الناس، وبالجملة ـ روى عن أبيه همام وهو من رواة مينا بن أبي
مينا الزهري الخزاز الذي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: تبين على أحاديثه
أنَّه يغلو في التشيّع.
(2)
معمر بن راشد الاَزدي مولاهم أبو عروة البصري عنونه ابن حجر في «التقريب» وصفي
الخزرجي في «تذهيب الكمال» وقالا: ثقة ثبت صالح فاضل.
===============
( 108 )
عن
سليم بن قيس الهلالي (1)قال: «لما أقبلنا من صفّين مع أمير الموَمنين (عليه السلام) نزل قريباً
من دير نصرانيّ (2)إذ خرج علينا شيخ من الديرِ جميل الوجه، حسن الهيئة
والسَّمت (3)معه كتاب حتى أتى أمير الموَمنين فسلَّم عليه، ثم قال:
إِنِّـي من نسل حواريّ عيسى بن مريم، وكان أفضل حواريِّ عيسى ـ الاثني عشرـ
وأحبّهم إليه وآثرهم عنده (4) وأنَّ عيسى أوصى إليه ودفع إليهِ كُتبه
وعلَّمَهُ حِكمَتَهُ (5) فلم يزل أهل هذا البيت على دينه متمسّكين
بملَّتهِ (6)لم يكفروا ولم يرتدّوا ولم يُغيِّروا وتلك الكتب عندي
إملاء عيسى بن مريم وخطّ أبينا بيدهِ، فيها كل شيء يَفعلُ النّاس من بعده، واسم
ملكٍ ملكٍ [ من بعده] منهم، وأنَّ اللّه تباركَ وتعالى يَبْعَثُ رَجُلاً مِنَ
العَرَبِ مِنْ وُلْدِ [إسماعيل ابن] إبراهيم خليل اللّهِ من أرضٍ [يقال لها:]
تهامَةُ، من قريةٍ يقال لها: مكَّة، يُقال لهُ: أحمَدُ، لهُ اثنا عشر اسماً، وذكر
مبعثه ومولدِهِ ومهاجرتِه، ومن يُقاتِلُهُ، وَمَن يَنْصُـرُوهُ، وَمَن يُعاديه،
وما يعيشُ، وما تلقى أُمّته بعده إلى أن ينزلَ عيسى بن مريم من السَّماءِ، وفي ذلك
الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من وُلِد إسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه من خير خلقِ
اللّهِ، ومن أحبِّ خلقِ اللّهِ إليهِ، واللّه وليٌّ لِمَن والاهم، وعدوّ لمن
عاداهم، مَنْ أطاعهم اهتدى، ومن عصاهم ضلَّ، طاعَتُهم للّه طاعة، ومَعصيتهم للّه
معصية، مكتوبة أسماءهم وأنسابهم ونعوتهم، وكم يعيش كل رجلٍ منهم واحدٍ بعد واحدٍ،
وكم رجلٍ منهم يستتر بدينه
____________
(1)
كان سليم من أصحاب عليٍّ (عليه السلام) ، طلبه الحجاج بن يوسف ليقتله ففرَّ
منه وآوى إلى ابان ابن أبي عياش، فبقي مخفياً عنده حتى حضره الوفاة، فلمّا كان عند
موته قال لابان: إنَّ لك عليَّ حقَّاً وقد حضرني الموت يا ابن أخي! إنّه كان من
الاَمر بعد رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم كيت وكيت، وأعطاه كتاباً،
فلم يروه عن سليم أحد من الناس سوى ابان، كما نقله العلاَّمة عن العقيقي.
وكان
ابان وسليم من المشاهير تجد ترجمتهما في جميع كتب رجال الشيعة، وجلّ رجال العامّة.
(2)
في بعض النسخ: من دير نصارى.
(3)
السمت ـ بالفتح ـ: هيئة أهل الخير، والحالة التي يكون عليه الانسان من السكينة
والوقار، وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر.
(4)
في منقوله في «البحار»: وأبرهم عنده.
(5)
في بعض النسخ: وعلمه وحكمته.
(6)
في بعض النسخ: متمسّكين عليه.
===============
( 109 )
ويكتمه
من قومهِ، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس حتى ينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) على آخرهم
فيصلّـي عيسى خلفه ويقول: إنَّكم لاَئمّة لا ينبغي لاَحدٍ أن يتقدَّمكم، فيتقدَّم
فيصلّـي بالنّاس وعيسى خلفه في الصفّ، أوَّلهم وخيرهم وأفضلهم ـ وله مثل أُجورهم
وأُجورِ مَن أطاعَهُمْ واهتدى بهِم ـ رَسُول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) اسمُهُ:
مُحَمَّدٌ وعبداللّه ويس والفتّاح والخاتِمُ والحاشِـرُ والعاقبُ والماحي والقائد
ونبي اللّه وصفيّ اللّه وحبيب اللّه (1)وأنَّه يذكرُ إذا ذُكرَ، من
أكْرَمِ خَلْقِ اللّه عَلَى اللّهِ (2) وأحبّهم إلى اللّهِ، لم يخلق
اللّهُ مَلكاً مُكَرَّماً (3)، ولا نبيَّاً مُرسَلاً من آدم فمن سواه
خيراً عند اللّه ولا أحبَّ إلى اللّه منه، يُقْعِدهُ يَوْمَ القيامة على عَرشِهِ،
ويُشفِّعُهُ في كلِّ من يَشفَعُ فيهِ (4)باسمِه جرى القَلَم (5)
في اللَّوح المحفوظ محمَّدٍ رسول اللّه. وبصحاب اللواء يوم الحشر الاَكبر أخيه
ووصيِّه ووزيره وخليفته في أُمّته. ومِنْ أحبِّ خلق اللّهِ إلى اللّهِ بعده عليٌّ
ابن عمِّهِ لاَُمِّه وأبيهِ، ووليُّ كل موَمنٍ بعدَهُ، ثُمَّ أحَدَ عَشَـرَ
رَجُلاً من وُلْدِ محمَّد وولده، أوَّلهم يُسَمّى باسم ابني هارون شبَّـر وشبَّير
و تسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحدٍ، آخرهم الذي يُصلّـي عيسى بن مريم خلفَهُ ـ
وذكر باقي الحديث بطولِهِ» (6)
2ـ عدَّة من أصحابنا،
عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني
(عليه
السلام)
، قال: «أقبل أمير الموَمنين (عليه السلام) ومعه الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) وهو متّكىَ
على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ
____________
(1)
في بعض النسخ: وجنب اللّه.
(2)
في بعض النسخ: وهو أكرم خلق اللّه عليه.
(3)
في بعض النسخ: ملكاً مقرَّباً.
(4)
في بعض النسخ: في كل من شفع فيه.
(5)
في البحار: صرح القلم.
(6)
غيبة النعماني: 74 ـ 75، الباب الرابع، عن كتاب «سليم بن قيس» بتفاوت يسير، سليم
بن قيس: 152ـ 154 (أبان عن سليم)، البحار: 15|236ـ 239، و16|84ـ 85، و36| 210 ـ
212، و38|51ـ 54، إثبات الهداة: 1|179 ـ بعضه، و1|204ـ205 ـ أوَّله، و 1|658 ـ
البعض الآخر، العوالم: 15|85ـ 86.
===============
( 110 )
أقبل
رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أمير الموَمنين (عليه السلام) فردَّ عليه
السلام فجلس.
ثمَّ قال: يا أمير
الموَمنين! أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهنَّ علمت أنَّ القوم ركبوا من أمرك
ما قضى عليهم، وإن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الاَُخرى علمت أنّك
وهم شرعٌ سواء.
فقال له أمير الموَمنين
(عليه
السلام)
: سلني عمّـا بدا لك؟
قال: أخبرني عن الرجل
إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده
الاَعمام والاَخوال؟
فالتفت أمير الموَمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا
أبا محمّد! أجبه، قال: فأجابه الحسن (عليه السلام) .
فقال الرجل: أشهد أن لا
إله إلاّ اللّه ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنَّ محمَّداً رسول اللّه ولم أزل أشهد
بذلك، وأشهد أنّك وصيُّ رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم والقائم بحجته
(وأشار إلى أمير الموَمنين) ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنَّك وصيّه والقائم بحجته
(وأشار إلى الحسن (عليه السلام) ).
وأشهد أنَّ الحسين بن
عليٍّ وصيّ أخيه والقائم بحجّته بعده.
وأشهد على عليٌّ بن
الحسين أنَّه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمّد بن عليّ أنَّه القائم بأمر
عليّ بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمَّد بأنَّه القائم بأمر محمَّد (ابن عليّ
نخ) وأشهد على موسى أنَّه القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد على عليّ بن موسى أنّه
القائم بأمر موسى بن جعفر.
وأشهد على محمّد بن
عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى، وأشهد على عليّ بن محمّد بأنَّه القائم بأمر
محمّد بن عليّ، وأشهد على الحسن بن عليّ بأنَّه القائم بأمر عليّ بن محمَّد.
وأشهد على رجل من ولد
الحسن لا يكنّى ولا يسمّى، حتى يظهر أمره، فيملوَها
===============
( 111 )
عدلاً
كما ملئت جوراً.
والسلام عليك يا أمير
الموَمنين ورحمة اللّه وبركاته، ثمّ قام فمضى.
فقال أمير الموَمنين (عليه السلام) : يا أبا
محمّد! اتبعه فانظر أين يقصد؟
فخرج الحسن بن عليّ (عليهما السلام) ، فقال: ما
كان إلاّ أنْ وضع رجله خارجاً من المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض اللّه؟ فرجعت
إلى أمير الموَمنين (عليه السلام) فأعلمته.
فقال: يا أبا محمّد
أتعرفه؟ قلت: اللّه ورسوله وأمير الموَمنين أعلم.
قال: هو الخضر (عليه السلام) » (1)
____________
(1)
المحاسن: 332 ـ عنه (أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي)، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفري
رفع الحديث قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام)
: «دخل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ المسجد، ومعه الحسن (عليه السلام)
فدخل رجل فسلَّم عليه فردَّ عليه شبيهاً بسلامه، فقال: يا أمير الموَمنين ! جئت
أسألك، فقال: سل، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تكون روحه؟ وعن المولود الذي
يشبه أباه كيف يكون؟ وعن الذكر والنسيان كيف يكونان؟ قال: فنظر أمير الموَمنين (عليه السلام)
إلى الحسن (عليه السلام) فقال: أجبه.
فقال
الحسن: إنَّ الرجل إذا نامَ فإنَّ روحهُ مُتعلِّقَةٌ بالرِّيح، والرِّيحُ
متعلِّقةٌ بالهواء، فَإِذا أرادَ اللّهُ أن يَقْبِضَ رُوحَهُ جَذَبَ الهواءُ
الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الرُّوحَ، وإِذَا أرَادَ اللّهُ أن يَرُدَّها في
مَكَانِهَا جَذَبَتِ الرُّوحُ الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الهَواءَ، فَعَادَتْ
إلى مَكَانِها.
وأمّا
المولود الذي يشبه أباه، فإنّ الرجل إذا واقع أهله بقلب ساكن وبدن غير مضطرب وقعت
النطفة في الرحم، فيشبه الولد أباه، وإذا واقعها بقلب شاغل وبدن مضطرب، فوقعت
النطفة في الرحم، فإن وقعت على عرق من عروق أعمامه يُشبه الولدُ أعمامه، وإن وقعت
على عرق من عروق أخواله يُشبه الولد أخواله.
وأمّا
الذكر والنسيان، فإنّ القلب في حق والحق مطبق عليه، فإذا أراد اللّه أن يذكر القلب
سقط الطبق فذكر.
فقال
الرجل: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده
ورسوله، وأشهد أنّ أباك أمير الموَمنين وصيُّ محمدٍ حقاً حقاً، ولم أزل أقوله،
وأشهد أنّك وصيّه، وأشهد أنّ الحسين وصيّك، حتى أتى على آخرهم، فقال: قلت لاَبي
عبد اللّه: فمن كان الرجل؟ قال: الخضر (عليه السلام)
.
النعماني:
58ـ 60 ـ كما في المحاسن بتفاوت وزيادة، بسنده إلى البرقي، وفيه: عن أبي جعفر
محمّد بن علي (عليهما السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام)
قال:، الاحتجاج: 1|266ـ 267 ـ كما في الكافي بتفاوت وزيادة، مرسلاً عن أبي هاشم
الجعفري، عن الجواد (عليه السلام) ، القمي: 2|44ـ كما في المحاسن
بتفاوت وتفصيل، مرسلاً عن أبيه، غيبة الطوسي: 98 ـ كما في الكافي بتفاوت يسير،
بسنده إلى الكليني، وفيه: الحسين بن عليٍّ وصي أبيه والقائم بحجّته بعدك ... على
رجل من ولد الحسين و ...ملئت ظلماً وجوراً، عيون أخبار الرضا : 1|65ـ كما في
النعماني بتفاوت وزيادة، بنفس سند كمال الدين، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر،
والظاهر أنَّه تصحيف فإنّه «الجواد» لا «الباقر» (عليهما السلام)
، كمال الدين: 1|313ـ 315 ـ كما في النعماني بتفاوت، بسنده إلى البرقي، الاستنصار:
31 ـ كما في الكافي بتفاوت يسير، عن المفيد وبسنده إلى الكليني، وفي سنده: أحمد بن
محمّد بن عيسى، عن البرقي، وفيه: الحسين بن عليّ وصي أبيه والقائم بحجته بعدك
...حتى يظهر اللّه أمره، دلائل الاِمامة: 68ـ 70 ـ عن أبي جعفر محمّد بن علي
الثاني، كما في كمال الدين بتفاوت، علل الشرايع: 96ـ 98ـ كما في النعماني بتفاوت،
بسند كمال الدين، عن أبي جعفر الثاني، وقال: عن أحمد بن محمد، عن ابن خالد البرقي،
والظاهر أنَّه تصحيف والصحيح ما ذكره في كمال الدين وهو: عن أحمد بن أبي عبد اللّه
البرقي، أي أحمد بن محمّد بن خالد، البحار: 36|414 ـ عن كمال الدين، والعيون،
وأشار إلى مثله في الاحتجاج، والمحاسن، والعلل، وغيبة الطوسي، والنعماني، والقمي،
وفي 61|39ـ عن
===============
( 112 )
............................................................
____________
إثبات
الوصية: 136ـ 138ـ كما في النعماني بتفاوت، مرسلاً عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه ـ
عليهم السلام ـ قال: ، إثبات الهداة: 1|452ـ عن الكافي، وأشار إلى مثله في العيون،
وكمال الدين، والعلل، وغيبة الطوسي،والاحتجاج، والنعماني، والقمي، منتخب الاَثر:
138ـ 139ـ عن الكافي، حلية الاَبرار: 1|510ـ كما في كمال الدين، والعيون، عن ابن
بابويه، العوالم: 15|310 ـ عن كمال الدين، والعيون، ثم أشار إلى مثله في غيبة
الطوسي، وعلل الشرائع، والاحتجاج، والمحاسن، والنعماني، والقمي.
نقول:
ما ثبت عن أئمتنا (عليهم السلام) من حقائق العلوم التي وصل
إليها العلم بعد قرون يدل على عدم إمكان التناقض بين علمهم وبين الحقائق المادية
والمعنوية، وإذا ثبتت المنافاة بين ما يروى عنهم (عليهم السلام)
وبين الحقائق القطعية في العلوم فلا شك أنَّ الخطأ من الراوي الذي لم يستوعب
كلامهم فنقله على حسب فهمه.
وكان
اسم الخضر: خضرويه بن قابيل بن آدم (عليه السلام)
، ويقال له: خضرون أيضاً، ويقال له: جعدا، وإنَّه إنَّما سمّي الخضر لاَنّه جلس
على أرض بيضاء فاهتزّت خضراء فسمّي الخضر لذلك وهو أطول الآدميين عمراً، والصحيح
أنَّ اسمه «بليا» بن ملكان بن عامر بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وفي معارف ابن قتيبة:
بليا بن ملكان بن فالغ بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
إنَّ
أكثر المخالفين يسلّمون لنا حديث الخضر (عليه السلام)
ويعتقدون فيه أنّه حيٌّ غائب عن الاَبصار، وأنّه حيث ذكر حضر، ولا ينكرون طول
حياته، ولا يحملون حديثه على عقولهم، ويدفعون كون القائم (عليه السلام)
وطول حياته في غيبته، وعندهم أنَّ قدرة اللّه عزَّ وجلَّ تتناول إبقاءه إلى يوم
النفخ في الصور، وإبقاء إبليس مع لعنته إلى يوم الوقت المعلوم في غيبته، وأنّها لا
تتناول إبقاء حجّة اللّه على عباده مدّة طويلة في غيبته، مع ورود الاَخبار الصحيحة
بالنصِّ عليه بعينه، واسمه ونسبه عن اللّه تبارك وتعالى، وعن رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) وعن الاَئمّة (عليهم السلام)
.
===============
( 113 )
3ـ ومن كتاب سليم بن
قيس الهلالي، ما رواهُ أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة(1) ومحمّد بن
همّام بن سهيلٍ، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصلي ـ عن
رجالهم ـ عن عبد الرزاق بن همّام، عن معمر بن راشدٍ: عن أبان بن أبي عيّاش، عن
سليم بن قيس .
وأخبرنا بهِ من غير هذه
الطرق هارون بن محمدٍ قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّـى
الهمداني، قال: حدَّثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي (2)قال:
حدَّثنا عبد اللّه بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة (3) قال: حدَّثنا عبد
الرزاق ابن همّام شيخنا، عن معمر، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي،
وذكر أبان أنَّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر: وذكر أبو هارون العبدي
أنَّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة، عن سليم أنَّ معاوية لما دعا أبا الدرداء
وأبا هريرة
____________
(1)
في بعض النسخ: ممّا رواه أحمد بن محمد بن سعيد.
(2)
لم نعثر في كتب الرجال على عنوان لهوَلاء الثلاثة.
(3)
عبد اللّه بن المبارك عنونه ابن حجر في «التهذيب» ونقل عن جماعة من الاَعلام كونه
عالماً فقيهاً عابداً زاهداً شيخاً شجاعاً كيساً مثبتاً ثقة، وقال ابن معين: كان
عالماً صحيح الحديث وكانت كتبه التي حدّث بها عشرين ألفاً أو احدى وعشرين ألفاً،
وعنونه الخطيب في «تاريخ بغداد»: 10|152، وأطال الكلام في شأنه وقال: كان من
الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المذكورين بالزهد، لكن عدّ عبد الرزاق
من رواته، ولعله غيره.
===============
( 114 )
ونحن
مع أمير الموَمنين علي (عليه السلام) بصفِّين فحمَّلهما الرسالة إلى أمير الموَمنين
علي (عليه السلام) وأدَّياه إليه، قال: «قد بلَّغتماني ما أرسلكما
بهِ معاوية فاستمعا منِّي وأبلغاه عنِّي كما بلّغتماني، قالا: نعم، فأجابه عليُّ (عليه السلام) الجواب
بطوله حتّى إذا انتهى إلى ذكر نصب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إيّاه
بغدير خمٍّ بأمرِ اللّهِ تعالى قال: لما نزل عليه : "إِنَّما وليُّكُمُ اللّهُ
ورسولُهُ والَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمون الصَّلوةَ ويوَتُونَ الزَّكوةَ وهُمْ
راكِعُونَ" (1)فقال
الناس: يا رسول اللّه أخاصّة لبعض الموَمنين أم عامَّة لجميعهم؟ فأمر اللّه تعالى
نبيَّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم أن يعلمهم ولاية من أمرهم اللّه بولايته (2)
وأن يفسِّـر لهم من الولاية ما فسَّـر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجِّهم، قال
علي (عليه السلام) : فنصبَني رسول اللّه بغدير خم وقال:
إنَّ اللّهَ عزَّ وجلَّ أرْسَلَني برسالةٍ ضاقَ بها صدري وظننت أنَّ الناس
مُكذّبوني، فأوعدني لاَُبَلّغنَّها أو لَيُعَذِّبنِّي قُم يا عليُّ، ثُمَّ نادى
بأعلى صوته بعد أن أمرَ أن يُنادى بالصَّلاةَ جامعة، فصلّـى بهم الظهر، ثم قال: يا
أيّها النّاسُ إِنَّ اللّه مولاي، وأنا مولى الموَمنين، وأنا أولى بهم منهم
بأنفسهم، من كُنتُ مولاه فعلي مولاه، اللَّهم والِ مَن والاه، وعادِ من عاداه (3)
فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول اللّه ولاءُ ماذا؟ (4)فقال: من
كنت أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به من نفسه، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ "اليومَ
أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيتُ لَكُمُ الاِسلام ديناً"
(5)فقال له سلمان: يا رسول اللّه أَنَزَلَتْ هذه الآيات في عليٍّ
خاصَّةً؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، فقال: يا رسول اللّه بيِّنهم
لي (6)قال عليٌّ أخي ووصيِّي ووارثي(7)وخليفتي في أُمَّتي
ووليُّ كلِّ
____________
(1)
المائدة |54.
(2)
في بعض النسخ: أن يعلمهم من أمر اللّه بولايته.
(3)
زاد في كتاب سليم: وانصر من نصره، واخذل من خذله.
(4)
في كتاب سليم: يا رسول اللّه! ولاوَه كماذا؟ فقال: «ولاوَه كولايتي، من كنت أولى
به ...».
(5)
المائدة |3.
(6)
في بعض النسخ: سمّهم لي، وفي كتاب سليم: بيّنهم لنا.
(7)
في بعض النسخ: «وصيي وصنوي ووارثي» وفي بعضها: «ووزيري» مكان «ووارثي».
===============
( 115 )
موَمن بعدي وأحدَ عَشَـرَ إماماً من ولدهِ، أوَّلهم ابني حسن، ثمَّ
ابني حسين، ثمَّ تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحدٍ، هم مع القرآن، والقُرانُ
معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا عليَّ الحوض.
فقام
اثنا عشرَ رَجلاً من البدريّين فقالوا: نشهد أنّا سمعنا ذلك من رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) كما قلت يا أمير الموَمنين سواء لَم تَزِدْ ولم تُنقِص، وقال بقيّة
البدريّين (1)الذين شهدوا مع علي صفِّين: قد حفظنا جلّ ما قلت، ولم
نحفظ كلّه، وهوَلاء الاثنا عشر خيارنا وأفاضلنا، فقال عليٌّ (عليه السلام)
: صدقتم ليس كلُّ الناس يحفظ، وبعضهم أفضلُ من بعضٍ (2)
وقام
من الاِثني عشر أربعَةُ: أبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيُّوب، وعمَّـار وخزيمة ابن
ثابت ذو الشَّهادتين (3)فقالوا: نشهد أنَّا قد حفظنا قول رسول اللّه
____________
(1)
في بعض النسخ: بقية السبعين.
(2)
في كتاب سليم: وبعضهم أحفظ من بعض.
(3)
أبو الهيثم بن التيّهان ـ بفتح التاء المثناة من فوق وبعدها ياء مكسورة مشددة
مثناة من تحت ثم هاء وبعد الاَلف نون ـ ابن أبي عبيد بن عمر عبد الاَعلم بن عامر
البلوي ـ بفتح الباء الموحدة وبفتح اللام وفي آخرها الواو نسبة إلى «بلي» بفتح
الباء الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء على فعيل ـ وهو بلي بن عمر بن الحاف بن
قضاعة وهو أبو حي من اليمن وهو قضاعة بن مالك بن حميراء بن سبأ واللّه أعلم ـ ثمَّ
الاَنصاري حليف بني عبد الاَشهل، وقالت طائفة من أهل العلم: إنَّه من الاَنصار من
أنفسهم من الاَوس هو مشهور بكنيته.
كان
أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بيعة العقبة الاَُولى والثانية، وكان أحد التسعة
الذين لقوا قبل ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
بالعقبة، وهو أوَّل من بايع رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ليلة
العقبة فيما يزعم بنو عبد الاَشهل، وشهد أبو الهيثم بدراً وأُحداً والمشاهد كلّها،
وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير الموَمنين (عليه السلام)
وأنكر تقدم أبي بكر عليه، وشهد معه وقعة الجمل وصفين، فمن شعره يوم الجمل:
قل
للزبير، وقل لطلحة: إنّنانحن الذين شعارنا الاَنصار
نحن
الذين رأت قريش فعلنايوم القليب أُولئك الكفّار
كنّا شعار نبيّنا ودثاره * تفديه منّا الروح
والاَبصار
إنَّ
الوصيَّ إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحث الاَسرار
قتل
أبو الهيثم (رضي اللّه عنه) مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)
بصفّين سنة (37هـ) .
وأمّا
أبو أيوب خالد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار وهو يتم
ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الاَنصاري من بني النجار، كان من كبار الصحابة شهد العقبة
وبدراً وسائر المشاهد، وكان سيّداً معظّماً من سادات الاَنصار، وهو صاحب منزل رسول
اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم نزل عنده لمّا خرج من بني عمرو بن عوف حين
قدم المدينة مهاجراً من مكّة فلم يزل عنده حتى بنى مسجده ومساكنه ثم انتقل إليها.
وكان
أبو أيوب (رضي اللّه عنه) من السابقين الذين رجعوا إلى أمير الموَمنين (عليه السلام)
، وأنكر على أبي بكر تقدّمه على عليٍّ (عليه السلام)
.
قال
ابن عبد البر في كتاب «الاستيعاب»: إنَّ أبا أيوب شهد مع عليٍّ (عليه السلام)
مشاهده كلّها، وروى عن الكلبي؛ وابن إسحاق قالا: شهد معه يوم الجمل وصفّين، وكان
على مقدّمته يوم النهروان.
وروى
الخطيب في «تاريخ بغداد»: أنَّ علقمة والاَسود أتيا أبا أيوب الاَنصاري عند منصرفه
من صفّين، فقالا له: يا أبا أيوب! إنَّ اللّه أكرمك بنزول محمّد (صلى الله عليه
وآله وسلم) وبمجيىَ ناقته تفضّلاً من اللّه تعالى، وإكراماً
لك حتى أناخت ببابك دون الناس جميعاً، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب أهل لا إله إلاّ
اللّه، فقال: يا هذا! إنَّ الرائد لا يكذب أهله إنَّ رسول اللّه صلَّى اللّه عليه
و آله و سلَّم أمرنا بقتال ثلاثة مع عليٌّ (عليه السلام)
: بقتال الناكثين والقاسطين
===============
( 116 )
(صلى
الله عليه وآله وسلم) يومئذٍ، واللّه إنّه لقائم وعليٌّ (عليه السلام)
إلى جانبه، وهو يقول: «يا أيُّها النّاس ! إنّ اللّه أمرني أن
____________
والمارقين.
فأمّا
الناكثون فقد قاتلناهم، وهم أهل الجمل ـ طلحة والزبير.
وأمّا
القاسطون فهذا منصرفنا عنهم ـ يعني معاوية وعمرو بن العاص.
وأمّا
المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروان، واللّه ما
أدري أين هم؟ ولكن لابدّ من قتالهم إن شاء اللّه تعالى.
ثمَّ
قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعمار
بن ياسر: «تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك على الحقّ، والحقُّ معك يا عمار! إن
رأيت عليّاً سلك وادياً، وسلك الناس كلّهم وادياً، فاسلك مع عليٍّ، فانّه لن يرديك
في ردى، ولن يخرجك من هدى.
يا
عمّـار! مَنْ تقلّد سيفاً أعان به عليّاً قلّده اللّه يوم القيامة وشاحين من درّ،
ومَنْ تقلّد سيفاً أعان به عدو عليٍّ قلّده اللّه وشاحين من النار».
قلنا:
يا هذا! حسبك رحمك اللّه.
توفّي
أبو أيوب (رضي اللّه عنه) في ـ الصائفة ـ وهي غزوة الروم، ودفن عند سور
القسطنطينية، وبني عليه قبة يسرج فيها.
واختلف
الموَرخون في السنة التي كانت بها هذه الغزاة ومات فيها أبو أيوب، فقال المسعودي
في «مروج الذهب»: كانت سنة (45 هـ) وقال غيره: كانت سنة (50 هـ) وقيل: (51هـ)
وقيل: (52هـ) واللّه أعلم.
وأمّا
عمّـار بن ياسر، فقد اتفقت الاَقوال على أنَّه كان عربياً قحطانياً مذحجياً من عنس
ـ بالنون ـ في مذحج ... ويقوى لدينا في نسبه أنَّ عمّـار بن ياسر بن عامر بن مالك
بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذين ـ أو الوذيم ـ بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن
عامر بن بام بن عنس ابن مالك بن أدد بن زيد العنسي المذحجي ...، وقال بعضهم: ابن
عبس ـ بالباء الموحدة ـ نسبة إلى عبس القبيلة المشهورة، ومنهم من قال: ياسر بن
مالك فأسقط عامراً، وقال بعضهم عامر بن عنس فأسقط باماً، والاَوّل هو المشهور عن
المحققين.
فهو
عربي صميم ولد في مكّة ونشأ فيها بين حلفائه بني مخزوم، ويظهر أنَّه ليس في مكان
ولادته خلاف، فقد ولد في مكة، وليس لدينا من النصوص ما نتبيّـن به نشأته والتعرّف
عليه واستبطان حقائقه في جاهليته، حتى ولا إلمامات بسيطة نستعين بها على كشف حاله
في ذلك العصر المضطرب الذي اشتدّ فيه التنافس في نعيم الحياة، والتكاثر في المال،
والمفاخرة في الاَنساب.
رافق
النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في جهاده
من غزواته الاَُولى إلى آخر الغزوات، وقد أبلى البلاء الحسن وعرف بمواقفه الصلبة
ودفاعه عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولمّا
انتقل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق
الاَعلى كان أحد الاَركان الذين لاذوا بآل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
واعتصموا بحبلهم ، فلم يفارق أمير الموَمنين (عليه السلام)
بل لزمه معترفاً أنّ الخلافة له وأنَّه صاحبها الشرعي الموصى له بها وبقي وفياً له
ملازماً لطريقه.
وسمع
عمّـار بن ياسر (رضي اللّه عنه) يقول عند توجهه إلى صفين تلك المعركة التي دارت
رحاها بين الحقّ والباطل بين الخليفة الشرعي أمير الموَمنين عليّ (عليه السلام)
وبين الطاغية معاوية: اللّهمّ! لو أعلم أنَّه أرضى لك أن أرمي بنفسي من فوق هذا
الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنَّه أرضى لك أن أوقد لنفسي ناراً فأقع فيها لفعلت،
وإنّي لا أُقاتل أهل الشام إلاّ وأنا أُريد بذلك
===============
( 117 )
أنصب لكم إماماً يكون وصيّي فيكم، وخليفتي في أهل بيتي وفي أُمّتي من
بعدي، والذيفرض اللّه طاعته على الموَمنين في كتابه وأمركم فيه بولايته، فقلت: يا
ربِّ!
____________
بني
خطمة ـ بيده يوم الفتح، وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير الموَمنين (عليه السلام)
، وممّن أنكر على أبي بكر تقدّمه على عليٍّ (عليه السلام)
.
قال
عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني: ومن غريب ما وقفت عليه من العصبية القبيحة
أنَّ أبا حيان التوحيدي قال في كتاب «البصائر»: أنَّ خزيمة بن ثابت المقتول مع
عليٍّ (عليه السلام) بصفّين ليس هو ذو الشهادتين، بل آخر
من الاَنصار صحابي اسمه ـ خزيمة بن ثابت ـ وهذا خطأ، لاَنّ كتب الحديث والنسب تنطق
بأنّه لم يكن في الصحابة من الاَنصار ولا من غير الاَنصار مَنْ اسمه ـ خزيمة بن
ثابت ـ إلاّ ذو الشهادتين، وإنّما الهوى لا دواء له، على أنَّ الطبري صاحب التاريخ
قد سبق أبا حيان بهذا القول، ومن كتابه نقل أبو حيان.
والكتب
الموضوعة لاَسماء الصحابة تشهد بخلاف ما ذكراه، ثم أي حاجة لناصري أمير الموَمنين (عليه السلام)
أن يتكثروا بخزيمة، وأبي الهيثم، وعمّـار وغيرهم لو أنصف الناس هذا، ورأوه بالعين
الصحيحة لعلموا أنّه لو كان وحده وحاربه الناس كلّهم أجمعون لكان على الحق، وكانوا
على الباطل (انتهى كلامه).
وكانت
وقعة صفّين في سنة (37هـ)، وقتل خزيمة مع أمير الموَمنين (عليه السلام)
في الواقعة المعروفة ـ بوقعة الخميس ـ في الوقائع.
والخطمي
ـ بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وفي آخرها ميم ـ نسبة إلى بطن من
الاَنصار وهم بنو خطمة بن جشم بن مالك بن الاَوس بن حارثة ينسب إليهم جماعة من
الصحابة.
===============
( 118 )
خشيت(1) طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني لاَُبلّغنّها
أو ليعاقبني.
أيّها
النّاس! إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أمركم في كتابه بالصَّلاة، وقد بيّنتها لكم وسننتها
لكم، والزكاة والصوم، فبيّنتهما لكم وفسّـرتهما، وقد أمركم اللّه في كتابه
بالولاية، وإنّـي أُشهدكم أيُّها الناس! إنّها خاصّة لهذا ولاَوصيائي من ولدي
وولده، أوّلهم ـ ابني الحسن، ثمَّ الحسين، ثُمَّ تسعة من ولد الحسين، لا يفارقون
الكتاب حتّى يردوا عليَّ الحوض.
يا
أيُّها الناسُ! إنِّي قد أعلمتكم مفزعكم بعدي، وإمامكم ووليّكم وهاديكم
____________
(1)
كذا والقياس: «أخشى».
===============
( 119 )
بعدي، وهو عليُّ بن أبي طالب أخي وهو فيكم بمنزلتي، فقلّدوه دينكم
وأطيعوه في جميع أُموركم، فإنَّ عنده جميع ما علَّمني اللّه عزَّ وجلَّ، أمرني
اللّه عزَّ وجلَّ أن أُعلّمه إيّاه (1) وأن أعلمكم أنّه عنده، فسلوه
وتعلّموا منه ومن أوصيائه، ولا تعلّموهم ولا تَتَقدَّموا عليهم، ولا تَتَخلَّفوا
عنهم فإنَّهم مع الحقِّ والحقّ معهم، لا يزايلهم ولا يزايلونهُ.
ثمَّ
قال عليٍّ ـ صلوات اللّه عليه ـ لاَبي الدرداءِ وأبي هريرة، ومن حوله: يا أيُّها النّاس
أتعلمون أنَّ اللّه تبارك وتعالى أنزل في كتابه "إنَّما
يُريد اللّهُ ليُذهِبَ عنكم الرّجسَ أهْلَ البيتِ وُيطهِّركُمْ تَطهيرا"
(2)فجمعني رسول اللّه وفاطمة والحسن والحسين في كساءٍ، ثمَّ قال:
«اللّهمّ هوَلاء أحبَّتي وعترتي [وثقليج وخاصَّتي (3) وأهل بيتي فاذهب
عنهم الرِّجس وطهِّرهم تطهيرا» فقالت أُمّ سلمة: وأنا، فقال (صلى الله عليه
وآله وسلم) لها: «وأنتِ إلى خيْـرٍ، إنّما أُنزلت فيّ وفي أخي عليٍّ وفي ابنتي
فاطمة وفي ابني الحسن والحسين و[في] تسعة من ولدِ الحسين خاصَّة، ليس فيها معنا
أحد غيرنا» فقامَ جلُّ الناس فقالوا: نشهد أنَّ أُمَّ سلمة حدَّثتنا بذلك، فسألنا
رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فحدَّثنا
كما حدَّثتنا أُمّ سلمة.
فقال
عليُّ (عليه السلام) : ألستُم تعلمون أنَّ اللّه عزَّ
وجلَّ أنزلَ في سورةِ الحجِّ "يا أيُّها
الَّذين آمنوا اركَعوا واسجدوا واعْبُدُوا رَبَّكم وافْعَلُوا الخيْـرَ لَعَلَّكم
تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا في اللّهِ حقَّ جِهادهِ هو اجْتباكُمْ وَمَا جَعَلَ
عَلَيْكُمْ في الدِّينِ من حَرَجٍ مِلَّةَ أبيكُمْ إِبراهيم هُوَ سمَّـاكُمْ
المسْلِمينَ مِنْ قَبلُ وفي هذا (4)لِيَكونَ الرَّسُولُ شَهيداً
عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ
____________
(1)
في بعض النسخ: «أن أُعلِّمه جميعَ ما عَلَّمني اللّهُ عزَّ وجلَّ».
(2)
الاَحزاب : 33.
(3)
في بعض النسخ: «وحامتي بدل وخاصتي».
(4)
اجتباكم: أي اصطفاكم واختاركم، والحرج: الضيق، وقوله تعالى: (ملّة) ـ نصب على
المصدر لفعل دلَّ عليه مضمون ما قبلها بحذف المضاف، أي وسع دينكم توسعة ملّة
إبراهيم، والمراد ـ دينه، فإنّ ملَّة إبراهيم داخلة في دين محمّد (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، وقال تعالى: (أبيكم) لاَنّ أكثر العرب أو
الاَئمّة (عليهم السلام) من ذريَّة إبراهيم (عليه السلام)
، (هو سمّـاكم) ـ أي اللّه تعالى، أو إبراهيم (عليه السلام)
لقوله: (ومن ذريتنا أُمَّة مسلمة لك) وقوله تعالى: (من قبل) ـ يعني في الكتب
المتقدِّمة، (وفي هذا) ـ أي في هذا الكتاب.
===============
( 120 )
على النَّاسِ" فقام سلمان ـ رضي
اللّه عنه ـ عند نزولها فقال: يا رسول اللّه مَنْ هوَلاء الذين أنت شهيدٌ عليهم
وهم شهداء على الناسِ الَّذين اجتباهم اللّهُ ولم يجعل عليهم في الدين من حرجٍ
ملَّة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : «عنى
اللّهُ تعالى بذلك ثلاثة عشر إنساناً: أنا وأخي عليّاً وأحَدَ عشَـرَ مِنْ ولده»؟
فقالوا: اللَّهمّ نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم
.
فقال
عليٌّ (عليه السلام) : أُنشدكم بِاللّهِ أَتَعْلَمُونَ
أنَّ رسُولَ اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم قامَ خَطِيباً ثُمَّ لم يخطب
بعد ذلك فقال: «أيُّها الناس إِنّـي قد تَرَكْتُ فيكم أمرين (1)لن
تَضِلّوا ما [إِنْ] تَمَسّكْتُمْ بِهِما، كِتابَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَهْلَ
بَيْتي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الخبير قَد أَخْبَرَني وَعَهِدَ إِليّ أنَّهما لن
يفترقا (2)حتى يرِدا عليَّ الحوضَ» ؟ فقالوا: [نعم] اللّهمّ قد شهدنا (3)ذلك
كلُّهُ من رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ، فقام اثنا عشر رجلاً من
الجماعة فقالوا: نشهدُ أنَّ رسولَ اللّهِ حين خطب في اليوم الذي قُبض فيه قام عمر
بن الخطاب شِبه المُغضبِ فقال: يا رسول اللّه لكلِّ أهل بيتك؟ فقال: «لا، ولكن
لاَوصيائي منهم: علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أُمّتي ووليّ كل موَمن بعدي،
وهو أوَّلهم وخيرهم، ثمَّ وصيّه بعده ابني هذا وأشار إلى الحسن، ثمَّ وصيّه [ابني]
هذا وأشار إلى الحسين، ثمَّ وصيّه ابني بعده سميِّ أخي، ثُمَّ وصيِّه بعدهُ
سميِّي، ثُمَّ سبعة من ولده واحد بعد واحدٍ حتى يردوا عليَّ الحوض، شُهداء اللّه
في أرضه وحُججه على خلقه، من أطاعهم أطاع اللّه ومن عصاهم عصى اللّه».
فقام
السَّبعون البدريّون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكرتمونا ما كُنّا نسيناه نشهد
أنّا قد كنّا سمعنا ذلك من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
.
فانطلق
أبو الدرداء وأبو هريرة فحدَّثا معاوية بكلِّ ما قال عليٌّ (عليه السلام)
وما استشهد عليه، وما ردَّ عليه الناسُ وشهدُوا به» (4)
____________
(1)
في بعض النسخ: «فيكم ثقلين».
(2)
في بعض النسخ: «لا يفترقان».
(3)
في بعض النسخ: «فقالوا: اللّهمّ نعم قد شهدنا».
(4)
غيبة النعماني: 68ـ 73، منتخب الاَثر: 79 مختصراً.
===============
( 121 )
4ـ
عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم،
عن حنان بن السرّاج، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت جنازة
أبي بكر يوم مات، وشهدت عمر حين بويع وعليٌّ (عليه السلام)
جالسٌ ناحية فأقبل غلامٌ يهوديٌ جميل [الوجه] بهيٌّ، عليه ثياب حسان، وهو من ولد
هارون حتّى قام على رأس عمر فقال: يا أمير الموَمنين! أنت أعلم هذه الاَُمّة
بكتابهم وأمر نبيّهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إيّاك أعني وأعاد عليه القول،
فقال له عمر: لم ذاك؟ قال: إنّـي جئتك مرتاداً لنفسي، شاكاً في ديني، فقال: دونك
هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا عليٌّ بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) وهذا زوج فاطمة بنت رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم .
فأقبل
اليهوديُّ على عليٍّ (عليه السلام) فقال: أكذاك أنت؟
قال:
«نعم».
قال:
إنّي أُريدُ أن أسألكَ عن ثلاث وثلاث وواحدة.
قال:
فتبسّم أمير الموَمنين (عليه السلام) من غير تبسّم، وقال: «يا هاروني!
ما منعك أن تقول سبعاً»؟
قال:
أسألك عن ثلاث فإنْ أجبتني سألت عمَّـا بعدهن، وإن لم تعلمهنّ علمتُ أنَّه ليس
فيكم عالم.
قال
عليٌّ (عليه السلام) : «فإنّي أسألك بالاِله الذي تعبده
لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني»؟
قال:
ما جئت إلاّ لذاك.
قال:
«فسل».
قال:
أخبرني عن أوّل قطرة دم قطرت على وجه الاَرض أي قطرة هي؟ وأوَّل عين فاضت على وجه
الاَرض أي عين هي؟ وأوَّل شيء اهتز على وجه الاَرض أي شيء هو؟
===============
( 122 )
فأجابه
أمير الموَمنين (عليه السلام) فقال له: «أخبرني عن الثلاث
الاَُخر، أخبرني عن محمّدكم له من إمام عدل؟ وفي أي جنّة يكون؟ ومن ساكنه (مساكنه)
معه في جنّته؟
فقال:
«يا هاروني! إنَّ لمحمّد اثني عشر إمام عدل، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ولا
يستوحشون بخلاف من خالفهم، وإنَّهم في الدين أرسب (أرسى) من الجبال الرواسي في
الاَرض، ومسكن محمد في جنّته معه أُولئك الاِثنا عشر الاِمام العدل».
فقال:
صدقت واللّه الذي لا إله إلاّ هو إنّي لاَجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده،
وإملاء موسى عمّي (عليهما السلام) (1)
____________
(1)
الكافي: 1|529ـ 530، وفي 1|531ـ532ـ محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن مسعدة
ابن زياد، عن أبي عبد اللّه، ومحمّد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني،
عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت حاضراً لمّا هلك أبو بكر
واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة: أنّه أعلم أهل
زمانه، حتى رُْْفع إلى عمر، فقال له: يا عمر! إني جئتك أُريد الاِسلام، فإن
أخبرتني عمّـا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمّد بالكتاب والسنّة وجميع ما أُريد أن
أَسأل عنه.
قال:
فقال له عمر: إنّي لست هُناك لكني أُرشدك إلى مَنْ هو أعلم أُمّتنا بالكتاب
والسنَّة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك ـ فأومأ إلى عليّ (عليه السلام)
ـ قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة.
فقال
له عليٌّ (عليه السلام) : «يا يهودي! ولم لم تقل: أخبرني عن
سبع»؟
فقال
له اليهودي: إنَّك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلاّ كففت، فإن أنت
أجبتني في هذه السبع فأنت أعلمُ أهل الاَرض وأفضلهم وأولى الناس بالناس.
فقال
له: «سل عما بدا لك يا يهودي».
قال:
أخبرني عن أوَّل حجر وضع على وجه الاَرض؟ وأوَّل شجرة غرست على وجه الاَرض؟ وأوَّل
عين نبعت على وجه الاَرض؟
فأخبره
أمير الموَمنين (عليه السلام) ، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه
الاَُمّة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمّد أين منزله في الجنّة؟
وأخبرني مَنْ معه في الجنَّة؟
فقال
له أمير الموَمنين (عليه السلام) : «إنّ لهذه الاَُمّة اثني عشر إمام
هدى من ذرية نبيّها، وهم منّي، وأمّا منزل نبيّنا في الجنَّة ففي أفضلها وأشرفها
جنَّة عدنٍ، وأمّا مَنْ معه في منزله فيها فهوَلاء الاثنا عشر من ذريته، وأُمّهم
وجدتهم وأُمّ أُمّهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد»، غيبة الطوسي: 97ـ 98 ـ كما في
رواية الكافي الثانية بتفاوت يسير، بسنده إلى الكليني ثم بسنده الثاني، إثبات
الهداة: 1|458ـ آخره ـ عن رواية الكافي الثانية، وقال: ورواه الشيخ في كتاب
الغيبة، النعماني: 97ـ99 ـ أخبرنا أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال:
حدَّثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الاَشعري من كتابه، قال:
حدَّثنا إبراهيم بن مهزم، قال: حدَّثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي
يحيى المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال: قالا: ـ كما
في رواية الكافي الثانية بتفاوت، إعلام الورى: 367ـ عن رواية الكافي الثانية، وفي:
367ـ369ـ عن رواية الكافي الاَُولى، وفي سنده: حيّان بدل حنان، كمال الدين:
1|294ـ296ـ قريباً ممّا في النعماني، بسند آخر عن أبي الطفيل، وفي 297ـ299ـ
بمعناه، بسند آخر عن إبراهيم بن يحيى المديني، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)
، وفي: 299ـ 300، كما في رواية الكافي الاَُولى، بسند آخر عن أبي الطفيل، وفي: 300
ـ مختصراً، كما في إثبات الوصية بتفاوت يسير، بسند آخر عن أبي يحيى المديني، عن
أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، وفي : 300ـ 302 ـ كما في النعماني
بتفاوت، بسند آخر عن صالح بن عقبة، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام)
، العوالم: 15|246 ـ عن رواية كمال الدين الثالثة، وفي: 248ـ249 ـ عن غيبة الطوسي،
وفي: 251ـ بعضه ـ عن الخصال، والعيون، وأشار إلى مثله عن الاحتجاج، ينابيع
المودّة: 2|443ـ كما في رواية كمال الدين الاَُولى بتفاوت يسير، عن المناقب، إثبات
الوصية: 228ـ229 ـ قريباً ممّا في رواية الكافي الاَُولى، بسند آخر عن إبراهيم بن
أبي يحيى المزني، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)
، الاحتجاج: 1|226ـ227ـ كما في رواية كمال الدين الاَُولى بتفاوت، مرسلاً عن صالح
بن عقبة، عن الصادق (عليه السلام) ، البحار: 36|374ـ 381 ـ عن روايات
كمال الدين الخامسة والثانية والثالثة والرابعة، وعن روايتي إعلام الورى، وعن غيبة
الطوسي، الخصال: 2|476ـ477ـ كما في رواية كمال الدين الخامسةـ متناً وسنداًـ
بتفاوت يسير، منتخب الاَثر: 62 ـ عن ينابيع المودَّة، عيون أخبار الرضا: 1|52ـ54ـ
كما في الخصال ـ سنداً ومتناًـ، كشف الغمّة: 3|296 ـ عن رواية إعلام الورى
الاَُولى.
===============
( 123 )
5ـ
وبإسناده (أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد
الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصليِّ، عن رجالهم) عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن
أبان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: (وأخبرنا به من غير هذه الطرق، هارون ابن محمد
قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّـى الهمداني، قال: حدَّثني
===============
أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال: حدَّثنا عبد اللّه بن المبارك ـ شيخ لنا كوفي ثقة ـ عن عبد الرزاق بن همّام، عن معمر بن راشدٍ، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، قال: قال عليٌّ بن أبي طالب (عليه السلام) : «مررت يوماً برجلٍ ـ سمّـاه لي ـ فقال: ما مثلُ محمّد إلاّ كمثل نخلةٍ نبتتِ في كباةٍ (1) فأتيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت ذلك لهُ، فغَضِبَ رَسُولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وخَرَجَ مُغضِباً وأتى المنبر ففرِغَت الاَنصار إلى السِّلاح (2) لما رأوا من غَضَبِ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال: فما بالُ أقوامٍ يُعَيِّروني بقَرابَتي وَقَد سَمِعُوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل اللّهِ تعالى إيّاهم وما اختصّهم بهِ من إذهاب الرِّجسِ عنهم وتطهير اللّهِ إيّاهم؟ وقد سمعوا ما قلته في فضل أهلِ بيتي ووصييِّ وما أكرمه اللّه به وخصَّهُ وفضَّلهُ من سبقه إلى الاِسلام، وبلائهِ فيه، وقرابته منِّي، وأنَّه منِّي بمزلة هارون من موسى، ثُمَّ يَمرُّ بهِ فَزَعَمَ أنَّ مَثَلِي في أهْلِ بَيتي كَمَثَلِ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ في أَصْلِ حُشٍّ؟ (3)ألا إنَّ اللّه خَلَقَ خَلْقَهُ وفَرَّقَهُم فِرْقَتَينِ فَجَعَلَني في خَيْـرِ الفِرْقَتَين، وفَرَّقَ الفِرْقَةَ ثلاث شُعبٍ فَجَعَلَني في خيرها شَعباً وخيْـرها قبيلةً، ثُمَّ جعلهم بيوتاً، فَجَعَلَني في خَيْـرها بَيْتَاً حَتّى خَلَصْتُ في أَهْلِ بَيْتي وَعِترَتي وَبَني أبي (4)أنا وأخي علي بن أبي طالب، نَظَرَ اللّهُ [سُبحانه] إلى أَهلِ الاَرضِ نظرة واختارني منهم، ثُمَّ نَظَرَ نَظْرَةً فاختار علياً أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أُمّتي، وَوَلِيَّ كُلِّ مُوَمنٍ بَعْدي، من والاه فقد والى اللّه، ومن عاداه فقد عادى اللّه (5) ومن أحبَّهُ أحبَّهُ اللّهُ، ومن أبْغَضَهُ أبغَضَهُ اللّهُ، لا يُحِبُّهُ
تتمة
____________
(1)
الكباة: المزبلة والكناسة والتراب الذي يكنس من البيت، قال الزمخشري في «فائقه»:
الكبا ـ الكناسة وجمعه أكباء، وساق الكلام إلى أن قال: ومنه الحديث: إنَّ أُناساً
من الاَنصار قالوا له: إنّا نسمع من قومك: إنَّما مثل محمَّد كمثل نخلة نبتت في
كبا ـ وهي بالكسر والقصرـ: الكناسة.
(2)
فرغ إليه: إذا عمد وقصد، ويمكن أن يكون ـ بالزاي المعجمة والعين ـ كما في بعض
النسخ وهو أنسب، وفزع إليه: أي استغاث واستنصر به وألجأ إليه.
(3)
الحش ـ بالتثليث ـ: البستان، وقيل: النخل، ويكنى به عن المخرج لما كان من عادتهم
أن يقضوا حاجتهم في البساتين.
(4)
يعني به جدِّه عبد المطلب.
(5)
في بعض النسخ: «من والاه والاه اللّه، ومن عاداه عاداه اللّه».
===============
( 125 )
إلاّ
كُلُّ مُوَمِنٍ ولا يُبْغِضُهُ إلاّ كُلُّ كافِرٍ، هُوَ زِرُّ الاَرضِ بعد وسكّها (1)وهو
كلمة التَّقوى، وعروة اللّه الوثقى، "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِم وَيَأبى
اللّهُ إلاّ أن يُتِمَّ نُورَهُ"
يُرِيدُ أعداءُ اللّهِ أن يُطفِئُوا نُورَ أخي ويأبى اللّه إلاّ أن يُتِمَّ
نُورَهُ، أيُّها النَّاس لِيُبَلّغْ مَقالَتي شاهِدُكُمْ غائِبَكُمْ، اللّهمّ
اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إنّ اللّهَ نَظَرَ نَظْرَةً ثالثةً فاختار أهل بيتي من
بعدي وهم خيار أُمّتي: أحدَ عَشَـرَ إماماً بعد أخي واحداً بعد واحدٍ، كُلَّما
هَلَكَ واحدٌ قامَ واحد، مَثَلُهُمْ في أُمّتي (2)كَمَثَلِ نُجُومِ
السَّماءِ، كُلَّما غابَ نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ، إِنَّهُمْ أئمَّة هداةٌ مهديُّون، لا
يَضُـرُّهُمْ كَيْدُ من كادَهُمْ، ولا خِذلانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، بَلْ يَضرّ اللّهُ
بِذلِكَ مَنْ كادَهُمْ وَخَذَلَهُم، هُمْ حُجَجُ اللّهِ في أَرْضِهِ، وشُهداوَُهُ
على خلقِهِ (3)مَنْ أطاعَهُمْ أَطاعَ اللّهَ، وَمَنْ عصاهُم عَصَـى
اللّهَ، هُمْ مَعَ القُُرآنِ، والقُرآنُ مَعَهُمْ لا يُفارِقُهُمْ ولا
يُفارِقُونَهُ حَتَّى يَرِدُوا عليَّ حَوضي، وَأوَّلُ الاَئمَّةِ أخي عَليٌّ
خَيْـرُهُمْ ثُم ابني حَسَنٌ، ثُمَّ ابني حسينٌ، ثمَّ تسعةٌ من وُلْدِ الحُسَينِ ـ
وذكر الحديث بطوله» (4)
6ـ
أبان عن سُلَيْم، قال: قلت: يا أمير الموَمنين إنّـي سمعت من سلمان والمقداد وأبي
ذر شيئاً من تفسير القرآن، ومن الرواية عن النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم
ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن
ومن الاَحاديث عن
____________
(1)
قال في «النهاية»: في حديث أبي ذر يصف عليّاً: وإنَّه لعالم الاَرض وزرها الذي
تسكن إليه ـ أي قوامها، وأصله من زر القلب وهو عُظيم صغير يكون قوام القلب به،
وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان ـ انتهى.
وزر
الاَرض ـ بتقديم المعجمة المكسورة على المهملة المشددة ـ و«العالم» ـ بكسر اللام ـ
فاعل من العلم، وفي خبر آخر عن أبي جعفر (عليه السلام)
رواه الشيخ ـ رحمه اللّه ـ في الغيبة: «يا عليُّ! أنتَ رز الاَرض» ـ بتقديم
المهملة على المعجمة، وقال (عليه السلام) : «أعني
أوتادها وجبالها» ولعلَّ النسخة مصحفة والاَصل: «زر الاَرض» كما هنا، والسك: أن
تشدد الباب بالحديد.
(2)
في بعض النسخ، وفي البحار: «في أهل بيتي».
(3)
في بعض النسخ: «وهم حجج اللّه على خلقه في أرضه وشهداوَه عليهم».
(4)
غيبة النعماني: 83 ـ 84 ، البحار: 46|278.
===============
( 126 )
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تخالف
الذي سمعته منكم وأنتم تزعمون أنّ ذلك باطل، أفترى يكذبون على رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) معتدين ويفسّـرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل عليّ (عليه السلام)
، فقال لي:
«يا
سُلَيْم قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الجَوابَ، إِنَّ في أيْدي النَّاسِ حَقَّاً
وباطِلاً، وَصِدقاً وكذباً، وناسِخاً وَمَنْسوخَاً، وخاصّاً وعامّاً، ومُحْكَماً
ومُتشابِهاً، وَحِفظاً وَوَهماً، وقد كُذِبَ على رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه
وآله وسلم) عَلَى عَهدِهِ حَتَّى قامَ خطيباً فقال: أيُّها النّاسُ قَد كَثرت
عليَّ الكذّابة، فمن كذب عليَّ مُتعمِّداً فليتبوَّأ مقعدَهُ من النّارِ، ثُمَّ
كُذِبَ عَلَيهِ من بعدِهِ حينَ تُوفِّي رَحمةُ اللّه على نبيِّ الرحمة وصَلَّى
اللّه عليهِ وآلِه. وإِنَّما يأتيك بالحديث أربعةُ نفرٍ ليس لهم خامس: (رَجُلٌ)
منافقٌ مُظْهِرٌ للاِيمان مُتَصَنِّعٌ بالاِسلام، لا يتأثَّم ولا يَتَحَرَّج أن
يكذبَ على رسُولِ اللّهِ مُتَعَمِّداً، فَلَو عَلِمَ المسْلِمُونَ أَنَّهُ
مُنافِقٌ كَذَّابٌ لمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، ولَكِنَّهُمْ
قالُوا هذا صاحِبُ رَسُّولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)
رآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ لا يَكْذِبُ ولا يَسْتَحِلُّ الكِذْبَ عَلَى رَسُولِ
اللّهِ، وَقَدْ أَخْبَـرَ اللّهُ عن المُنافقينَ بما أَخْبَـرَ وَوَصَفَهُمْ بِما
وَصَفَهُمْ فَقَالَ (اللّهُ) عَزَّ وجَلَّ: "وَإِذا
رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ"
ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ وَتَقَرَّبُوا إلى أئمَّة الضَّلالِ والدُّعاة إلى النار
بالزورِ والكِذْبِ والبُهْتَانِ، فَوَلَّوهُمْ الاَعمالَ وحَمَلُوهُمْ على رِقَابِ
النَّاسِ، وَأَكَلُوا بهِِمُ الدُّنيا، وإنّما النّاسُ مَعَ الملوكِ (و) الدُّنيا
إلاّ مَنْ عَصَمَ اللّهُ، فَهذا أوَّلَ الاَرْبعَةِ. وَرَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ
اللّهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ على وجهِهِ وَوَهِمَ فيهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ كِذْباً،
وَهُوَ في يَدِهِ يَرْوِيهِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَقُولُ أنا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ
اللّهِ، فَلَوْ عَلِمَ المُسْلِمُونَ أنَّه وَهِمَ لم يَقْبَلُوا، وَلَو عَلِمَ
هُوَ أنَّهُ وَهمٌ لَرَفَضَهُ. ورَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ
شَيْئاً أَمَرَ بِِهِ، ثُمَّ نَهى عَنْهُ وَهْوَ لا يَعْلَمُ، أو سَمِعَهُ نَهى
عَنْ شَيءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، حَفِظَ المَنسُوخَ وَلَمْ
يَحفِظَ النّاسِخَ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ
المُسْلِمُونَ أنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ، وَرَجُلٌ رابِعٌ لَمْ يَكْذِبْ عَلَى
اللّهِ وَلا عَلى رَسُولِ اللّهِ، بُغْضاً لِلكذبِ وَتَخَوُّفاً مِنَ اللّهِ
وَتَعظيماً لِرَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ولَمْ يوهمْ، بَلْ حَفِظَ ما سَمِعَ
عَلَى وجْهِهِ فَجَاءَ بِهِ كَما سَمِعَهُ وَلَمْ يَزد فِيهِ ولَمْ يَنْقُصْ،
وَحَفِظَ النّاسِخَ مِنَ المنسُوخِ فَعَملَ بِالنّاسِخِ وَرَفَضَ المنسُوخَ. وإنَّ
أمْرَ رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَنَهْيهُ
مِثْلُ القُرْآنِ نَاسِخٌ وَمَنسوخٌ وَعامٌّ وخاصٌّ ومُحكَمٌ
===============
( 127 )
ومُتَشابه، وَقَدْ كانَ يَكونُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه
وآله وسلم) الكَلامُ لَهُ وَجْهانِ، كَلامٌ خاص وَكَلام عامّ مِثلُ القُرْآنِ
يَسْمَعَهُ مَنْ لا يَعْرِف مَا عَنَى اللّهُ وما عَنى بهِ رَسُولُ اللّهِ.
وَلَيسَ كُلُّ أصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ كانَ يَسْأَلُهُ فَيَفْهَمُ، وَكَانَ
مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ ولا يَسْتَفْهِمُ، حَتَّى أن كانُوا يُحِبّونَ أنْ
يَجيءَ الطارِيءُ وَالاَعرابيُّ فَيَسألَ رَسُولَ اللّهِ حَتَّى يَسْمَعُوا
مِنْهُ، وَكُنْتُ أدْخُلُ عَلى رَسُولِ اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم
كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً وكُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً، فَيُخلِينِي فيها أدُورُ مَعَهُ
حَيْثُ دَارَ، وَقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ أنَّهُ لَم يَكُنْ يَصْنَعُ
ذَلِكَ بِأََحَدٍ غَيْـرِي، وَرُبَّما كانَ ذلِكَ في منزلي فإذا دَخَلتُ علَيْهِ
في بَعْضِ منازِلِه خلا بي وأقامَ نساءَهُ فَلَمْ يَبْقَ غَيْـري وَغَيْـرُهُ،
وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تَقُمْ من عِندنا فاطمة ولا أحدٌ من ابنيَّ، إذا
أسألُهُ أجابني، وإذا سكتُّ أو نَفِدَتْ مسائِلِي ابْتَدَأَني، فَما نَزَلَتْ
عَلَيْهِ آيَةٌ من القُرْآنِ إلاّ أقْرَأَنِيها وأملاها عَلَيَّ فَكَتَبْتُها
بِخَطِّي، وَدَعا اللّهَ أنْ يُفْهِمَني إيَّاها وَيُحَفِّظني، فَما نَسِيتُ آيَةً
مِنْ كِتابِ اللّهِ مُنْذُ حَفِظتُها، وَعَلَّمَني تَأوِيلَها فَحَفِظْتُهُ
وَأمْلاهُ عَلَيَّ فَكَتَبْتُهُ، وَما تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللّهُ مِنْ حَلالٍ
وَحَرامٍ، أو أمرٍ ونَهْيٍ أو طاعةٍ وَمَعصيَةٍ كانَ أوْ يَكُونُ إلى يوْمِ
القيامَةِ إلاّ وقدْ عَلَّمنيه وحَفِظْتُهُ، وَلم أنْسَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً،
ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ علَى صَدْرِي وَدَعَا اللّهَ أن يَمْلاَ قَلْبي عِلْماً
وَفهْماً وَفِقهاً وَحكماً ونُوراً، وأنْ يُعَلِّمني فلا أجْهَل، وأنْ يُحَفّظَني
فَلا أنْسى، فَقُلْتُ لَهُ ذاتَ يَوْمٍ: يَا نَبِيَّ اللّهِ إِنَّكَ مُنْذُ يَوْمِ
دَعَوْتَ اللّهَ لي بما دَعَوْتَ لَـمْ أنْسَ شَيْئاً ممّا عَلَّمْتَني، فَلِمَ
تُمْلِيهِ عَلَيَّ وَتَأمُرُني بِكِتابَتِهِ، أَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيانَ؟
فَقَالَ: يَا أَخِي لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسْيانَ ولا الجَهْلَ، وَقَدْ
أَخْبَـرَنِيَ اللّهُ أنَّهُ قَدْ اسْتَجَابَ لِي فِيكَ، وَفي شُـرَكائِكَ
الَّذِينَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ، قُلْتُ يا نَبِيَّ اللّهِ وَمَنْ شُـرَكائِي؟
قَالَ الَّذِينَ قَرَنهمُ اللّهُ بِنَفْسهِِ وَبي مَعَهُ، الَّذِينَ قَالَ في
حَقِّهم: "يا أيُّها الَّذين آمَنُوا أطِيعوا
اللّهَ وأطيعُوا الرَّسُولَ وأُولي الاَمْرِ مِنْكُمْ فَإنْ تَنازَعْتُمْ في
شَيْءٍ فَرِدُّوهُ إلى اللّهِ والرَّسُولِ"
قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللّهِ وَمَنْ هُمْ (هنا سقط) الاَوْصياء إلى أنْ يَرِدُوا
عَلَيَّ حوضِي، كُلُّهُمْ هادٍ مهْتَدٍ، لا يَضُـرُّهُمْ كَيْدُ مَنْ كادَهُمْ ولا
خِذْلانَ مَنْ خَذَلَهُمْ، هُمْ مَعَ القُرْآنِ وَالقُرآنُ مَعَهُمْ لا
يُفَارِقُونَهُ ولا يُفارِقُهُمْ، بِهِمْ يَنْصِـرُ اللّهُ أُمَّتي وَبِهِم
يُمْطرُونَ وَيُدْفَعُ عَنْهُمْ بِمُسْتَجابِ دَعْوَتِهمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللّهِ سَمِّهمِ لي، فَقالَ: ابني هذا وَوَضَعَ
===============
( 128 )
يَدَهُ عَلَـى رأسِ الحَسَـنِ، ثُمَّ ابني هذا وَوَضَعَ يَدَهُ
عَلَـى رَأسِ الحُسين، ثُمَّ ابن ابني هذا وَوَضَعَ يَدَهُ على رَأْسِ الحُسَـينِ،
ثُمَّ ابنٌ لَهُ عَلَى اسمِي اسمُهُ مُحَمَّدٌ، باقِرُ عِلْمي وَخازِنُ وَحي
اللّهِ، وَسَيُولَد عليٌ في حَياتِكَ يا أَخي فَأقْرأْهُ مِنّي السَّلام، ثُمَّ
أقْبَلَ عَلَى الحُسَيْن فَقَالَ سَيُولَدُ لَكَ مُحَمَّدُ بْن عليٍّ في حياتك
فَاقرأهُ مِنّي السَّلام، ثُمَّ تَكْمِلَةُ الاثني عَشَـر إِماماً مِنْ وُلْدِكَ
يا أخِي. فَقُلْتُ يا نَبيَّ سَمِّهم لي، فَسَمّـاهُمْ لي رَجُلاً رَجُلاً مِنهُمْ
واللّهُ ـ يا أخا بَني هلالٍ ـ مهديُّ هذه الاَُمّة الَّذي يملوَ الاَرضَ قِسطاً
وعدلاً كما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً.واللّهِ إنّـي لاَعْرِفُ جَمِيعَ مَنْ
يُبايِعُهُ بَيْـنَ الرُّكْنِ والمَقامِ وَأعرِفُ أسْماءَ الجَمِيعِ
وَقَبائِلَهُمْ» (1)
____________
(1)
سليم بن قيس: 103ـ 108، (قال سليم): ثم لقيت الحسن والحسين ـ صلوات اللّه عليهماـ
بالمدينة بعد ما قتل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ فحدثتهما بهذا الحديث عن
أبيهما فقالا: صدقت قد حدّثك أبونا علي بهذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن
رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم كما حدّثك أبونا سواء لم يزد ولم ينقص.
(قال
سليم): ثمّ لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده ابنه
محمّد بن علي ـ عليهما السلام ـ فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي
فقال علي بن الحسين: قد أقرأني أمير الموَمنين عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله
وسلم) وهو مريض وأنا صبي، ثم قال محمّد : وقد أقرأني جدي الحسين من رسول
اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مريض
السلام (قال أبان) فحدثت علي بن الحسين بهذا كلّه عن سليم فقال صدق سليم، وقد جاء
جابر بن عبد اللّه الاَنصاري إلى ابني وهو غلام يختلف إلى الكتاب فقبّله وأقرأه من
رسول اللّه السلام (قال أبان) حججت فلقيت أبا جعفر محمّد بن علي فحدثته بهذا
الحديث كلّه لم أترك منه حرفاً فاغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم قد أتاني بعد قتل
جدي الحسين (عليه السلام) وأنا قاعد عند أبي فحدثني بهذا
الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت قد حدّثك أبي بهذا الحديث عن أمير الموَمنين ونحن
شهود، ثم حدثاه ما هما سمعا من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)،
البحـار: 2|228 ـ 230، و36|273 ـ 276، 92|98 ـ 100، إثبات الهداة: 1|664،
الاحتجاج: 1|264، الصافي: 1|19 ـ بعضه، الاِمتاع والموَانسة للتوحيدي: 3|197ـ
بعضه، نور الثقلين: 1|504، البرهان: 1|16، الاستنصار: 10 ـ 13، شرح ابن ميثم
البحراني: 4|19ـ 21، ابن أبي الحديد: 11|38ـ39، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 325
خطبة (210) ـ من قوله: «إنَّ في أيْدِي الناس حقَّاً وباطلاً ... إلى قوله: فهذه
وجُوه ما عليه النّاس في اختلافهم، وعللِهِمْ في رواياتهِم»، شرح النهج لمحمّد
عبدة: 214، تذكرة الخواص، 143، مرسلاً عن كميل ابن زياد، عنه (عليه السلام)
، حلية الاَبرار: 2|81، العياشي: 1|14، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير
الموَمنين (عليه السلام) يقول: مَا نَزَلَتْ آية على رَسُولِ
اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ
أَقْرَأَنِيها وَأَمْلاها عَلَـيَّ، فَأَكْتُبُها بِخَطِّي، وَعَلَّمَني
تَأْوِيلَها وَتَفْسِيرَها وَنَاسِخَها وَمَنْسُوخَهَا وَمُحْكَمَهَا
وَمُتَشابِهَهَا، وَدَعا اللّهُ لي أَنْ يُعَلِّمَنِي فَهْمَها وَحِفْظَها، فَمَا
نَسِيْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللّهِ ولا علماً أَمْلاهُ عليَّ فَكَتَبْتُهُ،
مُنْذُ دَعا لي بما دعا وَمَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللّهُ مِنْ حَلالٍ ولا
حَرَامٍ ولا أَمْرٍ ولا نهيٍ كان أو يكونُ مِنْ طَاعَةٍ أو مَعْصِيَةٍ إلاّ
عَلَّمْنِيهِ وَحَفِظْتُهُ فَلَمْ أَنْسَ مِنْهُ حَرْفاً واحِداً، ثُمَّ وَضَعَ
يَدَهُ على صَدْرِي وَدَعا اللّهَ أن يَمْلاَ قَلْبي عِلْمَاً وَفَهْمَـاً
وَحِكْمَةً وَنُوراً (فـ) لَمْ أَنْسَ شَيْئاً وَلَمْ يَفُتْني شَـيْءٌ لَمْ
أَكْتُبْهُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولُ اللّهِ أَوَ تََخَوَّفْتَ عليَّ النِّسيَانَ
فِيمَا بَعْدُ؟ فَقالَ: لَسْتُ أَتَخَوّفُ عَلَيْكَ نِسياناً ولا جَهْلاً، وَقَدْ
أَخْبَـرَني رَبِّـي أَنَّهُ قَدْ اسْتَجَابَ لي فِيكَ وفي شُرَكَائِكَ الَّذِينَ
يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَنْ شُرَكائي مِنْ بَعْدِي؟
قَالَ: الَّذِينَ قَرَنَهُم اللّهُ بِنَفْسِهِ وَبي فَقَالَ: الاَوْصياءُ منّي إلى
أنْ يَرِدُوا عَلَيَّ الحَوْضَ كُلُّهُم هَادٍ مُهْتَدٍ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَذَلَهُمْ، هُمْ مَعَ القُرآنِ والقُرْآنُ مَعَهُمْ، لا يُفَارِقُهُمْ وَلا
يُفَارِقُونَهُ بِهِمْ تُنْصَرُ أُمَّتِـي وَبِهِم يُمْطَرُونَ، وَبِهِمْ يُدْفَعُ
عَنْهُمْ وَبِهِم اسْتَجابَ دُعاءَهمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ سَمِّهِمْ لي
، فَقَالَ: ابْنِي هذَا، وَوَضَعَ يَدَهُ على رَأْسِ الحَسَنِ (عليه السلام)
ثُمَّ ابني هذَا وَوَضَعَ يَدَهُ على رَأْسِ الحُسَيْـنِ (عليه السلام)
، ثُمَّ ابنٌ لَهُ يُقالُ لَهُ عليٌّ وَسَيُولَدُ في حَياتِكَ فَأقْرَأْهُ منّي
السَّلامَ، ثُمَّ تَكْمِلَةُ اثني عَشَـرَ مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ لَهُ:
بِأَبِـي أَنْتَ [وأُمّي] فَسَمِّهِم لي، الَّذِي يَمْلوَ الاَرضَ قِسْطاً وَعَدْلاً
كَمَا مُلِئَتْ جَوْرَاً وَظُلْماً، وَاللّهِ إنّي لاَعْرِفُ مَنْ يُبَايِعُهُ
بَيْـنَ الرُّكْنِ وَالمَقامِ وَأََعْرِفُ أَسْمَـاءَ آبائِهِمْ وَقَبَائِلِهمْ»،
تحف العقول: 193ـ 196، المسترشد: 29 ـ 31، بتفاوت يسير، إلى قوله: «فَقَدْ
أَخْبَرَني اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ اسْتَجَابَ لي فِيكَ» وقال: وهو ما رواه
محمّد بن عبد اللّه بن مهران، عن حمّـاد بن عيسى، عن ابن أُذينة، عن أبان بن أبي
عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: ...، غيبة النعماني: 75. وبهذا الاِسناد (أحمد
بن محمّد بن سعيد بن عقدة، ومحمّد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا
عبد اللّه بن يونس الموصلي، عن رجالهم) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم
بن قيس الهلالي، قال: (وأخبرنا به من غير هذه الطرق، هارون بن محمّد قال: حدثني
أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع
بن عمروبن حرب الكندي قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، شيخ لنا كوفي ثقة، قال:
حدَّثنا عبد الرزاق بن همام) : ـ كما في المتن بتفاوت يسير، الخصال: 1|255 ـ بسند
آخر عن سليم، كمال الدين: 1|284 ـ 286، في ظلال نهج البلاغـة: 3|241 ـ 247 خطبـة
(208)، الكافي: 1|62ـ64ـ علي بـن إبراهيـم بن هاشـم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن
إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت
لاَمير الموَمنين (عليه السلام) ـ كما في «المتن» بتفاوت يسير ...
إلى قوله: «لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسيَانَ وَالجَهْلَ».
===============
( 129 )
7ـ
وأسند عليُّ بن محمّد القميّ، إلى أمير الموَمنين (عليه السلام)
قال: «دخلت على
===============
( 130 )
رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد نزلت
آية التطهير، فقال: يا عليُّ هذه نزلت فيك وفي سبطيك والاَئمّة من ولدك، فقلت: فكم
الاَئمّة بعدك؟ قال صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : أنت يا عليُّ ثُمَّ ابناك
الحسن والحسين، وبعد الحسين عليٌّ ابنه، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد جعفر
ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه، وبعد موسى عليٌّ ابنه، وبعد عليٍّ محمّد ابنه، وبعد
محمّد عليٌّ ابنه، وبعد عليٍّ الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن، هكذا وجدت
أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت اللّه عنهم، قال: هم الاَئمّة بعدك مطهّرون
معصومون، وأعداوَهم ملعونون» (1).
8ـ
وأخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا حميد بن زيادٍ من كتابه
وقرأتُهُ عليه، قال: حدَّثني جعفر بن إسماعيل المنقريُّ (2)عن عبد
الرحمان بن أبي نجران، عن إسماعيل بن علي البصري (3)عن أبي أيوب
الموَدِّب، عن أبيه ـ وكان موَدِّباً لبعض ولد جعفر بن محمد (عليهما السلام)
ـ [قال:ج قال: «لما توفِّي (4)رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
دخل المدينة رجلٌ من ولد داود على دينِ اليهوديةِ، فرَأى السِّكَكَ خالِيَةٌ فقال
لبعض أهل المدينة: ما حالكُمْ؟ فقيلَ: توفِّي رسول اللّه، فقال الدَّاوُديُّ: أما
إنَّه توفِّي [في] اليوم الذي هو في كتابنا ثمَّ قال: فأينَ الناسُ؟ فقيلَ لهُ: في
المسجِدِ، فأتى المسجِدَ فإذا أبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعبد الرحمان بن عوفٍ وأبو
عبيدة بن الجرّاح والنّاس، قد غصَّ المسجِدُ بهم، فقال: أوْسِعوا حتَّى أدخُلَ
وَأَرْشِدوني إلى الَّذي خَلَّفهُ نَبيُّكُمْ، فأَرشَدُُوه إلى أبي بكرٍ، فقال
لهُ: إنَّني من وُلْدِ داوُدَ على دينِ اليهوديةِ، وقد جئتُ لاَسألَ عن أربعة
أحرفٍ فإن خَبَّـرْتَ بها أسْلَمْتُ، فقالُوا لَهُ: انتَظِرْ قَلِيلاً، وَأَقْبَلَ
أَمِيرُ الموَْمِنينَ علي بن أبي طالب ـ عليه
____________
(1)
البحار : 36|336 ح 199 عن كفاية الاَثر : 155. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة
المناسبة.
(2)
عنونه العلاَّمة في القسم الثاني من «الخلاصة» ـ بعنوان «جعفر بن إسماعيل المقرىَ»
وقال: كوفي، وعنونه النجاشي وقال: له كتاب «النوادر»، وذكر طريقه إليه، وفيه:
«المنقري».
(3)
لعلَّه أبو عليّ أو أبو عبد اللّه البصري المعنون في «جامع الرواة»، وفي بعض
النسخ: «عليّ بن إسماعيل»، فالظاهر هو أبو الحسن الميثمي الذي له كتب في الاِمامة،
وهو أوَّل مَنْ تَكَلَّم في الاِمامة على مذهب الاِمامية.
(4)
هذا الخبر مقطوع لم يسنده إلى المعصوم (عليه السلام)
.
===============
( 131 )
السلام ـ مِنْ بَعْضِ أبواب المَسْجِدِ، فَقالوا لَهُ: عَلَيْكَ
بِالفَتى، فَقامَ إِلَيهِ، فَلمَّـا دَنا منْهُ قال لهُ: أنْتَ عليّ بن أبي طالب؟
فقال لَهُ عليٌّ: أنْتَ فلان بن فلان بن داود؟ قال: نعم، فأخَذَ عليٌّ يَدَهُ وجاء
به إلى أبي بكرٍ، فقال لهُ اليهوديُّ: إنَّي سألتُ هوَلاء عن أربعة أحرفٍ
فأرْشَدوني إليك لاَسألَكَ، قال: اسأل.
قال:
ما أوَّل حَرْفٍ كَلَّمَ اللّهُ بهِ نَبِيَّكُمْ لمّا أُسريَ بهِِ وَرَجَعَ مِنْ
عِنْدِ رَبِّه؟ وَخَبِّرني عن المَلَكِ الذي زَحَمَ نَبيَّكُمْ (1)وَلَمْ
يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَخَبِّـرنِي عن الاَرْبَعَةِ الَّذِين كَشَفَ عَنهُمْ مالِكٌ
طَبَقاً مِنَ النارِ وكَلَّموا نَبيَّكُمْ؟ وَخَبِّـرني عَنْ مِنْبَرِ نَبيِّكُم
أيُّ موضِعٍ هو من الجنَّةِ؟
قال
علي (عليه السلام) : أوَّل ما كَلَّمَ اللّهُ بهِِ
نَبيِّنا (عليه السلام) قولُ اللّهِ تعالى: "آمَنَ
الرَّسُولُ بِما أُنْزَِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّه"(2)
قال: ليس هذا أرْدتُ، قالَ: فَقَولُ رَسُولُ اللّهِ: «والموَمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ
بِاللّهِ» قالَ: ليس هذا أردتُ، قالَ: اترِكَ الاَمرَ مَسْتُوراً. قال:
لَتُخْبِرُني أَوَلَسْتَ أنْتَ هُوَ، فَقالَ: أَما إِذ أَبَيْتَ فَإِنَّ رَسُولَ
اللّهِ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم لمّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ والحُجُبُ
تُرْفَعُ لَهُ قَبْلَ أنْ يَصِيرَ إلى مَوْضِعِ جَبْـرَئيلَ ناداهُ مَلَكٌ: يا
أحمدُ، قال: إِنَّ اللّهَ يُقرِىَ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَقْرِىَ
على السَّيِّدِ الوَليِّ منَّا السَّلام، فَقالَ رَسُولُ اللّهِ: مَن السَّيِّدُ
الوَلِيُّ؟ فَقالَ المَلَكُ: عليٌّ بن أبي طالب، قال اليهوديُّ: صَدَقْتَ واللّهِ
إِنَّي لاَجدُ ذَلِكَ في كِتابِ أبي.
فقال
عليٌّ (عليه السلام) : أَمَّا المَلَكُ الذي زَحَمَ
رَسُولُ اللّهِ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم فَمَلَكُ الموتِ جاءَ بِهِ مِنْ
عِنْدِ جَبَّارٍ مِنْ أهْلِ الدُّنيا قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلامٍ عَظيم فَغَضِبَ
اللّهُ، فَزَحَمَ رَسُولَ اللّهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَالَ جَبْـرَئِيلُ: يا
مَلَكَ المَوْتِ هذا رَسُولُ اللّهِ أحْمَدُ حَبْيبُ اللّهِ (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَلَصِقَ بِهِ وَاعْتَذَرَ، وَقالَ: يا رَسُولَ
اللّهِ إِنَّي أَتَيْتُ مَلِكَاً جَبَّاراً قَدْ تَكَلَّمَ بِكلامٍ عَظيمٍ
فَغَضِبْتُ وَلَمْ أَعْرِفْكَ، فَعَذَّرَهُ.
وأمّا
الاَربعةُ الذين كشَفَ عنهم مالِكٌ طَبَقاً من النّار فإنَّ رسولَ اللّه صلَّى
اللّه عليه و آله و سلَّم مرَّ بمالكٍ
____________
(1)
زحمه زحماً وزحاماً: ضايقه ودافعه.
(2)
البقرة: 285.
===============
( 132 )
ولم يَضْحَكْ منذ خُلِقَ قطُّ، فقالَ لهُ جبرئيلُ: يا مالِكَ هذا
نبِيُّ الرَّحمَةِ مُحمَّدٌ فَتَبَسَّمَ في وَجْههِ وَلمْ يَتَبَسَّم لاَحدٍ
غيرهِ، فقال رسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) : مُرهُ
أن يَكْشِفَ طَبَقَاً مِنَ النَّارِ، فَكَشَفَ فَإذا قابِيلُ وَنُمرُودُ
وَفِرْعَونُ وهامانُ، فقالوا: يا مُحَمَّد اسأل رَبَّكَ أنْ يَرُدَّنا إلى دارِ
الدُّنيا حتى نعمَلَ صالِحاً، فَغَضِبَ جَبْرَئيلُ فَقالَ بِريشَةٍ (1)
ع
مِنْ رِيشِ جَناحِه فَرَدَّ عَلَيْهِم طَبَقَ النّارِ.
وأمّا
مِنْبَـرُ رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنَّ
مسْكَنَ رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) جَنَّةُ
عَدْنٍ هي جَنَّةٌ خَلَقَها اللّهُ بيَدِهِ وَمَعَهُ فيها اثنا عَشرَ وَصيّاً،
وفَوقَها قُبّةٌ يُقالُ لها: قُبَّةُ الرِّضوانِ، وفوقَ قُبَّةِ الرِّضوانِ منزِلٌ
يُقالُ لَهُ الوسيلَةُ، وَلَيسَ في الجَنَّةِ مَنْزِلٌ يُشْبِهُهُ وَهُوَ
مِنْبَـرُ رَسُولِ اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم .
قال
اليهوديُّ: صدقت واللّه إنَّه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحدٌ بعد واحدٍ حتى
صار إليَّ ثمَّ أخرجَ كتاباً فيه ما ذكره مسطوراً بخط داود، ثمَّ قال: مُدَّ يدكَ
فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّهُ، وأنَّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ، وأنَّه الذي
بَشَّـرَ بِهِ موسى (عليه السلام) وَأشهدُ أنَّكَ عالِمُ هذه
الاَُمّة ووَصيُّ رَسولِ اللّه» (2) قال: فعلَّمه أمير الموَمنين
شرائعَ الدين.
____________
(1)
أي أشار، وفي معنى القول توسع.
(2)
غيبة النعماني: 99ـ 102، وفيه: فَتَأَمَّلوا يا معْشَـرَ الشِّيعَةِ ـ رحمكم اللّه
ـ ما نَطَقَ بِهِ كِتابُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَما جاءَ عَن رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، وعن أمير الموَمنين والاَئمّة ـ عليهم السلام
ـ واحدٍ بعد واحدٍ في ذكر الاَئمَّة الاثني عشر وفضلهم وعدَّتهم من طرقِ رجِالِ
الشيعةِ الموثَّقين عند الاَئمّة.
فَانْظُرُوا
إلى اتِّصالِ ذَلِكَ وَوُرُودِه مُتَواتِراً، فَإِنَّ تَأَمُّلَ ذَلِكَ يَجْلُو
القُلُوبَ مِنَ العَمى وَيَنْفي الشَّكَّ وَيُزِيلُ الارْتِيابَ عَمَّنْ أَرَادَ
اللّهُ بِهِ الخَيْـرَ وَوَفَّقَهُ لِسُلُوكِ طَرِيقِ الحَقِّ، وَلَم يَجْعَل
لاِبْلِيسَ على نَفْسِهِ سَبيلاً بالاِصْغَاءِ إلى زَخَارِفِ المُمَوِّهِينَ
وَفِتْنَةِ المَفْتُونِينَ.
وَلَيْسَ
بَيْـنَ جَميعِ الشِّيعَةِ مِمَّن حَمَلَ العِلْمَ وَرَواهُ عَنِ الاَئمّةِ (عليهم السلام)
خِلافٌ في أنَّ كِتابَ سُلَيم بْنِ قَيْسٍ الهِلاليِّ أَصْلٌ مِنْ أَكْبَـرِ
كُتُبِ الاَُصُولِ التي رَواهَا أَهْلُ العِلْمِ مِنْ حَمَلَةِ حَدِيْثِ أَهْلِ
البَيْتِ (عليهم السلام) وَأَقْدَمِها لاَنَّ جَميعَ
مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ هَذَا الاَصْلُ إِنَّما هُوَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلَّى
اللّه عليه و آله و سلَّم وَأَمْيرِ المُوَْمِنينَ (عليه السلام)
وَالمِقْداد وَسَلْمانَ الفارسيِّ وأبي ذَرٍّ وَمَنْ جَرَى مَجْراهُمْ مِمَّنَ
شَهِدَ رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَأَميرَ
الموَمنينَ (عليه السلام) وَسَمِعَ منْهُمَا، وَهُوَ مِنَ
الاَُصولِ التي تَرْجِعُ الشِّيعَةُ إِلَيْها وَيُعَوِّلُ عَلَيْها، وَإِنَّما
أَوْرَدْنا بَعْضَ ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الكِتابُ وَغَيْـرَهُ مِنْ وَصْفِ
رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الاَئمّة
الاثني عَشَـرَ وَدَلالَتِهِ عَلَيْهِمْ وَتَكْرِيره ذِكْرَ عِدَّتِهِمْ،
وَقَوْلِهِ «إِنَّ الاَئمَّةَ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْـنِ تِسْعَةٌ تَاسِعُهُمْ
قائِمُهُمْ ظاهِرُهُمْ بَاطِنُهُمْ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، وفي ذَلِكَ قَطْعٌ
لِكُلِّ عُذْرٍ، وَزَوالٌ لِكُلِّ شُبْهَةٍ، وَدَفْعٌ لِدَعْوى كُلِّ مُبْطِلٍ،
وَزُخْرفِ كُلِّ مُبْتَدِعٍ، وَضَلالَةِ كُلِّ مُمَوِّهٍ، وَدَلِيلٌ واضِحٌ على
صِحّةِ أَمْرِ هذِهِ العِدَّةِ مِنَ الاَئِمَّةِ لايُتَهَيّأُ لاََحَدٍ مِنْ
أَهْلِ الدَّعاوي الباطِلَةِ ـ المُنْتَمِينَ إلى الشِّيعَةِ وَهُمْ مِنْهُمْ
بِراءٌ ـ أنْ يَأْتُوا عَلَـى صِحَّةِ دَعاوِيهِمْ وَآرائِهِم بِمِثْلِهِ، وَلا
يَجِدُونَهُ في شَـيءٍ مِنْ كُتُبِ الاَُصولِ التي تَرْجِعُ إليْها الشِّيعَةُ ولا
في الرِّواياتِ الصَّحيحَةِ، وَالحَمْدُ للّهِ رَبِّ العالَمينَ.
هذا
الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
===============
( 133 )
9ـ
حدَّثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلويُّ السمرقنديُّ ـ رضي اللّه عنه ـ قال:
حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدَّثنا محمّد بن نصر (1)
عن الحسن ابن موسى الخشّاب، قال: حدَّثنا الحكم بن بهلول الاَنصاري (2)عن
إسماعيل بن همّام، عن عمران بن قرَّة، عن أبي محمد المدنيّ، عن ابن أُذينة، عن
أبان بن أبي عيّاش قال: حدَّثنا سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليّاً (عليه السلام)
يقول: مانزلت على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من
القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ وكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها،
وناسخها، ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا اللّه عزَّ وجلَّ لي أن يعلّمني فهمها
وحفظها، فما نسيت آية من كتاب اللّه ولا علماً أملاه عليَّ فكتبته، وما ترك شيئاً
علّمه اللّه عزَّ وجلَّ من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي، وما كان أو يكون من
طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفاً واحداً، ثمَّ وضع يدهُ على
صدري ودعا اللّه عزَّ وجلَّ أن يملاَ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً، لم أنس من
ذلك شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، فقلت: يا رسول اللّه أتتخوَّف عليَّ النسيان
فيما بعد؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لست
أتخوَّف عليك نسياناً ولا جهلاً، وقد أخبرني ربّي جلَّ جلاله أنَّه قد استجاب لي
فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول اللّه ومن شركائي من بعدي؟
قال: الذين قرنهم اللّه عزَّ وجلَّ بنفسه وبي، فقال: "أطيعوا
اللّه وأطيعوا الرسول وأُولي الاَمر منكم"
الآية، فقلت: يا
____________
(1)
في بعض النسخ: «محمّد بن نصير».
(2)
في بعض النسخ: «الحسن بن بهلول» ولم نظفر به على كلا العنوانين.
===============
( 134 )
رسول اللّه وَمَنْ هُم؟ قال: الاَوصياء منّي إلى أن يردوا عليَّ
الحوض كلّهم هاد مهتد، لا يضرُّهم من خذلهم ، هم مع القرآن والقرآن معهم لا
يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أُمّتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء ويستجاب
دعاوَهم. قلت: يا رسول اللّه: سمّهم لي ، فقال: ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسن
ـ ثمَّ ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)
ـ ثمَّ ابن له يقال له عليٌّ وسيولد في حياتك فأقرأه منّي السلام، ثمَّ تكمّله
اثني عشر، فقلت: بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه سمّهم لي [رجُلاً فرَجُلاً]
فسمّـاهم رجلاً رجلاً، فيهم واللّه يا أخا بني هلال مهديُّ أُمّتي محمّد الذي
يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، واللّه إنّي لاَعرف من يبايعه
بين الرُّكن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم» (1).
10ـ
أسند عليٌّ بن محمّد بن عليّ برجاله، إلى الاَصبغ بن نباتة، إلى عليٍّ (عليه السلام)
، قال: «كنت عند النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت ـ
أُمّ سلمة ـ فدخل سلمان وأبو ذرّ والمقداد وابن عوف وجماعة، فقال سلمان: يا رسول
اللّه إنَّ لكلِّ نبيّ وصيّاً، وسبطين، فمن وصيّك وسبطاك؟ فأطرق، ثمّ قال: إنّ
اللّه تعالى بعث أربعة آلاف نبيّ وكان لهم أربعة آلاف وصيّ وثمانية آلاف سبط،
والذي نفسي بيده لاَنا خير الاَنبياء، ووصيّي خير الاَوصياء، وسبطاي خير الاَسباط.
إنَّ
آدم أوصى إلى ابنه شيت، وشيت إلى سنان، وسنان إلى مجلث، ومجلث إلى محوق، إلى
عثميثا، إلى اُخنوخ، إلى ياخور، إلى نوح، إلى سام، إلى عتامر، إلى برعيثاشا، إلى
يافث، إلى بره، إلى حفيسة، إلى عمران، إلى إبراهيم، إلى إسماعيل، إلى إسحاق، إلى
يعقوب، إلى يوسف، إلى ريثا،إلى شعيب، إلى موسى، إلى يوشع، إلى داود، إلى سليمان،
إلى آصف، إلى زكريّا، إلى عيسى، إلى شمعون، إلى يحيى، إلى منذر، إلى سلمه، إلى
برده، ودفعها برده إليَّ، وأنا أدفعها إليك يا عليُّ، وأنت تدفعها إلى الحسن،
والحسن إلى الحسين، والحسين إلى ابنه عليّ، وعليٌّ إلى ابنه محمّد، ومحمّد إلى
ابنه جعفر، وجعفر إلى ابنه موسى،
____________
(1)
كمال الدين: 1|284ـ285، منتخب الاَثر: 34. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة
المناسبة.
===============
( 135 )
وموسى إلى ابنه عليّ، وعليّ إلى ابنه محمّد، ومحمّد إلى ابنه عليّ،
وعليٌّ إلى ابنه الحسن، والحسن إلى ابنه القائم، ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء
اللّه.
ثم
رفع صوته وقال: الحذر الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي، ثمَّيخرج من ـ
اليمن ـ من قرية يقال لها: كرعة، ينادي: هذا المهدي خليفة اللّه فاتّبعوه»(1)
11ـ
وأسند الحاجب برجاله، إلى أمير الموَمنين (عليه السلام)
: «قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : رأيت
ليلة الاسرى في السماء قصوراً من ياقوت، ثمَّ وصفها بما فيها من الفرش والثمار،
فسألت جبرائيل، لمن هي؟ فقال: لشيعة عليٍّ أخيك وخليفتك على أُمّتك، وهم قوم يدعون
في آخر الزمان باسم يُراد به عيبهم يسمّون «الرافضة» وإنَّما هو زين لهم، لاَنَّهم
رفضوا الباطل، وتمسّكوا بالحقّ، ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من
بعده، ولشيعة عليّ بن الحسين من بعده، ولشيعة محمّد بن عليّ من بعده، ولشيعة ابنه
جعفر بن محمد من بعده، ولشيعة موسى بن جعفر من بعده، ولشيعة عليٍّ ابنه من بعده،
ولشيعة ابنه محمّد بن عليّ من بعده، ولشيعة ابنه عليّ بن محمّد من بعده، ولشيعة
ابنه الحسن بن عليٍّ من بعده، ولشيعة ابنه محمّد المهديِّ من بعده.
يا
محمّد هوَلاء الاَئمّة من بعدك أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وشيعتهم ومحبّيهم شيعة
الحقّ، وموالي اللّه ورسوله، الذين رفضوا الباطل واجتنبوه، وقصدوا الحقَّ
واتّبعوه، يتولّونهم في حياتهم، ويزورونهم بعد وفاتهم، متناصرون متعاضدون، على
محبّيهم رحمة اللّه عليهم، رحمة اللّه عليهم، إنَّه غفور رحيم» (2).
12ـ
أسند الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه، إلى ابن نباتة، قال: خرج علينا عليٌّ (عليه السلام)
وفي يده يد ولده الحسن (عليه السلام) وقال: «هكذا خرج النبيُّ (صلى الله عليه
وآله وسلم) ويده في
____________
(1)
الصراط المستقيم: 2|153ـ154. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
(2)
المصدر نفسه: 150ـ151. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
===============
( 136 )
يدي، وقال: خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا، وهو إمام كلِّ مسلم
ومولى كلِّ موَمن، وأنا أقول في ابني هذا مثل قوله، ألا إنّه سيظلم بعدي كما
ظُلِمْتُ بعد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وخير
الخلق بعده الحسين الشهيد (عليه السلام)، ومن بعده تسعة من صلبه، خلفاء
اللّه في أرضه، وحججه على عباده، تاسعهم القائم لقد نزل بذلك الوحي.
وسئل
النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم وأنا
عنده، فقال: "والسماء ذات البروج"
(1) ثمَّ إنَّهم كعدد البروج، أوَّلهم هذا، ووضع يده على رأسي، وآخرهم
المهديُّ، مَنْ والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، وهم خلفائي وأئمّة
المسلمين بعدي» (2)
13ـ
وأسند الحاجب إلى أمير الموَمنين (عليه السلام) : «قول
النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : مَنْ سَـرَّه أن يلقى اللّه وهو عنه راض
فليتولّك يا عليّ، ومَنْ أحبّ أن يلقى اللّه مقبلاً عليه فليتولّ ابنك الحسن،
وَمَنْ أحبَّ أن يلقى اللّه لا خوف عليه فليتولَّ ابنك الحسين، وَمَنْ أحبَّ أن
يلقاه وقد محّص عنه ذنوبه فليتولَّ عليّ بن الحسين، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وقد
رفعت درجاته وبدِّلت بالحسنات سيّئاته فليتولَّ محمّد بن عليّ، وَمَنْ أحبَّ أن يلقى
اللّه وهو قرير العين فليتولّ جعفر بن محمّد، وَمَنْ أحبَّ أن يلقى اللّه وهو
مطهّر فليتولَّ ابنه موسى، وَمَنْ أحبَّ أن يلقى اللّه وهو ضاحك فليتولَّ ابنه
عليّاً الرضا، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه فيعطيه كتابه بيمينه فليتولَّ ابنه محمّداً،
وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخل الجنّة فليتولّ ابنه عليّاً،
وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وهو من الفائزين فليتولّ ابنه الحسن، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه
وقد كمل إيمانه فليتولّ ابنه محمّداً المنتظر.
فهوَلاء
مصابيح الدّجى وأئمّة الهدى، مَنْ تولاّهم كنت ضامناً له على اللّه الجنَّة»(3).
____________
(1)
البروج | 1.
(2)
كمال الدين: 150، عنه الصراط المستقيم: 2|123ـ124.
(3)
الصراط المستقيم: 2|148. هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة المناسبة.
===============
( 137 )
14ـ
وأسند أخطب خوارزم برجاله إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)
: «قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا
واردكم على الحوض، وأنت يا عليُّ الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر،وعلىُُّّ
بن الحسين الفارس، ومحمّد بن عليّ الناشر، وجعفر بن محمّد السائق، وموسيبن جعفر
محصي المحبيّـن والمبغضين، وقامع المنافقين، وعليُّ بن موسى معين،ومحمّد بن عليّ
منزل أهل الجنّة في درجاتهم، وعليُّ بن محمّد خطيب شيعته ومزوِّجهم الحور العين،
والحسن بن عليّ سراج أهل الجنّة، والمهديُّ شفيعهم يوم القيامة»(1)
15ـ
وعنه، عن محمّد بن الحسين الكوفي، عن إسماعيل بن موسى، عن محمّد بن سليمان، عن
محمّد بن جرير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن القيس، عن أمير الموَمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام) في حديث طويل قال: «إنّه لعهد عهده
إليَّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ هذا
الاَمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبي صلَّى اللّه
عليه و آله و سلَّم : لمّا أُسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا فيه مكتوب
لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيّدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثني عشر
نوراً فقلت: يا رب أنوار مَنْ هذه؟ فنوديت يا محمّد، هذه أنوار الاَئمّة من ذريتك،
قلت: يا رسول اللّه إلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الاِمام والخليفة بعدي تقضي
ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين،
وبعد علي ابنه محمّد يدعى بالباقر، وبعد محمّد جعفر ابنه يدعى بالصادق، وبعد جعفر
ابنه موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا، وبعد علي ابنه محمّد
يدعى بالزكي، وبعد محمّد ابنه علي يدعى بالنقي، وبعد علي ابنه الحسن يدعى
بالاَمين، والقائم من ولد الحسن سميِّي وأشبه الناس بي، يملاَها قسطاً وعدلاً كما
مُلئت جوراً وظلماً» (2)
____________
(1)
الصراط المستقيم: 2|150، وقال: ورواه أيضاً الشيخ الفاضل محمّد بن أحمد بن شاذان
مسنداً إلى عليٍّ (عليه السلام) . هذا الحديث نبوي ولكن ذكر لشدة
المناسبة.
(2)
اثبات الهداة: 3|554.
===============
( 138 )
16ـ
عليُّ بن الحسن (الحسين نخ) بن مندة، عن محمّد بن الحسين (الحسن نخ) الكوفي
المعروف ـ بأبي الحكم ـ عن إسماعيل بن موسى بن إبراهيم، عن (محمّد بن نخ) سليمان
بن حبيب، عن شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة ابن قيس، عن أمير
الموَمنين (عليه السلام) في الخطبة المعروفة ـ باللوَلوَةـ
أنَّه قال بعد ما قال عامر بن كثير: يا أمير الموَمنين! لقد أخبرتنا عن أئمّة
الكفر، وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمّة الحقِّ، وألسنة الصدق بعدك.
قال
(عليه
السلام) : «نعم، إنَّه لعهد عهده إليَّ رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و
سلَّم : إنَّ هذا الاَمر يملكه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال
النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : لمّا
عُرجَ بي إلى السّماء، نظرت إلى ساق العرش، فإذا مكتوب عليه: لا إله إلاّ اللّه ،
محمّد رسول اللّه، أيّدته بعليٍّ ونصرته بعليٍّ، ورأيت اثني عشر نوراً.
فقلت:
يا ربِّ أنوار مَنْ هذه؟ فنوديت: يا محمّد! هذه الاَنوار الاَئمّة من ذُرِّيتك.
قلت:
يا رسول اللّه أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الاِمام والخليفة بعدي تقضي ديني
وتنجز عداتي، وبعدك ابناك ـ الحسن والحسين ـ وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين،
وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى ـ بالباقر ـ وبعد محمّد ابنه جعفر يدعى ـ بالصادق ـ
وبعد جعفر ابنه موسى يدعى ـ بالكاظم ـ وبعد موسى ابنه عليّ يدعى ـ بالرضا ـ وبعد
عليّ ابنه محمّد يدعى ـ بالزكي ـ وبعد محمّد ابنه عليّ يدعى ـ بالنقيّ ـ وبعد عليّ
ابنه الحسن يدعى ـ بالاَمين (بالعسكريّ نخ)ـ وبعده القائم من ولد الحسن سميّي،
وأشبه النّاس بي، يملاَها قسطاً وعدلاً كما مْلئت جوراً وظلماً» (1)الحديث.
17ـ
(قال سليم): فلمّـا قُتِلَ محمّد بن أبي بكر ـ بمصرـ، وعزَّينا أمير الموَمنين (عليه السلام)،
فحدَّثته بما حدَّثني به محمّد، وخبرته: بما خبّرني به عبد الرحمان بن غنم.
قال
(عليه
السلام) : «صدق محمّد ـ رحمه اللّه ـ أما إنَّه شهيدٌ حيٌّ يرزق، (يا سليم)!
____________
(1)
كفاية الاَثر:
===============
( 139 )
إنَّ أوصيائي أحد عشر رجلاً من ولدي أئمّة كلّهم محدَّثون».
قلت:
يا أمير الموَمنين مَنْ هُمْ؟
قال
(عليه
السلام) : «ابني هذا الحسن، ثمَّ ابني هذا الحسين، ثم ابني هذا» وأخذ بيد
ابن ابنه عليّ بن الحسين وهو رضيع «ثمَّ ثمانية من ولده واحداً بعد واحد، هم الذين
أقسم اللّه بهم، فقال: "ووالد وما ولد"
فالوالد رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ، وأنا وما ولد، يعني ـ هوَلاء
الاَحد عشر أوصياء».
قلت:
يا أمير الموَمنين! فيجتمع إمامان.
قال
(عليه
السلام) : «نعم، إلاّ انّ واحداً صامت، لا ينطق حتّى يهلك الاَوّل» (1).
18ـ
وبهذا الاسناد، عن عبد الرَّزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلاليّ، قال:
قلت لعليٍّ (عليه السلام) : إنّي سمعت من سلمان ومن المقداد
ومن أبي ذرٍّ أشياء من تفسير القرآن ومن الرِّواية عن رسول اللّه صلَّى اللّه عليه
و آله و سلَّم [غير ما في أيدي الناس] ثمَّ سمعت منك تصديقاً لما سمعتُ منهم،
ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة في تفسير القرآن ومن الاَحاديث عن رسول اللّه
صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم يخالفونهم فيها ويزعمون أنَّ ذلك (2)كان
كلّه باطلاً، أفترى أنّهم يكذبون على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
متعمّدين ويفسّـرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليٌّ (عليه السلام)
وقال: قد سألت فافهم الجواب، إنَّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً،
وناسخاً ومنسوخاً، وخاصّاً وعامّاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً (3)
وقد كُذِبَ على رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم على عهده حتى قام
خطيباً فقال: «أيّها الناس قد
____________
(1)
سليم بن قيس: 327.
(2)
في بعض النسخ «ومن الاَحاديث عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك» وفي خصال الصدوق هكذا أيضاً.
(3)
قوله «حقاً وباطلاً وصدقاً وكذباً» ذكر الصدق والكذب بعد الحق والباطل من قبيل ذكر
الخاص بعد العام ، لاَنّ الصدق والكذب من خواص الخبر، والحق والباطل يصدقان على
الاَفعال أيضاً، وقيل: الحق والباطل هنا من خواص الرأي والاعتقاد، والصدق والكذب
من خواص النقل والرواية.
وقوله:
«محكماً ومتشابهاً» المحكم في اللغة هو المضبوط المتقن، ويطلق في الاصطلاح على ما
اتّضح معناه، وعلى ما كان محفوظاً من النسخ أو التخصيص أو منهما معاً، وعلى ما كان
نظمه مستقيماً خالياً عن الخلل، وما لا يحتمل من التأويل إلاّوجهاً واحداً،
ويقابله بكل من هذه المعاني المتشابه.
وقوله
«وهماً» بفتح الهاء ـ مصدر قولك: وهمت ـ بالكسر ـ أي غلطت وسهوت، وقد روى «وهماً»
بالتسكين ـ مصدر وهمت ـ بالفتح ـ إذا ذهب وهمك إلى شيء وأنت تريد غيره، والمعنى
متقارب ـ كما قاله في البحار.
===============
( 140 )
كثرت عليَّ الكذابة (1) فمن كذَبَ عليَّ متعمّداً
فليتبوَّأ مقعده من النّار(2) ثم كُذِبَ عليه من بعده، وإنّما أتاك
بالحديث أربعة ليس لهم خامسٌ: رجلٌ منافق مظهر للاِيمان، مُتصنع للاِسلام باللسان،
لا يتأثّم (3)ولا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) متعمّداً، فلو علم الناس (4)أنّه منافق كاذبٌ ما قبلوا
منه، ولم يصدِّقوه، ولكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله
و سلَّم وقد رآه وسمع منه [وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله] (5)وقد
أخبرك اللّه عن المنافقين بما أخبرك (6)ووصفهم بما وصفهم، فقال عزَّ
وجلَّ: "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن
يقولوا تسمع لقولهم" (7)ثمَّ بقوا بعد
رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
____________
(1)
بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثر عليّ كذبة الكذابين.
(2)
قوله: «فليتبوّأ» بصيغة الاَمر ومعناه الخبر كقوله تعالى: (من كان في الضلالة
فليمدد له الرحمن مداً).
(3)
«متصنّع بالاِسلام» أي متكلّف له ومتدلّس به غير متّصف به في نفس الاَمر.
وقوله:
«لا يتأثم» أي لا يكف نفسه عن موجب الاثم، أو لا يعد نفسه آثماً بالكذب عليه صلوات
اللّه عليه، وكذا قوله: «لا يتحرج» من الحرج بمعنى الضيق أي لا يتجنب الاثم.
(4)
في بعض النسخ: «فلو علم المسلمون» والمتن موافق للكافي والخصال.
(5)
ما بين القوسين كان في بعض النسخ دون بعض ولكنه موجود في الخصال والكافي، وقوله:
«وهم لا يعرفون حاله» ذلك لكون ظاهره ظاهراً حسناً، وكلامه كلاماً مزيفاً وذلك
يوجب اغترار الناس به وتصديقهم له فيما أخبر به أو نقل عن غيره.
(6)
كذا في نهج البلاغة أيضاً، وفي الخصال والكافي «وقد أخبره اللّه عن المنافقين بما
أخبره».
(7)
المنافقين: 3. ويرشد (عليه السلام) بذلك إلى أنّه سبحانه خاطب نبيه
صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم بقوله: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) لصباحتهم وحسن
منظرهم، (وإن يقولوا تسمع لقولهم) أي تصغي إليهم لذلاقة ألسنتهم.
===============
( 141 )
وتقرَّبوا إلى أئمّة الضلال والدُّعاة إلى النّار بالزُّور والكذب
والبهتان حتّى ولّوهم الاَعمال وحملوهم على رقاب الناس (1)وأكلوا بهم
الدُّنيا، وإنّما الناس مع الملوك والدُّنيا إلاّ من عَصَمَ اللّهُ عزَّ وجلَّ،
فهذا أحد الاَربعة.
____________
(1)
أي أنّ أئمّة الضلال بسبب وضع الاَخبار أعطوا هوَلاء المفترين الوضّاعين الولايات
وسلّطوهم على رقاب الناس، وقصد المنافقون بجعلهم الاَخبار التقرب إلى الاَُمراء
لينالوا من دنياهم، وقد افتعل في أيام خلافة بني أُميّة لا سيما زمان معاوية بن
أبي سفيان حديث كثير على هذا الوجه جداً جلّها في المناقب، أعني: مناقب الخلفاء
وولائجهم، وبعضها في الطعن على أهل الحق الذين تحزبوا عن أهل الباطل ولجأوا إلى
الحصن الحصين أمير الموَمنين علي (عليه السلام)
. ومن مفتعلاتهم ما رواه أبو هريرة الدوسي أو رووا عنه أنّه قال: قال رسول اللّه
صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : «لو لم أبعث فيكم لبعث عمر، أيد اللّه عمر
بملكين يوفّقانه ويسدّدانه، فإذا أخطأ صرفاه حتى يكون صواباً» وذكره السيوطي في
الموضوعات.
وعنه
أيضاً قال: «خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متكئاً على
علي بن أبي طالب فاستقبله أبو بكر وعمر فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
يا علي أتحب هذين الشيخين؟ قال: نعم يا رسول اللّه، قال: حبهما تدخل الجنّة» رواه
الخطيب في تاريخه وعدّه السيوطي من الموضوعات، ونقل أبو نعيم في الحلية مسنداً عن
أبي هريرة مرفوعاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
«ما من مولود إلاّ وقد ذر عليه من تراب حفرته [فإذا دنا أجله قبضه اللّه من التربة
التي منها خلق وفيها يدفن] وخلقت أنا وأبو بكر وعمر من طينة واحدة وندفن فيها في
بقعة واحدة» قال: أبو عاصم ما نجد فضيلة لاَبي بكر وعمر مثل هذه لاَنّ طينتهما من
طينة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه دفنا»
وذكره السيوطي أيضاً في الموضوعات.
ونص
الطبري في تاريخه وغيره أنّ عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين واليمامة.
ثمّ عزله بعد عامين لخيانته، واستنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين وقال له:
إني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنّك ابتعت أفراساً بألف دينار
وستمائة دينار، وضربه بالدرة حتى أدماه.
فرجع
إلى حاله الاَوّل وبقي إلى زمان خلافة عثمان فانضم إليه وأخذ يفتعل الاَحاديث في
فضله لينال من دنياه فقال قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
: «إنّ لكل نبي رفيقاً في الجنّة ورفيقي فيها عثمان» ذكره الترمذي في صحيحه وقال
الذهبي في ميزانه ببطلانه. وقال أيضاً قال رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) : «لكل نبي خليل في أُمّته وإنّ خليلي عثمان بن
عفان» ذكره السيوطي في الجامع الصغير. وقال الذهبي في الميزان ببطلانه.
إلى
غير ذلك من أمثاله. ومن ذلك ما رواه أبو العباس الزورقي في كتاب شجرة العقل عن عبد
اللّه بن الحضرمي ـ عامل عثمان بن عفان على مكّة ـ أنّه قال: قال رسول اللّه صلَّى
اللّه عليه و آله و سلَّم لعمر: «لو لم أُبعث لَبُعِثْتَ» وقد ذكره السيوطي في
الموضوعات.
وروى
أنّ سمرة بن جندب أعطاه معاوية بن أبي سفيان من بيت المال أربعمائة ألف درهم على
أن يخطب في أهل الشام بأنّ قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا
ويشهد اللّه على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) الآية، أنّها نزلت في علي بن أبي
طالب [ (عليه السلام) ج وأنّ قوله تعالى: (ومن الناس من
يشري نفسه ابتغاء مرضات اللّه) نزل في ابن ملجم أشقى مراد، فقيل: فعل ذلك.
واستخلفه زياد على البصرة فقتل فيها ثمانية آلاف من الناس، كما نص عليه الطبري
وغيره.
وقد
روى ابن عرفة المعروف بنفطويه الذي كان من أعلام المحدثين في تاريخه نحو ما تقدم
ثم
===============
( 142 )
ورجلٌ
سمع من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً ولم
يحفظه على وجهه فوهِمَ فيه ولم يتعمّد كذِباً فهو في يديه ويقول به ويعمل به
ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
فلو علم المسلمون أنّه وهِمَ فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.
ورجلٌ
ثالثٌ سمع من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً أمر
به، ثمَّ نهى عنه، وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شيء، ثمَّ أمر به، وهو لا يعلم،
فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم الناس إذا سمعوا
منه أنّه منسوخ لرفضوه (1)
ورجلٌ
رابع لم يكذب على اللّه ولا على رسوله بغضاً للكذب وخوفاً من اللّه عزَّ وجلَّ،
وتعظيماً لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يسهُ (2)بل
حفظ الحديث على وجهه، فجاء به كما
____________
(1)
المنسوخ ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه وإنّما النسخ يكون في الاَحاديث
الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فحسب دون
أوصيائه إذ لا معنى لنسخ حكم من الاَحكام بعده (عليه السلام)
.
(2)
في بعض «ولم يتوهم».
===============
( 143 )
سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ
ورفض المنسوخ، وإنَّ أمر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ (1) وعامٌّ وخاصٌّ، ومحكمٌّ ومتشابهٌّ،
قد كان يكون من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلام له
وجهان: كلام عامٌّ وكلام خاصٌّ (2)لا مثل القرآن [قال اللّه عزَّ وجلَّ
في كتابه "وما آتاكم الرَّسول فخذوه وما نهيكم
عنه فانتهوا"] (3)يسمعه من لا يعرف [ولم
يدر](4)ما عنى اللّه عزَّ وجلَّ، ولا ما عنى به رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، وليس كلُّ أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
كان يسأله عن الشيء فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتّى أنّهم كانوا
ليحبّون أن يجيء الاَعرابيُّ أو الطاريُّ (5)فيسأل رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) حتى يسمعوا، وقد كنت أنا أدخل على رسول اللّه كلَّ يوم دخلة وكلَّ
ليلة دخلة (6)فيخليني فيها [خلوة أدور معه حيث دار] وقد علم أصحاب رسول
اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه لم
يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، [فربّما كان ذلكج في بيتي، يأتيني رسول اللّه
صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم أكثر من ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه في بعض
منازله أخلاني، وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في
منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من ابنيَّج وكنت إذا ابتدأت أجابني وإذا سكت عنه
وفنيت مسائلي ابتدأني ودعا اللّه أن يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئاً قطٌّ مذ دعا
لي، وإنّي قلت لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا
نبيَّ اللّه إنّك منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنس ممّا علَّمتني شيئاً وما
تمليه
____________
(1)
خبر ثان لاَن، أو بدل من «مثل» وحينئذ جرهما على البدلية من القرآن ممكن وقيام
البدل مقام المبدل منه غير لازم عند كثير من المحققين كما ذكره شيخنا البهائي ـ
قدّس سرّه ـ.
(2)
في بعض النسخ «وجهان عام وخاص» وقوله: «قد كان يكون» اسم كان ضمير الشأن و «يكون»
تامة وهي مع اسمها الخبر، و «له وجهان» نعت للكلام لاَنّه في حكم النكرة أو حال
منه.
(3)
الحشر: 7.
(4)
كذا وفي الخصال والكافي «فيشتبه على من لا يعرف ولم يدر».
(5)
الطارىَ هو الغريب الذي أتاه عن قريب من غير انس به وبكلامه، وإنّما كانوا يحبون
قدومهما أمّا لاستفهامهم وعدم استعظامهم إياه أو لاَنّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) كان يتكلم على وفق عقولهم فيوضحه حتى يفهم غيرهم
(قاله العلاّمة المجلسي ـ رحمه اللّه ـ).
(6)
الدخلة: المرة من الدخول، واخلاه وبه ومعه: اجتمع معه في خلوة.
===============
( 144 )
عليَّ فلِمَ تأمرني بكتبه أتتخوَّف عليَّ النسيان؟ فقال: يا أخي لست
أتخوَّف عليك (1) النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني اللّه عزَّ وجلَّ أنّه
قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، وإنّما تكتبه لهم، قلت: يا
رسول اللّه و من شركائي؟ قال: الذين قرنهم اللّه بنفسه وبي، فقال: "يا
أيّها الذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرَّسول وأُولي الاَمر منكم "
فإن خفتم تنازعاً في شيء فارجعوه إلى اللّه وإلى الرَّسول وإلى أُولي الاَمر منكم (2)
فقلت: يا نبيَّ اللّه و من هم؟ قال: الاَوصياء إلى أن يردوا عليَّ حوضي، كلّهم هاد
مهتد، لا يضرُّهم خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا
يفارقهم، بهم تُنصر أُمّتي ويُمطرون، ويدفع عنهم بعظائم دعواتهم (3)قلت:
يا رسول اللّه سمّهم لي، فقال: ابني هذاـ ووضع يده على رأس الحسن ـ ثمَّ ابني هذا
ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ ثمَّ ابنٌ له على اسمك يا عليُّ، ثمَّ ابن له محمّد
بن عليٍّ، ثمَّ أقبل على الحسين وقال: سيولد محمّد بن عليٍّ في حياتك فأقرئه منّي
السلام، ثمَّ تكمّله اثني عشر إماماً، قلت: يا نبيَّ اللّه سمّهم لي، فسمّـاهم
رجلاً رجلاً.
منهم
واللّه يا أخا بني هلال مهديُّ هذه الاَُمّة (4)الذي يملاَ الاَرض
قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
19ـ
حدّثني علي بن الحسن بن مندة قال: حدّثنا محمّد بن الحسين المعروف الكوفي المعروف
بأبي الحكم قال: حدثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم قال: حدثني سليمان بن حبيب قال:
حدثني شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن علقمة ابن قيس قال: خطبنا أمير
الموَمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة خطبة اللوَلوَة
فقال فيما قال في آخرها:
____________
(1)
في الخصال والكافي «لست أخاف عليك».
(2)
كذا، وهذا مضمون مأخوذ من الآية لا لفظها.
(3)
في بعض النسخ «بمستجابات دعواتهم».
(4)
في بعض النسخ «مهدي أُمّة محمّّد».
===============
( 145 )
«ألا
وإنِّي ظاعِنٌ عن قريبٍ ومنطلقٌ إلى المغيب، فارتَقِبوا الفِتنَةَ الاَمويَّة
والممَلَكَةَ الكِسْـرَويَّةَ وإماتةَ ما أحياهُ اللّهُ وإحياءَ ما أماتهُ اللّهُ،
واتَّخذوا صوامِعَكُمْ بُيُوتَكُمْ، وَعَضُّوا على مِثْلِ جَمْرِ الغَضَـا،
فَاذْكْرُوا اللّهَ ذِكراً كثيراً فَذِكْرُهُ أَكْبَرُ لَوْ كُنْتُمْ تعْلَمُونْ.
ثُمَّ
قالَ: وَتُبْنَى مَدِيْنَةٌ يُقالُ لَهَا الزَّوراءُ بَيْنَ دِجْلَةَ ودُجَيْلَةَ
والفُرْاتِ، فَلَوْ رَأَيْتُمُوها مُشَيَّدةً بِالجُصِّ والآجُر مُزَخْرَفَةً
بِالذَّهبِ والفضَّةِ واللاَّزَوَرْدِ المُسْتَسْقَا والمَرْمَرِ وَالرُّخَامِ
وَأَبْوابِ العَاجِ والاَبَنْوسِ والخِيَمِ والقُبَابِ والشَّاراتِ وَقَدْ
عُلِّيَتْ بِالسَّاجِ والعَرْعَرِ والصَّنوبَر والخشبِ وشُيِّدَتْ بالقُصُـورِ
وَتَوالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ (مُلُوكُ) بني الشَّيصبانِ أرْبَعَةٌ وَعِشْـرُونَ
مَلِكَاً عَلَى عَدَدِ سِنيِّ المُلْكِ الكَدِيدِ، فيهُمُ السَّفَّاحُ والمقْلاصُ
والجَمُوعُ والخَدْوعُُ والمُظفَّرُ والموَنَّثُ والنظَّارُ والكبْشُ والمهْتُورُ
والعَشَّارُ والمُصطَلمُ والمُسْتَصْعَبُ والعلاَّمُ والرَهبانيُّ والخَلِيعُ
والسَيَّارُ والمُسْرِفُ والكَديدُ والاَكْتَبُ والمُتْرَفُ والاَكْلَبُ
والوَشِيمُ والظلاَّمُ والعَيُّوق، وتُعْمَلُ القُبَّةُ الغَبْـرَاءُ ذات القلاةِ
الحَمْراءِ في عَقِبها قَائمُ الحقِّ يُسْـفِرُ عنْ وجْهِهِ بَيْـنَ الاَقاليمِ
كالقَمَرِ المُضيءِ بَيْـنَ الكَواكِبِ الدُّرِّيَّةِ، ألا وإِنَّ لِخُرُوجِهِ
عَلاَمَاتٍ عَشراً: أَوَّلُها طُلُوعُ الكَوْكَبِ ذِي الذَّنَبِ ويُقارِبُ مِنَ
الحاوي وَيَقعُ فيهِ هَرجٌ ومَرجٌ وَشَغَبٌ وتِلكَ عَلاماتُ الخَصب، وَمِنَ
العَلاَمَةِ إلى العَلامَةِ عَجَبٌ، فَإِذا انْقَضَتِ العَلاماتُ العَشرُ إذ ذَاكَ
يَظْهَرُ بِنَا القَمَرُ الاََزْهَرُ وَتَمَّت كَلِمَةُ الاِخْلاصِ للّهِ عَلَى
التوْحِيدِ ... نَعَمْ إِنَّه لَعَهْدٌ عَهِدَهُ إليَّ رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه
وآله وسلم) أنَّ الاَمرَ يَمْلِكُهُ اثْنا عَشَـرَ إِماماً تِسْعَةٌ مِنْ صُلْب
الحُسَيْنِ وَلَقَدْ قَالَ النَّبيُّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : لَمَّا
عُرِجَ بي إلى السَّمَـاءِ نَظَرْتُ إلى سَاقِ العَرْشِ فَإِذَا مَكْتُوبٌ
عَلَيْهِ: لا إلهِ إلاَّ اللّهُ محمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ أيَّدْتُهُ بِعَليٍّ
ونصرتُهُ بِعليٍ ورَأيتُ اثني عشرَ نوراً فقلت: ياربِّ أنوار من هذه؟ فنوديتُ يا
مُحمَّدُ هذه الاَنوارُ الاَئمّةُ من ذُريَّتِكَ، قلتُ: يا رَسُولَ اللّهِ أفلا
تُسَمِّيهِم لي؟ قال: نعم أنْتَ الاِمامُ والخليفةُ بَعْدي تَقِضِي ديني وتُنجِزُ
عِدَاتي، وبعدكَ ابناك الحسنُ والحسينُ وبعد الحسين ابنه عليٌّ زين العابدين وبعد
عليٍّ ابنهُ محمدٌ يُدعى الباقِرُ، وبعد محمّدٍ ابنُهُ جعفر يُدْعى بِالصادِق،
وبعد جعفر موسى يُدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنهُ عليٌّ يُدْعى بالرِّضا، وبعد عليٍّ
ابنهُ محمَّدٌ يُدعى بالزَّكيِّ، وبعد
===============
( 146 )
محمَّد ابنهُ عليٌّ يُدْعى بالنَّقيِّ، وبعدهُ ابنهُ الحسن يُدعى
بالاَمين، والقائِمُ من وُلدِ الحسَنِ سميِّي وأشبهُ النّاس بي، يملوَُها قِسطاً
وعدلاً كما مُلِئت جوراً وظلماً» (1)
20ـ
عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم،
عن حنان بن السرّاج، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل قال: شهدت جنازة
أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعليٌّ (عليه السلام)
جالسٌ ناحية فأقبل غلامٌ يهودي جميل [الوجه] بهيٌّ، عليه ثياب حسان وهو من ولد
هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير الموَمنين أنتَ أعلم هذه الاَُمّة
بكتابِهِمْ وأمر نبيِّهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: ايَّاك أعني وأعادَ عليه
القول، فقال له عمر: لِمَ
____________
(1)
كفاية الاَثر: 213 ـ 219، مشارق البرسي: 164ـ166، وقال: ومن ذلك ما ورد عنه في
خطبة الافتخار، رواها الاَصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير الموَمنين (عليه السلام)
فقال في خطبته: وفي آخرها «...وإنَّي ظَاعِنٌ عَنْ قَرِيبٍ، فَارْتَقِبُوا ...
وَالدَّولَةَ الكِسْـرَوِيَّةَ ثُمَّ تُقْبِلُ دَوْلَةُ بَنِي العَبَّاسِ
بِالفَرَحِ وَالبَاسِ، وَتُبْنَى ... الزَّوْرَاءُ ... مَلْعُونٌ مَنْ سَكَنَهَا،
مِنْهَا تَخْرِجُ طِينَةُ الجَبَّارِينَ تُعْلى فِيهَا القُصُورُ، وَتُسْبَلُ
السُّتُورُ، وَيَتَعَلُّونَ بِالمَكْرِ والفُجُورِ، فَيَتَدَاوَلُها بَنُو
العَبَّاسِ 42 مَلِكَاً عَلَـى عَدَدِ سِنِيِّ المُلْكِ، ثُمَّ الفِتْنَةُ
الغَبْرَاءُ، والقِلادَةُ الحَمْرَاءُ في عُنُقِهَا قَائِمُ الحَقِّ، ثمَّ
أُسْفِرُ عَنْ وَجْهِي بَيْـنَ أَجْنِحَةِ الاَقالِيمِ كَالقَمَرِ المُضِـيءِ
بَيْـنَ الكَوَاكِبِ، ألا وإِنَّ لِخُرُوجِي... أَوَّلُهَا تَحْرِيفُ الرَايَاتِ
في أَزِقَّةِ الكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ المَسَاجِدِ، وانْقِطَاعُ الحَاجِّ، وَخَسْفٌ
وَقَذْفٌ بِخُراسَانَ، وَطُلُوعُ الكَوْكَبِ المُذَنَّبِ وَاقْتِرَانُ النُّجُومِ،
وَهَرجٌ وَمَرْجٌ وَقَتْلٌ وَنَهْبٌ، فَتِلْكَ عَلاَمَاتٌ عَشَـر، وَمِنَ
العَلاَمَةِ ... فَإِذَا تَمَّت العَلاَماتُ قَامَ قَائِمُنَا، قَائِمُ الحَقِّ»،
البحار: 36|354، 41|318 و 329، 52|267ـ 268، إثبات الهداة: 1|598 ـ بعضه ـ، 2|442
ـ بعضه الآخر، بشارة الاِسلام: 57، 58 ـ 59، غاية المرام: 57، مناقب ابن شهر آشوب
2|273 ـ بعضه ـ مرسلاً عنه (عليه السلام) ، ملاحم
ابن طاووس: 136ـ آخره ـ وقال: ذكر السليلي أنَّه خطب بها قبل خروجه من البصرة
بخمسة عشر يوماً، وفيه: «... وتَمَّتِ الفِتْنَةُِ الغَبْرَاءُ والقِلادَةُ
الحَمْراءُ وفي عُنُقِها قَائِمُ الحَقِّ ثُمَّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهٍ بَيِّـن،
أَصْبَحَتِ الاَقَالِيمُ كَالقَمَرِ المُضيء ... علاماتٍ عَشْـراً فَأَوَّلُهُنَّ
... المُذَنَّبُ... وَأَيَّ قُرْبٍ ويتبعُ به هرجٌ وشغبٌ فتلكَ أوَّلُ علاماتِ
المغيَّبِ ...العَشْـرُ فِيهَا القَمَرُ الاَزْهَرُ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الاِخْلاصِ
بِاللّهِ رَبِّ العَالَمِينَ» وقال: هذا آخر ما ذكره منها، مدينة المعاجز: 154،
العوالم : 15|199ـ202.
===============
( 147 )
ذاك؟ قال: إنِّي جئتك مُرتاداً لنفسي، شاكّاً في ديني، فقالَ: دونك
هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا عليٌّ بن أبي طالب ابن عمِّ رسول اللّه
صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) وهذا زوج فاطمة بنتِ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
، فأقْبَلَ اليهودي على عليٍّ (عليه السلام) فقال:
أكذاكَ أنت؟ قال: نعم، قال: إنِّي أُريدُ أن أسْألكَ عن ثلاثٍ وثلاثٍ وواحدةٍ،
قال: فتبسَّم أمير الموَمنين (عليه السلام) من غيرِ تَبَسُّمٍ وقال: يا
هارونيُّ ما مَنَعَكَ أن تقولَ سَبْعاً؟ قال:
أسْألُكَ
عن ثلاثٍ فإنّ أجبتَني سألتُ عمَّـا بعدهُنَّ وإن لمْ تَعْلَمْهُنَّ عَلِمْتُ
أنَّهُ لَيْسَ فِيْكُمْ عالِمٌ، قَالَ عَليٌّ (عليه السلام)
: «فَإِنِّي أسألُكَ بالاِلهِ الذي تَعبُدُهُ لَئِنْ أَنا أَجَبْتُكَ في كُلِّ ما
تُرِيدُ لَتَدَعنَّ دينكَ ولَتَدْخُلَنَّ في ديني»؟ قالَ: ما جِئتُ إلاّ لذاكَ،
قالَ: أخبرني عن أوّلِ قطرةِ دمٍ قطَرَتْ على وَجْهِ الاَرْضِ أيُّ قَطْرَةٍ هي؟
وَأَوَّلِ عَيْنٍ فَاضَتْ عَلَـى وَجْهِ الاَرْضِ، أيُّ عَينٍ هي؟ وَأوَّلِ شيءٍ
اهتَزَّ عَلَى وَجْهِ الاَرْضِ أيُّ شيءٍ هو؟ فَأَجابَهُ أَمِيرُ الموَْمِنينَ (عليه السلام)
فقالَ لَهُ: أَخبِرني عن الثَّلاثِ الاَُخر، أخْبِرْني عن مُحَمَّدٍ كَمْ لَهُ
مِنْ إمـامٍ عدلٍ؟ وفي أيِّ جنَّةٍ يكون؟ ومَن ساكِنُهُ (مُساكِنُهُ) مَعَهُ في
جَنَّتِهِ؟ فَقَالَ: «يا هارُوني إنَّ لِمُحَمَّدٍ اثني عشر إمامَ عدلٍ، لا
يَضُرُّهُم خُذلانُ مَنْ خَذَلَهُمْ ولا يَسْتَوْحِشُونَ بِخِلافِ مَنْ
خَالَفَهُمْ وَإِنَّـهُمْ في الدِّينِ أَرْسَبُ (أَرْسَـى) مِنَ الجِبالِ
الرَّواسِـي في الاَرضِ، وَمسكَنُ مُحَمَّدٍ في جَنَّتهِ مَعَهُ أُولَئِكَ الاثنا
عَشَـرَ الاِمَامَ العَدْلَ»، فَقَالَ: صَدَقْتَ واللّهِ الَّذِي لا إِلهَ إلاّ
هُوَ إنِّي لاَجِدُهَا في كُتُبِ أَبي هارُونَ، كَتَبَهُ بِيَدِهِ، وإِملاءُ مُوسى
عَمِّي (عليهما السلام) (1)
____________
(1)
الكافي: 1|529ـ530، وفي: 1|531ـ532ـ محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن مسعدة
ابن زياد، عن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني،
عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنتُ حاضِـراً لمَّا هَلَكَ أبو
بَكر واسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَقْبَلَ يَهْودِيٌّ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودِ يَثْرِبَ
وَتَزْعُمُ يَهُودُ المَدينَةِ أنَّهُ أعْلَمَ أَهلِ زَمَانِهِ، حَتَّى رُفِعَ إلى
عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: يا عُمَرُ إِنَّي جِئْتُكَ أُرْيدُ الاِسلام، فَإِنْ
أَخْبَرْتَني عَمَّـا أَسْأَلُكَ عَنْهُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
بِالكِتابِ والسنَّة وَجَميعِ ما أُريد أنْ أسألَ عَنْهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ
عُمرُ: إنِّي لَسْتُ هُناكَ لَكِنّي أُرْشِدُكَ إلى مَنْ هُوْ أَعْلَمُ أُمَّتِنا
بِالكِتابِ والسنَّة وَجَمِيعِ ما قَدْ تَسْأَلُ عَنْهُ وَهُوَ ذَاكَ ـ فَأَوْمَا
إلى عليٍّ (عليه السلام) قال:
أَخْبرني عن ثَلاثٍ وثَلاثٍ وواحِدَةٍ، فَقَالَ لَهُ عليٌّ (عليه السلام)
: يا يهوديُّ وَلِمَ لَمْ تَقُلْ: أخبرني عن سَبْعٍ، فَقَالَ له اليَهْوديُّ:
إنَّكَ إن أخبرتني بالثلاثِ، سَأَلْتُكَ عن البَقيَّةِ وإلاّ كَفَفْتُ، فَإِنْ أنت
أَجَبْتَني في هذِهِ السَّبْعِ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَهْلِ الاَرْضِ وأَفْضَلُهُم وَأَولى
النَّاسِ بالنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ عَمَّـا بَدا لَكَ يا يَهوديُّ قَال:
أَخْبرني عن أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ على وَجِهِ الاَرْضِ؟ وَأَوَّلِ شَجَرَةٍ
غُرِسَتْ عَلَـى وَجْهِ الاَرْضِ؟ وَأَوَّلِ عَيْـنٍ نَبَعَتْ عَلَـى وَجْهِ
الاَرْضِ؟ فَأَخْبَـرَهُ أَميرُ الموَمنين (عليه السلام)
، ثُمَّ قَالَ لَهُ اليهُودِيُّ: أخْبِـرْني عَنْ هذِهِ الاَُمّة كَمْ
لَهَا مِنْ إمامِ هُدى؟ وَأَخبِـرْني عَن نَبِيُكُمْ مُحَمَّدٍ أَيْنَ مَنْزِلُهُ
في الجَنَّةِ؟ وَأَخْبِـرْني مَنْ مَعَهُ في الجَنَّة؟ فَقَالَ لَهُ أمير الموَمنين
(عليه
السلام) : إنَّ لِهذِهِ الاَُمّةِ اثْنَي عَشَـرَ إمَامَ
هُدىً مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبيِّها، وَهُمْ مِنّي، وَأَمّا مَنْزِلُ نَبيِّنا في
الجَنَّةِ ففي أفضَلِها وأَشْـرَفِها جَنَّةِ عَدْنٍ، وََأمَّا مَنْ مَعَهُ في
مَنْزِلِهِ فيها فَهَوَلاءِ الاثنا عشَـرَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وأُمّهُمْ
وَجَدَّتُهُمْ وَأُمّ أُمِّهِم وَذَرَارِيهم، لا يَشرُكُهُمْ فيها أحدٌ».
غيبة
النعماني: 97ـ 99ـ أخبرنا أبو العبا س أحمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدَّثنا
محمّد ابن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمّانة الاَشعري من كتابه قال: حدَّثنا
إبراهيم بن مهزم قال: حدَّثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي يحيى
المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر ابن أبي سلمة ـ ربيب رسول اللّه (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة، قال: قالا: ـ
كما في رواية الكافي الثانية ـ بتفاوت ـ، البحار: 36|374ـ381، الاحتجاج:
1|226ـ227، الخصال: 2|476ـ 477، إثبات الهداة: 1|458 ـ آخره ـ عن رواية الكافي
الثانية، وقال: ورواه الشيخ في كتاب الغيبة، منتخب الاَثر: 62، كمال الدين:
1|294ـ296، و 297ـ299، و 299ـ300 ـ كما في رواية الكافي الاَُولى، بسند آخر عن أبي
الطفيل، و300 مختصراً، و300ـ 302، إعلام الورى: 367 ـ كما في رواية الكافي
الثانية، وفي: 367ـ369ـ عن رواية الكافي الاَُولى، وفي سنده: حيّان بدل حنان،
العوالم: 15|246، و 248ـ 249، و 251، كشف الغمة :3|296، غيبة الطوسي: 97ـ98، كما
في رواية الكافي الثانية ـ بتفاوت يسير، بسنده إلى الكليني، ثم بسنده الثاني،
ينابيع المودة: 443، عيون أخبار الرضا: 1|52ـ54.
===============
( 148 )
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . .