[ 199 ]
تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ، وَحَافِظُوا عَلَيْهَا، وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا، وَتَقَرَّبُوا بِهَا، فَإِنَّهَا (كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) وَإِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ
(1)
الْوَرَقِ، وَتُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَق
(2)
ومن كلام له عليه السلام
كان يوصي به أصحابه
الزكاة
ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلاَةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلاَمِ، فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا، فإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً، وَمِنَ النَّارِ حِجَازاً وَوِقَايَةً. فَلاَ يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ، وَلاَ يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا لَهَفَهُ، فإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا، يَرْجُو بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ، مَغْبُونُ
(6)
الْإِجْرِ، ضَالُّ الْعَمَلِ، طَوِيلُ النَّدَمِ.
الامانة
ثُمَّ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ، فَقَدْ خَابَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى السَّماوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ، وَ الْأَرَضِينَ الْمَدْحُوَّةِ
(7)
، وَالْجِبَالِ ذَاتِ الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ، فَلاَ أَطْوَلَ وَلاَ أَعْرَضَ، وَلاَ أَعْلَى وَلاَ أَعْظَمَ مِنْهَا. وَلَوِ امْتَنَعَ شَيْءٌ بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ قُوَّةٍ أَوْ عِزٍّ لَأَمْتَنَعْنَ، وَلكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَعَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ، (إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)
علم الله تعالى
إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَي لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ
(8)
فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ، لَطُفَ بِهِ خُبْراً
(9)
1. حتّ الورقَ عن الشجرة: قشره.
2. الرِبق ـ بكسر الراء ـ : حبل فيه عدة عرىً كل منها رِبْقة.
3. الحَمَّة ـ بالفتح ـ : كل عين ينبع منها الماء الحار ويستشفى بها من العلل.
4. الدَرَن: الوسخ.
5. نَصِباً ـ بفتح فكسر ـ : أي تَعِباً.
6. مَغْبون الأجر: منقوصه.
7. المَدْحُوّة: المبسوطة.
8. مقترفون: أي مكتسبون.
9. الخُبْر ـ بضم الخاء ـ : العِلْم.
10. العِيان ـ بكسر العين ـ : المعاينة والمشاهدة.