[ 144 ]
بَعَثَ اللهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِهِ، وَجَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ، لِئَلاَّ تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ، فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ. أَلاَ إِنَّ اللهَ قَدْ كَشَفَ الْخَلْقَ
(1)
كَشْفَةً، لاَ أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونَ أَسْرَارِهِمْ وَمَكْنُونِ ضَماَئِرِهمْ، وَلكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)، فَيَكُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً، وَالْعِقَابُ بَوَاءً
(2)
ومن خطبة له عليه السلام
مبعث الرسل
فضل أهل البيت(عليهم السلام)
أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا، كَذِباً وَبَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللهُ وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ، وَأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ. بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى، وَبِنَا يُسْتَجْلَى الْعَمَى. إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيشٍ غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ.
أهل الضلال
منها : آثَرُوا عَاجِلاً، وَأَخَّرُوا آجِلاً، وَتَرَكُوا صَافِياً، وَشَرِبُوا آجِناً
(3)
، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وَقَدْ صَحِبَ الْمُنكَرَ فَأَلِفَهُ، وَبَسِىءَ بِهِ
(4)
1. كشفَ الخلْقَ: علم حالهم في جميع أطوارهم.
2. بَواء: مصدر باء فلان بفلان: أي قُتِلَ به. والعقاب: القصاص.
3. الآجن: الماء المتغير اللون والطعم، واستعارة الامام للذّات الدنيا، تشبيهاً بالماء الذي لا يسوغ شربه لتغير لونه وطعمه.
4. بَسِىء به ـ كفرح ـ : ألِفَهُ واستأنس به.
5. خلائِقُهُ: ملكاته الراسخة في نفسه.
6. لا يَحْفِل ـ كيضرب ـ : لا يبالي.
7. «ازْدَحَمُوا على الحُطام»: استعار لفظ الحُطام لِمُقْتَنَيَات الدنيا، لسرعة فنائها وفسادها.