الفصل السابع
أعداء الحسين عليه السلام يبكونه
كانت فاجعة الامام الحسين الشهيد عليه السلام أليمة ومفجعة ومشجية الى درجة بحيث أبكت عيون أعدائه الأشداء ، وأقرحت قلوب مقاتليه الظلمة ، فضلا عن مواليه والمناضلين عنه . وقد بحثت كتب التاريخ وأسفار الرواة هذا الامر ، وأنقل منها هنا بعض ما توفر:
1ـ جاء في الصفحة « 108» من كتاب « نهضة الحسين » المار ذكره عند وصف شجاعة الحسين في قتاله يوم عاشورا حيث يقول : « وكلما تمايل الامام ليهوي الى الأرض توازن معه فرسه ـ وكانت من الجياد الأصيلة ـ حتى اذا ضعفت هي أيضا بما أصابها من الجروح ، خر الامام من سرجه على وجهه ، وأقبل فرسه نحو مخيمه يصهل ويحمحم ، فخرجت زينب من فسطاطها واضعة عشرة أصابعها على رأسها قائلة :( ليت السماء أطبقت على الارض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل . ثم صاحت بابن سعد قائلة : ياعمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر اليه ؟ فدمعت عينا عمر ، وسالت دموعه على لحيته لكنه صرف بوجهه عنها )(1) .. » .
2ـ جاء في كتاب « أعلام النساء في عالمي العرب والاسلام » تأليف رضا
____________
(1) مقتل الحسين لابي مخنف ، تحقيق حسن غفاري : 195 .
( 56 )

كحالة عند ترجمة حياة السيدة زينب أخت الامام الحسين عليه السلام ما نصه : « ثم مرت زينب عقب قتل أخيها الحسين فوجدته صريعاً ، فقالت : يا محمداه ، يا محمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا حسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الاعظاء . يا محمداه وبناتك سبايا ، وذريتك مقتلة (1) . فابكت بكلامها هذا كل عدو وصديق . ولما دنا عمر بن سعد من الحسين فقالت : يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر اليه ؟ فسالت دموع عمر على خديه ولحيته ، وصرف بوجهه عنها .. » .
3 ـ وروت بعض الروايات أن يزيد بن معاوية لما أخبر بقتل الحسين دمعت عيناه . إذ جاء في الصفحة «740» من كتاب « موسوعة آل النبي » للدكتورة عائشة بنت الشاطئ : « إن زحر بن قيس لما حمل الى يزيد بن معاوية خبر قتل الحسين عليه السلام وقال : ابشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره .. الى آخر كلامه . تعلق المؤلفة الباحثة على ذلك بقولها : « فيقال : ان يزيد دمعت عيناه وقال : قد كنت أرضى من طاعتكم بما دون قتل الحسين ، لعن الله ابن مرجانة » (2) .

***

____________
(1) اللهوف في قتلى الطفوف : 58 .
(2) مقتل الحسين : 195 .

( 57 )

الفصل الثامن
نساء الحسين عليه السلام يندبنه في ساحة المعركة
لم يكد ينتهى عمر بن سعد وزمرته الشريرة من قتل الامام الثالث الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام وآله وصحبه في ساحة كربلاء بعيد ظهيرة يوم الخميس العاشر من محرم الحرام سنة 61 هـ إلا وأمر ابن سعد في بقية ذلك اليوم وأمسيته وفي صبيحة اليوم التالي ( 11 محرم 61 هـ ) بدفن أجساد جنده بعد أن صلى عليها ، تاركاً أشلاء الامام الحسين عليه السلام والذين استشهدوا معه في العراء ، بين لهيب الشمس وحميم الارض الرمضاء ، وعرضة للنسور والعقبان ، دون غسل ، أو صلاة ، او دفن . وقبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم ـ أي بعد مرور حوالي عشرين ساعة على مقتل الامام وصحبه ـ رحل ابن سعد وما تبقى من جيشه عن كربلاء ، تاركاً ساحة المعركة ، وعائداً الى الكوفة ليقدم تقريره عن نتائج فعلته الشنيعة الى رئيسه عبيد الله بن زياد ، وآخذاً معه ما بقي من رحل الامام الشهيد وأهله وبينهم الامام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين ـ وكان عليلاً بالذرب ـ وكذا رؤوس الشهداء أصحاب الامام الـ «72» راساً عدا رأس الامام الحسين عليه السلام الذي كان ابن سعد قد أرسله الى ابن زياد في الكوفة بعد القتل مباشرة ـ أي بعد ظهر يوم العاشر من المحرم سنة 61 هـ ـ وذلك على يد خولى بن يزيد .
هذا وقبل أن يغادر الاسرى من النسوة والاطفال والصبية ، بما فيهم الامام


( 58 )

العليل زين العابدين عليه السلام ، أرض المجزرة الرهيبة ، تحت حراسة جلاوزة ابن سعد ، قالت النسوة السبايا للحراس : بحق الله إلا مررنا على مصرع الحسين وأحدات الشهداء ، فجاز الركب ساحة المعركة حيث الاشلاء مبعثرة في الدماء . فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن . فصاحت زينب : وامحمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا الحسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الاعضاء ( الى آخر ما مر ذكره في الفصل السابق ) . فضجت النسوة من ورائها بالنواح ، وبكى كل عدو وصديق من هذا الموقف الرهيب . كما أن سكينة بنت الحسين عليه السلام اعتنقت جسد أبيها فاجتمع عليها عدة من الأعراب حتى جروها عنه . وكان هذا أول نواح عام على ضحايا الطف بعد المعركة الشنيعة والمجزرة الرهيبة .
وفيما يلي أقوال بعض المؤرخين الثقات في وصف المعركة بإيجاز ، مما له صلة ببحث النياحة :
1 ـ جاء في الجزء «1 : 121» من « المجالس السنية » عند وصف ساعة طعان الامام لوحده للاعداء ، قول المؤلف : « فسقط عليه السلام عن فرسه الى الارض على خده الأيمن ، ثم قام . وخرجت أخته زينب الى باب الفسطاط وهي تنادي : وا أخاه ، وا سيداه ، وا أهل بيتاه ، ليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل (1) . وختمت نداءها هذا ـ الذي مر ذكره في الفصل السابق ـ قائلة : ويلكم أما فيكم مسلم ؟ فلم يجبها أحد بشيء » .
2 ـ وجاء في الصفحة «125» من الكتاب نفسه ما عبارته : « لما قتل الحسين وضعت أم كلثوم يدها على أم رأسها ونادت : وا محمداه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، هذا حسين بالعراء ، صريع بكربلاء ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والردا ـ الى أن يقول المؤلف الجليل عند وصف سلب خيم الامام وزين العابدين
____________
(1) اللهوف في قتلى الطفوف : 54 .
( 59 )

علي بن الحسين عليه السلام طريح الفراش مريض بالذرب ( الاسهال ) وأراد شمر قتله فمنعه عمر بن سعد ـ ما نصه : « حتى جاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء ، ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض .. » .
ثم يضيف المؤلف الى ذلك قوله : « وفي رواية : انهم أشعلوا النار فالفسطاط فخرجن منه النساء باكيات مسلبات .. » .
3 ـ جاء في الجزء «1 : 116» من الكتاب نفسه عن حادث مقتل العباس بن علي عليه السلام فيقول : فضربه آخر من الاعداء بعمود فقتله ، فوقف عليه الحسين عليه السلام منحنياً ، وجلس عند رأسه يبكي بكاء شديداً حتى فاضت نفس العباس الزكية . ولنعم ما قال القائل :

أحق الـناس أن يبكي عليه * فتى أبـكى الحسين بكربلاء
أخـوه وابـن والـده علي * أبو الفـضل المضرج بالدماء
ومـن واسـاه لا يثنيه شيء *وجـاد لـه علـى عطش بماء

4 ـ وفي الصفحة «123» من نفس الكتاب قوله : « وبعد أن احتز شمر رأس الحسين دفعه الى خولي فقال : احمله الى الأمير عمر بن سعد ، وهذا أرسله حالاً الى ابن زياد في الكوفة .. » .
5 ـ وفي الجزء «1 : 126» منه قوله : « لما كان يوم عاشوراء سرح عمر بن سعد برأس الحسين مع خولى بن يزيد الى عبيد الله بن زياد . قال الطهري وابن الأثير وغيرهما : فوجد خولى القصر مغلقاً فأتى بالرأس الى منزله فوضعه تحت أجانة ودخل فراشه وقال لامرأته جئتك بغنى الدهر ، هذا رأس الحسين عليه السلام معك في الدار : فقالت : ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن بنت رسول الله ، والله لا يجمع راسي ورأسك بيت ، وقامت من الفراش فخرجت من الدار .. » .
6 ـ وفي الصفحة «126» منه أيضاً بعد وصف حز رأس الحسين عليه السلام من قبل


( 60 )

شمر وأرساله الى ابن سعد ثم الى ابن زياد ما نصه : « وأمر ابن سعد برؤوس الباقين من أصحاب الحسين وأهل بيته فقطعت وكانت «72» رأساً وسرح بها الى ابن زياد ، وأقام بقية اليوم العاشر واليوم الحادي عشر الى الزوال ثم توجه الى الكوفة ، وحمل مع نساء الحسين وبناته وأخواته ومن كان معه من الصبيان ، وفيهم علي بن الحسين قد نهكته العلة فقالت النسوة : بحق الله إلا مررتم بنا على مصرع الحسين ، فمروا بهم على الحسين وأصحابه وهم صرعى ، فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن . قال الراوي : فوالله لا أنسى زينب وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا محمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا حسينك مرمل بالدماء ، مقطع الأعظاء ، وبناتك سبايا ، الى الله المشتكى ، والى محمد المصطفى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء . يا محمداه ، هذا حسين بالعراء تسفي عليه ريح الصبا . واحزناه ،واكرباه عليك با أبا عبد الله . اليوم مات جدي رسول الله . يا أصحاب محمد ، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا ـ الى أن يقول المؤلف ـ قال : فأبكت والله كل عدو وصديق . ثم ان سكينة بنت الحسين اعتنقت جسد أبيها فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه ... » .
7 ـ وفي الصفحة «138» من كتاب « سيد الاوصياء ونجله سيد الشهداء » المار ذكره قول المؤلف : « الرحيل ـ ثم أمر عمر بن سعد بسبي العيال وترحيلهم الى الكوفة ، فأركب النساء ومروا بهن على مصارع القتلى ، فلما رأين النساء تلك الأجساد المطهرة مقطعة الأوصال ، قد فصلت عنها رؤوسها ، علت أصواتهن بالبكاء ، وصحن صيحة واحدة : وا جداه ، وا محمداه ، وا أبتاه ، وا علياه . وألقت عقيلة بني هاشم زينب نفسها على جسد أخيها الحسين ، ووضعت يدا تحت جسده الطاهر ورفعته الى السماء وقالت : الهي تقبل منا هذا القربان .. » .
8 ـ جاء في الجزء «1 : 107» من كتاب « المجالس الحسينية » لمؤلفه الشيخ


( 61 )

محمد جواد مغنية ، نقلاً عن مقال منشور في عدد شباط 1959 م من مجلة « الغد » المصرية ما نصه : « واندفعت زينب من خبائها نحو أخيها حاسرة الرأس ملتاعة وزعقت بكل قواها .. واحسيناه . ثم سقطت مغمى عليها من الحزن العميق ... » .
9 ـ جاء في الصفحة «63» من كتاب « مدينة الحسين » السلسلة الثانية المار ذكره ، نقلاً عن كتاب « الحدائق الوردية » ما عبارته : « بعث عمر بن سعد برأس الحسين مع خولى بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم في عشية عاشوراء الى عبيد الله بن زياد في الكوفة ... » .
وقال هذا المؤلف في مكان آخر من كتابه ما نصه : « وكان مع رأس الحسين رأس العباس . كما أمر عمر بن سعد بقطع رؤوس الباقين من أصحاب الحسين فقطعت وأرسلت الى الكوفة .. » .

***


( 62 )



( 63 )

الفصل التاسع
بنو أسد تدفن أجساد الشهداء
ما عتمت عشية اليوم الثاني عشر من المحرم سنة 61 هـ ـ أي اليوم الثالث على استشهاد الامام وصحبه وآله ـ إلا وكانت قد عادت العشائر التي كانت تحيط بمنطقة القتال في كربلاء ، والتي كانت قد ضعنت موقتاً عنها بمناسبة القتال ، وهي عشائر بني عامر من قبائل بني أسد من سكان قريتي الغاضرية ونينوى ، وكانت أكثريتها تشايع آل بيت النبوة صلى الله عليه وآله وسلم وتوالي الحركة الحسينية ، فبادرت هذه العشائر فور عودتها الى التعرف على أجساد المستشهدين الزكية التي تركها ابن سعد في العراء تسفي عليها الرياح . ثم أخذ أفراد هذه العشائر يحفرون للأجساد الحفر اللازمة ، وقد دفنوا فيها أشلاءها الممزقة . وقد وصفت كتب التاريخ بايجاز حادث دفن هذه الأجساد على يد تلك العشائر . وانقل تالياً بعض المرويات عن ذلك الوصف :
1ـ جاء في الصفحة «64» من كتاب « مدينة الحسين » المار ذكره ما نصه : « أجمع المؤرخون على أن قوماً من بني أسد (1) كانوا نزولاً في الغاضرية قدموا كربلاء بعد أن رحل ابن سعد فصلوا على الجثث الطاهرة ودفنوها .. » .
2 ـ تقول رواية أخرى روتها كتب المقتل : إن نياحة الذين قاموا بدفن
____________
(1) ينابيع المودة 2 : 350 ، ارشاد المفيد 2 : 114 .
( 64 )

أجساد الشهداء كانت عظيمة حين الدفن وبعده ، لا سيما بعض النسوة اللواتي كن يرافقن الرجال في ساحة المعركة وساعة الدفن . وهكذا لم تمرالايام والاسابيع والشهور والسنوات إلا وأصبحت تلك القبور مزارات تجرى عليها الخيرات ، وتتلى عليها المدائح ، وتقام حولها المناحات في السر والعلن ، وتتردد ذكرى هذه الفاجعة الاليمة التاريخية حول تلك القبور وفي البلدان الاسلامية بأقطارها المختلفة في جميع بقاع الأرض ، وتسير مواكب العزاء ، وينشد الرثاء ، وتمثل الواقعة ، وتجدد حوادث المجزرة الرهيبة .

***


( 65 )

الفصل العاشر
أهل الكوفة ينوحون على الحسين عليه السلام وأهله
قلت في الفصل الثامن : إن عمر بن سعد بارح أرض المعركة « كربلاء » قبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم ، ومعه سبايا سيد الشهداء عليهما السلام من النساء والأطفال ، وفي مقدمتهم الامام العليل علي بن الحسين زين العابدين و «72» رأساً من رؤوس شهداء الطف ، سائراً بهم الى الكوفة حيث قصر أميره عبيدالله بن زياد . وفيما يلي وصف لما جرى على هذه السبايا منذ وصولها الى ضواحي الكوفة ، ومدة مكوثا وحتى خروجها منها قاصدة الشام ، وما لاقاه ركب هذه السبايا من أهل الكوفة من نياحة وعزاء ومناحة :
1ـ جاء في الصفحة « 145 » من كتاب « مقتل سيد الاوصياء ونجله سيد الشهداء » المار ذكره ما لفظه : « ثم أمر عمر بن سعد بأن تسير سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى الكوفة . فلما دخلت السبايا الكوفة اجتمع الناس للنظر اليها ، فأشرفت امراة من أهل الكوفة على الأسارى وسألت النساء وقالت : من أي الاسارى أنتن ؟ فاجبنها نحن أسارى آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فنزلت من شرفتها وجمعت لهن أزرا ومقانع وضج أهل الكوفة بالبكاء . فقال لهم الامام زين العابدين : « أتنوحون وتبكون من أجلنا ، فمن الذي قتلنا » ؟
وفي هذه الأثناء خطبت زينب ، ثم فاطمة بنت سيد الشهداء ، ثم أم كلثوم


( 66 )

بنت الامام علي عليه السلام ، ثم الامام زين العابدين . وبعد كل خطبة كان الناس يضجون بالبكاء والنحيب ، ونشرت النساء شعورهن ، وخمشن وجوهن ، ولطمن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال والاطفال والنساء ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم .
2ـ قال الشيخ المفيد في « ارشاده » ما نصه « ولما وصل رأس الحسين من كربلاء الى الكوفة ووصل ابن سعد ـ لعنه الله ـ من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وِأهله ، جلس ابن زياد للناس في قصر الامارة فأذن للناس اذنا عاما وأمر باحضار الرأس فوضع بين يديه ، فجعل ينظر اليه ويتبسم وفي يده قضيب يضرب به ثناياه ، وكان الى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو شيخ كبير ، فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فوالله الذي لا اله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لا احصيه كثرة تقبلهما ، ثم انتحب باكياً . فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك ، أتبكي لفتح الله ؟ والله لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك . فنهض زيد بن أرقم وهو يقول : أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة ، والله ليقتلن خياركم ، وليستعبدن شراركم ؛ فبعداً لمن يرضى بالذل والعار .. » (1) .
ويستطرد المفيد في « إرشاده » بوصف مثول بقية الأسرى من آل الحسين عليه السلام بين يدي ابن زياد ، وقوله لزينب : قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك . فيقول المفيد : « فرقت زينب وبكت وقالت : لعمري لقد قتلت كهلي ... » (2) الى آخر الحديث .
____________
(1) ليس في المصدر « وهو يقول : ايها الناس ... بالذل والعار » ، وبدلها في المصدر « من بين يديه وصار الى منزله » .
(2) ارشاد المفيد 2 : 114 .

( 67 )

وقد أستمر عويل ونحيب وبكاء ونواح أهل الكوفة من الرجال والنساء على مرأى من السبايا والاسارى ، وأسقط في ايدي أهل الكوفة من هول الفاجعة وذهلوا . وقد عمت هذه النوائح على سبايا الحسين عليه السلام الاوساط الكوفية طيلة ايام مكوثها فيها .
3 ـ جاء في الجزء «1 : 135» من كتاب « المجالس السنية » السابق الذكر بعد ان يذكر المؤلف تفصيل الخطبة التي ألقتها فاطمة الصغرى بنت الامام الشهيد عليه السلام على الكوفيين ما نصه : « وقبيل انتهائها من الخطبة ارتفعت اصوات الكوفيين بالبكاء والنحيب وقالوا : حسبك يا بنت الطيبين فقد احرقت قلوبنا ، وأنضجت نحورنا ، وأضرمت اجوافنا ، فسكتت .. » (1) .
4 ـ وفي الجزء « 1 : 132 » منه ما نصه : « لما جيء بالسبايا من أهل البيت الى الكوفة ، خطبت أم كلثوم بنت علي عليه السلام في ذلك اليوم من وراء كلتّها ، رافعة صوتها بالبكاء » (2) .
ثم قال المؤلف ـ بعد أن ذكر خطبتها ما عبارته : « فضج الناس بالبكاء والنحيب ، ونشر النساء شعورهن ، ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن ، ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم ... » .
ثم يستطرد الكتاب مشيراً الى خطبة الامام زين العابدين مخاطباً الناس يقول : « فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية ، وقال بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون » .
5 ـ روى ابن طاووس الحسيني في كتابه « اللهوف في قتلى الطفوف » هذه
____________
(1) اللهوف في قتلى الطفوف : 67 .
(2) في المصدر زيادة ( والله ) .

( 68 )

الرواية : « إنه لما جيء بسبايا أهل البيت الى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون . قال بشر (1) بن خزيم الاسدي : ونظرت الى زينب بنت علي عليه السلام يومئذ فلم أر خفرة أنطق منها ، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ، ثم قالت : الحمد لله ، والصلاة على محمد وآله الطاهرين . أما بعد ، يا أهل الكوفة (2) فلا رقأت الدمعة ولا قطعت (3) الرنة ... » الى آخر الخطبة .
ويستطرد ابن طاووس بعد نقل الخطبة كلها ويقول نقلاً عن بشر : « فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم . ورأيت شيخاً واقفاً الى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول : بأبي أنتم وأمي ، كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى ... » (4) .
6 ـ جاء في كتاب « الصواعق المحرقة » لابن حجر قوله : « ومن الصحابة الذين بكوا الحسين أنس بن مالك ، فانه لما حمل رأس الحسين لابن زياد في الكوفة ، جعله في طست ، وجعل يضرب ثناياه بقضيب ويدخله في أنفه ويقول : ما رأيت مثل هذا حسناً ، إنه كان لحسن الثغر . وكان عنده أنس فبكى وقال : كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » (5) .
وروى هذا الحادث الترمذي (6) ، وكذا كتاب « تذكرة الخواص » (7) لسبط
____________
(1) في المصدر ( بشير ) .
(2) في المصدر زيادة ( يا اهل الختل والغدر اتبكون ) .
(3) في المصدر ( ولا هدأت ) .
(4) اللهوف في قتلى الطفوف : 63 .
(5) الصواعق المحرقة : 118 .
(6) صحيح الترمذي 5 : 659 | 3778 .

( 69 )

ابن الجوزي ، كذا البخاري (8) عن ابن سيرين .
7 ـ جاء في الصفحتين « 137 و 138» من كتاب « نهضة الحسين » عند وصفه وصول السبايا والأسرى الى الكوفة ما نصه : « وأهل الكوفة في عبرة وعبرة من هذا المشهد الغريب ، يضجون ويعجون مما جرى على آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيهم من يناول الأطفال بعض الخبز والتمر رأفة ورحمة . فحري بالحرة الهاشمية ـ زينب سليلة الرسول ـ أن تصرخ بهم وتقول : إن الصدقة محرمة علينا أهل البيت . ونساء الأزقة والسطوح باكيات على هؤلاء .
قال خزيمة الاسدي : دخلت الكوفة فصادفت منصرف علي بن الحسين بالذرية من كربلاء الى ابن زياد فرأيت نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبن متهتكات الجيوب ، وسمعت علي بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل قد نحل من شدة المرض : يا أهل الكوفة ، أتبكون علينا فمن قتلنا غيركم ؟ » .
ويستطرد كاتب « نهضة الحسين » نقلاً عن خزيمة قوله : « فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيار يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ... » .
8 ـ وذكرت الدكتورة بنت الشاطئ ـ وهي عائشة بنت عبد الرحمن ـ في الصفحة «734» من « موسوعة آل النبي » ما نصه : « ودخل الموكب الكوفة . ووقفت الجموع محتشدة تشهد نساء البيت النبوي في طريقهن الىعبيد الله بن زياد ، وسمعت آهة من هنا ، وشهقة من هناك ، وكلمة من هنالك ، رثاء وعزاء . ورؤيت نساء الكوفة قياماً يندبن مخرقات الجيوب ، وبكى الباكون الكريمات المستذلات . فلم تطق زينب على ذلك صبراً ، لم تطق أن ترى أهل الكوفة يبكون الحسين وآله وهم ضحاياهم ، ويرثون للأميرات من بنات الرسول وما انتهك
____________
(7) تذكرة الخواص : 231 .
(8) صحيح البخاري 5 : 32 باب مناقب الحسن والحسين عليهما السلام .

( 70 )

حرمتهن سواهم » .
ثم تستطرد بنت الشاطئ فتقول : « حتى استقرت عينا زينب على أولئك الباكين فأشارت اليهم أن اسكتوا ، فطأطأوا رؤوسهم ، خزياً وندماً على حين مضت هي تقول ... » الخ .
ثم تنقل هذه المؤلفة الباحثة فقرات من خطبة زينب في الكوفة وتقول : « قال من سمعها : فلم أر والله خفرة أنطق منها ، كأنما تفرغ عن لسان أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب . فلا والله ما أتمت حديثها حتى ضج الناس بالبكاء ، وذهلوا وسقط ما في أيديهم من هول المحنة الدهماء ... » .


( 71 )

الفصل الحادي عشر
الشام ومناحتها على الحسين عليه السلام وأهله
وقد سارع عبيد الله بن زياد بالكتابة الى يزيد بن معاوية في الشام يعلمه بمصرع الامام الشهيد عليه السلام ووصول سباياه ورؤوس القتلى الى الكوفة ، فأجابه يزيد بالاسراع في إيفاد الأسرى من السبايا مع الرؤوس اليه ، فبادر ابن زياد حالاً بارسال ركب الأسرى والسبايا والرؤوس الى الشام . فبعث الرؤوس مع زجر بن قيس ، وأرسل السبايا أثر الرؤوس مع مخفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن .
ولم يكد هذا الركب الحزين يصل الى العاصمة الأموية إلا وعمت النياحات أو ساطها عليه ، كما كانت قد عمت الأوساط الكوفية وسائر المدن والنواحي والقصبات التي مر بها هذا الركب المفجع . ولقد تناقلت الروايات وصف هذه المناحات في الشام فانقل منها بعض ما يلي :
1 ـ جاء في الجزء «1 : 143» من كتاب « المجالس السنية » السالف الذكر ما نصه : « إنه عند ما أدخل ثقل الحسين عليه السلام وسباياه ونساؤه على يزيد بن معاوية في الشام ، وهو بين حاشيته وأعيانها ووجهائها ، وهم مقزنون في الحبال ، والامام زين العابدين عليه السلام مغلول . قال الامام عليه السلام مخاطباً يزيد : أنشدك الله ما ظنك برسول الله لو رآنا على هذه الصفة ؟ فلم يبق في القوم أحد إلا وبكى . فأمر يزيد بالحبال فقطعت ، وأمر بفك الغل عن الامام زين العابدين عليه السلام .
ثم وضع رأس الحسين عليه السلام بين يدي يزيد الذي أجلس النساء خلفه لئلا


( 72 )

ينظرون اليه ، فجعلت فاطمة وسكينة بنتا الامام الحسين عليه السلام يتطاولان لينظرا الرأس ، وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس . فلما رأين الرأس صحن ، فصاحت نساء يزيد ، وولولت بنات معاوية ، فقالت فاطمة : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ؟ فبكى الناس ، وبكى أهل داره حتى علت الأصوات . وأما زينب فأنها لما رأت الرأس أهوت الى جيبها فشقته ، ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب : ياحسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يا ابن مكة ومنى ، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، يا ابن بنت المصطفى ... قال الراوي فأبكت والله كل من كان حاضراً في المجلس ويزيد ساكت ، ثم جعلت امرأة من بني هاشم كات في دار يزيد تندب الحسين وتنادي : يا حبيبا ، يا سيد أهل بيتنا ، يا ابن محمداه ، يا ربيع الأرامل واليتامى ، يا قتيل أولاد الأدعياء ، فأبكت كل من سمعها . وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين عليه السلام ، وهي أم سكينة بنت الحسين وأم عبد الله الرضيع المقتول بكربلاء ، فأخذت الرباب الرأس ووضعته في حجرها وقبلته ... ثم أقيمت المناحة ثلاث أيام وصالا ... » .
وكانت هذه أول مناحة عامة على الحسين عليه السلام وأهله وآله وصحبه تقام في الشام ، إذ إن الروايات تفيد بأن يزيد أمر بأن تقام للسبيا والأسرى دار تتصل بداره ، وكان هؤلاء مدة مقامهم في أيامهم الحزينة بالشام ينوحون على الحسين في سرهم وعلنهم .
هذا ولم تكن بنات آل البيت والهاشميات وحدهن الباكيات بل واستهن نساء بني أمية بدموعهن ، فلم تبق أموية إلا وأخذت تبكي وتنوح على الحسين عليه السلام وسباياه .
2 ـ جاء في كتاب « أعلام النساء في عالمي العرب والاسلام » لمؤلفه عمر كحالة ، عند بحثه عن مجلس يزيد في الشام وحضور السبايا فيه . قوله : « ثم أخرجهن فأدخلهن دار يزيد بن معاوية ، فلم تبق امرأة من آل يزيد إلا أتتهن


( 73 )

وأقمن على الحسين المناحة ثلاثاً ... » (1) .
3 ـ وصف السيد عبد العزيز سيد الأهل في مؤلفه : « زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام » كيفية وصول الامام عليه السلام ومعه السبايا الى الشام وصعود الامام المنبر ليخطب في الناس ، ثم يقول : « وجعل علي بن الحسين يخطب ويفتخر بأهل بيته ويسميهم باسمائهم فرداً فرداً ، ويذكر فضائلهم وأياديهم على الملة والناس ، وما زال يقول ويطنب حتى بكى الناس وانتحبوا ، وتحركوا أو كادوا . فكان أيضاً أول انتحاب ... » .
4 ـ جاء في « موسوعة آل النبي » المار ذكرها عند ترجمة الرباب بنت امرئ القيس بن عدي زوجة الامام الحسين التي توفيت سنة 62 هـ ، والتي كانت ضمن أسرى ركب سبايا الحسين الى الكوفة وفي الشام والمدينة : « إنها ـ أي الرباب ـ قد أنشدت هذين البيتين عندما أخذت رأس الحسين وقبلته ووضعته في حجرها :

واحسينـا فلا نسيت حسيناً * أقـصدته أسنـة الأعـداء
غادروه بكـربلاء صريعاً * لا سقى الله جـانبي كربلاء

وكانت هذه السيدة الجليلة لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً من البكاء على الحسين ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد سنة كاملة ... » .
5 ـ وفي الجزء «1 : 141» من « المجالس السنية » عند وصفه كيفية وصول السبايا الى درج باب المسجد الجامع ، في الشام ، قال المؤلف ما عبارته : « جاء شيخ وأخذ يشتم النساء والسبايا ، جابهه الامام زين العابدين بتعريف السبايا وبذكر بعض آيات القرآن الكريم ، وقال له : نحن هم الذين أشار اليهم القرآن ، فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه الى السماء وقال : اللهم أني أبرأ اليك من عدو آل محمد . ثم قال : هل لي من توبة ؟ فقال له الامام : نعم إن تبت تاب عليك الله ،
____________
(1) أعلام النساء 2 : 97 .
( 74 )

وأنت معنا ، فقال : إني تائب . فبلغ يزيد ذلك فأمر به فقتل ... » .
6 ـ في الجزء «1 : 149» من « المجالس السنية » عند وصف صعود الامام زين العابدين المنبر في الشام وإلقائه خطبة موجزة جاء ما نصه : « فلم يزل يقول الامام : أنا ، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذن فقطع عليه الكلام .. » .
7 ـ جاء في الصفحة «746» من « موسوعة آل النبي » في وصف مثول السبايا بين يدي يزيد ما نصه : « فهم يزيد أن يتلو الآية : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) [ الشورى : 30 ] .. لكنه ما لبث أن سكت ، فقد كان صراخ النسوة يسمع من بعيد ، فاجعا مؤثراً ، عالي الرنين . ولم تكن بنات بني هاشم وحدهن الباكيات بل واستهن نساء بني أمية بدموعهن . فلم تبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين ، وأقيمت المناحة ثلاثة أيام وصالاً ثم أمر يزيد فجهزن للسفر لى المدينة في صحبة حارس أمين ، معه خيل وأعوان » .
8 ـ في الصفحة «147» من كتاب « نهضة الحسين » عند الحديث عن اختتام مثول السبايا والأسرى بين يدي يزيد يقول مؤلفه الجليل ما لفظه : « هنا ، وفي هذه الساعة انطفأت جذوة الانتقام التي كان لهيباً يستعر في صدر يزيد من قبل . وهنا خاتمة المصائب . هنا أذن يزيد لأهل البيت النبوي بإقامة العزاء لفقد سيدهم ليالي وأياماً ، وعلت من بيوت يزيد ونسوته أصوات البكاء والعويل كحمامات الدوح يتجاوبن مع النوادب من آل الرسول على سيد شباب أهل الجنة » .
9 ـ جاء في الصفحة «133» من كتاب « المجالس الحسينية » لمؤلفه الشيخ مغنية ، نقلاً عن كتاب « نفس المهموم » ما نصه : « إن هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين عليه السلام فطلقها وتزوجت يزيد . وحين دخل السبايا على يزيد في الشام حسرت هند عن رأسها وشقت الثياب ودخلت على يزيد في مجلسه تندب وتصيح ، وقالت : يا يزد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب ؟... » .


( 75 )

10 ـ جاء في الصفحة «142» من « المجالس السنية » ما عبارته : « روي أن بعض فضلاء التابعين وهو خالد بن معدان لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلما وجدوه بعد أن فقدوه وسألوه عن سبب ذلك فقال : ألا ترون ما نزل بنا ؟ ثم أنشأ يقول :

جـاءوا برأسك يابن بنت محمد * مـترملاً بـدمـائه تـرميـلا
وكـأنمـا بك يـابن بنت محمد * قتلـوا جهاراً عـامدين رسولا
قـتلوك عطشاناً ولمـا يـرقبوا * في قـتلك التأويـل والتـنزيلا
ويكـبرون بـأن قـتلت وإنمـا * قـتلوا بك التكبير والتهليلا (1)

11 ـ ورد في الصفحة «153» من كتاب « إقناع اللائم » ما عبارته :
« وفي العقد الفريد (2) عن المدائني بسنده عن الحسن البصري قال : قتل مع الحسين ستة عشر من أهل بيته والله ما كان على الأرض يومئذ أهل بيت يشبهون بهم ، وحمل أهل الشام بنات رسول الله سبايا على ظهور الابل ، فلما أدخلوا على يزيد قالت فاطمة بنت الحسين : يا يزيد ، أبنات رسول الله سبايا ؟ قال : بل حرائر كرام ، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت . قالت : فدخلت اليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا متلدمة تبكي . وقالت بنت عقيل بن أبي طالب ترثي الحسين ومن أصيب معه :

عيني ابكـي بعبرة وعـويل * واندبي إن ندبت آل الرسول
سـتة كـلهم لصـلب علـي * قد اصـيبوا وخـمسة لعقيل

12 ـ جاء في الصفحة «356» من تاريخ الطبري المجلد الرابع ، عند ذكره وضع رأس الحسين بين يدي يزيد في الشام ما نصه : « وقيل (3) : إن هنداً بنت
____________
(1) اللهوف في قتلى الطفوف : 76 .
(2) العقد الفريد 5 : 132 .
(3) في المصدر هكذا : ( قال : فسمعت دور الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز

( 76 )

عبد الله بن عامر زوجة يزيد سمعت بما يدور في مجلس زوجها فتقنعت بثوبها وخرجت ، فقالت : يا أمير المؤمنين أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ؟ قال : نعم ، فأعولي عليه وحدي (1) عجل عليه ابن زياد فقتله ، قتله الله ... » .
13 ـ جاء في الصفحة «211» من « إقناع اللائم » عند بحثه عن أفراح عاشوراء لدى بعض الفرق وخاصة في الشام قوله : « والصحيح أن الذين سنوها هم بنو أمية كلهم وأتباعهم من زمن يزيد لا خصوص الحجاج . ولما دخل سهل بن سعد الصحابي الشام رآهم قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون ، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول . فقال في نفسه : ترى لاهل الشام عيداً لا نعرفه ؟ ثم علم أن ذلك بسبب دخول رأس الحسين عليه السلام ، فعجب لذلك » .
14 ـ وللسيد الرضي في هذه الأعياد هذا البيت الذي أورده كتاب « اقناع اللائم » أيضاً :

كانت مآتم بالعراق تعدها * أموية بالشام من أعيادها

وكذلك لابن منير الدين الطرابلسي في رائيته المشهورة هذه الأبيات في تلك الأعياد :

وحـلقت في عـشر المحـر * م ما استطال مـن الشـعر
ونـويت صــوم نـهـاره * وصـــيام أيـام أخــر
ولبـست فـيـه أجمـل ثـو * ب للــملابـس يــدخر
وسهرت في طــبخ الحـبو * ب من العشاء الى السـحر
وغــدوت مكـتحـلا أصـا * فـح من لـقيت مـن البشر
ووقـفت في وسـط الـطـر * يق أقـص شارب من عبر

***

____________
=
وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت ) .
(1) في المصدر زيادة ( على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصريحة قريش ) .