مقاتل الطالبين

تأليف

ابو الفرج الاصفهانى

أخبرنا السيد الشريف أبوعبدالله محمد بن علي بن عبدالرحمان الحسني رضى الله عنه وأرضاه قرأته عليه قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري وعبدالله بن الحسين بن محمد الفارسي قراء‌ة عليهما قال: أخبرنا أبوالفرج علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني:(1) بحمد الله والثناء عليه يفتتح كل كلام، ويبتدأ كل مقال كفاء لآلائه وشكرا لجميل بلائه.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من آمن بربوبيته، واعترف بوحدانيته، وأن محمدا عبده ورسوله المبعوث برسالته، والداعي إلى طاعته، والموضح الحق ببرهانه، والمبين أعلام الهدى ببيانه، عليه وعلى آله وأطايب أرومته، والمصطفين من عترته، أفضل سلام الله وتحيته، وبركاته ورحمته.

وبالله نستعين على ما أردناه، وقصدنا إليه ونحوناه، من أمر الدنيا والآخرة والعاجلة والآجلة.

وبه عز وتعالى نعوذ من كل عمل لا يرتضيه، فيردى، وسعي لا يشكره فيكدى، إذعانا بالتقصير والعجز، وتبرؤا من الحول والطول إلا بقدرته ومشيئته وتوفيقه وهدايته.وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

وصلى الله على نبيه محمد صلى الله عليه سيد الاولين والآخرين، وخاتم النبيين والمرسلين أولا وآخرا، وبادئا وتاليا، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وسلم كثيرا،

___________________________________

(1) وفي نسخة(قال علي بن الحسين الاصفهاني المؤلف لهذا الكتاب)

[2]

ونحن ذاكرون في كتابنا هذا إن شاء الله وأيد منه بعون وإرشاد جملا من أخبار من قتل من ولد أبي طالب منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوقت الذي إبتدأنا فيه هذا الكتاب، وهو في جمادي الاولى سنة ثلاث عشرة وثلثمائة للهجرة، ومن احتيل في قتله منهم بسم.

سقيه وكان سبب وفاته، ومن خاف السلطان وهرب منه فمات في تواريه، ومن ظفر به فحبس حتى هلك في محبسه، على السياقة لتواريخ(1) مقاتل من قتل منهم، ووفاة من توفى بهذه الاحوال، لا على قدر مراتبهم في الفضل والتقدم.

ومقتصرون في ذكر أخبارهم على من كان محمود الطريقة، سديد المذهب، لا من كان بخلاف ذلك، أو عدل عن سبيل أهله ومذاهب أسلافه، أو كان خروجه على سبيل عبث وإفساد.

وعلى أنا لا ننتفي من أن يكون الشئ من أخبار المتأخرين منهم فاتنا ولم يقع إلينا، لتفرقهم في أقاصي المشرق والمغرب، وحلولهم في نائي الاطراف وشاسع المحال التي يتعذر علينا استعلام أخبارهم فيها، ومعرفة قصصهم لاستيطانهم إياها سيما مع قصور زماننا(2) هذا وأهله، وخلوه من مدون الخبر، أو ناقل الاثر كما كان المتقدمون قبلهم يدونون ويصنفون وينظمون ويرصفون.ومن اعترف بالتقصير خلا من التأنيب.

وجاعلون ما نؤلفه في هذا الكتاب ونأتى به، على أقرب ما يمكننا من الاختصار ونقدر عليه من الاقتصار، وجامعون فيه ما لا يستغنى عن ذكره من أخبارهم وسيرهم ومقاتلهم وقصصهم، إذ كان استيعاب ذلك وجمعه من طرقه ووجوهه يطول جدا ويكثر ويثقل على جامعه وسامعه، والاختصار لمثل هذا أخف على الحامل والناقل.

والله المسئول حسن التوفيق والمعونة على ما أرضاه من قول، وأزلف لديه من عمل.

وهو حسبنا ونعم الوكيل.

___________________________________

(1) - وفي نسخة على السياق والتواريخ.

(2) - وفي: " من أن يكون اليسير منهم "