![]() |
علي بن أبي طالب عليه السلام
وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب.ويكنى أبا الحسن وأبا الحسين.
وروي عنه عليه السلام أنه قال: كان الحسن في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوني ابا الحسين.
وكان الحسين يدعوني ابا الحسن ويدعوان رسول الله صلى الله عليه وآله أباهما، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله دعواني بأبيهما.
وكانت فاطمة بنت اسد امه رحمة الله عليها لما ولدته سمته حيدرة، فغير ابو طالب اسمه وسماه عليا.
وقيل إن ذلك اسم كانت قريش تسميه به والقول الاول اصح.
ويدل عليه خبره يوم خيبر وقد برز اليه مرحب اليهودي وهو يقول:
قد علمت خيبر اني مرحب*** شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب اقبلت تلهب
فبرز اليه علي عليه السلام وهو يقول:
أناالذي سمتني أمي حيدره*** كليث غاب في العرين قسوره
أكيلكم بالصاع كيل السندره
حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا موسى بن عمير القرشي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده: وذكر سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كناه أبا تراب وكانت من أحب ما يكنى به اليه وكانت بنو أمية دعت سهلا إلى أن يسبه على المنبر.
حدثني علي بن إسحاق بن عيسى المخزومي، قال حدثنا محمد بن بكار بن الريان.
قال حدثنا أبومعشر عن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: كان بين علي وفاطمة شئ فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله يلتمس عليا فلم يجده فقال
لفاطمة: أين هو؟ قالت: كان بيني وبينه شئ فخرج من عندي وهو غضبان، فالتمسه رسول الله صلى الله عليه وآله فوجده في المسجد راقدا وقد زال رداؤه عنه وأصابه التراب، فأيقظه رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يمسح التراب عن ظهره وقال له: اجلس فإنما أنت أبوتراب.وكنا نمدح عليا إذا قلنا له أبوتراب.
فحدثني علي بن إسحاق، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا خالد ابن مخلد، قال حدثنا سلمان بن بلال، قال حدثني أبوحازم بن دينار، قال سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول: إن كان لاحب أسماء علي اليه أبوتراب.
وإن كان ليفرح أن يدعى بها.وما سماه بذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وآله.وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أخذعليا من أبيه وهو صغير في سنة أصابت قريشا وقحط نالهم.
وأخذ حمزة جعفرا.وأخذ العباس طالبا ليكفوا أباهم مؤنتهم ويخففوا عنه ثقلهم.
وأخذ هو عقيلا لميله كان اليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اخترت من اختار الله لي عليكم عليا(1).
حدثني بذلك أحمد بن الجعد الوشاء قال حدثنا عبدالرحمان بن صالح.
قال حدثنا علي بن عابس عن هارون بن سعد عن زيد بن علي وكانت سنه يوم أسلم إحدى عشرة سنة على اصح ما ورد من الاخبار في إسلامه.وقد قيل ثلاث عشر سنة.وقيل سبع سنين.والثابت إحدى عشرة.
لان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث وهذه سنوه فأقام معه بمكة ثلاث عشرة.وبالمدينة عشرا.
وعاش بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة تنقص شهورا.
وقال في خطبته التي حدثني بها العباس بن علي النسائي وغيره.
قالوا حدثنا محمد بن حسان الازرق قال حدثنا شبانة ابن سوار قال حدثنا قيس بن الربيع عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي صادق: انه عليه السلام خطب الناس وقد بلغه خبر غارة الغامدي على الانبار فقال في خطبته: لقد قالت قريش إن ابن ابي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب.ويحهم وهل
(1) وفي نسخة " وكان ابوطالب يحب عقيلا ولذلك قال: دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم "[ * ]
فيهم اشد مراسا لها مني ! والله لقد دخلت فيها وانا ابن عشرين سنة.وانا الآن قد نيفت على الستين.
ولكن لارأى لمن لا يطاع.وكان عليه السلام اسمر مربوعا وهو إلى القصر اقرب عظيم البطن دقيق الاصابع غليظ الذراعين.حمش الساقين.في عينيه لين.عظيم اللحية اصلع ناتئ الجبهة قال ابوالفرج: وصفته هذه وردت بها الروايات متفرقة فجمعتها.
واتم ما ورد فيها من الاخبار حديث حدثني به احمد بن الجعد وعبدالله بن محمد البغوي قالا حدثنا سويد بن سعيد.
قال حدثنا داود بن عبدالجبار عن ابي إسحاق.
قال: ادخلني ابي المسجد يوم الجمعة فرفعني فريت عليا يخطب على المنبر شيخا اصلع ناتئ الجبهة عريض ما بين المنكبين له الحية قد ملات صدره في عينه اطر غشاش، قال داود يعنى لينا في العين.
قال فقلت لابي: من هذا ياابة؟ فقال هذا علي بن ابي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله واخو رسول الله ووصي رسول الله وامير المؤمنين صلوات الله ورضوانه وسلامه عليه.
قال ابوالفرج: وقد اتينا على صدر من اخباره فيه مقنع.وفضائله عليه السلام اكثر من ان تحصى.والقليل منها لا موقع له في مثل هذا الكتاب.والاكثار يخرجنا عما شرطناه من الاختصار.وإنما ننبه على من خمل عند بعض الناس ذكره او لم يشع فيهم فضله.
فأمير المؤمنين عليه السلام باجماع المخالف والممالي والمضاد والموالي على ما لا يمكن غمطه ولا ينساغ ستره من فضائله المشهورة في العامة لا المكتوبة عند الخاصة تغنى عن تفضيله بقول والاستشهاد عليه برواية.
(ثم نعود إلى ذكر خبر مقتله والسبب فيه) حدثني به احمد بن عيسى العجلي العطار قال حدثني الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدثنا زيد بن المعدل النمري قال حدثنا يحيى بن سعيد الجزار عن ابي مخنف عن سليمان بن ابي راشد عن عبدالرحمان بن عبيدالله عن جماعة من الرواة قد ثبت ما رووه في مواضعه، وحدثني ايضا بمقتله عليه السلام محمد بن الحسين
الاشناني قال حدثني موس بن عبدالرحمان المسروقي قال حدثنا عثمان بن عبدالرحمان الحراني قال حدثنا إسماعيل بن راشد ودخل حديثه في حديث من قدمت ذكره، وحدثنا ببعضه أحمد بن محمد بن دلان الخيشي وأحمد بن الجعد الوشاء ومحمد بن جرير الطبري وجماعة غيرهم قالوا حدثنا أبوهشام الرفاعي قال حدثنا أبوأسامة قال حدثنا أبوحباب قال حدثنا ابوعون الثقفي عن أبي عبدالرحمان السلمي حديثا ذكر فيه مقتله فأتيت بأشياء منه في مواضعها من سياقة الاحاديث، واكثر اللفظ في ذلك لابي مخنف، إلا ما عسى أن يقع فيه خلاف فأبينه قال اجتمع بمكة نفر من الخوارج فتذاكروا أمر المسلمين فعابوهم وعابوا أعمالهم عليهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم وقال بعضهم لبعض فلو أنا شرينا انفسنا لله فأتينا أئمة الضلال وطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا باخواننا الشهداء بالنهروان فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء الحج، فقال عبدالرحمان بن ملجم لعنه الله أنا اكفيكم عليا، وقال احد الآخرين: أنا اكفيكم معاوية، وقال الثالث: أنا اكفيكم عمرو ابن العاص، فتعاقدوا وتواثقوا على الوفاء الا ينكل واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه اليه ولا عن قتله، واتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم عليا عليه السلام.
قال أبومخنف قال ابوزهير العبسي الرجلان الآخران، البرك بن عبدالله التميمي وهو صاحب معاوية، والآخر عمرو بن بكر التميمي وهو صاحب عمرو ابن العاص.
فأما صاحب معاوية فإنه قصده فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في إليته، واخذ فجاء الطبيب اليه فنظر إلى الضربة، فقال اسماعيل بن راشد في حديثه: فقال: إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبرأو إما أن أسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك.
قال اما النار فلا اطيقها، واما النسل ففي يزيد وعبدالله ما يقر عيني وحسبي بهما، فسقاه الدواء، فعوفي وعالج
جرحه حتى التأم ولم يولد له بعد ذلك.
قال وقال له البرك بن عبدالله إن لك عندي بشارة، قال: وما هي؟ فأخبره بخبر صاحبيه، وقال له: إن عليا يقتل في هذه الليلة فاحبسني عندك فان قتل فأنت ولي ما تراه في امري، وإن لم يقتل اعطيتك العهود والمواثيق ان امضي فأقتله ثم اعود اليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم في بما تراه، فحبسه عنده، فلما اتاه ان عليا قد قتل خلى سبيله، وقال غيره من الرواة بل قتله من وقته.
قال وأما صاحب عمرو بن العاص فانه وافاه في تلك الليلة وقد وجد علة فأخذ دواء واستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة أحد بني عامر بن لؤي، فخرج للصلاة وشد عليه عمرو بن بكرفضربه بسيفه فأثبته، واخذ الرجل فأتى به عمرو العاص فقتله ودخل من غد إلى خارجة وهو يجود بنفسه فقال له: أما والله ابا عبدالله ما اراد غيرك، قال عمرو: ولكن الله أراد خارجة.
رجع الحديث إلى خبر ابن ملجم لعنه الله.
فحدثني محمد بن الحسين الاشناني وغيره قالوا حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال حدثنا ابن فضيل قال حدثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع أمير المؤمنين علي الناس للبيعة فجاء عبدالرحمان بن ملجم فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه، فقال له علي: ما يحبس أشقاها؟ فوالذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذه، ثم قال:
أشدد حيازيمك للمو***ت فإن الموت لاقيك
ولا تجزع من المو***ت إذا حل بواديك
قال: وروى غيره ان عليا اعطى الناس فلما بلغ إلى ابن ملجم قال:
أريد حياته ويريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد
أخبرنا الحسن بن علي الوشافي كتابه إلي قال حدثنا أبونعيم الفضل بن دكين قال حدثنا قطر عن ابي الطفيل بنحو من هذا الحديث.
حدثني أحمد بن عيسى العجلي قال حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال
حدثنا زيد بن المعدل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن أبي زهير العبسي قال كان ابن ملجم من مراد وعداده في كندة فأقبل حتى قدم الكوفة فلقي بها أصحابه وكتمهم أمره وطوى عنهم ما تعاقد هو واصحابه عليه بمكة من قتل أمراء المسلمين مخافة أن ينشر منه شئ وأنه زار رجلا من اصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت الاخضر بن شجنة من تيم الرباب، وكان علي قتل اباها وأخاها بالنهروان، وكانت من اجمل نساء اهل زمانها، فلما رآها ابن ملجم لعنه الله شغف بها واشتد إعجابه، فخبر خبرها فخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احتكمي ما بدالك.
فقال: انا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن ابي طالب، فقال لها: لك جميع ماسألت، فأما قتل علي فأنى لي بذلك؟ فقال: تلتمس غرته فإن انت قتلته شفيت نفسي وهنأك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا، قال لها: أما والله أقدمني هذا المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهلهإلا ماسألتني من قتل علي، فلك ما سألت، قالت له: فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك.
ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر وسألته معونة ابن ملجم لعنه الله فتحمل ذلك لها، وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من اشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال له: ياشبيب، هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما هو؟ قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، وكان شبيب على رأي الخوارج، فقال له يابن ملجم هبلتك الهبول.
لقد جئت شيئا إدا، وكيف تقدر على ذلك؟ قال له ابن ملجم: نكمن له في المسجد الاعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فقتلناه، فإذا نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنافلم يزل به حتى أجابه، فأقبل معه حتى دخل على قطام وهي معتكفة في المسجد الاعظم قد ضربت عليها قبة، فقالا لها.
قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل.
قالت لهما: فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع.فانصرفا من عندها
فلبثا أياما.ثم أتياها ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربعين.
هكذا في حديث أبي مخنف، وفي حديث أبي عبدالرحمان السلمي أنها كانت ليلة سبع عشرة خلت من شهر رمضان، وهو اصح.
فقال لها ابن ملجم: هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي ووعداني أن يقتل كل واحد منا صاحبه الذي يتوجه اليه فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا سيفهم، ومضوا فجلسوا ما يلي السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين إلى الصلاة.
حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعدل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، عن الاسود والاجلح أن ابن ملجم أتى إلى الاشعث بن قيس - لعنهما الله - في الليلة التي أراد فيها بعلي ما أراد، والاشعث في بعض نواحي المسجد.
فسمع حجر بن عدي الاشعث يقول لابن ملجم - لعنه الله - النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فقال له حجر: قتلته يااعور وخرج مبادرا إلى علي وأسرج دابته وسيفه ابن ملجم - لعنه الله - فضرب عليا.
وأقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين.
قال ابوالفرج علي بن الحسين بن الاصفهاني: وللاشعث بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أخبار يطول شرحها منها ما حدثنيه محمد ابن الحسين الاشناني قال: حدثنا إسماعيل بن موسى من بيت السدي قال حدثنا: علي بن مسهر، عن الاجلح عن موسى بن أبي النعمان قال: جاء الاشعث إلى علي يستأذن عليه فرده قنبر، فأدمى الاشعث انفه.فخرج علي وهو يقول.
مالي ولك يااشعث، اما والله لو بعبد ثقيف تمرست لاقشعرت شعيراتك، قيل.
ياامير المؤمنين ومن غلام ثقيف؟ قال.غلام يليهم لا يبقى اهل بيت من العرب إلا ادخلهم ذلا.
قيل: ياامير المؤمنين.كما يلي؟ وكم يمكث؟ قال عشرين إن بلغها.
حدثني محمد بن الحسين الاشناني.
قال حدثني إسماعيل بن موسى.
قال
حدثني رجل، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد قال.
حدثتني إمرأة منا قالت.رأيت الاشعث بن قيس دخل على علي - عليه السلام - فأغلظ له علي، فعرض له الاشعث بأن يفتك به.
فقال له علي عليه السلام.ابا الموت تهددني، فوالله ما ابالي وقعت على الموت، او وقع الموت علي.
حدثني ابوعبيد محمد بن احمد بن المؤمل الصيرفي بهذين الحديثين، عن فضل المصري عن إسماعيل ابن بنت السدي.رجع الحديث إلى مقتل امير المؤمنين.
قال ابومخنف.
فحدثني ابي عن عبدالله بن محمد الازدي، قال.
إني لاصلي تلك الليلة في المسجد الاعظم مع رجال من اهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من اول الليل إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة قياما وقعودا، وركوعا وسجودا، ما يسأمون، إذ خرج علي لصلاة الفجر، فأقبل ينادي.
الصلاة الصلاة فما ادرى انادى ام رايت بريق السيف؟ وسمعت قائلا يقول الحكم لله ياعلي لا لك ولا لاصحابك، ثم رايت بريق سيف آخر ثانيا وسمعت عليا يقول.لا يفوتنكم الرجل.
وقال إسماعيل بن راشد في حديثه، ووافقه في معناه حديث ابي عبدالرحمان السلمي ان شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، وضربه ابن ملجم - لعنه الله - فأثبت الضربة في وسط راسه.
وقال عبدالله بن محمد الازدي في حديثه.وشد الناس عليه من كل ناحية حتى اخذوه.
قال ابومخنف.
فذكرت همدان ان رجلا منهم يكنى ابا ادماءمن مرهبة اخذه وقال يزيد بن ابي زياد.
اخذه المغيرة بن الحرث بن عبدالمطلب طرح عليه قطيفة ثم صرعه.واخذ السيف من يده وجاء به.
واما شبيب بن بجرة فانه خرج هاربا، فأخذه رجل فصرعه، وجلس على صدره واخذ السيف من يده ليقتله، فراى الناس يقصدون نحوه، فخشى ان يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه، فوثب عن صدره وخلاه، وطرح السيف من يده.
ومضى الرجل هاربا حتى دخل منزله.
ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين، فأراد أن يقول: لا فقال نعم.فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
قال أبومخنف: فحدثني أبي، عن عبدالله بن محمد الازدي، قال: ادخل ابن ملجم لعنه الله على علي، ودخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي، فقال ابن ملجم - لعنه الله - والله لقد ابتعته بألف، وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله.
قال: ونادته أم كلثوم: ياعدو الله قتلت أمير المؤمنين.
قال: إنما قتلت أباك.
قالت ياعدو الله.إني لارجو أن لا يكون عليه بأس.
قال لها: فأراك إنما تبكين عليا.
إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الارض لاهلكتهم.
قال وأخرج ابن ملجم - لعنه الله - وهو يقول: قال إسماعيل بن راشد في حديثه والشعر لابن أبي مياس الفزاري:
ونحن ضربنا يابنة الخير إذ طغى***أبا حسن مأمونة فتقطرا
هذا البيت لابي مخنف وحده، وزاد اسماعيل هذين البيتين:
ونحن خلعنا ملكه عن نظامه***بضربة سيف إذ علاوتجبرا
ونحن كرام في الصباح أعزة*** إذا المرء بالموت ارتدى وتأزرا.
قال أبومخنف.فحدثني بعض أصحابنا، عن صالح بن ميثم، عن أخيه عمران قال: لقد رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه الله ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون له: ياعدو الله، ماذا فعلت؟ أهلكت أمة محمد صلى الله عليه وآله، وقتلت خير الناس.وانه لصامت ما ينطق.
قال أبومخنف: وحدثني معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على امير المؤمنين علي وقد أتاه عائدا، فلم يكن له عليه إذن فقال
صعصعة للآذان: قل له يرحمك الله ياأمير المؤمنين حيا وميا، فوالله لقد كان الله في صدرك عظيما، ولقد كنت بدات الله عليما، فأبلغه الآذن مقالة صعصعة فقال له علي: قل له وانت يرحمك الله، فلقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة.
قال: وقال رجل يذكر أمر قطام وابن ملجم لعنهما الله وقال محمد بن الحسين الاشناني في حديثه عن المسروقي وهو ابن أبي مياس الفزاري:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام من فصيح واعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة*** وضرب علي بالحسام المصمم
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا***ولافتك إلا دون فتك ابن ملجم
وأنشدنا حبيب بن نصر المهلبي، قال: أنشدنا الرياشي أحسبه عن أبي عبيدة لعمران بن حطان - لعنه الله - يمدح ابن ملجم لعنه الله وغضب عليهما بقتل أمير المؤمنين عليه السلام.
ياضربة من كمى ما أراد بها*** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
أنى لانكر فيه ثم أحسبه أوفى*** البرية عند الله ميزانا
كذب.لعنهما الله وعذبهما.
حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسن بن نصر، قال.
حدثنا زيد بن المعدل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال.
حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم وعمرو بن أبي بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني، وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات، وكان من الاربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم، وإن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين - عليه السلام - دعا برئة شاة حارة واستخرج عرقا منها، فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له.
ياامير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فدعا عند ذلك بصحيفة ودواة وكتب وصيته:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما اوصى به امير المؤمنين علي بن أبي طالب.
اوصى بأنه يشهد ان لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله، ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلوات الله وبركاته عليه.
(إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذل امرت وانا اول المسلمين).
اوصيك ياحسن وجميع ولدي واهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا ولا تموتن إلا وانتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله يقول: إصلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام، وان المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.
الله الله في الايتام فلا تغبوا افواههم بجفوتكم، والله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله ما زال يوصينا بهم حتى ظنناانه سيورثهم.
والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله في الصلاة فانها عماد دينكم.
والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم مابقيتم، فانه إن ترك لم تناظروا وإنه إن خلا منكم لم تنظروا.
والله الله في صيام شهر رمضان فانه جنة من النار.
والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وانفسكم.
والله الله في زكاة اموالكم فانها تطفئ غضب ربكم.
والله الله في امة نبيكم فلا يظلمن بين اظهركم.
والله الله في اصحاب نبيكم فان رسول الله صلى الله عليه وآله اوصى بهم.
والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.
والله الله فيما ملكت ايمانكم فإنها كانت آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وآله
إذ قال: أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم.
ثم قال الصلاة الصلاة.
لا تخافوا في الله لومة لائم فانه يكفكم من بغى عليكم وأرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما أمركم الله.
ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي الامر عنكم وتدعون فلا يستجاب لكم.
عليكم بالتواضع والتباذل والتبار.
وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيه استودعكم الله خير مستودع وأقرأ عليكم سلام الله ورحمته.
حدثني أحمد بن محمد بن دلان، وأحمد بن الجعد، ومحمد بن جرير الطبري قالوا: حدثنا أبوهشام الرفاعي، قال: حدثنا أبواسامة، قال: حدثني أبوجناب قال: حدثني أبوعون الثقفي، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن الحسن بن علي قال: خرجت أنا وأبي نصلي في هذا المسجد، فقال لي: يابني إني بت الليلة أوقظ أهلي لانها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدرلسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يارسول الله ماذا لقيت من أمتك من الاود واللدد؟ فقالي: ادع عليهم.
فقلت: " اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر لهم مني " وجاء ابن النباح.
فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان فأما أحد فوقعت ضربته في الساق، واما الآخر فأثبتها في رأسه.
قال أبوالفرج الاود العوج، واللدد الخصومات.
حدثني أحمد بن عيسى قال: حدثنا الحسن بن نصر قال: حدثنا زيد بن المعدل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن فضيل بن خديج عن الاسود والكندي والاجلح قالا: توفي أمير المؤمنين علي - عليه السلام - وهو ابن أربع وستين سنة سنة أربعين في ليلة الاحد لاحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان، وولى غسله ابنه الحسن بن علي وعبدالله بن العباس، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها
قميص.
وصلى عليه ابنه الحسن وكبر عليه خمس تكبيرات، ودفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.
ودعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم - لعنه الله - فأتى به فأمر بضرب عنقه، فقال له إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع اليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فانظر ما صنع صاحباي بمعاوية فان كان قتله وإلا قتلته ثم أعود اليك.تحكم في بحكمك، فقال له الحسن هيهات.
والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار، ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الاسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.
حدثني أحمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن العلوي قال: حدثنا يعقوب ابن زيد قال: حدثني ابن أبي عمير عن الحسن بن علي الخلال، عن جده قال: قلت للحسن بن علي: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على مسجد الاشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري.
حدثني محمد بن الحسين الاشناني قال: حدثنا موسى بن عبدالرحمان المسروقي قال: حدثنا عثمان بن عبدالرحمان قال: حدثنا إسماعيل بن راشد بإسناده قال: لما أتى عائشة نعي علي أمير المؤمنين - عليه السلام - تمثلت:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى*** كما قر عينا بالاياب المسافر
ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فقالت:
فإن يك نائبا فلقد بغاه***غلام ليس في فيه التراب
فقالت لها زينب بنت أم سلمة: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت: إذا نسيت فذكروني، قال: ثم تمثلت:
ما زال إهداء القصائد بيننا***اسم الصديق وكثرة الالقاب
حتى تركت كأن قولك فيهم*** في كل مجتمع طنين ذباب
قال: وكان الذي جاءها بنعيه سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس بن أبي وقاص
هذاأو نحوه.
حدثني محمد بن الحسين الاشناني، قال: حدثنا أحمد بن حازم قال: حدثنا عاصم بن عامر وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا جرير عن الاعمش عن عمرو ابن مرة عن ابي البختري قال: لما أن جاء عائشة قتل علي " ع " سجدت.
قال أبومخنف وقالت أم الهيثم بنت الاسود النخعية ترثى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع ":
ألا ياعين ويحك فاسعدينا *** ألا تبكي أمير المؤمنينا
رزئنا خيرمن ركب المطايا *** وحبسها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها *** ومن قرأ المثاني والمئينا
وكنا قبل مقتله بخير *** نرى مولى رسول الله فينا
يقيم الدين لا يرتاب فيه *** ويقضي بالفرائض مستبينا
ويدعو للجماعة من عصاه *** وينهك قطع أيدي السارقينا
وليس بكاتم علما لديه *** ولم يخلق من المتجبرينا
لعمرأبى لقد أصحاب مصر *** على طول الصحابة أوجعونا
وغرونا بأنهم عكوف *** وليس كذاك فعل العاكفينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير الناس طرا أجمعينا
ومن بعد النبي فخير نفس *** أبوحسن وخير الصالحينا
كأن الناس إذ فقدوا عليا *** نعام جال في بلد سنينا
ولو أنا سئلنا المال فيه *** بذلنا المال فيه والبنينا
أشاب ذؤابتي وأطال حزني *** أمامة حين فارقت القرينا
تطوف بها لحاجتها اليه *** فلما استيأست رفعت رنينا
وعبرة أم كلثوم اليها *** تجاوبها وقد رأت اليقينا
لا تشمت معاوية بن صخر *** فإن بقية الخلفاء فينا
وأجمعنا الامارة عن تراض *** إلى ابن نبينا وإلى أخينا
ولا نعطي زمام الامر فينا *** سواه الدهر آخر ما بقينا
وإن سراتنا وذوي حجانا *** تواصو أن نجيب إذا دعينا
بكل مهند عضب وجرد *** عليهن الكماة مسومينا
أخبرني عمي الحسن بن محمد، قال: أنشدني محمد بن سعد الكناني لبعض بني عبدالمطلب يرثى أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يعرف اسمه:
يا قبر سيدنا المجن له *** صلى الاءله عليك ياقبر
ما ضر قبرا أنت ساكنه *** أن لايحل بأرضه القطر
فليندين سماح كفك في الثرى *** وليورقن بجنبك الصخر
والله لوبك لم أجد أحدا *** إلا قتلت، لفاتني الوتر
![]() |