محمد بن عبدالله بن الحسن

ومحمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويكنى أبا عبدالله.

وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبدالله بن زمعة بن الاسود بن المطلب بن اسد بن عبدالعزى بن قصي.

وأمها قريبة بنت يزيد بن عبدالله بن وهب بن زمعة بن الاسود بن المطلب ابن أسد.

وأمها خديجة بنت محمد بن طليب بن ازهر بن عبد عوف بن عبد الحرث.

وأمها أم مسلم بنت عبدالرحمن بن أزهر بن عبد عوف.

وأمها قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبدالله بن عمر بن مخزوم.

وأمها الدنيبة بنت عبد عوف بن عبد بن الحرث بن زهرة.

وأمها بنت العداء بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر ابن لؤي.

وأمها رزا بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب ابن فهر.

وأمها من بني الاحمر بن الحرث بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن الياس بن مضر.

وكان يقال له: صريح قريش لانه لم يقم عنه أم ولد في جميع آبائه وامهاته وجداته.

وكان اهل بيته يسمونه المهدي ويقدرون أنه الذي جاء‌ت فيه الرواية.

وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية، وانه المقتول بأحجار الزيت.

[158]

وكان من أفضل أهل بيته، واكبر اهل زمانه في زمانه في علمه بكتاب الله وحفظه له وفقهه في الدين وشجاعته وجوده وبأسه وكل امر يجعل بمثله حتى لم يشك احد انه المهدي وشاع ذلك له في العامة وبايعه رجال من بني هاشم جميعا من آل ابي طالب، وآل العباس، وساير بني هاشم ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في انه لا يملك.

وان الملك يكون في بني العباس فانتبهوا من ذلك لامر لم يكونوا يطمعون فيه.

وخرجت دعاة بني هاشم إلى النواحي عند مقتل الوليد بن يزيد، واختلاف كلمة بني مروان فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب وولده ومالحقهم من القتل والخوف والتشريد، فاذا استتب لهم الامر ادعى كل فريق منهم الوصية لمن يدعو اليه.

فلما ظهرت الدعوة لبني العباس وملكوا حرص السفاح والمنصور على الظفر بمحمد وإبراهيم لما في أعناقهم من البيعة لمحمد، وتواريا فلم يزالا ينتقلان في الاستتار والطلب يزعجهما من ناحية إلى أخرى حتى ظهرا فقتلا صلوات الله عليهما ورضوانه ! قال ابوالفرج الاصبهاني: وأنا أذكر من ذلك طرفا يتسق به خبرهما دون الاطالة لسائر ما عندي من ذلك إن كان هذا كتابا مختصرا قريب المأخذ، وكان شرح جميع ما روى في ذلك - على كثرته - يطول به الكتاب.

وكان أبوعبيدة سيدا من سادات قريش واجوادها قال الزبير - فيما أخبرني حرمي بن ابي العلاء - قال: حدثني سليمان بن عياش السعدي قال: لما توفي ابوعبيدة وجدت عليه ابنته هند وجدا شديدا فكلم عبدالله بن الحسن محمد بن بشير الخارجي في ان يدخل على هند بنت ابي عبيدة فيعزيها ويؤسيها عن ابيها فدخل معه عليها فلما نظر اليها صاح بأبعد صوته:

قومي اضربي عينيك ياهند لن ترى*** ابا مثله تسمو اليه المفاخر

وكنت إذا أثنيت أثنيت والدا *** يزين كما زان اليدين الاساور

[159]

فصكت وجهها وصاحت بحزنها وجهدها، فقال له عبدالله: الهذا ادخلت؟ ! قال الخارجي: وكيف أعزى عن أبي عبيدة وانا اعزى به ! حدثني عمر بن عبدالله العتكي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عبدالرحمن بن جعفر بن سليمان قال: حدثني علي بن صالح قال: زوج عبدالملك ابن مروان ابنه عبدالله هند بنت ابي عبيدة بن عبدالله بن زمعة وريطة بنت عبيدالله بن عبدالمدان لما كان يقال أنه في اولادهما فمات عنهما عبدالله واطلقهما فتزوج هندا عبدالله بن الحسن وتزوج ريطة محد بن علي فجاء‌ت بأبي العباس السفاح.

قال ابوزيد: وانشدني بن رواحة وفليج بن إسماعيل لعبدالله بن الحسن ابن الحسين في هند بنت أبي عبيدة شعرا:

ياهند إنك لو علم‍ *** ت بعاذلين تتابعا

قالا فلم يسمع لا *** قالا وقلت بل اسمعا

هند احب إلي من *** اهلي ومالي اجمعا

وعصيت فيك عواذلي *** واطعت قلبا موجعا

حدثني احمد بن سعيد قال: حدثني يحيى بن الحسن قال: حدثنا عبدالله ابن محمد بن سليمان بن عبدالله بن الحسن قال: سمعت عبدالله بن موسى يقول.

حملت جدتي هند بعمي محمد بن عبدالله اربع سنين فجاء‌ها ابوعبيدة فقال.

أنت المتحابلة على عبدالله بن الحسن فرقا ان يتزوج عليك؟ فصفقت الباب دونه وقالت ياابة لا يكذب فورب الكعبة البيت الحرام إني لحامل ! فقال.

اما لو فتحت الباب لعلمت ما ينزل بك اليوم مني.

ثم ولدت محمد بن عبدالله على رأس أربع سنين.

أخبرني عمر بن عبدالله قال.

حدثنا عمر بن شبة عن ابن رواحة عن أبيه قال.

[160]

لما مات عبدالله بن عبدالملك رجعت هند بمير اثها منه.

فقال عبدالله بن الحسن لامه فاطمة: اخطبي علي هندا.

فقالت: إذن تردك اتطمع في هند وقد ورثت من عبدالله ما ورثته وانت ترب لا مال لك؟ فتركها، ومضى إلى أبي عبيدة أبي هند فخطبها اليه.

فقال: في الرحب والسعة، اما مني فقد زوجتك مكانك لا تبرح.

فدخل على هندفقال: يابنية هذا عبدالله بن الحسن أتاك خاطبا قالت فما قلت له؟ فقال: زوجته إياك.

قالت: احسنت قد اجزت ما صنعت.

وارسلت إلى عبدالله: لا تبرح حتى تدخل على اهلك.

قال: فتبشرت لذلك فبات بها معرسا من ليلته، لا تشعر امه فأقام سبعا، ثم اصبح في يوم سابعه غاديا على امه وعليه درع الطيب، وفي غير ثيابه التي تعرف.

فقالت: يابني من اين لك هذا؟ قال: من عندالتي زعمت انها تردني.

أخبرني عمر قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني هرمن ابوعلي - رجل من اهل المدينة - قال: سمعته متعالما عند آل ابي طالب: ان محمدا ولد في سنة مائة وأن عمر بن عبدالعزيز فرض له في شرف العطاء.

باب ما ذكر في تسميته بالمهدي

حدثني عمر بن عبدالله قال: أخبرنا عمر بن شبة وحدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم واحمد بن عبدالعزيز قالا: حدثنا عمر قال: حدثني يعقوب بن القاسم ابن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيدالله قال: حدثني علي بن أبي طالب ابن سرح - احد بني تيم الله - قال: اخبرني مسمع بن غسان: ان فاطمة بنت الحسين كانت تقبل نساء بنيها واهل بيتها حتى قال لها بنوها: خشينا ان نسمي بني القابلة.

فقالت: إن لي طلبة لو ظفرت بها لتركت ما ترون.

فلما كانت الليلة التي ولد فيها محمد بن عبدالله قالت: يابني إني اطلب امرا وظفرت به فلست بعائدة بعد اليوم إن شاء الله تعالى فهي التي اوقعت ذكره.

[161]

وقال ابوزيد - فيما حدثني من قدمت ذكره - حدثني محمد بن إسماعيل بن جعفر الجعفري عن امه رقية بنت موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن عن سعيد ابن عقبة الجهني - وكان عبدالله بن الحسن اخذه منها فكان في حجره - قال.ولد محمد وبين كتفيه خال اسود كهيئة البيضة عظيما فكان يقال له.

المهدي وكان يسمى صريح قريش.

قال ابوزيد.وحدثني يعقوب بن القاسم عن سفيان بن عيينة قال.

رايت عبدالله بن الحسن يأتي بمحمد بن عبدالله وإبراهيم وهما غلامان إلى عبدالله بن طاووس فيقول.

حدثهما لعل الله ينفعهما.

حدثني عمربن عبدالله بن يحيى بن علي واحمد بن عبدالعزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال.

حدثنا محمد بن إسماعيل عن موسى بن عبدالله قال.

كان محمد ابن عبدالله يقول.

إن كنت لاطلب العلم في دور الانصار حتى لاتوسد عتبة احدهم فيوقظني الانسان فيقول.

إن سيدك قد خرج إلى الصلاة ما يحسبني إلا عبده.

قال ابوزيد.وحدثني محمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي عن سعيد بن خالد بن عبدالرحمن قال.

قدم علينا ابوايوب بن الادبر رسولا لابي حذيفة واصل بن عطاء داعيا إلى مقالته فاستجاب له محمد بن عبدالله بن الحسن في جماعة من آل ابي طالب.

حدثني عيسى بن الحسين الوراق قال.

حدثنا احمد بن الحارث قال.

حدثني المدائني عن ابن دأب قال.

حدثني عمير بن الفضل الخثعمي قال.

رايت ابا جعفر المنصور يوما وقد خرج محمد بن عبدالله بن الحسن من دار ابنه وله فرس واقف على الباب مع عبد له اسود، وابوجعفر ينتظره فلما خرج وثب ابوجعفر فأخذ بردائه حتى ركب، ثم سوى ثيابه على السرج ومضى محمد فقلت وكنت حينئذ اعرفه ولا اعرف محمدا.

من هذا الذي اعظمته هذا الاعظام حتى اخذت بركابه

[162]

وسويت عليه ثيابه؟ قال: اوما تعرفه؟ قلت: لا.

قال: هذا محمد بن عبدالله ابن الحسن بن الحسن مهدينا اهل البيت.

أخبرنا محمد بن زكريا الصحاف البصري قال: حدثنا قعنب بن محرز عن المدائني عن ابن دأب قال: لم يزل محمد بن عبدالله بن الحسن منذ كان صبيا، يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه، ويسمى بالمهدي.

أخبرنا يحيى بن علي، وعمر بن عبد الله، والجوهري، قالوا: حدثني عمر ابن شبه، قال: حدثني يعقوب بن القاسم، قال: حدثتني أمي فاطمة بنت عمر بن عاصم قالت أخبرتني أم كلثوم بنت وهب، قالت: كان يوجد في الرواية أنه يملك رجل اسمه ايم النبي صلى الله عليه وآله، وايم أمه على ثلاث أحرف أولها هاء وآخرها دال.

قال: وكانوا يظنون محمد بن عبد الله بن الحسن، وأمه هند.

أخبرني يحيى بن علي، والجوهري والعتكي، قالوا: حدثنا أبوزيد قال: حدثنا عيسى بن عبدالله، قال: حدثني أبوسلمة المصبحي، قال: حدثني مولي لابي جعفر، قال: أرسلني أبوجعفر، فقال: اجلس عند المنبر فاسمع ما يقول محمد فسمعته يقول: إنكم لا تشكون أني أنا الهدي، وأنا هو.

فأخبرت بذلك أبا جعفر، فقال: كذب عدوالله، بل هو ابني.

قال أبوزيد: وحدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل الهاشمي، عن أبيه عن جده، قال: كنت مع أبي جعفر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله، إذ وثب إلى رجل على بغل، فوقف معه ناحية، وهو واضع يده على معرفة البغل، والرجل كان واضعا يده على منكبه ثم جاء‌ني فقال: استأذن على أبيك لمحمد بن عبدالله ابن الحسن.

فقلت: ليدن من الباب ليستأذن، فقال: أقسمت عليك إلاقمت ! فقمت، فلما رجعت قال لي: ألست الذي استأذنت له؟ فقلت: لا، أمرني من استأذن له.

فقال: إنك لجاهل به، هذا محمد بن عبدالله مهدينا أهل البيت.

أخبرني محمد بن خلف بن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد،

[163]

عن الواقدي، قال: كان عبدالله بن الحسن يآمر ابنه محمدا يطلب العلم والتفقه في الدين، وكان يجئ به وبأخيه إبراهيم إلى ابن طاوس فيقول له: حدثهما لعل الله أن ينفعهما.

قال الواقدي: وقد لقى محمد نافعا بن عمر وسمع منه، ولقى أبا الزياد وسمع منه وحدث عنهما وعن غيرهما، وكان حديثه قليلا، فروى عنه بعدمقتله، فممن حدث عنه عبدالله بن جعفر بن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة، وغيره.

أخبرنا علي بن العباس المقانعي، قال: حدثنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن زياد الصيقل، قال: أخبرني سلم العامري، قال: إنما شهر محمد بن عبدالله فاطمة بنت علي لما ولد محمد بن عبدالله جاء‌ت فنظرت إليه وأدخلت أصبعها في فيه.

فاذا في لسانه عقدة، فكانت تربيه، يكون عندها أكثر مما يكون عند أمه، حتى تخرج، وخرج من الكتاب وعملت طعاما، وأرسلت إلى نفر من أهل بيته فتغدوا عندها، ثم قالت: اللهم إن أخي الحسين كان دفع إلى سفطا بخاتمه، والله ما أدري ما فيه، وأرى إذا ولد هذا الغلام أن أدفعه إليه، ثم دعت بالسفط فدفعته إلى محمد بن عبدالله بمحضر من القوم، وحمل معه إلى منزله ما تدري ما فيه فهي التي شهرته، وقال الناس فيه.

حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا عباد بن يعقوب: قال: أخبرنا إبراهيم ابن محمد الخثعمي عن محمدبن يعلى عن القاسم بن عيلان بن عبدالله ابن الحسن: قال: دعتني عمتي فاطمة بنت علي فقالت: يابني.

إن أبي علي بن أبي طالب كان يذكر أن أصغر ولده يدرك المهدي وأنا أصغر ولده.

وقد كان يذكر ويصف علامات فيه.

فلست أراها في أحد غيرك: فان كنت أنت ذاك فعليك بالنمط الاوسط من النمطين، يرجع اليك الغالي.

ويلحق المقصر، ثم اشفني من بني أمية.

أخبرنا عمر بن عبدالله: قال: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني يعقوب بن

[164]

القاسم قال: حدثني علي بن أبي طالب، قال: أخبرني القاسم بن المطلب العجلي، قال: حدثني الكعبي منذ خمسين سنة، أن أبا صالح حدثه قبل ذلك بعشرين سنة، أن أبا هريرة أخبره: أن المهدي اسمه محمد بن عبدالله، في لسانه رتة.

أخبرني عمر بن عبدالله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبدالله بن نافع، قال: حدثني إبراهيم بن علي الرافعي من ولد أبي رافع، قال: كان محمد تمتاما، فرأيته على المنبر يتلجلج الكلام في صدره فيضرب بيده عليه يستخرج الكلام.

وأخبرني أحمدبن محمد بن سعيد، قال يحيى بن الحسن، قال: حدثني موسى بن عبدالله بن موسى عن أبيه، قال: ولد محمد بن عبدالله وبين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيما، وكان يقال له صريح قريش وهو الهدي.

وكان صريحا وقد قال فيه الشاعر وهوسلمة بن أسلم الجهني:

إن الذي يروى الرواة لبين*** إذا ما ابن عبدالله فيهم تجردا

له خاتم لم يعطه الله غيره***وفيه علامات من البر والهدى

أخبرني يحيى بن علي.

والعتكي، والجوهري قالوا: حدثنا عمر بن شبة.

قال: حدثني محمد بن اسماعيل الجعفري أن ابن أبي ثابت أنشده بيتا لا يدري من قاله:

إن يك ظني في محمد صادقا*** يكن فيه ما تروي الاعاجم في الكتب

قال: وقال سلمة بن أسلم.

ثم أحد بني الربعة من جهينة:

إنا لنرجو أن يكون محمد*** إماما به يحيا الكتاب المنزل

به يصلح الاسلام بعد فساده *** ويحيا يتيم بائس ومعول

ويملا عدلا أرضنا بعد ملئها*** ضلالا ويأتينا الذي كنت آمل

وقال أيضا:

إن كان في الناس لنامهدي*** يقيم فينا سيرة النبي

فانه محمد التقي

[165]

ولمحمد يقول إبراهيم بن علي بن هرمة:

لا والذي أنت منه نعمة سلفت*** نرجو عواقبها في آخر الزمن

ما غيرت وجهه أم مهجنة*** إذ القتام يغشى أوجه الهجن

قال أبوزيد: وحدثني عبدالملك سنان المسمعي، قال.

لهجت العوام بمحمد تسميه المهدي حتى كان يقال محمد بن عبدالله المهدي عليه ثياب يمنية وقبطية.

قال أبوزيد: وحدثني الوليد بن هشام قال.

حدثني سهل بن بشر، قال: سمعت فتاة تقول.

ليت المهدي قد خرج، تعني محمد بن عبدالله.

أخبرني أحمد بن سعيد، قال حدثنا يحيى بن الحسن، قال.

حدثني غسان ابن أبي غسان، عن أبيه، عن عيسى بن عبدالله، قال: لم يزل محمد بن عبدالله منذ كان غلاما إلى أن بلغ يتغيب ويستخفى، ويسمى المهدي.

حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثني عبدالله ابن محمد، عن حميد بن سعيد، قال: لما ولد محمد بن عبدالله سربه آل محمد، وكانوا يروون عن النبي صلى الله عليه وآله أن اسم المهدي محمد بن عبدالله فأملوه، ورجوه، وسروا به، ووقعت عليه المحبة، وجعلوا يتذاكرونه في المجالس، وتباشرت به الشيعة.

وفي ذلك يقول الشاعر:

ليهنكم المولود آل محمد*** إمام هدى هادي الطريقة مهتدي

يسوم أمى الذل من بعد عزها***وآل ابي العاص الطريد المشرد

فيقلتهم قتلا ذريعا وهذه*** بشارة جديه علي وأحمد

هما أنبآنا أن ذلك كائن*** برغم أنوف من عداة وحسد

أمية صبرا طال ما أطرت لكم*** بنو هاشم آل النبي محمد

قال أبوالفرج علي بن الحسين: والروايات في هذا كثيرة يكتفي منهابما مضى.

ذكر إنكار عبدالله بن الحسن وأهله

(وغيرهم أن يكون محمد المهدي، وقولهم فيه إنه النفس الزكية رضوان الله عليه وسلامه)

حدثني علي بن العباس المقانعي قال: حدثنا عباد بن يعقوب عن أبراهيم بن محمد الخثعمي عن يحيى بن يعلى عن محمد بن بشر قال: قال رجل لعبدالله بن الحسن متى يخرج محمد؟ قال: لا يخرج حتى أموت وهو مقتول.

قلت: إنا لله وإنا اليه راجعون، هلكت والله الامة.

قال: كلا.

قلت: فإبراهيم؟ قال: ليس بخارج حتى اموت وهو مقتول.

قلت: إنا لله هلكت والله الامة.

قال: فاذا مت خرجا جميعا فلا يلبثا إلا وهما مقتولان.

قلت: إنا لله هلكت الامة.

قال: كلا، فان صاحبهم منا غلام شاب ابن خمس وعشرين سنة يقتلهم تحت كل حجر أو تحت كل كوكب.

حدثنا علي بن العباس قال: حدثنا بكار بن احمد قال: حدثنا الحسن بن الحسين عن يحيى بن يعلى عن شيخ من بني سفيان قال: قلت لعبدالله بن الحسن ثم ذكر مثل حديث عباد عن يحيى بن يعلى.

أخبرنا يحيى بن علي والعتكي والجوهري قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن الهذيل بن عبيدالله قال: سمعت من لا احصى من اصحابنا يذكرون أن عمرو بن عبيد كان ينكر ان يكون محمد بن عبدالله هو المهدي ويقول كيف وهو يقتل؟ قال ابوزيد: وحدثني محمد بن الهذيل قال: اخبرني عثمان بن الحكم بن صخر الثقفي قال: جاء‌ني مطر صاحب الحمام والقى نفسه على فراش ثم تمدد فقلت: مالك؟ فقال: ما يدعنا عمر وبن عبيد نعيش في الدنيا.

قلت: وكيف؟ قال: قال عمرو إن امرنا ينفسخ لا يتم وإن جهادنا يذهب باطلا.

قال: قلت: فاذهب بنا اليه.

قال: فانطلقت انا وهوحتى اتينا عمرا فقلت: ياابا عثمان ما يقول أبورجاء؟ قال.صدق.

قلت: وكيف يقول ذلك؟ قال: فهو المقتول بالمدينة.

قال ابوزيد: وحدثني إبراهيم بن إسحاق الغطفاني قال: حدثني كثير بن

[167]

الصلت قال: اخبرني يوسف بن قتيبة بن مسلم ولم ار بأهلنا قط خيرا منه قال: اخبرني اخي مسلم بن قتيبة قال: ارسل إلي ابوجعفر فدخلت عليه فقال: قد خرج محمد بن عبدالله وتسمى بالمهدي، وو الله ما هو به واخرى اقولها لك لم اقلها لاحد قبلك، ولا اقولها لاحد بعدك وابني والله ما هو بالمهدي الذي جاء‌ت به الرواية ولكنني تيمنت به وتفاء‌لت به.

قال ابوزيد: وحدثني محمد بن يحيى قال: حددثني ابن ابي ثابت عن ابي العباس الفلسطي قال: قلت لمروان بن محمد: جد محمد بن عبدالله فانه يدعى هذا الامر ويتسمى بالمهدي.

فقال: مالي وله، ما هو به ولا من ابيه وانه لابن ام ولد ولم يهجه مروان حتى قتل.

قال ابوزيد حدثني محمد بن يحيى عن عبدالله بن يحيى عن عبدالله بن الحسن ابن الفرات قال: رحت عشية من قرية مع عبدالله والحسن ابني الحسن بن الحسن ابن علي فصمنا المسير إلى داود بن علي وعبدالله بن علي بن عبد الله بن العباس فأقبل داود على عبدالله بن الحسن يدعوه إلى ان يظهر ابنه محمدا - وذلك قبل ان يملك بنو العباس - فقال عبدالله: لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد.

قال: فسمع عبدالله بن علي الحديث فالتفت إلى عبدالله بن الحسن فقال له ياابا محمد: سيكفيك الجعالة مستميت * خفيف الحاذ من فتيان جرم أنا والله الذي اظهر عليهم واقتلهم وانتزع ملكهم.

حدثني احمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسن قال: حدثنا احمد بن عبدالله بن موسى قال: حدثني ابي: ان جماعة من علماء اهل المدينة اتوا علي بن الحسن فذكروا له هذاالامر.

فقال: محمد بن عبدالله اولى بهذا مني فذكر حديثا طويلا قال: ثم اوقفني على احجار الزيت فقال: هاهنا تقتل النفس الزكية.

قال: فرأيناه في ذلك الموضع الذي اشار اليه مقتولا.

رضوان الله عليه وسلامه.

أخبرنا علي بن العباس قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن

[168]

يعلى عن عمر بن موسى عن ابن علي عن آبائه قال: النفس الزكية من ولد الحسن.

أخبرنا عمر بن عبدالله قال: اخبرنا عمر بن شبة قال: حدثني عيسى بن عبدالله قال: حدثتني امي ام الحسين بنت عبدالله بن محمد بن علي بن الحسين قالت: قلت لعمي جعفر بن محمد: إني - فديتك - ما امر محمد هذا؟ قال: فتنة يقتل محمد عند بيت رومي ويقتل اخوه لامه وابيه بالعراق وحوافر فرسه في الماء أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن زبالة عن الحسين بن زيد عن مسلم بن بشار قال: كنت مع محمد بن عبدالله عند غنائم خشرم فقال لي: هاهناتقتل النفس الزكية.

قال: فقتل هناك.

أخبرني عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: ومما رثى به محمد بن عبدالله بن الحسن:

رحم الله شبابا*** قتلوا يوم الثنيه

فر عنه الناس طرا*** غير خيل اسديه

قاتلوا عنه بنيا*** ت واحساب نقيه

قتل الرحمن عيسى *** قاتل النفس الزكيه

قال ابوزيد وحدثني محمد بن إسماعيل قال: حدثني عبدالعزيز وعمران الزهري عن ابيه قال: كان البيت من الشعر يسقط على محمد فيتكب الينا لنفيده إياه وإنه لفي أخوف خوفه.

حدثني عمر قال: حدثني ابوزيد اخبرني عمر بن عبدالله قال حدثنا عمر ابن شبة قال: حدثني إسماعيل بن ابراهيم بن ابي عمرو قال: سمعت عبدالله بن حفص بن عاصم العمري يقول في حديث حدث به عن محمد بن عبدالله: حدثني من لم تر عيني ممن خلق الله خيرا منه ولا اراه ابدا، محمد بن عبدالله فقال له ابنه عبدالله الاشتر: إنما افلت من يدي أبي جعفر امس من ضرب عنقك وهذا ابنه.

فقال: يابني هذا والله امر لايبالي ابوك لو ضربت عليه عنقه.

[169]

أخبرني عمر بن عبدالله قال.

حدثنا ابوزيد قال.حدثنا علي بن الجعد قال.أخبرني عبدالعزيز بن الماجشون: أن محمد بن عبدالله كلمه في القدر.

قال.وكان قدريا.قال: فذكرت ذلك لموسى بن عبدالله.فقال لا إنما كان يشتمل الناس.

أخبرني عمر بن عبدالله العتكي قال.

حدثنا عمر بن شبة قال.

حدثنا محمد ابن إسماعيل عن ابيه عن سعيد بن عقبة قال: كنا مع عبدالله بن الحسن بسويقة وبين يديه صخرة فقام محمد يعالجها ليرفعها فأقلها حتى بلغ ركبتيه، فنهاه عبدالله فانتهى، فلما رحل عبدالله عاد اليها فاستقلها على منكبه ثم القاها فحزرت الف رطل.

قال: وحدثني موسى بن عبدالله عن ابيه عن سعيد بن عقبة بهذا.

قال ابوزيد: ووقف موسى على الصخرة بسويقة وذكر لي انه ورجل من اصحابه عالجها وهي على حرفها وكان جهدهما ان حركا.

حدثني علي بن العباس المقانعي قال.

حدثنا بكار بن احمد قال.

حدثنا الحسن ابن الحسين عن محمد بن مساور عن مضرس بن فضالة الاسدي قال.

صعد محمد ابن عبدالله المنبر في المدينة فخطب الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال.

أيها الناس، ما يسرني ان الامة اجتمعت إلي كما اجتمعت هذه الحلقة في يدي - يعني سير سوطه - واني سئلت عن باب حلال وحرام لا يكون عندي مخرج منه.

حدثني محمد بن الحسين الاشناني قال.

حدثنا الحسين بن الحكم قال.

حدثنا الحسن بن الحسين عن محمد بن مساور بهذا.

حدثني علي بن العباس قال.

حدثنا عباد بن يعقوب قال.

حدثنا ارطاة قال قال لنا إبراهيم بن ابي يحيى.

ايهما افضل عندكم.

جعفر بن محمد او محمد بن عبدالله؟ قال.قلنا له.

انت اعلم فقد رأيتهما ولم نراهما.فقال.

ما رأيت احدا انظر في دقيق الامر من محمد بن عبدالله.

حدثني علي بن العباس قال: انبأنا بكار بن احمد قال.

حدثنا يحيى بن

[170]

الحسن قال.

حدثني حماد بن يعلى قال.

قلت لعلي بن عمر بن علي بن الحسين.

امتع الله بك اسمعت جعفرا يذكر في محمد وإبراهيم شيئا؟ قال.

سمعته حين امره ابوجعفر ان يسير إلى الربذة فقال.

ياعلي بنفسي انت سر معي فسرت معه إلى الربذة فدخل على ابي جعفر وقمت انتظره فخرج علي جعفر وعيناه تذرفان فقال لي.

ياعلي ما لقيت من ابن الخبيثة والله لا امضي ثم قال.

رحم الله ابني هند إنهما إن كانا لصابرين كريمين، والله لقد مضيا ولم يصبهما دنس.

قال: وقال غيره إنه قال: فما آسى على شئ إلا على تركي إياهما لم أخرج معهما.

حدثنا علي بن العباس، قال: أنبأنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن الحسين عن سليمان بن نهيك، قال: كان موسى، وعبدالله ابنا جعفر، عند محمد بن عبدالله، فاتاه جعفرفسلم، ثم قال: تحب أن يصطلم أهل بيتك؟ قال: ما أحب ذلك.

قال: فان رأيت أن تأذن لي فانك تعرف علتي.

قال: قد أذنت لك.

ثم التفت محمدبعدما مضى جعفر، إلى موسى، وعبدالله ابني جعفر فقال: الحقا بأبيكما فقد أذنت لكما، فانصرفا.

فالتفت جعفر فقال: مالكما؟ قال: قد أذن لنا.

فقال جعفر: إرجعا فما كنت بالذي أبخل بنفسي وبكما عنه، فرجعا فشهدا محمدا.

أخبرنا علي بن العباس.

قال حدثنا يحيى بن الحسن بن محمد بن عبدالواحد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، عن غالب الاسدي، قال: سمعت عيسى ابن زيد يقول: لو أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وآله - أنه باعث بعده نبيا لكان ذلك النبي محمد بن عبدالله بن الحسن.

فقال يحيى بن الحسن - فيما حدثني ابن سعيد عنه - قال: يعقوب بن عربي: سمعت أبا جعفر المنصور يقول في أيام بني أمية، وهو في نفر من بني أبيه(عند محمد بن عبدالله بن حسن) قال: ما في آل محمد - صلى الله ليه وآله - أعلم بدين الله، ولا أحق بولاية الامر من محمد بن عبدالله، وبايع له، وكان يعرفني

[171]

بصحبته والخروج معه.

قال يعقوب بن عربي: فلما قتل محمد حبسني بضع عشرة سنة.

أخبرني يحيى بن علي، وأحمد بن عبدالعزيز، وعمر بن عبيدالله العتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن عبدالعزيز بن عمران، عن عبدالله بن جعفر بن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة، قال أبوزيد، وحدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن رجل من بني كنانة، قال أبوزيد، وحدثني عبدالرحمن بن عمرو بن حبيب، عن الحسن بن أيوب مولى بني نمير، عن عبدالاعلى بن أعين.

كل هؤلاء قد روى هذا الحديث بألفاظ مختلفة، ومعان قريبة، فجمعت رواياتهم، لئلا يطول الكتاب بتكرير الاسانيد: أن بني هاشم اجتمعوا فخطبهم عبدالله بن الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنكم أهل البيت قد فضلكم الله بالرسالة، واختاركم لها، وأكثركم بركة ياذرية محمد صلى الله عليه وآله بنو عمه وعترته، وأولى الناس بالفزع في أمرالله، من وضعه الله موضعكم من نبيه صلى الله عليه وآله، وقدترون كتاب الله معطلا، وسنة نبيه متروكة، والباطل حيا، والحق ميتا.

قاتلوا لله في الطلب لرضاه بما هو، أهله، قبل أن ينزع منكم اسمكم، وتهونوا عليه كما هانت بنو إسرائيل، وكانوا أحب خلقه إليه، وقد علمتم انا لم نزل نسمع أن هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضا خرج الامر من أيديهم، فقد قتلوا صاحبهم - يعني الوليد بن يزيد - فهلم نبايع محمدا، فقد علمتم أنه المهدي.

فقالوا: لم يجتمع أصحابنا بعد، ولو اجتمعوا فعلنا، ولسنا نرى أبا عبدالله جعفر ابن محمد، فأرسل إليه ابن الحسن فأبى أن يأتي، فقام وقال: أنا آت به الساعة، فخرج بنفسه حتى أتى مضرب الفضل بن عبدالرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث، فأوسع له الفضل ولم يصده، فعلمت أن الفضل أسن منه، فقام له جعفر وصدره، فعلمت أنه أسن منه.

ثم خرجنا جميعا حتى أتينا عبدالله، فدعى إلى بيعة محمد، فقال له جعفر:

[172]

إنك شيخ، وإن شئت بايعتك، وأما ابنك فوالله لا ابايعه وادعك.

وقال عبدالله الاعلى في حديثه: إن عبدالله بن الحسن قال لهم: لا ترسلوا إلى جعفر فانه يفسد عليكم، فأبوا.

قال: فأتاهم وأنا معهم، فأوسع له عبدالله إلى جانبه وقال: قد علمت ما صنع بنا بنو أمية، وقد رأينا أن نبايع لهذا الفتى.

فقال: لا تفعلوا: فان الامر لم يأت بعد.

فغضب عبدالله وقال: لقد علمت خلاف ما تقول، ولكنه يحملك على ذلك الحسد لابني.

فقال: لا والله، ما ذاك يحملني، ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم.

وضرب يده على ظهر أبي العباس، ثم نهض واتبعه، ولحقه عبد الصمد، وأبوجعفر فقالا: ياأبا عبدالله، أتقول ذلك؟ قال: نعم والله أقوله وأعلمه ! قال أبوزيد، وحدثني إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن أبي الكرام بهذا الحديث، عن أبيه: ان جعفراقال لعبد الله بن الحسن: إنها والله ما هي إليك، ولا إلى ابنيك، ولكنها لهؤلاء، وإن ابنيك لمقتولان.

فتفرق اهل المجلس ولم يجتمعوا بعدها: وقال عبدالله بن جعفر بن المسور في حديثه: فخرج جعفر يتوكأ على يدي فقال لي: أرأيت صاحب الرداء الاصفر؟ يعني أبا جعفر.

قلت: نعم قال: فانا والله نجده يقتل محمدا، قلت: أو يقتل محمدا؟ قال: نعم.

فقلت في نفسي: حسده ورب الكعبة.

ثم ما خرجت والله من الدنيا حتى رأيته قتله.

أخبرني عيسى بن الحسين الوراق، قال: حدثنا الخراز عن المدائني، وأخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا عبدالله بن أبي سعد، قال: حدثني علي ابن عمرو، عن ابن داحة: أن جعفرا بن محمد قال لعبدالله بن الحسن: إن هذا الامر، والله ليس إليك، ولا إلى ابنيك، وإنما هو لهذا - يعني السفاح - ثم لهذا - يعني المنصور، ثم لولده من بعده، لا يزال فيهم حتى يؤمر الصبيان، ويشاورو النساء.

[173]

فقال عبدالله: والله ياجعفر، ما أطلعك الله على غيبه، وما قلت هذا إلا حسدالابني.

فقال: لا والله ما حسدت ابنك، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت، ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في الماء.

ثم قام مغضبا يجر رداء‌ه، فتبعه أبوجعفر فقال: أتدري ما قلت ياأبا عبدالله؟ قال: إي والله أدريه، وإنه لكائن.

قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول: فانصرفت لوقتي فرتبت عمالي، وميزت أموري تمييز مالك لها.

قال: فلما ولي أبوجعفر الخلافة سمي جعفرا الصادق، وكان إذا ذكره قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا وكذا، فبقيت عليه.

أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا الخزاز، قال: حدثني المدائني عن سحيم ابن حفص: أن نفرا من بني هاشم اجتمعوا بالابواء من طريق مكة، فيهم إبراهيم الامام، والسفاح، والمنصور، وصالح بن علي، وعبدالله بن الحسن، وابناه محمد، وابراهيم، ومحمد بن عبدالله بن عمر بن عثمان، فقال لهم صالح بن علي: إنكم القوم الذين تمتد أعين الناس إليهم، فقد جمعكم الله في هذا الموضع، فاجتمعوا على بيعة أحدكم، فتفرقوا في الآفاق، وادعوا الله، لعل الله أن يفتح عليكم وينصركم.

فقال أبوجعفر: لاي شئ تخدعون أنفسكم، والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أميل أعناقا، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى يعني محمد بن عبدالله -.

قالوا: قد والله صدقت، وإنا لنعلم هذا.

فبايعوا جميعا محمدا، وبايعه ابراهيم الامام، والسفاح، والمنصور، وسائر من حضر، فذلك الذي أغرى القوم لمحمد بالبيعة التي كانت في أعناقهم.

قال: ثم لم يجتمعوا إلى أيام مروان بن محمد.

ثم اجتمعوا فبيناهم يتشاورون إذ جاء رجل إلى ابراهيم فشاوره بشئ فقام، وتبعه العباسيون، فسأل العلويون

[174]

عن ذلك فاذا الرجل قد قال لابراهيم الامام.

قد أخذت لك البيعة بخراسان واجتمعت لك الجيوش، فلما علم ذلك عبدالله بن الحسن احتشم إبراهيم الامام وخافه وتوقاه، فكتب إلى مروان بن محمد إني برئ من إبراهيم وماأحدث.

إظهار محمد بن عبدالله بن الحسن الدعوة لنفسه

قال أبوالفرج علي بن الحسين: وكانت دعوة محمد إلى نفسه، ودعوة أبيه ومن دعا إليه من أهله، بعقب قتل الوليد بن يزيد، ووقوع الفتنة بعده.وقد كان سعى به إلى مروان بن محمد.

فقال: لست أخاف أهل هذا البيت لانه لاحظ لهم في الملك إنما الحظلبني عمهم العباس وبعث إلى عبدالله بن الحسن بمال واستكفه، وأوصى عامله بالحجاز أن يصونهم ولا يعرض لمحمد بطلب.

ولا إخافة إلا أن يستظهر حربا أو شقالعصا.

ثم أضهر دعوته في أيام أبي العباس، وكان إليه محسنا فعاتب إياه في ذلك وكفه فلما ولي أبوجعفر جد في طلبه، وجد هو في أمره إلى أن ظهر.

أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، والجوهري، والعتكي قالوا أخبرنا أبوزيد، قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني ابن أبي ثابت، عن أبي العباس الفلسطي قال: قلت لمروان بن محمد: جد محمد بن عبدالله بن الحسن، فانه يدعى هذا الامر ويتسمى بالمهدي فقال: مالي وله ما هو به ولا من بني أبيه وإنه لابن أم ولد.

فلم يهجه مروان حتى قتل.

قال محمد بن يحيى، وحدثني الحرث بن إسحاق: أن مروان لما بعث عبدالملك بن عطية السعدي لقتال الحرورية لقيه أهل المدينة سوى عبدالله بن الحسن وابنيه محمد وإبراهيم، فكتب بذلك إلى مروان، وكتب إليه إني هممت

[175]

بضرب أعناقهم.

فكتب إليه مروان ألا تعرض لعبدالله ولا لابنيه فليسو بأصحابنا الذين يقاتلونا او يظهرون علينا.

قال أبوزيد، وحدثني عيسى بن عبدالله عن ابيه قال: ارسل مروان بن محمد إلى عبدالله بن الحسن بعشرة الف دينار وقال له: اكفف عني ابنيك وكتب إلى عامله بالمدينة ان استتر بثوب منك فلا تكشفه عنه وإن كان جالسا على جدار فلا ترفع راسك إليه.

قال ابوزيد وحدثني عبدالملك بن سنان قال: قال مروان بن محمد لعبدالله ابن الحسن: إئتني بابنك محمد.

قال: وما تصنع به ياامير المؤمنين؟ قال: لا شئ إلا انه إن اتانا اكرمناه وإن قاتلنا قاتلناه وإن بعد عنا لم نهجه.

قال ابوزيد، وحدثني يعقوب بن القاسم عن الحسين بن عيسى الجعفي عن المغبرة بن زميل العنبري.

ان مروان بن محمد قال له - يعني لعبدالله بن الحسن - ما فعل مهديكم؟ قال.

لا تقل ذلك ياامير المؤمنين فليس كما يبلغك.

فقال.بلى ولكن يصلحه الله ويرشده.

اخبرني عيسى بن الحسين.

قال.حدثنا احمد بن الحرث عن المدائني قال.

بلغني ان عبدالملك بن عقبة اجتاز بحاج مشرف على الطريق، ومحمد ابن عبدالله ابن الحسن مطلع من خوخة، فقال رجل لابن عطية.

ارفع راسك، فانظر إلى محمد بن عبدالله بن الحسن فطأطأ راسه وقال للرجل.

إن امير المؤمنين يعني مروان بن محمد - قال لي.

أن استتر منك بثوب فلا تكشفه عنه، وإن كان جالسا على جدار فلا ترفع راسك إليه ومضى.

أمر محمدبن عبدالله ومقتله

قال أبوالفرج الاصبهاني رحمه الله.

وكان سبب عجلته بالخروج قبل ان يتم امر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق إنفاذ عبدالله بن الحسن إليه موسى أخاه ليصير إلى أبي جعفر ويزول عما كان عليه فيما أظهره له وأسر إلى موسى غير ذلك فصار إلى المدينة فأقام بها حولا يدافع رياح بن عثمان ثم استبطأه وكتب إلى أبي جعفر في أمره يعلمه بتربصه فكتب إليه يأمره بأن ينحدر إلى العراق ففعل ذلك، وقال للرسل.

ان رأيتم أحدا قد اقبل من المدينة في طلبكم فاضربوا عنق موسى وقد كان احس بخبر محمد، وبلغ ذلك محمدا فظهر.

وكان اول ما سئل عنه رياح بن عثمان امر موسى فعرفه خبره وانه تقدم إلى الرسل ان يضربوا عنقه إن جاء‌هم إنسان فقال من لي بموسى؟ فقال ابن خضير: انا فأنفذ معه فوارس واستدار بهم حتى اتى القوم من امامهم كأنهم اقبلوا من العراق فلم ينكروهم حتى خالطوهم فأخذوا موسى منهم.

حدثني بذلك عمر بن عبدالله قال.

حدثنا ابوزيدقال.حدثني موسى ابن عبدالله عن ابيه، عن جده موسى.واخبرني عمر، قال.حدثنا عمر بن شبة.قال.

حدثني القاسم بن ابي شيبة قال.حدثنا ابونعيم الفضل بن دكين.

ان عبيدالله بن عمر، وابن ذئب وعبدالحميد بن جعفر، دخلوا على محمد بن عبدالله قبل خروجه فقالوا له.

ما تنتظر بالخروج والله ما تجد هذه الامة احدا اسأم منك عليها ما يمنعك ان تخرج ولو وحدك؟ اخبرني عمر قال.

حدثنا ابوزيد قال حدثنا عيسى قال.

حدثني ابي قال بعث إلينا رياح فأتيته اناوجعفر بن محمد والحسين بن علي بن الحسين وعلي بن عمر بن علي والحسن بن الحسين ورجال من قريش فيهم اسماعيل بن ايوب المخزومي وابنه فانا لعنده في دار مروان اذ سمعنا التكبير قد حال دون كل شئ وظنناه انه من عند الحرس وظن الحرس انه من الدار فوثب ابن مسلم بن عقبة وكان مع

[177]

رياح فاتكأ على سيفه، وقال: أطعني في هؤلاء فأضرب أعناقهم.

فقال علي بن عمر فكدنا والله تلك الليلة ان نطيح حتى قام الحسين بن علي فقال: والله ما ذلك لك، إنا لعلى السمع والطاعة.

وقام رياح ومحمد بن عبدالعزيز فدخلا في دار يزيد، واختفيا فيها.

وقمنا فخرجنا من دار عبدالعزيز بن مروان حتى تصورنا على كناسة كانت في زقاق عاصم بن عمر، فقال اسماعيل بن أيوب لابنه خالد: يابني: والله ما تجيبني نفسي إلى الوثوب، فارفعني فرفعه.

قال أبوزيد: فحدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبدالعزيز بن عمار، قال: حدثني أبي قال: والله انا لعلى ذلك إذ طلع فارسان من قبل الزوراء يركضان حتى وقفا بين دار عبدالله بن مطيع، ورحبة القضاء، في موضع السقاية، فقلنا الامر والله جد، ثم سمعنا صوتا بعيدا فأقمنا طويلا فأقبل محمد بن عبدالله من الدار وهو علي حمار ومعه مائتان وخمسون راجلاحتى اذا(سرع) على بني سلمة وبطحان قال: اسلكوا بني سلمة تسلموا ان شاء الله.

قال: فسمعنا تكبيرة ثم علا الصوت فأقبل حتى اذا خرج من زقاق بن حضير استبطأ حتى جاء على التمارين ودخل من أصحاب الاقفاص، فأتى السجن وهو يومئذفي دار ابن هشام، فدقه وأخرج من كان فيه، ثم أتى الرحبة حتى جاء إلى بيت عاتكة فجلس على بابها وتناوش الناس فقيل دخل سيدي(1).

أخبرني يحيى بن علي.

قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني يعقوب ابن القاسم عن علي بن أبي طالب، وحدثني عمر بن راشد وكان قد أدرك ذلك قال: خرج محمد بن عبدالله لليلتين بقيتا من جمادي سنة خمس وأربعين ومائة، وعليه قلنسوة صفراء(مصرية وجبة صفراء) وعمامة قد شد بها حقويه(وأخرى قد اعتم بها) متوشحا سيفا، وهو يقول لاصحابه: لا تقتلوا.

لا تقتلوا وتعلق رياح

___________________________________

(1) وتناوش الناس حتى قتل رجل سندي كان يستصبح في المسجد، قتله رجل من أصحاب محمد.

[ * ]

[178]

(في مشربة) في دار مروان، وأمر بالدرجة فهدمت، فصعدوا اليه وأنزلوه وحبسوا معه أخاه العباس بن عثمان وابن مسلم بن عقبة في دار مروان.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثنا أزهر بن سعد، قال: دخل محمد المسجد قبل الفجر فخطب الناس ثم حضرته الصلاة فنزل فصلى، وبايعه الناس طوعا إلا أناسا(أرسل اليهم).

أخبرني عمر، قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثني عبدالله بن عمر بن حبيب قال: حدثني من حضر محمدا على المنبر يخطب فاعترض بلغم في حلقه فتنحنح فذهب، ثم عاد فتنحنح، ثم نظر فلم ير موضعا، فرمى نخامته السقف سقف المسجد، فألصقه به.

أخبرني عمر قال: حدثنا أبوزيد قال حدثني محمد بن معروف قال حدثني الربيع بن عبدالله بن الربيع عن أبيه قال: إنا لنزول حول أساس المدينة في أبنية من الفساطيط والاخبية إذ قيل لنا: ركب أمير المؤمنين، فخرجت أتبعه فوجدت عيسى بن علي، فوقفنا له فمر بنا على معتاق وبياع فسلمنا عليه فلم يستصحبنا فجعلنا نسير وراء‌ه ما يجاوز طرفه عرف الفرس، ثم قال للطوسي: علي بأبي العباس فأتى بعيسى بن علي فسار عن يمينه، ثم قال: علي بالربيع، فدعيت فسرت عن يساره فقال: قد خرج ابن عبدالله الكذاب ابن الكذاب بالمدينة.

فقلت: ياأمير المؤمنين الا أحدثك حديثا حدثنيه سعيد بن جعدة قال: ما هو؟ قلت: أخبرني انه كان مع مروان يوم الزاب، وعبدالله بن علي يقاتله فقال: من في الخيل؟ فقيل: عبدالله بن علي فلم يعرفه، فقيل: الشاب الذي أتيت به من عسكر عبدالله بن معاوية قال: نعم والله لقد أخبرت عنه يومئذ فأردت قتله ثم بت على ذلك وأصبحت عليه، وجلست وأنا أريده ثم أطلقته وكان امر الله قدرا مقدورا والله لوددت ان علي بن أبي طالب في هذه الخيل مكانه لانه لا يتم لعلي ولا لولده من هذا الامر شئ.

[179]

قال: الله أسعيد حدثك هذا؟ قلت: بنت أبي سفيان بن معاوية طالق إن لم يكن حدثنيه.

قال: فاصفر وجهه وتحدث، وقد كان أبلس فلم ينطق.

أخبرني عمر قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثني عيسى بن عبدالله عن سعيد البربري قال: لما بلغ ابا جعفر خروج محمد بالمدينة تنجد وقال غيره: قال للرسول قتلته والله إن كنت صادقا.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال حدثني محمد بن أبي حرب، قال: لما بلغ ابا جعفر ظهور محمد اشفق منه فقال له الحارثي المنجم: ما جزعك منه؟ فوالله لو ملك الارض ما لبث إلا تسعين يوما أخبرنا عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عبدالملك بن سليمان قال: حدثنا حبيب بن مروان قال: وحدثني نسيم بن الجواري قال ابوزيد: وحدثني العباس بن سفيان، مولى الحجاج بن يوسف: ان ابا جعفر لما خرج محمد ابن عبدالله قال: إن هذا الاحمق - يعني عبدالله بن علي - لا يزال يطلع له الرأي الجيد في الحرب فادخلوا إليه فشاوروه ولا تعلموه اني امرتكم.

فدخلوا عليه، فلما رآهم قال: لامر ما جئتم ما جاء بكم جميعا وقد هجرتموني منذ دهر؟ قالوا: استأذنا امير المؤمنين فأذن لنا.

قال: لبس هذا بشئ فما الخبر؟ قالوا: خرج محمد بن عبدالله.

قال: إن المحبوس محبوس الرأي فقولو له: يخرجني(حتى يخرج رايي) فقال ابوجعفر لو طرق محمد على الباب ما اخرجته وانا خير له منه وهو ملك اهل بيته.

فقال عبدالله: إن البخل قد قتل ابن سلامة فمروه فليخرج الاموال وليعط الاجناد فان غلب فما اوشك ما يعود إليه ماله وإن غلب لم يقدم صاحبه على درهم وان يعجل الساعة حتى يأتي الكوفة فيجثم على اكبادهم فإنهم شيعة اهل البيت ثم يحفظها بالمسالح فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه او اتاها(من) وجه من الوجوه ضرب عنقه فليبعث إلى مسلم بن قتيبة فينحدر عليه - وكان بالري - وليكتب

[180]

لى أهل الشام فليأمرهم فليحملوا إليه أهل البأس والنجدة ما يحمله البريد فليحسن جوائزهم ويوجههم مع مسلم بن قتيبة.

ففعل.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالملك ابن شيبان، قال أخبرني زيدمولى مسمع بن عبدالملك قال: لما ظهر محمد بن عبدالله دعا ابوجعفر عيسى، فقال له: قد ظهر محمد فسر إليه قال: ياأمير المؤمنين هؤلاء عمومتك حولك فادعهم وشاورهم.

قال: فأين قول ابن هرمة:

نزور امرء‌ا لا يمحض القوم سره***ولا ينتجي الاذنين فيما يحاول

إذا ما أتى شيئا مضى كالذي اتى***وما قال إني فاعل فهو فاعل

وقال احمد بن الحرث الخزاز عن المدائني، قال: امر ابوجعفر عيسى: إذا قتل محمدا إن قدر ان لا يذبح طائرا فليفعل وقال له: افهمت ياابا موسى - ثلاثا - قال: فهمت.

قال: فنفذ عيسى ومعه اربعة آلاف، ومحمد بن ابي العباس ومحمد بن زيد ابن علي بن الحسين والقاسم بن الحسن بن زيد ومحمد بن عبدالله الجعفري وحميد بن قحطبة.

فسار عيسى وبلغ محمدا مسيره فخندق على المدينة خندق رسول الله صلى الله عليه وآله، وخندق على افواه السكك، فلما كان عيسى بفيد كتب إلى محمد بن عبدالله يعطيه الامان، وبعث بكتابه إليه وإلى اهل المدينة مع محمد ابن زيد فتكلم فقال: يااهل المدينة، انا محمد بن زيد، والله لقد تركت امير المؤمنين حيا، وهذا عيسى بن موسى قد اتاكم وهو يعرض عليكم الامان.

وتكلم القاسم بن الحسن بمثل ذلك فقال اهل المدينة: قد خلعنا ابا الدوانيق فكتب محمد إلى عيسى يدعوه إلى طاعته، ويعطيه الامان.

قال المدائني فحدثني عبد الحميد بن جعفر عن عبدالله بن ابي الحكم قال: قال محمد: اشيروا علي في الخروج عن المدينة او المقام - حين دنا عيسى بن موسى من المدينة - فقال قوم: نقيم وقال قوم نخرج فقال لعبد الحميد

[181]

ابن جعفر: اشر علي ياابا جعفر؟ قال: اتت في اقل بلاد الله فرسا وطعاما واضعفه رجلا واقله مالا وسلاحا تريد ان تقاتل اكثر الناس مالا واشده رجالا واكثره سلاحا واقدره على الطعام؟ الراي ان تسير بمن اتبعك إلى مصر(فوالله لا يردك راد) فتقاتل بمثل سلاحه(وكراعه) ورجاله وماله.

فقال جبير بن عبدالله: اعيذك بالله ان تخرج من المدينة فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عام احد: رايتني ادخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة.

فترك محمد ما اشار به عبدالحميد واقام.

قال المدائني: واقبل عيسى بن موسى إلى المدينة فكان اول من لقيهم ابراهيم ابن جعفر الزبيري على بنية وقم فعثر فرسه فسقط وقتل.

وسلك عيسى بطن فراة حتى ظهر على الجرف فنزل قصر سليمان بن عبد الملك صبيحة اثنى عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس واربعين ومائة يوم السبت، وأراد ان يؤخر القتال حتى يفطر، فبلغه ان محمدا يقول: إن أهل خراسان على بيعتي وحميد بن قحطبة قد بايعني، ولو قدر ان ينفلت فلت.

فعاجلهم عيسى بالقتال فلم يشعر اهل المدينة يوم الاثنين للنصف من شهر رمضان إلا بالخيل قد أحاطت بهم حين أسفروا، وقال لحميد: أراك مداهنا وامره بالتجرد لقتال محمد فتولى قتال عيسى بن موسى في ذلك اليوم عيسى بن زيد ومحمد جالس بالمصلى واشتد الامر بينهم، ثم جاء محمد فباشر القتال بنفسه فكان بازاء محمد حميد ابن قحطبة وبازاء يزيد وصالح ابني معاوية بن عبدالله بن جعفر كثير بن حصين، وكان محمد ابن ابي العباس وعقبة بن مسلم بازاء جهينة.

فأرسل صالح ويزيد إلى كثير يطلبان الامان فاستأذن عيسى فقال: لاامان لهما عندي فأعلمهما فهربا.

فاقتتلوا إلى الظهر ورماهم اهل خراسان بالنشاب واكثروا فيهم الجراح وتفرقوا عن محمد فأتى دار مروان فصلى الظهر فيها فاغتسل وتحنط فقال عبدالله بن جعفر

[182]

ابن المسور بن مخرمة: إنه لا طاقة لك بمن(يرى)، فالحق بمكة قال: لو خرجت من المدينة وفقدوني لقتلوا أهل المدينة كقتل أهل الحرة وأنت مني في حل ياأبا جعفر فاذهب حيث شئت.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني هشام بن محمد ابن عروة بن هشام بن عروة عن ماهان بن بحر.

وحدثني مخلد بن يحيى الباهلي.

عن قتيبة بن معن، عن الفضيل بن سليمان النميري عن أخيه وكان مع محمد قال: كانت الخراسانية إذا نظروا إلى ابن خضير الزبيري يتنادون حضيرا آمد فيتضعضعون لذلك.

وقال الآخر: وأتينا برأس خضير فوالله ما جعلنا نستطيع حمله لما به من الجراح كان كأنه باذنجانة مفلقة، فكنا نضم أعظمه ضما.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: أخبرني إبراهيم ابن أبي الكرام قال عيسى لحميدبن قحطبة عند العصر: اراك قد أبطأت في أمر هذا الرجل فول حربه حمزة بن مالك قال: والله لو رمت أنت ذاك ما تركتك أحين قتلت الرجال ووجدت ريح الفتح؟ ثم جد في القتال، حتى قتل محمد.

أخبرني عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا أزهر بن سعد قال: دخل حميد بن قحطبة من زقاق أشجع على محمد.

وقال المدائني: إن محمدا قال لحميد بن قحطبة: ألم تبايعني فما هذا؟ قال: هكذا نفعل بمن يفشى سره إلى الصبيان.

أخبرني عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني ابوالحسن الحذاء قال: حدثني مسعود الرحال قال: رأيت محمدا يومئذ باشر القتال بنفسه فانى أنظر إليه حين ضربه رجل بسيف دون شحمة أذنه اليمنى فبرك لركبتيه وتعادوا عليه وصاح حميد بن قحطبة لا تقتلوه فكفوا عنه حتى جاء حميد فاحتز رأسه.

لعن الله حميدا وغضب عليه.

[183]

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني محمد بن يحيى قال أخبرني الحرث بن اسحاق قال: برك محمد على ركبتيه وجعل يذب عن نفسه يقول: ويحكم أنا ابن نبيكم مجروح مظلوم.

أخبرني عمر قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثني محمد بن اسماعيل قال: حدثني ابوالحجاج المنقري قال: رأيت محمدا يومئذ وإن أشبه ما خلق الله به لما ذكر عن حمزة بن عبدالمطلب، يفري الناس بسيفه ما يقاربه أحد إلا قتله(ومعه سيف) لا والله ما يليق شيئا حتى رماه إنسان كأني أنظر إليه أحمر أزرق بسهم.

ودهمتنا الخيل فوقف إلى ناحية جدار.

وتحاماه الناس فوجد الموت فتحامل على سيفه فكسره فسمعت جدي يقول: كان معه سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ذو الفقار.

حدثني علي بن العباس المقانعي قال: أنبأنا بكار بن احمد قال: حدثنا إسحاق ابن يحيى عن محمد بن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن قال: لما كان اليوم الذي قتل فيه محمد رحمه الله قال لاخته: إني في هذا اليوم على قتال القوم فان زالت الشمس وأمطرت السماء فاني اقتل وإن زالت الشمس ولم تمطر السماء، وهبت الريح فانى أظفر بالقوم فاذا زالت الشمس فأسجري التنانير وهييئ هذه الكتب فان زالت الشمس ومطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير فان قدرتم على بدني ولم تقدروا على رأسي فأتوا به ظلة بني نبيه على مقدار اربعة أذرع او خمسة فاحفروا لي حفرة وادفنوني فيها فلما مطرت السماء فعلوا ما أمرهم به وقالوا: إنه علامة قتل النفس الزكية أن يسيل الدم حتى يدخل بيت عاتكة.

قال: وأخذ جسده فحفروا له حفيرة، فوقعوا على صخرة فأدخلوا الحبال فأخرجوها فاذا فيها مكتوب: هذا قبر الحسن بن علي بن أبي طالب.

فقالت زينب: رحم الله أخي كان أعلم حيث أوصى ان يدفن في هذا الموضع.

أخبرني عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالله بن محمد بن البواب

[184]

قال: حدثني أبي عن عبدالله بن عامر الاسلمي قال: قال لي محمد بن عبدالله ونحن نقاتل عيسى: تغشانا سحابة فان أمطرتنا ظهرنا وإن جاوزتنا إليهم فانظر دمي على أحجار الزيت.

فوالله ما لبثنا ان أظلتنا سحابة فجالت وقعقعت حتى قلت تفعل ثم جاوزتنا فأصابت عيسى وأصحابه فما كان إلا كلاولا حتى رأيته قتيلا بين أحجار الزيت.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني علي ابن إسماعيل بن صالح بن ميثم: ان عيسى لما قدم جعفر بن محمد: اهو هو؟ قيل: من تعني يا أباعبدالله؟ قال: المتلعب بدمائنا.

(أما) والله لا يخلا منها شئ(يعني محمدا وإبراهيم.

أخبرني محمد بن عبدالله قال حدثنا ابوزيد قال حدثنا الرومي مولى جعفر ابن محمد قال: أرسلني جعفر بن محمد أنظر ما يصنعون فجئته فأخبرته ان محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين أبي زياد فأبلس طويلا ثم قال: ما يدعو عيسى إلى ان يس بنا ويقطع أرحامنا فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا أبدا.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني أيوب بن عمر قال: لقى جعفر بن محمد أبا جعفر فقال:(ياأمير المؤمنين) اردد علي عين أبي زياد آكل من سعفها.

قال: إياي تكلم بهذا الكلام؟ والله لازهقن نفسك.

قال: لا تعجل قد بلغت ثلاثا وستين وفيها مات أبي وجدي علي بن أبي طالب فعلى كذا وكذا إن آذيتك بشئ ابدا وإن بقيت بعدك إن آذيت الذي يقوم مقامك فرق له وأعفاه.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالله بن محمد ابن البواب قال حدثني أبي عن الاسلمي قال: قدم علي أبي جعفر قادم فقال: هرب محمد.

فقال: كذبت نحن أهل بيت لا نفر.

أخبرني عمر قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالله بن راشد بن يزيد قال: أخبرني ابوالحجاج الجمال قال: إنى لقائم على رأس أبي جعفر وهو يسألني

[185]

عن مخرج محمد إذ بلغه أن عيسى ابن موسى هزم وكان متكئا فجلس فضرب بقضيب معه مصلاه وقال: كلا فأين لعب صبياننا بها على المنابر، ومشاورة النساء.

أخبرني عمر قال حدثنا ابوزيد قال عمر بن شبة: حدثني علي بن إسماعيل الميثمي قال: حدثني ابوكعب قال.

حضرت عيسى حين قتل محمدا فوضع رأسه بين يديه فأقبل على أصحابه فقال.

ما تقولون في هذا؟ فوقعنا فيه.

فأقبل عليهم قائد له فقال.

كذبتم والله وقلتم باطلا ما على هذا قاتلناه ولكنه خالف أمير المؤمنين وشق عصا المسلمين وإن كان لصواما قواما.

فسكت القوم.

أخبرني عمر قال.حدثني ابوزيد قال.حدثنا يعقوب بن القاسم قال: حدثنا علي بن أبي طالب قال: قتل محمد بن عبدالله قبل العصر يوم الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان.

أخبرني عمر قال: حدثني ابوزيد قال: حدثنا عيسى قال: حدثنا محمد ابن زيد، وذكر ابن الحرث عن المدائني بعض ذلك ولم يذكره الباقون: أن عيسى بعث بالبشارة إلى أبي جعفر، القاسم بن الحسن بن زيد وبعث برأسه مع ابن الكرام(الجعفري.قال المدائني فدخل ابن أبي الكرام بالرأس وهو عاض على شفتيه.

أخبرني عمر قال: حدثني ابوزيد قال: حدثنا محمد بن يحيى عن الحرث ابن إسحاق: أن زينب بنت عبدالله وفاطمة بنت محمدبن عبدالله بعثتا إلى عيسى ابن موسى إنكم قد قتلتم هذا الرجل وقضيتم حاجتكم فلو أذنتم لنا فواريناه فأرسل إليهما: أما ما ذكرتما ياابنتى عمي أنى نلت منه فوالله ما أمرت ولا علمت فوارياه راشدتين فبعثتا إليه فاحتمل، فقيل إنه حشى في مقطع عنقه عديله قطنا ودفن بالبقيع.

أخبرني عمر قال: حدثني ابوزيد قال: حدثني محمد بن أسماعيل قال: سمعت جدتي أم سلمة بنت محمد بن طلحة تقول: سمعت زينب بنت عبدالله تقول.

كان أخي رجلا أدم فلما أدخل علي وجدته قد تغير لونه وحال

[186]

حتى رأيت بقية من لحيته فعرفتها وأمرت بفراش فجعل تحته وقد أقام في مصرعه ديومه وليلته إلى غد فسال دمه، حتى استنقع تحت الفراش فأمرت بفراش ثان فسال دمه حتى رفع بالارض فجعلت تحته فراشا ثالثا، فسال دمه وخلص من فوقها جميعا.

أخبرني عمر بن عبدالله قال.حدثنا عمر بن شبة قال.حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي قال.

طيف برأس محمد في طبق أبيض، فرأيته آدم أرقط.

حدثني أحمد بن سعيد قال: حدثني يحيى بن الحسن قال: حدثنا هرون ابن موسى الفروي قال: حدثتني أمي انها سمعت شعار أصحاب محمد بن عبدالله ليلة خرج أحدأحد.محمد بن عبدالله.

وقال أحمد بن الحرث الخراز: عن المدائني في حديثه: ذهب ابن حصين إلى السجن لما تفرق الناس وقتل محمد، فذبح رياحا ولم يجهز عليه وتركه يضطرب حتى مات، وجاء ليقتل ابن خالد القسري ففطن به فأغلق بابه فعالجه فلم يقدر على فتحه فتركه وأخذ ديوان محمد الذي فيه أسماء رجاله فحرقه بالنار ثم لحق بمحمد فقاتل حتى قتل معه رحمة الله عليه.

ذكر من عرف ممن خرج مع محمد بن عبدالله

ابن الحسن من أهل العلم، ونقلة الآثار ومن رأى الخروج معه وأفتى الناس:

حدثني علي بن العباس المقانعي، أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع قال: حدثنا الحسن بن الحسين عن الحسين بن زيد قال: شهد مع محمد بن عبدالله بن الحسن من ولد الحسن أربعة: أنا وأخي عيسى وموسى وعبدالله ابنا جعفر بن محمد.

حدثني علي بن العباس قال: أبنأنا بكار قال: حدثني محول بن إبراهيم قال: حدثني الحسين بن زيد قال: كان عبدالله بن جعفر بن محمد مع محمد

[187]

ابن عبدالله قال: فرأيته بارز رجلا من المسودة فقتله.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عيسى بن عبدالله قال خرج مع محمد بن عبدالله من بني هاشم: الحسن.

ويزيد وصالح بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر.

والحسين، وعيسى ابنا زيد بن علي(قال: فحدثني عيسى قال) فبلغني ان ابا جعفر قال: العجب لخروج ابني زيد وقد قتلنا قاتل أبيهما كما قتله، وصلبناه كما صلبه،(وأحرقناه كما أحرقه) وحمزة بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي وعلي، وزيد ابنا الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

قال عيسى: قال ابوجعفر للحسن بن زيد: كأني أنظر إلى ابنيك واقفين على رأس محمد بسيفين عليهما قباء ان.

قال: ياأمير المؤمنين قد كنت أشكو إليك عقوقهما قبل اليوم.

قال: أجل فهذامن ذاك.

والقاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

والمرجى علي بن جعفر بن إسحاق بن علي بن عبدالله بن جعفربن أبي طالب.

قال عيسى: قال ابوجعفر لجعفر بن إسحاق: من المرجى هذا فعل الله به وفعل؟ قال: ياأمير المؤمنين ذاك ابني، والله لئن شئت ان أنتفى منه لافعلن.

قال: وخرج معه المنذر بن محمد بن الزبير.

قال عيسى: رأيته مر بالحسن بن زيد فعانقه ثم بكى بكاء طويلا فقال لي الحسين: ما كان مع محمد أفرس من هذا.

حدثني علي بن إبراهيم العلوي الحسيني.

قال.

حدثنا حمدان بن إبراهيم قال: حدثني يحيى بن الحسن بن الفرات بن القزاز قال: حدثنا الحسن بن هذيل عن الحسين صاحب فخ قال: لما خرجت مع محمد بن عبدالله قال لي: يابني ارجع لعلك تقوم بهذا الامر من بعدي.

حدثني أحمد بن سعيد قال.

حدثنا يحيى بن الحسن قال.

حدثنا غسان بن

[188]

أبي غسان مولى بني ليث عن أبيه قال: خرج ابن هرمزمع محمد بن عبدالله يحمل في محفة، وقال.

ما في قتال، ولكن أحب أن يتأسى بن الناس.

حدثنا جعفر بن محمد القرباني وعمر بن عبدالله العتكي ويحيى بن علي بن يحيى المنجم وأحمد بن عبدالعزيز الجوهري قال: عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن زبالة قال: سمعت مالك بن أنس يقول: كنت آتى ابن هرمز، فيأمر الجارية فتغلق الباب، وترخى الستر ثم يذكر أول هذه الامة ويذكر العدل، ثم يبكي حتى تخضل لحيته.

قال: ثم خرج مع محمد بن عبدالله فقال: والله ما فيك قتال، قال: قد علمت ولكن يراني الجاهل فيقتدى بي.

حدثني أحمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن قال: حدثني بكر بن عبدالوهاب قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: كان عبدالمجيد بن جعفر على شرط محمد بن عبدالله وكان ثقة وقد روى عنه هيثم وغيره حديثا كثيرا.

أخبرني أحمد بن عبدالعزيز وعمر بن عبدالله ويحيى بن علي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني القاسم بن أبي شبة قال: حدثني ابونعيم الفضل بن دكين قال: بلغني أن عبدالله بن عمر بن أبي ذئب وعبد الحميد بن جعفر دخلوا على محمد ابن عبدالله بن الحسن قبل خروجه فقالوا له: ما تنتظر بالخروج؟ والله ما نجد في هذه الامة أحدا أشأم عليها منك ما يمنعك ان تخرج.

أخبرني أحمد بن عبدالعزيز ويحيى بن علي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي قال حدثني الحسين بن زياد قال: أتى عيسى بن موسى بابن هرمز بعد ما قتل محمد فقال له إنه أنما منعك ورعك وفقهك عن الخروج مع من خرج فقال: كانت فتنة شملت الناس فشملتنا معهم.

قال: اذهب راشدا.

قال عمر بن شبة: حدثني علي بن زاذان قال: حدثني علي بن برقي قال: رأيت قائدا من قواد عيسى جاء في جماعة فسأل عن منزل ابن هرمز

[189]

فأرشدناه إليه فخرج وعليه قميص رياط فأنزلوا قائدهم وحملوه على برذونه ثم خرجوا به يزفونه حتى ادخلوا على عيسى فما هاجه.

قال عمر بن شبة وحدثني قدامة بن محمد قال: خرج عبدالله بن يزيد بن هرمز ومحمد بن عجلان مع محمد فلما حضر القتال تقلد كل واحد منهما قوسا فظننا أنهما أرادا أن يريا الناس أنهما قد صلحا لذلك.

أخبرني يحيى بن علي والجوهري والعتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني ابوعاصم النبيل قال: حدثني عباد بن كثيرقال: خرج ابن عجلان مع محمد بن عبدالله بن الحسن فكان على بغلة معه، فلما ولى جعفر بن سليمان المدينة قيده فدخلت عليه فقلت له: كيف ترى رأى أهل البصرة في رجل قيد الحسن البصري؟ قال: شر والله.

قال: فقلت: إن ابن عجلان بهذه - يعني المدينة - كالحسن بتلك فتركه.

أخبرني عيسى بن الحسن الوراق قال: حدثني هرون بن موسى الفروي عن داود بن القاسم قال: استعمل محمد بن عبدالله بن الحسن على قضاء المدينة عبدالعزيز بن المطلب المخزومي وعلى ديوان العطاء عبدالله بن جعفر بن عبدالرحمن ابن المسور بن مخرمة.

أخبرني عيسى بن الحسين قال: حدثنا سلمان بن أبي شيخ قال: حدثنا أبوسفيان الحميري قال: حدثني عبدالحميد بن جعفر قال: ولاني محمد بن عبدالله على شرطته فكنت علها مدة ثم وجهني وجها فولاها عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير.

أخبرنا يحيى بن علي وأصحابه قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني إبراهيم ابن إسحاق القرشي: قال سأل رجل عبدالعزيز بن المطلب وهو قاض لمحمد بن عبد الله يومئذ على المدينة كتابا إلى صنعاء فقال: رويدا حتى تنفذ كتبنا الحيرة.

قال أبوزيد: حدثني عيسى بن عبدالله، عن أبيه، قال: خرج مع محمد ابن عبدالله عيسى بن علي بن الحسين، وكان يقول: من خالفك أو تخلف عن

[190]

بيعتك من آل أبي طالب فأمكني منه أضرب عنقه.

قال ابوزيد: وحدثني سعيد بن عبدالحميد قال حدثنا جهم بن جعفر الحكمي قال: أخبرني غير واحد.

أن مالك بن أنس استفتى في الخروج مع محمد بن عبدالله وقيل له: إن في أعناقنا بيعة لابي جعفر.

فقال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين فأسرع الناس إلى محمد ابن عبدالله.

حدثني عيسى بن الحسين قال: حدثني هرون بن موسى عن داود بن القاسم.

وأخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا ابوزيد قال حدثنا أزهر بن سعد السمان قال.

استعمل محمد بن عبدالله حين ظهر عبدالعزيز بن محمد الدراوردي على السلاح، أخبرنا يحيى بن علي وأصحابه المذكورون قال.حدثنا عمر بن شبة قال.حدثني سعيد بن عبدالحميد قال.حدثني جهم بن عثمان مولى بني سليم قال.

قال لي عبدالحميد بن جعفر يوم لقينا أصحاب عيسى بن موسى.

نحن اليوم على عدة أهل بدر، حين لقوا المشركين قال.

وكنا ثلثمائة ونيفا.قال ابوزيد.

وحدثني عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي قال.حدثني أبي قال.

كان مع الافطس وهو الحسن بن علي بن علي بن الحسين علم لمحمد أصفر فيه صورة حية، وكان مع كل رجل من أصحابه من آل علي بن أبي طالب علم، وكان شعارهم أحد أحد.

قال.وكذلك كان شعار النبي صلى الله عليه وآله يوم حنين.

حدثنا عيسى بن الحسين قال.

حدثنا هرون بن موس الفروي عن دارد بن القاسم وغيره من أهل المدنة، قال.

خرج المنذر بن محمد بن المنذر بن الزبير مع محمد بن عبدالله وكان رجلا صالحا فقيها قد حمل عنه أهل البيت الحديث.

حدثني يحيى بن علي والعتكي والجوهري قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال.

حدثني عيسى بن عبدالله قال.رأيت المنذر بن محمد مر بالحسن بن زيد فعانقه، وبكى طويلا، فقال الحسن.

ما كان مع محمد بن عبدالله فارس أشد من هذا.

[191]

أخبرني عيسى بن الحسين قال هرون بن موسى قال.

وخرج مع محمد بن عبدالله مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير، وابنه عبدالله بن مصعب، وكان شاعرا، وكان يقول الشعر في محمد ويحرض الناس بذلك.

أخبرني عيسى بن الحسين الوراق قال.

حدثنا هرون قال.خرج ابوبكر ابن أبي سبرة الفقيه الذي يروى عنه الواقدي، مع محمد بن عبدالله، ومعه راية له، وهو معلم بعذبة حمراء.

أخبرني عيسى قال.

حدثنا هرون بن موسى، وأخبرني يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري قال.

حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة العمري قال.

كان ممن خرج مع محمد بن الله يزيد بن هرمز، وعبدالواحد بن أبي عون، مولى الازد.

وعبدالله بن عامر الاسلمي وذكر ان محمدا خطب الناس فذكر شيئا، فقال وهذا قارئكم عبدالله بن عامر الاسلمي يشهد على ذلك فقام فشهد على ما قال.

وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي مولى بلى.

وإسحاق بن أبراهيم بن دينار مولى جهينة.

وعبدالحميد بن جعفر.

وعبدالله بن عطاء وبنوه جميعا وهم إبراهيم.

وإسحاق، وربيعة، وجعفر وعبدالله، وعطاء ويعقوب وعثمان وعبدالعزيز بنو عبدالله بن عطاء.

قال هرون الفروي في خبره خاصة.

وكان عبدالله امرأ صدق وكان من خاصة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وقد روى عن عبدالله بن الحسن بن الحسن وكان ذا خصوص بهم.

وقال ابوزيد.

حدثني محمد بن الحسن قال.

حدثني حميد بن عبدالله الفروي قال.

لما قتل محمد تغيب عبدالله بن عطاء فمات متواريا، فلما خرج نعشه بلغ خبره جعفر بن سليمان فأنزله من نعشه فصلبه ثم كلم فيه فأنزله بعد ثالثة، وأذن في دفنه.

حدثني عيسى بن الحسين قال.

حدثنا هرون بن موسى قال خرج مع محمد

[192]

ابن عبدالله: عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير، الذي يروى عنه عبدالله بن مصعب والضحاك بن عثمان.

وكان امرأ صدق، فأتى به ابوجعفر فقال له.

أين المال.الذي كان عندك.قال.دفعته إلى أمير المؤمنين(قال.ومن أمير المؤمنين؟ قال) محمد بن عبدالله بن الحسن، رحمة الله وصلواته عليه.

قال.أو بايعته؟ قال: إي والله كما بايعته أنت وأخوك وأهلك هؤلاء الغدرة.

قال.ياابن اللخناء.قال.ابن اللخنا من قامت عنه مثل أمك سلامة.قال.اضربوا عنقه، فضربت عنقه.وقال عمر بن شبة باسناده الذي قدمت ذكره.

حدثني سعيد بن عبدالحميد عن محمد بن عثمان بن خالد قال.

قال لي أبي.

قد بايعت أنا وأنت رجلا بمكة فوفيت أنا بيعتي، ونكثت بيعتك وغدرت فشتمه فرد عليه فأمر به فضربت عنقه.

أخبرني محمد بن خلف إجازة عن وكيع قال.

حدثنا إسماعيل بن مجمع بن الواقدي قال.

كان عبدالرحمن بن أبي الموالي مخالطا لبني الحسن، وكان يعرف موضع محمد وإبراهيم، ويختلف إليهما فكان يقال إنه داع من دعاتهما وبلغ ذلك أبا جعفر، فأخذه معهم.

قال الواقدي.

فحدثني عبدالرحمن بن أبي الموالي، قال.

لما أخذ أبو جعفر بني الحسن، وأمر رياحا فجاء بهم إلى الربذة قال له.

ابعث الساعة إلى عبدالرحمن بن أبي الموالى فجئني به.

قال.فبعث رياح إلي فأخذت وجئ بي إليه فلما صرت بالربذة رأيت بني الحسن مقيدين في الشمس فدعاني ابوجعفر من بينهم فأدخلت عليه وعنده عيسى بن علي فلما رآني عيسى قال له المنصور.

أهو هو قال: نعم هو هو ياأمير المؤمنين وإن أنت شددت عليه أخبرك بمكانهم.

فدنوت فسلمت فقال أبوجعفر: لا سلم الله عليك.

أين الفاسقان ابنا الفاسق؟ أين الكذابان

[193]

ابنا الكذاب؟ فقلت ياأمير المؤمنين: هل بنفعني الصدق عندك؟ قال: وما ذاك قال: قلت: امرأتي طالق إن كنت أعرف مكانهما فلم يقبل ذلك مني وقال: السياط فأتى بالسياط وأقمت بين العقابين ضربني أربعمائة سوط فما عقلت بها حتى رفع عني، ثم رددت إلى أصحابي على تلك الحال.

أخبرني عيسى بن الحسين قال: حدثنا هرون بن موسى الفروي قال: وخرج عبدالواحد بن أبي عون مع محمد بن عبدالله وكان من دوس، وكان منقطعا إلى عبدالله بن الحسن فطلبه ابوجعفر فيمن طلب بعد مقتل محمد، فتوارى عند محمد ابن يعقوب بن عيينة فمات عنده فجاء‌ه في سنة أربع وأربعين ومائة.

وقد حمل عنه الحديث، وكان ثقة.

اخبرني وكيع قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع عن الواقدي قال: كان ابن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدهم غير مدافع.

وكان له حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله يفتى فيها الناس ويحدثهم.

فلما خرج محمد بن عبدالله بن الحسن خرج معه، فلما قتل محمد وولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس المدينة بعث إلي ابن عجلان فأتى به فسكت فقال له: أخرجت مع الكذاب؟ وأمر بقطع يده، فلم يتكلم ابن عجلان بكلمة إلا انه كان يحرك شفتيه بشئ لا يدري ما هو فظن انه يدعو فقام من حضر جعفرا من فقهاء المدينة وأشرافها فقالوا له: أصلح الله الامير محمد بن عجلان فقيه أهل المدينه وعابدهم، وإنما شبه عليه وظن انه المهدي الذي جاء‌ت فيه الرواية فلم يزالوا يطلبون إليه، حتى تركه.

فولى ابن عجلان منصرفا فلم يتكلم بكلمة حتى أتى منزله.

قال الواقدي: وقد رأيته وسمعت منه وكان ثقة كثير الحديث.

مات بالمدينة سنة ثمان أو تسع وأربعين ومائة، في خلافة أبي جعفر.

أخبرني وكيع قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع عن الواقدي قال.

خرج عبدالله بن عمر بن العمري مع محمد بن عبدالله هو، وأخوه وأبوبكر بن عمر فلم

[194]

يزل معه حتى انقضى أمره وقتل، فاستخفى عبدالله بن عمر ثم طلب فوجد فأتى به ابوجعفر فأمر بحبسه فحبس في المطبق سنين، ثم دعا به فقال: ألم أفضلك وأكرمك، ثم تخرج علي مع الكذاب؟ فقال: ياأمير المؤمنين، وقعنا في أمر لم نعرف له وجها والفتنة كانت شاملة، فان رأى أمير المؤمنين ان يعفو ويصفح ويحفظ في عمر بن الخطاب فليفعل.

قال: فتركه وخلى سبيله.

قال: وكان عبدالله يكنى أبا القاسم فتركها وتكنى أبا عبدالرحمن وقال: لا أتكنى بكنية رسول الله صلى الله عليه وآله، إعظاما لها.

قال الواقدي: فكان عبدالله بن عمر كثير الحديث، وروى عن نافع روايات كثيرة، وعمر عمرا طويلا.

حتى لقته الاحداث.

ومات في خلافة هرون سنة إحدى او اثنتين وسبعين ومائة.

حدثنا علي بن العباس، قال حدثنا بكار بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا عبدالله بن الزبير الاسدي وكان في صحابة محمد بن عبدالله قال: رأيت محمد بن عبدالله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له: أتلبس سيفا محلى؟ فقال أي بأس بذلك، قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسون السيوف المحلاة.

عبدالله بن الزبير هذا أبوأحمد الزبير المحدث، وهو أيضا من وجوه محدثي الشيعة، روى عنه عباد بن يعقوب ونظراؤه ومن هو أكبر منه.

أخبرني محمد بن خلف بن وكيع: قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي قال: خرج عبدالله بن جعفر بن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة مع محمد بن عبدالله بن الحسن وكان من ثقاة أصحاب محمد وكان يعلم علمه في تواريه وان إذا دخل المدينة مستخفيا فجاء‌ه فنزل في داره فكان ابوجعفر يدخل على الامراء يسمع كلامهم، ويعرف أمورهم سائر نهاره يروح إليه فيخبره بذلك.

[195]

وكان من رجال أهل المدينة علما بالفقه وصدقا بالحديث وتقدما بالفتوى، وكان يرشح للقضاء.

قال الواقدي: ولقدحدثني بن أبي الزياد أنه ما مات قاض بالمدينة ولا عزل إلا ظنوا ان عبدالله بن جعفر يتولى مكانه لكمال علمه ومروء‌ته وفضله فمات وما ولى القضاء ولا قعد به عن ذلك عندهم إلا خروجه إليهم مع محمد.

فلما قتل محمد توارى فلم يزل في تواريه حتى استؤ من له فأومن.

قال: وكان عبدالله بن جعفر لما دخل إلى جعفر بن سليمان قال له: ما حملك على الخروج مع محمد على ما أنت عليه من العلم والفقه؟ فقال: ما خرجت معه وانا أشك في أنه المهدي، لما روى لنا في أمره فما.

زلت أرى أنه هو حتى رأيته مقتولا ولا اغتررت بأحد بعده.

فاستحيى منه وأطلقه.

أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ابوعبدالله.

وحدثني ابوعبيد محمد بن أحمد المؤمل الصيرفي، قالا: حدثنا محمد ابن علي بن خلف العطار، قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرازي: قال حدثني الحسين بن المنزل قال: قال لي محمد بن إسماعيل بن رجاء: بعث إلي سفيان الثوري سنة أربعين ومائة فأوصاني بحوائجه ثم سألني عن محمد بن عبدالله بن الحسن كيف هو: فقلت في عافية فقال.

إن يرد الله بهذه الامة خيرا يجمع أمرها على هذا الرجل.قال.قلت.ما علمتك إلا قد سررتني.قال.سبحان الله ! وهل أدركت خيار الناس إلا الشيعة.

ثم ذكر زبيدا، وسلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت وأبا اسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر والاعمش قال.

فقلت له.

وأبوالحجاف قال.ذاك الضرب ذاك الضرب.

وإيش كان ابوالحجاف.قال.كان يكفر الشاك في الشاك.قال.ثم قال سفيان.إلا ان قوما من هذه الرفضة، وهذه المعتزلة قد بغضوا هذا الامر إلى الناس.

حدثني احمد بن محمد بن سعيد قال.حدثنا عبدالرحمن بن يوسف قال.

[196]

حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري قال: سمعت محمد بن يحيى بن سعيد القطان يقول سمعت أبي يقول: خرج عبيدالله بن عمر، وهشام بن عروة ومحمد بن عجلان مع محمد بن عبد الله بن الحسن.

قال عبدالرحمن بن يوسف: وبلغني عن مسدد انه حكى مثل هذه الحكاية في مخرجهم معه.

حدثني أحمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسن قال: حدثني ابوعبدالحميد الليثي عن ابيه قال: كان ابن فضالة النحوي يخبر قال: اجتمع واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد في بيت عثمان بن عبدالرحمن المخزومي من أهل البصرة، فتذاكروا الجور فقال عمرو بن عبيد: فمن يقول بهذا الامر ممن يستوجبه وهو له أهل؟ فقال واصل: يقوم به والله من أصبح خير هذه الامة، محمد بن عبدالله بن الحسن.

فقال عمرو بن عبيد: ما أرى ان نبايع ولا نقوم إلا مع من اختبرناه، وعرفنا سيرته.

فقال له واصل: والله لو لم يكن في محمد بن عبدالله امر يدل على فضله إلا ان اباه عبدالله بن الحسن، في سنه، وفضله وموضعه قد رآه لهذا الامر أهلا، وقدمه فيه على نفسه - لكان لذلك يستحق ما نراه له، فكيف بحال محمد في نفسه وفضله؟ قال يحيى: وسمعت أبا عبيدالله بن حمزة يحدث قال: خرج جماعة من أهل البصرة من المعتزلة منهم واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهما حتى اتوا سويقة فسألوا عبدالله بن الحسن ان يخرج لهم ابنه محمد حتى يكلموه فطلب لهم عبدا لله فسطاطا واجتمع هو ومن شاوره من ثقاته ان يخرج إليهم إبراهيم بن عبدالله.

فأخرج إليهم إبراهيم، وعليه ريطتان، ومعه عكازة، حتى اوقفه عليهم، فحمدالله وأثنى عليه، وذكر محمد بن عبدالله وحاله، ودعاهم إلى بيعته، وعذرهم في التأخر عنه فقالوا اللهم إنا نرضى برجل هذا رسوله فبايعوه وانصرفوا إلى البصرة.

[197]

حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا بكار بن أحمد قال حدثنا الحسن بن الحسين، قال حدثني الحسن بن حماد قال: كان ابوخالد الواسطي والقاسم بن مسلم السلمي مع محمد بن عبدالله بن الحسن وكانا من أصحاب زيد بن علي صلوات الله عليه.

قال القاسم بن مسلم لمحمد بن عبدالله بن الحسن: ياأبا عبدالله، إن الناس يقولون: إن صاحبكم محمدا ليس له ذلك الفقه.

قال فتناول سوطه من الارض ثم قال: ياقاسم ابن مسلم، ما يسرني ان الامة اجتمعت علي كمعلاق سوطي هذا وأني سئلت عن باب الحلال او الحرام ولم يكن عندي مخرج منه، ياقاسم بن مسلم، إن أضل الناس بل أظلم الناس، بل أكفر الناس من ادعى من هذه الامة، ثم سئل عن باب الحلال والحرام، ولم يكن عنده منه مخرج.

حدثني احمد بن محمد بن سعيد، قال يحيى بن الحسن قال: حدثني ابوعبد الحميد الليثي، عن ابيه عن عيسى بن عبدالله عن ابيه قال: بايع ابوجعفر المنصور محمد بن عبدالله مرتين إحداهما بالمدينة والاخرى انا حاضرها بمكة في المسجد الحرام فلما بايعه قام معه حتى خرج من المسجد الحرام فركب فأمسك له ابوجعفر بركاب دابته ثم قال له: ياأبا عبدالله، أما إنه أفضى إليك هذا الامر نسيت هذا الموقف ولم تعرفه لي.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثني عمر بن شبة قال: حدثني عبدالله ابن عمر: ان علي بن محمد بن عبدالله بن الحسن لما أخذه ابوجعفر اعترف له، ابن وسمى أصحاب ابيه، فكان فيمن سمى عبد الرحمن بن ابي الموالي فأمر به ابو جعفر فحبس.

اخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عبدالله ابن راشد قال: سمعت الجراح بن عمرو، وغيره يقولون: إن عليا وحسنا إبني صالح جاء‌ا مشتملين على سيفين إلى محمد بن عبد الله بن الحسن فقالا: قد جئناك

[198]

ياابن رسول الله فمرنا بالذي تريده فقال: قد قضيتما ما عليكما وإن لقينا في هؤلاء شيئا فانصرفا.

فانصرفا.

أخبرني عمر قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن يحيى عن الحرث ابن سحاق: ان محمدا استعمل على المدينة عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير.

وعلى قضائها عبدالعزيز بن المطلب(بن عبدالله المخزومي) وعلى الشرط، أبا القلمس عثمان(بن عبيدالله) بن عبدالله بن عمر بن الخطاب.

وعلى ديوان العطاء عبدالله ابن جعفر بن عبدالرحمان بن المسور بن مخرمة.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عيسى عن ابيه قال: قال: خرج مع محمد بن عبدالله عيسى بن زيد وكان يقول: من خالف بيعتك من آل أبي طالب فأمكنى من ضرب عنقه، فأتى بعبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين فغمض عينيه قال: إن علي يمينا إن رأيته فأقتلنه، فقال له عيسى: دعني أضرب عنقه، فكف عنه.

دفع إلى عيسى بن الحسين الوراق كتابا ذكر انه كتاب أحمد بن الحرث فقرأت فيه: حدثنا المدائني ان هشام بن عروة بن الزبير بايع محمد بن عبدالله وجعل له ولاية المدينة.

أخبرني عمر بن عبدالله قال حدثنا ابوزيد قال حدثني متوكل بن أبي العجوة: ان أبا جعفر كان يقول: العجب لعبد الله بن عطاء إنه بالامس على بساطى ثم يضربني بعشرة أسياف.

أخبرني عمر قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثني محمد بن الحسن بن زبالة، قال: حدثني حميد بن عبدالله بن أبي فروة قال: لما درب الناس السكك أيام محمد ابن عبدالله أردنا ان ندرب سكتنا فمنعنا عبدالله بن عطاء، قال: فمن أين يمر إلي أمير المؤمنين محمد؟ فلما قتل تغيب حتى مات في إمارة جعفر بن سليمان فأخرج على جنازة ليدفن

[199]

فأمر به فأنزل من نعشه وصلب فكلم فيه جعفر فأمر ان ينزل من خشبته بعد ثالثة، فأنزل ودفن، وعبدالله بن عطاء من ثقاة أهل الحديث وقد روى عن أبي جعفر محمد بن علي وعن عبدالله بن بريدة، وغيرهما من وجوه التابعين.

وروى عنه الثقاة مثل مالك بن أنس ونظرائه.

وعبدالله بن عامر الاسلمي وهو القاري ويكنى أبا عامر وهو ثقة.

وروى عنه وكيع وأبونعيم وعبيدالله بن موسى وأبوضمرة.

وقد روى عن الزهري، ووثقه يحيى بن معن ورووه في الحديث ورثاه علي بن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ابن الحسن بقوله:

أبوعامر فيهارئيس كأنها***كراديس تغشى حرة المتكبر

أخبرني عمر قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا عبدالله بن إسحاق بن القاسم قال: حدثني إبراهيم بن عبدالله بن الحسن قال: لقيني موسى بن عبدالله بالسيالة فقال: انطلق أرك ما صنع بنا في سويقة، فذهبت معه، فوجدت نخلها قد عرقبت فقال: نحن والله كما قال دريد بن الصمة:

تقول: ألا تبكي أخاك ! وقد أرى*** مكان البكى لكن بنيت على الصبر(1)

لمقتل عبدالله والهالك الذي***على الشرف الاقصى قتيل أبى بكر(2)

___________________________________

(1) الاغاني 10 - 5 وابن أبي الحديد 1 - 234 والحماسة 2 - 309 وفي ط " تلبيت " وفي ق " تلبيت ".

(2) كذا في النسخ والآغاني وابن أبي الحديد.

وفي الحماسة فقلت أبا عبدالله أبكي أم الذي: له الحدث الاعلى قتيل أبي بكر وفي الاغاني 10 - 4 وكان لدريد ابن الصمة إخوة وهم عبدالله الذي قتلته غطفان وعبد يغوث قتله بنو مره وقيس قتله بنو أبي بكر بن كلاب.

وخالد قتله بنو الحارث بن كعب " [ * ]

[200]

وعبد يغوث أو نديمي خالد***وعز مصابا خيرقبر على قبر(1)

أبى القتل إلا آل صمة إنهم***أبوغيره والقدر يجري على القدر

فإما ترينا لا تزال دماؤنا*** لدى معشر يسعى لها آخر الدهر(2)

فأنا للحم السيف غير نكيرة ***ونلحمه طورا وليس بذي نكر(3)

يغار علينا واترين فيشتفى*** بنا إن أصبنا، أو نغير على وتر

بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا*** فما ينقضي إلا ونحن على شطر

قال أبوزيد: حدثت المدائني هذا أو أمليته عليه فتركني وترك الرجلين وقال: قال موسى.

___________________________________

(1) كذا في النسخ وفي الاغاني " حثو قبر " وفي ابن أبي الحديد " وجل مصابا حشو قبر " وفي الحماسة " يغوث تحمل الطير حوله " وعز المصاب حثو قبر ".

(2) كذا في النسخ وفي الحماسة وابن أبي الحديد " لدى واتر تسعى بها، وفي الاغاني.لدى واتر يشفى بها آخر الدهر".

(3) قال التبريزي: " يقول: إنا نخاطر بأنفسنا فنقتل ونقتل وليس ذلك فينا ومنا بمنكر " [ * ]