الحسن بن معاوية

وممن أخذه ابوجعفر من آل أبي طالب، وحبسه، وضربه بالسوط من أصحاب محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: - الحسن بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

أمه وأم إخوته: يزيد وصالح ابني معاوية: فاطمة بنت الحسين بن الحسن ابن علي بن أبي طالب وأمها أم ولد.

وخرجوا جميعا مع محمد بن عبدالله.

واستعمل الحسن بن معاوية على مكة.

فلما قتل محمد بن عبدالله أخذه ابوجعفر فضربه بالسوط وحبسه.

فلم يزل في الحبس حتى مات ابوجعفر، فأطلقه المهدي.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء، قال: حدثنا الزبير قال: حدثني عيسى بن عبدالله قال: دخل عيسى بن موسى على المنصور، فقال: ألا أبشرك؟ قال: بماذا؟ قال: ابتعت وجه دار عبدالله بن جعفر من بني معاوية بن عبدالله الحسن ويزيد، وصالح.

فقال له(أتفرح؟) والله ما باعوك إياها إلا ليقووا بثمنها عليك.

فخرج الحسن ويزيد وصالح مع محمد بن عبدالله.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا الزبير قال: حدثني غسان عن أبيه قال: حدثني محمد بن إسحاق بن القاسم بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب: أن محمد بن عبدالله بعث الحسن، والقاسم بن اسحاق إلى مكة، واستعمل الحسن على مكة، والقاسم على اليمن.

[202]

أخبرني عمر العتكي، والجوهري ويحيى بن علي عن عمر بن شبة، عن عبدالله بن إسحاق وهو أخو محمد بن اسحاق الذي روى عنه الزبير قال: حدثني عبدالله بن يزيدبن معاوية بن عبدالله بن جعفر قال: أراد بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر وكانوا خرجوا مع محمد بن عبدالله - أن يظهروا بعد قتله.

فقال أبي للحسن بن معاوية: لا نظهر جميعا، فانا إن فعلنا أخذك جعفر بن سليمان من بيننا.

قال: وجعفر يومئذ على المدينة.

فقال لابد من الظهور.

فقال له: فان كنت فاعلا فدعني أتغيب فانه لا يقدم عليك ما دمت متغيبا.

قال: لا خير في عيش لست فيه.

فلما ظهروا أخذ جعفر بن سليمان الحسن فقال له: أين المال الذي أخذته بمكة؟ وكان أبوجعفر قد كتب إلى جعفر بن سليمان ان يجلد حسنا إن ظفر به.

فلما سأله عن المال قال: أنفقناه فيما كنا فيه وذاك شئ قد عفا عنه أمير المؤمنين.

قال: وجعل جعفر بن سليمان يكلمه، والحسن يبطئ في جوابه فقال له جعفر: أكلمك ولا تجيبني ! قال: ذلك يشق عليك، لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

قال: فضربه أربعمائة سوط، وحبسه.

فلم يزل محبوسا حتى مات ابوجعفر وقام المهدي فأطلقه وأجازه.

قال ابوزيد: وحدثني عيسى بن عبدالله، قال: لما ضرب جعفر بن سليمان الحسن بن معارية قال: أين كنت؟ فاستعجم عليه فقال له: علي وعلي إن أقلعت عنك أبدا او تخبرني أين كنت.

قال: كنت عند غسان بن معاوية مولى عبدالله بن الحسن.

فبعث جعفر إلى منزل غسان فهرب منه فهدم داره ثم جاء بعد فأمنه.

قال: ولم يكن الحسن عند غسان إنما كان عند نفيس صاحب قصر نفيس: قال أبوزيد: فحدثني عيسى بن عبدالله، قال: لم يزل الحسن بن معاوية

[203]

في حبس جعفر بن سليمان، حتى حج ابوجعفر، فعرضت له حمادة بنت معاوية، فصاحت به: ياأمير المؤمنين، الحسن بن معاوية قد طال حبسه فانتبه له: وقد كان ذهل عنه، فسار به معه حتى وضعه في حبسه ولم يزل محبوسا حتى ولي المهدي.

قال الزبير في خبره الذي أخبرني به الحرمى عن الزبير قال: حدثني عبدالله ابن الحسن بن القاسم: ان الحسن بن معاوية قال لابي جعفر وهو في السجن وقد أتاه نعى أخيه يزيد بن معاوية يستعطفه على ولده:

إرحم صغار بني يزيد إنهم*** أيتموا لفقدي لا لفقد يزيد

وارحم كبيرا سنه متهدما*** في السجن بين سلاسل وقيود

ولئن أخذت بجرمنا وجزيتنا*** لنقتلن به بكل صعيد

أو عدت بالرحم القريبة بيننا*** ما جدكم من جدنا ببعيد

قال ابوالفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني: ومن مختار مارثي به محمد ابن عبدالله من الشعر، قول غالب بن عثمان الهمداني أنشدنيه عمر بن عبدالله العتكي، عن عمر بن شبة:

يادار هجت لي البكاء فأعولي*** حييت منزلة دثرت ودارا

بالجزع من كنفي سويقة أصبحت*** كالبرد بعد بني النبي قفارا

الحاملين إذا الحمالة أعجزت*** والاكرمين أرومة ونجارا

والممطرين إذا المحول تتابعت*** دررا تداولها المحول غزارا

والذائدين إذا المخافة أبرزت*** سوق الكواعب ييتدرن حصارا

وثبت نتيلة وثبة بعلوجها*** كانت على سلفى نتيلة عارا

فتصلمت ساداتها وتهتكت*** حرما محصنة الخدور كبارا

ولغت دماء بني النبي فأصبحت*** خضبت بها الاشداق والاظفارا

[204]

لا تسقني بيديك إن لم أبتعث*** لبني نتيلة جحفلا جرارا

لجبا يضيق به الفضاء عرمرما*** يغش الدكادك قسطلا موارا

فيه بنات بني الصريح ولاحق*** قبا تغادر في الخليف مهارا

يخرجن من خلل الغبار عوابسا*** يورين في حصب الاماعز نارا

فننال في سلفى نتيلة ثارنا*** فيما ينال وندرك الاوتارا

وقال أبوالحجاج الجهني:

بكر النعي بخير من وطئ الحصى*** ذي المكرمات وذي الندى والسؤدد

بالخاشع البر الذي من هاشم*** أمسى ثقيلا في بقيع الغرقد

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه*** أن قام مجتهدا بدين محمد

وقال عبدالله بن مصعب:

سالت دموعك ضلة قد هجت لي*** برحاء وجد يبعث الاحزانا

هلا على المهدي وابني مصعب*** أذريت دمعك ساكبا تهتانا

ولفقد إبراهيم حين تصدعت*** عنه الجموع فواجه الاقرانا

والله ما ولد الحواضن مثله*** أمضى وأرفع محتدا ومكانا

وأشد ناهضة وأقول للتي*** تتقى مصارع أهلها العدوانا

رزء لعمرك لو يصاب بمثله*** ميطان صدع رزء‌ه ميطانا

وقال عبدالله بن مصعب أيضا.أنشدنيه ابن سعيد عن يحيى بن الحسن عن اسماعيل بن يعقوب:

ياصاحبي دعا الملامة واعلما*** أن لست في هذا بألوم منكما

[205]

وقفا بقبر ابن النبي وسلما*** لا بأس أن تقفا به فتسلما

قبر تضمن خير أهل زمانه*** حسبا وطيب سجية وتكرما

(لم يجتنب قصد السبيل ولم يحد*** عنه ولم يفتح بفاحشة فما)(1)

بطل يخوض بنفسه غمراتها*** لا طائشا رعشا ولا مستسلما

حتى مضت فيه السيوف وربما*** كانت حتوفهم السيوف وربما

أضحى بنو حسن أبيح حريمهم*** فينا وأصبح نهبهم متقسما

ونساؤهم في دورهن نوائح*** سجع الحمام إذا الحمام ترنما

يتوسلون بقتلهم ويرونه*** شرفا لهم عند الامام ومغنما

والله لو شهد النبي محمد*** صلى الاله على النبي وسلما

إشراع أمته الاسنة لابنه*** حتى تقطر من ظباتهم دما

حقا لايقن أنهم قد ضيعوا*** تلك القرابة واستحلوا المحرما

وقال إبراهيم بن عبدالله يرثى أخاه:

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا*** فان بها ما يدرك الطالب الوترا

وإنا أناس لا تفيض دموعنا*** على هالك منا ولو قصم الظهرا

ولست كمن يبكي أخاه بعبرة*** يعصرها من جفن مقلته عصرا

ولكنني أشفى فؤادي بغارة *** ألهب في قطري كتائبها جمرا

___________________________________

(1) وفي نسخة بعدها:

لو أعظم الحدثان شيئا قبله*** بعد النبي به لكنت المعظما

أو كان أمتع بالسلامة قبله*** أحدا لكان قصاره أن يسلما

ضحوا بابراهيم خير ضحية*** فتصرمت أيامه وتصرما