![]() |
ابراهيم بن عبدالله بن الحسن
وإبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ويكنى أبا الحسن.
وأمه هند بنت أبي عبيدة.
قال أبوالفرج الاصبهاني: حدثنا يحيى بن علي المنجم قال: سمعت عمر ابن شبة يقول:(إن) إبراهيم بن عبدالله ابوالحسن، وكل ابراهيم في آل بيت أبي طالب كان يكنى أبا الحسن، فأما قول سديف(1) لابراهيم بن عبدالله:
إيها أبا إسحاق هنيتها***في نعم تترى وعيش طويل
أذكر هداك الله وتر الاولى***سير بهم في مصمتات الكبول
فإنما قال ذلك على مجاز الكلام، وما يعرف شكلا للاسماء من الكنى ولضرورته في وزن الشعر إلى ذلك.
وكان إبراهيم بن عبدالله جاريا عل شاكلة أخيه محمد في الدين، والعلم، والشجاعة والشدة.
وكان يقول شيئا من الشعر.
فحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن(العلوي) قال حدثني إسماعيل بن يعقوب، قال: ذكر عبدالله بن الحسن بن إبراهيم: ان جده إبراهيم بن عبدالله قال
(1) سديف بن ميمون: شاعر مقل من شعراء الحجاز، ومن مخضرمي الدولتين، وكان شديد التعصب لبني هاشم مظهرا لذلك في أيام بني أمية راجع الاغاني 14 - 162.
[ * ]
في زوجته بحيرة بنت زياد الشيبانية:
ألم تعلمي يابنت بكر تشوقي***إليك وأنت الشخص ينعم صاحبه
وعلقت ما لو نيط بالصخر من جوى***لهد من الصخر المنيف جوانبه
رأت رجلا بين الركاب ضجيعه***سلاح ويعبوب فباتت تجانبه
تصد وتستحيى وتعلم أنه***كريم فتدنو نحوه فتلاعبه
فاذهلنا عنها ولم نقل قربها***ولم يقلها دهر شديد تكالبه
عجاريف فيها عن هوى النفس زاجر*** إذا اشتبكت أنيابه ومخالبه
أخبرنا عمر(عبدالله) قال: حدثنا عمر بن شبة، قال حدثني عبدالعزيز ابن أبي سلمة العمري، وسعيد بن هريم: ان محمدا وإبراهيم كانا عند أبيهما، فوردت إبل لمحمد فيها ناقة شرود ولا يرد رأسها شئ فجعل إبراهيم يحد النظر إليها فقال له محمد: كأن نفسك تحدثك أنك رادها قال نعم قال: فإن فعلت فهي لك فوثب إبراهيم فجعل يتغير لها ويتستر بالابل، حتى إذا أمكنته جاءها وأخذ بذنبها فاحتملته وأدبرت تمخض بذنبها حتى غاب عن عين أبيه، فأقبل على محمد وقال له: قد عرضت أخاك للهلكة.
فمكث هويا ثم أقبل مشتملا بازاره حتى وقف عليهما.
فقال له محمد: كيف رأيت؟ زعمت أنك رادها وحابسها.
قال: فألقى ذنبها وقد انقطع في يده.
فقال ماأعذر من جاء بهذا.
حدثنا بن علي بن يحيى المنجم قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أبونعيم عن مطهر بن الحرث، قال: أقبلنا مع إبراهيم بن عبدالله من مكة نريد البصرة، فلما كنا على ليلة منها تقدم إبراهيم وتخلفنا عنه ثم دخلنا من غد.
قال ابونعيم: فقلت لمطهر: أمر ابراهيم بالكوفة(ولقيته؟) قال: لا والله ما دخلها(قط) ولقد غاب بالموصل، ثم الانبار، ثم بغداد، والمدائن، والنيل، وواسط.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى، قال: حدثنا ابوزيد، قال حدثني بكر ابن كثير، قال: استخفى إبراهيم بن عبدالله عند إبراهيم بن درست بن رباط الفقمي، وعند أبي مروان مولى يزيد بن عمر بن هبيرة، ومعاذ بن عون الله.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا ابوزيد قال: حدثني الفضل بن عبدالرحمن بن سليمان بن علي، قال: قال ابوجعفر: غمض علي أمر إبراهيم لما اشتملت عليه طفوف(1) البصرة.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني نصر بن قديد قال: دعا إبراهيم الناس وهو في دار أبي فروة وكان أول من بايعه نميلة بن مرة، وعفو الله بن سفيان وعبدالواحد بن زياد وعمر بن سلمة الهجيمي وعبدالله بن يحيى بن الحصين بن المنذر الرقاشي.
وندبوا الناس إليه، فأجاب بعدهم فتيان العرب منهم: المغيرة بن الفرع ويقال الفزر، حتى ظنوا ان ديوانه قد أحصى أربعة آلاف.
وشهر أمره فتحرك إلى واسط من البصرة في دار أبي مروان مولى بني سليم.
أخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني ابن عفو الله بن سفيان عن أبيه قال أتينا إبراهيم يوما وهو مرعوب فأخبرني ان كتاب اخيه محمد جاءه يخبره انه قد ظهر ويأمره بالخروج(قال) فوجم من ذلك واغتم(له) فجعلت أسهل الامر عليه وقلت: قد اجتمع(لك) أمرك، ومعك المضاء: والطهوي والمغيرة، وأنا وجماعة، نخرج بالليل فنقصد السجن فنفتحه، فتصبح حيت تصبح، ومعك عالم من الناس، فطابت نفسه.
أخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا علي بن الجعد قال: رأيت أهل الكوفة أيام أخذوا بلبس السواد حتى إن البقالين إن كان
(1) الطفوف: جمع طف وهو ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق والجانب والشاطئ كالطفطاف.
[ * ]
أحدهم ليصبغ الثوب بالانقاس(1) ثم يلبسه.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني جواد بن غالب قال: حدثني العباس بن سلم مولى قحطبة قال: كان ابوجعفر إذا اتهم احدا من اهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم امر(أبي) سلما بطلبه فكان يمهل حتى إذا غسق الليل وهدأ الناس نصب سلما على منزل الرجل فطرقه في بيته فيقتله ويأخذ خاتمه.
قال: فسمعت جميلا مولى(محمد) بن ابي العباس يقول للعباس بن سلم: لو لم يورثك ابوك إلا خواتيم من قتل من اهل الكوفة لكنت ايسر الابناء.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني سهل بن عقيل قال: حدثني ابي قال: كان سفيان بن معاوية بن يزيد بن مهلب قدم إلى إبراهيم على امره وكان سفيان عامل ابي جعفر على البصرة فكان يرسل إلى قائدين قدما عليه يدعيان ابني عقيل، بعثهما ابوجعفر رداء له فيكونان عنده.
فلما وعده ابراهيم ارسل إليهما فاحتبسهما تلك الليلة، حتى خرج فأحاط به وبهما، واخذهم.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عمر بن خالد مولى بني ليث قال استلبت وانا غلام دوامة من غلام، فاتبعني وسعيت فدخلت دار ابي مروان فوجدت إبراهيم جالسا في جماعة من اصحابه محتبيا بحمالة سيف - وهي نسعة(2) مدينة عرضها اكثر من إصبع - ورجل قائم على راسه ودابة تعرض عليه وذلك قبل خروجه بشهر فلما كانت الليلة التي خرج فيها سمعنا تكبيرة بعد المغرب بهنيهة، ثم تتابع التكبير وخرجوا حتى صاروا إلى مقبرة بني يشكر،
(1) في القاموس " الانقاس: جمع نقس بالكسر وهو المداد في الطبري " حدثني ابوالحسن الحذاء قال: أخذ ابوجعفر الناس بالسواد فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد ".
(2) في ط وق " تسعة، لسعة " وفي القاموس " النسع بالكسر: سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال، تشد به الرحال، والقطعة منه نسعة، وسمى نسعا لطوله ".
[ * ]
وفيها قصب يباع، فأقاموا في كل ناحية من المقبرة اطنانا، ثم الهبوا فيها النار: فأضاءت المقبرة.
وجعل اصحابهم الذين كانوا وعدوهم يأتونهم فكلما جاءت طائفة كبروا حتى تم لهم ما ارادوا، ثم مضوا إلى دار الامارة، بعدما ذهبت طائفة من الليل.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا نصر ابن قديد قال خرج إبراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة فصار إلى بني يشكر في أربعة عشر فارسا وفيهم عبدالله بن يحيى بن حصين الرقاشي على برذون له أغرسمند، معتم بعمامة سوداء يساير إبراهيم فوقف في المقبرة مند أول الليل إلى نحو من نصفه ينتظر نميلة، ومن وعده من(شق) بني تميم حتى جاءوه.
حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا يونس بن نجدة قال: ألقى أصحاب إبراهيم النار في الرحبة، وأدنى القصر حتى أحرقوه.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا عبدالله بن سنان قال: وجه ابوجعفر جابر بن توبة في جماعة كثيرة، فلما اطاف إبراهيم بدار الامارة وجد دواب جابر وأصحابه وهي سبعمائة فأخذها واستعان بها.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا ابوعاصم النبيل قال: نزل سفيان بن معاوية من دارالامارة ومن معه إبراهيم على الامان فتركهم.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عمر بن خالد الليثي قال: دخل الناى دار الامارة فلم يروا فيها إلا مسحا أسود فتقطعه الناس ينتهبونه وخرج إبراهيم إلى المسجد.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني محمد بن مسعر قال: لما دخل إبراهيم دار الامارة فدخلت معهم فنظرت إلى حصير قد القى له في مقدم الايوان وعصفت الريح فقلبته ظهره لبطنه، فتطير الناس لذلك.
وقال
ابراهيم: لا تتطيروا.
ثم جلس عليه مقلوبا وانا أرى الكراهة في وجهه.
حدثنا يحيى(1) قال حدثنا عمر بن خالد ومحمد بن معروف ومحمد بن أبي حرب ان إبراهيم دخل المسجد فبينا هو يتكلم إذ أتاه آت.
فقال: هذا جعفر ومحمد قد أقبلا في مواليهما فصاح ابراهيم بالمضاء والطهوي وقال اذهبا إليهما، فقولا لهما: يقول لكما ابن خالكما: إن أحببتما جوارنا ففي الامن والرحب، لا خوف عليكما، ولا على أحد تؤمنانه، وإن كرهتما جوارنا فحيث شئتما فاذهبا ولا تسفكا بيننا وبينكم دما، وإياكما ان تبدآهما بقتال.
قال عمر بن خالد: فلما كانوا عند دارمية الثقفية، التقوا فتوافقوا فكلمهم المضاء والطهوي وارتفعت الاصوات، فنزع الحسين بنشابة فرمى بها وحمل عليه المضاء فضربه فقطع يده من وسط ذراعه.
وأدبر القوم.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عبدالله بن المغيرة قال: إنى لجالس على بابكم إذ مر بي جعفر ومحمد ومعهما البغال تحمل النشاب فلم يلبثا ان رجعا والمضاء يتلوهما وفي يده الرمح وهو يقرعهما به قرعا، ويقول: النجاء يابني الاماء فلما بلغنا وقف.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق قال: سمعت سعيد بن المشعر يقول: سمعت محمدا يومئذ يتعزي ويقول أنا الغلام القرشي فلما كشفهم المضاء جعل يقول لمحمد: ياغلام أتعتزي علي أما والله لولا يد كانت لعمك عبدالله بن علي عندي لعلمت.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: لما صار المضاء عند متسع الطريق، وقد مضى عمر بن سلمة حتى خالط جمعهم، فطاعنهم في رحبة محمد ثم انصرف فقال له المضاء: ياأبا حفص ما أحسبك شهدت حربا قط قبل هذه قال: أجل.
قال: فلا تفعل مثل فعلتك فان الجبان إذا اضطررته قاتلك.
(1) في الخطية " حدثنا يحيى قال حدثنا عمر قال حدثنا عمرو ".
[ * ]
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثنا يونس بن نجدة، قال ابوزيد وحدثني عبدالرحمن بن غياث السراج عن ابيه وعمه: ان إبراهيم وجد في بيت المال الفي الف درهم فقوى بها وفرض القروض خمسين خمسين لكل رجل فكان الناس يقولون: خمسون والجنة.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحكم بن بندويه: ان إبراهيم انفذ المغيرة بن الفزع.
ويقال الفزر إلى الاهواز وعليها محمد بن الحصين فلقيه على(نهر) في فروخ - وبينها وبين الاهواز فرسخان - فقاتله المغيرة فهزمه.
ودخل ابن الحصن الاهواز وتبعه المغيرة فحمل عليه، فانكشفوا ووقفا في الصيارفة.
فتركهم المغيرة ودخل المسجد فصعد المنبر فرموه بالنشاب، فجعل يقع في المسجد.
فخرج إليهم فقاتلهم عند باب ابن الحصين، فولوا منه واتبعهم حتى بلغ الجسر.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا الحسين بن سليم عن ابيه.
ان ابن الحصين انهزم حتى بلغ قنطرة الهندوان فوقف عليها، وأمر ابنه الحكم فنزل فقاتل وراء القنطرة حتى غشيهم الليل فأنفذ ثقله، وانكشف من الليل.
قال: فبلغني ان أبا أيوب المورياني وكان له هوى في ابن الحصين قال لابي جعفر: ياأمير المؤمنين ألم تر إلى ابن الحصين فاء إلى فئة، وبه ثماني عشرة ضربة.
فقيل لابي أيوب: لو نظرت إلى ابن الحصين فلم تر به أثرا ما كنت تصنع؟ قال: لو هم بالنظر إليه ضربته ثماني عشرة ضربة ثم أريته إياه.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال حدثنا بكر بن عبدالله عن مبارك الطبري عن الربيع الحاجب ان إبراهيم لما ظهر بالبصرة وجه ابوجعفر خازم بن خزيمة في أربعة آلاف إلى الاهواز.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني يوسف بن معبد الفريعي قال: حدثني محمد بن خالد بن علي بن سويد قال: لبثنا مع المغيرة
بالاهواز أياما، ثم ذكر لنا ان خازم بن خزيمة قد أظلنا.
فخرج المغيرة فعسكر على شاطئ دجيل وأمر خريم ابن عثمان بقطع الجسر وأخذ السفن مما حوله فتتبعوا السفن فأخذوها حتى ظنوا ان لم يبق منها شئ.
وارتفع خازم إلى قرية لبني، الهجيم يقال لها قرقوب على فرسخ من قصبة الاهواز فعسكر بها في اثني عشر ألف فارس سوى رجالته.
وارتفع المغيرة فعسكر بازائه في خمسمائة فارس وخلف الرجالة في عسكره، واستخلف على الاهوازعفو الله بن سفيان وطلب خازم السفن فلم يجدها فأتاه رجل فقال له: وجه معي خيلا أحدر إليك السفن فمضى به إلى قرية يقال لها دور قطن مما يلي جنديسابور فحدر عليهم سفنا قليلة فأتى بها ليلا فلما واراه الظلام عبر فيها أصحابه حتى أصبح.
فأصبح المغيرة وقد ساواه القوم على شاطئ الدجيل وذلك يوم الاحد، فأصبحنا والريح لنا عليهم فلما صففنا وصفوا لنا انقلبت الريح لهم علينا وعبأ القوم ميمنتهم وميسرتهم وعبأ المغيرة أصحابه فجعل عل ميمنته عصب بن القاسم وعلى ميسرته الترجمان ابن هريمة وصار هو في القلب، فبينما نحن كذلك إذ جاءت عقاب مسفة حتى صدعت صفنا، فتطيرت منها.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم قال: حدثنا عمر قال: حدثنا محمد ابن أبي حرب قال: حدثنا المذلق - واسمه عمر بن الضحاك - قال: التمس خازم معبرا فلم يجد فاتخذ طوقا من قصب فعبر عليه ثلاثمائة نفس أو نحوها من أصحابه، وقام هو والمغيرة بازائه وتقدم إلى أصحابه.
ألا تقاتلوا، فلما صاروا مع المغيرة قصدوا له، وتهيأ القوم لقتالهم فنظرت إلى خازم ينتف لحية نفسه، ويصيح بالفارسية ينهاهم عن القتال.
ثم هيأ طوقا آخر فعبر إليهم خمسمائة أو نحوهم، فكنت فيمن عبر في المرة الثانية: فلما اجتمعنا لقيناهم في زهاء ألف فما لبثنا حتى هزمناهم.
حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا عمر قال: حدثني الحر بن مالك قال:
حدثني واصل بن محمد السعدي عن شبيب بن شبة قال: قال لي خازم بن خزيمة: لله در المغيرة بن الفزع أي رجل هو ما ولدت النساء مثله والله لقد وجهت إليه الاجناد وبعضهم في إثر بعض وإني لانظر إليه وبيني وبينه النهر وإنه ليبول وإلى جنبه فرسه ما معه إلا رعاع من الرعاع، ثم ركب فناوش أصحابي، ثم انكفأ ثم عاود أصحابي، ثم انكفأ، فما زال ذلك دأبه ودأبهم حتى غابوا عن عيني فرجعوا وقد نقصوا ألفا.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني الحكم بن بندويه قال: حدثني يوسف بن معبد عن محمد بن خالد، قال: صاح المغيرة باصحاب الركب، فلطموا وتترسوا حتى نفذ نشابهم ثم حملوا عليهم فطاعنوا حتى ألقوا في الدجيل من أصحاب خازم خلقا وفصل بين الصفين صهر لخازم بن خزيمة على أخته يدعى عبدويه كردا من أهل خراسان، فدعى للبراز فبرز له المغيرة فبدره عبدويه فضربه فوقعت ضربته على ترس المغيرة فذهب، فترك المغيرة ترسه مع سيفه وضربه على عاتقه فبلغ رئته فرأيت خازم بن خزيمة ينتف لحية نفسه جزعا عليه.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمرقال: حدثني ابن عفو الله بن سفيان قال: سمعت أبي يقول: والله ما ضربت يومئذ بسيف ولقد نظرت أكثر من خمسمائة من أصحاب خازم ألقوا أنفسهم في الماء.
حدثني يحيى بن علي قال: حدثنا أبوزيد عمر بن شبة قال: حدثنا سعيد ابن هريم قال: حدثني الحسن بن لولا وحدثني الخليل بن عمران عن مذعور بن سنان: ان خازما دس رجالا فنزلوا إلى جانب الجبل في الموضع الذي كان فيه.
قال وحدثني يوسف بن معبد عن محمد بن خالد قال: لم يزل المغيرة نازلا بمكانه حتى وافى خازما فبعث طائفة من أصحابه فنزلوا بازائه وأمرهم إذا رأوا غلاما من بعيد ان يصيحوا: نزل خازم الاهواز ليسمع المغيرة ذلك فينهزم ففعلوا وعبر أصحابه في السفن وأمرهم فنصبوا في أعلى السفن الاعلام والرماح وجاء سالم بن
غالب القمي وكان من أصحاب المغيرة، فقال للمغيرة: قد دخل خازم الاهواز، وصاح أولئك القوم الذين كانوا عند الجبل بمثل ذلك وكر المغيرة راجعا، وحمل عليه رجل من أصحاب خازم ليطعنه فعدل المغيرة عن فرسه فأخطأه غير بيعد، ومر به فرسه يركض فنخسه المغيرة بسيفه فظهر القطن من السواد ثم ظهر الدم، وصاح المغيرة أنا ابوالاسود فما مر الرجل إلا يسيرا حتى خر صريعا.
ودخل المغيرة الاهواز وصعد المنبر فجعل يخطب ويسكن الناس، إذ قيل له هذه الاغنام ترمى بالنشاب في سكة باب إزاز فصاح المغيرة بعبد له أسود يدعى كعبويه: " إكفني هؤلاء " فخرج فردهم.
ونزل المغيرة فانحدرنا إلى البصرة، وولى ابوجعفر سالم بن غالب القمي رامهرمز ثوابا على ما قاله للمغيرة.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحسين بن مسلم بن سلمة قال: حدثني أبي قال: جعل خازم للجند ان دخلوها عنوة(ان يبيحها إياهم ثلاثا فدخلوها عنوة) فأذن لهم فيها فدخلوها ليلا فانتهبوها ليلتهم والغد ثم نهاهم.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني يوسف بن معبد قال: حدثني محمد بن خالد قال: كان دخول المغيرة البصرة منهزما في اليوم الذي جاء فيه مقتل إبراهيم.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحرث بن مالك بن الخطاب، قال: حدثني عمر بن الخزار قال: قدم المغيرة من الاهواز وسوار جالس في المسجد في السواد فصعد المنبر، فأتى سوار، فأخبر بذلك، فشد قمطره، ثم نهض حتى جاء إلى المنبر فصاح بالمغيرة: انزل فانك جائر، قد قتل صاحبك.
فنزل المغيرة.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا سهل بن عقيل، قال: حدثني ابوالهيثم رجل من أهل فارس قال: قدم علينا رجل يدعى عمرو بن
شداد في ثلاثين إنسانا من قبل إبراهيم، فذعر منه والي فارس فهرب وخلاه والبلاد فدخلها وأسرع إليه رؤساؤها فلما قتل إبراهيم أتاه نعيه وهو في أقاصي فارس، وبلغ الخبر الرؤساء وهم مقيمون معه فتآمروا به وقالوا: ما يغسل ما عند أبي جعفر علينا إلا توجيه هذا إليه فأتوه، وعلم بما أجمعوا عليه فدعا بالمائدة فجعل يأكل على هنيئة ثم قال لحاجبه: ائذن لهم.
فدخلوا عليه وأخذوا مجالسهم.
فقال: ياغلام: ارحل فجعل القوم يرحلون، والقوم على ثقة انه لا يفوتهم ثم ركبوا يريدون الرجوع إلى أداني فارس وليس معه إلا سبعون رجلا وتبعه عسكر جرار من أهل فارس فسار حتى أظلم وهو يمضي فيصير في ميمنة أصحابه مرة وفي ميسرتهم أخرى ويسر إليهم الخبر، ويعدهم إلى موضع يجتمعون فيه، فيتسللون واحدا واحدا، ولا يعلم أهل فارس لكثرتهم معه، ثم ينسل منهم، ولا يعرف أحدا.
ثم إن عمرا انسل في ليلته، والقوم منحدرون، ولا يعلمون بذهابه، ومضى هو مصعدا، وطلبوه فأعجزهم وأغذ السير حتى أتى كرمان فأوثق واليها وأخذ ما استتم له، ثم سار ليلا إلى البحر فركب السفن، فصار إلى البصرة، واستخفى هو وأصحابه.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني عبدالرحمن بن إسماعيل قال: حدثني خالدمولى محمد بن إسماعيل قال: شهدت عمرو بن شداد حين أخذ، فأتى به ابن دعلج فأمر بقطع يده فمدها فقطعت ثم مد اليسرى فقطعت، ثم رجله اليمنى فقطعت، ثم مد اليسرى فقطعت وما يقربه أحد ولا يمسه ثم قال له: مد عنقك فمدها فضربه ضارب بسيف كليل فلم يصنع شيئا.
فقال: اطلبوا سيفا صارما فعجل الضارب فنبافلم يصنع شيئا.
فقال عمرو: سيف أصرم من هذا.
فسل ابن دعلج سيفا كان عليه فدفعه إلى رجل فضربه وقال ابن دعلج لعمرو: أنت والله الصارم.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا محمد بن معروف قال: حدثني أبي قال: إنما دل على عمرو خادم له ضربه فدل عليه إما الهيثم بن معاوية أو ابن دعلج فقتله وصلب في المؤبد في موضع دار إسحاق بن سليمان.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثنا إبراهيم بن سلم بن أبي واصل قال: حدثني عبدالغفار بن عمرو الفقمي قال: كان إبراهيم واجدا على هارون ابن سعد لا يكلمه فلما ظهر إبراهيم قدم هارون بن سعد فأتى أباك سلما فقال له اخبرني عن صاحبك أما به إلينا حاجة في أمره هذا؟ قال: قلت: بلى لعمر الله.
ثم قام فدخل على إبراهيم فقال: هذا هارون بن سعد قد جاءك قال: لا حاجة لي فيه قال: لا تفعل في هارون تزهد.
فلم يزل به حتى قبله وأذن له، فدخل عليه، فقال له هارون: استكفني أهم أمورك إليك، فاستكفاه واسطا واستعمله عليها.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني هشام بن محمد قال: وجه إلينا أبوجعفر قوما منهم ابن المرزبان وصالح بن يزداد وكانوا يقاتلون أهل واسط، والخندق بينهم وبين إبراهيم بالبصرة فلم يزالوا على ذلك حتى قتل إبراهيم ووادع هارون بن سعد وأهل واسط عامرا فلماقتل إبراهيم أعطاهم عامر الامان على ألا يقتل بواسط أحدا فتتبعوا كل من وجدوا خارجا من البلد وهرب هارون بن سعد إلى البصرة فلم يصل إليها حتى مات رحمه الله.
حدثني يحيى بن علي، حدثنا عمر بن شبة.
قال: حدثني أخي معاذ بن شبة، قال: سمعت أبي، يقول: لما ظهر إبراهيم أرسل إلى محمد بن عطية - مولى باهلة، وكان قد ولى لابي جعفر بعض أعمال فارس - فقال: هل عندك مال؟ قال: لا والله.
قال: خلوا سبيله.
فخرج ابن عطية وهو يقول بالفارسية: ليس هذامن رجال أبي جعفر.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا القاسم بن أبي شيبة قال: حدثني أبوسلمة ابن النجار - وكان من أصحاب إبراهيم - قال: كنا عنده بالبصرة إذ أتاه قوم من الدهجرانية أصحاب الضياع فقالوا: يابن رسول الله إنا قوم لسنا من العرب وليس لاحد علينا عقد ولا ولاء وقد أتيناك بمال فاستعن به فقال: من كان عنده مال فليعن به أخاه، فأما ان آخذه فلا، ثم قال: هل هي إلا سيرة علي بن أبي طالب او النار.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عمار بن المختار قال: حدثني محمد بن طلحة العذري قال: أرسل إبراهيم إلى أبي وقد استخفى منه ان عندك مالا فأتنا به فأرسل إليه أي أجل إن عندي مالا فان أخذته مني أغرمنيه ابوجعفر فأضرب عنه.
حدثنا يحيى بن علي قال حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عمر بن عبدالله بن حماد الثقفي قال.
أخبرني عبيدالله بن عبدالرحمن قال: أرسل إبراهيم إلى عبدالحميد ابن لاحق، فقال: بلغني ان عندك أموالا للظلمة - يعني الموريانيين - فقال.ما لهم مال.
قال: الله قال: الله ! فتركه، وقال.
إن ظهر لي أن لهم عندك مالا عددتك كذابا.
حدثني يحيى قال: حدثنا عمر قال.
حدثني عبدالحميد بن جعفر مولى محمد بن أبي العباس قال.
أسر إبراهيم رجلا يعرف بمحمد بن يزيد من قواد أبي جعفر وكان تحته فرس يحاذي رأسه رأسه قال.
فحدثني - يعني محمد بن يزيد - قال.
أرسل إلى إبراهيم ان بعني فرسك.
قال: فقلت: هو لك يابن رسول الله فقال لاصحابه: كم يساوي؟ قالوا: ألفي درهم فبعث إلي بألفي وخمسمائة درهم فلما أراد المسير أطلقني.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال.حدثني بكر بن كثير قال.حدثني شيبة كاتب مسعود المورياني ان جماعة من الزيدية دخلوا عليه فسألوه وقالوا: هات
ما معك من مال الظلمة.
قال: وأدخلوني إلى إبراهيم، فرأيت الكراهية من وجهه فاستحلفني فحلفت فخلى سبيلي، فكنت أسأل عنه بعد ذلك فأدعو له، فنهاني مسعود عن ذلك.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني بكر بن كثير: ان إبراهيم أخذ حميد بن القاسم - عاملا كان لابي جعفر - فقال له المغيرة: ادفعه إلي قال: وما تصنع به؟ قال: أعذبه.
قال: لا حاجة لي في مال لا يؤخذ إلا بالعذاب.
حدثني يحيى بن علي وغير واحد قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن أبي الكرام الجعفري قال.
صلى إبراهيم على جنازة بالبصرة فكبر عليها أربعا فقال له عيسى بن زيد.
لم نقصت واحدة وقد عرفت تكبير أهلك؟ فال.
إن هذا أجمع للناس ونحن إلى اجتماعهم محتاجون وليس في تكبير تركتها ضرر إن شاء الله ففارقه عيسى واعتزله وبلغ أباجعفر فأرسل إلى عيسى يسأله ان يخذل الزيدية عن إبراهيم فلم يفعل ولم يتم الامر حتى قتل ابراهيم فاستخفى عيسى بن زيد فقيل لابي جعفر.
ألا تطلبه؟ فقال.لا والله لا أطلب منهم رجلا بعد محمد وابراهيم أنا أجعل لهم بعد هذا ذكرا.
قال أبوالفرج الاصبهاني.وأظن هذا وهما من الجعفري الذي حكاه.
لان عيسى لم يفارق ابراهيم في وقت من الاوقات ولا اعتزله قد شهد معه باخمرى حتى قتل فتوارى حينئذإلى ان مات، وسنذكر خبره في موضعه - إن شاء الله -.
حدثنا يحيى بن علي قال.حدثنا عمر قال.حدثني سفيان بن يزيد مولى باهلة قال.سمعت ابراهيم يخطب فقال.
ياأهل البصرة، لقيتم الحسنى آويتم الغريب لا أرض ولا سماء، فان أملك فلكم الجزاء، وإن أهلك فعلى الله - عزوجل - الوفاء.قال.فجعلت الزيدية هذه الكلمة ندبة تندبه بها بعد قتله شبيهة بالنوح.
حدثنا يحيى بن علي قال.حدثنا عمر قال: حدثني عقيل بن عمرو الثقفي
قال: حدثني أبي قال أبوزيد.
وحدثني عمر بن عبدالله مولى بني هاشم عن رجل ذكر ابراهيم بن عبدالله في خطبة بني العباس فقال.
صغروا ما عظم الله عزوجل.وعظموا ما صغر الله.
وكان إذا أراد أن ينزل عن المنبر يقول:(واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهو لا يظلمون) حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا أبوزيد عمر بن شبة قال.
حدثنا الحسين بن جعفر بن سليمان القنعي قال.
سمعت أبي يقول.
خطب ابراهيم قال ابوزيد وحدثني عبدالملك بن سليمان قال.
حدثني الحجاج بن بصير الفساطيطي، قال.
صعد ابراهيم المنبر فقال.
أيها الناس أني وجدت جميع ما تطلب العباد في حقهم الخير عند الله عزوجل في ثلاث.
في المنطق والنظر والسكوت.
فكل منطق ليس فيه ذكر فهو لغو.
وكل سكوت ليس فيه تفكر فهو سهو.
وكل نظر ليس فيه عبرة فهو غفلة.
فطوبى لمن كان منطقه ذكرا ونظره عبرة وسكوته تفكرا ووسعه بيته وبكى على خطيئته، وسلم المسلمون منه.
قال: فكان الناس يعجبون من كلامه هذا وهو يريد ما يريد.
قال: ثم رفع صوته وقال.
اللهم إنك ذاكر اليوم اباء بأبنائهم وأبناء بآبائهم فاذكرنا عندك بمحمد صلى الله عليه وآله اللهم وحافظ الآباء في الابناء والابناء في الآباء احفظ ذرية محمد نبيك صلى الله عليه وآله، قال: فارتج المصلى بالبكاء.
حدثني علي بن العباس المقانعي قال.
أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع الهمداني قال.
حدثني علي بن عبدالرحمن عن عبيد بن يحيى قال.
حدثنا موفق قال.
بعثني إبراهيم بن عبدالله إلى الكوفة بكتب فجئت بها فأرصلتها وأخذت جواباتها فجعلتها في جرة - يعني ملة - وكسرتها وجعلتها في جرابي ومضيت إليه، فأخذت في اثنتي عشرة مسلحة وأحلف بالطلاق والعتاق، والحل والحرام، وصدقة ما أملك، ما أنا لابراهيم شيعة ولا أهوى هواه ولا أضمر إلا مثل ما أظهر.
وانتهيت إليه في اليوم الثالث عند صلاة الفجر، فلما رآني بكيت ووثب إلي وسيفه بيده فقال لي: مه، ما وراءك ياأبا عبدالله؟ وما يبكيك؟ وما خلفك؟ قلت: الخير، قال: ما مع البكاء خير، فأخبرته بما لقيته من المسالح، والايمان، فقال لي: أهذا الذي أبكاك؟ قلت نعم، قال: ياأبا عبدالله أمسك عليك أهلك، ومالك، ومملوكك، فاذا لقيت الله - عزوجل - غدا فقل: إن إبراهيم بن عبدالله أمرني بالمقام على ذلك الوفاء والله لهم بأيمانهم كفر.
حدثنا محمد بن العباس اليزيدي(1) على سبيل المذاكرة، قال: حدثني عمي عن أبيه، عن جده أبي محمد اليزيدي - فيما أرى -، قال: كان إبراهيم بن عبدالله جالسا ذات يوم فسأل عن رجل من أصحابه، فقال له بعض من حضر: هو عليل والساعة تركته يريد أن يموت فضحك القوم منه، فقال إبراهيم: والله لقد ضحكتم منها عربية، قال الله عزوجل:(فوجدوا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه) يعني يكاد أن ينقض.
قال: فوثب أبوعمرو بن العلاء فقبل رأسه، وقال: لا نزال والله بخير ما دام مثلك فينا.
حدثنا أحمد بن عبدالله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثني علي بن محمد النوفلي، عن أبيه، محمد بن سليمان: أن إبراهيم بن عبدالله نزل على المفضل الضبي في وقت استتاره - قال: وكان المفضل زيديا - فقال له إبراهيم: ائتني بشئ من كتبك أنظر فيه، فان صدري يضيق إذا خرجت، فأتاه بشئمن
(1) واليزيدي نسبة إلى يزيد بن منصور الحميري، كان محمدإماما في النحو والادب ونقل النوادر وكلام العرب، وقد استدعاه المقتدر بالله إلى تعليم أولاده فلزمهم مدة وتوفي يوم الاحد أول الليل لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الآخرة سنة عشرة وثلاثمائه، وعمره اثنتان وثمانون سنة وثلاثة أشهر، راجع ابن خلكان 1 - 502 وبغية الوعاة 1 - 50 وتاريخ بغداد 3 - 113.
[ * ]
أشعار العرب، فاختار منها قصائد وكتبها مفردة في كتاب قال المفضل: فلماقتل إبراهيم أظهرتها، فنسبتها إلي، وهي القصائد التي تسمى " اختيار المفضل " السبعين قصيدة قال: ثم زدت عليها وجعلتها مائة وثمانية وعشرين.
خبربشير الرحال في خروجه مع إبراهيم بن عبدالله
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم قال: حدثني أبوزيد، قال: حدثني عبدالله بن محمد العبسي عن أبيه، قال: لما عسكر إبراهيم خرجت لانظر إلى عسكره متقنعا، فقال بشير: ويتقنعون وينظرون من بعيد ! أفلا يتقنعون لله عزوجل في الحديد.
قال: فخفته فجلست بين الناس.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبوزيد قال: حدثنا عمر، قال: حدثني خلاد بن زيد، قال: حدثني عثمان بن عمر، قال أبوزيد: وحدثني سعيد بن حبيب، مولى بني حنيفة، عن زياد بن إبراهيم، قال أبوزيد: وحدثني أيضا محمد بن موسى الاسواري، دخل حديث بعضهم في حديث بعض من قصة بشير الرحال: وأول خبر خروجه مع إبراهيم أن السعر غلا مرة بالبصرة، فخرج الناس معه على الصعبة والذلول إلى الجبانة يدعون، فكان القصاص يقومون فيتكلمون ثم يدعون، فوثب بشير فقال: شاهت الوجوه، ثلاثا، عصي الله في كل شئ، وانتهكت الحرم، وسفكت الدماء، واستؤثر بالفئ، فلم يجتمع منكم اثنان فيقولان: هل نغير هذا وهلم بنا ندع الله أن يكشف هذا، حتى إذا غلت أسعاركم في الدينار بكيلجة(1) جئتم على الصعب والذلول من كل فج عميق تصيحون إلى الله أن يرخص أسعاركم، لا أرخص الله أسعاركم، وفعل بكم وفعل.
قال: وصليت يوما إلى جنب بشير الرحال، وكان شيخا عظيم الرأس واللحية، ملقيا رأسه بين كتفيه، فمكث طويلا ساكتا، ثم رفع رأسه فقال،
(1) الكيلجة: مكيال وجمعه كيالجة.
[ * ]
عليك أيها المنبر لعنة الله وعلى من حولك، فوالله لولاهم ما نفذت لله معصية، وأقسم بالله لو يطيعني هؤلاء الابناء حولي لاقمت كل امرئ منهم على حقه وصدقه، قائلا للحق أو تاركا له، وأقسم بالله لئن بقيت لاجهدن في ذلك جهدي أويريحني الله من هذه الوجوه المشوهة المستنكرة في الاسلام.
قال: فوالله لخفنا ألا نتفرق حتى توضع في أعناقنا الحبال.
قال وكان السائل يقف على بشير يسأله فيقول له: ياهذا إن لك حقا عند رجل هاهنا، وإن أعانني عليه هؤلاء أخذت لك حقك فأغناك، فيقول السائل فأنا أكلمهم، فيأتي الخلق في المسجد الجامع فيقول: ياهؤلاء، إن هذا الشيخ زعم أن لي حقا عند رجل، وإنكم إن أعنتموه أخذ لي حقي، فأنشدكم الله إلا أعنتموه، فيقولون له: ذلك شيخ يعبث.
قال: وكان بشير يقول يعرض بأبي جعفر: أيها القائل بالامس: إن ولينا عدلنا، وفعلنا وصنعنا، فقد وليت فأي عدل أظهرت؟ وأي جور أزلت؟ وأي مظلوم أنصفت؟ آه.
ما أشبه الليلة بالبارحة(إن) في صدري حرارة لا يطفيها إلا برد عدل أو حر سنان.
(وكان الذي خطب بذلك محمد بن سليمان: قال: فبكى حتى كاد أن يسقط عن المنبر.
وأحبه النساك، وقالوا: ملك مترف.
وذكر ذنبه فأبكاه.
فبكى).
وصول مقتل محمد بن عبدالله إلى أخيه إبراهيم
وحركته للنهوض إلى باخمرى، وتوجيه أبي جعفر القواد اليه ومقتله:
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال، حدثني محمد بن عبدالله بن حماد الثقفي عمن أخبره، قال أبوزيد، وحدثني محمد ابن الحكم بن عبيدة، عن جده مسعود بن الحارث، قال: لما كان يوم الفطر شهدنا إبراهيم، وكنا قريبامن المنبز، وعبدالواحد بن زياد معنا، فسمعت
إبراهيم يتمثل بهذه الابيات:
أبا المنازل ياخير الفوارس من*** يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا
الله يعلم أنى لو خشيتهم***وأوجس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم*** حتى نموت جميعا أو نعيش معا
ثم بكى فقال: اللهم إنك تعلم أن محمدا إنما خرج غضبا لك، ونفيا لهذه المسودة وإيثارا لحقك فأرحمه واغفر له، واجعل الآخرة خير مرد له، ومنقلب من الدنيا.
ثم جرض بريقه وتراد الكلام في فيه وتلجلج ساعة، ثم انفجر باكيا منتحبا، وبكى الناس.
قال: فوالله لرأيت عبدالواحد بن زياد اهتز له من قرنه إلى قدمه، ثم بليت دموعه لحيته.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا عبدالله بن شيبان، قال: قال إبراهيم بن عبدالله: ما أتى علي يوم بعد قتل محمد إلا استطلته حبا للحاق به.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبوزيد، قال حدثنا عمر عن النضر بن حماد وغيره: أن إبراهيم خرج فعسكر بالماجور يريد قصر أبي جعفر بالكوفة وقتاله.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثني عبدالواحد من آل خليفة بن قيس، قال: كان على ميسرة إبراهيم يزيد ابن لبيد اليشكري.
حدثني يحيى، قال: حدثنا عمر قال: حدثني إبراهيم بن سلام، قال حدثني أحي عن أبي قال: كان على ميمنة إبراهيم عيسى بن زيد.
قال أبوالفرج: وهذا الحديث يبطل حديث الجعفري في اعتزال عيسى إبراهيم، وهذا أصح.
حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال، حدثني محمد بن معروف عن أبيه، وحدثني محمدبن موسى الاسواري: أن أبا جعفر كتب إلى عيسى، وهو بالمدينة: إذا قرأت كتابي هذا فأقبل،
ودع ما أنت فيه.
فلم يلبث أن أقدم فوجهه على الناس، وقدم سلم بن قتيبة فضمه إلى جعفر بن سليمان، وبعثه مع عيسى فأنف جعفر من طاعة عيسى فكان في ناحية الناس.
أخبرنا يحيى بن علي.
والعتكي عمربن عبدالله، قالا: حدثنا عمر شبة، قال: حدثني عبدالله بن عبدالوارث، قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: أراد المضاء أن يبيت عيسى بن موسى فمنعه البشير.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا سعيد بن ستيم عن عمه: أن عبدالواحد بن زياد أشار على إبراهيم بأن يبيت عيسى، فقالت الزيدية: إنما البيات من فعال السراق.
قال: فارجع إلى البصرة ودعنا نقاتل عيسى فان هزمنا امددتنا بالامداد، فقالت الزيدية: أترجع عن عدوك وقد رأيته؟ قال: فخندق على عسكرك.
فقالت الزيدية: أتجعل بينك وبين الله جنة؟ فقال عبدالواحد: أما لولا أن يقال: إني أوردتك ثم لم أصدرك لعرفت وجه الرأي.
قال عمر: وحدثني إبراهيم بن سلم، عن أخيه، عن أبيه سلم: أنه قال له: اجعل عسكرك كراديس، إذا هزم منهم كردوس ثبت كردوس، فقالوا: لا نكون إلا صفا واحدا، كما قال الله تعالى(كأنهم بنيان مرصوص).
أخبرنا عمر بن عبدالله، ويحيى بن علي، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد الجعفري، قال: حدثني أبي، قال: لما تصاف العسكران، خرج رجل أزرق طويل، لكأني أنظر اليه من عسكر عيسى فقال: ياأصحاب إبراهيم أنا والله قتلت محمدا.
قال: فخرج اليه أربعة رهط من عسكر إبراهيم كأنهم الصقور، فابتدروه بأسيافهم فوالله ما قلت خالطوه حتى رجعوا برأسه، والله ما نصره أحد من أصحاب عيسى.
أخبرنا عمرويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبوالحسن
على الحداد من أهل بغدادا، قال: حدثني مسعود الرحال الكوفي قال: شهدت باخمري، فاني لانظر إلى إبراهيم وهو في فسطاطه، وبين يديه علم مذهب مركوز فسمعته يقول: أين أبوحمزة؟ فأقبل شيخ قصير على فرس، فلما دنا عرفت وجهه، فاذا هو شيخ كان يعمل القلانس على باب دار ابن مسعود بالكوفة فقال له: خد هذا العلم فقف به على الميسرة ولا تبرح.
قال: فأخذ العلم ووقف في الميسرة، والتقى الصفان، وقتل إبراهيم فانهزم أصحابه وإنه لواقف مكانه، فقيل له: ألا ترى صاحبك قدقتل وذهب الناس؟ قال: إنه قال لي: لا تبرح، فقاتل حتى عقر به، ثم قاتل راجلا حتى قتل.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنامحمد بن زياد قال: حدثني الحسن بن حفص، قال: سمعت شراحيل بن الوضاح يقول: كنت مع عيسى بن موسى بباخمري فهزمنا حتى جعل عيسى يقول: أهي هي؟ وأناأقول في نفسي: اللهم حققها، حتى وردنا على جدول، فوالله ما تركته ينفذ حتى عبرناه معا.
حدثنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سهل بن عقيل، قال: حدثني سلم بن فرقد، قال، وحدثني غيره، قال: لما التقوا هزم عيسى وأصحابه هزيمة قبيحة حتى دخل أوائلهم الكوفة، وأمر أبوجعفر باعداد الابل والدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها.
قال أبوزيد: حدثني سهل بن عقيل(1) عن سلم بن فرقد، قال: تبعهم أصحاب إبراهيم، وكان محمد بن أبي العباس معسكرا في ناحية، فلما رآهم لف أعلامه وانهزم، وأخذ على مسناة منهزما، وكان في المسناة تعريج فنظروا اليه وقد صار في طرفيها وبعد عنهم، فكان يتبين لهم أنه خلفهم، وأنه كمين فصاحوا الكمين الكمين، فانهزموا، وجاء سهم بينهم فأصاب إبراهيم فسقط، وأسنده بشير
(1) تاريخ الاسلام للذهبي 7 - 100 - 1 [ * ]
الرحال إلى صدره حتى مات إبراهيم وهو في حجره، وقتل بشير وإبراهيم على تلك الحال في حجره وهو يقول(وكان أمر الله قدرا مقدورا).
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا أخي أحمد، وحفص بن حكيم: أن أبا جعفر وجل من إبراهيم حتى جعل يقول ويلك ياربيع(1) فكيف ولم ينلها أبناؤنا.
فأين إمارة الصبيان؟ أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، قالا: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني رجل عن هشام بن محمد، قال: صبر مع إبراهيم أربعمائة يضاربون دونه حتى قتل فجعلوا يقولون: أردنا أن نجعلك ملكا فأبى الله إلا أن يجعلك شهيدا، حتى قتلوا معه.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر، قال حدثني عبدالحميد أبوجعفر، قال: سألت أبا صلابة: كيف قتل إبراهيم؟ قال: إني لانظر اليه واقفا على دابة محمد بن يزيد، ينظر إلى أصحاب عيسى وقد ولوا ومنحوه أكتافهم، ونكص عيسى برايته القهقري، وأصحابه يقتلونهم وعلى إبراهيم قباء زرد، فأذاه الحر فحل أزرار القباء فشال الزرد حتى سال على يديه، وحسر عن لبته، فأتته نشابة عائرة فأصابت لبته، فرأيته اعتنق فرسه وكر راجعا، وأطافت به الزيدية.
قال أبوزيد: فحدثني ابن أبي الكرام الجعفري أنه شهد الاقطع مولى عيسى بن موسى وقد أتاه فقال: هذا وحياتك رأس إبراهيم في مخلاتي، فقال لي: اذهب فانظر فان كان رأسه فاحلف لي بالطلاق حتى أصدقك.
وإن لم يكن رأسه فاسكت، فاتيته فقلت: أرنيه فأخرجه يختلج خده، فقلت ويلك، كيف وصلت إليه؟ قال: أتته نشابة فأصابته فصرع، وأكب عليه أصحابه يقبلون
(1) يريد الربيع بن يونس حاجبه ووزيره توفى الربيع كما قال الطبري في سنة تسع وستين ومائة.
راجع ابن خلكان 1 - 185 والوزراء والكتاب ص 25 وما بعدها.
[ * ]
يديه ورجليه، فعلمت أنه هو، فعلمت مكانه، وجعل أصحابه يقاتلون دونه لا يبالون، فلما قتلوا أتيته واحتززت رأسه.
قال: فأتيت عيسى فأخبرته فنادى بالامان.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبوزيد، قال حدثني إبراهيم بن سلم عن أخيه علي قال: لما انهزمنا يومئذ صرنا إلى عيسى بن زيد فصبر مليا ثم قال: ما بعد هذا متلوم، وانحاز فصرنا معه إلى قصره، فكنا فيه، فأزمعنا على أن نبيت عيسى ابن موسى فلما انتصف الليل فقدنا عيسى فانتقض أمرنا.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، قالا: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني علي ابن أبي هاشم، قال: حدثنا اسماعيل بن علية، قال: خرج إبراهيم في رمضان، سنة خمس وأربعين ومائة، وقتل في ذي الحجة، وكان شعارهم: أحد أحد.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبوزيد، قال: حدثنا أبونعيم، قال: قتل إبراهيم يوم الاثنين ارتفاع النهار لخمس بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة، وأتى أبوجعفر برأسه ليلة الثلاثاء، وبينه وبين مقتله ثمانية عشر ميلا، فلماأصبح يوم الثلاثا أمر برأس إبراهيم فنصب بالسوق، فرأيته منصوبا مخضوبا بالحناء.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني عبدالحميد أبوجعفر قال: أخرج رأس إبراهيم(فخرجت ومنادي أبي جعفر ينادي هذا رأس الفاسق ابن الفاسق، فرأيت رأس إبراهيم) في سفط أحمر، في منديل أبيض، قدغلف بالغالية فنظرت إلى وجهه(؟) رجل سائل الخدين، خفيف العارضين، أقنى، قد أثر السجود بجبهته وأنفه، وشخص ابن أبي الكرام برأسه إلى مصر.
حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثني الحسين بن علي السلولي، قال: حدثنا
أحمد بن زيد، قال حدثنا عمي أبومعمر سعيد بن خيثم، قال: حدثني يونس بن أبي يعقوب، قال حدثنا جعفر بن محمد من فيه إلى أذني، قال: لما قتل إبراهيم ابن عبدالله بن الحسن بباخمري حسرنا عن المدينة، ولم يترك فيها منا محتلم، حتى قدمنا الكوفة، فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال: أين هؤلاء العلوية؟ أدخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى.
قال: فدخلنا إليه أنا والحسن بن زيد، فلما صرت بين يديه قال لي: أنت الذي تعلم الغيب؟ قلت: لا يعلم الغيب إلا الله.
قال: أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج.
قلت: إليك يجبى - ياأمير المؤمنين - الخراج.
قال: أتدرون لم دعوتكم؟ قلت: لا.
قال: أردت أن أهدم رباعكم، واروع قلوبكم، وأعقر نخلكم، وأترككم بالسراة، لا يقربكم أحد من أهل الحجاز، وأهل العراق، فانهم لكم مفسدة.
فقلت له: ياأمير المؤمنين، إن سليمان أعطى فشكر، وإن إيوب ابتلى فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك النسل.
قال فتبسم وقال: أعد علي، فأعدت فقال: مثلك فليكن زعيم القوم، وقد عفوت عنكم، ووهبت لكم جرم أهل البصرة، حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
قلت: حدثني أبي، عن آبائه: عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: صلة الرحم تعمر الديار، وتطيل الاعمار، وإن كانوا كفارا.
فقال: ليس هذا.
فقلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الارحام معلقة بالعرش تنادي: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني.
قال: ليس هدا.
فقلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله عزوجل يقول: أنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعهابتته.
قال: ليس هذا الحديث.
قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن ملكا من الملوك في الارض كان بقى من عمره ثلاث سنين، فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة.
فقال: هذا الحديث أردت، أي البلاد أحب اليك؟ فوالله لاصلن رحمي اليكم.
قلنا: المدينة، فسرحنا إلى المدينة، وكفى الله مؤنته.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عمر بن إسماعيل بن صالح بن هيثم، قال: حدثني عيس بن رؤبة، قال: لما جئ برأس إبراهيم فوضع بين يدي أبي جعفر بكى حتى رأيت دموعه على خدي إبراهيم، ثم قال: أما والله إن كنت لهذا كارها، ولكنك ابتليت بي، وابتليت بك.
حدثني أحمد بن محمد الهمداني، قال: قال يحيى بن الحسن، حدثني غير واحد عن علي بن الحسن، عن يحيى بن الحسين بن زيد عن أبيه الحسين عن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي، قال: كنت عند المنصور حين جئ برأس إبراهيم بن عبدالله، فأتى به في ترس حتى وضع بين يديه، فلما رأيته نزت من أسفل بطني غصة فسدت حلقي، فجعلت أداري ذلك مخافة أن يفطن بي، فالتفت إلي فقال لي: ياأبا محمد أهو هو.
قلت: نعم ياأمير المؤمنين ولوددت أن الله فاء به إلى طاعتك، وإنك لم تكن نزلت منه بهذه المنزلة.
قال: فأنا وإلا فأم موسى الطلاق - وكانت من غاية أيمانه - لوددت أن الله فاء به إلى طاعتي، وأنى لم أكن نزلت منه بهذه المنزلة، ولكنه أراد أن ينزلنا
بها، وكانت أنفسنا أكرم علينا من نفسه.
حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسين، قال، حدثنا هارون ابن موسى، قال: حدثني عبدالله بن نافع، قال: لما وضع رأس إبراهيم بين يدي أبي جعفر تمثل: فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالاياب المسافر أخبرنا عمر بن عبدالله العتكي، ويحيى بن علي، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن زياد، قال: حدثني الحسن بن جعفر، قال: كنت بالكوفة فرأيت فل عيسى بن موسى قد دخل الكوفة نهارا، فلما كان الليل رأيت فيما يرى النائم كأن نعشا تحمله رجال يصعدون به إلى السماء ويقولون: من لنا بعدك ياإبراهيم؟ قال: وأيقظني أخي من نومي فقلت: مالك؟ فقال: أسمع التكبير على باب أبي جعفر، ولا والله ما كبروا باطلا، فاذا الخبر قد جاء بقتل إبراهيم(بن عبدالله بن الحسن بن الحسن.
تسمية من خرج مع إبراهيم بن عبدالله
(ابن الحسن بن الحسن من أهل العلم والفقهاء ونقلة الآثار)
أخبرنا يحيى بن علي، وأحمد بن عبدالعزيز، وعمر بن عبدالله، قالوا حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل الحذاء، قال: حدثني أخي محمد بن سلام، قال: قال لي أبي: يابني إن إبراهيم قد ظهر بالبصرة.
قال: فابتع لي عمامة صوف وقباء وسراويل، وفعلت، فشخص هو وثلاثة رهط معه حتى قدموا إلى الكوفة.
حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال: حدثني أحمدبن حازم، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: خرج نفر من أصحاب زيدبن علي متنكرين في
جملة الحاج، حتى لحقوا بابراهيم بالبصرة، منهم سلام بن أبي واصل الحذاء.
حدثني الحسن بن علي الخفاف، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثني خالد بن خداش بن عجلان، قال: سمعت حماد بن يزيد يقول: ما أحد من الناس إلا أنكرناه إيام إبراهيم، قيل له فسوار، قال: والله ما حمدنا رأيه.
قال أبوالفرج علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني: أخبرنا يحيى بن علي، وأحمد بن عبدالعزيز الجوهري، وعمر بن عبدالله العتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا إبراهيم بن سلام بن أبي واصل، قال حدثني أخي محمد بن سلام عن أبيه قال: وقفت على باب إبراهيم بن عبدالله، وهو نازل في دار محمد بن سليمان، فقلت لآذنه: قل له: سلام بن أبي واصل بالباب، فسمعت الآذن يقول: سلام الحذاء بالباب، فنسبني إلى اللقب الغالب علي، فأذن لي، فدخلت فقال: ما أبطأ بك عنا؟ فقلت كنت أجهز الرجال إليك، قال: صدقت.
فأنزلني معه في الدار، قال: فبينا أنا جالس يوما إذا شئ فيه رقعة: إن بيت المال ضائع فاكفناه، فقلت لبعض من حضر أين بيت المال؟ قال في الدار، فقمت فاذا شيخ قد كان موكلا به، فقال لي: أمرت فيما هاهنا بأمر؟ قلت: نعم.
قال فأنت إذن سلام بن أبي واصل، قال: فوليت بيت المال.
أخبرني محمد بن الحسين الاشناني، قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: خرج أبوداود الطهوي مع إبراهيم وكان عنده أثيرا(أميرا).
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري والعتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبدالله بن محمد بن حكيم، قال: خرج فطر بن خليفة مع براهيم، وكان يومئذ شيخا كبيرا.
حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن عبدالواحد، قال: حدثني الحسن بن الحسين، قال: خرج سلام بن أبي واصل الحذاء وعيسى بن أبي
إسحاق السبيعي، وأبوخالد الاحمر، مصطحبين متنكرين مع الحاج، عليهم جباب الصوف وعمائم الصوف.
يسوقون الجمال في زي الجمالين، حتى أمنوا فعدلوا إلى إبراهيم، وكانوا معه حتى قتل.
أخبرنا يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني القاسم بن أبي شيبة، قال: خرج أبوخالد الاحمر، ويونس بن أبي إسحاق مع إبراهيم بن عبدالله بن الحسن.
أخبرني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: خرج عيسى بن يونس بن أبي إسحاق من الكوفة إلى إبراهيم، فشهد معه حربه.
حدثنا يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل، عن أخيه محمد بن سلام، قالوا: شهد مع إبراهيم بن عبدالله من أصحاب زيد بن علي ثلاث نفر، سلام بن أبي واصل الحذاء، وحمزة بن عطاء البرني، وخليفة بن حسان الكيال، وكان أفرس الناس.
أخبرني محمد بن زكريا الصحاف، قال: حدثنا قعيب بن محرز، قال: حدثني العريان بن أبي سفيان بن العلاء، قال: خرج مع إبراهيم بن عبدالله عبدالله بن جعفر المدائني، فقال له ليلة: قم بنا حتى نطوف في العسكر، فقام معه فسمع في ناحية عسكره صوت طنبور، فاغتم لذلك وقال لعبدالله بن جعفر: ما أرى عسكرا فيه مثل هذا ينصر.
عبدالله بن جعفر هذا والد علي بن المدائني.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، وأحمد، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، عن عريان بن أبي سفيان، قال: حدثني الثقة عندي عن عبدالله بن جعفر، ثم ذكر مثل هذه الحكاية أو قريبامنها
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل، قال: حدثني عبدالغفار بن عمرو الفقيمي ابن أخي الفضل، والحسين بن أبي عمرو، قال: كان إبراهيم بن عبدالله واجدا على هارون بن سعد لا يكلمه، فلما ظهر قدم هارون فأتى أباك سلاما فقال له: أخبرني عن صاحبنا، أما به إلينا حاة في أمره هذا؟ قال: قلت له بلى لعمر الله ثم قام فدخل على إبراهيم فقال له: هذا هارون بن سعد قد جاءك.
فقال: لا حاجة لنا به، فقال له: لا تفعل، أفي هارون تزهد؟ فلم يزل به حتى قبله وأذن له فدخل، عليه فقال له هارون: استكفني أهم أمرك إليك، فاستكفاه واسطا واستعمله عليها.
قال أبوزيد: وحدثني أبونعيم الفضل بن دكين، قال: حدثني عبدالله ابن سلمة الافطس، قال: ولى إبراهيم هارون بن سعد واسطا، فبادرت فدخلت اليه في السفينة فحدثني بأربعة أحاديث.
قال أبونعيم: والذي رواه الاعمش عن أبي عمرو الشيباني إنما سمعه من هارون بن سعد.
قال أبوزيد: حدثني هشام بن محمد أبومحمد من أهل واسط، قال: قدم علينا هارون بن سعد في جماعة ذات عدد فرأيته شيخا كبيرا كنت أراه راكبا قد انحنى على دابته، فبايعه أهل واسط.
قال أبوزيد: وحدثني عمر بن عون، قال: كان هارون بن سعدرجلا صالحا، قد روى عن الشعبي، ولقى إبراهيم، وكان فقيها.
حدثني عيسى بن الحسن الوراق قال: حدثني سليمان بن ابي شيخ قال: حدثني ابوالصعداء قال: لما قدم هارون بن سعد واليا على واسط من قبل إبراهيم خطب الناس ونعى على ابي جعفر افعاله وقتله آل رسول الله وظلمه الناس، واخذه الاموال ووضعها في غير مواضعها وابلغ في القول حتى ابكى الناس ورقت لقوله قلوبهم فاتبعه عباد بن العوام ويزيد بن هارون وهشيم بن بشير، والعلاء بن راشد.
حدثني محمد بن الحسين الخثعمي قال حدثنا ابراهيم بن سليمان المقري قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثني من رأى هشيما واقفا بين يدي هارون بن سعد متقلدا سيفا، رث الهيئة يدعو الناس إلى بيعة إبراهيم.
أخبرني علي بن العباس المقانعي قال: حدثنا محمد بن مروان الغزال قال: حدثنا زيد بن المعذل النمري عن هشام بن محمد قال: ولى ابراهيم بن عبدالله بن الحسن هارون بن سعد واسطا وضم اليه جيشاكثيفا من الزيدية فأخذها وتبعه الخلق ولم يتخلف احد من الفقهاء وكان ممن تبعه عواد بن العوام، ويزيد بن هارون، وهشيم، وكان موقف هشيم في حروبه مشهورا وقتل ابنه معاوية وأخوه الحجاج بن بشير في بعض الوقائع.
قال: وشهد معه العوام بن حوشب يومئذ وهو شيخ كبير واسامة بن زيد فلما قتل ابراهيم انحدر هارون بن سعد إلى البصرة فبلغنا انه مات بها حين دخلها رحمه الله ورضى عنه.
أخبرنا يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عامر بن يحيى العقيلي قال: حدثني ابومخارق بن جابر قال: نادى منادي المسودة: أمن الناس اجمعون إلا العوام بن حوشب، واسامة بن زيد.
فأما العوام فاستخفى سنتين ثم عمل معن بن زائدة في امره وكان يسأله حتى اخرج له امانا.
وأما اسامة بن زيد فتوارى مدة ثم هرب إلى الشام.
قال ابوزيد: وحدثني عبدالله بن راشد قال: استخفى هارون ابن سعد فلم يزل مستخفيا حتى ولى محمد بن سليمان الكوفة فأعطاه الامان واستدرجه حتى ظهر وامره ان يعرض ثمانين من اهل بيته، فهم ان يفعل فركب إلى محمد ولقيه ابن عم له يدعى الفرافصة فقال: انت مخدوع فرجع فتوارى حتى مات وهدم محمد بن سليمان داره.
قال ابوزيد وحدثني سعد بن الحسن بن بشير الحواري قال: سمعت اصحابنا يقولون: كان عبدالواحد بن زياد بنهرابان وكان قد تقدم إلى إبراهيم ألا يخفى عليه مخرجه فلماظهر اقبل عبدالواحد من نهر ابان مبيضا حتى عبدس، فهرب واليها وخلف في بيت مالها سبعين الف درهم فأخذها عبدالواحد، فكانت أول ما قدم به على إبراهيم.
قال ابوزيد وحدثني خالد بن خداش قال: بيض ايوب بن سليمان نهر ابان وغلب عليها، وايوب هذا محدث راو، قد روى عنه الواسطيون وممن روى عنه سليمان بن ابي شيخ.
أخبرني محمد بن الحسين الاشناني قال: حدثنا احمد بن حازم قال: حدثنا ابونعيم قال: سمعت زفر بن الهذيل يقول كان ابوحنيفة يجهر في أمر إبراهيم جهرا شديدا، ويفتي الناس بالخروج معه فقلت له: والله ما انت بمنته عن هذا حتى نؤتى فتوضع في اعناقنا الحبال.
قال: وكتب اليه هو ومسعربن كدام يدعوانه إلى ان يقصد الكوفة ويضمنا له نصرتهما ومعونتهما وإخراج اهل الكوفة معه فكانت المرجئة تعيبهما بذلك.
حدثنا يحيى بن علي، وعمر، واحمد، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني القاسم بن أبي شيبة قال: حدثني الفضل بن شعيب قال: رأيت مسلم بن سعيد والاصبغ بن زيد مع هارون بن سعد عليهما سيفان إيام إبراهيم بن عبدالله بواسط.
قال القاسم بن ابي شيبة وحدثني ازهر بن سعد قال: رأيت هشيما عليه سيف حمائله شريط يرامي المسودة من رواء السور.
حدثنا عمر، ويحيى، واحمد، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني زكريا ابن عبدالله بن صبيح ويلقب رحمويه، قال: قال المهدي لابن علاثة: ابغني قاضيا لمدينة الوضاح.
قال: قد اصبته عباد بن العوام.
فقال له: وكيف مع ما في قلوبنا عليه.
قال رحمويه: وهدم الرشيد دار عباد بن العوام في خلافته ومنعه الحديث ثم أذن فيه بعد.
أخبرني جعفر بن محمد الوراق قال: حدثنا احمد بن حازم قال: حدثنا نصر ابن حازم قال: خرج هارون بن سعد من الكوفة في نفر من أصحاب زيد بن علي إلى إبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وكان فيمن خرج معه عامر بن كثير السراج وهو يومئذ شاب جلد شجاع، وحمزة التركي، وسالم الحذاء، وخليفة بن حسان.
قال: لما قدموا على إبراهيم ولى سالم بن ابي واصل بيت المال، وولى هارون ابن سعد واسطا، فأنفذ معه جيشا كثيفا فدخل واسطا وهرب منه اصحاب أبي جعفر واسرع الناس اليه ولم يبق احد من اهل العلم إلا تبعه وكان منهم عباد بن العوام، وهشيم بن بشير، وإسحاق بن يوسف الازرق، يزيد بن هارون ومسلم ابن سعيد، والاصبغ بن زيد.
ودعا عاصم بن علي فاعتل عليه بالمرض والضعف، فقال له: أنا أفتى الناس بالخروج معك ثم هرب منه، فجعل هارون بن سعد عباد بن العوام قائدا وضم اليه الفقهاء أجمعين، وكانوا في قيادته، وشاوره وقدمه.
فلما قتل إبراهيم وانقضت حياته، هرب عباد بن العوام، فهدمت داره وانقضت جموعه ولم يزل متواريا حتى مات ابوجعفر.
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني سهل بن عقيل، قال: قدم هارون بن سعد عباد بن العوام ورأسه وشاوره فكان في اصحابه يزيد بن هارون وإسحاق بن يوسف الازرق وغيرهما.
قال ابوزيد وحدثني عاصم بن علي بن عاصم، قال اخبرني علي بن عبدالله ابن زياد، قال: رأيت هشيم بن بشيرواقفا موقفا في وقعة واقعناها القوم لا والله ما وقفه قط إلا شجاع مجتمع القلب.
قال أبوزيد وحدثني ابن بنت هشيم قال: بلغ يزيد بن هارون أن علي
ابن حرملة يتهدده ويقول: سيعلم يزيد على راس من كانت الرايات تخفق فبلغ ذلك يزيد فقال: غلط إنما كانت الراية لعباد بن العوام.
قال أبوزيد، قال لي عاصم بن علي: صدق يزيد كان القائد عباد بن العوام وكان يزيد بن هارون من أصحابه.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، ومحمد، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني احمد بن خالد بن خداش قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ما كان بالبصرة احد إلا وقد تغير ايام إبراهيم إلا ابن عون.
قيل له: فهشام بن حسان.
قال: ماحمدنا قوله، كان يذكر أبا جعفر فيقول: اللهم اهلك ابا الدوانيق فقلت له في ذلك.
فقال: إني اخاف ان يظهر فيشتتنا.
حدثني ابوعبدالله الصيرفي محمد بن احمد بن المؤمل قال حدثني فضل المصري قال: حدثني يعقوب الدورقي قال أبوالفرج: وقرأت أنا في بعض الكتب عن يعقوب الدورقي عن بعض اصحابه عن إسماعيل بن عيسى بن علي الهاشمي قال: قال أبوإسحاق الفزاري: جئت إلى أبي حنيفة فقلت له ما اتقيت الله حيث افتيت اخي بالخروج مع ابراهيم بن عبدالله بن الحسن حتى قتل.
فقال: قتل اخيك حيث قتل يعدل قتله لو قتل يوم بدر، وشهادته مع إبراهيم خير له من الحياة.
قلت له: ما منعك أنت من ذاك؟ قال: ودائع الناس كانت عندي.
أخبرني محمد بن الحسين الاشناني عن عباد بن يعقوب عن عبدالله بن إدريس قال: سمعت أبا حنيفة وهو قائم على درجته ورجلان يستفتيانه في الخروج مع إبراهيم وهو يقول: اخرجا.
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني نصير بن حماد ابوسهل قال: ما زلت اسمع ان شعبة كان يقول في نصرة إبراهيم بن عبدالله للناس إذا سألوه: ما يقعدكم؟ هي بدر الصغرى.
قال ابوزيد، وحدثني يعقوب بن القاسم، عن بعض اصحابه عن أبي إسحاق الفزاري، واسمه إبراهيم بن محمد بن الحرث بن اسماءبن حارثة قال: لما خرج ابراهيم ذهب أخي إلى ابي حنيفة فاستفتاه، فأشار عليه بالخروج فقتل معه فلا احب ابا حنيفة أبدا.
قال ابوزيد: وحدثني نصر بن حماد قال: كان صالح المروزي يحرض الناس على نصرة إبراهيم.
قال أبوزيد وحدثني القاسم بن شيبة قال سمعت أبا نعيم يقول: سمعت عمار بن زريق يقول: سمعت الاعمش يقول ايام إبراهيم: ما يقعدكم؟ أما أني لو كنت بصيرا لخرجت.
أخبرني محمد بن الحسين الخثعمي قال: حدثنا احمد بن حازم قال: حدثني أبونعيم: أن مسعر بن كدام كتب إلى إبراهيم بن عبدالله يدعوه إلى أن يأتي الكوفة ويعده ان ينصره وكان مسعر مرجئا فلما شاع ذلك عاتبته المرجئة.
أخبرني محمدبن الحسين قال: حدثنا محمد بن حازم قال: حدثنا ابونعيم واخبرنا ابن علي واصحابه عن عمر بن شبة عن عبدالله بن محمد بن حكيم قالا: كتب ابوحنيفة إلى إبراهيم يشير عليه أن يقصد الكوفة ليعينه الزيدية.
وقال له: أئتها سرا فان من هاهنا من شيعتكم يبيتون أبا جعفر فيقتلونه أو يأخذون برقبته فيأتونك به.
قال عمر بن شبة في خبره: وكانت المرجئة تنكر ذلك على ابي حنيفة وتعيبه به.
حدثني احمد بن سعيد قال: حدثني محمد بن منصور الرازي عن الحسن بن الحسين وغيره من اصحابه: ان ابا حنيفة كتب إلى إبراهيم بن عبدالله لما توجه إلى عيسى بن موسى: إذا اظفرك الله بعيسى واصحابه فلا تسر فيهم سيرة ابيك في اهل الجمل لم يقتل المنهزم ولم يأخذ الاموال ولم يتبع مدبرا ولم يذفف على جريح لان القوم لم يكن لهم فئة ولكن سر فيهم بسيرة يوم صفين فانه سبى الذرية
وذفف على الجريح وقسم الغنيمة لان اهل الشام كانت لهم فئة وكانوا في بلادهم.
فظفر ابوجعفر بكتابه فسيره وبعث اليه فأشخصه وسقاه شربة فمات منها ودفن ببغداد.
اخبرني محمد بن زكريا الصحاف قال: حدثنا قعيب بن محرز عن المدائني: ان عباد بن العوام خرج إلى إبراهيم بن عبدالله وشهد معه حربه فلما ظفر ابو جعفر وقتل ابراهيم طلبه فسأله فيه المهدي فوهبه له وقال: لا تظهرن ولا تحدثن فقال الناس: هذا رجل من اهل العلم خرج مع ابراهيم فيأخذون عنه الفتيا، فلم يزل متواريا حتى مات ابوجعفر واذن له المهدي في الظهور والحديث وظهر وحدث.
حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا احمد بن حازم قال: حدثنا ابونعيم واخبرنا يحيى بن علي ورواه ابوزيد قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا القاسم ابن أبي شيبة عن أبي نعيم قال: كتب ابوجعفر إلى عيسى بن موسى وهو على الكوفة يأمره بحمل أبي حنيفة إلى بغداد فغدوت اليه اريده، ولقيته راكبا يريد وداع عيسى بن موسى وقد كان وجهه يسود فقدم بغداد فسقى بها شربة فمات وهو ابن سبعين وكان مولده سنة ثمانين.
حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا ابونعيم قال: دعا ابوجعفر ابا حنيفة إلى الطعام فأكل منه، ثم استسقى فسقى شربة عسل مجدوحة وكانت مسمومة فمات من غد ودفن في بغداد في المقابر المعروفة بمقابر الخيزران.
اخبرني يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عامر بن يحيى مولى بني عقيل من اهل واسط وكان في حرس الحجاج قال: حدثني سعيد بن مجاهد قال: وصاحبت العوام بن حوشب يوما فقال: رميت في هؤلاء القوم - يعني المسودة - ثمانية عشر سهما ما سرني أني رميت بها اهل بدر مكانهم.
قال: فكان عليه خف منخرق.
فقلت: المسح اعلى من هذا.
قال: نعم ما لم تدخله الريح وتخرج منه.
أخبرني يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني ابن العباس قال: حدثني عكرمة بن دينارمولى بني عامر ابن حنيفة قال: خرج لبطة بن الفرزدق مع ابراهيم وكان شيخا كبيرا جليلا فلما قتل ابراهيم مررت به فقال لي: ما الخبر؟ فقلت.الشر والله انهزم اصحابنا.
قال: قف هاهنا نعش جميعا او نمت جميعا.
فقلت ليس بذاك، ووليت هاربا فلم اجاوزه بكثير حتى ادركه القوم فسمعته يقول(لا ملجأمن الله إلا اليه) فقتل وعلقت في اذنه رقعة مكتوب فيها: رأس لبطة بن الفرزدق.
قال: وكان شهد مع إبراهيم وهو شيخ كبير ففوده.
قال ابوالفرج: لبطة هذا قد روى الحديث، وروى عن ابيه عن الحسين ابن علي حديثا مشهورا حدثنافي مقتله يقول: لقيت الحسين بالصفاح، وروى عن غير ابيه وكان له اخوان خبطة وحنظلة.
قال ابوزيد: وحدثني عاصم بن علي وسهل بن غطفان: ان ابراهيم لما قتل وتوارى هارون بن سعد، اراد الحجاج بن بشير الانحدار إلى نهر أبان فأدركوه فقتلوه وقتلوا ابن اخيه معاوية بن هشيم.
قال ابوزيد، وحدثني بكر بن كثير، عن حمزة التركي، قال: قدم عيسى اين زيد بعد قتل محمد، فذكر ان محمدا جعل الامر اليه ودعا الزيدية إلى نفسه فأجابوه، وابى البصريون ذلك، حتى قالوا لابراهيم: إن شئت اخرجناهم عنك من بلادنا فالامر لك وما نعرف غيرك، حتى كادت تقع فرقة فسفروا بينهم سفرا وقالوا: إنا إن اختلفنا ظهر علينا ابوجعفر، ولكن نقاتله جميعا والامر لابراهيم فان ظهرنا عليه نظرنا في امرنا بعد، فأجمعوا على ذلك.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر بن عبدالله، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني خالد بن خداش قال: حدثني عبدالسلام بن شعيب بن الحبحاب، قال قلت لعثمان الطويل: خرج هذا الرجل وقعدتم عنه قال ومن اخرجه غيرنا قال: فلما
قتل إبراهيم قال: ياابا صالح احب الا تفشي علي ذلك الحديث.
أخبرنا عمر ويحيى قالا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني حفص بن عمربن حفص: أن ابا حرى نصر بن ظريف خرج مع ابراهيم فأصابت يده جراحة اجبتها قال فعطلتها ثم انهزم لما قتل إبراهيم فاستخفى.
أخبرنا عمر، ويحيى قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عفان بن مسلم قال خرج مع إبراهيم ابوالعوام القطان واسمه عمران بن داود قال فحدثت بذلك عمر ابن مروان فقال لي: ما شهد الحرب ولكن ولي له عملان.
واقام بالبصرة قال ابو الفرج: وابوالعوام هذا من جملة محدثي البصرة وهو من اصحاب الحسن البصري وقد روى عنه ابوجرى نصر بن ظريف كلهم من ثقاة محدثي البصرة ومشاهيرهم.
قال ابوزيد وحدثني سعيد بن نوح قال: خرج مع إبراهيم عبد ربه ابن يزيد وكان شيخا كبيرا ابيض الرأس واللحية فقيل له: لو اختضبت، فقال: لا حتى اعلم ان رأسي لي او لهم.
قال ابوزيد وحدثني سنان بن المثنى الهذلي من آل سلمة بن المحبق قال شهد مع ابراهيم بباخمري من آل سلمة بن المحبق: عبدالحميد بن سنان بن سلمة ابن المحبق والحكم بن موسى بن سلمة وعمران بن شبيب بن سلمة.
قال ابوزيد، وحدثني إبراهيم بن سلام الحذاء قال: حدثني اخي عن ابن سلام قال: لما انهزمنا صرنا إلى عيسى بن زيد فصبر ملياثم قال: ما بعد هذا متلوم فانحاز وصار إلى قصره ونحن معه فأزمعنا على ان نبيت عيسى بن موسى، فلما انتصف الليل فقدنا عيسى بن زيد فانتقض أمرنا.
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري والعتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عمر بن الهيثم المؤذن والوليد بن هشام ويونس بن نجدة: أن ابراهيم استقضى عباد بن منصور على البصرة: قال ابوزيد وحدثني ابوعلي القداح قال: حدثني علي بن ابي سارة
قال: لما ظهر إبراهيم استقضى سوار بن عبدالله في بيته وأرسل اليه إبراهيم يدعوه فاعتل بالمرض فتركه وأمر عباد بن منصور فقضى بالبصرة حتى جاءت الهزيمة فلزم عباد بيته فلما قدم ابوجعفر بعد الهزيمة تلقاه الناس في الجسر الاكبر فيهم سوار ابن عبدالله وأقام عباد في بيته وخافه ولم يدعه الناس حتى خرج على امانه، فلما رآه سأله ولم يخاطبه بشئ مما صنع.
حدثني احمد بن عبدالله بن عمارة قال: حدثني ميسرة بن حسان قال: حدثني ابن الاعرابي عن المفضل وحدثني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا ابوحاتم عن ابي عثمان اليقطري عن المفضل.
وحدثنا يحيى بن علي بن يحيى وعمرو ابن عبدالله واحمد بن عبدالعزيز قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عبدالملك بن سليمان عن علي بن أبي الحسن عن المفضل الضبي.
ورواية ابن الاعرابي واليقطري عن المفضل اتم وسائر من ذكرت يأتي بشئ لا يأتي به الآخر قال: كان إبراهيم بن عبدالله بن الحسن متواريا عندي، فكنت اخرج واتركه، فقال لي إنك إذا خرجت ضاق صدري فأخرج إلى شيئا من كتبك اتفرج به فأخرجت اليه كتبا من الشعر فاختار منها السبعين قصيدة التي صدرت بها اختيار الشعراء ثم أتممت عليها باقي الكتاب.
فلما خرج خرجت معه، فلما صار بالمربد مر بدار سليمان بن علي فوقف عليها واستسقى ماء فأتى بشربة فشرب، فأخرج صبيان من صبيانهم فضمهم اليه وقال: هؤلاء والله منا ونحن منهم وهم اهلنا ولحمنا ومنا، ولكن آباءهم غلبونا على امرنا وابتزوا حقوقنا وسفكوا دماءنا، وتمثل:
مهلا بني عمنا ظلامتنا***إن بنا سورة من العلق
لمثلكم تحمل السيوف ولا*** تغمز أحسابنا من الرقق
إني لانمى إذا انتميت إلى***عز عزيز ومعشر صدق
بيض سباط كأن أعينهم*** تكحل يوم الهياج بالعلق
فقلت: ما اجود هذه الابيات وافحلها: فلمن هي؟ فقال: هي يقولها ضرار بن الخطاب الفهري يوم عبر الخندق على رسول الله صلى الله ليه وآله، وتمثل بها علي بن ابي طالب يوم صفين، والحسين يوم الطف وزيد بن علي يوم السبخة، ويحيى بن زيد يوم الجوزجان، ونحن اليوم.
فتطيرت له من تمثله بأبيات لم يتمثل بها احد إلا قتل.
ثم سرنا إلى باخمرى، فلما قرب منها اتاه نعي اخيه محمد، فتغير لونه وجرض بريقه ثم اجهش باكيا وقال: اللهم إن كنت تعلم ان محمدا خرج يطلب مرضاتك ويبتغي طاعتك ويؤثر ان تكون كلمتك العليا وامرك المتبع المطاع، فاغفر له وارحمه وارض عنه واجعل ما نقلته اليه من الآخرة خيرا له مما نقلته عنه من الدنيا ثم انفجر باكيا وتمثل بقول الشاعر:
ابا المنازل ياخير الفوارس من*** يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا
الله يعلم أني لو خشيتهم***او آنس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوه ولم اسلم اخي لهم***حتى نعيش جميعا او نموت معا
قال(المفضل): فجعلت اعزيه واعاتبه على ماظهر من جزعه، فقال: إني والله في هذا كما قال دريد بن الصمة:
تقول ألا تبكي اخاك ! وقد أرى*** مكان البكا لكن بنيت على الصبر
لمقتل عبدالله والهالك الذي***على الشرف الاعلى قتيل ابي بكر
وعبد يغوث او نديمي خالد***وجل مصابا حثو قبر على قبر
أبى القتل إلا آل صمة إنهم***أبوا غيره والقدر يجري على القدر
فإما ترينا ما تزال دماؤنا***لدى واتر يشقى بها آخر الدهر
فإنا للحم السيف غير نكيرة***ونلحمه طورا وليس بذي نكر
يغار علينا واترين فيشتفي*** بنا إن أصبناأو نغير على وتر
بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا*** فما ينقضي إلا ونحن على شطر
قال: ثم ظهرت لنا جيوش أبي جعفر مثل الجراد، فتمثل إبراهيم بهذه الابيات:
نبئت أن بني خزيمة أجمعوا***أمرا خلالهم لتقتل خالدا
إن يقتلوني لا تصب أرماحهم***ناري ويسعى القوم سعيا جاهدا
أرمي الطريق وإن رصدت بضيقه***وأنازل البطل الكمي الحاردا
فقلت: من يقول هذا الشعر ياابن رسول الله؟ فقال: يقوله خالد بن جعفر ابن كلاب في يوم شعب جبلة، وهو اليوم الذي لقيت فيه قيس تميما.
قال: وأقبلت عساكر أبي جعفر، فطعن رجلا، وطعنه آخرفقلت له: أتباشر الحرب بنفسك وإنما العسكر منوط بك؟ فقال: اليك عني ياأخا بني ضبة كأن عويفا أخا بني فزارة كان ينظر الينا في يومنا هذا.
المت خناس والمامها***أحاديث نفس واحلامها
يمانية من بني مالك*** تطاول في المجد أعمامها
وإن لنا أصل جرثومة***ترد الحوادث أيامها
نرد الكتيبة مفلولة*** بها أفنها وبها ذامها
والتحمت الحرب واشتدت، فقال لي: يامفضل: حركني بشئ، فذكرت أبياتا لعويف القوافي لما تقدم بشعره، فأنشدته قوله:
الا أيها الناهي فزارة بعدما***أجدت بسير إنما أنت حالم
أبى كل حر أن يبيت بوتره***وتمنع منه النوم إذ أنت نائم
أقول لفتيان كرام تروحوا***على الجرد في أفواههن الشكائم
قفوا وقفة من بحى لا يخز بعدها***ومن يخترم لا تتبعه اللوائم
وهل انت إن باعدت نفسك منهم***لتسلم فيما بعد ذلك سالم؟
فقال: أعد، وتبينت في وجهه انه سيقتل فتنبهت وندمت فقلت: أو غير ذلك؟ قال: لا بل أعد الابيات، فأعدتها فتمطى على ركابيه فقطعمها، وحمل
فغاب عني وأتاه سهم عائرفقتله وكان آخر عهدي به: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: سمعت إسحاق بن شاهين الواسطي يقول: كان خالد بن عبدالله الواسطي من اهل السنة والجماعة، خرج الناس مع براهيم بن عبدالله بن الحسن غيره، فانه لزم بيته.
قال ابوالفرج علي بن الحسين: حدثني بهذه الحكاية احمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني داود بن يحيى قال: سمعت إسحاق بن شاهين يوما، ذكر خالد بن عبدالله الطحان، مثله، وزاد فيه: ولكن أصحاب الحديث خرجوا معه جميعا: شعبة بن الحجاج، هشيم بن بشير، وعباد بن العوام، ويزيد بن هارون.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن هشام، قال: حدثنا محمد بن حفص بن راشد قال: حدثنا أبي قال: خرج هشيم بن بشير مع إبراهيم بن عبد الله، وقتل معه ابن له.
قال أحمد بن سعيد، وحدثني أحمد بن محمد بن بشر قال حدثنا أيوب بن الحسن قال: حدثني سليمان الشاذكوني، قال: خرج هشيم مع أبراهيم بن عبدالله وقتل معه ابنه معاوية فقال له رجل: ياابا معاوية رأيتك مع ابراهيم والرايات تخفق على رأسه.
حدثنا احمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا يحيى بن صالح الجريري قال: سمعت يونس بن أرقم العنزي وكان من اصحاب ابراهيم بن عبدالله يقول: كان المفضل بن محمد الضبي له غاشية على التشيع، وكان إبراهيم بن عبدالله بن الحسن إذا اجتمعنا اليه يجمعنا عند المفضل.
حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا عبدالملك بن محمد الرقاشي قال: حدثنا ابي قال: سمعت يزيد بن ذريع يقول: وأما المفضل الضبي فكان اكثر إقامة ابراهيم عنده حتى خرج، فكان لا يزال يدس ويحتال لكل من امكنه ان يحوزه إلى مذهبه.
حدثني احمد قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زكريا الضبي قال: حدثنا قاسم بن الضحاك قال حدثني معاوية بن سفيان المازني قال حدثني إبراهيم بن سويد الحنفي قال: سألت أبا حنيفة وكان لي مكرما ايام إبراهيم قلت: أيهما احب اليك بعد حجة الاسلام: الخروج إلى هذا أو الحج؟ فقال: غزوة بعدحجة الاسلام أفضل من خمسين حجة.
حدثني احمد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بنإسحاق الراشدي قال: حدثنا محمد بن عديس قال: حدثني الحسين بن سلمة الارحبي قال: جاءت امرأة إلى ابي حنيفة أيام إبراهيم فقالت: إن ابني يريد هذاالرجل وانا امنعه فقال: لا تمنعيه.
حدثني احمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن احمد بن عمر بن سميع الازدي قال: حدثنا محمد بن عديسى الازدي.
قال: سمعت حماد بن اعين يقول: كان ابوحنيفة يحض الناس على الخروج مع إبراهيم ويأمرهم باتباعه.
اخبرني جعفر بن محمد الوراق قال: حدثنا احمد بن يوسف الجعفي قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي قال: كان ابوحنيفة يقول في ايام ابراهيم ليبلغه ذلك ! إنما أمر علي عليه السلام الا يجهز على جريح ولا يقتل مدبر في قوم ولم يكن لهم فئة يوم الجمل ولم يفعل ذلك بصفين لان القوم كانت لهم فئة.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني سليمان بن ابي شيخ قال: خرج معي هارون بن سعد لما ولاه ابراهيم واسطا وبرز إلى القتال عامر ابن عباد بن العوام ويزيد بن هارون والعلاء بن راشد.
اخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني جناب بن الشخشاخ قال: لما خرج إبراهيم اتبعه معاذ بن نصر العنبري.
حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عمر بن عون قال: ما زال عباد مستخفيا بالبصرة حتى مات ابوجعفر.
حدثنا يحيى قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عاصم بن علي قال: قتل في تلك المعركة الحجاج اخوهشيم ومعاوية ابنه.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا عثمان بن الهيثم المؤذن والقحذمي ويونس بن نجدة: ان ابراهيم استقضى عباد بن منصور على البصرة.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا القاسم بن ابي شيبة قال: خرج مع إبراهيم ابوخالد الاحمر.
حدثنا عمر بن عبدالله ويحيى بن علي قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن حكيم قال: حدثني نصر بن مزاحم المنقري قال: خرج مع ابراهيم ابوداود الطهوي.
وابوداود هذا ثقة قد روى عنه ابونعيم والحسن بن الحسين السعدي، وغيرهما من المحدثين.
أخبرنا عمر ويحيى قالا: حدثنا ابوزيد، حدثنا عبدالله بن محمد بن حكيم قال: حدثني عباد بن حكيم قال: خرج مع إبراهيم بن عبدالله جنادة بن سويد.
فقوده على ثلاثمائة وشهد معه باخمرى وشهد معه المفضل بن محمد الضبي الراوية.
أخبرنا عمر بن عبدالله، ويحيى قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عقيل بن عمرو الثقفي قال: خرج مع إبراهيم الازرق بن تمة الصريمي متقلدا سيفين، وكان من اصحاب عمرو بن عبيد.
أخبرنا عمر بن عبدالله، ويحيى بن علي قالا: حدثنا ابوزيد قال حدثني إبراهيم بن سالم، قال: كان إبراهيم الاسدي ممن سار بابراهيم واتى به ابا جعفر فحقره فقال: انت بريدة؟ قال: نعم.
قال: فاحلف لئن رأيت إبراهيم لتأتيني به فحلف فخلاه فلما ظهر إبراهيم اتاه فقال: إن أبا جعفر احلفني إن رأيتك لآتينه بك.فاشخص بنااليه.
أخبرنا عمر، ويحيى قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثني الحسين بن جعفر
ابن سليمان الضبي قال: سمعت أخي داود يقول: احصى ديوان إبراهيم من اهل البصرة مائة الف.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالله بن عبدالوارث قال: حدثني هاشم بن القاسم: انه شهد مع إبراهيم وقعة باخمرى.
وهاشم بن قاسم يكنى ابا النضر، وقد روى عن سفيان الثوري، وشعبة ابن الحجاج، ونضر ابنه وهو من ثقات المحدثين.
أخبرنا عمر، ويحيى قالا: حدثنا عمر بن شبة عن سلم بن فرقد.
ان عمر بن عون شهد مع إبراهيم باخمرى وكان من اصحاب هشام، وروى عنه الحديث.
أخبرنا عمر ويحيى، قالا: حدثنا ابوزيدقال: حدثنا القاسم بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال: كنت عند سفيان الثوري ايام إبراهيم فجعل يقول واعجبا لاقوام يريدون الخروج لمن يخرج.
وقد خرج قوم لم يكونوا يرون الخروح.
قال: وخرج مع إبراهيم من اصحاب سفيان مؤمل، وحنبص ومؤمل هذا يقال له: مؤمل بن إسماعيل.
حدثنا عمر ويحيى، قالا: حدثنا ابوزيد قال: سألت ابا نعيم عن حنبص هذا فقال: كان خليلا من اصحاب سفيان.
وفيه يقول الشاعر:(ياليت قومي كلهم حنابصا) قال ابوزيد: وحدثني إبراهيم بن سلم قال: حدثني ابن هراسة قال: قتل مع إبراهيم بن عبدالله صاحبان كانا لسفيان الثوري كانا من خاصته.
أخبرنا عمر ويحيى، قالا: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عبدالله بن محمد
ابن حكيم قال: خرج مع إبراهيم داودبن المبارك الهمداني عم ابي حيي فقتل في المعركة.
أخبرنا عمر، ويحيى قالا: حدثنا أبوزيد قال: حدثني خلاد الارقط قال: حدثني عمر بن النضر قال: قتل إبراهيم وانا بالكوفة، فأتيت الاعمش بعد قتله فقال: أهاهنا احد تنكرونه؟ قلنا لا: قال: فإن كان هاهنا احد تنكرونه فأخرجوا إلى نار الله ثم قال: أما والله لو اصبح اهل الكوفة على مثل ما ارى لسرنا حتى ننزل بعقوته - يعني أبا جعفر - فاذا قال لي: ما جاء بك يااعمش؟ قلت: جئت لابيد خضراءك أو تبيد خضرائي، كما فعلت بابن رسول الله صلى الله عليه وآله.
حدثني ابوعباد الصيرفي قال: سمعت محمد بن علي بن خلف العطار، يقول: لما قتل إبراهيم بن عبدالله قال سفيان الثوري: ما اظن الصلاة تقبل إلا أن الصلاة خير من تركها.
أخبرني علي بن العباس المقانعي قال: حدثنا علي بن احمد البناني قال: سمعت محمد بن خلف العطار يقول.
لما قتل إبراهيم بن عبدالله، قال سفيان صاحب أبي السرايا لعامر بن كثير السراج: خرجت مع إبراهيم بن عبدالله بن الحسن؟ قال: نعم: قال ابوالفرج: وجدت في كتابي الذي دفعه إلى عيسى بن الحسين عن احمد ابن الحرث الخزاز عن المدائني: خرج ابومحمد البريدي المؤدب مع إبراهيم بن عبدالله، وانهزم فيمن انهزم.
ومن مختار ما رثى به إبراهيم بن عبدالله قول غالب بن عثمان الهمداني:
وقتيل باخمرى الذي*** نادى فأسمع كل شاهد
قاد الجنود إلى الجنو***د تزحف الاسد الحوارد
بالمرهفات وبالقنا***والمبرقات وبالرواعد
فدعا لدين محمد*** ودعوا إلى دين بن صايد
فرماهم بلبان أب*** لق سابق للخيل سائد
بالسيف يفري مصلتا***هاماتهم بأشد ساعد
فأتيح سهم قاصد*** لفؤاده بيمين جاحد
فهوى صريعا للجبي *** ن وليس مخلوق بخالد
وتبددت أنصاره*** وثوى بأكرم دار واحد
نفسي فداؤك من صري ***ع غير ممهود الوسائد
وفدتك نفسي من غري ***ب الدار في القوم الاباعد
أي امرئ ظفرت به*** أبناء أبناء الولائد
فأولئك الشهداء والص ***بر الكرام لدى الشدائد
ونجار يثرب والابا***طح حيث معتلج العقائد
أقوت منازل ذي طوى***فبطاح مكة فالمشاهد
والخيف منهم فالجما***ر بموقف الظعن الرواشد
فحياض زمزم فالمقا***م فصادر عنها ووارد
فسويقتان فينبع*** فبقيع يثرب ذي اللحائد
أمست بلاقع من بني ال ***حسن بن فاطمة الاراشد
قال أبوزيد: وقال غالب ايضا:
كيف بعد المهدي أو بعد إبرا***هيم نومي على الفراش الوثير
وهم الذائدون عن حرم الاس*** لام والجابرون عظم الكسير
حاكموهم لما تولوا إلى الل*** ه لمصقولة الشفار الذكور
وأشاحوا للموت محتبسي الان *** فس لله ذي الجلال الكبير
أفردوني أمشي بأعضب مجبو*** با سنامي والحرب ذات زفير
غيل فيها فوارسي ورجالي*** بعد عز وذل فيهانصيري
ليتني كنت قبل وقعة باخم *** رى توفيت عدتي من شهوري
وليالي من سنى البواقي*** وتكملت عدة التعمير
كنت فيمن ثوى ثويت تعود الط ***ير لحمى مبين التعفير
ومجال الخيلين منا ومنهم*** وأكف تطير كل مطير
قول مستبسل يرى الموت في*** الله رباحا رئبال غاب عقير
قد تلبثت بالمقادير عنهم ***ملبث الرائحين عن ذي البكور
إذ هم يعثرون، في حلق الاو*** داج حولي في قسطل مستدير
آخر مقتله صلوات الله عليه ولعن قاتله.
![]() |