عبدالله بن اسحاق

وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب وأمه رقية بنت عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وهو الذي يقال له الجدي قتله في الوقعة.

ثم نرجع الخبر الآن إلى أخبار الحسين ابن علي بن الحسن صاحب فخ حدثني علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن عبيدالله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، واحمد بن محمد بن سعيد، قالا: حدثنا الحسين بن الحكم، وقال: حدثنا الحسن بن الحسن، قال: حدثنا الحكم بن جامع الثمالي، عن الحسين بن زيد، قال: حدثتني أمي ريطة بنت عبدالله بن محمد بن الحنفية عن زيد، قال: وكان الحسين بن زيد يسميها أمي ولم تكن أمه، إنما كانت أم أخيه يحيى بن زيد، عن زيد بن علي، قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى موضع فخ فصلى بأصحابه صلاة الجنازة ثم قال: يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين، ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة، تسبق أرواحهم اجسادهم إلى الجنة.

وذكر من فضلهم اشياء لم تحفظها ريطة.

أخبرني علي بن العباس المقانعي: قال: حدثني علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم المقري، قال: حدثنا الحسن بن علي الاسدي.

[290]

قال: حدثنا الحسن بن عبدالواحد، قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم بن ابن إسماعيل، قال: حدثنا الحسين بن المفضل العطار، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: مر النبي صلى الله عليه وآله بفخ فنزل فصلى ركعة، فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلما رأى الناس النبي صلى الله عليه وآله يبكي بكوا، فلما انصرف قال: ما يبكيكم؟ قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يارسول الله قال: نزل علي جبريل لما صليت الركعة الاولى فقال: يامحمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين.

حدثني احمد بن محمد بن سعيد وعلي بن إبراهيم العلوي، قالا: حدثنا الحسين بن الحكم، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا النضر بن قرواش قال: اكريت جعفر بن محمد من المدينة إلى مكة، فلما ارتحلنا من بطن مر، قال لي: يانضر اذا انتهيت إلى فخ فأعلمني، قلت: اولست تعرفه؟ قال: بلى ! ولكن اخشى ان تغلبني عيني.

فلما انتهينا إلى فخ دنوت من المحمل، فاذا هو نائم فتنحنحت فلم ينتبه، فحركت المحمل فجلس، فقلت: فقد بلغت، فقال.

حل محملي فحللته ثم قال: صل القطار، فوصلته ثم تنحيت به عن الجادة، فأنخت بعيره فقال: ناولني الادواة والركوة، فتوضأوصلى ثم ركب فقلت له: جعلت فداك، رأيتك قد صنعت شيئا أفهو من مناسك الحج؟ قال: لا، ولكن يقتل هاهنا رجل من اهل بيتي في عصابة تسبق ارواحهم اجسادهم إلى الجنة.

حدثني احمد بن سعيد قال: حدثنا الحسين بن الحكم، قال: حدثنا الحسن بن الحسين بن جامع عن موسى بن عبدالله بن الحسن، قال: حججت مع أبي فلما انتهينا إلى فخ اناخ محمد بن عبدالله بعيره فقال لي أبي: قل له يثير بعيره فقلت له، فأثاره ثم قلت لابي: ياابة لم كرهت له هذا؟ قال: إنه يقتل في هذا الموضع رجل من اهل بيتي يتعاوى عليه الحاج فنفست ان يكون هو.

[291]

حدثني علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي ابن صاعد قال: حدثنا حسن بن محمد المولى.

قال: حدثنا علي بن الحسين الحضرمي، قال: سمعت الحسن بن هذيل، يقول: بعت لحسين بن علي صاحب فخ حائطا بأربعين الف دينار، فنثرها على بابه، فما دخل إلى اهله منها حبة، كان يعطيني كفا كفا فأذهب به إلى فقراء أهل المدينة.

حدثني علي بن إبراهيم الجواني قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم قال: حدثنا علي بن إبراهيم مؤذن مسجد الاشتر، قال: حدثني الحسن بن هذيل، قال قال لي الحسين صاحب فخ: اقترض لي اربعة آلاف درهم، فذهبت إلى صديق لي فأعطاني الفين وقال لي: اذا كان غد فتعال حتى اعطيك الفين، فجئت فوضعتها تحت حصير كان يصلي عليه، فلما كان من الغد اخذت الالفين الاخريين ثم جئت اطلب الذي وضعته تحت الحصيرفلم اجده، فقلت له: يابن رسول الله، ما فعل الالفان؟ قال: لا تسأل عنهما، فأعدت فقال: تبعني رجل اصفر من أهل المدينة فقلت: ألك حاجة؟ فقال: لا ولكني احببت ان اصل جناحك فأعطيته إياها، اما اني احسبني ما اجرت على ذلك لاني لم اجد لها حسنا، وقال الله عزوجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".

حدثنا علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: اخبرني يحيى بن سليمان، قال اشترى لحسين بن علي صاحب فخ ثوبان فكسا ابا حمزة، وكان يخدمه، ثوبا منها، وارتدى هو بثوب، فأتاه سائل وهو ذاهب إلى المسجد فسأله، فقال: اعطه ياابا حمزة ثوبك، قال: فقلت له: أمشي بغير رداء.

فلم يزل بي حتى اعطيته، ثم مشى السائل معه حتى إذا أتى منزله نزع رداء‌ه وقال أئتزر برداء أبي حمزة وارتد بهذا فتبعته فاشتريت الثوبين منه بدينارين وأتيته بهما، فقال: بكم اشتريتهما؟ قلت: بدينارين، فأرسل إلى السائل يدعوه، فقلت له: امرأتي طالق إن رددتهما عليه او دعوته، فحين حلفت تركه،

[292]

حدثني علي بن إبراهيم، قال.

حدثنا جعفر بن احمد، قال: حدثني هاشم ابن قريش، قال: أتى رجل الحسين بن علي صاحب فخ فسأله، فقال: ما عندي شئ اعطيكه ولكن اقعد فان حسنا اخي يجئ فيسلم علي فاذا جاء فقم فخذ الحمار فلم يكن اسرع من ان جاء الحسن فنزل عن الحمار وقاده الغلام، وكان الحسن مكفوفا فأشار الحسين إلى الرجل ان قم فخذ الحمار، فجاء اليه ليأخذه فمنعه الغلام فأشار اليه الحسين ان يدفعه اليه فدفعه اليه، فمضى الرجل وقعد الحسن عنده فتحدث ما شاء الله ثم وثب فقال ياغلام قدم الحمار، فقال: جعلت فداك، أمرني اخوك ان ادفعه إلى رجل فدفعته اليه، فأدار وجهه إلى اخيه وقال: جعلت فداك اعرت ام وهبت؟ بل والله ما ارى مثلك يعير، ياغلام قدني.

حدثني علي بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هشام، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني حمدون الفرا، قال: ركب الحسين بن علي صاحب فخ، دين كثير فقال لغرمائه: الحقوني إلى باب المهدي، وخرج فجاء إلى باب المهدي فقال لآذنه: ابن عمك الينبعي على الباب، قال: وكان راكبا على جمل، فقال له ويلك، ادخله على جمله، فأدخله حتى أناخه في وسط الدار، فوثب المهدي فسلم عليه وعانقه واجلسه إلى جنبه، وجعل يسأله عن اهله، ثم قال: يابن عم ماجاء بك؟ قال: ما جئت وورائي احد يعطيني درهما، قال: أفلا كتبت الينا، قال: أحببت أن أحدث بك عهدا، فدعا المهدي ببدرة دنانير، وبدرة من دراهم وتخت من ثياب حتى دعا له بعشر بدر دنانير، وعشر بدر دراهم وعشرة تخوت فدفعها اليه، وخرج فطرح ذلك في دار ببغداد، وجاء غرماؤه فكان يقول للواحد: كم لك علينا؟ فيقول: كذا وكذا، فيزن له، ثم يدخل يده في تلك الدراهم والدنانير فيقول: هذا صلة منا لك، فلم يزل حتى لم يبق من ذلك المال إلا شئ يسير، ثم انحدر إلى الكوفة يريد المدينة فنزل قصر ابن هبيرة في خان، فقيل لصاحب الخان هذا رجل من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذ له سمكا فشواه وجاء

[293]

به ومعه رقاق وقال له: لم اعرفك يابن رسول الله، فقال لغلامه كم بقي معك من ذلك المال؟ قال شئ يسير والطريق بعيد، قال: إدفعه اليه، فدفعه اليه.

حدثنا علي بن إبراهيم العلوي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم المقري، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم الواسطي قال: جاء رجل إلى الحسين بن علي صاحب فخ فسأله فلم يكن عنده شئ‌فأقعده وبعث إلى اهل داره من اراد ان يغسل ثيابه فليخرجها، فأخرجوا ثيابهم ليغسلوها فلما اجتمعت قال للرجل: خذها.

حدثني علي بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن خليفة الخزاعي، قال: عاتب رجل الحسين بن علي صاحب فخ في سنة تسع وستين ومائة وقال: عليك دين سبعون الف دينار فقال: اخذت من المزرفن - يعني المقير زيتا بألف دينار فجعل الرجل يجيئني والمرأة فأعطوا الزق والزقين حتى لم يبق شئ، ثم قلت له: ما اخذه منك فلان من شئ فاحسبه علي، فأخذ منه عشرة آلاف، فكنت اقول له ما هذا؟ حدثني علي بن إبراهيم، قال حدثنا احمد بن حمدان بن إدريس، قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن ابي العلاء قال: حدثني كردي بن يحيى، عن الحسن ابن هذيل، قال: كنت اصحب الحسين بن علي صاحب فخ فقدم إلى بغداد فباع ضيعة له بتسعة آلاف دينار، فخرجنا فنزلنا سوق اسد فبسط لنا على باب الخان فأتى رجل معه سلة فقال له: مر الغلام يأخذ مني هذه السلة، فقال له: وما انت؟ قال: انا اصنع الطعام الطيب فاذا نزل هذه القرية رجل من اهل المروء‌ة اهديته اليه، قال: ياغلام خذ السلة منه، وعد الينا لتأخذ سلتك، قال: ثم اقبل علينا رجل عليه ثياب رثة فقال: اعطوني مما رزقكم الله، فقال لي الحسين: إدفع اليه السلة وقال له: خذ ما فيها ورد الاناء، ثم اقبل علي وقال: إذا رد السائل السلة فادفع اليه خمسين دينارا، واذا جاء صاحب السلة فادفع اليه مائة دينارا فقلت إبقاء

[294]

مني عليه: جعلت فداك، بعت عينا لك لتقضي دينا عليك فسألك سائل فأعطيته طعاما هو مقنع له، فلم ترضى حتى أمرت له بخمسين دينار، وجاء‌ك رجل بطعام لعله يقدر فيه دينارا او دينارين، فأمرت له بمائة دينار.

فقال: ياحسن إن لنا ربا يعرف الحسنات، اذا جاء السائل فادفع له مائة دينار، واذا جاء صاحب السلة فادفع اليه مائتي دينار، والذي نفسي بيده إني لاخاف أن لا يقبل مني، لان الذهب والفضة والتراب عندي بمنزلة واحدة.

ذكر مقتله رضوان الله عليه ورحمته

حدثني به جماعة من الرواة منهم: احمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي وعلي بن إبراهيم العلوي، وغيرهما ممن كتبت الشئ عنه من اخباره متفرقا، أو رواه لي مجتمعا، قال: احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي، عن ابيه، قال، وحدثني احمد بن سليمان بن ابي شيخ، وعمر بن شبة النميري، عن ابيه قال، وحدثني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور، ونسخت أيضا من أخباره ما وجدته بخط احمد بن الحرث الخراز.

وحدثنا علي بن العباس المقانعي، قال: حدثنا محمد بن الحسن المزني، قال: حدثنا احمد بن الحسن بن مروان، قال: قرأ على هذه الاخبار عبدالعزيز بن عبدالملك الهاشمي، قال علي بن إبراهيم، قال الحسن بن محمد المزني، حدثني علي بن محمد بن إبراهيم عن بكر بن صالح، عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري وقد دخل حديث بعضهم في حديث الباقين، واحدهم يأتي بالشئ لا يأتي به الآخر، وقد أثبت جميع رواياتهم في ذلك، إلا ما لعله أن يخالف المعنى خلافا بعيدا فأفرده، قالوا: كان سبب خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن موسى الهادي ولى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي، فاستخلف عليهارجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبدالعزيز بن عبدالله، فحمل على الطالبيين واساء

[295]

اليهم، وافرط في التحامل عليهم، وطالبهم بالعرض كل يوم، وكانوا يعرضون في المقصورة، واخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه ونسيبه فضمن الحسين بن علي ويحيى ابن عبدالله بن الحسن، الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن، ووفى أوائل الحاج وقدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا، فنزلوا دار ابن افلح بالبقيع وأقاموا بها، ولقوا حسينا وغيره، فبلغ ذلك العمري فأنكره، وكان قد اخذ قبل ذلك الحسن ابن محمد بن عبدالله، وابن جندب الهذلي الشاعر، ومولى لعمر بن الخطاب، وهم مجتمعون، فأشارع انه وجدهم على شراب، فضرب الحسن ثمانين سوطا، وضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا، وضرب مولى عمر سبعة أسواط، وأمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم.

فبعثت اليه الهاشمية صاحبة الراية السوداء في ايام محمد بن عبدالله فقالت له: لا ولاكرامة لا تشهر احدا من بني هاشم وتشنع عليهم وأنت ظالم.فكف عن ذلك وخلى سبيلهم.

رجع الحديث إلى خبر الحسين.

قالوا: فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار ابن أفلح اغلظ العمري أمر العرض، وولى على الطالبيين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسى الحائك مولى الانصار فعرضهم يوم جمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتى بدأ أوائل الناس يجيئون إلى المسجد، ثم أذن لهم فكان قصارى احدهم ان يغدو ويتوضأ للصلاة ويروح إلى المسجد، فلما صلوا حبسهم في المقصورة إلى العصر ثم عرضهم فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر، فقال ليحيى والحسين بن علي: ليأتياني به او لاحبسنكما فان له ثلاثة أيام لم يحضر العرض ولقد خرج او تغيب، فراده بعض المرادة وشتمه يحيى، وخرج فمضى ابن الحائك هذا فدخل على العمري فأخبره فدعا بهما فوبخهما وتهددهما، فتضاحك الحسين في وجهه وقال: أنت مغضب ياأباحفص فقال له العمرى: أتهزأ بي وتخاطبني بكنيتي؟ فقال له: قد كان ابوبكر وعمر، وهما خير منك، يخاطبان بالكنى فلا ينكران ذلك وأنت تكره الكنية وتريد المخاطبة بالولاية.

[296]

فقال له: آخر قولك شر من أوله.

فقال: معاذ الله، يأبى الله لي ذلك ومن أنا منه.

فقال له: أفأنما أدخلتك إلي لتفاخرني وتؤذيني؟ فغضب يحيى بن عبدالله فقال له: فما تريد منا؟ فقال: أريد أن تأتياني بالحسن بن محمد.

فقال: لا نقدر عليه، هو في بعض ما يكون فيه الناس، فابعث إلى آل عمر ابن الخطاب فاجمعهم كما جمعتنا، ثم اعرضهم رجلا رجلا فان لم تجد فيهم من قد غاب أكثر من غيبة الحسن عنك فقد أنصفتنا، فحلف على الحسين بطلاق امرأته وحرية مماليكه أنه لا يخلي عنه أو يجيئه به في باقي يومه وليلته، وأنه إن لم يجئ به ليركبن إلى سويقة فيخربها ويحرقها، وليضربن الحسين الف سوط، وحلف بهذه اليمين إن وقعت عينه على الحسن بن محمد ليقتلنه من ساعته.

فوثب يحيى مغضبا فقال له: أنا أعطي الله عهدا، وكل مملوك لي حر إن ذقت الليلة نوما حتى آتيك بالحسن بن محمد أولا اجده، فأضرب عليك بابك حتى تعلم أني قد جئتك.

وخرجا من عنده وهما مغضبان، وهو مغضب، فقال الحسين ليحيى بن عبدالله: بئس لعمر الله ما صنعت حين تحلف لتأتينه به، وأين تجد حسنا؟ قال: لم أرد أن آتيه بالحسن والله، وإلا فأنا نفي من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي عليه السلام بل أردت إن دخل عيني نوم حتى أضرب عليه بابه ومعي السيف، إن قدرت عليه قتلته.

فقال له الحسين: بئسما تصنع تكسر علينا أمرنا.

قال له يحيى: وكيف أكسر عليك أمرك، وإنما بيني وبين ذلك عشرة ايام حتى تسير إلى مكة، فوجه الحسين إلى الحسن بن محمدفقال: يابن عمي، قد بلغك ما كان بيني وبين هذا الفاسق، فامض حيث أحببت.

[297]

فقال الحسن: لا والله يابن عمي، بل أجئ معك الساعة حتى اضع يدي في يده.

فقال له الحسين: ما كان الله ليطلع علي وانا جاء إلى محمد صلى الله عليه وآله وهو خصمي وحجيجي في دمك، ولكن اقيك بنفسي لعل الله أن يقيني من النار.

قال: ثم وجه، فجاء‌ه يحيى، وسليمان، وإدريس، بنو عبدالله بن الحسن وعبدالله بن الحسن الافطس، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا وعمر بن الحسن بن علي ابن الحسن بن الحسين بن الحسن، وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي، وعبدالله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ووجهوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم، فاجتمعوا ستة وعشرين رجلا من ولد علي، وعشرة من الحاج، ونفر من الموالي.

فلما اذن المؤذن للصبح دخلوا المسجد ثم نادوا: " أحد، أحد " وصعد عبدالله بن الحسن الافطس المنارة التي عند رأس النبي - صلى الله عليه وآله - عند موضع الجنائز فقال للمؤذن: أذن بحي على خير العمل، فلما نظر إلى السيف في يده اذن بها وسمعه العمري فأحس بالشر ودهش، وصاح: اغلقوا البغلة الباب واطعموني حبتي ماء.

قال علي بن إبراهيم في حديثه: فولده إلى الآن بالمدينة يعرفون ببني حبتي ماء.

قالوا: ثم اقتحم إلى دار عمر بن الخطاب وخرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم بن عمر، ثم مضى هاربا على وجهه يسعى ويضرط حتى نجا، فصلى الحسين بالناس الصبح ودعا بالشهود العدول الذين كان العمري اشهدهم عليه أن يأت، بالحسن اليه ودعى بالحسن وقال للشهود: هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري وإلا والله خرجت من يميني ومما علي.

ولم يتخلف عنه احد من الطالبيين إلا الحسن بن جعفر ابن الحسن بن الحسن، فانه استعفاه فلم يكرهه.

وموسى بن جعفر بن محمد.

فحدثني علي بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني حمدان بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن

[298]

الحسين بن الفرات، قال: حدثني عنيزة القصباني، قال: رأيت موسى بن جعفر بعد عتمة وقد جاء إلى الحسين صاحب فخ، فانكب عليه شبه الركوع وقال: أحب أن تجعلني في سعة وحل من تخلفي عنك، فأطرق الحسين طويلا لا يجيبه، ثم رفع رأسه اليه فقال: انت في سعة.

حدثني علي بن إبراهيم، قال: حدثني جعفر بن محمد الفزاري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا عنيزة القصباني بهذا: رجع الحديث إلى حيث انتهى من قصصهم.

قال: وقال الحسين لموسى بن جعفر في الخروج فقال له: إنك مقتول فأحد الضراب فان القوم فساق يظهرون إيمانا، ويضمر ون نفاقا وشركا، فانا لله وإنا اليه راجعون.

وعند الله عزوجل أحتسبكم من عصبة.

قال: وخطب الحسين بن علي بعد فراغه من الصلاة فحمد الله واثنى عليه وقال: أنا ابن رسول الله، على منبر رسول الله، وفي حرم رسول الله، ادعوكم إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله - أيها الناس: أتطلبون آثار رسول الله في الحجر والعود، وتتمسحون بذلك، وتضيعون بضعة منه ! فقال الراوي للحديث: فقلت في نفسي قولا أسره: إنا لله ما صنع هذا بنفسه.

قال: وإلى جنبي عجوز مدنية فقالت: اسكت ويلك، الابن رسول الله تقول هذا؟ قلت يرحمك الله والله ما قلت هذا إلا للاشفاق عليه.

قالوا: فأقبل خالد البربري وكان مسلحة للسلطان بالمدينة في السلاح ومعه اصحابه حتى وافوا باب المسجد الذي يقال له: باب جبرائيل، فنظرت إلى يحيى ابن عبدالله قد قصده وفي يده السيف فأراد خالد أن ينزل فبدره يحيى فضربه على جبينه، وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة، فقطع ذلك كله وأطار قحف رأسه

[299]

وسقط عن دابته، وحمل على أصحابه فتفرقوا وانهزموا.

وحج في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة للزيارة فبلغه خبر الحسين فبعث اليه من الليل: إنى والله ما احب ان تبتلي بي ولا ابتلي بك، فابعث الليلة إلي نفرا من اصحابك ولو عشرة يبيتون عسكري حتى انهزم واعتل بالبيات، ففعل ذلك الحسين، ووجه عشرة من اصحابه فجعجعوا بمبارك وصيحوا في نواحي عسكره فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده فمضى به حتى انتهى إلى مكة.

وحج في تلك السنة العباس بن محمد، وسليمان بن أبي جعفر، وموسى بن عيسى، فصار مبارك معهم، واعتل عليهم بالبيات.

وخرج الحسين بن علي قاصدا إلى مكة ومعه من تبعه من اهله ومواليه واصحابه وهم زهاء ثلاثمائة، واستخلف على المدينة دينار الخزاعي، فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ وبلدح تلقتهم الجيوش فعرض العباس على الحسين الامان والعفو والصلة فأبى ذلك اشد الاباء.

قال الحسين بن محمد: وحدثني سليمان بن عبادقال: لما أن رأى الحسين المسودة اقعد رجلا على جمل، معه سيف يلوح به والحسين يملي عليه حرفا حرفا يقول: ناد فنادى: يامعشر الناس، يامعشر المسودة، هذا الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وآله، وابن عمه، يدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال الحسن: وحدثني محمد بن مروان عن أرطاة، قال لما كانت بيعة الحسين ابن علي صاحب فخ قال: ابايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله، وعلى ان يطاع الله ولا يعصى، وادعوكم إلى الرضا من آل محمد وعلى ان نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، والعدل في الرعية، والقسم بالسوية، وعلى أن تقيموا معنا وتجاهدوا عدونا فان نحن وفينالكم وفيتم لنا، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم.

قال الحسن بن محمد في حديثه: فحدثني كثير بن إسحاق بن إبراهيم قال:

[300]

سمعت الحسين ليلة جمعة ونحن ببطن مر، ولقينا عبيد بن يقطين، ومفضل الوصيف وهما في سبعين فارسا، والحسين راكب على حمار إدريس بن عبدالله وهو يقول: يااهل العراق، إن خصلتين إحدهما الجنة لشريفتان، والله لو لم يكن معي غيري لحاكمتكم إلى الله عزوجل حتى الحق بسلفي.

رجع الحديث إلى أوله.

قال: ولقيته الجيوش بفخ وقادها: العباس بن محمد، وموسى بن عيسى، وجعفر ومحمد ابنا سليمان، ومبارك التركي، ومنارة، والحسن الحاجب والحسين ابن يقطين، فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة، وموسى في الميسرة، وسليمانبن أبي جعفر والعباس ابن محمد في القلب.

فكان أول من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم، فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل اكثر اصحاب الحسين.

وجعلت المسودة تصيح للحسين: ياحسين، لك الامان فيقول: ما اريد الامان، ويحمل عليهم حتى قتل.

وقتل معه سليمان بن عبدالله بن الحسن، وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن وأصابه الحسن بن محمد بنشابة في عينه وتركها في عينه، وجعل يقاتل اشد القتال، فناداه محمد بن سليمان: يابن خال، اتق الله في نفسك ولك الامان.

فقال: والله مالكم أمان ولكني اقبل منكم، ثم كسر سيفا هنديا كان في يده، ودخل اليهم، فصاح العباس بن محمد بابنه عبدالله: قتلك الله إن لم تقتله، ابعد تسع جراحات تنتظر هذا؟ فقال له موسى بن عيسى: إي والله عاجلوه ! فحمل عليه عبيدالله فطعنه، وضرب العباس ابن محمد عنقه بيده صبرا، ونشبت الحرب بين العباس بن محمد، ومحمد بن سليمان وقال: أمنت ابن خالي فقتلتموه فقالوا: نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه.

وذكر احمد بن الحرث في روايته: أن موسى بن عيسى هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد.

[301]

قال احمد بن الحرث: وحدثني يزيد بن عبدالله الفارسي، قال: كان حماد التركي ممن حضر وقعة فخ، فقال للقوم:أروني حسينا، فأروه إياه، فرماه بسهم فقتله فوهب له محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب.

قالوا: وغضب موسى على مبارك التركي لانهزامه عن الحسين وحلف ليجعلنه سائسا.

وغضب على موسى في قتله الحسن بن محمد صبرا وقبض اموالهم.

وكان يقول: متى توافي فاطمة اخت الحسين بن علي؟ والله لاطرحنها إلى السواس، فمات قبل أن يوافي بها.

حدثني علي إبراهيم العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم، قال: حدثني محمد بن منصور عن القاسم بن أبراهيم، عمن ذكره، قال: رأيت الحسين صاحب فخ وفد دفن شيئا، فظننت انه شئ له مقدار، فلما كان من أمره ما كان نظرنا فاذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه ثم عاد فكر عليهم.

قال الحسن: وحدثني محمد بن منصور، قال: حدثني مصفى بن عاصم، قال: حدثني سليمان بن إسحاق القطان، قال: حدثني ابوالعرجا الجمال: أن موسى بن عيسى دعاه فقال له: احضرني جمالك.

قال: فجئته بمائة جمل ذكر، فختم اعناقها وقال: لا افقد منها وبرة إلا ضربت عنقك، ثم تهيأ للمسير إلى الحسين صاحب فخ فسار حتى اتينا بستان بني عامر فنزل فقال لي: إذهب إلى عسكر الحسين حتى تراه وتخبرني بكل ما رأيت.فمضيت فدرت فما رأيت خللا ولا فللا.

ولا رأيت إلا مصليا او مبتهلا، او ناظرا في مصحف أو معد للسلاح قال: فجئته فقلت: ما اظن القوم إلا منصورين.

فقال: وكيف ذاك يابن الفاعلة؟ فأخبرته فضرب يدا على يد وبكى حتى ظننت انه سينصرف ثم قال: هم والله اكرم عند الله، واحق بما في ايدينا منا، ولكن الملك عقيم، ولو ان صاحب القبر - يعني النبي صلى الله عليه وآله - نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف، ياغلام.اضرب بطبلك، ثم سار اليهم، فوالله ما انثنى عن قتلهم.

[302]

رجح الحديث إلى حيث انقطع.

قالوا: جاء الجند بالرؤس إلى موسى، والعباس، وعندهم جماعة من ولد الحسن والحسين، فلم يتكلم احد منهم بشئ إلا موسى بن جعفر فقال له: هذا رأس الحسين.

قال: نعم أنا لله وإنا اليه راجعون، مضى والله مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، ما كان في اهل بيته مثله.فلم يجيبوه بشئ.

قال: وحملت الاسرى إلى موسى الهادى، وفيهم العذافر الصيرفي، وعلي بن سابق القلانسي، ورجل من ولد الحاجب بن زارة، فأمر بهم فضربت اعناقهم، ومن بين يديه رجل آخر من الاسرى واقف، فقال انا مولاك ياامير المؤمنين فقال: مولاي يخرج علي، ومع موسى سكين، فقال: والله لاقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا قال: وغلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم مات، وسلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه.

فحدثني احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: قال احمد بن الحارث، عن عمر ابن خلف الباهل،، عن بعض الطالبيين، قال: لما قتل اصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة، وامر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتى لم يبق احد، فقال بقي احد قيل له: موسى بن عبدالله.

واقبل موسى بن عبدالله على اثر ذلك، وعليه مدرعة وإزار غليظ، وفي رجليه نعلان من جلود الاء‌بل، وهو اشعث اغبر حتى قعد مع الناس ولم يسلم عليه، وإلى جنبه السري بن عبدالله من ولد الحرث بن العباس بن عبدالمطلب، فقالو لموسى بن عيسى: دعني اكشف عليه باله، واعرفه نفسه.

قال أخافه عليك.

قال: دعني، فأذن له فقال له ياموسى.

قال أسمعت فقل.

قال: كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم.

فقال موسى اقول في ذلك:

[303]

بني عمنا ردوا فضول دمائنا***ينم ليلكم اولا يلمنا اللوائم

فانا وإياكم وما كان بيننا*** كذي الدين يقضي دينه وهو راغم.

فقال السري: والله ما يزيدكم البغي إلا ذلة، ولو كنتم مثل بني عمكم سلمتم - يعني موسى بن جعفر - وكنتم مثله، فقدعرف حق بني عمه وفصلهم عليه فهو لا يطلب ما ليس له.

فقال له موسى بن عبدالله:

فان الاولى تثني عليهم تعيبني*** اولاك بنو عمي وعمهم ابي

فانك إن تمدحهم بمديحة*** تصدق وإن تمدح اباك تكذب

قالوا: ولما بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ عمد إلى داره ودور أهله فحرقها وقبض اموالهم ونخلهم، فجعلها في الصوافي المقبوضة.

ذكر من خرج مع الحسين

صاحب فخ حدثني أحمد بن عبيدالله بن عمار، قال: قال احمد الحارث الخراز، حدثني المدائني قال: خرج مع الحسين صاحب فخ من اهل بيته: يحيى، وسليمان، وإدريس بنو عبدالله بن الحسن بن الحسن، وعلي بن إبراهيم بن الحسن بمكة، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا، والحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن، وعبدالله، وعمر ابنا إسحاق بن الحسن بن علي بن الحسين.وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن.

هؤلاء من ذكره المدائني وقد ذكرت في صدر خبرالحسين اسماء من خرج معه من اهله وفيهم زيادة على هذا كرهنا إعادتها حدثني علي بن ابراهيم العلوي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن سابور قال حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثني يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدثنا سعيد ابن خيثم، قال: كنت مع الحسين صاحب فخ، انا، وعلي بن هشام بن البريد ويحيى بن يعلى.

حدثني علي بن ابراهيم قال حدثني جعفر بن محمد الفزاري، قال: حدثني علي بن احمد الباني، قال: سمعت محمد بن ابراهيم صاحب ابي السرايا بالكوفة يقول لعامر بن كثير السراج: خرجت مع الحسين بن علي صاحب فخ؟ قال: نعم.

حدثناعلي بن العباس، قال حدثنا الحسن بن محمد، عن احمد بن كثير الذهبي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق القطان، قال سمعت الحسين.

علي ويحيى ابن عبدالله يقولان: ما خرجنا حتى شاورنا اهل بيتنا، وشاورنا موسى بن جعفر فأمرنا بالخروج.

[305]

حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا ابن ابي ليلى محمد بن عمران، قال: حدثني نصر الخفاف، قال: اصابتني ضربة وانا مع الحسين بن علي صاحب فخ فبرت اللحم والعظم، فبت ليلتي اعوي منها، وانا اخاف ان يجيئوني فيأخذوني اذا سمعوا الصوت، فغلبني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وقد جاء فأخذ عظما فوضعه على عضدي، فأصبحت وما اجد من الوجع قليلا ولا كثيرا.

حدثني احمد بن عبيدالله، عن الخراز، عن المدائني، عن عمر بن مساور الاهوازي، قال: اخبرني جماعة من موالي محمد بن سليمان: انه لماحضرته الوفاة جعلوا يلقنونه الشهادة وهو يقول:

ألا ليت أمي لم تلدني ولم اكن*** لقيت حسينا يوم فخ ولا الحسن

فجعل يرددها حتى مات.

قال ابوالفرج الاصبهاني: حكى هذه الحكاية بعض مشايخنا على هذا وخالف في روي البيت وقال فيه:

ألا ليت امي لم تلدني***ولم اشهد حسينا يوم فخ

قال: وكان محمداذا رأى اخاه جعفرا يئن وينشد هذا البيت:

ألا ليت امي لم تلدني*** ولم اشهد حسينا يوم فخ

ومما رثى به الحسين بن علي من الشعر: حدثني احمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن العلوي، قال: قال عيسى بن عبدالله يرثى الحسين صاحب فخ:

فلابكين على الحسين*** بعولة وعلى الحسن

وعلي ابن عاتكة الذي***اثووه ليس بذي كفن

تركوا بفخ غدوة *** في غير منزلة الوطن

كانوا كراما فانقضو*** لا طائشين ولا جبن

غسلوا المذلة عنهم ***غسل الثياب من الدرن

[306]

هدي العباد بجدهم*** فلهم على الناس المنن

فحدثني علي بن إبراهيم العلوي عن نفسه، او رواه عن غيره، أنا أشك، قال: رأيت في النوم رجلا يسألني ان انشده هذه الابيات فأنشدته إياها فقال لي زد فيها:

قوم كرام سارة*** منهم ومن هم ثم من

حدثني احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: قال احمد بن الحارث، وحدثني المدائني، قال: حدثني ابوصالح الفزاري، قال: سمع على مياه غطفان كلها ليلة قتل الحسين صاحب فخ هاتف يهتف ويقول:

ألا يالقومي للسواد المصبح*** ومقتل أولاد النبي ببلدح

ليبك حسينا كل كهل وامرد*** من الجن إن لم يبكك من الانس نوح

فإنى لجني وإن معرسي*** لبلبرقة السوداء من دون زحزح

فسمعها الناس لا يدرون ما الخبر حتى اتاهم قتل الحسين.

أنشدني احمد بن عبدالله بن عمار، قال: انشدني عمر بن شبة، قال: أنشدني سليمان بن داود بن علي العباسي لابيه يرثى من قتل بفخ.

وانشدنيها احمد بن سعيد، قال انشدنا يحيى بن الحسن، قال أنشدني موسى ابن داود السلمي لابيه يرثيهم، فلا ادري الوهم ممن هو:

ياعين ابكي بدمع منك منهمر***فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن

[307]

صرعى بفخ تجر الريح فوقهم***أذيالها وغوادي الدلج المزن

حتى عفت اعظم لو كان شاهدها*** محمد ذب عنها ثم لم تهن

ماذا يقولون والماضون قبلهم*** على العداوة والبغضاء والاحن

ماذا يقولون إن قال النبي لهم: *** ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن؟

لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا*** ولا ربيعة والاحياء من يمن

ياويحهم كيف لم يرعوا لهم حرما*** وقد رعى الفيل حق البيت ذى الركن