![]() |
ادريس بن عبدالله
وإدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه عاتكة بنت عبدالملك بن الحرث الشاعر بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي.
وفي خالد بن العاص يقول الشاعر: لعمرك إن المجد ما عاش خالد * على الغمر من ذي كندة لمقيم يعني غمر ذي كندة وهو موضع كان ينزله.
وقد ذكره عمر بن ابي ربيعة في شعره فقال:
إذا سلكت غمر ذي كندة***مع الصبح قصدا لهاالفرقد
يمر بك العصران يوم وليلة***فما احدثا إلا وأنت كريم
وتندى البطاح البيض من جود خالد***وتخصب حتى نبتهن عميم
حدثني بخبره احمد بن عبيدالله بن عمار، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثني أبي وغيره من أهلي، وحدثني به أيضا علي بن إبراهيم العلوي، قال: كتب إلي محمد بن موسى يخبرني عن محمد بن يوسف عن عبدالله بن عبدالرحيم بن عيسى: أن إدريس بن عبدالله بن الخسن بن الحسن افلت من وقعة فخ ومعه مولى يقال له راشد فخرج به في جملة حاج مصر وأفريقية وكان إدريس يخدمه ويأتمر له حتى أقدمه مصر فنزلها ليلا فجلس على باب رجل من موالي بني العباس فسمع كلامهما وعرف الحجازية فيهما فقال اظنكما عربيين.
قالا: نعم.
قال: وحجازيين.
قالا نعم.
فقال له راشد: اريد ان القي اليك أمرنا على أن تعاهد الله أنك تعطينا خلة من خلتين: اما ان تؤوينا وتؤمننا، وإما سترت علينا امرنا حتى نخرج من هذاالبلد.
قال: افعل: فعرفه نفسه وإدريس ابن عبدالله، فأواهما وسترهما.
وتهيأت قافلة إلى إفريقية فأخرج معها راشدا إلى الطريق وقال له: إن على الطريق مسالح ومعهم اصحاب اخبار تفتش كل من يجوز الطريق، واخشى أن يعرف، فأنا امضي به معي على غير الطريق حتى أخرجه عليك بعد مسيرة ايام، وهناك تنقطع المسالح.
ففعل ذلك وخرج به عليه فلما قرب من إفريقية ترك القافلة ومضى مع راشد حتى دخل بلد البربر في مواضع منه يقال لها فاس وطنجة، فأقام بها واستجابت له البربر.
وبلغ الرشيد خبره فغمه، فقال النوفلي خاصة في حديثه وخالفه علي بن إبراهيم وغيره فيه، فشكا ذلك إلى يحيى بن خالد فقال: أنا أكفيك أمره.
ودعا سليمان بن جرير الجزري، وكان من متكلمي الزيدية البترية ومن اولى الرياسة فيهم، فأرغبه ووعده عن الخليفة بكل ما احب على أن يحتال لادريس حتى يقتله، ودفع اليه غالية مسمومة، فحمل ذلك وانصرف من عنده، فأخذ معه صاحبا له، وخرج يتغلغل في البلدان حتى وصل إلى إدريس ابن عبدالله فمت اليه بمذهبه وقال: إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي، فجئتك فأنس به واجتباه، وكان ذا لسان وعارضة، وكان يجلس في مجلس البربر فيحتج للزيدية ويدعو إلى اهل البيت كما كان يفعل، فحسن موقع ذلك من إدريس إلى أن وجد فرصة لادريس فقال له: جعلت فداك، هذه قارورة غالية حملتها اليك من العراق، ليس في هذا البلد من هذا الطيب شئ.
فقبلها وتغلل بها وشمها وانصرف سليمان إلى صاحبه، وقد اعد فرسين، وخرجا يركضان عليهما.
وسقط إدريس مغشياعليه من شدة السم فلم يعلم من بقربه ما قصته.
وبعثوا إلى راشد مولاه فتشاغل به ساعة يعالجه وينظر ما قصته، فأقام إدريس في غشيته هاته نهاره حتى قضى عشيا، وتبين راشد امر سليمان فخرج في جماعة يطلبه فما لحقه غير راشد
وتقطعت خيل الباقين، فلما لحقه ضربه ضربات منها على رأسه ووجهه، وضربة كتعت اصابع يديه وكان بعد ذلك مكتعا.هذه رواية النوفلي.
وذكر علي بن إبراهيم، عن محمد بن موسى أن الرشيد وجه اليه الشماخ مولى المهدي، وكان طبيبا، فأظهر له انه من الشيعة وأنه طبيب، فاستوصفه فحمل اليه سنونا وجعل فيه سما، فلمااستن به جعل لحم فيه ينتثر وخرج الشماخ هاربا حتى ورد مصر.
وكتب ابن الاغلب إلى الرشيد بذلك، فولى الشماخ بريد مصر واجازه.
حدثني احمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال: حدثني داود بن القاسم الجعفري: أن سليمان بن جرير أهدى إلى إدريس سمكة مشوية مسمومة فقتله، رضوان الله عليه ورحمته.
قالوا: وقال رجل من اولياء بني العباس يذكر قتل إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
أتظن ياإدريس انك مفلت***كيد الخليفة او يقيك فرار
فليدركنك او تحل ببلدة*** لا يهتدي فيها اليك نهار
إن السيوف إذا انتضاها سخطه*** طالت وتقصر دونها الاعمار
ملك كأن الموت يتبع أمره***حتى يقال تطيعه الاقدار
قال ابن عمار: وهذا الشعر عندي يشبه شعر اشجع بن عمر والسلمي واظنه له قال ابوالفرج الاصبهاني: هذا الشعر لمروان بن ابي حفصة، أنشدنيه علي ابن سليمان الاخفش له.
قالوا: ورجع راشدإلى الناحية التي كان بها إدريس مقيما فدفنه، وكان له حمل فقام له راشد بأمر المرأة حتى ولدت، فسماه باسم ابيه إدريس، وقام بأمر البربر حتى كبر ونشأ فولي امرهم احسن ولاية وكان فارسا شجاعا جوادا شاعرا وأنا اذكر خبره في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى.
![]() |