أئمة النار ] 39] و الطاغوت حينما يبني القصور ، أو يجمع المال و السلاح ، يتصور أنه صار
عظيما ، و هذا الشعور هو الذي يصنع بينه و بين الحقيقة حجابا .
[ و استكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق ]
لم يكن العجز في رسالة موسى - حاشا لله - فهي آيات بينات ، و لكنهم أعرضوا عنها ، و زعموا أنهم أولوا كبرياء ، و لم يكونوا على حق ، و سبب الاستكبار هو عدم اعتقادهم بالبعث .
[ و ظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ]
[ 40] و كان جزاء هذا الاستكبار هو الاهانة ، لكي يعرفوا أنفسهم على حقيقتها .
= 5= [ فأخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم ]
و هذه العاقبة ، حذر منها نبي الله موسى (ع) من أول يوم ، و جاء عليها بالبراهين والآيات ، و كان ينبغي لفرعون و جنوده ان يعقلوها ، و هذا هو الهدف السامي من نعمة العقل : ان يتعرف به الإنسان على سنن الله ، و عواقب الأمور و يعمل على هدى الوحي و العقل ، لكن هؤلاء استكبروا على الحقيقة .
[ فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ]
لقد أكد نبي الله (ع) " انه لا يفلح الظالمون " و جاء القرآن بالواقع العملي لهذه السنة الإلهية من خلال قصة فرعون و جنوده ، حتى أن السياق القرآني و صفهم بالإستكبار وليس بالظلم ، إلا انه قال : " فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " حتى تجد انت أيها القارىء الترابط بين الآيتين ، وان هذه شاهد على تلك .
و ليست هذه الحقيقة بعيدة عن واقعنا ، فالله يقول : " فانظر " لكي لا تتصور انت أيها الذي تقرأ القرآن ، بأنك بعيد عن هذه السنن ، أو أنها تختص بذلك الزمان ، و هذه من مميزات الأسلوب القرآني في التربية . اذ يشد الإنسان اليه ، و يحمله مسؤوليةالنظر ، و التفكر ، و البحث المنهجي .
[ 41] و يؤكد القرآن الحقيقة الآنفة اذ يقول :
[ و جعلناهم أئمة يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون ]المسألة اذن ليست مسألة شخص فرعون ، بل هو خط في الحياة ، و في آية قرآنية أخرى يقول تعالى : " و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون (1) و ذلك حتى نعرف بأن في الحياة خطين هما : خط الحق المتمثل في رسالات الأنبياء وأئمــة الهــدى ، و خط الباطل المتمثل في الثقافة الجاهلية و الطواغيت ، و انا الذي اقرأ القرآن أو الذي أعيش في هذا العصر يمكنني أن أكون من الظالمين أو معهم ، فيكون مصيري كمصير فرعون و جنده ، و يمكنني أن أكون مع المؤمنين و منهم ، فتكون لي عاقبة الدار .
و هذه السلطات الفاسدة اليوم هي الإمتداد الفعلي لخط فرعون ، بينما تمثل الحركات الرسالية و العلماء الربانيون الامتداد المبارك لخط الأنبياء (ع) .
[ 42] و الطغاة ليس ينالون جزاءهم في الآخرة و حسب ، بل يتحولون الى لعنة على ألسن الناس في الدنيا ، و يبعدون عن رحمة الله .
[ و اتبعناهم في هذه الدنيا لعنة و يوم القيامة هم من المقبوحين ](1) الانبياء / 73 .
انهم يحشرون بوجوه قبيحة ، لأن الجزاء من جنس العمل ، فهذه الوجوه طالما دأبوا على تلميعها ، وتجميلها عبر وسائل الإعلام في الدنيا ، فجزاهم الله بتقبيحها في الآخرة .
|