فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


هكذا يصطفي الله الدعاة اليه
هدى من الآيات

في سياق الآيات التي جاءت في سورة الحج يذكرنا ربنا تعالى بأسمائه الحسنى التي لما عرفنا اسما جديدا منها كلما ازددنا ايمانا بالله و معرفة به و بما خلق ، و كلما ازداد الانسان معرفة بالخالق و المخلوق كلما كان اكثر استقامة و هدى .

ان المحور الاساسي الذي تلتقى فيه كل الخطوط ، هو توحيد الله و معرفة اسمائه الحسنى ، لذلك فان الآيات الاولى من هذا الدرس تؤكد مجددا على اسماء الله تبارك و تعالى ، ان من الواجب على العباد ان يعرفوا خالق هذا الكون ، و موجد هذه الحياة ، و لكنهم لم يقدروا الله حق قدره اذ عدلوه بخلقه .

ان الله ليس لا يقاس فقط بالانداد ، بل لا يقاس حتى بتلك القوى التي هي اعظم من الانداد كالملائكة و الرسل الا ان من الناس من جهل الله و لم يقدره حق قدره ، فقاسه بالطغاة فعبدهم ، و منهم من اشرك معه الملائكة فتوجه اليها ، و منهم من عدله برسله .


ان الله هو الذي يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس لينقلوا شريعة الله و رسالته الى الناس ، و يقوما فيهم بأمره في الوقت الذي يحيط بهم سمعا و بصرا دون ان يستطيعوا التقول عليه سبحانه و اذا عرفنا الله معرفة حقيقية فان جوارحنا و جوانحنا تهفو الى عبادتهقربة له ، لان من يعرف الله سبحانه يتصل بنوره ، و من يتصل بنوره ينعكس ذلك على كيانه كله ، فيندفع الى مرضاة ربه بصورة عفوية .

فجوهر العبادة اذا المعرفة ، و اذا تمت المعرفة اتصلت روح الانسان بنور الله ، و تحركت جوارحه في طاعة الله بصورة عفوية ، لذلك يأمرنا الله بالركوع و السجود و فعل الخير ، ثم يأمرنا بحمل رسالة السماء الى الحياة .

ان الانسان الذي يجد حلاوة الايمان في قلبه و يعرف حقيقيته و فوائده الجليلة ، ينبغي له ان يندفع في توجيه الآخرين الى الايمان ، و بيان فوائده و منافعه لهم ، و كذلك يأمرنا سبحانــه بالجهاد فيه حق الجهاد ، انك بقدر معرفتك بالله يكون جهادك و تضحيتك في سبيله ، لانك كلما ضحيت في سبيله و انت عارف به كلما شعرت بان تضحياتك اقل و احقر من مقام ربك الأعلى .

ثم يعدد ربنا سبحانه بعد ذلك نعمه علينا كمجتمع فيقول : ايها المسلمون انتم مجتمع فاضل ، اختاركم الله لتحملوا رسالته الى الناس جميعا ، فيجب ان تكونوا كذلك " ان الدين يسر لا عسر " ، " و ما جعل عليكم في الدين من حرج " و من ثم فانتممجتمع قائد لسائر المجتمعات مثلما كان الرسول قائدكم و اخيرا فان مجتمعكم يحمل تجربة جهادية منذ عهد ابراهيم (ع) قبل خمسة آلاف عام أو اكثر حيث ابتدأ المسيرة التوحيــديـة الجــديــدة في العالم ، فعليكم ان تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تعتصموا بـالله و تتمسكــوا بحبله . ( كتاب الله و رسوله خلفائه بمعنى آخر شريعة الله و امام مؤيد من تلك الشريعة ) و آنئذ تكونون قد اخلصتم عبادتكم لله ، مولاكم و نصيركم " نعم المولى و نعم النصير " .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس