فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


رسل المسؤولية
[75] [ الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس ]

ان الله سبحانه و كما جرت سنته لا يعذب قوما من دون ان يرسل اليهم رسولا حتى و لو لم يقدروه حق قدره ، " و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " ، فالله و قبل كل شيء يصطفي رسلا من الملائكة و من أهل الارض ، فيرسل بالوحي هؤلاء الى هؤلاء ، فرسل الله في الارض هم رسل المسؤولية ، و هذه الآية توحي بان رسل الله سواء كانوا ملائكة او بشرا هم على درجات .


[ ان الله سميع بصير ]

و عنـــدمـا يصطفي سبحانه من الملائكة و من الناس رسلا فانه لا يتخلى عن عباده ، بل هو سميع بهم و بصير بما يعملون ، يدبر أمورهم ، و يسجل اعمالهم ، و يعلم ما في سرائرهم و ضمائرهم ، و ان اصطفاءه للرسل انما يتم بعلمه ، و بسمعه و بصره فلا يكون عبثا ، و لعلنا نستوحي من قوله سبحانه " و من الناس " ان الله يصطفي من المؤمنين من يحمل الرسالة ، فهناك الرسول ، و رسول الرسول ، و هكذا و دليلنا على هذه الفكرة قوله تعالى في آخر آية من هذا الدرس ، حيـن يتحدث عن المجتمع الاسلامي : " و جاهدوا في اللهحق جهاده هو اجتباكم و ما جعل عليكم في الدين من حرج " و آية أخرى يقول فيها سبحانه : " و ان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم " فالله سبحانه يختار من سائــر عبيده ، من يحمل الكفاءة العلمية و العملية و القيادة ، و يحمله مسؤولية نقل رسالتــه .

[76] و الله سبحانه يحيط علما بمن يصطفيهم من الرسل فلا يقدرون على مخالفته و معصيته ، و نقل مالا يرضى من القول الى الناس و انه لضلال مبين ان نقيس ربنا بمن يجتبيهم من رسله الذين :

[ يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم ]

ان علم الله شامل لرسله ايضا ، فهو معهم و يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم .

[ و إلى الله ترجع الأمور ]

امور الانبياء و امور الناس ، و حينها يأخذ للمحسن من المسيء ، و يجازي المحسن باحسانه ، و السيء باساءته .

[77] [ يا أيها الذين ءامنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدوا ربكم و افعلواالخير لعلكم تفلحون ]

من هذه الآية و ما بعدها يلخص الله السورة مجملة كما انه يذكر الخلاصة التي يريد طرحها .

هذه الآية تبين مراحل الايمان و هي :

1 - الخضوع ، و دليله الركوع لله .

2 - الخشوع بكل الجوارح ، و الشعور بالحقارة امام الله ، و دليلها السجود .

3 - استمرار الخضوع و الخشوع و الاستقامة عليهما ، و هذا هو معنى العبادة .

4 - العطاء المستمـر سواء بالانفاق او العلاقات الحسنة او .. او .. ، و هذا معنى قوله : " و افعلوا الخير " .

و نتيجـــة هذه السلسلة من الأوامر هي سعادة الانسان ، و وصوله الى غاياته و تطلعاته ، و هو قوله : " لعلكم تفلحون " .

و هكذا جاء في الحديث المأثور عن الامام أمير المؤمنين في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي الله عنه :

" يا بني لا تقل مالا تعلم ، بل لا تقل كلما تعلم ، فان الله تبارك و تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض ، و اضاف بعد ذكر هذه الآية المباركة : فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح " . (1)و عن الخير الذي أمرنا به في خاتمة الآية جاء في الحديث النبوي :


(1) نور الثقلين / ج 3 - ص 520


" رأس العقل بعد الايمان التودد الى الناس و اصطناع الخير الى كل بر و فاجر " . (1)

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس