1- التفكر في النفس و من هذا المنطلق يعرف الله الانسان حقيقته :
" و من عرف نفسه فقد عرف ربه " .
فيقول :
[ و لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ]
فالانسان ينسل من طين الارض انسلالا ، و من الطين يحوله الله الى نطفة .
[13] [ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ]
في صلب الأب أولا ، و في رحم الأم ثانيا ، و النطفة هي الماء القليل .
ان التفكر في خلق الله يهدينا الى معرفة بعض اسماء الله الحسنى ، كيف خلق الله مــن الطين الميت نطفة حية ، و كيف أودعها من صلب الى رحم في ذلك الموقع الآمن ، و امن له النمو حتى أصبح بشرا سويا ، ثم ألهمه العقل ، و سخرله الاشياء سبحانه .
و يزعمون انها الصدفة ، و هل يمكن ان تنبثق خلية واحدة بالصدفة ؟! يقول بعضهم : ان هذا الزعم يشبه القول ، بان انفجارا في المطبعة ، سبب ( صدفة ) صدور الموسوعة البريطانية ، بكل ما فيها من علوم ! و يقول عالم غربي آخر ان تطور الخلية الحية بالصدفة يشبه القصة الخيالية التالية :
( ان رجلا كان يعيش على كوكب الارض ، ضمن المجموعة الشمسية ، ضمن مجرتنا ، و كان بجــانب مجرتنا مجرة اخرى ، و في احدى المجموعات الشمسية ، في احدى الكـــواكب ، و في احد الاقاليم نهر به سمكة ، فحدث صدفة ان اطلق هذا الرجل طلقة ، فطــارت من كوكبنا متخطيةمجموعتنا الشمسية ، متخطية مجرتنا ، لتدخل في المجرة التالية ، من المجموعة الشمسية المعينة ، في ذلك الكوكب ، لذلك الاقليم ، في ذلك النهر ، لتصيب الطلقة رأس السمكة ) !!
[14] [ ثم خلقنا النطفة علقة ]
اي ان النطفة صارت نطفتين من الأب و الأم ، فتعلقتا ببعضهما و أصبحتا علقة .
[ فخلقنا العلقة مضغة ]
و المضغة هي مقدار ما يمضغ من اللحم .
[ فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ]و يلاحظ ان في الآيات ( 12-14 ) سبعة أفعال تبين دور الارادة الالهية في التحولات التي يمر بها الانسان من كونه طينا حتى يصير بشرا سويا ، و هي ( خلقنا ، جعلناه ، خلقنا ، فخلقنا ، فخلقنا ، فكسونا ، أنشأنا ) و ذلك حتى لا يتصور الانسان ان القانون الطبيعيهو الذي يخلق ، كلا .. بل الله هو المهيمن و المدبر من فوق القانون " و ما كنا عن الخلق غافلين " .
من هنا نقول بان امور الانسان بيد الله ، فهو يخضع لتدبيره تكوينيا ، فكيف لا يخضع لتدبيره تشريعيا و سلوكيا ؟! و ثمة ملاحظة هامة هي : ان الله في كل مراحل الخلق لم يقل " تبارك الله " الا في المرحلة الاخيرة ، اذ اعطى فيها الانسان العقل ، و هنا يجب ان نجل صاحب هذا الفضل و نقول " تبارك الله احسن الخالقين " .
[15 - 16] [ ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ]هكذا ينقلنا القرآن من معرفة النفس ، و تطورات الخلق الى قدرة الله التي لا يعجزها شيء ، و من قدرة الله الى البعث بعد النشور ، و بالتالي الى المسؤولية ، و هكذا نرى ان منهج القرآن هو التذكرة بالحقائق العلمية من أجل أغناء وعي الانسانبالحقائق لكي يحس بدوره في هذا الكون .
|