فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


1- التواضع
[ و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ]

فعلاقتهم من الطبيعة و الناس علاقة الرحمة ، لانهم عباد الرحمن - ولا غرابة - فقد انعكس اسم الرحمن الالهي على شخصيتهم فصيغت بقالب هذا الاسلام المقدس ، و هذا ما يدعوهم للسير هونا على الارض ، مشية متواضعة لا كمشية المتكبرين على العباد و المفسديـن في الارض ، ولا كمشية الأذلاء و الدونية ، لذلك جاء في الحديث في تفسير الآيــة :

" يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر " (1)فعباد الرحمن يحبون حتى الارض التي يضعون اقدامهم عليها ، و كما يقول المعري :

خفف الوطئ فما أظن اديم الارض الا من هذه الاجسادولما يتعاملون به من خفة مع الارض ، لا يسحقون حتى النمل ، و لا يقتلون حتى النبتة الصغيرة ، و لا ينفرون الحيوان ، بل يمشون عارفين بمواقع اقدامهم .

هذا بالنسبة للأرض ، أما بالنسبة للمجتمع فان علاقتهم علاقة رفق مع الآخرين ، و خلفية كل ذلك أنهم يتكيفون مع السنن و القوانين الالهية الثابتة ، في علاقاتهم مع الطبيعة و المجتمع ، مقتنعين بوجود سبل و اساليب ينبغي العمل وفقها ،(1) المصدر / ص 26


و السير في اطارها للاستفادة من الامكانيات الهائلة المودعة من قبل الله في الطبيعة ، و ينعكس ذلك أيضا على مواقفهم الاجتماعية و السياسية ، فلأنها نابعة من فطرتهم النقية التي ترفض التكلف و التبختر فانها مشية معتدلة . لا تظاهر فيها ولا صخب . جاء في الحديثالمأثور عن الامام الباقر عليه السلام :

" الأئمة عليهم السلام يمشون على الأرض هونا خوفا من عدوهم " (1)وهذا خلاف ما يفعله الآخرون ممن لا تشملهم الآية الكريمة " و عباد الرحمن " فانا نجد علاقتهم مع الطبيعة و المجتمع علاقة قائمة على أسس فاسدة من الخشونة و العنف ، و استغلال الناس ، و توجههم منصرف الى التمرد على الأنظمة و القوانين الطبيعية ، مما نرى آثار ذلك في افساد العلاقات الاجتماعية ، و انتشار التوتر و الحروب بين الدول المختلفة .

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس