فصل:
الاول | قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
المقدمة الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين . وبعد : قبــل أكــثر من ست سنوات حين عزمت على تسجيل تأملاتي التي استفدتها من القرآن ، كتبت ما يلي : أبتدىء في تفسير القرآن الحكيم ، في بيت من بيوت الله ، في يوم السبت الموافق 1/4/1398 هـ ، 11/3/1978 م فــي مــدينة ( الكويت ) . و على الله أتوكل في اتمامه . و اعتمدت فيه على منهج التدبر المباشر ، انطلاقا مما بينته في ( التمهيد ) أي منهج الاستلهام مباشرة من الآيات و العودة الى القرآن ذاته كلما قصرنا عن فهم بعض آياته وفق المنهج الذي علمنا اياه الرسول الكريم (ص) وائمة اهل البيت عليهم السلام حيث امرونا بتفسير القرآن ببعضه . و انــى احاول ربط الواقع الراهن بآيات الذكر . حيث ان ذلك هو الهدف من تفسير القرآن . أوليس مثل القرآن مثل الشمس تطلع كل نهار باشراقة جديدة على عالم جديد . ولا ادعي انني أبين هنا معاني كلام الله كاملا ، بل انما حاولت ان اسجل فقط تلك البصائر التي استفدتها شخصيا عبر تدبري في القرآن . ولا انسى دور اخوتي من تلاميذ درس التفسير الذي كنت القيه في بلورة رؤاي وأفكاري ( والله الموفق وعليه التوكل ) . هذا ما كتبته قبل اكثر من ستة اعوام اما اليوم فقد اكملت التدبر في القرآن كله و سجلــت خلاصــة الافكار التي استلهمتها من التدبر في هذا التفسير ، وذلك عبر مرحلتين : ألف : من بداية القرآن وحتى سورة النحل كتبت التفسير بيدي ، حيث كنت آوي الى مســجد أو مــقام هادىء ، حاملا معي القرآن و القلم و القرطاس ، و ربما هموما كثيرة ، مما تخص الامة ، فأجلس كالتلميذ أمام كتاب ربي و أقرأ مجموعة آيات ، و أتدبر فيها ، و اذا لم يسعدني ذكائي لفهم أبعاد آية كريمة سألت الله سبحانه أن يعينني على ذلك ، ثم أسجل في البدء خلاصة الافكار التي استوحيها منها ، و بعدئذ أتدبر في آية آية وأسجل تأملاتي فيها بتفصيل أكثر . وفي بعض الاحيان كانت الافكار تتزاحم و أجدني عاجزا عن تسجيلها فأختار منها البعض فقط ليتناسب مع المنهج الموجز الذي اخترته لهذا التفسير ، بينما انتفع بالبقية في أحاديثي العامة أو في سائر كتاباتي . ولم أكن أكتب كل يوم أكثر من درس واحد : اولا : لان مشاغلي كانت تمنعني من ذلك . ثانيا : لخوفي من أن تصبح تأملاتي هزيلة . باء : و بعد ثلاث سنوات شعرت بالحاجة الى الاسراع في إتمام التفسير ، و كنت أخشى الا اوفق لاكماله ، فاخذت اسلوب القاء دروس في التفسير ، تسجل على الشريط ثم تكتب و ربما تعاد صياغتها بصورة تتناسب مع أدب التأليف ، و هكذا و فقني الله سبحانه و تعالى لمتابعةالتفسير عبر المحاضرات ابتداء من سورة النحل و حتى اخر القرآن . و كانت فائدة ذلك مضافا الى سرعة العمل ، ايجاد مكتبة صوتية في تفسير القرآن ، وهكذا كان حيث احتمل أكثر من خمسمائة شريط كاسيت تفسيرا موجزا لكل اي الذكر الحكيم و انتشرت في البلاد الاسلامية بفضل الله . ولعل القاريء يجد بعض المفارقات بين نصفي التفسير ، حيث يعتمد النصف الاول منه على ضغط الكلمات ، بينما يعتمد النصف الثاني على الشرح والتفصيل . علما بأن أحد الاخوة كان يحمل معه مرة تفسير سورة الرعد ، فنسيه في سيارة أجرة مما دعاني لتفسيرها مرة اخرى ولكن هذه المرة عبر المحاضرة ، ولعل ذلك كان خيرأ لي . و اليوم تم إعداد أربعة أجزاء للطبع هي التي تحتوي على سور الحمد و البقرة وآل عمــران ( جــزء ) و ســورتـــي النساء و المائدة ( جزء ) و سورتي الانعام و الاعراف ( جزء ) و سور الانفال و التوبة و يونس و هود و يوسف و الرعد و ابراهيم و الحجر و النحل ( جزء ). وفي الختام أسجل الملاحظات التالية : اولا : ان لآيات القرآن الحكيم أبعادا مختلفة وحسب تعبير تراجمة الوحي و أئمة الهدى عليهم السلام ان له تخوما و بطونا تصل الى السبعين ، و يكاد لا يستطيع شخص مثلي أن يطلع على بعد واحد منها فكيف بسائرها ؟ ! لذلك فحين أكتب معنى الآية فلا أدعي انه كل معانيها و أبعادها ، بل لا أدعي أنه بالتأكيد المعنى الاقرب ، انما أسجل فقط وفقط ما فهمته من الآيات ، مع اعترافي بقصور فهمي و الواقع ان كل التفاسير القرآنية ليس الا بيانا لبعض الموضوعات التي تصدق عليها الآيات كما تصدق على غيرها ، وان القرآن سيظل فوق التفاسيرلا يحيط بكنه معانيه الا الله ، ومن ارتضاه الله لغيبه . ثانيا : كان منهجي في التفسير تدبر الآيات قبل الرجوع الى التفاسير التي نادرا ما كنت أرجــع الــيها ، وذلك لاني كنت أخشى أن اضع بيني وبين القرآن حجابا من كلام البشر . ثالثا : بعد إتمام التفسير إقترحت على بعض الاخوة ، استخراج معاني مفردات القرآن من تفسير مجمع البيان للعلامة الطبرسي ، الذي أعتبره الاكمل من بين التفاسير المعتبرة ، وقد فعلوا ذلك مشكورين ، حيث وضعت تحت رسم القرآن تسهيلا للمراجعة ، إكمالا للفائدة . رابعا : اني مدين في إعداد التفسير للطباعة لاخوتي الافاضل في مؤسسة دار الهدى ، و اخوتي في مكتبي ، والاخوة في دار البصائر ، و أسأل الله أن يجزيهم عن القرآن الحكيم خير الجزاء . خامسا : أرجو من القراء الكرام أن يهدوا إلي عيوب كتابي و يبتغوا بذلك مرضاة الله سبحانه و تعالى لان ذلك يعتبر مساهمة في تقريب الناس الى الذكر الحكيم . سادسا : اعتمدنا في كتابة القرآن على المصحف المعروف في العالم الاسلامي وبالذات في الدول العربية والمعتمد من قبل دور الفتوى و وزارات الاوقاف . و أسأل الله سبحانه أن يجعل هذا الجهد القليل وسيلة لي إليه و يتقبله مني و ينفعني به يوم الجزاء الاكبر يوم لا ينفع مال و لا بنون ، يوم يجعل الولدان شيبا وان ينفع به أمتنا الاسلامية وبالذات المجاهدين منهم في سبيل الله ، بحق محمد سيد النبيين وآله الهداةالميامين . وصلى الله عليه وعليهم وسلم تسليما كثيرا .. محمد تقي المدرسي 13/12/1405 هـ 30/8/1985م |
|