وقيل الحمد لله رب العالمين
هدى من الآيات في هذا الدرس ترد كلمة الزمر التي سميت بها السورة ، و قد تكررت مرتين ، مرة عند الحديث عن الكفار ، و اخرى عند الحديث عن المؤمنين ، ذلك أن كلا الفريقين يحشرون إلى مصيرهم زمرا و جماعات .
و ربما سميت السورة بهذا الاسم ، و أكد القرآن عليه مرتين ، من أجل أن يوحي لنا بطبيعة التفاعل بين ابناء المجتمع ، فالناس انما يساقون الى النار و الجنة و فق أعمالهم و انتماءاتهم و هذا المقياس أساسي في حياة الانسان ، فهو اذا أراد ان يعرف نفسه ، أو أرادالأخرون ان يعرفوه ، فما عليه و عليهم الا معرفة الذين ينتمي اليهم اجتماعيا و عمليا ، فان كانوا صالحين كان منهم ، و ان كانوا منحرفين فهو كذلك ايضا .
و الاحاديث المروية تؤكد بأن معرفة الرجال تتم بمعرفة الذين يحيطون بهم ،فمعرفة القائد بحاشيته ، و الشاب باصدقائه ، و النظام بالعاملين فيه ، و الدولة بالذين يؤيدونها من طبقات المجتمع .
قال سليمان (ع) :
" لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا الى من يصاحب ، فإنما يعرف الرجل بأِشكاله و أقرانه ، و ينسب الى اصحابه و أخدانه " (1)و قال الامام علي و هو يوصي و لده الحسين ( عليه السلام ) :
" قارن أهل الخير تكن منهم و باين أهل الشر تبن عنهم " (2)فالحياة اذن ليست احادية و لا متناثرة ، و انما تسير كتلا و أجناسا ( زمرا زمرا ) و اذا لم تعرف شخصا بذاته فانك تستطيع معرفته بالزمرة التي ينتمي اليها ، و هذه الحقيقة يؤكدها القرآن في مواضع كثيرة منه ، و بصيغ مختلفة كمخاطبته الناس بصورة التجمعات : " يا أيها الذين آمنوا " في صفة المؤمنين ، و " الذين كفروا " في صفة الكافرين ، و هكذا المنافقين و المنافقات ، و الصابرين و الصابرات ... الخ .
|