تفسير الصافي ج 3 ص 441 الى ص 452
( 45 ) والله خلق كل دابة كل حيوان يدب على الأرض وقريء خالق بالأضافة من ماء .
القمي من مّني وقيل من الماء الذي جزء مادته إذ من الحيوانات ما يتولد لا عن النطفة فمنهم من يمشي على بطنه كالحية ومنهم من يمشي على رجلين كالأنس والطير ومنهم من يمشي على أربع كالنّعم والوحش .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام .
والقمي عن الصادق عليه السلام ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك يخلق الله ما يشآء مما ذكر ومما لم يذكر بمقتضى مشيته إن الله على كل شيء قدير .
( 46 ) لقد أنزلنا آيات مبينات للحقايق بأنواع الدلائل والله يهدي من يشاء بالتوفيق للنظر فيها والتدبير لمعانيها إلى صراط مستقيم الموصل إلى درك الحق والفوز بالجنة .
( 47 ) ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا لهما ثم يتولى فريق منهم بالأمتناع عن قبول حكمه من بعد ذلك بعد قولهم هذا وما أولئك بالمؤمنين الذين عرفتهم وهم المخلصون في الأيمان الثابتون عليه .
( 48 ) وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أي ليحكم النبي صلى الله عليه وآله فإنه الحاكم ظاهرا والمدعو إليه وذكر الله لتعظيمه والدلالة على أن حكمه في الحقيقة حكم الله إذا فريق منهم معرضون فاجاء فريق منهم الأعراض إذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنه لا يحكم لهم وهو شرح للتولي ومبالغة فيه .
( 49 ) وإن يكن لهم الحق لا عليهم يأتوا إليه مذعنين منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم .
( 50 ) أفي قلوبهم مرض كفر وميل إلى الظلم أم ارتابوا بأن رأوا منك تهمة فزالت ثقتهم بك أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله في الحكومة بل أولئك هم الظالمون إضراب عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم الأول والفصل لنفي ذلك


( 442 )

عن غيرهم سيما المدعو إلى حكمه .
القمي عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام وعثمان وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة فقال أمير المؤمنين عليه السلام نرضى برسول الله صلى الله عليه وآله فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان لا تحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه يحكم له عليك ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه السلام لا نرضى إلا بإبن شيبة اليهودي فقال ابن شيبة لعثمان تأتمنون رسول الله صلى الله عليه وآله على وحي السماء وتتهمونه في الأحكام فأنزل الله عز وجل على رسوله وإذا دعوا إلى الله ورسوله الآيات وفي المجمع حكى البلخي إنه كانت بين عليّ وعثمان منازعة في أرض اشتراها من علي فخرجت فيها أحجار فأراد ردّها بالعيب فلم يأخذها فقال بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الحكم بن أبي العاص إن حاكمته إلى ابن عمه حكم له فلا تحاكموا إليه فيه فنزلت الآيات قال وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام أو قريب منه .
( 51 ) إنما كان قول المؤمنين
في المجمع عن علي عليه السلام إنه قرأ قول المؤمنين بالرفع إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون .
في المجمع عن الباقر عليه السلام والقمي أن المعني بالآية أمير المؤمنين عليه السلام .
( 52 ) ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه وقريء بغير الأشباع وبسكون الهاء وبسكون القاف فأولئك هم الفائزون بالنعيم المقيم .
( 53 ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم بالخروج عن ديارهم وأموالهم ليخرجن قل لا تقسموا على الكذب طاعة معروفة المطلوب منكم طاعة معروفة لا اليمين على الطاعة النفاقية المنكرة إن الله خبير بما تعملون فلا يخفى عليه سرائركم .


( 443 )

( 54 ) قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول أمر بتبليغ ما خاطبهم الله به على الحكاية مبالغة في تبكيتهم فإن تولوا فإنما عليه على محمد صلى الله عليه وآله ما حُمّل من التبليغ وعليكم ما حملتم من الأمتثال وإن تطيعوه تهتدوا إلى الحق وما على الرسول إلا البلاغ المبين التبليغ الواضح لما كلفتم وقد أدى وإنما بقى ما حمّلتم فإن أديتم فلكم وإن توليتم فعليكم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام في خطبة في وصف النبي صلى الله عليه وآله قال وأدى ما حمل من أثقال النبوة .
وعن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معاشر قراء القرآن إتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسؤول وإنكم مسؤولون إني مسؤول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسئلون عما حملتم من كتاب الله وسنتي .
( 55 ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض ليجعلنهم خلفاء بعد نبيكم كما استخلف الذين من قبلهم يعني وصاة الأنبياء عليهم السلام بعدهم وقرء بضم التاء وكسر اللام وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وهو الأسلام وليبدلنهم من بعد خوفهم من الأعداء وقريء بالتخفيف أمنا منهم يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر ارتد أو كفر هذه النعمة بعد ذلك بعد حصوله فأولئك هم الفاسقون الكاملون في فسقهم حيث ارتدوا بعد وضوح الأمر وكفروا تلك النعمة العظيمة .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال هم الأئمة عليهم السلام .
وعن الباقر عليه السلام ولقد قال الله في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة وعد الله الذين آمنوا منكم إلى قوله وأولئك هم الفاسقون يقول استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم عليه السلام من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يعبدونني لا يشركون بي شيئا يقول يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد صلى الله عليه وآله بالعلم ونحن هم فاسألونا فإن صدقناكم


( 444 )

فأقروا وما أنتم بفاعلين .
والقمي نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام .
أقول : تبديل خوفهم بالأمن يكون بالقائم عليه السلام أو مجموع ذلك معا يكون به فلا ينافي الخبر السابق .
وفي المجمع المروي عن أهل البيت عليهم السلام إنها في المهدي من آل محمد عليهم السلام .
قال وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام إنه قرأ الآية وقال هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو لم يبق من الدنيا الاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي إسمه إسمي يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا .
قال وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات النبي وأهل بيته .
أقول : فقوله عليه السلام هم والله شيعتنا يفعل ذلك بهم يعني تبديل الخوف بالأمن إنما يكون لهم .
وفي الأكمال عن الصادق عليه السلام في قصة نوح وذكر إنتظار المؤمنين من قومه الفرج حتى أراهم الله الأستخلاف والتمكين قال وكذلك القائم عليه السلام فإنه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ويصفو الأيمان من الكدر بإرتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالأستخلاف والتمكين والأمر المنتشر في عهد القائم عليه السلام قال الراوي فقلت يابن رسول الله فإن هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي فقال لا لا يهد الله قلوب الناصبة متى كان الدين الذي إرتضاه الله ورسوله متمكنا بإنتشار الأمر في الامة وذهاب الخوف من قلوبها وإرتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من


( 445 )

هؤلاء وفي عهد علي عليه السلام مع إرتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم .
وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث ذكر فيه مثالب الثلاثة وإمهال الله إياهم قال كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ويحق الحق على الكافرين ويقرب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وذلك إذا لم يبق من الأسلام إلا إسمه ومن القرآن إلا رسمه وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس إليه أشد عداوة له وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ويظهر دين نبيه على يديه ويظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله قال زويت لي الأرض فاريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك امتي ما زوى لي منها .
وروى المقداد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لا يبقى على الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الأسلام بعز عزيز وذل ذليل إما أن يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وإما أن يذلهم فيدينون بها .
( 56 ) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون .
( 57 ) لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الارض معجزين الله عن ادراكهم واهلاكهم وقريء بالياء ومأويهم النار ولبئس المصير .
( 58 ) يا أيها الذين آمنوا ليستاذنكم الذين ملكت أيمانكم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام هي خاصة في الرجال دون النساء قيل فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات قال لا ولكن يدخلن ويخرجن وفي رواية اخرى هم المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا والذين لم يبلغوا الحلم منكم الصبيان من الأحرار .


( 446 )

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : من أنفسكم قال : عليكم استيذان كاستيذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات ثلاث مرات يعني في اليوم والليلة من قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ثياب النوم ، ولبس ثياب اليقظة وحين تضعون ثيابكم يعني للقيلولة من الظهيرة بيان للحين أي وقت الظهر ومن بعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرد عن اللباس والألتحاف باللحاف ثلاث عورات لكم أي ثلاث أوقات لكم يختل فيها تستركم ، وأصل العورة الخلل ، وقرء ثلاث بالنصب ليس عليكم جناح بعدهن بعد هذه الأوقات في ترك الأستيذان .
في الكافي عن الصادق عليه السلام ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير إذن إن شاؤا طوافون عليكم أي هم طوافون إستيناف لبيان العذر المرخّص في ترك الأستيذان وهو المخالطة وكثرة المداخلة بعضكم طائف على بعض هؤلاء للخدمة ، وهؤلاء للأستخدام فإن الخادم إذا غاب احتيج إلى الطلب وكذا الأطفال للتربية كذلك يبين الله لكم الآيات أي الأحكام والله عليم بأحوالكم حكيم فيما شرع لكم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال ليستأذن الذين ملكت إيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات كما أمركم الله قال : ومن بلغ الحلم فلا يلج على امه ولا على اخته ولا على خالته ولا على من سوى ذلك إلا بإذن ، فلا تأذنوا حتى يسلم فإن السلام طاعة لله ـ عز وجل ـ وقال : وليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات إذا دخل في شيء منهن ولو كان بيته في بيتك قال : وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة وحين تصبح وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة إنما أمر الله ـ عز وجل ـ بذلك للخلوة فإنها ساعة عزة وخلوة .
والقمي قال إن الله تعالى نهى أن يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد لا أب ولا اخت ولا ام ولا خادم إلا بإذن .
( 59 ) وإذا بلغ الاطفال منكم أيها الأحرار الحلم فليستأذنوا في جميع الأوقات كما استأذن الذين من قبلهم الذين بلغوا من قبلهم من الأحرار المستأذنين في الأوقات


( 447 )

كلها وإنما خوطب به الأحرار لأن بلوغ الأحرار يوجب رفع الحكم المذكور في تخصيص الأستيذان بالأوقات الثلاثة بخلاف بلوغ المماليك فإن الحكم باق معه في التخصيص للأحتياج إلى الخدمة والأستخدام وقد مضى ما يدل عليه من النص كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم كرره تأكيدا ومبالغة في الأمر بالأستيذان .
( 60 ) والقواعد من النساء العجايز اللاتي قعدن من الحيض والنكاح اللاتي لا يرجون نكاحا لا يطمعن فيه لكبرهن فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن أي الثياب الظاهرة .
وفي المجمع قرأ الباقر والصادق عليهما السلام يضعن من ثيابهن .
القمي قال نزلت في العجايز اللاتي يئسن من المحيض والتزويج أن يضعن الثياب .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قرأها فقال الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة .
وعنه عليه السلام قال الخمار والجلباب قيل بين يدي من كان قال بين يدي من كان .
وفي رواية قال تضع الجلباب وحده وفي اخرى إلا أن تكون أمة ليس عليها جناح أن تضع خمارها رواها في التهذيب .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في هذه الآية قال عنى الجلباب قال فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن غير متبرجات بزينة غير مظهرات زينة مما أمرن بإخفائه في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها كما رواه .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال والزينة التي يبدين لهن شيء في الآية الاخرى .
أقول : وهو الوجه والكفان والقدمان كما مضى وما سوى ذلك داخل في النهي


( 448 )

عن التبرج بها وأصل التبرج التكلف في إظهار ما يخفى وأن يستعففن خير لهن من الوضع .
القمي قال أي لا يظهرن للرجال .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال فإن لم تفعل فهو خير لها والله سميع لمقالهن للرجال عليم بمقصودهن .
( 61 ) ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج نفي لما كانوا يتحرجون من مواكلة الأصحاء حذرا من إستقذارهم أو أكلهم من بيت من يدفع إليهم المفتاح ويبيح لهم التبسط فيه إذا خرج إلى الغزو وخلفهم على المنازل مخافة أن لا يكون ذلك من طيبة قلب أو من إجابة من يدعوهم إلى بيوت آبائهم وأولادهم وأقاربهم فيطعمونهم كراهة أن يكونوا كلا عليهم .
القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال وذلك إن أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض وكانوا لا يأكلون معهم وكانت الأنصار فيهم تيه وتكرمة فقالوا إن الأعمى لا يبصر الطعام والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية وكانوا يرون عليهم من مواكلتهم جناح وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم فاعتزلوا من مواكلتهم فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله سألوه عن ذلك فأنزل الله عز وجل ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم قيل يعني من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم فيدخل فيها بيوت الأولاد لأن بيت الولد كبيته لقوله صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك وقوله إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه وأن ولده من كسبه .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يحل للرجل من مال ولده قال قوت بغير سرف إذا إضطر إليه قيل فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي قدم أباه أنت ومالك لأبيك فقال إنما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من امي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى


( 449 )

نفسه فقال أنت ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شيء وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب للأبن أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال الرجل له وكيل يقوم فيما له فيأكل بغير إذنه .
وعن أحدهما عليهما السلام ليس عليك جناح فيما أطعمت وأكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسده أو صديقكم .
في المجمع عن أئمة الهدى عليهم السلام انهم قالوا لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكره الله قدر حاجتهم من غير إسراف .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يعني بقوله أو صديقكم قال هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه .
وعنه عليه السلام هؤلاء الذين سمّى الله عز وجل في هذه الآية يأكل بغير إذنهم من التمر والمادوم وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه فأما ما خلا ذلك من الطعام فلا .
وعنه عليه السلام قال للمرأة أن تأكل وأن تتصدق وللصديق أن يأكل من منزل أخيه ويتصدق .
وفي الجوامع عنه عليه السلام من عظم حرمة الصديق أن جعله من الانس والثقة والأنبساط وترك الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والأبن ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا مجتمعين أو متفرقين .
القمي لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وآخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار قال فكان بعد ذلك إذا بعث أحدا من أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين ويقول له خذ ما شئت وكل ما


( 450 )

شئت وكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا يعني إن حضر صاحبه أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه .
وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ليس عليكم جناح قال بإذن وبغير إذن فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة .
في المعاني عن الباقر عليه السلام قال هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ثم يردون عليه فهو سلامكم على أنفسكم .
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام مثله والقمي قال هو سلامكم على أهل البيت وردهم عليكم فهو سلامك على نفسك .
وعن الباقر عليه السلام قال إذا دخل الرجل منكم بيته فإن كان فيه أحد يسلم عليهم وإن لم يكن فيه أحد فليقل السلام علينا من عند ربنا يقول الله تحية من عند الله مباركة طيبة .
وفي الجوامع وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجو بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق .
ومنه قوله عليه السلام سلم على أهل بيتك تكثر خير بيتك كذلك يبين الله لكم الآيات مزيد تأكيد وتفخيم للأحكام المختتمة به لعلكم تعقلون الخير في الأمور .
( 62 ) إنما المؤمنون الكاملون في الأيمان الذين آمنوا بالله ورسوله من صميم قلوبهم وإذا كانوا معه على أمر جامع كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الامور لم يذهبوا حتى يستاذنوه يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله فيأذن لهم .
القمي نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله لأمر من الامور أو في بعث يبعثه أو في حرب قد حضرت يتفرقون بغير إذنه فنهاهم الله عن ذلك إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله أعاده مؤكدا على اسلوب


( 451 )

أبلغ فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وإن الذاهب بغير إذن ليس كل تبينها على كونه مصداقا لصحة الأيمان ومميزا للمخلص عن المنافق وتعظيما للمجرم فإذا استأذنوك لبعض شأنهم ما يعرض لهم من المهام وفيه أيضا مبالغة وتضييق للأمر فأذن لمن شئت منهم تفويض للأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله واستغفر لهم الله بعد الأذن فإن الأستيذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين إن الله غفور لفرطات العباد رحيم لتيسير .
القمي نزلت في حنظلة بن أبي عياش وذلك أنه تزوج في الليلة التي كان في صبيحتها حرب احد فأستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقيم عند أهله فأنزل الله عز وجل هذه الآية فأذن لمن شئت منهم فأقام عند أهله ثم أصبح وهو جنب فحضر القتال واستشهد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله رأيت الملائكة تغسل الحنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض فكان سمي غسيل الملائكة .
( 63 ) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا القمي قال لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا .
وعن الباقر عليه السلام قال يقول لا تقولوا يا محمد ولا يا أبا القاسم لكن قولوا يا نبي الله ويا رسول الله .
وفي المناقب عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة عليها السلام لما نزلت هذه الآية هبت رسول الله صلى الله عليه وآله أن أقول له يا أبة فكنت أقول يا رسول الله فأعرض عني مرة أو اثنتين أو ثلاثا ثم أقبل عليّ فقال يا فاطمة إنها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك أنت مني وأنا منك إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر قولي يا أبة فإنها أحيى للقلب وأرضى للرب قد يعلم الله الذين يتسللون منكم يخرجون قليلا قليلا من الجماعة لواذا ملاوذة بأن يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج أو يلوذ بمن يؤذن فينطلق معه كأنه تابعه فليحذر الذين يخالون عن أمره .
القمي أي يعصون أمره أن تصيبهم فتنة محنة في الدنيا القمي بلية أو يصيبهم عذاب أليم قال قال القتل .


( 452 )

وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام قال يسلط عليهم سلطان جائرا أو عذاب أليم في الآخرة .
( 64 ) ألا إن لله ما في السماوات والارض قد يعلم ما أنتم عليه من المخالفة والموافقة والنفاق والأخلاص وإنما أكد علمه بقدر لتأكيد الوعيد ويوم يرجعون إليه يرجع المنافقون إليه للجزاء أو الألتفات والكل مراد فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم لا يخفى عليه خافية .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور وحصنوا بها نسائكم فإن من أدمن قراءتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبدا حتى يموت فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلهم يدعون ويستغفرون الله له حتى يدخل في قبره .
وفي الكافي عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تنزل النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور اللهم ارزقنا تلاوته .