ومن
الذين أشركوا أذى كثيرا) من هجاء النبي والطعن في الدين والصد عن الإيمان،
أخبروا بذلك قبل كونه ليوطنوا أنفسهم على الصبر حتى لا يرهقهم وقوعه (وإن
تصبروا) على ذلك (وتتقوا) المعاصي (فإن ذلك من عزم الأمور) مما يجب العزم
عليه منها أو مما عزم الله عليه أي أوجب .
(وإذ أخذ الله ميثاق الذين
أوتوا الكتاب) أي العلماء به (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) حكاية مخاطبتهم
وقرىء بالياء (فنبذوه) أي الميثاق (وراء ظهورهم) كناية عن الطرح وترك
الاعتناء (واشتروا به) أخذوا بدله (ثمنا قليلا) من عرض الدنيا (فبئس ما
يشترون) .
(لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم
يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) فائزين بنجاة منه (ولهم عذاب أليم)
بكفرهم وكذبهم نزلت في اليهود إذ سألهم (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن شيء
في التوراة فأخبروه بخلاف ما فيها وأروه أنهم صدقوا وفرحوا بما فعلوا، أو
في المنافقين إذ يفرحون بمنافقتهم المسلمين ويستحمدوا إليهم بالإيمان الذي
لم يفعلوه على الحقيقة .
(ولله ملك السموات والأرض) فيملك أمرهم (والله
على كل شيء قدير) فيقدر على عقابهم .
(إن في خلق السموات والأرض واختلاف
الليل والنهار) كل يخلف الآخر (لآيات لأولي الألباب) على وجود الصانع
ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته عن النبي ويل لمن قرأها ولم يتفكر .
(الذين
يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) يذكرونه دائما على كل الحالات أو
يصلون على هذه الأحوال (ويتفكرون في خلق السموات والأرض) اعتبارا وهو أفضل
العبادات عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا عبادة كالتفكر (ربنا ما خلقت
هذا باطلا) يتفكرون قائلين ذلك (سبحانك) تنزيها لك عن العبث (فقنا عذاب
النار) .
(ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) بالغت في جزائه نظير فقد
فاز، لم يقل: أحرقته لأن العذاب الروحاني أشد (وما للظالمين من أنصار)
يدفعون عنهم العذاب .
(ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان) هو الرسول
والقرآن (أن) بأن (ءامنوا بربكم فآمنا) فأجبنا (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا)
كبائرنا (وكفر عنا سيئاتنا) صغائرنا بتوفيقنا لاجتناب الكبائر (وتوفنا مع
الأبرار) مصاحبين لهم معدودين من جملتهم .
(ربنا وءاتنا ما وعدتنا على
رسلك) على تصديقهم من الثواب أو على ألسنتهم، أو متعلق بمحذوف أي ما وعدتنا
منزلا على رسلك (ولا تخزنا يوم القيامة) لا تفضحنا أو لا تهلكنا (إنك لا
تخلف الميعاد) بإثابة المؤمن وإجابة الداعي، وتكرير ربنا للمبالغة في
السؤال والابتهال أو باستقلال الطلبات .
(فاستجاب لهم ربهم) ما طلبوا
(أني) بأني (لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) بيان لعامل (بعضكم من
بعض) بجمع ذكوركم وإناثكم أصل واحد أو الإسلام (فالذين هاجروا) الشرك أو
أوطانهم أو قومهم للدين (وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي) من أجل ديني
وبسببه (وقاتلوا) المشركين (وقتلوا) واستشهدوا والواو لا توجب الترتيب إذ
المراد لما قيل لهم قاتلوا (لأكفرن)