تفسير القرآن الكريم

مثله) يقابله (فاجعل بيننا وبينك موعدا) وعدا (لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى) وسطا تستوي مسافته إلينا وإليك .
(قال موعدكم يوم الزينة) وكان يوم عيد يتزينون فيه ويجتمعون وإنما عينه ليعلم الحق من الباطل على رءوس الأشهاد (وأن يحشر الناس) أي يجتمع أهل مصر (ضحى) فينظرون في أمرنا .
(فتولى فرعون) انصرف (فجمع كيده) أي أسبأب كيده من السحرة وآلاتهم (ثم أتى) الموعد .
(قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإشراك أحد معه (فيسحتكم بعذاب) فيستأصلكم به (وقد خاب) خسر (من افترى) على الله كذبا كفرعون .
(فتنازعوا أمرهم بينهم) أي السحرة في أمر موسى حين قال ويلكم الآية فقالوا ما هذا بقول ساحر (وأسروا النجوى) الكلام بينهم بأن موسى إن غلبنا اتبعناه والضمير لفرعون وقومه ويفسر النجوى .
(قالوا إن هذان لساحران) على لغة جعل المثنى كالمقصور أو الاسم ضمير الشأن محذوف أو إن بمعنى نعم أو إن مخففة واللام بمعنى إلا (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) بدينكم الأفضل كإظهارهما دينهما وقيل الطريقة أشراف القوم أي بأشرافكم بصرف وجوههم إليهما .
(فأجمعوا كيدكم) أحكموه واجعلوه مجمعا عليه (ثم ائتوا صفا) مصطفين (وقد أفلح اليوم من استعلى) فاز من غلب .
(قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى) راعوا الأدب في التخيير .
(قال بل ألقوا) مقابلة لأدبهم وعدم احتفال بكيدهم وجودا بما مالوا إليه من البدء (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) قيل لطخوها بالزئبق فلما حميت الشمس تحرك بحرها فخيل إليه أنها تسعى .
(فأوجس) فأضمر (في نفسه خيفة موسى) من أن يشك الناس فلا يتبعوه أو للطبع البشري .

(قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى) الغالب .

(وألق ما في يمينك) أبهم تصغيرا للعصا وتهوينا لأمر السحرة أي ألق العويد الذي معك أو تعظيما لها (تلقف) تتلقف (ما صنعوا إنما صنعوا) إن الذي افتعلوه (كيد ساحر) أفرد لقصد الجنس ونكر لتنكير الكيد (ولا يفلح الساحر) أي جنسه (حيث أتى) أين كان فألقاها فتلقفت فحققوا أنه ليس سحرا.
(فألقي السحرة سجدا) لله تعالى، ألقاهم تحقق الحق لهم (قالوا ءامنا برب هرون وموسى) أخر للفاصلة قيل رأوا في سجودهم منازلهم في الجنة .
(قال) فرعون (ءامنتم له) أي لموسى (قبل أن ءاذن لكم) في ذلك (إنه لكبيركم) رئيسكم أو أستاذكم (الذي علمكم السحر) وتواطأتم على ما فعلتم (فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) حال أي مختلفات الأيدي اليمنى والأرجل اليسرى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) شبه تمكن المصلوب بالجذع بتمكن المظروف بالظرف (ولتعلمن أينا) يعني نفسه وموسى أو رب موسى (أشد عذابا وأبقى) وأدوم .

(قالوا لن نؤثرك) نختارك (على ما جاءنا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب