تفسير القرآن الكريم

(ثم يجعله ركاما) متراكما ببعضه على بعض (فترى الودق) المطر (يخرج من خلاله) من مخارجه جمع خلل كجبال وجبل (وينزل من السماء) من السحاب وكل مظل سماء (من جبال فيها) في السماء وأريد بالجبل الكثرة كقولك لفلان جبال من ذهب (من برد) بيان للجبال أي ينزل مبتدأ من السماء من جبال من برد بردا وقيل أريد بالسماء المظلة وفيها جبال برد كما في الأرض جبال حجر (فيصيب به) بالبرد (من يشاء) في نفسه أو ماله (ويصرفه عن من يشاء) فهو يقبض ويبسط بمقتضى حكمته (يكاد سنا برقه) ضوء برق السحاب (يذهب بالأبصار) يخطفها لشدة لمعانه .
(يقلب الله الليل والنهار) يعاقب بينهما أو يدخل أحدهما في الآخر أو يعم ذلك وتغيير أحوالهما بالحر والظلمة وضدهما (إن في ذلك) المذكور (لعبرة) لدلالة (لأولي الأبصار) لذوي البصائر على الصانع .
(والله خلق كل دابة) حيوان يدب على الأرض (من ماء) من نطفة على التغليب إذ منها ما لا يتولد عن النطفة أو من نوع الماء هو جزء مادته (فمنهم من يمشي على بطنه) كالحية (ومنهم من يمشي على رجلين) كالإنس والطير (ومنهم من يمشي على أربع) كالنعم والوحش وتذكير الضمير ولفظ من لتغليب العقلاء (يخلق الله ما يشاء) من حيوان وغيره على اختلاف الصور والطبائع بمقتضى حكمته (إن الله على كل شيء قدير) فيخلق ما يشاء .
(لقد أنزلنا آيات مبينات) هي القرآن (والله يهدي من يشاء) بتوفيقه لتدبرها.

(إلى صراط مستقيم) هو الإيمان المؤدي إلى الجنة .

(ويقولون ءامنا بالله وبالرسول وأطعنا) لهما (ثم يتولى فريق منهم) يعرض عن قبول حكمه (من بعد ذلك) القول منهم (وما أولئك) القائلون (بالمؤمنين) المعهودين المواطئة قلوبهم لألسنتهم .
(وإذا دعوا إلى الله ورسوله) أي إلى الرسول وذكر الله تفخيما له وإيذانا بأن حكمه حكم الله (ليحكم) أي للرسول (بينهم إذا فريق منهم معرضون) عن الإتيان إليه إذا كان الحق عليهم .
(وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين) منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم .
(أفي قلوبهم مرض) كفر (أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله) في الحكم (بل أولئك هم الظالمون) أي لا يخافون حيفه بل الظلم صفتهم .
(إنما كان قول المؤمنين) بالنصب وعن علي رفعه (إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) وعن الباقر (عليه السلام) أن المعني بها علي (عليه السلام) .
(ومن يطع الله ورسوله) فيما أمرا أو نهيا (ويخشى الله) لسالف ذنوبه (ويتقه) فيما يستقبل (فأولئك هم الفائزون) بالجنة .

(وأقسموا بالله جهد

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب