(أ
ولم يتفكروا في أنفسهم) ظرف نحو تفكر في قلبه أو صلة أي في أمرها فإنها
أقرب شيء إليهم وفيها ما في العالم الأكبر من عجائب الصنع (ما خلق الله
السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى) ينتهي بقاؤها إليه (وإن
كثيرا من الناس بلقاء ربهم) بلقاء جزائه والبعث (لكافرون) جاحدون لعدم
تفكرهم .
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم
كانوا أشد منهم قوة) كعاد وثمود (وأثاروا الأرض) قلبوها للزرع واستحداث
الأنهار والآبار وغيرها (وعمروها أكثر مما عمروها) من عمارة أهل مكة وهو
تهكم بهم إذ لا إثارة لهم ولا عمارة أصلا مع تباهيهم في الدنيا التي عمدة
ما يتباهى به أهلها الإثارة والعمارة (وجاءتهم رسلهم بالبينات) بالحجج
الواضحات (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بتدميرهم
.
(ثم كان عاقبة الذين أساءوا) العقوبة (السوأى) تأنيث أسوأ أو مصدر وصف
به (أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون).
(الله يبدأ الخلق)
ينشئهم (ثم يعيده) بالبعث (ثم إليه ترجعون) التفات إلى الخطاب وقرىء بالياء
.
(ويوم
تقوم الساعة يبلس المجرمون) يسكنون حيرة ويأسا .
(ولم
يكن لهم من شركائهم) من أشركوهم بالله (شفعاء) يخلصونهم كما زعموا (وكانوا
بشركائهم كافرين) جاحدين .
(ويوم تقوم الساعة يومئذ) تأكيد (يتفرقون) أي
المؤمنون والكافرون .
(فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة)
أرض ذات خضرة وماء وهي الجنة (يحبرون) يسرون سرورا يتهللون له .
(وأما
الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) لا
يفارقونه .
(فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون).
(وله
الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون) أمر بلفظ الخبر أي نزهوه تعالى
وأثنوا عليه في هذه الأوقات لظهور قدرته وتجدد نعمته فيها وخص التسبيح
بالمساء والصباح لأظهرية آثار القدرة فيهما والحمد بالعشي وهو آخر النهار
والظهيرة وهي وسطه لأكثرية تجدد النعم فيهما .
(يخرج الحي من الميت)
كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة (ويخرج الميت) النطفة والبيضة (من
الحي ويحيي الأرض) بالنبات (بعد موتها) يبسها (وكذلك) الإخراج (تخرجون) من
قبوركم أحياء .