وقر،
ومن بيننا وبينك حجاب أو في الآخرة والتعبير بالماضي لتحققه ويشهد له قوله
ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم عميا وبكما وصما وكرر الجار ليكون أدل على
شدة الختم وأفرد السمع لأمن اللبس أو لمح أصله المصدر أو بتقدير حواس سمعهم
أو لمناسبة لوحدة المدرك كالجمع لتكثره (ولهم عذاب عظيم) أي في الآخرة
العذاب المعد للكافرين.
(ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر)
نزلت في الذين زادوا على كفرهم النفاق وتكرير الباء لادعاء الإيمان بكل على
الأصالة (وما هم بمؤمنين) نفي وتكذيب لما ادعوه وعدل عما آمنوا المطابق
لقولهم (ءامنا) للمبالغة لأن إخراجهم عن جملة المؤمنين أبلغ من نفي إيمانهم
في الماضي ولذا أكد النفي بالباء.
(يخادعون الله والذين ءامنوا)
يعاملونهم معاملة المخادع (وما يخدعون) ما يضرون بتلك الخديعة (إلا أنفسهم)
رجوع وبال ذلك عليهم دنيا وآخرة (وما يشعرون) أن الأمر كذلك وأن الله يطلع
نبيه على نفاقهم وكفرهم.
(في قلوبهم مرض) نفاق أو شك أو كفر وغل أو جبن
(فزادهم الله، مرضا) بإعلاء شأن نبيه (ولهم عذاب أليم) مؤلم (بما كانوا
يكذبون) بالتخفيف أي بسبب كذبهم بقولهم آمنا بالله وبالتشديد أي لتكذيبهم
الرسول ولفظ كان للاستمرار.
(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض) بإظهار
النفاق لعباد الله المستضعفين فتشوشوا عليهم دينهم (قالوا إنما نحن مصلحون)
لأنا لا نعتقد دينا فنرضى محمدا في الظاهر فنعتق أنفسنا من رقة في
الباطن.
(ألا إنهم هم المفسدون) بما يفعلون في أمور أنفسهم لأن الله
يعرف نبيه نفاقهم فهو يلعنهم ويأمر المسلمين بلعنهم (ولكن لا يشعرون) بذلك
مع ظهوره.
(وإذا قيل لهم ءامنوا كما ءامن الناس) كسلمان والمقداد وأبي
ذر وعمار (قالوا أنؤمن كما ءامن السفهاء) المذلون أنفسهم لمحمد حتى إذا
اضمحل أمرهم أهلكهم أعداؤه (ألا إنهم هم السفهاء) الأخفاء العقول والأراذل
إذ عرفوا بالنفاق عند الفريقين (ولكن لا يعلمون) أن الأمر كذلك وأن الله
يطلع نبيه على أسرارهم.
(وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا) صدر القصة
بيان لمذهبهم وهذه بيان لصنعهم مع المؤمنين والكفار فلا تكرير (وإذا خلوا
إلى شياطينهم) أخدانهم من المنافقين المشاركين لهم في تكذيب الرسول (قالوا
إنا معكم) أي في الدين والاعتقاد كما كنا وخاطبوهم بالاسمية تحقيقا لثباتهم
على دينهم وأكد بإن اعتناء بشأنه ورواجه منهم والمؤمنين بالفعلية إخبارا
بإحداث الإيمان ولم يعتنوا به ولم يتوقعوا رواجه (إنما نحن مستهزءون)
بالمؤمنين.
(الله يستهزىء بهم) يجازيهم جزاء من يستهزىء به أما في
الدنيا فبإجراء أحكام الإسلام عليهم وأما في الآخرة فبأن يفتح لهم وهم في
النار بابا إلى الجنة فيسرعون نحوه فإذا صاروا إليه سد عليهم (ويمدهم)
يمهلهم (في طغيانهم)