تفسير القرآن الكريم

(هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) جمع خليف أي تخلفون من قبلكم في التصرف فيها أو يخلف بعضكم بعضا (فمن كفر فعليه كفره) وبال كفره (ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا) أشد البغض (ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) للآخرة .

(قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله) أي أصنامكم التي أشركتموها بالله تعالى (أروني ماذا خلقوا من الأرض) بدل اشتمال من (أرأيتم) أي أخبروني أي شيء منها خلقوه (أم لهم شرك) شركة مع الله (في السموات) في خلقها (أم ءاتيناهم) أي الأصنام أو المشركين (كتابا فهم على بينة) حجة (منه) بأنا جعلناهم شركاء (بل إن يعد الظالمون بعضهم) أي الرؤساء (بعضا) أي الأتباع (إلا غرورا) باطلا بقولهم الأصنام تشفع لهم .
(إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا) كراهة زوالهما أو يمنعهما من الزوال (ولئن زالتا إن) ما (أمسكهما من أحد من بعده) بعد الله أو بعد زوالهما (إنه كان حليما) لا يعاجل بالعقوبة (غفورا) للذنوب .
(وأقسموا) أي قريش قبل بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين سمعوا أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم (بالله جهد أيمانهم) غاية جهدهم فيها (لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم) اليهود والنصارى وغيرهم (فلما جاءهم نذير) هو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ما زادهم إلا نفورا) تباعدا عن الهدى .
(استكبارا في الأرض) مفعول له أو بدل من نفورا (ومكر السيىء) مصدر أضيف إلى صفة معموله أي وإن مكروا المكر السيىء (ولا يحيق) يحيط (المكر السيىء إلا بأهله) وهو الماكر (فهل ينظرون) ينتظرون (إلا سنت الأولين) سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم (فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا) فلا يبدل بالعذاب غيره ولا يحول إلى غير مستحقه .
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) مما يشاهدونه من آثار إهلاكهم (وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه) ليسبقه ويفوته (من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما) بكل شيء (قديرا) على ما يشاء .
(ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا) من الذنوب (ما ترك على ظهرها) ظهر الأرض (من دابة) نسمة تدب عليها بشؤمهم (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) هو يوم القيامة (فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) فيجازيهم بأعمالهم.

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب