(أعدت) هيئت (للكافرين) المكذبين بكلامه ونبيه
.
(وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من
تحتها) تحت أشجارها أو مساكنها (الأنهار كلما رزقوا منها) من تلك الجنات
(من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) في الدنيا فأسماؤه كأسمائه
ولكنه في غاية اللطافة والطيب واللذة غير مستحيل إلى ما يستحيل إليه ثمار
الدنيا (وأتوا به متشابها) يشبه بعضه بعضا بأنها كلها خيار وبأنها متفقات
الألوان مختلفات الطعوم (ولهم فيها أزواج مطهرة) من أنواع الأقذار والمكاره
(وهم فيها خالدون) وبه يتم النعمة لأن خوف الانقطاع ينغص العيش.
(إن
الله لا يستحي أن يضرب مثلا) للحق يوضحه به لعباده المؤمنين (ما) أي مثل
كان إبهامية تزيد النكرة إبهاما أو زائدة للتأكيد نحو فبما رحمة (بعوضة)
عطف بيان لمثلا أو مفعول يضرب ومثلا حال منه مقدمة لتنكيره أو هما مفعولاه
لتضمنه معنى الجعل (فما فوقها) والبعوض صغار البق وهو رد على الطاعنين في
ضربه الأمثال في كتابه بالذباب والعنكبوت وغيرهما (فأما الذين ءامنوا
فيعلمون أنه) المثل المضروب (الحق من ربهم) أراد به الحق وإبانته (وأما
الذين كفروا فيقولون ما ذا) أي شيء (أراد الله بهذا مثلا) من جهة المثل
(يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) قيل هو جواب ماذا أي إضلال كثير بسبب إنكاره
وهداية كثير من جهة قبوله فهو يجري مجرى البيان للجملتين أي إن كلا من
الفريقين موصوف بالكثرة وبسببية لهما نسبأ إليه وروي أنه قول الكفار أي لا
معنى للمثل لأنه وإن نفع به من يهد به فهو يضربه من يضل به فرد الله عليهم
قولهم فقال (وما يضل به إلا الفاسقين) الخارجين عن دين الله.
(الذين
ينقضون عهد الله) ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد وصدق الرسل وما
أخذ في عالم الذر من الإقرار لله بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولأهل بيته
بالولاية (من بعد ميثاقه) أي أحكامه (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) من
الأرحام والقرابات سيما صلة النبي ومودة ذي القربى (ويفسدون في الأرض) بسبب
قطع ما في وصله نظام العالم وصلاحه (أولئك هم الخاسرون) لما صاروا إلى
النيران وحرموا الجنان.
(كيف تكفرون بالله) الخطاب لكفار قريش (وكنتم
أمواتا) عناصر وأغذية وأخلاطا ونطفا وما يتعقبها إلى ولوج الأرواح في أصلاب
آبائكم وأرحام أمهاتكم (فأحياكم) بنفخ الأرواح فيكم وعطف بالفاء لتعقيب
الموت بلا تراخ والبواقي بثم للتراخي (ثم يميتكم) في هذه الدنيا ويقبركم
(ثم يحييكم) في القبور وينعم فيها المؤمنين ويعذب فيها الكافرين أو في
القيامة (ثم إليه ترجعون) بعد النشور للجزاء أو تبعثون من قبوركم إليه
للحساب فواو (وكنتم) للحال والحال هي العلم بجملة القصة لا كل جملة منها
لمضي بعضها واستقبال بعضها.
(هو الذي خلق لكم) لانتفاعكم (ما في الأرض
جميعا) لتعتبروا به وتتوصلوا به إلى رضوانه وتتوقوا من عذاب نيرانه والأرض
داخلة فيما في الأرض إن