وهذه في الحقيقة بمثابة الدليل على ما ورد في الجملة السابقة، فانّ حضور الله سبحانه في كلّ مكان وفي كلّ زمان وفي الداخل والخارج، يوجب ألاّ يحصي أعمالنا ـ فقط ـ بل نيّاتنا وعقائدنا، وفي ذلك اليوم الكبير الذي هو «يوم البروز» يعرف كلّ شيء. ولكي يعلم الإنسان السبب في صعوبة الجزاء الإلهي.
1 ـ يوم ظرف ومتعلّق بالكافرين أو بالمهيمن، والإحتمال الأوّل أنسب، وإختاره كثير من المفسّرين. وإحتمال البعض انّ المتعلّق مقدّر بمعنى (اذكر) مستبعد.
2 ـ الكهف، الآية 49.
ولتأكيد حضور الله سبحانه في كلّ مكان وعلمه بكلّ شيء ينتقل الحديث إلى مسألة «النجوى» حيث يقول سبحانه: ( ألم تر أنّ الله يعلم ما في السماوات).
بالرغم من أنّ المخاطب في هذه الآية هو الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ المقصود هو عموم الناس(1)، ومقدّمة لبيان مسألة النجوى.
ثمّ يضيف تعالى: ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم، ولا خمسة إلاّ هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أين ما كانوا ثمّ ينّبئهم بما عملوا يوم القيامة إنّ الله بكلّ شيء عليم)(2).
نلاحظ هنا عدّة نقاط تستحقّ الإنتباه:
1 ـ «النجوى» و «النجاة» في الأصل بمعنى المكان المرتفع الذي إنفصل عن أطرافه وجوانبه بسبب إرتفاعه، ولأنّ الإنسان إذا أراد التكتم على حديثه يعتزل في مكان بعيد عن الآخرين، أو بلحاظ أنّ المتحدّث بالنجوى يريد أن ينجي أسراره من الكشف ويبعدها عن تناول أسماع الآخرين.
2 ـ يرى البعض أنّ «النجوى» يجب أن تكون بين ثلاثة أشخاص أو أكثر، وإذا كانت بين شخصين فيقال لها (سرار) على وزن (سِتار) إلاّ أنّ هذا خلاف ظاهر الآية، لأنّ الجملة: ( ولا أدنى من ذلك) تشير إلى أقلّ من ثلاثة أشخاص ـ أي شخصين ـ ومن الطبيعي أنّه إذا تناجى شخصان فلابدّ من أن يكون شخص ثالث قريب منهما، وإلاّ فلا ضرورة للنجوى. إلاّ أنّ ذلك لا يرتبط بما ذكرنا.
3 ـ والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا هي أنّ الآية أعلاه تحدّثت في البداية عن نجوى ثلاثة، ومن ثمّ عن نجوى خمسة، ولم يرد الكلام عن نجوى أربعة أشخاص والتي هي بين المرتبتين (ثلاثة وخمسة)، وبالرغم من أنّ كلّ ذلك جاء من باب
1 ـ «ألم تر»: من مادّة (رؤية) في الأصل بمعنى المشاهدة الحسيّة، إلاّ أنّها في كثير من الموارد جاءت بمعنى الشهود القلبي والعلم والمعرفة.
2 ـ «نجوى» بالرغم من أنّها مصدر إلاّ أنّها جاءت هنا اسم فاعل، أي من قبيل (زيد عادل).
المثال، إلاّ أنّ بعض المفسّرين ذكروا له وجوهاً مختلفة، وأنسبها أنّ المقصود بذلك رعاية الفصاحة في الكلام وعدم التكرار، لأنّه إذا قال تعالى (كلّ ثلاثة أشخاص يتناجون فإنّ الله رابعهم، وكلّ أربعة أشخاص يتناجون فإنّ الله خامسهم) فإنّ العدد (أربعة) يتكرّر هنا، وهذا بعيد عن البلاغة. وقال البعض: إنّ هذه الآيات نزلت حول مجموعة من المنافقين الذين كان عددهم نفس العدد المذكور.
4 ـ المقصود من أنّ «الله» رابعهم أو سادسهم هو أنّ الله عزّوجلّ موجود حاضر وناظر في كلّ مكان وعالم بكلّ شيء، وإلاّ فإنّ ذاته المقدّسة لا مكان لها، ولا يوصف بالعدد أبداً، ووحدانيّته أيضاً ليست وحدة عدديّة، بل بمعنى أنّه لا شبيه له، ولا نظير ولا مثيل.
5 ـ وجدير بالذكر أنّ الحديث في ذيل الآية يتجاوز النجوى، حيث تؤكّد الآية أنّ الله مع الإنسان في كلّ مكان، وسوف يُطلع الإنسان على أعماله يوم القيامة .. وتنتهي الآية بالإحاطة العلمية لله سبحانه، كما ابتدأت بالإحاطة العلمية بالنسبة لكلّ شيء.
6 ـ نقل بعض المفسّرين أنّ سبب نزول الآية، ما ورد عن ابن عبّاس أنّه قال: إنّ الآية نزلت حول ثلاثة أشخاص، هم (ربيعة وحبيب وصفوان) كانوا يتحدّثون مع بعضهم، وقال أحدهم للآخر: هل يعلم الله ما نقول؟ قال الثاني: قسم يعلمه وقسم لا يعلمه. وقال الثالث: إذا كان يعلم قسماً منه فإنّه يعلم جميعه، فنزلت الآية وأعلنت أنّ الله تعالى حاضر في كلّ نجوى وفي كلّ مكان في الأرض وفي السماء، كي يتّضح خطأ الغافلين عمي القلوب(1).
* * *
1 ـ تفسير الفخر الرازي، ج29، ص265.
تقدّم آنفاً أنّ الله تعالى ليس جسماً وليست له عوارض جسمانية، ومن هنا فلا يمكن أن نتصوّر له زماناً أو مكاناً، ولكن توهّم أن يوجد مكان لا يكون لله عزّوجلّ فيه حاضراً وناظراً يستلزم القول بتحديده سبحانه.
وبتعبير آخر فإنّ لله سبحانه إحاطة علمية بكلّ شيء في الوقت الذي لا يكون له مكان، مضافاً إلى أنّ ملائكته حاضرون في كلّ مكان، ويسمعون كلّ الأقوال والأعمال ويسجّلونها.
لذا نقرأ في حديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أنّه قال: «إنّما أراد بذلك إستيلاء أُمنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه، وإن فعلهم فعله»(1).
وطبيعي أنّ هذا هو بعد من أبعاد الموضوع، وأمّا البعد الآخر فيطرح فيه حضور ذات الله عزّوجلّ، كما نقرأ في حديث آخر هو أنّ أحد كبار علماء النصارى سأل عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أين الله؟ قال (عليه السلام): هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت، ومحيط بنا ومعنا، وهو قوله: ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم)(2).
وفي الحديث المعروف (الإهليلجة) نقرأ عن الإمام الصادق (عليه السلام): إنّ الله تعالى سمّي «السميع» بسبب أنّه لا يتناجى ثلاثة أشخاص إلاّ هو رابعهم ... ثمّ أضاف: يسمع دبيب النمل على الصفا وخفقان الطير في الهواء، لا يخفى عليه خافية، ولا شيء ممّا تدركه الأسماع والأبصار، وما لا تدركه الأسماع والأبصار، ما جلّ من ذلك وما دقّ وما صغر وما كبر(3).
* * *
1 ـ نور الثقلين، ج5، ص258، حديث20.
2 ـ تفسير نور الثقلين، ج5، ص259، الحديث 23.
3 ـ نور الثقلين، ج5، ص258، حديث21.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَـجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَنِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَـجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَـجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَنِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَـجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَـنِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ(10)
نقلت روايتان حول سبب نزول الآية الاُولى أعلاه، وكلّ واحدة منهما تخصّ
قسماً من الآية الكريمة.
تقول الرواية الاُولى: إنّ الآية نزلت في اليهود والمنافقين حيث كانوا يتناجون فيما بينهم بمعزل عن المؤمنين، مع الإشارة إليهم بأعينهم غمزاً، فلمّا رأى المؤمنون نجواهم ظنّوا أنّ سوءاً حصل لإخوانهم في السرايا فحزنوا لذلك، وبثّوا حزنهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمرهم الرّسول ألاّ يتناجوا دون المسلمين، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فنزلت الآية أعلاه وهدّدتهم بشدّة(1).
أمّا الرواية الثانية فقد نقل في صحيح مسلم والبخاري وكثير من كتب التّفسير أنّ قسماً من اليهود جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبدلا من قولهم له: السلام عليكم، قالوا: أسام عليك ياأبا القاسم (والتي تعني الموت عليك أو الملالة والتعب) فكان ردّ الرّسول عليهم (وعليكم) تقول عائشة: إنّي فهمت مرادهم وقلت: (عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم).
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ياعائشة عليك بالرفق وإيّاك العنف والفحش، فقلت: ألا تسمعهم يولون السام؟ فقال: وأما سمعت ما أقول عليكم فأنزل اللّه تعالى: ( إن جاؤوك حيّوك....)(2).
البحث في هذه الآيات هو إستمرار لأبحاث النجوى السابقة، يقول سبحانه: ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثمّ يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول).
ويستفاد من هذه الآية بصورة جليّة أنّ المنافقين واليهود قد نهوا من قبل
1 ـ مجمع البيان، ج9، ص249.
2 ـ تفسير المراغي، ج28، ص13.
ومنعوا من النجوى التي تولّد سوء الظنّ عند الآخرين وتسبّب لهم القلق، إلاّ أنّهم لم يعيروا أي إهتمام لمثل هذا التحذير، والأدهى من ذلك أنّ نجواهم كانت تدور حول إرتكاب الذنوب ومخالفة أوامر الله ورسوله.
والفرق بين «الإثم» و «العصيان» و «معصية الرّسول»، هو أنّ «الإثم» يشمل الذنوب التي لها جانب فردي كشرب الخمر، أمّا «العدوان» فإنّها تعني التجاوز على حقوق الآخرين، وأمّا «معصية الرّسول» فإنّها ترتبط بالاُمور والتعليمات التي تصدر من شخص الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره رئيساً للدولة الإسلامية، ويتصدّى لمصالح المجتمع الإسلامي. وبناءً على هذا فإنّهم يطرحون في نجواهم كلّ عمل مخالف، وهو أعمّ من الأعمال التي تكون مرتبطة بهم أو بالآخرين أو الحكومة الإسلامية وشخص الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
والتعبير بـ (يعودون) و (يتناجون) جاء هنا بصيغة مضارع، حيث يوضّح لنا أنّ هذا العمل يتكرّر بإستمرار، وقصدهم به إزعاج المؤمنين.
وعلى كلّ حال، فالآية جاءت بعنوان إخبار غيبي يكشف مخالفاتهم ويظهر خطّهم المنحرف.
وإستمراراً لهذا الحديث فإنّ القرآن الكريم يشير إلى مورد آخر من أعمال التجاوز والمخالفة للمنافقين واليهود، حيث يقول تعالى: ( وإذا جاؤك حيّوك بما لم يحيّك به الله).
«حيّوك» من مادّة (تحية) مأخوذة في الأصل من الحياة بمعنى الدعاء بالسلام والحياة الاُخرى، والمقصود بالتحية الإلهية في هذه الآية هو: (السلام عليكم) أو (سلام الله عليك) والتي وردت نماذج منها في الآيات القرآنية عن الأنبياء وأصحاب الجنّة، ومن جملتها قوله تعالى: ( سلام على المرسلين)(1).
1 ـ الصافات، الآية 181.
وأمّا التحيّة التي لم يحيّ بها الله، ولم يكن قد سمح بها هي جملة: (أسام عليك).
ويحتمل أيضاً أن تكون التحية المقصودة بالآية الكريمة هي تحيّة الجاهلية حيث كانوا يقولون: (أنعم صباحاً) و (أنعم مساءً) وذلك بدون أن يتوجّهوا بكلامهم إلى الله سبحانه ويطلبون منه السلامة والخير للطرف الآخر.
هذا الأمر مع أنّه كان سائداً في الجاهلية، إلاّ أنّ تحريمه غير ثابت، وتفسير الآية أعلاه له بعيد.
ثمّ يضيف تعالى أنّ هؤلاء لم يرتكبوا مثل هذه الذنوب العظيمة فقط بل كانوا مغرورين متعالين وكأنّهم سكارى فيقول عزّوجلّ: ( ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا الله بما نقول) وبهذه الصورة فإنّهم قد أثبتوا عدم إيمانهم بنبوّة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)وكذلك عدم إيمانهم بالإحاطة العلمية لله سبحانه.
وبجملة قصيرة يرد عليهم القرآن الكريم: ( حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير).
والطبيعي أنّ هذا الكلام لا ينفي عذابهم الدنيوي، بل يؤكّد القرآن على أنّه لو لم يكن لهؤلاء سوى عذاب جهنّم، فإنّه سيكفيهم وسيرون جزاء كلّ أعمالهم دفعة واحدة في نار جهنّم.
ولأنّ النجوى قد تكون بين المؤمنين أحياناً وذلك للضرورة أو لبعض الميول، لذا فإنّ الآية اللاحقة تخاطب المؤمنين ستكون مناجاتهم في مأمن من التلوّث بذنوب اليهود والمنافقين حيث يقول الباريء عزّوجلّ: ( ياأيّها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول، وتناجوا بالبرّ والتقوى واتّقوا الله الذي إليه تحشرون).
يستفاد من هذا التعبير ـ بصورة واضحة ـ أنّ النجوى إذا كانت بين المؤمنين فيجب أن تكون بعيدة عن السوء وما يثير قلق الآخرين، ولابدّ أن يكون مسارها
التواصي بالخير والحسنى، وبهذه الصورة فلا مانع منها.
ولكن كلّما كانت النجوى بين أشخاص كاليهود والمنافقين الذين يهدفون إلى إيذاء المؤمنين، فنفس هذا العمل حرام وقبيح، فكيف الحال إذا كانت نجواهم شيطانية وتآمرية، ولذلك فإنّ القرآن يحذّر منها أشدّ تحذير في آخر آية مورد للبحث، حيث يقول تعالى: ( إنّما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا) ولكن يجب أن يعلموا أنّ الشيطان لا يستطيع إلحاق الضرر بأحد إلاّ أن يأذن الله بذلك ( وليس بضارّهم شيئاً إلاّ بإذن الله).
ذلك لأنّ كلّ مؤثّر في عالم الوجود يكون تأثيره بأمر الله حتّى إحراق النار وقطع السيف.
( وعلى الله فليتوكّل المؤمنون) إذ أنّهم ـ بالروح التوكّلية على الله، وبالإعتماد عليه سبحانه ـ يستطيعون أن ينتصروا على جميع هذه المشاكل، ويفسدوا خطط أتباع الشيطان، ويفشلوا مؤامراته.
* * *
لهذا العمل من الوجهة الفقهيّة الإسلامية أحكام مختلفة حسب إختلاف الظروف، ويصنّف إلى خمسة حالات تبعاً لطبيعة الأحكام الإسلامية في ذلك.
فتارةً يكون هذا العمل «حراماً» وفيما لو أدّى إلى أذى الآخرين أو هتك حرمتهم ـ كما اُشير له في الآيات أعلاه ـ كالنجوى الشيطانية حيث هدفها إيذاء المؤمنين.
وقد تكون النجوى أحياناً (واجبة) وذلك في الموضوعات الواجبة السرّية، حيث أنّ إفشاءها مضرّ ويسبّب الخطر والأذى، وفي مثل هذه الحالة فإنّ عدم
العمل بالنجوى يستدعي إضاعة الحقوق وإلحاق خطر بالإسلام والمسلمين.
وتتصف النجوى في صورة اُخرى بالإستحباب، وذلك في الأوقات التي يتصدّى فيها الإنسان لأعمال الخير والبرّ والإحسان، ولا يرغب بالإعلان عنها وإشاعتها وهكذا حكم الكراهة والإباحة.
وأساساً، فانّ كلّ حالة لا يوجد فيها هدف مهمّ فالنجوى عمل غير محمود، ومخالف لآداب المجالس، ويعتبر نوعاً من اللامبالاة وعدم الإكتراث بالآخرين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى إثنان دون صاحبهما فإنّ ذلك يحزنه»(1).
كما نقرأ في حديث عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: كنّا نتناوب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل الثوب المحتسبون ليلة حتّى إذا كنّا نتحدّث فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الليل فقال: ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى»(2).
ويستفاد من روايات أُخرى أنّ الشيطان ـ لإيذاء المؤمنين ـ يستخدم كلّ وسيلة ليس في موضوع النجوى فقط، بل أحياناً في عالم النوم حيث يصوّر لهم مشاهد مؤلمة توجب الحزن والغمّ، ولابدّ للإنسان المؤمن في مثل هذه الحالات أن يلتجيء إلى الله ويتوكّل عليه، ويبعد عن نفسه هذه الوساوس الشيطانية(3).
من المتعارف عليه إجتماعياً في حالة الدخول إلى المجالس تبادل العبارات
1 ـ تفسير مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث، والدرّ المنثور، ج6، ص184 واُصول الكافي، ج2، ص483 (باب المناجاة) حديث 1، 2.
2 ـ الدرّ المنثور، ج6، ص184.
3 ـ للإطلاع الأكثر على هذه الروايات يراجع تفسير نور الثقلين، ج5، ص261 ـ 262، حديث 31، 32.
التي تعبّر عن الودّ والإحترام بين الحاضرين ـ كلّ منهم للآخر ـ ويسمّى هذا بالتحيّة، إلاّ أنّ المستفاد من الآيات أعلاه أن يكون للتحيّة محتوى إلهي، كما في بقيّة القواعد الخاصّة بآداب المعاشرة.
ففي التحيّة بالإضافة إلى الإحترام والإكرام لابدّ أن تقرن بذكر الله في حالة اللقاء، كما في (السلام) الذي تطلب فيه من الله السلامة للطرف الآخر.
وقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم ـ في نهاية الآيات مورد البحث ـ أنّ مجموعة من أصحاب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما كانوا يقدمون عليه يحيّونه بقولهم (أنعم صباحاً) و (أنعم مساءً) وهذه تحية أهل الجاهلية فأنزل الله: ( فإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به الله) فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «قد أبدلنا الله بخير تحيّة أهل الجنّة السلام عليكم»(1).
كما أنّ من خصوصيات السلام في الإسلام أن يكون مقترناً بذكر الله تعالى، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى ففي السلام سلامة كلّ شيء أعمّ من الدين والإيمان والجسم والروح ... وليس منحصراً بالراحة والرفاه والهدوء(2).
(وحول حكم التحية والسلام وآدابها كان لدينا بحث مفصّل في نهاية الآية (86) في سورة النساء).
* * *
1 ـ نور الثقلين، ج 5، حديث30.
2 ـ في كتاب «بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب» جاء بحث مفصّل حول تحيّة العرب في الجاهلية وتفسير عبارة (أنعم صباحاً) و (أنعم مساءاً)، ج2، ص192.
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى الَْمجَـلِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَـت وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11)
نقل العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان، والآلوسي في روح المعاني، وجمع آخر من المفسّرين، أنّ هذه الآية نزلت يوم الجمعة وكان رسول الله يومئذ في (الصفّة) وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر. قد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول الله فقالوا: السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته. فردّ النبي عليهم، ثمّ سلّموا على القوم بعد ذلك فردّوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينظرون أن يوسّع لهم، فعرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يحملهم على القيام، فشقّ ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر! قم يافلان، قم يافلان، فلم يزل يقيمهم بعدّة النفر الذين هم قيام بين
يديه من المهاجرين والأنصار ـ أهل بدر ـ فشقّ ذلك على من اُقيم من مجلسه، وعرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الكراهة في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أنّ صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء! إنّ قوماً أخذوا مجالسهم وأحبّوا القرب من نبيّهم، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه .. فبلغنا أنّ رسول الله قال: «رحم الله رجلا يفسح لأخيه» فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعاً، فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية(1).
تعقيباً على الموضوع الذي جاء في الرّوايات السابقة حول ترك (النجوى) في المجالس، يتحدّث القرآن عن أدب آخر من آداب المجالس حيث يقول سبحانه: ( ياأيّها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا(2) يفسح الله لكم).
«تفسّحوا» من مادّة (فسح) على وزن قفل بمعنى المكان الواسع، وبناءً على هذا، فإنّ التفسّح بمعنى التوسّع، وهذه واحدة من آداب المجالس، فحين يدخل شخص إلى المجلس فإنّ المرجو من الحاضرين أن يجلسوا بصورة يفسحوا بها مجالا له، كي لا يبقى في حيرة وخجل، وهذا الأدب أحد عوامل تقوية أواصر المحبّة والودّ على عكس النجوى التي اُشير إليها في الآيات السابقة، والتي هي أحد عوامل التفرقة والشحناء، وإثارة الحساسيات والعداوة.
1 ـ تفسير روح المعاني، ج28، ص25. ومجمع البيان، ج9، ص252، ونقل مفسّرون آخرون نفس النصّ باختلاف قليل كالفخر الرازي والقرطبي والسيوطي في الدرّ المنثور وفي ظلال القرآن أيضاً في نهاية الآية مورد البحث.
2 ـ إنّ إختلاف التعبيرين ـ تفسّحوا و افسحوا ـ عن الآخر وهو أنّ أحدهما من تفعّل، والآخر من الثلاثي المجرّد، ويمكن أن يكون الفرق أنّ الأوّل له صفة التكلّف، والآخر خال من هذه الصفة، يعني كما لو قال قائل: افسحوا للشخص الذي يقدم توّاً، فإنّ الجالسين بدون أن يشعروا بالتكلّف يتفسّحون، (يرجى ملاحظة ذلك).
والشيء الملاحظ أنّ القرآن الكريم، الذي هو بمثابة دستور لجميع المسلمين لم يهمل حتّى هذه المسائل الجزئية الأخلاقية في الحياة الإجتماعية للمسلمين، بل أشار إليها بما يناسبها ضمن التعليمات الأساسية، حتّى لا يظنّ المسلمون أنّه يكفيهم الإلتزام بالمباديء الكليّة.
جملة ( يفسح الله لكم) فسّرها بعض المفسّرين بتوسّع المجالس في الجنّة، وهو ثواب يعطيه الله تعالى للأشخاص الذين يراعون هذه الآداب في عالم الدنيا، ويلتزمون بها، وبلحاظ كون الآية مطلقة وليس فيها قيد أو شرط فإنّ لها مفهوماً واسعاً، وتشمل كلّ سعة إلهيّة، سواء كانت في الجنّة أو في الدنيا أو في الروح والفكر أو في العمر والحياة، أو في المال والرزق، ولا عجب من فضل الله تعالى أن يجازي على هذا العمل الصغير بمثل هذا الأجر الكبير، لأنّ الأجر بقدر كرمه ولطفه لا بقدر أعمالنا.
وبما أنّ المجالس تكون مزدحمة أحياناً بحيث أنّه يتعذّر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسّح أو القيام، وإذا وجد مكان فإنّه غير متناسب مع مقام القادمين وإستمراراً لهذا البحث يقول تعالى: ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا)(1)أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا.
ولا ينبغي أن تضجروا أو تسأموا من الوقوف، لأنّ القادمين أحياناً يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس، وذلك لشدّة التعب أو الكهولة أو للإحترام الخاصّ لهم، وأسباب اُخرى.
وهنا يجب أن يؤثّر الحاضرون على أنفسهم ويتقيّدوا بهذا الأدب الإسلامي، كما مرّ بنا في سبب نزول الآية، حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر المجموعة التي
1 ـ «انشزوا» من مادّة (نشزَ) على وزن (نصر) مأخوذة من معنى الأرض العالية، لذلك استعمل بمعنى القيام، و «المرأة الناشزة» تطلق على كلّ من تعتبر نفسها أعلى من أن تطيع أمر زوجها، وإستعمل هذا المصطلح أحياناً بمعنى الإحياء، لأنّ هذا الأمر سبب للقيام من القبور.
كانت جالسة بالقرب منه بالتفسّح للقادمين الجدد لأنّهم كانوا من مجاهدي بدر، وأفضل من الآخرين من ناحية العلم والفضيلة.
كما فسّر بعض المفسّرين (انشزوا) بمعناها المطلق وبمفهوم أوسع، حيث تشمل أيضاً القيام للجهاد والصلاة وأعمال الخير الاُخرى، إلاّ أنّه من خلال التمّعن والتدقيق في الجملة السابقة لها والتي فيها قيد «في المجالس»، فالظاهر أنّ هذه الآية مقيّدة بهذا القيد، فيمتنع إطلاقها بسبب وجود القرينة.
ثمّ يتطرّق سبحانه إلى الجزاء والأجر الذي يكون من نصيب المؤمنين إذا التزموا بالأمر الإلهي، حيث يقول عزّوجلّ: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اُوتوا العلم درجات)(1).
وذلك إشارة إلى أنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أمر البعض بالقيام وإعطاء أماكنهم للقادمين، فإنّه لهدف إلهي مقدّس، وإحتراماً للسابقين في العلم والإيمان.
والتعبير بـ (درجات) بصورة نكرة وبصيغة الجمع، إشارة إلى الدرجات العظيمة والعالية التي يعطيها الله لمثل هؤلاء الأشخاص، الذين يتميّزون بالعمل والإيمان معاً، أو في الحقيقة أنّ الأشخاص الذين يتفسّحون للقادمين لهم درجة، واُولئك الذين يؤثرون ويعطون أماكنهم ويتّصفون بالعلم والتقوى لهم درجات أعلى.
وبما أنّ البعض يؤدّي هذه التعليمات ويلتزم بهذه الآداب عن طيب نفس ورغبة، والآخرون يؤدّونها عن كراهية أو للرياء. والتظاهر .. فيضيف تعالى في نهاية الآية: ( والله بما تعملون خبير).
* * *
1 ـ «يرفع» في الآية أعلاه مجزومة بسبب صيغة الأمر التي جاءت قبلها، والتي في الحقيقة تعطي مفهوم الشرط، ويرفع بمنزلة جزاء هذا الشرط.
بالرغم من أنّ الآية نزلت في مورد خاصّ، إلاّ أنّ لها مفهوماً عامّاً، وبملاحظة أنّ ما يرفع مقام الإنسان عند الله شيئان: الإيمان، و العلم. وبالرغم من أنّ «الشهيد» في الإسلام يتمتع بمقام سام جدّاً، إلاّ أنّنا نقرأ حديثاً للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يبيّن لنا فيه مقام أهل العلم حيث قال: «فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة .. وفضل العالم على سائر الناس، كفضلي، على أدناهم»(1).
وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) نقرأ الحديث التالي: «من جاءته منيّته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة»(2).
ومعلوم أنّ الليالي المقمرة لها بهاء ونضرة، خصوصاً ليلة الرابع عشر من الشهر، حيث يكتمل البدر ويزداد ضوؤه بحيث يؤثّر على ضوء النجوم .. هذا المعنى الظريف ورد في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»(3).
والطريف هنا أنّ العابد ينجز عبادته التي هي الهدف من خلق الإنسان، ولكن بما أنّ روح العبادة هي المعرفة، لذا فإنّ العالم مفضّل عليه بدرجات.
وما جاء حول أفضلية العالم على العابد في الروايات أعلاه يقصد منه بيان الفرق الكبير بين هذين الصنفين، لذا ورد في حديث آخر حول الإختلاف بينهما بدلا من درجة واحدة مائة درجة، والمسافة بين درجة واُخرى بمقدار عدو الخيل في سبعين سنة(4).
1 ـ مجمع البيان، ج9، ص253.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ جوامع الجامع، مطابق لنقل نور الثقلين، ج5، ص264، والقرطبي، ج9، ص6470.
4 ـ المصدر السابق.
وواضح أيضاً أنّ مقام الشفاعة لا يكون لأي شخص في يوم القيامة، بل هي مقام المقرّبين في الحضرة الإلهية، ولكن نقرأ في حديث للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثمّ العلماء، ثمّ الشهداء»(1).
وفي الحقيقة أنّ الموفّقية في طريق التكامل وجلب رضا الله والقرب منه مرهون بعاملين أساسين هما: الإيمان والعلم، أو الوعي والتقوى وكلّ منهما ملازم للآخر، ولا تتحقّق الهداية بأحدهما دون الآخر.
أشار القرآن الكريم مرّات عديدة إلى الآداب الإسلامية في المجالس ضمن المسائل الأساسية، ومنها آداب التحيّة، والدخول إلى المجلس، وآداب الدعوة إلى الطعام. وآداب التكلّم مع الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآداب التفسّح للأشخاص القادمين، خصوصاً ذوي الفضيلة والسابقين في العلم والإيمان(2).
وهذا يرينا بوضوح أنّ القرآن الكريم يرى لكلّ موضوع في محلّه أهميّة وقيمة خاصّة، ولا يسمح لتساهل الأفراد وعدم إهتمامهم أن تؤدّي إلى الإخلال بالآداب الإنسانية للمعاشرة.
وقد نقلت في كتب الحديث مئات الروايات عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) حول آداب المعاشرة مع الآخرين. جمعها المحدّث الكبير الشيخ الحرّ العاملي في كتابه وسائل الشيعة، ج8، حيث رتّبها في 166 باباً.
وملاحظة الجزئيّات الموجودة في هذه الروايات ترشدنا إلى مبلغ إهتمام الإسلام بالآداب الإجتماعية. حيث تتناول هذه الروايات حتّى طريقة الجلوس،
1 ـ روح المعاني، ج28، ص26، والقرطبي، ج9، ص6470.
2 ـ جاءت هذه التعليمات من خلال التسلسل في الآيات التالية: آداب التحيّة والسلام. النساء / 86، آداب الدعوة إلى الطعام. الأحزاب / 53، آداب التكلّم مع الرّسول. الحجرات / 2، وآداب التفسّح. في الآيات مورد البحث.
وطريقة التكلّم والإبتسامة والمزاح والإطعام، وطريقة كتابة الرسائل، بل حتّى طريقة النظر إلى الآخرين، وقد حدّدت التعليمات المناسبة لكلّ منها، والحديث المفصّل عن هذه الروايات يخرجنا عن البحث التّفسيري، إلاّ أنّنا نكتفي بحديث واحد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول: «ليجتمع في قلبك الإفتقار إلى الناس، والإستغناء عنهم، فيكون إفتقارك إليهم في لين كلامك وحسن سيرتك، ويكون إستغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك»(1).
* * *
1 ـ وسائل الشيعة، ج8، ص401.
يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَـجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(12) ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَـت فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَءَاتُوا الزَّكَوةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(13)