توسل آدم عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وآله وقبول توبته بهم عليهم السلام

قال عليه السلام: فلما زلت من آدم الخطيئة، واعتذر إلى ربه عزوجل، قال(1): يا رب تب علي، واقبل معذرتي، وأعدني إلى مرتبتي، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص(2) الخطيئة وذلها في أعضائي وسائر بدني.

قال الله تعالى: يا آدم أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك، وفي النوازل [التي](3) تبهظك؟ قال آدم: يارب بلى.

قال الله عزوجل(له: فتوسل بمحمد)(4) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا، فادعني أجبك إلى ملتمسك، وأزدك فوق مرادك.

فقال آدم: يارب، يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل [إليك] بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك، وأبحته(5) جنتك وزوجته حواء أمتك، وأخدمته كرام ملائكتك ! قال الله تعالى: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك [و] بالسجود [لك] إذ كنت وعاء‌ا لهذه الانوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها، وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منه لكنت قد جعلت(6) ذلك.

ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن فبهم فادعني لاجبك.

___________________________________

(1) " وقال " البحار.

(2) " بعض " الاصل.وما في المتن من التأويل والبحار والبرهان.

(3) من البحار.

بهظه الامر: أثقله وسبب له مشقة.وفى " أ " النوازل ينهضك، وهو تصحيف.

(4) " فهم محمد " أ، س.

(5) " والجنة " أ، واستظهرها: اسكنته.

(6) " فعلت " التأويل والبرهان.

(*)

[226]

فعند ذلك قال آدم: " اللهم [بجاه محمد وآله الطيبين](1) بجاه محمد وعلي وفاطمة، والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت [علي] بقبول توبتي وغفران زلتي(2) وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي ".

فقال الله عزوجل: قد قبلت توبتك، وأقبلت برضواني عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي، ووفرت نصيبك من رحماتي.

فذلك قوله عزوجل:(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)(3).

106 - ثم قال عزوجل: للذين أهبطهم - من آدم وحواء وإبليس والحية -:(ولكم في الارض مستقر) مقام فيها تعيشون، وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي للاخرة، فطوبى لمن(تزود منها)(4) لدار البقاء(ومتاع إلى حين) لكم في الارض منفعة إلى حين موتكم، لان الله تعالى منها يخرج زروعكم وثماركم، وبها ينزهكم وينعمكم، وفيها أيضا بالبلايا(5) يمتحنكم.يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكركم(6) نعيم الآخرة الخالص، مما ينقص(7) نعيم الدنيا ويبطله، ويزهد فيه ويصغره ويحقره.

ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي [قد] تكون في خلالها(الرحمات، وفي تضاعيفها

___________________________________

(1) من التأويل والبحار والبرهان.

(2) " خطيئتى " البرهان.

(3) عنه تأويل الايات: 1 / 46 ح 21، والبحار: 11 / 191 ضمن ح 47، والبرهان: 1 / 87 صدر ح 12، وغاية المرام: 394 صدر ح 7.

(4) " تروضها " أ." يروضها " س، ص، ق، د، والبحار.

راض يروض روضا ورياضة المهر: ذلله وطوعه وعلمه السير.

(5) " بالبلاء " ب، ط.

(6) " لتذكروا " ب، س، ص، ط، ق، د، والبحار.

(7) " ينغص " ق، د.

(*)

[227]

النعم التي)(1)، تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب(2) الابد الذي لا يشوبه عافية، ولا يقع في تضاعيفه راحة ولا رحمة.

" فتلقى آدم " قد فسر.

" وقلنا اهبطوا " قد فسر.

ثم قال الله عزوجل:(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا): الدالات على صدق محمد صلى الله عليه وآله على ما جاء به من أخبار القرون السالفة، وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي عليه السلام وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيد البريات(اولئك) الدافعون لصدق محمد في إنبائه [والمكذبون له في نصبه(3) لاوليائه] علي سيد الاوصياء، والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين(أصحاب النارهم فيها خالدون).(4) قوله عزوجل: " يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى اوف بعهدكم واياى فارهبون":40 .

107 - قال الامام عليه السلام: قال الله عزوجل:(يا بني إسرائيل) ولد(5) يعقوب إسرائيل الله(اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) لما بعثت محمدا صلى الله عليه وآله، وأقررته في مدينتكم، ولم أجشمكم الحط والترحال إليه، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله.

(وأوفوا بعهدي) الذي أخذته على أسلافكم، أنبياؤهم(6) وأمروهم(7) أن يؤدوه

___________________________________

(1) " الزحمات وفي تضاعيفها النقمات المجحفة " الاصل - والظاهر أنها تصحيف بقرينة العبارة اللاحقة.

وما في المتن كما في البحار.

(2) " عقاب " أ.

(3) " تصديقه " ص، البحار.

(4) عنه البحار: 11 / 192 ضمن ح 47 إلى قوله " الطيبين الطاهرين "، والبرهان: 1 / 88 ذ ح 12، وغاية المرام: 394 ح 7 إلى قوله " راحة ولا رحمة ".

(5) " أولاد " ب، س، ص، ق، د، ط.

(6) " أنبياؤكم " البحار: 9.

(7) " وأمرهم " أ.

(*)

[228]

إلى أخلافهم ليؤمنوا بمحمد العربي [القرشي] الهاشمي، المبان بالآيات، والمؤيد بالمعجزات التي منها: أن كلمته ذراع مسمومة، وناطقه ذئب، وحن إليه عود المنبر وكثر الله له القليل من الطعام، وألان له الصلب(1) من الاحجار، وصلب له المياه السيالة(2) ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها.

والذى جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالب عليه السلام شقيقه ورفيقه، عقله من عقله، وعلمه من علمه، [وحكمه من حكمه] وحلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر، وعلمه الفاضل، وفضله الكامل.

(أوف بعهدكم) الذي أوجبت به لكم نعيم الابد في دار الكرامة ومستقر الرحمة.

(وإياي فارهبون) في مخالفة محمد صلى الله عليه وآله، فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي(3) قوله عزوجل: " وآمنوا بما أنزلت مصدقا لم معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا واياى فاتقون ": 41 .

108 - قال الامام عليه السلام: [ثم] قال الله عزوجل لليهود:(وآمنوا) أيها اليهود(بما أنزلت) على محمد [نبيي] من ذكر نبوته، وإنباء إمامة أخيه علي عليه السلام وعترته [الطيبين] الطاهرين(مصدقا لما معكم) فان مثل هذا الذكر(4) في كتابكم أن محمدا النبي سيد الاولين والآخرين، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين فاروق هذه الامة، وباب مدينة الحكمة، ووصي رسول [رب](5) الرحمة.

(ولا تشتروا بآياتي) المنزلة لنبوة محمد صلى الله عليه وآله، وإمامة علي عليه السلام، والطيبين

___________________________________

(1) " الصلد " أ.

صلدت الارض: صلبت.

(2) " السائلة " س.

السيال: الشديد السيل.

(3) عنه تأويل الايات: 1 / 50 ح 25، البحار: 9 / 178 صدر ح 6، ج 26 / 287 ح 47 والبرهان: 1 / 90ح1.

(4) " لذكر " أ.

(5) من التأويل والبحار.

(*)

[229]

من عترته(ثمنا قليلا) بأن تجحدوا نبوة النبي [محمد] صلى الله عليه وآله وإمامة الامام [علي] عليه السلام [وآلهما] وتعتاضوا عنها عرض(1) الدنيا، فان ذلك وإن كثر فالى نفاد وخسار وبوار.

ثم قال الله عزوجل:(وإياي فاتقون) في كتمان أمر محمد صلى الله عليه وآله وأمر وصيه عليه السلام.

فانكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، وبراهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم، وأبطلت تمويهكم.

وهؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وآله وخانوه، وقالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي، وأن عليا وصيه، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا - يشيرون إلى علي عليه السلام - فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم، وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد صلى الله عليه وآله هذا، والوصي علي هذا، ولو أذن الله(2) لنا لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات.

ولو تزيلوا(3) لعذب [الله](4) هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت(5) قوله عزوجل: " ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين.

أتأمرون الناس بالبر

___________________________________

(1) العرض - بالفتح -: اسم لما لادوام له.حطام الدنيا.

(2) " أذنا " أ.

" أذن " البحار: 9.

(3) " يزيلوا " أ.

وتزايلوا: تفرقوا.أى لو تميزت ذرياتهم المؤمنات عن أصلابهم لعذبهم الله.

(4) من التأويل والبحار: 24.

(5) عنه تأويل الايات: 1 / 51 ح 26، البحار: 9 / 179 ضمن ح 6، وج 24 / 393 ح 113، وج 69 / 341(قطعة)، وج 70 / 267(قطعة) والبرهان: 1 / 91 ح 1.

(*)

[230]

وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.

واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين.

الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وانى فضلتكم على العالمين.

واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون.

واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناء‌كم ويستحيون نساء‌كم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ": 42 - 49 .

109 - قال الامام عليه السلام: خاطب الله بها قوما من اليهود لبسوا(1) الحق بالباطل بأن زعموا أن محمدا صلى الله عليه وآله نبي، وأن عليا وصي، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟ قالوا: بلى.

فجاؤا بها، وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عزوجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون، وهو في يد قراء‌ين(2) منهم، مع أحدهما أوله، ومع الآخر آخره فانقلب ثعبانا، له رأسان، [و] تناول كل رأس منهما يمين من هو في يده، وجعل يرضضه ويهشمه، ويصيح الرجلان ويصرخان.

وكانت هناك طوامير أخر فنطقت وقالت: لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرء‌ا مافيها من صفة محمد صلى الله عليه وآله ونبوته، وصفة علي عليه السلام وإمامته على ما أنزلالله تعالى فيها(3).

فقرء‌اه صحيحا، وآمنا برسول الله صلى الله عليه وآله واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله.

___________________________________

(1) " ألبسوا " ب، ط، والبرهان.

(2) " قارئين " التأويل، والبحار.

والقراء - بفتح القاف وتشديد الراء - الحسن القراء‌ة.ج قراؤون.

(3) أى في التوراة، وفى ب، ص، ط، والبحار: فيه.

(*)

[231]

فقال الله عزوجل(ولا تلبسوا الحق بالباطل) بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه(وتكتموا الحق) من نبوة هذا، وإمامة هذا(وأنتم تعلمون) أنكم تكتمونه وتكابرون علومكم وعقولكم، فان الله إذا كان قد جعل أخباركم حجة، ثم جحدتم لم يضيع [هو] حجته، بل يقيمها من غير جهتكم(1) فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم وتقاهرونه.(2) ثم قال الله عزوجل لهؤلاء:(وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة واركعوا مع الراكعين).

110 - قال:(أقيموا الصلوة) المكتوبات(3) التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله، وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين الذين علي سيدهم وفاضلهم.

(وآتوا الزكوة) من أموالكم إذا وجبت، ومن أبدانكم إذا لزمت، ومن معونتكم إذا التمست.

(واركعوا مع الراكعين) تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عزوجل في الانقياد لاولياء الله: لمحمد نبي الله، ولعلي ولي الله، وللائمة بعدهما سادة أصفياء الله(4)

___________________________________

(1) " حجتكم " البحار: 9.

(2) عنه تأويل الايات: 1 / 52 ح 27، والبحار: 9 / 307 صدر ح 10، والبرهان: 1 / 91 صدر ح 1، ومدينة المعاجز: 79 ح 199.

(3) " المكتوبة " ق، د.

(4) عنه تأويل الايات: 1 / 53 ح 28، والبحار: 24 / 395 ح 114، وج 74 / 308 صدر ح 62، وج 96 / 6(قطعة) والبرهان: 1 / 92 ذ ح 1.

(*)