* سورية - حلب
* مواليد عام (1969م)
* اعتنق التشيع عام (1986م)
ـ بداية نود أن نعرف كيف وصلتم إلى طريق النجاة؟.
عرفت طريق النجاة بعد شرود وانغماس في الضباب الكثيف وشرود الفكر وضباب
التعتيم والتضليل التاريخي وكلا الأمرين كانا عثرة في البحث عن الحقيقة ولكن
العثرة زالت والصحوة عادت والظلمة انجلت بشعاع نور الله سبحانه وتعالى
وهدايته > فمن يهديه الله فلا مضل له< .
لقد كانت قضية أهل البيت عندي وأنا كنت في السابق من الذين يدعون أنفسهم
بأهل السنة والجماعة بحكم المجتمع والنشأة ملفوفة بغبار وقتام وكانت الحيرة
الفكرية إلى حد الألغاز تفترس مخيلتي فأنا أرى صراعاً تاريخياً حاداً وأقرأ
مساجلات عنيفة نمت على أرض الواقع في حقب زمنية متفاوتة ليست أولها على
الإطلاق استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء بل إن السجال العنيف
كان في حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وفترة الحجة الأخيرة (حجة
الوداع) وفي أيام مرض الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأخذ طابع أعنف
وأسرع أثناء وفاته بأبي هو وأمي واشتد الصراع في سقيفة بني ساعدة وصولاً إلى
دار سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فاطمة الزهراء (عليها السلام)
بضعة المصطفى روحي فداها.
وكانت مسألة الصحبة قد اتخذت طابعها المركزي في مخيلتي الباطنة فالصحبة
كما أوحي إلينا حصن منيع يحمي من يدخله من الوقوع في سوء المقاصد وخبث
النوايا مهما بدا عمل داخله في الظاهر سيئاً أو خبيثاً هكذا خيل لنا!!.
وقد أحاط المغرضون الصحبة بهالة من القداسة التي تجاوزت الحد المعقول
بما يوازي تماماً هالة النبوة أو قد يتجاوزها أحياناً بحيث كنا نتصور أن
الصحابة أفضل من أهل البيت (عليهم السلام) بسبب ما كنا نسمع من الروايات
الكثيفة في تمجيد وتفضيل بعض هؤلاء الصحابة.
ـ ما رأيكم بحديث العشرة المبشرون بالجنة؟.
لم أكن أفكر يوماً لماذا يكون كل أفراد العشرة المبشرة بالجنة من أطراف
الصراع السياسي ومن فئة الطامحين إلى الحكم أو كما أسميتهم الإنقلابيون الذين
دخلوا سجالاً ساخناً ودموياً مع يعسوب الدين وأمير المؤمنين وسيد العترة
المعصومين وأعظم وأجل الصحابة أبي الحسن (عليه السلام) بعد وفاة رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بدأً بأبي بكر وانتهاءً بمقتل عثمان بن عفان على يد
الثوار المخلصين كان هؤلاء العشرة المبشرون منطقة محرمة يستحيل الاقتراب منها
دون أن تنفجر ألغام اللعنة والبثور في وجهك.
ولكن كنت أتسائل في نفسي لماذا لم يدخل أنصاري واحد بين هؤلاء العشرة؟!
ولماذا لم يدخل واحد من المستضعفين الصادقين المؤمنين ضمن هذه الدائرة
المستحيلة؟!! كأبي ذر وسلمان وعمار وبلال (رض) بل كأسد الله سيدنا حمزة بن
عبد المطلب عم الرسول الأعظم وسعد بن معاذ والعباس بن عبد المطلب وخزيمة بن
ثابت ذو الشهادتين مثلاً؟!.
واستنتجت فيما بعد أن العملية مقصودة مرتبة مجعولة وقد وضع اسم أبي
الحسن (عليه السلام) مع القوم لرفع العتب ولو شاءوا لنزعوه من بينهم إذن
فالترقيع واضح وضوح الشمس لمن له وعيٌ وبصيرة وإدراك.
بل إن القوم لم يضعوا أبا الحسن (عليه السلام) في الخلفاء الراشدين كما
علمنا بعد ذلك إلا في عهد متأخر وبالضبط في عهد آخر أئمة المذهب السني أحمد
بن حنبل الذي ربع بعلي (عليه السلام) وقد عوتب في ذلك لكنه لم يأبه بالعتاب
واستمر في إعلان التربيع به في اعتباره خليفة راشد رابعا!!؟.
هذه مسألة والمسألة الثانية التي كانت تثير بعض التساؤل المكتوم في نفسي
أنني كنت أعثر على بعض الأحاديث المقبولة عقلاً وشرعاً ولكنني أرى الرواة
يضعفونها لا لشيء إلا لوجود راوٍ في السلسلة متهم (!!) بالتشيع أو ينهج خط
أهل البيت (عليهم السلام) وكنت أتساءل هل التشيع تهمة أو جريمة يدان بها
العالم أو الراوي؟!.
وهل يتضمن التشيع من مفاهيم فاسدة مفسدة للدين والمروءة والعياذ بالله
حتى يكون تهمة تضعيف الرواية بموجبها إن لم يحكم القوم عليها بالوضع وهو كثير
جداً.
وعلمت بعد ذلك أن القضية في أساسها سياسية بحتة وأنها تحامل وظلم وعدوان
وإساءة إلى محبي أهل البيت (عليهم السلام) ومعتنقي مبادئهم وقضيتهم ومسيرتهم
التاريخية المباركة. ولم تكن لأهل البيت قضية إلا قضية إحقاق الحق كما أنزله
الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) وإبطال الباطل كما
حدده الله جل وعلا لرسوله العظيم (صلى الله عليه وآله) .
ـ ما هي أهم الأحاديث التي تركت الأثر الكبير في ذهنك؟.
ثم إني كنت أقرأ أحياناً في كتب السنة حديث الثقلين وأحضر عند عالم
محاضرة أو درس فأسمع حديث الثقلين بشكل مغاير لما مر معي فيعتريني تساؤل
ودهشة من وراء جدار سميك كتاب الله وعترتي أهل بيتي هذا ما أقرأه من أكثر من
مصدر موثوق فلماذا يقوم الخطباء والوعاظ على كتم الثقل الآخر وإبداله بكلمة
(وسنتي)!!؟.
فمن أولى من أهل البيت النبوي بحمل حقائق السنة الشريفة ونقلها بأمانة
تامة إلى أجيال المسلمين كافة؟ من هو أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله)
حياً وميتاً كما قال سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في سقيفة
بني ساعدة؟.
ولما كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أكد في مناسبات عديدة وفي
وصيته على التمسك بالكتاب والعترة فأين موقع العترة في التاريخ وفي الحكم وفي
قيادة الأمة عملياً؟.
ولماذا منع الرسول الأمين من تدوين وكتابة وصيته وتوضيحها للقوم؟ وما
الدافع لذلك؟ ولمَ حورب الإمام في الجمل وصفين والنهروان؟.
ولماذا ضيق على سيد شباب أهل الجنة حتى تنازل لمؤسس الملك العضوض معاوية
(ل) ولكن ضمن شروط رآها الإمام (عليه السلام) واجبة ولمصلحة الأمة الإسلامية
وحقن الدماء ولما قضى الإمام الحسين (عليه السلام) شبل حيدر وسبط المصطفى
(صلى الله عليه وآله) صديقاً شهيداً وحز رأسه الطاهر الشريف بتلك البشاعة
والقسوة واستشهاد أهل بيته وأصحابه في كربلاء ولما لوحقت ذريته الطاهرة ودس
السم لبعضهم وصلب وقتل آخرون هل هذا مصداق وصية نبي الرحمة بالثقلين كتاب
الله وعترتي؟!.
إذا لم يستطع الحكام وأعوانهم اتباع أهل البيت (عليهم السلام) ولم
يطيقوا وجودهم بل حاربوهم وأفنوهم ما أمكنهم ذلك أقول: إذا لم يستطع هؤلاء
تنفيذ الوصية النبوية التاريخية وضيعوها شر تضييع بل رموا بها عرض الحائط فلا
ضير عليهم من أن يخجلوا من ذكر العترة في مساجدهم ومجالسهم ومنتدياتهم
مواعظهم وليتبدلوا بكلمة (العترة) بكلمة (السنة)!!.
ولكنهم مع الآسف تجاهلوا بأن السنة بحاجة إلى من يفهمها حق فهمها
ويطبقها حق تطبيقها وينقلها بأمانة تامة لا مجال فيها للرأي والعرض والهوى
أبداً!!.
وتجاهلوا أهل البيت (عليهم السلام) هم عدل القرآن وترجمانه وهم أهل
الذكر وأولي الأمر إن النبي (صلى الله عليه وآله) ترك أمته على المحجة
البيضاء ليلها كنهارها وأهل بيته كسفينة نوح (عليه السلام) من ركبها نجا ومن
تخلف عنها هلك ولا يزيغ عن الحق إلا هالك.
وهكذا استمرت نفسي بالتساؤل تارة والدهشة تارة أخرى وبين المداراة
والمداورة لم أجد من تناقضات عجيبة غريبة في التاريخ والأحاديث يمر معي مثلاً
أن الصحابة كلهم عدول وكلهم مجتهدون أو كلهم من أهل الجنة أن يكون سيئاً أو
خبيثاً أو مجرماً أو ظالماً بل كيف يكون ذلك وهو مأجور على اجتهاده حتى ولو
كان اجتهاداً خاطئاً وكنت أنظر سابقاً في ذلك كغيري إلى حديث مروي عن عمرو بن
العاص أن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر
واحد؟!.
وكنت أبني على ذلك كما كانوا يبنون نتائج واعتقادات فعائشة مجتهدة في
حربها لعلي (عليه السلام) يوم الجمل ولها أجراً واحداً لأنها مخطئة(!!!).
وكذلك طلحة والزبير لكل منهما أجر واحد ولم أكن أنا ولا غيري نسأل أنفسنا هل
عائشة وطلحة والزبير كانوا حكاماً أم محكومين؟ وكذلك لعثمان في تنصيب أقاربه
ونفي الصحابي الجليل أبو ذرL إلى الربذة وقطع راتب الصحابي عبد الله بن مسعود
L وإطلاق يد الطليق معاوية وبني أمية ورد طريد رسول الله (صلى الله عليه
وآله) إلى المدينة المنورة وبدؤا يهتكون الحرمات وينهبون الأموال!!.
وهكذا الشأن بالنسبة لمؤسس الملك العضوض الطليق ابن الطليق الذي حارب
الإمام علي بن أبي طالب والعترة الطاهرة عليهم (صلوات الله وسلامه أجمعين) في
صفين وقطع الماء على جيش الإمام وأرسل بسر أرطأة إلى اليمن ففتك بأهلها وقتل
طفلي عبيد الله بن العباس ثم قتل بعد ذلك الصحابي الجليل حجر بن عدي L
وأصحابه الصالحين وأعلن البراءة ممن ذكر الإمام علي (عليه السلام) بخير وشرع
للناس وبئس ما شرع مسبة سيدنا أبا تراب على منابر المسلمين واستأثر بالأموال
ودس السم لمن رأى فيه خطراً على كرسيه وأبرز من دس السم إليهم الإمام الحسن
المجتبى (عليه السلام) روحي له الفدا وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن وعبد
الرحمن بن أبي بكر وغيرهم.
مؤسس الملك العضوض هذا وبكل ما فعله مما ذكرت وما لم أذكره وهو كثير
جداً هو مأجور على فعلاته تلك ومواقفه هاتيك!!!..
وكنت أسأل نفسي من هو هذا الحكم التاريخي المجهول الذي نصب نفسه قاضياً
عادلاً وميزاناً دقيقاً لا يخطئ أبداً وجعل يوزع الأجور بسخاء على جميع
الصحابة وأشباه الصحابة يعطي هذا أجراً وهذا أجرين ويدخل القتلة والجلادين
إلى الجنة ويساوي بين الظالم والمظلوم والباغي والمبغي عليه.
وتابعت البحث والتنقيب وإعادة تدبر الأمور بعقلانية وموضوعية فوجدت ويا
لهول ما وجدت من خيوط المؤامرة ورائحة الخيانة والحقد الدفين في صدور بعض من
تسموا بالصحابة؟.
وقد صرح الرسول (صلى الله عليه وآله) مراراً ما منا إلا مقتول أو مسموم
وانتزعوا الخلافة انتزاعاً بقوة السلاح والجرأة ومعاونة ضعاف النفوس وقاموا
بحرق دار سيدتي الزهراء (عليها السلام) وإخراج من في المنزل بعد أن كسروا
ضلعها وأسقطوا جنينها المحسن (عليه السلام) وبدؤا بتقتيل وتشريد أهل بيت
النبوة (عليهم السلام) وقتل الصحابة الأجلاء الذين تمسكوا بوصية رسول الله
(صلى الله عليه وآله) والفاجعة الكبرى كربلاء على مشرفها أفضل الصلاة وأتم
التسليم ريحانة مولاي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنهم لم يستطيعوا أن
يفشلوا منهم الحق القويم وتمثل هنا بهذه الأبيات الرائعة إلى الشاعر محمد
جمال الهاشمي في مرثية للإمام الحسين (عليه السلام) :
ســلام عــــلــى يـوم الـحسين فإنه أرى عالم الظلماء ما يصنع الفجر
يـسـجـل لـلأصــرار منـهـجه الذي تـهـيـج دم الـثـوار أسـطـره الـحمر
نـمـوت وتـنـسـى الذكريات وذكره سيـبقى مع الأحقاب ما بقي الذكر
ـ ماذا تود أن توجه من نصائح للشباب المسلم؟
نصيحتي إلى كل شاب مسلم واعٍ أن يجتهد في البحث عن الحقيقة أن يتمعن
بالتاريخ وأن يمحص الجيد من الرديء فتاريخنا غلب عليه التقييم والتكذيب وأن
يلغي عن فكرة التعصب والتقليد الأعمى وأن ينقب ويسعى إلى رضوان الله الذي
أمرنا به ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى).
علينا أخوتي أن نؤمن بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أمر به ونهى
عنه هو من الله جل وعلا وأن ولاية أهل البيت (عليهم السلام) نص من الله عز
وجل واصطفاء منه فكل ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) هو حق لأنه (لا
ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وحي من الله سبحانه.
سئل الرسول (صلى الله عليه وآله) بعدما نصب أمير المؤمنين علي (عليه
السلام) يوم غدير خم.
قيل يا رسول اله (صلى الله عليه وآله) هل تنصيب الإمام علي منك أو جاءك
خبر (أي وحي).
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بل هو من الله عز وجل.
لذلك أريد الوصول منكم إلى مرتبة الإيمان وذلك إذا جاهدتم وبحثتم
وتدبرتم بعقولكم والشمس لا تؤثر عليها كثرة السحاب فتبقى ساطعة وأهل البيت
(عليهم السلام) هم كذلك اعلموا أنه لم يسجل عليهم أية غلطة أو هفوة والعياذ
بالله وذلك لأن الله سبحانه وعصمهم من الزلل والخطأ والنسيان ودليل قوله:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).
فعصموا من الأخطاء الكبيرة والصغيرة تتبين لكم الحقيقة والله سبحانه من
وراء القصد.
ـ هل لديكم مشروع كتاب عن قصة تشيعكم وتحولكم؟
نعم أنا الآن بصدد كتابة بحث إن شاء الله يوضح الأمور بقصد الإمكان
للباحث عن الحقيقة وأسميته (من النهاية كانت البداية) وكتاب (ناصر الحسين)
لأنني وقفت كثيراً أتأمل أمام كلمة الإمام الحسين في موقعة الطف أو كربلاء
وهي (ألا من ناصر ينصرنا ألا من ذاب يذب عن حرم رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بلى سيدي ليتنا كنا معكم سادتي ونقتل في سبيلكم ودفاعاً عن رسول الله
وحرم رسول الله).
وأهدي - البحث - إلى سيدي ومولاي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل
البيت الأكارم وهو بضاعة مزجاة نرجو من الله أن يتقبلها من عبده الحقير
الفاني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على الرسول الأمين أبا القاسم محمد وآله الطاهرين المعصومين
المنتجبين.