*
مسيحي اعتنق التشيع
* العراق - بغداد
* مواليد عام (1962م)
* اعتنق التشيع عام (1988م)
نبذة عن حياتي وهدايتي:
كانت ولادتي ونشأتي في مدينة بغداد، ومن عائلة مسيحية ملتزمة، تؤمن
وبعمق بتعاليم الكنيسة وتتبعها، ولهذا كان من الطبيعي أن أتبع ما ألفيت عليه
آبائي وأجدادي.
في الأيام الأولى من حياتي أجريت لي مراسيم التعميد في الكنيسة كبقية
الأطفال، وفي سن السابعة أرسلني والدي لأخذ التناول وكانت من الفترات الجميلة
في حياتي، ففي هذه الفترة تعلمت الكثير من الأمور، فالأجواء الروحية في
الكنيسة وكذلك، تشجيع ودعم الأهل، أضف إلى ذلك حب التعلم والظهور لدى الطفل،
كلها كانت عوامل تساعد على بناء الشخصية المسيحية لهذا الطفل، ولا أبالغ إن
قلت أن ذكريات تلك الفترة ما زالت إلى الآن في ذهني، فإني أحفظ بعض ما تعلمته
من طقوس وأناشيد دينية في تلك المدة حتى الآن، وعندما بلغت واشتد عودي، ترسخت
في نفسي هذه العقائد والتعاليم فكنت أمارس الطقوس الدينية من صلاة وصيام،
وأذهب إلى الكنيسة بانتظام ولا سيما في (القداس الكبير) عصر يوم الأحد وتعلمت
كيفية إعلان التوبة وطلب المغفرة من الرب، بالاعتراف أمام الأب في الكنيسة،
إذ كان الأب يجلس في داخل غرفة صغيرة لا تتعدى المتر المربع مصنوعة من الخشب،
ولها باب واحد توضع عليه ستارة ذات فتحتين صغيرتين في الوسط منها تقريباً،
واحدة للرجال وأخرى للنساء، فكنا نجلس أمام الأب ونعترف له بخطايانا، فيأمرنا
بعدم الرجوع إليها ويوجب علينا قراءة بعض الصلوات والتراتيل لمغفرة تلك
الخطايا.
واشتد حبي للمسيحية اكثر حينما بعث والدي أخي الصغير إلى (الدير)،
للاشتغال بطلب العلوم الدينية ليصبح (قسيساً). وكان أخي لا يأتي إلى البيت
إلا مرة واحدة في السنة ولفترة قصيرة، ولهذا كان والدي يرسلني لزيارته بين
حين وآخر في الدير، فكنت أرى الأجواء الروحية التي كانت تهيمن على ذلك المكان
فتترك في نفسي الأثر الروحي، وكذلك كنت أسأل أخي عن كيفية الدراسة والموضوعات
التي يدرسونها، فكان يحدثني عن مسائل كثيرة ولم أكن أفهمها في ذلك الوقت، ولا
أخفي فإني في قرارة نفسي أغبطه على تلك الحياة التي يعيشها منزوياً عن الناس
والدنيا.
وعندما تجاوزت العشرين تعمقت هذه المعتقدات أكثر، ولكن -للأسف- لا عن
وعي وبحث بل عن تقليد أعمى، وقبول كل تعاليم الكنيسة على أنها أمور صحيحة
ومسلّم بها على أنها تعاليم سيدنا يسوع المسيح (عليه السلام) ، ولم يكن ليخطر
ببالي في يوم من الأيام أن أبحث وأحقق في هذه العقائد، ولعلي لا أكون ملوماً
على هذه المسألة، لأني كنت أرى أغلب الناس على هذه الحال، فالانشغال
والانغماس في الحياة المادية والدنيوية والتعلق بها، أدى إلى حصر الفكر
والعقل في زاوية وجهة واحدة، وهي التفكير في تهيئة أسباب ووسائل لحياة سعيدة
في الدنيا، وأما الآخرة والدين والعبادات والعقائد فلم تكن تعدو كونها عادات
وتقاليد مأخوذة من الآباء والأجداد ونؤديها تقليداً ليس إلا، وكذلك فإن
الحضور في الكنيسة لم يكن من أجل تعلم العقائد المسيحية بالشكل الصحيح، بل
لمجرد أداء الطقوس التي كانت تأمر بها الكنيسة ولإعلان التوبة وطلب المغفرة،
وفي أحسن الأحوال الاستماع إلى بعض النصائح الأخلاقية والتربوية.
ومن أهم المعتقدات التي كنت أؤمن بها بقوة، هي أن المسيحية فقط هي الدين
الحق، وباقي الأديان الأخرى كلها، خرافات وأباطيل، فاليهودية باطلة لأن
اليهود لم يتبعوا المخلّص يسوع المسيح (عليه السلام) فهم يستحقون غضب الرب،
والمسلمون كذلك، وعلى هذا فمن لم يكن مسيحياً فهو لا يدخل الجنة مهما فعل،
والمسيحي الذي يؤمن بيسوع المسيح (عليه السلام) ويحبه ويتبعه فإن مصيره لا
محالة إلى الجنة مهما كان علمه لأن ذنوبه وخطاياه قد غفرت بالمسيح (عليه
السلام) .
وكانت الصورة التي يحملها أبي عن الإسلام والمسلمين سيئة جداً، فإذا ما
دار الحديث حول الإسلام والمسلمين كان والدي يصفهم بشكل سيئ،وكان ينقل لنا
القصص والحكايات التي تشين بشخصية النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، ويقول
لنا بأن المسلمين يسيئون إلى يسوع المسيح (عليه السلام) الذي هو ابن الله
والى أمه، ويكذبونهما ويسخرون منهما، وأني أذكر عندما كان يتلى القرآن من
التلفاز كان والدي يأمرنا بأن نغلقه كي لا نستمع اليه، فكنت أبغض الإسلام في
نفسي، وكانت الصورة التي ارتسمت في ذهني عنه هو أنه ليس سوى خرافات وأباطيل
جاء بها من الجزيرة العربية اسمه محمد (صلى الله عليه وآله) ، وان القرآن وهو
الكتاب يزعمون أنه سماوي ومقدس كان والدي يقول أنه من كتابة وتأليف محمد (صلى
الله عليه وآله) نفسه وينسسبونه زوراً إلى الله سبحانه وتعالى. واعتقد أن
اغلب المسيحيين متفقون على هذا الاعتقاد.
وشاءت الأقدار الإلهية أن تشملني رحمة الرب الرحيم حيث جئت إلى إيران
بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة، فشملني هذا النور الإلهي الذي سطع في
أرض إيران، على يد المصلح الإلهي في القرن العشرين الإمام الخميني فالصحوة
الدينية التي اوجدتها، والحقائق والمعارف الإسلامية الحقيقية التي كشفتها هذه
الثورة المعجزة، كانت السبب في عودتي إلى فطرتي وعقلي.
عندما جئت إلى إيران وابتعدت عن اهلي، سنحت لي فرصة طيبة للبحث
والمطالعة لبعض المسائل الدينية الإسلامية، واللقاء مع الكثير من العراقيين
المسلمين في إيران أيضاً، حيث كانت تدور بيننا النقاشات حول الإسلام
والمسيحية ولم تكن تنتهي غالباً بهدوء، إذ أنهم كانوا يطرحون بعض الاشكالات
والتساؤلات عن المسيحية كنت أعجز وأتحير في الإجابة عنها، ولكن كنت أدّعي أن
لكل هذه الاشكالات أجوبة وأن العلماء المسيحيين وآباء الكنيسة هم الذين
يقدرون على الإجابة عنها، وكانوا غالباً ما يؤكدون بان الاعتقادات المسيحية
التي كنت أطرحها مخالفة للعقل ومتناقضة، كالبنوة والتجسيد والتثليث وغيرها
وكنت أجيب بان هذه الاعتقادات هي سر من أسرار المسيحية لا يستطيع فهمها
وإدراكها إلا المسيحي المملوء بروح القدس، ومضيت في مطالعتي للعقائد
الإسلامية، ومن ضمن الكتب التي كان يدفعني الشوق لقراءتها القرآن الكريم
وخصوصاً عندما عرفت أن في هذا الكتاب المقدس آيات كثيرة تتحدث عن قصة يسوع
المسيح (عليه السلام) وأمه العذراء مريم (عليه السلام) ، وشرعت في قراءة
الكتاب السماوي (القرآن)، ولا سيما الآيات التي تخص عيسى المسيح (عليه
السلام) وأمه العذراء (عليه السلام) ، فملكني الإعجاب عن الصفات العظيمة التي
يصف القرآن الكريم بها المسيح (عليه السلام) وأمه، ولم أكد أصدق فإني كنت
أعتقد أن المسلمين -وكما ذكرت- يسيئون إلى المسيح وأمه، ولكني وجدت عكس ذلك
تماماً، فالآيات القرآنية التي تتحدث عنهما تذكرهما بكل عظمة ووقار، كما بحثت
عن الآيات التي تتحدث عن العقائد المسيحية الأخرى كالتثليث والبنوة والصلب
والفداء وغيرها، فرأيت الأدلة القوية التي يقيمها القرآن الكريم على بطلانها،
وفي الحقيقة وبعد هذه المطالعات بدأت أشعر في نفسي يميل نحو هذه الأفكار
والمعتقدات التي يطرحها الإسلام، ولكن أخفيت هذا الشعور في داخلي، وكنت أحاول
قدر الإمكان من خلال لقاءاتي مع المسلمين السؤال عن الشبهات التي كانت
تراودني ولكن بصورة لا يفهم منها هذا الميل والشعور.
ومرّت الأيام وكنت كلما أطالع وأبحث كان هذا الميل يزداد، فبدأت أعيش
قلقاً وأجد في نفسي صراعاً لكنّني لا أدري ماذا أفعل.
وفي أحد الأيام سمعت أحد العلماء يتحدث عن موضوع هداية الإنسان
وموانعها، وتلا آية قرآنية هزتني من أعماقي فكأنها تتحدث عن حالتي بالذات،
وهي قوله تعالى: ( فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) .
وبعدها اشتد هذا الصراع في داخلي أكثر، وملكني القلق والاضطراب، فقد
بدأت أشعر بأن عقلي قد بدأ يستسلم لهذه الحجج والأدلة التي يطرحها الإسلام،
وبدأت أحس أن هذه الاعتقادات الإسلامية هي أقرب إلى فطرتي من عقائد آبائي
وأجدادي، وكذلك قلبي هو الآخر قد تغير، فبعد معاشرتي للمسلمين الملتزمين عن
كثب انكشف لي حبهم وتعظيمهم ليسوع المسيح وأمه العذراء ولا سيما من خلال
النقاشات، فهم لم يكونوا يذكرون المسيح وأمه الا وأردفوهما بـ: عليه السلام.
وأيضاً بذكرهم الأحاديث الواردة عن نبي الإسلام وأئمة الدين بحق المسيح
وأمه من حديث مدحهم وتعظيمهم كل ذلك أدّى إلى أن تتحول تلك البغضاء وذلك
الحقد إلى مودة وأنس.
فبدأت أعيش مزيجاً من الفرح والخوف، ولا أبالغ لو قلت أنه كانت تجري في
أعماقي معركة حقيقية بين جنود الرحمن وجنود الشيطان، فجنود الرحمن يدفعونني
للاستسلام لنداء الفطرة والعقل واتباع الحق الذي انكشف لي، وفي المقابل كانت
جنود الشيطان توسوس لي بأنك كيف تستطيع أن تترك دين آبائك وأجدادك؟ وهل حقاً
كانوا جميعهم على الباطل غافلين عن هذه الحقائق التي اكتشفتها أنت؟ وكذلك
الأمر بالنسبة إلى اهلك فهل تستطيع أن تقنعهم بهذه الحقيقة؟ وهل يقبلونك فيما
لو عرفوا بأنك قد تركت دينهم واعتنقت الإسلام وأنت تعلم شدة العداوة والبغضاء
التي يحملونها إزاء الإسلام؟.
فكل هذه الوساوس كانت تعيش في صدري وتقف حاجزاً دون إذعاني للحق.
وراحت هذه المعركة تشتد في داخلي، حتى أذكر أني ولمدة ثلاثة أيام لم أكن
اشتهي طعاماً ولا شراباً فكنت لا آكل إلا إذا اشتد بي الجوع، وكذلك أصابتني
حالة من الأرق في هذه المدة، وفقدت القدرة على اتخاذ القرار، لا سيما وأنا
شاب واتخاذ قرار مصيري في هكذا ظرف يعتبر أمراً شبه مستحيل، وفي إحدى الليالي
بدأت أتضرع إلى ربي وخالقي ببكاء وبصدق وأطلب منه المعونة لإخراجي من هذا
الصراع ومن هذا الارتباك والقلق الذي أجهدني، وفي صباح اليوم التالي شعرت في
نفسي بقوة عظيمة لم أعهدها من قبل، وأحسست انشراحاً عجيباً في صدري، حطمت بها
كل الحواجز والوساوس التي كان يضعها الشيطان في طريق هدايتي، واتخذت أصعب
قراراً في حياتي بكل سكينة واطمئنان وقررت أن أعتنق الإسلام واتبع سبيل الحق،
وأترك دين آبائي وأجدادي التقليدي، فبدأت حياتي الجديدة بهذه الولادة
السعيدة.
وعكفت بعد هذا ولسنين على البحث والمطالعة بشكل دقيق ومكثف، للتعمق في
أصول الإسلام وفروعه وآرائه وأحكامه، وكذلك بالبحث والتدقيق في ديانتي
السابقة وبتعمق أكثر، وقمت بالمقارنة بينهما من حيث العقائد والتعاليم فرأيت
الحق واضحاً جلياً كنور الشمس، وأيقنت أن العقيدة التي كنت أحملها (المسيحية)
فيها من التناقضات ما يأبى العقل عن قبولها فيما كنا نعتبرها أسراراً لأن
العقل لا يدركها، كالتثليث والبنوة والتجسيد وغيرها من العقائد، وعلى العكس
من هذا وجدت الإسلام، فكل عقائده تتبنى على أدلة عقلية ولا سيما الأصل الذي
تعتمد عليه وهو التوحيد إذ فيه من المعارف الإلهية ما يجعل الإنسان من خلال
فهم تلك المعارف يعيش حياة توحيدية سعيدة في الدنيا قبل الآخرة.
وأعتقد أن التعصب والجهل واتباع الهوى والغفلة هي العوامل الرئيسية التي
تصرف الإنسان عن الإذعان للحق وقبوله.
وإني في هذا البحث سأتطرق إلى العقائد والأفكار التي كنت أؤمن بها
سابقاً وكما يعتقدها المسيحيون وذلك لنرى مدى صحتها ومطابقتها أو مخالفتها
للعقل؟ وكذلك إلى بعض العقائد الإسلامية والاشكالات التي كنت احملها تجاه
الإسلام، على أني حاولت في هذا البحث قدر الإمكان الابتعاد عن الانفعالية لكي
تأتي هذه الدراسة علمية الهدف منها هو كشف بعض الحقائق للقارئ العزيز… والله
المسدد للصواب.
الفصل الأول
الكتاب المقدس:
إنّ الكتاب المقدس -كما يعتقد المسيحيون- هو مجموع الكتب الموحاة من
الله، والمتعلقة بخلق العالم وتاريخ معاملة الله لشعبه وكذلك مجموع النبوءات
عما سيكون حتى المنتهى، والنصائح الدينية والأدبية التي تناسب جميع بني البشر
في كل الأزمنة، وفي الكتاب المقدس جميع أنواع الكتابة من نثر وشعر، وتاريخ
وقصص، وحكم وأدب، وتعليم وفلسفة وأمثال وإنذار.
ويبلغ عدد الكتّاب (الملهمين) الذين كتبوا الكتب المقدس أربعين كاتباً.
وهم من جميع الطبقات، فبينهم الراعي والصياد وجابي الضرائب والقائد والنبي
والسياسي والملك و…
وقد استغرقت مدة كتابة الكتب المقدس ألفاً وستمائة سنة، وكان جميع هؤلاء
الكتاب من الأمة اليهودية ما عدا لوقا كاتب الإنجيل الذي دعي باسمه إذ يظن
أنه كان أممياً من أنطاكية، والنسخ الأصلية للكتاب المقدس ليست موجودة الآن،
بل كان ما هو موجود هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل.
ويعتقد المسيحيون كذلك أن الكتاب المقدس -باعتباره أصل الإيمان المسيحي
ومصدره- خال من الأخطاء والزلل وفيه كل ما يختص بالإيمان والحياة الروحية،
وأنه كلمة الله وقاعدة الإيمان والحياة العملية لجميع البشر.
وينقسم الكتاب المقدس إلى عهدين:
1- العهد القديم.
2- العهد الجديد.
وسوف نبحث في كل من هذين العهدين بشكل مستقل، ولأن المسيحيين يعتقدون أن
العهد القديم كان تمهيداً للعهد الجديد وان العهد الجديد هو المتمم له، فهو
أكثر أهمية من العهد القديم لذا سنتوقع فيه أكثر.
العهد القديم:
كتب أكثر العهد القديم باللغة العبرانية، وقد وجدت بعض الفصول بالآرامية
وهي لغة شبيهة بالعبرانية، والعهد القديم الموجود بين أيدينا مأخوذ عن النسخة
الماسورية التي أعدتها جماعة من علماء اليهودية في طبرية من القرن السادس إلى
الثاني عشر للميلاد.
ويتألف العهد القديم من 39 سفراً أو 43-44 سفراً حسب الكنيسة وذلك
بإضافة أسفار أو أجزاء أسفار وصفت (بالقانونية - اللاحقة) وقد قسم اليهود
أسفار العهد القديم إلى ثلاثة أقسام وهي:
1- التوراة أو الناموس، 2- الأنبياء: وهم الأولون والمتأخرون، 3- الكتب:
وذلك في اجتماع لمعلمي الشريعة من مختلف البلدان في فلسطين سنة 90 (ب.9).
وأما ترتيبها فهي كالآتي:
أ- التوراة أو الناموس: وهي أسفار موسى (عليه السلام) الخمسة وهي:
1-تك: لسفر التكوين: وهو الأوّل من التوراة ويسمى أيضاً بسفر (الخليقة)
بمقتضى تسمية الترجمة السبعينية،ويسمى في العبرانية (جرنشيت).
2- خر: لسفر الخروج، وهو الثاني بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى
(واله شموت).
3- لا: لسفر اللاويين، وهو الثالث بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى
(ويقرا).
4- عد: لسفر العدد وهو الرابع بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى
(ويدبر).
5- تث: لسفر التثنية وهو الخامس بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى
(اله) ويسمى أيضاً دباريم.
وأما بقية الأسفار فهي:
6- يش: لسفر يشوع النبي.
7- قض: لسفر القضاة.
8-را: لكتاب راعوث.
9- -1، اصم: لسفر صموئيل الأول.
10-2، اصم: لسفر صموئيل الثاني.
11-1: امل: لسفر الملوك الأول.
12-2، مل، لتاريخ الملوك الثاني.
13- (1 أى) لتاريخ الأيام الأولى.
14- (2 أى) لتاريخ الأيام الثاني.
15- (عز) لكتاب عزرا.
16- (نح) لكتاب نحيا.
17- اس: لكتاب استير.
18- اى: لكتاب أيوب.
19- مز: لمزامير داود أي الزبور.
20- ام: لأمثال سليمان.
21- جا: لكتاب الجامعة المنسوب لسليمان.
22- نش: لنشيد الانشاد.
23- اش: لكتاب أشعيا.
24- ار: لكتاب أرميا.
25- حرا: لمرائي أرميا.
26-حز: لكتاب حزقيال.
27- دا: لكتاب دانيال.
28- هو: لكتاب هوشع.
29- يوء: لكتاب يوئيل.
30- عا: لكتاب عاموس.
31- عو لكتاب عوبديا.
32- يون: لكتاب يونان أي يونس بن متي.
33- مي: لكتاب ميخا.
34- نا: لكتاب ناحوم.
35- حب: لكتاب حبقوق.
36- صف: لكتاب صنفينا.
37- حج: لكتاب حجي.
38- زك: لكتاب زكريا.
39- مل: لكتاب ملاخي.
ولهذه الكتب في النسخ العبرانية ترتيب آخر من حيث التقديم والتأخير.
وأما الأسفار (القانونية - اللاحقة) فهي:
1- سفر طوبيا.
2- سفر يهوديت.
3- سفر نبوءة باروك.
4- سفر المكابين.
والكنيسة تعتبر أسفار العهد القديم أسفاراً قد دونت بإلهام روح القدس،
وعلى هذا فهي تقبله في عداد الكتب المقدسة، مع أن هناك اختلافاً بين العهد
القديم عند اليهود والذي قبلته الكنيسة، ويعود هذا الاختلاف، إلى اختلاف
اللاهوتيين اليهود أنفسهم، فالبعض يصرحون في الواقع أن الروح (أي روح الله
الذي يوحي) لم ينزل على أحد منذ غياب الأنبياء المتأخرين مثل: حجي وزكريا
وملاخي، وبعض الفئات الأخرى من اليهود (الأسانيين في قمران، واليهود
المتشتتين في المعمورة) تمسكوا باستمرارية الوحي. والكنيسة تمسكت بدورها بهذه
الاستمرارية مستندة في ذلك إلى شهادة المسيح (عليه السلام) والرسل.
وأيضاً تتمسك بالترجمة (السبعينية) وهي (ترجمة يهود الإسكندرية للعهد
القديم إلى اللغة اليونانية ويعتبرونها كتابهم الخاص)، لنفس السبب.
واعتقاد أرباب الكنيسة بأن العهد القديم كتاب سماوي وموحى يستندون فيه
إلى استشهاد المسيح (عليه السلام) والرسل بالعهد القديم فهم كانوا يعتبرونه
كتاباً ملهماً، روحياً، إلهياً، والاستشهاد به دليل على ذلك.
ويتضح من هذه المقدمة أن أسفار العهد القديم قد ظهرت للوجود تدريجياً
ولمدة حوالي خمسة عشر قرناً لتؤلف لنا العهد القديم، وأن المسيحيين يرون أن
هذا العهد كله كان تمهيداً وبشارة بمجيء يسوع المسيح (عليه السلام) ويستشهدون
بنبوءات كثيرة جاءت فيه وتحققت هذه النبؤات في المسيح (عليه السلام) .
وفي الحقيقة فإني لست في صدد البحث في العهد القديم وتاريخه بشكل مفصل
هنا، وإن شاء الله سوف نقدم بحثاً مستقلاً عن الكتاب المقدس بعهديه نتطرق فيه
إلى العهد القديم بشكل موسع، ولكن لا بُدَّ هنا من الإشارة إلى بعض النقاط
التي أوقفتني من خلال الدراسة فيه ومنها:
1- أن هذه الأسفار (المقدسة) قد كتبت خلال فترة خمسة عشر قرناً تقريباً
أو أكثر ومعظم النصوص الأصلية أو كلها مفقودة الآن، إضافة إلى هذا فإن الكثير
منها لا يعرف مؤلفوها فهي مجهولة ولا من هو ناسخها ومتى كتبت، والنسخ
المتوفرة مأخوذة عن نسخ أصلية كما يعتقد في أحسن الأحوال، فهل يمكن القول بأن
الناسخ لهذه الكتب الجديدة لم يخطئ، ولا سيما عند القول بأن هذه الكتب مترجمة
من اللغة العبرية إلى اللغات الأخرى؟!.
وهل هذه الترجمة -كما كان يعتقد اليهودية في الترجمة السبعينية- أنما
تمت بوحي من الله تعالى أم لا؟.
ولهذا أعتقد أن هذه الكتب والأسفار التي بين أيدينا الآن من العهد
القديم لا يمكن الاعتماد عليها بشكل قاطع ويقيني ولا يمكن الاطمئنان من أنها
لم تتسرب إليها الأخطاء إذ ينقل في قاموس الكتب المقدس ما نصه (وكل ما وصل
إلينا هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل، ومع أن النساخ قد اعتنوا بهذه النسخ
اعتناءً عظيماً فقد كان لا بدّ من تسرب بعض السهوات الإملائية الطفيفة جداً
إليها).
فعلى أقل تقدير هناك شك في أن هذه النسخ الموجودة هي نفس النسخ الأصلية،
ولذا نرى الاختلافات القائمة بين علماء الكتاب المقدس حول هذا الأسفار.
2- نحن باعتبارنا مؤمنون بالله ورسالاته وعلى اختلاف المذاهب والأديان
نعتقد بأن الأنبياء الإلهيين هم من أفضل البشرية ولهذا نستطيع القول بأنهم
صالحون وعلى الأقل معصومون من الذنوب والخطايا التشريعية، ولكننا للأسف نجد
في هذه الأسفار، وفي مواضع كثيرة نسبة هذه المعاصي والخطايا الكبيرة لهؤلاء
الأنبياء العظام، كشربهم للخمر والزنا بالمحارم وغير ذلك من الأمور التي يأبى
كل مؤمن شريف التفكير بها فضلاً عن مزاولتها، وها أنا أذكر بعض الأمثلة على
هذا ومن أراد التوسع فليطالع العهد القديم.
ينقل في العهد القديم أن النبي لوط (عليه السلام) قد شرب الخمر وسكر ومن
ثم ارتكب خطيئة الزنا مع من حرم عليه الزواج منهن (بناته) ومن ثم حملن منه
(انظر: سفر التكوين 19-1-38)، وكذلك ينقل عن النبي سليمان (عليه السلام) الذي
كان مملوءاً بالحكمة، أن السنوات الأخيرة من حكمه كانت مؤسفة، فقد بدأ بتعدد
الزوجات، وأحب نساء كثيرات إضافة إلى بنت فرعون (زوجته) فكان له سبعمائة من
الزوجات وثلاثمائة من السراري استطعن أن يميلن قلبه إلى الآلهة الغربية حتى
بنى أماكن لعبادة الأوثان أيضاً إرضاءً لهن فغضب الرب عليه انظر (1 ملوك: 11:
1-25).
وكذلك قصة نوح النبي (عليه السلام) إذ ينقل في العهد القديم أنه صنع
مسكراً وشربه وسكر فكشف عورته أمام أولاده فغطوه، انظر(التكوين: 9:1029) وقصة
يعقوب ومصارعته مع الرب وغيرها من القصص الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذه الأسفار
قد دخلت فيها بعض التحريفات التي تدفعنا للاعتقاد بان هذا العهد القديم
الموجود بين أيدينا وعلى أقل تقدير ليس كله وحياً إلهياً.
إضافة إلى هذا، هناك بعض القصص العجيبة التي يرفضها العقل مثلاً
((فالأنبياء يتعرّون) - (وفيما شاول ذاهب إلى هناك حلّ عليه روح الله فأخذ
يتنبأ طول الطريق ونزع أيضاً ثيابه وتنبأ أيضاً أمام صموئيل وانطرح عرياناً
كل ذلك النهار وليله لذلك يقال شاول أيضاً من الأنبياء)) (انظر: اصم:
19:20-24).
وأيضاً أشعيا (20:1-6) فالنبي أشعيا (مشى عارياً حافياً لمدة ثلاث سنين،
كذلك يمشون سبايا مصر عراة حفاة مكشوفة مؤخراتهم) وغيرها الكثير.
3- من المسائل التي يمكن ذكرها أيضاً كثرة التناقضات الموجودة فيها، ففي
القصة الواحدة مثلاً نرى أن بعض الأسفار تخالف الأسفار الأخرى بل ونجد في
السفر الواحد بعضا لتناقضات ففي سفر التكوين ينقل عن قصة نوح والسفينة بأنه
أمر أن يأخذ معه من كل ذي جسد اثنين ذكراً وأنثى. (انظر: تك 6: 19-20) وفي
نفس السفر يأتيه الأمر (أن تأخذ سبعة سبعة ذكراً وأنثى) انظر تك: 7: 2-3)
وأمثال هذا كثير في أسفار العهد القديم، وهو ما يقودنا إلى القول بأنه هذه
الأسفار من وحي ونتاج الخيال البشري ويستحيل قبولها على أنها وحي الهي.
وأكتفي بهذا المقدار من الحديث عن العهد القديم، على أمل أن أوفق للبحث
فيه بشكل مستقل وموسع إن شاء الله في المستقبل القريب.
الخلاصة:
قد تبين من خلال البحث بعض المسائل أوردها باختصار:
أوّلاً: أن الكتاب المقدس (العهد القديم، العهد الجديد) يدور حوله
العديد من الاشكالات والابهامات، تقلل من احتمال كونه كتاباً إليهاً وموحى
به، حتى لو قبلنا الوحي الكتابي كما يعتقد به المسيحيون، أي أنه يشترك فيه
الله والإنسان معاً..
فالعهد القديم، يختلف حوله علماء الكتاب المقدس أنفسهم اختلافاً عظيماً،
في عدد أسفاره، ومؤلفيه وتاريخ التأليف، وأن النسخ القديمة كلها اندثرت،
والتي بين أيدينا هي نسخ عن نسخ لا يعرف ناسخها، ولا نستطيع التأكد من أن يد
التحريف لم تصل إليها. إضافة إلى ذلك فإن فيه توهيناً للأنبياء (عليهم
السلام) ، من خلال نسبة الفواحش والأعمال القبيحة إليهم، فالعهد القديم مشحون
بها، وكثرة التناقضات فيه، كلها تشير إلى أنه ليس وحياً إلهياً.
وأخيراً فإن مجمع علماء الفاتيكان (1962-1965) أصدر مقولة حول العهد
القديم تؤيد هذا المعنى، فهو يصرح (بأن كتب العهد القديم تنطوي على مادة
بالية لا تتصف بالكمال).
وأما العهد الجديد فهو ليس بأحسن حالاً من العهد القديم، فهو الآخر نسخه
الأصلية مفقودة، والموجود هو نسخ مأخوذة عن نسخ، والبعض الآخر مترجم من لغة
الكتاب الأصلية إلى اللغة اليونانية، وقد اختلف علماء المسيحية أيضاً في
مؤلفيها حتى أن البعض منها بقي إلى يومنا هذا مجهول المؤلف (رسالة
العبرانيين)، وكذلك فإن هذه الأسفار لم تكن حتى القرن الرابع يعترف بها
كأسفار إلهية موحاة، ولكن الكنيسة ومن أجل وحدة الكلمة، اختارت هذه الأسفار
على أنها أسفار إلهامية وإلهية، ومنعت الكتب الأخرى واعتبرتها كتب أساطير،
وسمتها بالكتب المنحولة.
فالحقيقة أن الكنيسة هي التي ألصقت صفة الإلهام بها زوراً، أضف إلى ذلك
الاختلافات الكثيرة فيما بينها، والتي دفعت بالمسيحيين إلى اصطناع التبريرات
لهذه التناقضات الكثيرة دون جدوى، كما أن العهد الجديد يسيء إلى المسيح (عليه
السلام) جداً، فإنه يصفه بأنه صانع للخمر الجيد (انظر:يو: 2: 1-10) فإن
المسيح (عليه السلام) في هذه المعجزة، يسيء أولاً إلى أمه العذراء، فهو
ينهرها ويقول: (مالي ولك يا امرأة) وقد تكررت هذه الإساءة في الأناجيل لأمه،
وأكثر من ذلك أيضاً، وأما في هذه القصة يقول يوحنا حسب انجيله (قال رئيس
المتكأ للعريس-بعد تقديم الخمر الذي صنعه عيسى (عليه السلام) -كل إنسان إنما
يضع الخمر الجيدة أوّلاً ومتى سكروا فحينئذٍ الدون). فهل يقبل مؤمن نسبة هكذا
فعل إلى المسيح (عليه السلام) هذا النبي الطاهر الذي بعثه الله لهداية الناس
وإذا به -والعياذ بالله- يصنع الخمر للناس كي يسكروا؟!.
والمسيح (عليه السلام) أيضاً كما يعتقد بولس (ملعون) لأنه مصلوب على
خشبة، وكل من يصلب على خشبة فهو ملعون، وعلى حد قوله فهو صار لعنة لأجلنا!!
(حاشاه عن ذلك) لا أدري كيف يفسر هذه اللعنة علماء المسيحية، فهل اللعنة إلا
الطرد من رحمة الله تعالى؟ فمن هو المطرود؟!.
وأما المشكلة الأكثر تعقيداً فهي أن العهد الجديد يصف لنا المسيح (عليه
السلام) بأنه إنسان وابن إنسان، وهو في نفس الوقت ابن الله، والله المتجسد
بالكلمة، وعلماء المسيحية حاولوا بشتى الوسائل والطرق تفسير هذه التناقضات
والصفات وتوجيهها، ولكن هيهات، فالتناقض واضح وبيّن، فالاله لا يكون إنساناً
بل يكون إلهاً.
وأخيراً اعترفوا بهذه التناقضات في عقيدة التثليث، ولكنهم صرّحوا بان
هذه العقيدة هي وحي إلهي وفوق الإدراك البشري، فهي سر من أسرار الله لا يكشف
إلا لمن امتلأ بالروح القدس، ولكننا رأينا من خلال البحث أن هذه العقيدة ليست
وحياً إلهياً بل هي من اختراع الأب (اثناسيوس) أوائل القرن الرابع الميلادي،
إضافة إلى كل هذا فإن العهد الجديد يصف المسيح الإله بأنه ضعيف ومهزوز، فهو
يتوسل إلى (الأب) لتعبر عنه هذه الكأس (كأس الموت)، ولكن عندما لم يستجب له
(الأب) عاتبه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة لأنه تركه، فيصرخ بصوت عظيم بعد
صلبه وقبل موته (إلهي إلهي لماذا شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني) (متى:
27-46)، وقد رأينا في حياتنا من هو مؤمن عادي يتقبل الموت والشهادة بكل أنس
وشوق ويتلذذ بهذا الموت لأنه محب لله الذي سوف يلاقيه، فهل يعقل أن المسيح
(عليه السلام) روح الله وكلمته ونبيه ورسوله يعاتب الرحيم لأنه أسلمه للموت
والشهادة!!.
فهذه المسائل وغيرها الكثير تدفع بالإنسان المنصف إلى اليقين بان هذه
الأناجيل والأسفار هي قصص ونتاجات البشر، ذكر فيها قصة المسيح (عليه السلام)
كما يؤكد لنا لوقا نفسه في بداية أنجيله حيث يقول: (إذا كان كثيرون قد أخذوا
بتأليف قصةٍ في الأمور المتيقنة عندنا، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من
الأوّل أن أكتب على التوالي أيها العزيز ثاويلس) (لز:1:3)..
وأما موضوع الصلب والقيامة في العهد الجديد فهي أحاديث متناقضة تنقلها
لنا هذه الأسفار، فالمتيقن هو أن التلاميذ هربوا كلهم عندما جاء اليهود
للامساك بعيسى (عليه السلام) ولم يبق أحد منهم، ليتأكد لنا هل أن الذي قبض
عليه هو المسيح (عليه السلام) وأنه استطاع أن يهرب من وسطهم كما فعل ذلك
كثيراً سابقاً، فيوحنا ينقل في إنجيله (فرفعوا حجارةً ليرجموه، أما يسوع
فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا) (يو:8:59)،والمسيح (عليه
السلام) يؤكد انهم لن ينالوا منه أبداً لأنه سيذهب إلى مكان لا يقدرون الوصول
إليه، (انظر يو: 8:22) (قال لهم يسوع أيضاً أنا امضي وستطلبونني وتموتون في
خطيتكم، حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، فقال اليهود ألعلّه يقتل نفسه
حتى يقول حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، فقال لهم أنتم من أسفل، أما
أنا من فوق)، فهو يؤكد (عليه السلام) بأنهم لن يمسكوا به أبداً.
وما يؤكد لنا أن المسيح (عليه السلام) شبّه لهم، هو قصة يهوذا الخائن،
فالعهد الجديد لا يذكر شيئاً عن مصيره إلا في موضعين، والمصير والخاتمة التي
كانت عليها حياة يهوذا الخائن مختلفة تماماً كما رأينا، والمختلف في نقلها
وصي عيسى (عليه السلام) بطرس، وأحد التلاميذ الإثني عشر وهو (متى)، وهذا بعد
ثلاثين سنة على أبعد الحدود من رفع السيّد المسيح (عليه السلام) وهذا يدل على
أن مصير يهوذا كان مجهولاً وإلا تطرق له بقية الكتاب الملهمون في أناجيلهم،
وما اختلف فيه التلاميذ المقربون من عيسى (عليه السلام) في مصيره.
وموضع القيامة أيضاً يدور حوله الشكوك، فالمسيح (عليه السلام) الذي قال
أنه سيبقى في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كما تذكر ذلك الأناجيل انظر
(متى:112:40) (لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا
يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال)، لم يبق في القبر كما
تذكر الأناجيل سوى ليلتين ويوم واحد، فالدفن كان مساء يوم الجمعة بل قبل فجر
السبت انظر (لو: 23:54) (ووضعه في قبر منحوت حيث لم يكن أحد وضع قط، وكان يوم
الاستعداد والسبت يلوح) والقيامة كانت فجر يوم الأحد انظر (يو: 20:1) (وفي
أوّل الأسبوع الأحد) جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باق))،
فهذا الاختلاف يقودنا إلى القول بأن أمر القيامة مشكوك فيه في أحسن الأحوال.
واعتقد أن بولس هو الذي جاء بهذه العقيدة في رسائله والتي كتبت -كما
ذكرنا- قبل الأناجيل فهو يقول: (أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل
داود بحسب أنجيلي) (2 تيموثاوس:2:8).
وأخيراً رأينا موقف المسيح (عليه السلام) من الشريعة الموسوية التي
التزم وعمل بها، وأكد عليها فهو جاء ليتمم الشريعة والناموس، وأوصى تلاميذه
بحفظها والعمل بها، في حين نجد أن بولس ومن خلال تعاليمه، نقض الناموس
والشريعة، وتركها جانباً، واعتبر الإيمان بالمسيح (عليه السلام) وحده كافياً
لنيل الخلاص والنجاة، ولهذا فإن لبولس الدور الرئيسي في تأسيس أغلب العقائد
التي تؤمن بها الكنيسة حالياً، وكما ذكرنا فإنّ بعض المحققين يطلقون على
المسيحية الحالية اسم (البولسية).
ومن أراد معرفة قصة الأستاذ علي الشيخ فليراجع كتابه (هبة السماء..
رحلتي من المسيحية إلى الإسلام)..