الصفحة 641

وهذا الحديث كما لا يخفى على أهل العقول فيه ما فيه من اختصاص أمير المؤمنين علي بالوزارة والوصاية والخلافة، فكما كان هارون وزيراً ووصيّاً وخليفة موسى في غيابه عندما ذهب لميقات ربّه، كذلك أيضاً منزلة الإمام علي كمنزلة هارون عليه وعلى نبيّنا السلام، فهو صورة طبق الأصل عنه ما عدا النبوّة التي استثناها نفس الحديث، وفيه أيضاً أن الإمام علياً هو أفضل الصحابة، فلا يفوقه في ذلك إلاّ صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله).

ت ـ حديث "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد


الصفحة 642

من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار".

وهذا الحديث وحده كاف لردّ مزاعم تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على من نصّبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولياً للمؤمنين من بعده، ولا عبرة بمن أوّل الحديث إلى معنى المحب والنّصير، لصرفه عن معناه الأصلي الذي قصده الرسول، وذلك حفاظاً على كرامة الصحابة، لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)عندما قام خطيباً في ذلك الحرّ الشديد قال: ألستم تشهدون بأنّي أولى المؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال عندئذ: "فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه..."(1).

____________

1- حديث الغدير، حديث صحيح متواتر صرح بتواتره الذهبي في تذكرة الحفاظ 2:713، سير أعلام النبلاء 7: 571، البدخشاني في مفتاح النجا، السيوطي في كتابيه: الازهار المتناثرة في الاخبار المتواترة، والفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة، الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4: 343 وغيرهم ممّن صرّح بصحته وكثرة طرقه.

والحديث بهذا اللفظ ورد في الملل والنحل للشهرستاني 1: 163، الصواعق للهيتمي 1: 106 وقال: "وقول بعضهم: ان زيادة "اللّهم وال من والاه..." موضوعة، مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحيح الذهبي كثيراً منها، السيرة الحلبية 3: 384، ملحقات إحقاق الحقّ 6: 293 عن إسعاف الراغبين والعقد الفريد.

لا يقال هذا الكلام خلاف الواقع لأنّ الأمة خذلته ومع هذا كانت منصورة، ومن نصره في زمانه لم يكن منصوراً".

لأنّا نقول: ليس الملاك هو النصر أو الخذلان الدنيوي، كيف والله تعالى يخبرنا عن الأمم السابقة بأنّها كانت تقتل الأنبياء ومع هذا قال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)، فيدلّ على أنّ منهم من نُصر في الدنيا كنبيّنا (صلى الله عليه وآله)، ومنهم من لم ينصر في الدنيا وسينصر في العقبى.

وصدر الحديث أي قوله (صلى الله عليه وآله): "ألست أولى بكم من أنفسكم" يعيّن ويشخّص المراد من "المولى".

مضافاً إلى أنّ معنى الحديث: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا لمن يوالي علياً بالموالاة، بأنّ يكون هو الموالي لله سبحانه وتعالى، فيكون وليّه الله وعدوه من يعاديه، وأن ينصره الله تعالى، ويخذل من خذله، وهذا الأمر قد حصل في الدنيا قبل الآخرة فإن كلّ من نصر علياً هو منصور ومشهود له بالكلمة الطيبة والقول الصالح، وكلّ من خذله فهو مذموم وفيه نقص من هذه الجهة.

على أنّهم يقولون بأنّ عثمان بن عفان لمّا طعن كان يقرأ في المصحف، وقد وقعت قطرة دم منه على قوله تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)مع أنّ الله سبحانه وتعالى لم يكفهم، وإنّما قتلوه وتركوه ملقىً في المزبلة ثلاثة أيام، ممنوع من الدفن من قبل الصحابة، ومنهم المبشر بالجنّة طلحة بن عبيد، فأين نصر الله له منهم؟ وأين منعه من الوصول إليه.

وقد ذكر صاحب كتاب كشف الجاني: 109 معترضاً على المؤلف بقوله: "وهذا الحديث بهذا اللفظ مكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي يصح منه قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كنت مولاه فهذا مولاه" فقط.

وصحح بعض أهل العلم زيادة: "اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه".

أما زيادة: "وانصر من نصره، وأخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار" فكذب محض على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يعجز التيجاني وغيره عن أن يأتوا باسناد صحيح لها..

ثمّ إنّ هذا خلاف الواقع، فإنّ الأُمة عند الشيعة كُلّها خذلته بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مقتل عثمان، ومع هذا كانت منصورة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان.

ولمّا قتل عثمان صار الناس ثلاثة أحزاب; حزب معه، وحزب ضده، وآخر معتزل ولم يكن الذين نصروه منصورين، بل الذين حاربوهم هم الذين انتصروا عليهم بعده، وصار الأمر إليهم، وفتحوا البلاد،.." هذا ما ذكره عثمان.

ونبدأ بالرد عليه في النقطة الأولى: وهي تضيعه لجزء من الحديث، وتكذيبه للجزء الآخر.

وقبل الرد عليه نقول: إنّ هذا الكلام أخذه عثمان من الشيخ الناصب ابن تيمية الحراني، فإنّه قال في منهاج السنة 7: 319: "واما الزيادة وهي قوله: "اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه.." الخ فلا ريب أنه كذب.. وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه فليس هو في الصحاح، لكن هو ممّا رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنّهم طعنوا فيه وضعفوه.." فكلام عثمان الخميس ليس بجديد، ولم يكن من بنات أفكاره وإنّما أخذه من شيخه الحراني.

وللرد على كلا الكلامين نقول:

أولاً: حديث "من كنت مولاه فهذا علي مولاه" حديث صحيح ومتواتر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد صرّح بذلك كبار علماء أهل السنة كما سيأتي تصريح الشيخ الألباني بذلك ورده على ابن تيميه في تضعيفه للحديث.

وثانياً: حديث: "اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه" حديث صحيح صححه علماء كثر، نذكر قسماً منهم: فقد صحح الحديث الحاكم في المستدرك 3: 109 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله"، وابن كثير في البداية والنهاية 5: 228 وقال: "قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح"، والهيثمي في مجمع الزوائد 9: 104: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة"، وقال الشيخ الداني بن منير آل زهوي: "إسناده صحيح" خصائص أمير المؤمنين: 82، وابن حبان في صحيحه 15:376.

وقد حقق الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة الحديث بشكل جيد، وردّ على ابن تيمية في تضعيفه الحديث، وننقل كلامه لما فيه من فائدة ورد على عثمان الخميس وأمثاله قال الشيخ الالباني في صحيحته:

طرق حديث: من كنت مولاه...

1750 ـ (مَنْ كُنْتُ مولاه، فعليٌّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه).

ورد من حديث زيد بن أرقم، وسعد بن أبي وقاص، وبريدة بن الحصيب، وعلي بن أبي طالب، وأبي أيوب الأنصاري، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عبّاس، وأنس بن مالك، وأبي سعيد، وأبي هريرة.

1 ـ حديث زيد، وله عنه طرق خمس:

الأولى: عن أبي الطفيل عنه قال:

لما دفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجّة الوداع، ونزل غدير (خُم)، أمر بدوحات فقُمِمْنَ، ثمّ قال: كأني دعيت فأجبت، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لن يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض، ثُمّ قال: "إنّ الله مولاي وأنا ولي كُلّ مؤمن". ثمّ إنّه أخذ بيد علي (رضي الله عنه) فقال: "من كنت وليه، فهذا وليه، اللّهم والِ من والاه، وعاد من عاداه".

أخرجه النسائي في "خصائص علي" (ص 15) والحاكم (3/109) وأحمد (1/118) وابن أبي عاصم (1365) والطبراني (4969 ـ 4970) عن سليمان الأعمش قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عنه وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين".

قلت: سكت عنه الذهبي، وهو كما قال لولا أن حبيباً كان مدلساً، وقد عنعنه، لكنه لم يتفرد به، فقد تابعه فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال:

"جمع علي (رضي الله عنه) الناس في الرحبة ثمّ قال لهم: أنشد الله كلّ امرىء مسلم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس، (وفي رواية: فقام ناس كثير) فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس:

"أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟" قالوا: نعم يا رسول الله، قال:

"من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه".

قال: فخرجت وكأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إنّي سمعت عليّاً يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر، قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك له".

أخرجه أحمد (4/370) وابن حبان في "صحيحه" (2205 ـ موارد الظمآن) وابن أبي عاصم (1367 و1368) والطبراني (4968) والضياء في "المختارة" (رقم ـ 527 بتحقيقي).

قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري.

وقال الهيثمي في "المجمع" (9/104):

"رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة".

وتابعه سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد ابن أرقم ـ شك شعبة ـ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) به مختصراً:

"من كنت مولاه، فعلي مولاه".

أخرجه الترمذي (2/298) وقال:

"حديث حسن صحيح".

قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الحاكم (3/109 ـ 110) من طريق محمّد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنّه سمع زيد بن أرقم به مطولاً نحو رواية حبيب دون قوله: "اللّهم والِ..".

وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين".

ورده الذهبي بقوله:

"قلت: لم يخرجا لمحمّد، وقد وهاه السعدي".

قلت: وقد خالف الثقتين السابقين فزاد في السند ابن واثلة، وهو من أوهامه.

وتابعه حكيم بن جبير ـ وهو ضعيف ـ عن أبي الطفيل به.

أخرجه الطبراني (4971).

الثانية: عن ميمون أبي عبد الله به نحو حديث حبيب.

أخرجه أحمد (4/372) والطبراني (5092) من طريق أبي عبيد عنه.

ثمّ أخرجه من طريق شعبة، والنسائي (ص 16) من طريق عوف كلاهما عن ميمون به دون قوله: "اللّهم وال". إلاّ أنّ شعبة زاد:

"قال ميمون: فحدثني بعض القوم عن زيد أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللّهم..".

وقال الهيثمي:

"رواه أحمد والبزار، وفيه ميمون أبو عبد الله البصري; وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة".

قلت: وصحح له الحاكم (3/125).

الثالثة: عن أبي سليمان ] المؤذن[ عنه قال:

"استشهد علي الناس، فقال: أنشد الله رجلاً سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:

"اللّهم من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه". قال: فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا".

أخرجه أحمد (5/370) وأبو القاسم هبة الله البغدادي في الثاني من "الأمالي" (ق 20/2) عن أبي إسرائيل الملائي عن الحكم عنه. وقال أبو القاسم:

"هذا حديث حسن، صحيح المتن".

وقال الهيثمي (9/107):

"رواه أحمد وفيه أبو سليمان، ولم أعرفه إلاّ أنّ يكون بشير بن سليمان، فإنّ كان هو فهو ثقة، وبقية رجاله ثقات".

وعلق عليه الحافظ ابن حجر بقوله:

"أبو سليمان هو زيد بن وهب كما وقع عند الطبراني".

قلت: هو ثقة من رجال البخاري، لكن وقع عند أبي القاسم تلك الزيادة "المؤذن"، ولم يذكروها في ترجمة زيد هذا، فإن كانت محفوظة، فهي فائدة تلحق بترجمته.

لكن أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة مختلف فيه، وفي "التقريب": "صدوق سيء الحفظ".

قلت: فحديثه حسن في الشواهد.

ثُمّ استدركت فقلت: قد أخرجه الطبراني أيضاً (4966) من الوجه المذكور لكن وقع عنده: "عن أبي سلمان المؤذن" بدون المثناة بين اللام والميم، وهو الصواب فقد ترجمه المزي في "التهذيب" فقال:

"أبو سلمان المؤذن: مؤذن الحجاج، اسمه يزيد بن عبد الله، يروي عن زيد بن أرقم، ويروي عنه الحكم بن عتيبة وعثمان بن المغيرة الثقفي ومسعر بن كدام، ومن عوالي حديثه ما أخبرنا..".

ثمّ ساق الحديث من الطريق المذكورة. وقال:

"ذكرناه للتمييز بينهما".

يعني: أنّ أبا سلمان المؤذن هذا هو غير أبي سليمان المؤذن، قيل: اسمه همّام... الذي ترجمه قبل هذا، وهذه فائدة هامّة لم يذكرها الذهبي في كتابه "الكاشف".

قلت: فهو إذن أبو سلمان وليس (أبو سليمان)، وبالتالي فليس هو زيد بن وهب كما ظن الحافظ، وإنّما يزيد بن عبد الله كما جزم المزي، وإنّ ممّا يؤيد هذا أنّ الطبراني أورد الحديث في ترجمة (أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم): وساق تحتها ثلاثة أحاديث هذا أحدها.

نعم وقع عنده (4985) من رواية إسماعيل بن عمرو البجلي: ثنا أبو إسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سليمان زيد بن وهب عن زيد بن أرقم... وهذه الرواية هي التي أشار إليها الحافظ واعتمد عليها في الجزم بأنّه أبو سليمان زيد ابن وهب، وخفي عليه أن فيها إسماعيل بن عمرو البجلي، وهو ضعيف، ضعّفه أبو حاتم والدارقطني كما ذكر ذلك الحافظ نفسه في "اللسان".

الرابعة: عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم قال:

"خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى انتهينا إلى غدير (خم)...". الحديث نحو الطريق الأولى، وفيه:

"يا أيّها الناس إنّه لم يبعث نبي قط إلاّ عاش نصف ما عاش الذي قبله، وإنّي أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الله..". الحديث وفيه حديث الترجمة قوله: "اللّهم وال..".

أخرجه الطبراني (4986) ورجاله ثقات.

الخامسة: عن عطية العوفي قال: سألت زيد بن أرقم... فذكره بنحوه دون الزيادة إلاّ أنّه قال:

"قال: فقلت له: هل قال: اللّهم وال من والاه، وعاد من عاده؟

قال: إنّما أخبرك كما سمعت".

أخرجه أحمد (4/368) والطبراني (5068 ـ 5071).

ورجاله ثقات رجال مسلم غير عطية، وهو ضعيف.

وله عند الطبراني (4983 و5058 و5059) طرق أخرى لا تخلو من ضعف.

2 ـ سعد بن أبي وقاص، وله عنه ثلاث طرق:

الأولى: عن عبد الرحمن بن سابط عنه مرفوعاً بالشطر الأول فقط.

أخرجه ابن ماجه (121).

قلت: وإسناده صحيح.

الثانية: عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه به.

أخرجه النسائي في "الخصائص" (16) وإسناده صحيح أيضاً، رجاله ثقات رجال البخاري غير أيمن والد عبد الواحد، وهو ثقة كما في "التقريب".

الثالثة: عن خيثمة بن عبد الرحمن عنه به وفيه الزيادة.

أخرجه الحاكم (3/116) من طريق مسلم الملائي عنه.

قال الذهبي في "تلخيصه":

"سكت الحاكم عن تصحيحه، ومسلم متروك".

3 ـ حديث بريدة، وله عنه ثلاث طرق:

الأولى: عن ابن عباس عنه قال:

خرجت مع علي (رضي الله عنه) إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فذكرت عليّاً، فتنقصته، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتغير وجهه، فقال: "يا بريدة، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟" قلت: بلى يا رسول الله، قال:

"من كنت مولاه، فعلي مولاه".

أخرجه النسائي والحاكم (3/110) وأحمد (5/347) من طريق عبد الملك بن أبي غَنِيَّة قال: أخبرنا الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وتصحيح الحاكم على شرط مسلم وحده قصور.

وابن أبي غَنِيَّة بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد التحتانية ووقع في المصدرين المذكورين (عيينة) وهو تصحيف، وهذا اسم جده، واسم أبيه حميد.

الثانية: عن ابن بريدة عن أبيه

"أنّه مر على مجلس وهم يتناولون من علي، فوقف عليهم، فقال: إنه قد كان في نفسي على عليّ شيء، وكان خالد بن الوليد كذلك، فبعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في سرية عليها علي، وأصبنا سبياً، قال: فأخذ علي جارية من الخمس لنفسه، فقال خالد بن الوليد: دونك، قال: فلمّا قدمنا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلت أحدثه بما كان، ثمّ قلت: إنّ عليّاً أخذ جارية من الخمس، قال: وكنت رجلاً مكباباً، قال: فرفعت رأسي، فإذا وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تغير، فقال.." فذكر الشطر الأوّل.

أخرجه النسائي وأحمد (5/350 و358 و361) والسياق له من طرق عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عنه.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين أو مسلم، فإنّ ابن بريدة إن كان عبد الله، فهو من رجالهما، وإن كان سليمان فهو من رجال مسلم وحده:

وأخرج ابن حبان (2204) من هذا الوجه المرفوع منه فقط.

الثالثة: عن طاووس عن بريدة به دون قوله: "اللّهم...".

أخرجه الطبراني في "الصغير" (رقم ـ 171 ـ الروض) و"الأوسط" (341) من طريقين عن عبد الرزاق بإسنادين له عن طاووس. ورجاله ثقات.

4 ـ علي بن طالب، وله عنه تسعُ طرق:

الأولى: عن عمرو بن سعيد أنه سمع عليّاً (رضي الله عنه) وهو ينشد في الرحبة: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (فذكر الشطر الأوّل) فقام ستة نفر فشهدوا.

أخرجه النسائي من طريق هانئ بن أيوب عن طاووس (الأصل: طلحة) عن عمرو بن سعيد (الأصل: سعد).

قلت: وهاني قال ابن سعد: فيه ضعف. وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو ممّن يستشهد به في الشواهد والمتابعات.

الثانية: عن زاذان بن عمر قال:

"سمعت عليّاً في الرحبة..." الحديث مثله. وفيه أنّ الذين قاموا فشهدوا ثلاثة عشر رجلاً.

أخرجه أحمد (1/84) وابن أبي عاصم (1372) من طريق أبي عبد الرحيم الكندي عنه.

قلت: والكندي هذا لم أعرفه، وبيض له في "التعجيل"، وقال الهيثمي:

"رواه أحمد وفيه من لم أعرفهم".

والثالثة والرابعة: عن سعيد بن وهب وعن زيد بن يُثيع قالا:

نشد علي الناس في الرحبة: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم إلاّ قام، فقام من قبل سعيد ستة، ومن قبل زيد ستة، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي (رضي الله عنه)يوم غدير خم:

"أليس الله أولى بالمؤمنين؟". قالوا: بلى، قال:

"اللّهم من كنت مولاه..." الحديث بتمامه.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" (1/118) وعنه الضياء المقدسي في "المختارة" (456 بتحقيقي) من طريق شريك عن أبي إسحاق عنهما.

ومن هذا الوجه أخرجه النسائي (16)، لكنه لم يذكر سعيد بن وهب في السند، وزاد في آخره:

"قال شريك: فقلت لأبي إسحاق: هل سمعت البراء بن عازب يحدث بهذا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: نعم".

قال النسائي: عمران بن أبان الواسطي ليس بالقوي في الحديث. يعني راويه عن شريك.

قلت: لكنه عند ابن أبي عاصم (1375) من طريق آخر عن شريك.

قلت: وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سيء الحفظ. وحديثه جيد في الشواهد، وقد تابعه شعبة عند النسائي (ص 16) وأحمد ببعضه (5/366) وعنه الضياء في "المختارة" (رقم 455 ـ بتحقيقي).

وتابعه غيره كما سيأتي بعد الحديث (10).

الخامسة: عن شريك أيضاً عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مُر بمثل حديث أبي إسحاق يعني عن سعيد وزيد وزاد فيه:

"وانصر من نصره، واخذل من خذله".

أخرجه عبد الله أيضاً، وقد عرفت حال شريك. وعمرو ذي مر، لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/232) شيئاً.

السادسة: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:

"شهدتُ عليّاً (رضي الله عنه) في الرحبة ينشد الناس.." فذكره مثله دون زيادة "وانصر...".

أخرجه عبد الله بن أحمد (1/119) من طريق يزيد بن أبي زياد وسماك بن عبيد بن الوليد العبسي عنه.

قلت: وهو صحيح بمجموع الطريقين عنه، وفيهما أنّ الذين قاموا اثنا عشر. زاد في الأولى: بدرياً.

السابعة والثامنة: عن أبي مريم ورجل من جلساء علي عن علي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم غدير خم... فذكره بدون الزيادة، وزاد:

"قال: فزاد الناس بعد: والِ من والاه، وعادِ من عاداه".

أخرجه عبد الله (1/152) عن نعيم بن حكيم: حدثني أبو مريم ورجل من جلساء علي.

وهذا سند لا بأس به في المتابعات، أبو مريم مجهول. كما في "التقريب".

التاسعة: عن طلحة بن مصرف قال: سمعت المهاجر بن عميرة أو عميرة بن المهاجر يقول: سمعت علياً (رضي الله عنه) ناشد الناس... الحديث مثل رواية ابن أبي ليلى.

أخرجه ابن أبي عاصم (1373) بسند ضعيف عنه، وهو المهاجر بن عميرة. كذا ذكره في "الجرح والتعديل" (4/1/261) من رواية عدي بن ثابت الأنصاري عنه. ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا هو في "ثقات ابن حبان" (3/256).

5 ـ أبو أيوب الأنصاري. يرويه رياح بن الحارث قال:

"جاء رهط إلى علي بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم، وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم يقول: (فذكره دون الزيادة) قال رياح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري".

أخرجه أحمد (5/419) والطبراني (4052 و4053) من طريق حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي عن رياح بن الحارث.

قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات.

وقال الهيثمي:

"رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات".

6 ـ البراء بن عازب. يرويه عدي بن ثابت عنه قال:

"كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت شجرتين فصلى الظهر، وأخذ بيد علي (رضي الله عنه)، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟..." الحديث مثل رواية فطر بن خليفة عن زيد. وزاد:

"قال فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة".

أخرجه أحمد وابنه في زوائده (4/281) وابن ماجه (116) مختصراً من طريق علي بن زيد عن عدي بن ثابت.

ورجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن زيد وهو ابن جدعان، وهو ضعيف.

وله طريق ثانية عن البراء تقدم ذكرها في الطريق الثانية والثالثة عن علي.

7 ـ ابن عباس. يرويه عنه عمرو بن ميمون مرفوعاً دون الزيادة.

أخرجه أحمد (1/330 ـ 331) وعنه الحاكم (3/132 ـ 134) وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

8 و9 و10 ـ أنس بن مالك وأبو سعيد وأبو هريرة. يرويه عنهم عميرة بن سعد قال:

"شهدت علياً (رضي الله عنه) على المنبر يناشد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يوم غدير (خُم) يقول ما قال فليشهد. فقام اثنا عشر رجلاً، منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:" فذكره.

أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 33 ـ هندية رقم 116 ـ الروض) وفي "الأوسط" (رقم 2442) عن إسماعيل بن عمرو: ثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عَميرة بن سعد به وقال:

"لم يروه عن مسعر إلاّ إسماعيل".

قلت: وهو ضعيف، ولذلك قال الهيثمي (9/108) بعد ما عزاه للمعجمين: "وفي إسناده لين".

قلت: لكن يقويه أنّ له طرقاً أخرى عن أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما من الصحابة.

أما حديث أبي هريرة، فيرويه عكرمة بن إبراهيم الأزدي: حدثني إدريس بن يزيد الأودي عن أبيه عنه.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1105) وقال:

"لم يروه عن إدريس إلا عكرمة".

قلت: وهو ضعيف.

وأما حديث أبي سعيد، فيرويه حفص بن راشد: نا فضيل بن مرزوق عن عطية عنه.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8599) وقال:

"لم يروه عن فضيل إلاّ حفص بن راشد".

قلت: ترجمه ابن أبي حاتم (1/2/172 ـ 173) فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وأما غيرهما من الصحابة، فروى الطبراني في "الأوسط" (2302 و7025) من طريقين عن عميرة بن سعد قال:

سمعت عليّاً ينشد الناس: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (فذكره)، فقام ثلاث عشر فشهدوا أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فذكره.

وعمَيرة موثَّق.

ثمّ روى الطبراني فيه (5301) عن عبد الله بن الأجلح عن أبيه عن أبي إسحاق عن عمرو بن ذي مُر قال: سمعت عليّاً.. الحديث، إلاّ أنّه قال: "... اثنا عشر".

وقال:

"لم يروه عن الأجلح إلاّ ابنه عبد الله".

قلت: وهو ثقة، وقد رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن عمرو بن ذي مر وزيد بن أرقم قالا:

خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير (خُم) فقال: فذكره، وزاد:

".... وانصر من نصره، وأعن من أعانه".

أخرجه الطبراني في "الكبير" (5059).

وحبيب هذا ضعيف كما قال الهيثمي (9/108).

وأخرج عبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" (1/118) عن سعيد بن وهب زيد بن يثيع قالا:

نشد علي الناس في الرحبة: من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير (خم) إلاّ قام، فقام من قبل سعيد ستة، ومن قبل زيد ستة، فشهدوا... الحديث. وقد مضى في الحديث الرابع ـ الطريقة الثانية والثالثة.

وإسناده حسن، وأخرجه البزار بنحوه وأتم منه.

وللحديث طرق أخرى كثيرة، جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في "المجمع" (9/103 ـ 108)، وقد ذكرت وخرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقيناً، وإلاّ فهي كثيرة جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، قال الحافظ ابن حجر: منها صحاح ومنها حسان.

وجملة القول إنّ حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأوّل منه متواتر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية.

وأما قوله في الخامسة من حديث علي (رضي الله عنه):

"وانصر من نصره، وأخذل من خذله".

ففي ثبوته عندي وقفة، لعدم ورود ما يجبر ضعفه، وكأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: "اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه".

إذا عرفت هذا، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر فزعم أنه كذب! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقريري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها. والله المستعان.

وأما الزيادة التي تحدى عثمان الخميس الشيعة بها وهي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "وانصر من نصره وأخذل من خذله" فلها أسانيد صحيحة لا غبار عليها، غفل عنها المدّعي ولم يراجعها، وها نذكر هنا أحد طرقها، ففي وقعة صفين للحافظ الثقة إبراهيم بن ديزل: 165 ـ 166

قال: "حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، قال: حدّثنا ابن فضيل، قال: حدثنا الحسن بن الحكم النخعي، عن رباح بن الحارث النخعي، قال: كنت جالساً عند علي (عليه السلام) إذ قدم عليه قوم متلثمون، فقالوا: السلام عليك يا مولانا!

فقال لهم: أولستم قوماً عرباً؟

قالوا: بلى، ولكنّا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله".

قلت: فلقد رأيت علياً (عليه السلام) ضحك حتّى بدت نواجذه ثمّ قال: اشهدوا، ثمّ إنّ القوم مضوا إلى رحالهم، فتبعتهم، فقلت لرجل منهم: من القوم؟

قال: نحن رهط من الأنصار، وذاك ـ يعنون رجلاً منهم ـ أبو أيوب، صاحب منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: فأتيته فصافحته".

وهذه الرواية معتبرة سنداً; فإبراهيم بن ديزل قال عنه الذهبي: "الامام الحافظ الثقة العابد.." سير أعلام النبلاء 13: 284.

وقال ـ أيضاً ـ: "قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبي، سمعت علي بن عيسى يقول: إنّ الاسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه ان لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل لصحة اسناده" المصدر السابق.

ويحيى بن سليمان الجعفي قال عنه الذهبي: "صويلح" الكاشف 3: 244، ووثقه الشيخ الالباني لانه من رجال البخاري، ارواء الغليل 4: 194.

ومحمّد بن فضيل الحافظ، وثقه الذهبي في الكاشف 3: 71، وقال عنه الشيخ الالباني: "هو ثقة من رجال الشيخين" سلسلة الأحاديث الصحيحة 2: 89.

والحسن بن الحاكم النخعي قال عنه أبو حاتم: "صالح الحديث" الكاشف للذهبي 1: 175، ووثقه الهيثمي في مجمع الزوائد 5: 246.

ورياح بن الحارث النخعي وثقه الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 804.

والشيخ الالباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4: 340.

فالحديث صحيح لا غبار عليه، وثابت بزيادة قوله: "وانصر من نصره وأخذل من خذله".

وأما قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "وادر الحقّ معه حيث دار"، فقد ورد بطرق متعددة وصحيحة، وبالفاظ مختلفة، فقد أخرجه الترمذي في سننه 5: 297، وأبو يعلى في مسنده 1: 419، والحاكم في المستدرك 3: 124 وصححه، وأبو منصور بن عساكر الشافعي في الأربعين: 86 وصححه، والسيوطي في الجامع الصغير كما في فيض القدير للمناوي 4: 25، وأرسله الفخر الرازي ارسال المسلمات، فقال في تفسيره: "ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "اللّهم أدر الحقّ مع علي حيث دار" تفسير الفخر الرازي 1: 210.

وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 4: 322 بسنده إلى أبي ثابت مولى أبي ذر، وابن عساكر في تاريخ دمشق 42: 449، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 235 وقال: "رواه البزار، وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

ونقول لعثمان: إنّ البحث العلمي يربا عن اسلوبه الذي استخدمه من التحدي عن الاتيان للحديث بسند صحيح; لأن ذلك أقرب للمهاترات من المباحثات العلمية، وليته أطلع على أسلوب العلماء والمتعلمين في المحاورات والمناقشات ليعرف كيفية المحاورة والمبادلة، مع أنّ جلّ ما ذكره أخذه من غيره، ومع ذلك شمخ بأنفه شموخ البعير، فكيف إذا كان ما ذكره من عنده، فعلى الإسلام والمسلمين السلام.

وأما دلالة الحديث: فقد قال أهل السنّة أنّ المراد من المولاة هنا النصرة وليست من الخلافة والإمامة في شيء، بينما تذهب الشيعة إلى أن المراد من الولاية هي الأولوية في التصرف في شؤون الأمة الثابتة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنص الآية (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) ولهم في ذلك شواهد وقرائن من الأخبار الصحيحة الناقلة للخبر نقتصر منها على خصوص ما ذكرناه من الروايات:

1 ـ إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرن بين حديث الثقلين وحديث الغدير وواضح أنّ حديث الثقلين يدلّ على وجوب التمسك بالعترة، فما اقترانه بحديث الموالاة إلاّ إشارة جليلة إلى أنّ أوّل من يُتمسك به من العترة هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في حديث الثقلين.

2 ـ تأكيد النبي أولويته من أنفس المؤمنين ثمّ إثباته الولاية لعلي فقال في بعضها "أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" وفي ذلك دلالة واضحة في أن النبي يريد نقل هذه الولاية الثابتة إلى علي (عليه السلام).

3 ـ عرفنا أن الصحابي أبا الطفيل "عامر بن واثلة" عندما سمع شهادة الصحابة لعلي بالولاية صار في نفسه شيء وسأل زيد بن أرقم عمّا سمع فأخبره زيد بصحة ذلك، ولا وجه لهذا الاستنكار لولا فهم أبي الطفيل أن المراد من الولاية هي الأولوية في التصرف; لأنه معلوم عند الكل أن علياً ناصر المؤمنين، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، فتشكيك أبي الطفيل فيه دلالة واضحة على أن المفهوم من هذه الواقعة هو تولّي علي (عليه السلام) الإمامة والخلافة الإسلامية.

4 ـ عرفنا في آخر خبرين ذكرناهما أن قوماً من الأنصار سلّموا على علي (عليه السلام)بقولهم "السلام عليك يا مولانا".

فأجاب الإمام علي بشكل يلفت الناس ويذكرّهم بأنه الولي والخليفة بنص الرسول فقال: "كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب"، أو "أولستم قوماً عرباً" والمعنى أنتم قوم عرب أحرار ولستم عبيداً، فكيف أكون ولياً عليكم وسيداً لكم وأولى بالتصرف من أنفسكم.

فقالوا: سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم وذكروا الحديث.

فلما سمع علي (عليه السلام) ذلك منهم ضحك حتّى بدت نواجذه وقال: اشهدوا. ومن الواضح أنه لا معنى لأن يشهدهم على أنه ناصر المؤمنين بعد طيلة هذه السنين من جهاده (عليه السلام) ومعرفته كلّ الناس أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ولم يشك أحد في أن علياً ناصر المؤمنين; لذا فمن سلامهم عليه بالولاية وجوابه لهم بتلك الطريقة من التساؤل، ثمّ إشهادهم على ذلك يتضح أن المراد من الولاية والمفهوم منها عند الصحابة هي الأولوية في التصرف من النفس وهي تعني الإمامة الإسلامية العامّة.


الصفحة 643

الصفحة 644

الصفحة 645

الصفحة 646

الصفحة 647

الصفحة 648

الصفحة 649

الصفحة 650

الصفحة 651

الصفحة 652

الصفحة 653

الصفحة 654

الصفحة 655

الصفحة 656

وهذا نص صريح في استخلافه على أمّته، ولا يمكن للعاقل المنصف العادل إلاّ قبول هذا المعنى، ورفض تأويل البعض المتكلَّف، والحفاظ على


الصفحة 657

كرامة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل الحفاظ على كرامة الصحابة; لأنّ في تأويلهم هذا استخفاف واستهزاء بحكمة الرسول الذي يجمع حشود الناس في الحر الهجير الذي لا يطاق ليقول لهم بأنّ علي هو محبّ المؤمنين وناصرهم.

وبماذا يُفسّر هؤلاء الذين يؤوّلون النصوص حفاظاً على كرامة كبرائهم وساداتهم موكب التهنئة الذي عقده له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبدأ بزوجاته أمهات المؤمنين، وجاء أبو بكر وعمر يقولان: "بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة" والواقع والتاريخ يشهد أن المتأوّلين لكاذبون فويل لهم ممّا كتبت أيديهم وويل لهم ممّا يكتبون، قال تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(1).

ث ـ حديث: "علي منّي وأنا من علي، ولا يؤدي عنّي إلاّ أنا أو عليّ"(2).

____________

1- سورة البقرة: 146.

2- مسند أحمد 4:165، سنن الترمذي 5: 300 وقال عنه: "حديث حسن غريب صحيح"، سنن ابن ماجه 1: 44، سير أعلام النبلاء 8: 212 وقال عنه: "هذا حديث حسن غريب رواه ابن ماجه في سننه عن سويد فوافقناه بعلو"، وخصائص النسائي: 67 وصححه محقق الكتاب الجويني الاثري، مسند أحمد 4: 164 وصححه محقق الكتاب أحمد حمزة الزين 13: 394، وفي الآحاد والمثاني 3: 183: "قال: حدثنا أبو بكر أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال شريك: قلت: يا أبا إسحاق أين رأيته؟

قال: وقف علينا في مجلسنا فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلاّ أنا أو علي".

فقد صرح أبو إسحاق بالتحديث ولم يعنعن الحديث بنفس السند الذي حسنه الترمذي وكذلك الذي حسنه الشيخ الالباني، فما دام أنّه صرح بالتحديث فحديثه يكون صحيح.

ورواه أحمد في فضائل الصحابة 2: 743، وقال محقق الكتاب: "إسناده حسن صحيح لغيره".

ونقل الحديث الطبراني في المعجم الكبير 4: 16 وقال محقق الكتاب: "ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح. فأبو إسحاق وإن كان يونس بن أبي إسحاق إنّما أخذ عنه في حالة الاختلاط فقد تابعه شريك فالحق أنّه حسن كما قال الترمذي"، تهذيب الكمال للمزي 5: 350 وقال: "رواه ابن ماجة عن سويد بن سعيد فوافقناه بعلو، ورواه الترمذي عن إسماعيل بن موسى عن شريك فوقع لنا بدلاً، ورواه النسائي عن أحمد بن سليمان بن يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق فكأن شيخ شيخنا حدث به عن أصحابه".

وبهذا تعرف بطلان كلام عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني: 112 في تضعيفه للحديث وتوهم أن الحديث رواه أبو إسحاق السبيعي فقط، فقد تابعه شريك كما رأيت في التخريجات المتقدمة.

المصنف لابن أبي شيبة 7: 495 ح8، كتاب السنة لابن أبي عاصم: 595 ح1320، السنن الكبرى للنسائي 5: 45 ح8147 و8459، الجامع الصغير للسيوطي 2: 177 ح5595، وصحيح الجامع الصغير للألباني 2: 753 ح4091، وفي صحيح سنن ابن ماجه للألباني 1: 26 ح97، كشف الخفاء 1:205، البداية والنهاية 5:332، السيرة النبوية لابن كثير 4:424، سبل الهدى والرشاد 11:297.


الصفحة 658

وهذا الحديث الشريف هو الآخر صريح في أنّ الإمام علي هو الشخص الوحيد الذي أهّله صاحب الرسالة ليؤدّي عنه، وقد قاله عندما بعثه بسورة براءة يوم الحج الأكبر عوضاً عن أبي بكر، ورجع أبو بكر يبكي ويقول: يا رسول الله أنزل فيّ شيء؟ فقال: إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي(1).

وهذا نظير ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ في مناسبة أخرى عندما قال له: "أنت يا علي تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي"(2).

____________

1- في كتاب السنة لابن أبي عاصم: 595 ح1384 "بعث أبا بكر بالبراءة ثمّ بعث علياً فأخذها منه، فرجع أبو بكر باكياً..."، وفي السنن الكبرى للبيهقي 5: 129 "فوجد أبو بكر في نفسه" وفي مسند أحمد 1: 3، ومسند أبي يعلى 1: 100 ح104، وتاريخ دمشق 42: 348، وكنز العمال 2: 417، ح4389 هكذا: "فلمّا قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) أبو بكر بكى..."، عمدة القارىء 18:260، تفسير الآلوسي 9:162، الكامل في التاريخ 2:291.

2- المستدرك للحاكم 3: 122 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، المناقب للخوارزمي: 85 ح75، تاريخ دمشق 42: 387، حلية الأولياء 1: 103، كنز العمال 11: 615 ح32983.


الصفحة 659

فإذا كان لا يؤدّي عن رسول الله إلاّ علي، وهو الذي يبيّن للأمة ما اختلفوا فيه بعده، فكيف يتقدم عليه من لا يعرف معنى الإِب(1)، ومن لا يعرف معنى الكلالة(2)، وهذا لعمري من المصائب التي أصابت هذه الأمة، وأعاقتها عن أداء المهمّة التي رشحها الله لها.

وليست الحجّة على الله ولا على رسول الله، ولا على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، وإنّما الحجّة البالغة على الذين عصوا وبدّلوا، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}(3).

ج ـ حديث الدار يوم الإنذار:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشيراً إلى علي: "إن هذا أخي، ووصيي،وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا"(4).

____________

1- فتح الباري 13: 229 قال: "وذكر الحميدي أنّه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ: (فاكهة وأبا) فقال: ما الأب؟ ثُمّ قال: ما كلفنا أو قال: ما أمرنا بهذا"، وارجع إلى النهاية في غريب الحديث 1: 13، المستدرك للحاكم النيسابوري 2: 514، المصنف لابن أبي شيبة الكوفي 7: 180، مسند الشاميين 4: 156، تخريج الأحاديث والآثار 4: 158، سير أعلام النبلاء 11: 55 وغيرها من مصادر الحديث والتفسير.

2- إرجع إلى جهل الخليفة أبي بكر وعمر بن الخطاب بحكم الكلالة إلى المصادر التالية: سنن الدارمي 2: 366، صحيح مسلم 2: 81، باب نهى من أدخل ثوماً أو بصلاً تأويل مختلف الحديث: 25، معرفة السنن والآثار 5: 49، تخريج الأحاديث والآثار 1: 291، الفتح السماوي 2: 465، السنن الكبرى 6: 223، مجمع الزوائد 7: 13، فتح الباري 10: 43، جامع البيان 4: 376، تفسير البغوي 1: 403.

3- سورة المائدة: 104.

4- حديث الدار من الأحاديث الثابتة الصحيحة، وأصل الخبر ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه 2: 62 وفيه نقل كلام الإمام علي (عليه السلام) لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حينما خاطب عشيرته فقال: "وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.

قال: فأحجم القوم عنها جميعاً.

وقلت: وإني لأحدثهم سناً، وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثُمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا".

ونقله في تفسيره 11: 148 بنفس السند عند تفسير قوله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) ولكن أيد عبارته السابقة بقوله: "على أن يكون أخي وكذا وكذا..." مما يدلل على أمانته العلمية وتحريه الدقيق.

فنقول: أصل الحادثة واقعة لورودها في عدة مصادر ففي مسند أحمد 2: 225: "عن علي قال: لما نزلت هذه الآية (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: جمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا.." من دون ذكر لشيء آخر.

وفي السنن الكبرى للنسائي 5: 125 أن رجلاً سأل علياً (عليه السلام): لم ورثت ابن عمك دون عمك؟

قال: "جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني عبد المطلب، فصنع لهم مداً من طعام.

قال: فأكلوا حتّى شبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس، ثُمّ دعا بغمر فشربوا حتّى رووا وبقي الشراب كأنه لم يمس أو لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم بخاصة وإلى الناس بعامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم، فأيكم يبايعني على يكون أخي وصاحبي ووارثي!

فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه وكنت أصغر القوم، فقال: إجلس، ثُمّ قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول: إجلس، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي ثُمّ قال: أنت أخي وصاحبي ووارثي ووزيري فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي" والحديث صحيح السند لوثاقة رجاله.

وأخرج الحديث أحمد في مسنده 2: 564، بدون زيادة: "ووزيري"، والهيثمي في مجمع الزوائد 8: 203.

وكان الامام علي يردد دائماً قوله: "والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتّى أموت، والله إنّي لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به منّي" مستدرك الحاكم 3: 126، السنن الكبرى 5: 125، مجمع الزوائد 9: 134، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".


الصفحة 660

الصفحة 661

وهذا الحديث هو أيضاً من الأحاديث الصحيحة التي نقلها المؤرخون لبداية البعثة النبوية وعدّوها من معجزات النبي، ولكن السياسة هي التي أبدلت وزيّفت الحقائق والوقائع.

ولا عجب من ذلك; لأنّ ما وقع في ذلك الزمان المظلم يتكرّر اليوم في عصر النور، فهذا محمّد حسين هيكل أخرج الحديث بكامله في كتابه "حياة محمّد" في صفحة 104 من الطبعة الأولى سنة 1354 هجرية وفي الطبعة الثانية وما بعدها حذف من الحديث قوله (صلى الله عليه وآله): "وصييّ وخليفتي من بعدي".

كذلك حذفوا من تفسير الطبري الجزء 19 صفحة 121 قوله: "وصيي وخليفتي" وأبدلوها بقوله: "إن هذا أخي وكذا وكذا.."!! وغفلوا عن أن الطبري ذكر الحديث بكامله في تاريخه الجزء 2 صفحة 319، أنظر كيف يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقلّبون الأمور {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ...}(1)؟!

وخلال البحث الذي قمت به أردت الوقوف على جلية الحال، فبحثت عن الطبعة الأولى لكتاب "حياة محمّد"، وحصّلت عليه بحمد الله بعد عناء ومشقّة، وقد كلّفني ذلك كثيراً، والمهم أنّني اطّلعت على ذلك التحريف، وزادني ذلك يقيناً بأنّ أهل السوء يحاولون جهدهم أن يمحوا الحقائق الثابتة; لأنّها حجّة قوية لدى خصومهم!

ولكنّ الباحث المنصف عندما يقف على شيء من هذا التحريف والتزييف يزداد عنهم بعداً، ويعرف بلا شك أنّهم لا حجّة لديهم غير التضليل والدّس، وتقليب الحقائق بأي ثمن، ولقد استأجروا كتّاباً كثيرين، وأغدقوا

____________

1- سورة الصف: 8 .


الصفحة 662

عليهم الأموال كما أغدقوا عليهم الألقاب والشهادات الجامعية المزيّفة; ليكتبوا لهم ما يريدون من الكتب والمقالات التي تشتم الشيعة وتكفّرهم، وتدافع بكل جهد وإن كان باطلا عن كرامة بعض الصحابة المنقلبين على أعقابهم، والذين بدّلوا بعد رسول الله الحقّ بالباطل: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْم يُوقِنُونَ}(1) صدق الله العلي العظيم.

____________

1- سورة البقرة: 118.


الصفحة 663

الأحاديث الصحيحة
التي توجب اتّباع أهل البيت

1 ـ حديث الثقلين:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "يا أيها الناس! إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي"، وقال ـ أيضاً ـ: "يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وإنّي تارك فيكم الثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي"(1).

____________

1- حديث الثقلين بلفظ القرآن والعترة أو أهل البيت، وعصمة المتمسك بهما عن الضلال وعدم افتراقهما من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها، وورد بألفاظ وأسانيد مختلفة وكثيرة منها:

1 ـ أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم ـ في حديث طويل ـ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)قال: "أما بعد، ألا أيها الناس، فإنّما أنا بشر، يوشك أنّ يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيك ثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسِكوا به. فحثَّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثُمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي" صحيح مسلم 4:1873 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب(رضي الله عنه).

2 ـ وأخرج الترمذي وغيره عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في حَجّته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: "يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي" سنن الترمذي 5:622 كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". وذكر في مشكاة المصابيح 3/1735، سلسلة الأحاديث الصحيحة 4:356 وقال الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني: الحديث صحيح.

3 ـ وأخرج أيضاً عن زيد بن أرقم وأبي سعيد، قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقا حتّى يرِدَا علىَّ الحوض، فانظروا كيف تخلِّفونّي فيهم" سنن الترمذي 5:663 قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وذكر في مشكاة المصابيح 3:1735، صحيح الجامع الصغير 1:482 ح2458 وصححه الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني أيضاً:

4 ـ وأخرج أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهم عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)من حجّة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقُمِمْن (الدوحات: الأشجار العظيمة. وقممن: أي كنس ما تحتهن)، فقال: "كأني دُعِيتُ فأجبـتُ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلِّفوني فيهما، فإنّهما لن يتفرَّقا حتّى يرِدا علىَّ الحوض..." مسند أحمد بن حنبل 3:14، 26. المستدرك على الصحيحين 3:109، قال "الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، وهو أيضاً صحيح على شرطهما"، ووافقه الذهبي. كتاب السنة 2:630، البداية والنهاية 5:184، وقال: "قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هذا حديث صحيح".

5 ـ وأخرج الحاكم في المستدرك أيضاً عن زيد بن أرقم، قال: نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثُمّ راح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشية فصلى، ثُمّ قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وذكَّر ووعظ ما شاء الله أن يقول، ثُمّ قال: أيّها الناس، إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتَّبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي..." المستدرك على الصحيحين 3:109 ـ 110.

6 ـ وأخرج الحاكم في المستدرك، وابن أبي عاصم في كتاب السنة وغيرهما عن زيد بن أرقم أيضاً، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرَّقا حتّى يرِدا علىَّ الحوض" المستدرك على الصحيحين 3:148، قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، كتاب السنة 2:630.

7 ـ وأخرج أحمد بن حنبل في المسند، والهيثمي في مجمع الزوائد، والسيوطي في الجامع الصغير، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرّقا حتّى يرِدا علي الحوض" مسند أحمد بن حنبل 5:189، 181. مجمع الزوائد 9:162 قال الهيثمي: "رواه أحمد وإسناده جيد"، 2:170 وقال: "رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات"، الجامع الصغير 1:402 حديث 2631 ورمز له السيوطي بالصحة. وصححه الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير 1:482 ح2457.

8 ـ وأخرج أحمد بن حنبل في المسند، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، والبغوي في شرح السنة وغيرهم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي الثقلين: أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتّى يرِدا علىَّ الحوض" مسند أحمد بن حنبل 3:59، وراجع: 14، 17، 26، كتاب السنة،: 629. شرح السنة 14:119 وقال: "حسن غريب".

9 ـ وأخرج أحمد في المسند، وابن سعد في الطبقات، والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم، عن أبي سعيد أيضاً، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: "إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب، وإنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يرِدا علىَّ الحوض، فانظروني بم تخلّفونّي فيهما" مسند أحمد بن حنبل 3:17. الطبقات الكبرى 2:194، كنز العمال 1:185. قال الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4:357: "وهو إسناد حسن في الشواهد".

10 ـ وأخرج ابن حجر في المطالب العالية، والبوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة، والطحاوي في مشكل الآثار وغيرهم، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في حديث ـ قال: "وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله، سببه بيده، وسببه بأيديكم، وأهل بيتي" المطالب العالية 4:65 وقال: "هذا إسناد صحيح"، مختصر إتحاف السادة المهرة 9:194، وقال: رواه إسحاق بسند صحيح. مشكل الآثار 2:307.

11 ـ وأخرج البوصيري في مختصر الإتحاف عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك معكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا: كتاب الله عز وجل وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علىَّ الحوض"، مختصر إتحاف السادة المهرة 8:461، وقال: "رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعبد بن حميد، ورواته ثقات".

وأخرج هذا الحديث بنحو ما تقدم وبألفاظ أخرى متقاربة: أحمد بن حنبل في المسند 3:14، 4:371، وفي فضائل الصحابة 1:172، 2:572، 585، 603، 779، 786، والهيثمي في مجمع الزوائد 9:162 وما بعدها، والسيوطي في تفسيره الدر المنثور 7:349 في تفسير الآية 23 من سورة الشورى، وفي إحياء الميت 28، 29، 39، 40، 48، 55، 56، والمتقي الهندي في كنز العمال 1:172 وما بعدها، وأبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء 1:355، والنسائي في خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) : 96، والديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب 1:66، وأبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه 1:108، والدارمي في السنن 2:432، والبيهقي في السنن الكبرى 2:148، 10:114، وابن الأثير في جامع الأصول 1:187، والطبراني في المعجم الكبير والصغير 3:62 ـ 65 ح 2678 ـ 2681، 2638، 5:154 وما بعدها ح4922، 4923، 4980 ـ 4982، 5025 ـ 5028، 5040، المعجم الصغير 1:135، وغيرهم.

وذكره كثير من الأعلام في مصنَّفاتهم: كالسيوطي في الخصائص الكبرى 2:266، وابن تيمية في منهاج السنة 2:250، 4:104، والنووي في رياض الصالحين 1:264، والقاضي عياض في الشفا 2:82، والطبري في ذخائر العقبى : 47 ـ 48، وابن الأثير في أسد الغابة 2:17، والذهبي في سير أعلام النبلاء 9:365، وابن حجر في الصواعق المحرقة 2:437، 438، 652، 653، والدولابي في الذرية الطاهرة: 166، والتفتازاني في شرح المقاصد 5:302، وابن حزم في الإحكام 6:267، وابن المغازلي في المناقب 156 ـ 157، ط أُخرى: 214، وغيرهم.

وذكره من أصحاب المعاجم اللغوية ابن منظور في لسان العرب 11:88، والفيروز آبادي في القاموس المحيط 3:353،(ثقل)، والزمخشري في الفائق في غريب الحديث 1:150، النهاية في غريب الحديث 1:216، وغيرهم.

صحة سند الحديث:

صحَّح هذا الحديث جمع من أعلام أهل السنة: منهم الحاكم النيسابوري في المستدرك، والذهبي في التلخيص، والسيوطي في الجامع الصغير، والهيثمي في مجمع الزوائد، والذهبي كما في البداية والنهاية، وابن حجر العسقلاني في المطالب العالية، والبوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وصحيح الجامع الصغير، وحسَّنه الترمذي في سننه، والبغوي في شرح السنة، وقد مرَّ ذلك كُلّه.

مضافاً إلى ذلك فقد صحَّحه أيضاً ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، وابن كثير في البداية والنهاية وتفسير القرآن العظيم، والمناوي في فيض القدير وغيرهم.

قال ابن حجر: "ومن ثُمّ صحَّ أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي" الصواعق المحرقة: 145.

وقال: "وفي رواية صحيحة: كأني دُعيت فأجبت، إنّي قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما آكد من الآخر: كتاب الله عز وجل وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض... ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابياً، لا حاجة لنا ببسطها" المصدر السابق: 228.

وقال المناوي: "قال الهيثمي: (رجاله موثقون)، ورواه أبو يعلى بسند لا بأس به... ووهم من زعم وضعه كابن الجوزي" فيض القدير 3:15.

وقال ابن كثير بعد أن ساق رواية النسائي المتقدمة: "قال شيخنا الذهبي: هذا حديث صحيح" البداية والنهاية 5:184.

وقال في تفسيره: "وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في خطبته بغدير خم: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يرِدا علىَّ الحوض" تفسير القرآن العظيم 4:113.

وقد ذكر الألباني هذا الحديث ضمن أحاديث سلسلته الصحيحة، وخرَّج بعض طرقه وأسانيده الصحيحة والحسنة، وذكر بعض شواهده وحسَّنها، ووصف من ضعَّف هذا الحديث بأنّه حديث عهد بصناعة الحديث، وأنّه قصَّر تقصيراً فاحشاً في تحقيق الكلام عليه، وأنه فاته كثير من الطرق والأسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة، فضلاً عن الشواهد والمتابعات، وأنّه لم يلتفت إلى أقوال المصحِّحين للحديث من العلماء، إذ اقتصر في تخريجه على بعض المصادر المطبوعة المتداولة دون غيرها، فوقع في هذا الخطأ الفادح في تضعيف الحديث الصحيح. سلسلة الأحاديث الصحيحة 4:355، ح1761.

قال الدكتور السلفي محمّد علي البار في كتابه الامام علي الرضا ورسالته الطبية تحت عنوان (حديث الثقلين):

"وقد أخرج مسلم في صحيحه حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فينا خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثُمّ قال:

"اما بعد; ألا أيّها الناس فانّما أنا بشرٌ يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين; أُولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثُمّ قال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي".

وحديث الثقلين قد ورد في سنن الترمذي عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أثقل من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض; فانظروا كيف تخلفوني فيهما".

وعلق الشيخ البار على ذلك بقوله: "والغريب حقاً أنّ حديث الثقلين هذا، رغم وروده في مسلم وفي سنن الترمذي، وحسنه الحاكم النيسابوري في المستدرك، ومسند الإمام أحمد إلاّ أنّ معظم المعاصرين من العلماء والخطباء يجهله أو يتجاهله، ويوردون بدلاً عنه، حديث: "إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي"، وهو في موطأ الامام مالك، وفي سنده ضعف وانقطاع، وإن كان متنه ومعناه صحيحاً. وكان من الواجب ايراد الحديثين كلاهما معاً، لاهميتهما في الباب، أما كتمان هذا الحديث الشريف الصحيح فهو من كتمان العلم الذي هدد الله ورسوله فاعله..".


الصفحة 664

الصفحة 665

الصفحة 666

الصفحة 667