الصفحة 286
البحث في حياة الصحابة لكي نطعن بعدالتهم فالتاريخ كفانا مؤونة ذلك و شهد على البعض منهم بالزنا و شرب الخمر و شهادة الزور والارتداد و ارتكاب الجرائم بحق الأبرياء و خيانة الأمة، و لكن نريد فقط أن نبرز بأن مقولة عدالة الصحابة كلهم هي خرافة وهمية جاء بها "أهل السنة و الجماعة" لبستروا على سادتهم و كبرائهم من الصحابة الذين أحدثوا في دين الله و غيروا أحكامه ببدع ابتدعوها، و لنكشف ثانية بأن "أهل السنة الجماعة" باعتناقهم عقيدة "عدالة الصحابة أجمعين" قد أظهروا هو يتهم الحقيقة ألا و هي مودة المنافقين والاقتداء ببدعهم التي أحدثوها ليرجعوا بالناس إلى الجاهلية.

و بما أن "أهل السنة و الجماعة" قد حرموا على أتباعهم نقد الصحابة و تجريحهم و أغلقوا في وجوههم باب الاجتهاد و ذلك من عهد الخلفاء الأمويين و عهد اختلاق المذاهب، وورث الأتباع هذه العقيدة و أورثوها إلى أبنائهم جيلاً بعد جيل و بقي "أهل السنة و الجماعة" حتى يوم الناس هذا يمنعون من الخوض في الصحابة و يترضون عليهم جميعاً و يكفرون من ينتقد واحداً منهم.

و خلاصة القول أن الشيعة أتباع أهل البيت ينزلون الصحابة منازلهم التي يستحقونها، فيترضون على المتقين منهم و يتبرأون من المنافقين و الفاسقين أعداء الله و رسوله. و بذلك فهم وحدهم أهل السنة الحقيقة لأنهم أحبوا حبيب الله في ضلال الأغلبية الساحقة من المسلمين.

الصفحة 287

مخالفة أهل السنة و الجماعة لسنن النبوية

في هذا الفصل لابد لنا أن نكشف للباحث بصفة إجمالية عن مخالفة "أهل السنة و الجماعة" لمعظم السنن النبوية، كما نوضح في المقابل بأن الشيعة هم الذين تمسكوا بالسنن و لذلك حق لنا أن نسمي هذا الكتاب بعنوان "الشيعة هم أهل السنة".

و نريد في هذا الفصل طرح أمهات المسائل التي تبين للباحثين بمزيد اليقين بأن "أهل السنة و الجماعة" قد خالفوا تعاليم الإسلام في كل ما قرره القرآن و الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في سنته الشريفة، و تسببوا في ضلال من ضل من الأمة، و انتكاس المسلمين و بالتالي في تخلفهم و معاناتهم.

و حسب اعتقادي أن سبب الضلالة يرجع إلى عامل رئيسي ألا و هو حب الدنيا، ألم يعقل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم: "حب الدنيا رأس كل خطيئة" و حب الدنيا يتمثل في حب السلطة و الوصول إلى الحكم، و من أجل الحكم دمرت الشعوب و خرجت الأوطان و البلدان و أصبح الإنسان أخطر من الوحوش الضارية. و هو ما أشار إليه صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال لأصحابه: "إني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها".

لكل ذلك لابد من دراسة موضوع الخلافة و الإمامة أو ما نسميه اليوم نظام الحكم الإسلامي، فهو الطامة الكبرى و البائقة العظمي التي جرت على الإسلام و أهله المصائب و المتاعب و الضلالة و الهلاك.

الصفحة 288

1 ـ نظام حكم في الإسلام

يرى "أهل السنة و الجماعة" بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينص على أحد و ترك الأمر شورى بيم الناس ليختاروا من شاؤوا، فهذه هي عقيدتهم في الخلافة، و قد أطبقوا على ذلك من يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم و إلي اليوم.

و المفروض أن يعمل "أهب السنة و الجماعة" بهذا المبدأ الذي يؤمنون به و يدافعون عنه بكل جهودهم. غير أن البحث يوقفنا على أنهم عملوا عكس ما يعتقدون و بقطع النظر عن بيعة أبي بكر التي سموها هم أنفسهم بأنها فلتة و قي الله المسلمين شرها، فإن أبا بكر هو الذي اخترع فكرة ولاية العهد في الإسلام فعهد قبل وفاته بالخلافة لصاحبه عمر بن الخطاب.

كما عهد عمر بن الخطاب عند موته إلى عبد الرحمان بن عوف ليختار واحداً من الخمسة الذين رشحهم و يأمره بضرب أعناق المخالفين الذين يشقون عصا الطاعة.

و لما وصل معاوية للخلافة طبق هذا المبدأ (ولاية العهد) خير تطبيق إذ عين ولياً لعهده ابنه يزيد و عين يزيد ولياً لعهده انبه معاوية، و بقيت الخلاقة من ذلك الوقت يتداولها الطلقاء و أبناؤهم جيلاً بعد جيل فكل خليفة يعهد لولده أو أخيه أو أحد أقاربه، كذلك فعل الخلفاء في الدولة العباسية منذ قيامها إلى أن تلاشت و كذلك فعل خلفاء الدولة العثمانية من قيامها إلى أن ولي عصر الخلافة و اضمحل في عهد كمال أتاتورك في القرآن الحالي.

الصفحة 289

و بما أن "أهل السنة و الجماعة" يمثلون تلك الخلاقة أو أن تلك الحكومات المتعاقبة تمثل "أهل السنة و الجماعة" في كل بقاع الدنيا، و على مر التاريخ الإسلامي، فإنك تري اليوم في السعودية و في المغرب و الأردن و في كل دول الخليج كلهم يعملون بنظرية ولاية العهد التي ورثوها عن "سلفهم الصالح" و كلهم يمثلون "أهل السنة و الجماعة"، و على فرض صحة النظرية التي يعتقدونها و هي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك الأمر شوري و القرآن يقر الشورى، فإنهم خالفوا القرآن و السنة و قلبوا نظام الشورى "الديمقراطي" إلي نظام ولاية العهد الملكي الاستبدادي.

أما على فرض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على علي بن أبي طالب كما يقول بذلك الشيعة، فإن "أهل السنة و الجماعة" خالفوا صريح السنة النبوية و خالفوا القرآن لأن رسول الله لا يفعل شيئاً إلا بإذن ربه.

و لذلك تراهم يشعرون بفساد هذه النظرية "الشورى" لأن الخلفاء الأولين لم يطبقوها و لم يعملوا بها، كما يشعرون بفساد نظرية "ولاية العهد" أيضاً فتراهم يبررون ذلك بأحاديث "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملك عضوض"، و كأنهم يريدون إقناع غيرهم بما اقتنعوا به من أن الملك لله يعضه حيث يشاء، و أن الملوك و السلاطين ولاهم الله سبحانه على رقاب الناس فتجب بذلك طاعتهم وعدم الخروج عليهم.

و هذا بحث طويل يجرنا إلى القضاء والقدر الذي بحثناه في كتاب "مع الصادقين" ولا نريد الرجوع إليه، و نكتفي بأن نعرف بأن "أهل السنة و الجماعة" يسمون أيضاً بـ "القدرية" لقوهم بذلك.

و النتيجة هي أن "أهل السنة و الجماعة" يؤمنون بولاية العهد و يعتبرونها خلافة شرعية، لا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بها، أو أنه عين ولياً لعهده، فهم ينكرون ذلك أشد الإنكار، ولكن لأن أبا بكر عهد إلي عمر و عمر عهد إلى الستة، و معاوية عهد إلي يزيد و هكذا، و لم يقل أحد من العلماء عندهم ولا أحد من أئمة المذاهب الأربعة، بأن الحكم الأموي أو الحكم العباسي أو

الصفحة 290
الخلافة العثمانية هي غير شرعية. بل نراهم يسارعون إلى البيعة و التأييد و تصحيح خلافتهم بل ذهب أكثرهم للقول بشرعية الخلاقة لكل من تغلب عليها بالقوة والقهر، ولا يهمهم إن كان براً أم فاجراً تقياً أم فاسقاً عربياً قرشياً أم تركياً و كردياً.

يقول الدكتور أحمد محمود صبحي في هذا الصدد: "موقف أهل السنة في مسألة الخلاقة، هو التسليم بالأمر الواقع، دون تأييد أو خروج عليه"(1)

ولكن الواقع أن "أهل السنة" يؤيدون أيضاً، فقد ذكر أبو يعلي الفراء عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: "إن الخلافة تثبيت بالغلبة والقهر ولا تفتقر إلى العقد".

و قال في رواية عبدوس بن مالك العطار: "من غلب بالسيف حتى صار خليفة و سمي أمير المؤمنين، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً براً كان أم فراجاً". واحتج بقول عبد الله بن عمر: "نحن مع من غلب"، و بذلك أصبح "أهل السنة و الجماعة" رهينة هذه البدعة - بدعة ولاية العهد - فهم يبايعون الغالب و المتغلب بقطع النظر عن ورعه وتقواه و علمه (براً كان أم فاجراً) والدليل على أن أغلب الصحابة الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاوية بن أبي سفيان في عدة غزوات، بايعوه فيما بعد على أنه أمير للمؤمنين، كما قلبوا لخلافة مروان بن الحكم الذي سماه رسول الله "الوزع" و طرده من المدينة و قال: "لا يساكنني حياً ولا ميتاً".

بل قبلوا بخلافة يزيد بن معاوية و بايعوه بإمارة المؤمنين و لما خرج عليه الحسين سبط النبي قتلوه و أهل بيته لتثبيت ملك ليزيد و تصحيح خلافته، و ذهب علماؤهم إلي القول بأن الحسين قتل بسيف جده و منهم من يكتب حتى اليوم كتب على حقائق "أمير المؤمنين يزيد بن معاوية" كل ذلك تأييداً منهم لخلافة اليزيد و إدانة الحسين لأنه خرج عليه.

و إذا عرفنا كل هذا، فليس أمامنا إلا الاعتراف بأن "أهل السنة و الجماعة"

____________

(1) نظرية الإمامة لمحمود صبحي ص 23

الصفحة 291
قد خالفوا السنة نسبوها إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم و هي قولهم بأنه ترك الأمر شوري بين المسلمين.

أما الشيعة فقد تمسكوا في مبدأ الإمامة بقول واحد و هو "النص من الله و رسوله علي الخليفة"، فالإمامة عندهم لا تصح إلا بالنص ولا تكون إلا للمعصوم والأعلم والأتقى و الأفضل، فلا يجوز عندهم تقديم المفضول على الفاضل، و لذلك نراهم رفضوا خلافة الصحابة أولاً كما رفضوا خلافة "أهل السنة و الجماعة" ثانياً.

و بما أن النصوص التي يدعيها الشيعة في شأن الخلافة لها وجود فعلي و مصداق حقيقي في صحاح "أهل السنة و الجماعة" فليس أمامنا إلا الاعتراف بأن الشيعة هم الذين تمسكوا بالسنة النبوية الصحيحة.

وسواء أقلنا بأن الأمر شورى، أو هو بالنص في شأن الخلافة، فإن الشيعة وحدهم على حق، لأن الشخص الوحيد الذي تعين بالنص و بالشورى معاً هو علي بن أبي طالب. ولا قائل من المسلمين شيعياً كان أم سنياً يقول بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى ولاية العهد من قريب أو بعيد.

ولا قائل من المسلمين سيناً كان أم شيعياً يقول بأن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: "تركت أمركم شوري فاختاروا من شئتم لخلافتي".

و نحن نتحدى العالمين أن يأتونا بحديث واحد من هذا القبيل، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا، فليرجعوا إلى السنة النبوية الثابتة و التاريخ الإسلامي الصحيح لعلهم يرشدون، أم أنهم يقولون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهمل هذا الأمر الخطير و لم يتبين معالمه ليدخل أمته في صراع دائم و فتنة عمياء تمزق وحدتهم و تفرق شملهم وتنحرف بهم عن صراط الله المستقيم، و نحن نري اليوم بأن الفاسقين من الحكام الجائرين يكفرون في مصير شعوبهم من بعد خلافتهم فيعمدون إلي تعيين خلف لهم في حالة الشغور، فكيف بمن أرسله الله رحمة للعالمين!؟

الصفحة 292

2 - القول بعدالة الصحابة يخالف صريح السنة

إذا نظرنا إلي أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أقواله تجاه الصحابة نجده قد أعطى كل ذي حق حقه، فهو يغضب لله و يرضي لرضاه و كل صحابي خالف أمر الله سبحانه تبرأ منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما تبرأ مما صنع خالد بن الوليد في قتله بني جذيمة، و كما غضب علي أسامة عندما جاءه ليشفع للمرأة الشريفة التي سرقت، فقال قولته المشهورة: "و يلك أتشفع في حد من حدود الله؟ و الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها، إنما أهلك من كان قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه و إذا سرق الوضيع أقاموا عليه الحد."

و نجدهصلى الله عليه وآله وسلم أحياناً يبارك و يترضى على بعض أصحابه المخلصين و يدعو لهم و يستغفر لهم، كما نجده يلعن البعض منهم الذين يعصون أوامره و لا يقيمون لها و زناً أحياناً أخرى، مثل قوله "لعن الله من تخلف عن جيش أسامة" و ذلك عندما طعنوا في تأميره و رفضوا الالتحاق بجيشه بحجة أنه صغير السن.

كما نجده صلى الله عليه وآله وسلم يوضح للناس ولا يتركهم يغتروا ببعض الصحابة المزيفين، فيقول في أحد المنافقين: "إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من المرمية". و قد يتوقف فلا يصلي علي أحد الصحابة الذين استشهدوا في غزوة خيبر ضمن جيش المسلمين، و يكشف على حقيقته و يقول. "إنه غل في سبيل الله" و لما فتشوا متاعه وجدوا فيه خرزاً من خرز اليهود.

الصفحة 293

و يحدثنا الماوردي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطش في غزوة تبول فقال المنافقون: إن محمداً يخبر بأخبار السماء، و لا يعلم الطريق إلى الماء، فنزل جبريل و أخبره بأسمائهم، و أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم سعد بن عبادة، فقال له سعد" إن شئت ضربت أعناقهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، و لكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا"(1)

و قد سار فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أشار به القرآن الكريم في حقهم، فقد رضي الله عن الصادقين منهم و غضب على المنافقين و المرتدين و الناكثين منهم، و لعنهم في العديد من الآيات المحكمات، و قد وافينا البحث لهذا الموضوع في كتاب "فاسألوا أهل الذكر" في فصل "القرآن الكريم يكشف حقائق بعض الصحابة" فمن أراد التحقيق فعليه بالرجوع إلى الكتاب المذكور.

و يكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه و فضح أصحابها و كانوا أثني عشر رجلاً من الصحابة تذرعوا ببعد المسافة و أن الوقت لا يسعهم للحضور مع النبي، فبنوا مسجداً لأداء الصلاة في وقتها، فهل ترى إخلاصاً و رفاء أكبر من هذا؟ أن يصرف العبد أموالاً طائلة لبناء مسجد حرصاً منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها و في جماعة يجمعهم مسجد واحد؟

ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، علم سرائرهم و ما تخفي صدورهم، فأوحي إلى رسوله بأمرهم و أطلعه على نفاقهم بقوله: «والذين اتخذوا مسجداً ضراراً و كفراً و تفريقاً بين المؤمنين و إرصاداً لمن حارب الله و رسوله من قبل و ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى و الله يشهد إنهم لكاذبون» (التوبة: 107)

و كما أن الله لا يستحي من الحق فكذلك رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لأصحابه صراحة بأنهم سيتقاتلون على الدنيا و أنهم سيتبعون قي الضلالة سنن اليهود

____________

(1) قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، و لكن نحسن صحبتهم.." فيه دليل واضح علي أن المنافقين هم من الصحابة، فقول "أهل السنة و الجماعة" بأن المنافقين ليسوا من الصحابة مردود عليهم، لأنه رد على رسول الله الذي يسميهم أصحابه.

الصفحة 294
و النصارى شبراً بشبر و ذراعا بذراع، و أنهم سينقلبون بعده علي أدبارهم و يرتدون، و أنهم يوم القيامة سيدخلون إلي النار ولا ينجو منهم إلا القليل الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهمل النعم، و أنهم و أنهم …

فكيف يحاول "أهل السنة و الجماعة" إقناعنا بعد كب هذا بأن الصحابة كلهم عدول و أنهم في الجنة جميعاً، و أن أحكامهم ملزمة لنا، و أن أراءهم و بدعهم واجبة الاتباع، و أن الطعن على أي واحد منهم مروق عن الدين يوجب القتل؟؟!

إنه قول لا يقبله المجانين فضلاً عن العقلاء، إنه قول زور و بهتان لفقه الأمراء و السلاطين و الذين ساروا في ركابهم من علماء السوء المتطفلين على العلم و نحن لا يمكن لنا قبول هذا القول أبداً مادامت لنا عقول لأنه رد علي الله و رسوله و من رد قول الله و قول الرسول فقد كفر، و لأنه يصادم العقل والوجدان.

و نحن لا نلزم "أهل السنة و الجماعة" بالعدول همه أو برفضه، فهم أحرار فيما يعتقدونه و هم وحدهم المسؤولون عن نتائجه و عواقبه الوخيمة.

ولكن عليهم أن لا يكفروا من يتبع القرآن و السنة في عدالة الصحابة فيقول للمحسن منهم: أحسنت و يقول للمسيء منهم: أخطأت و أسأت، و يتولى أولياء الله و رسوله منهم و يتبرأ من أعداء الله و رسوله منهم أيضاً.

و بهذا يتبين لنا أيضاً بأن "أهل السنة و الجماعة" خالفوا صريح القرآن و صريح من سب صحابياً، إذا قلت له: كيف لا تكفر معاوية و كل الصحابة الذين اتبعوه على سب و لعن علي من فوق المنابر؟ فسيجيبك حتماً كما هو معروف: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسألون عما كانوا يعملون» (البقرة: 134).

الصفحة 295

3- النبي يأمر المسلمين بالاقتداء بعترته و أهل السنة يخالقونه

لقد أئبتنا فينا سبق من أبحاث بأن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي عرف بحديث الثقلين، و هو قوله: "تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و إن اللطيف الخبير أنباني أنهكا لن يفترقا حتى يرد علي الحوض"

و أثبتنا بأن هذا الحديث هو حديث صحيح متواتر أخرجه الشيعة كما أخرجه "أهل السنة و الجماعة" في صحاحهم و مسانيدهم. و المعروف بأن "أهل السنة و الجماعة" نبذوا أهل البيت وراء ظهورهم(1) ، وولوا وجوههم شطر أئمة المذاهب الأربعة الذين فرضتهم السلطات الجائرة والتي حظيت بدورها بتأييد و بيعة "أهل السنة و الجماعة".

و إذا شئنا التوسع في البحث لقنا بأن "أهل السنة و الجماعة" هم الذين حاربوا أهل البيت النبوي بقيادة الحكام الأمويين و العباسيين. ولذلك لو فتشت في عقائدهم و كتب الحديث عندهم فسوف لا تجد لفقه أهل البيت شيئاَ عندهم يذكر. و سوف تجد كل فقههم و أحاديثهم منسوبة لأعداء أهل البيت من النواصب و المحاربين لهم كعبد الله بن عمر و عائشة و أبي هريرة و غيرهم.

فنصف الدين عندهم يؤخذ عن عائشة الحميراء و فقيه أهل السنة هو

____________

(1) ولنا نقول بأن أهل السنة و الجماعة قد لعنوهم و حاربوهم و قتلوهم، هذا إذا فهمنا بأن زعيم أهل السنة هو معاوية و ما جرأ معاوية عليهم إلا أبو بكر و عمر و عثمان، كما اعترف معاوية نفسه بذلك.

الصفحة 296
عبد الله بن عمر، و رواية الإسلام عندهم هو أبو هريرة شيخ المضيرة، والطلقاء و أبناء الطلقاء هم القضاة و المشرعون في دين الله عندهم.

والدليل أن "أهل السنة و الجماعة" لم يكن لهم وجود معروف بهذا الاسم، ولكنهم كانوا قي مجموعهم المعارضين لأهل البيت من يوم السقيفة و هم الذين تآمروا على انتزاع الخلافة من أهل البيت والعمل على إقصائهم عن المسرخ السياسي للأمة.

و تكونت فرقة "أهل السنة و الجماعة" كرد فعل على الشيعة الذين تكتلوا وراء أهل البيت و انقطعوا إليهم، و قالوا بإمامتهم اتباعاً للقرآن والسنة.

و من الطبيعي أن يكون المعارضون للحق هم الأكثرية الساحقة من الأمة خصوصاً بعد الفتن و الحروب، أضف إلي ذلك أن أهل البيت لم يتمكنوا من الحكم إلا أربعة أعوام و هي خلافة الإمام علي و قد أشغلوه قيها بالحروف الدامية.

أما "أهل السنة و الجماعة" المعارضون لأهل البيت فقد حكموا مئات السنين و امتد ملكهم و سلطانهم شرقاً و غرباً و كان لهم الحول و الطول و الذهب و الفضة، فكان "أهل السنة و الجماعة" هم الغالبون لأنهم الحاكمون، و كان الشيعة بقيادة أهل البيت هم المغلوبون لأنهم محكومون و مضطهدون بل مشردون و مقتولون.

و نحن لا نريد الإطالة في هذا الموضوع بقدر ما نريد الكشف عن خفايا "أهل السنة و الجماعة" الذين خالفوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته و في تركته التي تضمن الهداية و تمنع من الضلالة، أما الشيعة فقد تمسكوا بوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم و اقتدوا بعترته الطاهرة و تحملوا من أجل ذلك العناء والأتعاب.

و الحقيقة أن هذا الخلاف والعصيان من "أهل السنة و الجماعة" و هذا القبول و الرضا من الشيعة بخصوص الثقلين و التمسك بهما معاً ظهرت معالمه من يوم الخميس الذي سمي يوم الرزية، عندما طلب إليهم الرسول إحضار الكتف والدواة ليكتب لهم ذلك الكتاب الذي يعصمهم من الضلالة، فوقف عمر ذلك الموقف الخطير و رفض أمر النبي مدعياً بأن كتاب الله يكفيهم و لا حاجة

الصفحة 297
للعترة، فكأن النبي يقول تمسكوا بالثقلين القرآن والعترة، وعمر يرد عليه حسبنا ثقلاً واحداً و هو القرآن و لا حاجة لنا بالثفل الثاني، و حذا قوله بالضبط "حسبنا كتاب الله يكفينا"

و قول عمر يمثل موقف "أهل السنة و الجماعة" لأن قريش المتمثلة قي أبي بكر و عثمان و عبد الرحمان بن عوف و أبي عبيدة و خالد بن الواليد و طلحة بن عبيد الله كل هؤلاء وقفوا يؤيدون عمر في موقفه. قال ابن عباس: فنهم من يقول ما قال عمر، و منهم من يقول قربوا للرسول ليكتب الكتاب.

و من البديهي أن علياً و شيعته من ذلك اليوم تمسكوا بوصية النبي ولو لم تكتب و عملوا بالقرآن و السنة معاً. ولم بعمل أعداؤهم حتى بالقرآن الذي قبلوه في بداية الأمر ولكنهم عطلوا أحكامه عندما وصلوا إلى الحكم فاجتهدوا بآرائهم و نبذوا كتاب الله و سنة رسوله وراء ظهورهم.

الصفحة 298

4- "أهل السنة و الجماعة" و مودة أهل البيت

لا يشك أحد من المسلمين في أن الله سبحانه و تعالي جعل مودة أهل البيت (عليهم السلام) ضريبة علي المسلمين مقابل منحهم الرسالة المحمدية و ما فيها من فضائل النعم، فقال عز و جل: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» (الشورى" 23)

و قد نزلت هذه الآية الكريمة تفرض علي المسلمين مودة العترة الطاهرة و هم علي و فاطمة و الحسن و الحسين، بشهادة أكثر من ثلاثين مصدراً من مصادر "أهل السنة و الجماعة"(1) ، حتى قال الإمام الشافعي في ذلك:
يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
    فإذا كانت محبتهم نزل بها القرآن و جعلنا فرض على أهل القبلة كافة كما اعترف بذلك الإمام الشافعي! و إذا كانت مودتهم هي أجر الرسالة المحمدية كما نطق صريح البيان، و إذا كانت مودتهم عبادة يتقرب بها إليه سبحانه، فما بال "أهل السنة و الجماعة" لا يقيمون لأهل البيت و زناً ولا ينزلونهم إلا دون منزلة الصحابة(2) ؟

و لنا أن نسأل "أهل السنة و الجماعة" بل لنا أن نتحداهم أن يأتونا بآية قرآنية

____________

(1) راجع في ذلك كتاب "مع الصادقين" للمؤلف

(2) فـ "أهل السنة و الجماعة" كلهم يقولون بتفضيل أبي بكر و عمر و عثمان على علي بن أبي طالب، و إذا كان علي هو سيد العترة و أفضل أهل البيت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أهل البيت عند "أهل السنة و الجماعة" يأتون بعد الصحابة الثلاثة المعروفين عندهم بالخلفاء الراشدين.

الصفحة 299
واحدة أو بحديث نبوي واحد يفرض على المسلمين مودة أبي بكر أو عمر أو عثمان أو أي واحد من الصحابة؟!

كلا وأنى لهم مثل ذلك، فلا يوجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله شيء من ذلك، بل يوجد في القرآن آيات عديدة تشير إلي منزلة أهل البيت الرفيعة و تفضلهم علي سائر العباد.

و في السنة النبوية أحاديث كثيرة تفضل أهل البيت و تقدمهم على سائر المسلمين تقديم الإمام علي المأموم و العالم على الجاهل.

و يكفينا من القرآن آية المودة التي نحن بصدد ذكرها، و أية المباهلة و آية الصلاة علي النبي و آله، و آية إذهاب الرجس و التطهير، و أية الولاية، و أية الاصطفاء و وراثه الكتاب.

و يكفينا من السنة النبوية حديث الثقلين و حديث السفينة، و حديث المنزلة، و حديث الصلاة الكاملة، و حديث النجوم، و حديث مدينة العلم، و حديث الأئمة بعدي اثنا عشر.

ولا نريد القول بأن ثلث القرآن نزل في مدح أهل البيت (عليهم السلام) و ذكر فضائلهم كما يقول بعض الصحابة كابن عباس، ولا أن ندعي بأن ثلث السنة النبوية كله تنويه و تمجيد في أهل البيت و توجيه الناس إلى فضلهم و فضائلهم كما ألمح لذلك الأمام أحمد بن حنبل.

و يكفينا من القرآن و السنة ما أوردناه من صحاح "أهل السنة و الجماعة" للدلالة على تفضيل أهل البيت على من سواهم من البشر.

و بعد نظرة و جيزة إلى عقائد "أهل السنة و الجماعة" و إلى كتبهم و إلى سلوكهم التاريخي تجاه أهل البيت، ندرك بدون غموض بأنهم اختاروا الجانب المعاكس و المعادي لأهل البيت (عليهم السلام) و بأنهم أشهروا سيوفهم لقتالهم و سخروا أقلامهم لانتقاصهم و النيل منهم و لرفع شأن أعدائهم و من حاربهم.

و يكفينا على ذلك دليل واحد يعطينا الحجة البالغة، و كما قدمنا بأن "أهل السنة و الجماعة" لم يعرفوا إلا في القرن الثاني للهجرة كرد فعل على الشيعة الذين

الصفحة 300
والوا أهل البيت وانقطعوا إليهم فإننا لا نجد شيئاً في فقههم و عباداتهم و كل معتقداتهم يرجعون فيه إلى السنة النبوية المروية عن أهل البيت.(1)

و رغم أن أهل البيت أدري بما فيه فهم ذرية المصطفي وعترته، و رغم أنهم لم يسبقهم أحد في علم ولا في عمل، و أنهم واكبوا مسيرة الأمة طوال ثلاثة قرون و تداولوا الإمامة الروحية و الدينية عبر الأئمة الاثني عشر الذين لم يخالف منهم واحد رأي الثاني، فإننا نجد "أهل السنة و الجماعة" يتعبدون بالمذاهب الأربعة التي لم تخلق إلا في القرن الثالث للهجرة و التي يخالف فيها بعضهم رأي البعض الآخر، و مع ذلك نبذوا أهل البيت وراء ظهورهم و وقفوا منهم موقف العداء بل و حاربوا كل من تشيع لهم ولا زالوا يحاربونهم حتى يوم الناس هذا.

و إذا أردنا دليلاً آخر، فما علينا إلا أن نحلل موقف "أهل السنة و الجماعة" من ذكرى يوم عاشوراء ذلك اليوم المشؤوم الذي هدم فيه ركن الإسلام بقتل سيد شباب أهل الجنة والعترة الطاهرة من ذرية المصطفى و النخبة الصالحة من أصحابه المؤمنين.

أولاً: نلاحظ أنهم يقفون من قتلة الحسين موقف الراضي الشامت المعين، ولا يستغرب منهم ذلك فقتلة الحسين كلهم من "أهل السنة و الجماعة" و يكفي أن نعرف بأن قائد الجيش الذي ولاه ابن زياد لقتل الحسين و هم عمر بن سعد بن أبي وقاص. و لذلك فـ "أهل السنة و الجماعة" يترضون على الصحابة أجمعين بما فيهم قتلة الحسين و الذين شاركوهم، و يوثقون أحاديثهم، بل وفيهم من يعتبر الإمام الحسين "خارجياً" لأنه خرج على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية!

و قد قدمنا فيما سبق بأن فقيه "أهل السنة و الجماعة" عبد الله بن عمر قد بايع يزيد بن معاوية و حرم أن يخرج أحد من أتباعه على يزيد، و قال: "نحن مع من غلب".

____________

(1) وهب أنهم كما يزعمون اليوم و يقولون: نحن أولى بعلي و أهل البيت من الشيعة، فلماذا ترك علماؤهم و أئمة المذاهب عندهم فقه أهل البيت و كان عندهم نسياً منسياً؟ واتبعوا مذاهب ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالي:"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه"، أما الذين لم يتبعوه فليسوا أولي به كما لا يخفي

الصفحة 301

ثانياً: نرى بأن "أهل السنة و الجماعة" على مر التاريخ من يوم عاشوراء إلى يوم الناس هذا، يحتفلون بيوم عاشوراء و يجعلونه عيداً يخرجون فيه زكاة أموالهم و يوسعون فيه علي عيالهم، و يروون بأمه يوم بركات و رحمات.

ولا يكفيهم كل ذلك فتراهم إلى اليوم يشنعون علي الشيعة و ينتقدون بكاءهم علي الحسين، و في بعض البلدان الإسلامية يمنعونهم من إقامة ذكرى العزاء و يهجمون عليهم بالسلاح و يعملون فيهم ضرباً و تقتيلاً بدعوى محاربة البدع.

و في الحقيقة هم لا يحاربون البدع بقدر ما يمثلون دور الحكام الأمويين و العباسيين الذين حاولوا جهدهم القضاء على ذكرى عاشوراء ووصل بهم الأمر إلى نبش قبر الحسين و إعفائه و منع الناس من زيارته. فهم إلى الآن يريدون القضاء على إحياء تلك الذكرى خوفاً من أن يعرف الناس، و من يجهلون حقيقة أهل البيت - واقع الأمور فتنكشف بذلك عورات أسيادهم و كبرائهم، و يعرف الناس الحق من الباطل و المؤمن من الفاسق.

و بهذا يتبين لنا مرة أخرى، بأن الشيعة هم أهل السنة النبوية لأنهم اتبعوا سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في الحزن و البكاء علي أبي عبد الله الحسين، و ذلك بروايات ثابتة أنه صلى الله عليه وآله وسلم بكى على ولده الحسين عندما أعمله جبريل بمقتله في كربلاء و ذلك قبل الواقعة بخمسين عاماً.

و يتبين لنا أيضاً بأن "أهل السنة و الجماعة" يحتفلون بيوم عاشوراء لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية و بني أمية في احتفالهم بذلك اليوم لأنهم انتصروا فيه على الحسين و أخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، و قطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم.

و التاريخ يحدثنا بأن يزيد و بني أمية، احتفلوا بذلك اليوم احتفالاً كبيراً حتى وصل إليهم رأس الحسين و سبايا أهل البيت ففرحوا بذلك و شمتوا برسول لله صلى الله عليه وآله وسلم و قالوا في ذلك أشعاراً.

و تقرب إليهم علماء السوء من "أهل السنة و الجماعة" فضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، و أن عاشوراء هم اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، و هو اليوم

الصفحة 302
الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، و هو اليوم الذي كانت فيه النار برداً و سلاماً على إبراهيم، و هو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن و رد فيه بصر يعقوب، و هو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، و هو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء.

و هذه الروايات كلها يرددها علماء "أهل السنة و الجماعة" و أئمتهم على المنابر حتى اليوم بمناسبة عاشوراء، و هي روايات كلها من وضع الدجالين الذين تزيوا بزي العلماء و تقربوا إلى الحكام بكل الوسائل، فباعوا آخرتهم بدنياهم فما ربحت تجارتهم و هم في الآخرة من الخاسرين.

و قد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء، فوجد يهود المدينة صياماً، فسأهم عن السبب، قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نحن أولي بموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء و تاسوعاء لمخالفة اليهود.

و هذا كذب مفضوح إذ أن اليهود يعيشون معنا، و لم نسمح لهم بعيد يصومون فيه يسمونه عاشوراء.

و هل لنا أن نسأل ربنا عز و جل: كيف جعل هذا اليوم مباركاً علي كل أنبيائه و رسله من أدم إلي عيسي، إلا محمد، فقد كان عليه هذا اليوم مصيبة و عزاء و شؤماً إذ قتل فيه ذريته و عترته و ذبحوا ذبح الغنم و أخذت بناته سبايا؟

والجواب" إنه «لا يسأل عما يفعل و هم يسألون» (الأنبياء: 23)

«فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» (آل عمران" 61)

الصفحة 303

5 - أهل السنة و الجماعة و الصلاة البتراء

بعدما قدمنا فصل سابق نزول الآية و تفسيرها من قبل الرسول نفسه و تعليمهم كيفية الصلاة الكاملة، و نهيهم عن الصلاة البتراء التي لا يقبلها الله سبحانه، و مع ذلك نجد إصراراً كبيراً من طرف "أهل السنة و الجماعة" على الصلاة البتراء لئلا يذكرون أن محمد ضمن الصلاة، و إذا ما ذكروهم غصباً تراهم يضيفون الصحابة معهم، و إذا قلت أمام أحدهم: صلي الله عليه و أله، فإنه يفهم علي الفور بأنك شيعي، و ذلك لأن الصلاة الكاملة على محمد و آل محمد أصبحت شعاراً للشيعة وحدهم.

و هذه حقيقة لا مرية فيها و قد اعتمدنها شخصياً في بداية البحث فكنت أعرف تشيع الكاتب من قوله بعد ذكر محمد: صلي الله عليه و أله و سلم، و عندما لا أجد إلا لفظة صلى الله عليه و سلم أعرف أنه سني.

كما أفهم تشيع الكاتب عندما يكتب "علي عليه السلام" و لكنه عندما يكتب كرم الله وجهه أعرف بأنه سني.

و نري من خلال الصلاة الكاملة بأن الشيعة اقتدوا بالسنة النبوية الشريفة، بينما خالف "أهل السنة و الجماعة" أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم و لم يقيموا لها وزناً، فتراهم دائماً يصلون الصلاة البتراء، و إذا ما اضطروا إلى إضافة الآل فأنهم عند ذلك يضيفون معهم الصحابة أجمعين بدون استثناء حتى لا يبقوا لأهل البيت فضلاً ولا خصوصية.

الصفحة 304

و هذا كله ناتج عن موقف الأمويين تجاه أهل البيت و العداوة التي كانوا يحملونها لهم حتى وصل بهم الأمر أن أبدلوا الصلاة عليهم بلعنهم على المنابر و حمل الناس على ذلك بوسائل الترهيب و الترغيب.

فـ "أهل السنة و الجماعة" لك يجاورهم في السب و اللعن لأهل البيت، ولو فعلوا ذلك لافتضحوا المسلمين و لعرفوا على حقيقتهم و تبرأ منهم الناس، فتركوا السب و اللعن ولكنهم أضمروا العداوة و البغضاء لأهل البيت و حاولوا بكل جهودهم إطفاء نورهم بأن رفعوا مكانة أعدائهم من الصحابة و اختلقوا لهم فضائل خيالية لا تمت للحق بصلة.

و الدليل على ذلك أنك تجد "أهل السنة و الجماعة" حتى اليوم يقولون شيئاً في معاوية و الصحابة الذين لعنوا أهل البيت طيلة ثمانين عاماً، بل و يترضون عليهم أجمعين، و في الوقت يكفرون أي مسلم ينتقص أحداً منهم (من الصحابة) و يكشف عن جرائمه، فيفتون بقتله.

و قد حاول بعض الوضاعين أن يضيف إلى الصلاة الكاملة - التي علمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلي أصحابه - جزءاً أخر ظناً منه بأن ذلك سينقص من مكانة أهل البيت و فيمتهم فروى بأنه قال: قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد و على أزواجه و ذريته. و الباحث يفهم بأن هذا الجزء قد أضيف لكي تلحق عائشة بركب أهل البيت.

و نحن نقول لهم: لو سلمنا جدلا بصحة الرواية، و قلبنا أمهات المؤمنين ضمنها، فإن الصحابة لا دخل لهم فيها و أنا أتحدى أن يأتي أحد المسلمين بدليل من القرآن أو من السنة في هذا المعني، فنجوم السماء أقرب إليه من ذلك.

و القرآن و السنة أمرا كل الصحابة و كل من يأتي بعدهم من المسلمين إلي قيام الساعة بالصلاة على محمد و أل محمد. و هذه وحدها مرتبة عظيمة تقصر عنها كل المراتب و منقبة جليلة لا يلحقهم فيها لاحق.

فأبو بكر و عمر و عثمان و كل الصحابة أجمعين و كل المسلمين في العالم و الذين

الصفحة 305
يعدون بمئات الملايين عندما يصلون يقولون في تشهدهم: اللهم صلي على محمد و آل محمد! و إذا لم يقولوا ذلك فصلاتهم مردودة لا يقبلها الله سبحانه.

و هذا هوا المعني بالضبط الذي قصده الإمام الشافعي عندما قال:

يكفيكم من عظيم الشأن أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له

و قد اتهم الشافعي بالتشيع من أجل قوله هذا، فإن أذناب الأمويين و العباسيين يتهمون بالتشيع كل من صلى على محمد و آل محمد، أو قال فيهم شعراً أو حدث بفضيلة من فضائلهم.

و على كل حال فالبحث في هذا المجال واسع قد يتكرر في العديد من الكتب، فلا بأس بالإعادة إذا كان فيها إفادة.

و المهم أننا عرفنا خلال هذا الفصل بأن الشيعة هم أهل السنة النبوية و صلاتهم كاملة و مقبولة حتى رأي من خالفهم، و "أهل السنة و الجماعة" خالفوا في ذلك صريح السنة النبوية و صلاتهم بتراء غير مقبولة حتى على رأي أئمتهم و علمائهم "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكاً عظيماً" (النساء: 54)

الصفحة 306

6- عصمة النبي و تأثيرها على "أهل السنة و الجماعة"

إن نظرية العصمة مختلف فيها عند المسلمين، و هي في الحقيقة العامل الوحيد الذي يفرض على المسلمين أن يتقبلوا أحكام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدون نقاش ولا جدال، إذا ما اعتفدوا في أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي، فلا يؤمنون بأن أقوال النبي و أحكامه إذا لم تكن قرأناً يتلى، فهي مجرد اجتهاد منه.

أما إذا اعتقدوا هذا الاعتقاد وسلموا بأن الأمر كله الله وليس النبي إلا واسطة للتبليغ والبيان فقط، فهم شيعة و قد اشتهر كثير من الصحابة بهذا الاعتقاد و على رأس هؤلاء الإمام علي (عليه السلام) الذي ما كان يغير من سنة النبي قليلاً و لا كثيراً باعتبارها من وحي الله، فلا يجوز استعمال الرأي و الاجتهاد مقابل أحكام الله سبحان و تعالى.

و أما إذا اعتقدوا أن النبي غير معصوم في أقواله و أفعاله و العصمة لا تختص إلا بالقرآن الكريم و ما يتلى من آياته، و ما عدا ذلك فهو كسائر البشر يخطئ و يصيب، أما إذا قالوا بهذا فإنهم "أهل السنة و الجماعة" الذين يجوزون أن يجتهد الصحابة و العلماء مقابل أقوال و أحكام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما يتماشى و المصلحة العامة طبقاً للظروف التي تقتضيها الحال حسب رأي الحاكم في كل زمان.

و إنه غني عن البيان بأن مدرسة الخلفاء الراشدين (باستثناء الإمام علي) قد اجتهدوا بآرائهم مقابل السنة النبوية ثم ذهبوا شوطاً أبعد فاجتهدوا مقابل

الصفحة 307
النصوص القرآنية أيضاً، و أصبحت آراؤهم فيما بعد أحكاماً عند "أهل السنة و الجماعة" يعلمون بها و يفرضونها على المسلمين.

و قد تكلمنا عن اجتهادات أبي بكر و عمر و عثمان في كتاب "مع الصادقين" و كذلك في كتاب "فاسألوا أهل الذكر" و قد نفرد لهم كتاباً خاصاً في المستقبل إن شاء الله تعالي.

و قد عرفنا أن "أهل السنة و الجماعة" يضيفون إلى المصدرين الأساسين للتشريع الإسلامي (القرآن والسنة) مصادر أخري كثيرة من جملتها سنة الشيخين (أبي بكر و عمر) و اجتهاد الصحابي، و هذا ناتج عن اعتقادهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن معصوماً، و إنما كان يجتهد رأيه و كان بعض الصحابة يصوب رأيه و يصلح خطاه.

و بهذا يتبين لنا بأن "أهل السنة و الجماعة" عندما ما يقولون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس معصوماً، فهم يجوزون بذلك مخالفته و عصيانه من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون.

لأن غير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً و عقلاً، و ما دمنا نعتقد بخطئه فلا تلزمنا طاعته، كيف نطيع الخطأ؟

كما يتبين لنا في المقابل بأن الشيعة عندما يقولون بعصمة النبي المطلقة، فهم يفرضون بذلك طاعته لأنه معصوم عن الخطأ، فلا تجوز مخالفته و معصيته بأي حال من الأحوال، و من يخالفه أو يعصيه فقد خالف و عصى ربه، و إلى ذلك يشير القرآن الكريم في العديد من الآيات بقوله: «و ما أتاكم الرسول فخذوه» (أل عمران: 132)، و قوله: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» (أل عمران: 31). إلى آيات كثيرة تفرض على المسلمين طاعة النبي و عدم مخالفته باعتباره معصوماً ولا يبلغ إلا ما أمره به الله سبحانه.

و هذا يفرض بالضرورة أن يكون الشيعة هم أهل السنة النبوية لاعتقادهم

الصفحة 308
بعصمتها و وجوب اتباعها. كما يفرض أن يكون "أهل السنة و الجماعة" بعيدين عن السنة النبوية لاعتقادهم بخطئها و جواز مخالفتها.

"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"(البقرة: 213)

الصفحة 309

مع الدكتور الموسوي و "التصحيح"

إلتقيت مجموعة من الشباب المثقف في بين أخ تربطني به وشائج القرابة و الصبا في ضواحي باريس بمناسبة وليمة أقامها لمولد ابنه الذي رزقه الله بعد طول انتظار، ودار الحديث بيننا عن الشيعة و السنة و كان الجميع و أغلبهم من الجزائريين المتحمسين للثورة الإسلامية ينتقدون الشيعة و يرددون تلك الأساطير المعروفة، و اختلفوا فيما بينهم بين مؤيد منصف يقول بأن الشيعة إخوتنا في الدين و مناهض به يصف الشيعة بكل ضلالة و يفضل عليهم النصارى.

و لما تعمقنا في البحث والاستدلال كان بعضهم يهزأ مني و يقول بأنني من المغرورين الذين بهرتهم الثورة الإيرانية، و حاول صديقي إقناعهم بأنني باحث كبير و أطراني أمام الحاضرين و قال بأنني مؤلف كتب عديدة في هذه المواضيع.

و لكن أحدهم قال بأن لديه الحجة التي ليس بعدها حجة. و سكت الجميع، و تساءلت عن هذه الحجة، فطلب مني الانتظار بضع دقائق و ذهب مسرعاُ إلى بيته المجاور و رجع يحمل بين يديه كتاب "الشيعة و التصحيح" للدكتور موسى الموسوي و ضحكت عندما رأيت الكتاب و قلت: أهذه هي الحجة التي ليس بعدها حجة؟ التفت إلى الحاضرين و قال:

هذا من أكبر علماء الشيعة و هو مرجع من مراجعهم و له شهادة في الاجتهاد و لأبوه وجده من أكبر علمائهم، ولكنه عرف الحق و نبذ التشيع و أصبح من أهل السنة و الجماعة.

الصفحة 310

و أنا واثق من أن الأخ (و يقصدني) لو يقرأ هذا الكتاب لما دافع عن الشيعة أبداً ولعرف خفاياهم و انحرافاتهم.

وضحكت مرة أخري و قلت له: و حتى تعرف أني قرأته قراءة باحث فسأعطيك أمام الحاضرين الحجة التي ليس بعدها حجة من الكتاب نفسه الذي جئت به!

قال مع الحاضرين بلهفة: هات نسمع منك.

قلت: أنا لا أتذكر رقم الصفحة ولكن أعرف العنوان و أذكره جيداً و هو: أقوال أئمة الشيعة في الخلفاء الراشدين.

قال: و ما في ذلك؟

قلت: إبحث عنه و اقرأه أمام الحاضرين و بعدها سأبين لك الحجة.

و أخرج الفقرة و قرأها أمام الحاضرين و ملخصها أن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كان يفتخر بانتسابه لأبي بكر "الصديق" فيقول "أولدني أبو بكر مرتين" والذين رووا هذه الروايات يروون أيضاً بأن الإمام الصادق كان يعطن في أبي بكر من جهة أخري.

و يعلق الدكتور الموسوي علي هذا بقوله: "فهل يعقل أن يفتخر الإمام الصادق بجده من جهة و يطعن قيه جهة أخري؟ إن مثل هذا الكلام قد يصدر من السوقي الجاهل و لكنه لا يصدر من إمام".

و تساءل الجميع، ما الحجة في هذا؟! و قالوا إنه كلام معقول و منطقي.

قلت: أن الدكتور الموسوي استنتج من قول الإمام الصادق: "أولد ني أبو بكر مرتين" بأنه يفتخر بجده مع أنه ليس في هذه العبارة ما يوحي بالمدح و الثناء على أبي بكر، أن الصادق ليس هو حفيد مباشر لأبي بكر و إنما لأن أمة جدها أبو بكر. و مع العلم بأن الصادق ولد بعد وفاة أبي بكر بسبعين عاماً فلم يره أبداً.

قالوا: لم نفهم قصدك من كل هذا؟!

الصفحة 311

قلت: ما رأيكم فيمن يفتخر بجده المباشر والد أبيه و يقول بأنه أعلم أهل زمانه و لم يعرف التاريخ مثله، ثم يقول بأنه درس و تأدب على يديه، فهل يعقل أن يطعن فيه بعد ذلك، و هل يقبل عاقل أن يفتخر بشخص من جهة ثم يكفره من جهة أخري؟!

فقالوا جميعاً: لا يعقل و لا يكون ذلك ابداً.

فقلت: إقرأ إذاً ما جاء فيه أول صفحة من هذا الكتاب الذي بين يديك، فستري بأن الدكتور الموسوي هو ذلك الرجل.

فقرأ: "ولدت و ترعرعت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية و درست و تأدبت على يد أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم، و هو جدنا الأمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الذي قيل فيه: "أنسى من قبله و أتعب من بعده".

قلت: الحمد لله الذي أظهر الحجة على لسان الموسوي نفسه و قد حكم على نفسه بنفسه إذ قال فيما قرأتم: هل يعقل أن يفتخر بجده من جهة و يطعن فيه من جهة أخري؟ و حكم بأن هذا لا يصدر إلا من السوقي الجاهل.

و إن الذي يصف جده بهذه الأوصاف العظيمة التي لم تتوفر لغيره من أفذاذ العلماء و يدعي بأنه تأدب على يديه و أخذ دروسه و علومه منه، لا يكفره بعد ذلك و يطعن عقيدته، إلا إذا كان سوقياً جاهلاً.

و أطرق الجميع رؤوسهم، وابتهج صديقي صاحب البيت قائلاُ: ألم أقل لكم إن الأخ التيجاني باحث موضوعي و منطقي؟

و فكر صاحب الكتاب الذي كان يرعد و يزبد و قال: يا أخي ربما عرف الحق الدكتور الموسوي بعد ما كبر و تعلم فسبحان الله، طلب العلم من المهد إلى للحد!

و أجبت: لو كان الأمر كما تقول لوجب على الدكتور أن يتبرأ من جده و من أستاذه أيضاً الذي أعطاه شهادة الاجتهاد لا أن يفتخر بهما و يحتج بشهادتهما و هو يكتب في نفس الوقت تكفيرهما من حيث لا يشعر.

الصفحة 312

ولو اردت أن أناقشكم في كل المواضيع التي كتبها لأريتكم العجب العجاب.

وانتهى ذلك اللقاء بعد توضيحات وشروح عن واقع تلك الإشكالات وكانت له نتائج إيجابية بحمد الله إذ استبصر منهم ثلاثة بعد قراءة كتبي.

وإني أنتهز هذه الفرصة لأقدم للقراء الكرام بعض الصفحات التي كتبتها في هذا الموضوع على عجالة لأن كتاب «الشيعة والتصحيح» له تأثير في الأوساط التي يتواجد فيها الوهابيون، وبما أن هؤلاء لهم من الأموال والنفوذ في بعض المناطق فقد يؤثرون في بعض الشباب من المسلمين الذين لا يعرفون الشيعة، فيخدعوهم بهذا الكتاب ويمنعونهم من الوصول إلى الأبحاث المفيدة، ومن ثم يقيمون أمامهم حاجزا للوصول إلى الحقيقة المنشودة.

وهؤلاء المعترضون جعلوا حجتهم على الشيعة كتاب «الشيعة والتصحيح» للدكتور موسى الموسوي الذي طبع بالملايين ووزع مجانا في أوساط الشباب المثقف من طرف سلطات معروفة عرف الخاص والعام أهدافها ومراميها.

وقد ظن هؤلاء المساكين أنهم فندوا مذهب الشيعة الإمامية بطبع الكتاب ونشره لأن مؤلفه «آية الله» الموسوي وهو من الشيعة لتكون الحجة من باب وشهد شاهد من أهلها.

وغفل هؤلاء المساكين عن عدّة أمور لم يحسبوا لها حساباً ولم يقدّروا نتائجها العكسيّة التي عادت عليهم بالوبال.

وإني شخصياً لا أكلف نفسي شيئاً من الوقت للردّ على أكاذيب الدكتور موسى الموسوي التي ملأ بها كتابه، وأعتقد أنّ في كتابي «مع الصّادقين» رداً مقنعاً على مفترياته، مع أنه كتب قبل كتابه بوقت قصير ولم يكن مضمونه غلا إظهار معتقدات الشيعة التي ترتكز كلّها على القرىن الكريم والسنّة النبويّة الصّحيحة وإجماع المسلمين بمن فيهم «أهل السنّة والجماعة»، فلم نمرّ على عقيدة واحدة من عقائدهم إلا وأثبتناها في صحاح «أهل السنّة والجماعة».

فتبين بذلك أنّ كلام الدكتور موسى الموسوي هراء وافتراء لا يقوم على دليل علمي ولا منطق إسلامي وهو طعن على «أهل السنة» قبل الشيعة.

الصفحة 313
وتبين أيضاً بأن الذين روّجوا له كتابه لا يعرفون من حقائق الإسلام شيئاً وكشفوا بذلك عن عوراتهم وجهلهم.

وكلّ ما انتقده مدّعي «التصحيح» من عقائد الشّيعة وشنّع به عليهم موجود بحمد الله في صحاح «أهل السنّة والجماعة».

فالعيب ليس على الشّيعة وإنّما العيب على موسى الموسوي وعلى «أهل السنة والجماعة» الذين لا يعرفون ما يوجد في صحاحهم ومسانيدهم.

فالقول بالإمامة والنّص على اثني عشر خليفة كلّهم من قريش ليس هو من اختراعات الشيعة وهو موجود في صحاح «أهل السنة والجماعة».

والقول بالمهدي وأنه من العترة الطّاهرة يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ليس هو من اختراعات الشيعة إنما هو موجود في صحاح «أهل السنّة والجماعة».

والقول بأنّ الإمام علي بن أبي طالب هو وصيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من اختراعات الشّيعة وهو موجود في صحاح «أهل السنّة والجماعة».

والقول بالتقيّة والعمل بها ليس هو من اختراعات الشيعة وقد نزل بها القرآن وأثبتتها السنّة النبوية وكل ذلك موجود في صحاح «أهل السنة والجماعة».

والقول بزواج المتعة وأنها حلال ليس هو من اختراعات الشيعة وإنّما أحلّها الله ورسوله وحرمهال عمر كما هو ثابت في كتب وصحاح «أهل السنة والجماعة».

والقول بوجوب الخمس في مكاسب الأرباح ليس هو من اختراعات الشيعة، وإنّما أوجبه كتاب الله وسنة رسوله يشهد بذلك صحاح «أهل السنة والجماعة».

أما زيارة مراقد الأئمة فليس مختصاً بالشيعة فأهل السنّة والجماعة يزورون مراقد الأولياء والصالحين بل ويقيمون لهم مراسم وأفراحاً موسميّة.

والقول بالبداء وأنّ يمحو ما يشاء ويثبت، ليس هو من خيال الشيعة بل هو ثابت في صحاح البخاري.

الصفحة 314

والقول بجمع الصلاتين في غير ضرورة ليس هو من اختراع الشيعة بل هو ما جاء في القرآن الكريم و فعله الرسول العظيم كما هو ثابت في صحاح "أهل السنة و الجماعة"

و القول بوجوب السجود على التراب و على الأرض ليس هو من اختراعات الشيعة، بل هو فعل سيد المرسلين و خاتم النبيين يشهد بذلك صحاح "أهل السنة و الجماعة".

و ما عدا ذلك من الأقوال التي ذكرها الدكتور موسى الموسوي و التي لا يقصد من ورائها إلا التهويل و التهريج كدعاية تحريف القرآن فـ "أهل السنة و الجماعة" أولي بهذه التهمة من الشيعة كما أوضحنا ذلك في كتاب "مع الصادقين".

و الخلاصة أن كتاب "التصحيح" الذي ألفه الدكتور الموسوي كله يتناقض مع كتاب الله و سنة رسول الله و إجماع المسلمين و ما أوجبه العقل السليم.

فكثير مما أنكره الموسوي هو من ضروريات الدين التي نزل بها الذكر الحكيم و أمر بها الرسول العظيم و أجمع عليها كل المسلمين، و المنكر لها كافر بإجماع المسلمين.

فإن كان يقصد بـ "التصحيح" إبدال تلك العقائد و تلك الأحكام فقد كفر و خرج من ربقة الإسلام و على المسلمين كافة أن يقاوموه.

و إن كان يقصد بـ "التصحيح" إبدال عقائده الشخصية التي يعاني من مركباتها والتي يظهر منها أنه لم يعرف من الشيعة شيئاً، و لعله نقم عليهم إذ حملهم مسؤولية قتل والده الذي ذبح كالكبش (كما يقول هو في صفحة 5 من كتابه) على يد مجرم في لبوس رجل الدين.

فنشأ من صغره بتلك العقدة ناقماً على الشيعة بدون ذنب اقترفوه، و حول وجهه شطر "أهل السنة و الجماعة" و شاركهم في الحقد و البغض لأتباع أهل البيت، بدون الانتماء إليهم فيقي مذبذباً لا إلي هؤلاء فلم يعرف من الشيعة غير ما يردده أعداؤهم من الأكاذيب، و لم يعرف من "أهل السنة و الجماعة" غير صلاة الجمعة و الجماعة (إن كان يحضرها)

الصفحة 315

فإذا كان هذا هو المقصود بالتصحيح فما عليه إلا تصحيح عقائده الفاسدة التي خالف بها إجماع الأمة.

و إذا كان الدكتور موسى الموسوي قد نشأ و ترعرع حسب ما يدعي (في الصفحة الخامسة من كتابه) و درس و تأدب على يد أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم و هو جدع الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الذي قيل فيه: "أنسي من قبله و أتعب من بعده"، فلماذا لم يحفظ دروسه و لم يتأدب بآدابه و لم يقتد بهديه و ينهل من علمه، بل نراه في كتابه يهزأ و يسخر من عقائد جده الإمام الأكبر و الزعيم الديني الأوحد الذي عرفه تاريخ الشيعة. فدل بذلك على أنه عاق لوالديه بل تعدى عقوقه إلى تكفير جده و أبويه، و إذا كان الشيعة في نظر الموسوي كافرين فزعيمهم و قائدهم الأكبر إلي الكفر - هو جده (حاشاه) - أقرب.

و إنه من العار الذي ليس بعده عار أن يجهل الحفيد موسى ما كتبه جده أبو الحسن الموسوي (رحمه الله) في كتابه وسيلة النجاة، ثم يدعي بأنه درس و تأدب على يديه.

و إنه من أكبر العار أن يعرف شاب تونسي يبعد عن النجف آلاف الكيلومترات كتاب وسيلة النجاة للإمام الأكبر أبي الحسن الموسوي الأصفهاني و يهتدي إلي حقائق أهل البيت من خلاله، بينما لا يعرفه الحفيد الذي تربى و ترعرع فيه بيته و على يديه.

و الذي كتبه الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني (قدس سره) في وسيلة النجاة، نقضه حفيده الدكتور موسى الموسوي و سخر منه واعتبره خروجاً عن الإسلام.

و المنطق يقول: إن كانت عقيدة الإمام الأكبر و الزعيم الديني الذي ما عرف تاريخ الشيعة مثله (كما يعتقد حفيده) عقيدة صحيحة و سليمة، فعقيدة حفيده كفر و ضلال.

و إن كانت عقيدة الحفيد الدكتور موسى الموسوي هي السليمة و الصحيحة

الصفحة 316
فعقيدة جده هي الكفر و الضلال، و في هذه الحالة يجب عليه أن يتبرأ منه و لا يفتخر بالانتماء إليه ولا بالرجوع إلي التربية بين يديه، كما بدأ مقدمة كتابه.

و بهذه الحجة و بهذا المنطق أيضاً، يضرب بالشهادة العليا التي نالها موسى الموسوي من أل كاشف الغطاء عرض الجدار.

أولاً: لأن الصورة التي أخرجها في كتابه علي أنها شهادة عليا في الفقه الإسلامي (الاجتهاد) ليست إلا إجازة في الروايات و التي يعطيها المراجع لأغلب الطلاب، و أنا شخصياً عندي منها إجازتان إحداهما لآية الله العظمي الإمام الخوئي في النجف و الثانية لآية الله العظمي المرعشي النجفي في قم.

فليست إجازة الرواية شهادة عليا في الفقه الإسلامي كما يدعي الدكتور موسى الموسوي للتمويه على العامة الذين لا يعرفون تنظيم و مراحل الدراسة في الحوزات العلمية.

ثانياً: لأن حفيد الإمام الأكبر الذي يدعي التصحيح قد خان الأمانة التي ائتمنه عليها أستاذه و معلمه الذي يدعي الموسوي أنه و سمه برتبة الاجتهاد، إذ يقول المرحوم المرجع الديني الأعلى زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف الشيخ محمد الحسين أل كاشف الغطاء في تلك الإجازة التي أخرج الموسوي صورة منها في كتابه: "و قد أجزت له لأهليته أن يروي عني ما صحت لي روايته من مشائخي العظام و أساتذتي الكرام …"

و قد رأينا الموسوي يفند و يسخر من كل ما رواه المرجع الديني الأعلى زعيم الحوزة العلمية آل كاشف الغطاء عن مشائخه العظام و أساتذته الكرام في كتابه "أصل الشيعة و أصولها" والذي ذكر فيه مل معتقدات الشيعة و أحكامهم، فأين كتاب "الشيعة و التصحيح" الذي ألفه التلميذ الخائن من كتاب "أصل الشيعة و أصولها" الذي ألفه المرجع الأعلى كاشف الغطاء.

فإذا كان كاشف الغطاء هو المرجع الديني الأعلى و زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف كما يعترف الموسوي في الصفحة 158 من كتابه، و إذا كان الموسوي يفتخر علينا بالشهادة العليا التي نالها من حضرته قبل ثلاثين عاماً،

الصفحة 317
فلماذا يسخر - الموسوي التلميذ الصغير - من معتقدات أستاذه العظيم الذي علمه و أعطاه شهادة عليا علي حد زعمه؟

فإن كان المرجع الديني الأعلى و زعيم الحوزة العلمية الشيخ محمد الحسين أل كاشف الغطاء على حق و معتقداته فالموسوي على باطل و معتقداته كلها فاسدة.

و إن كان المرجع الديني الأعلى على باطل و معتقداته غير صحيحة فيسخر منها الموسوي و يفندها، فيلزمه في هذه الحالة أن لا يكذب على الناس و يموه بأن شهادته العليا في الفقه الإسلامي (الاجتهاد) قد حصل عليها من سماحته.

و إذا كانت معتقدات موسى الموسوي هي الصحيحة كما يدعي هو في كتابه فقد كفر جده السيد أبا الحسن الموسوي الأصفهاني الذي يقول عنه و نفسه بأنه أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم.

كما كفر أستاذه و مانحه الشهادة العليا كاشف الغطاء و كفر ملايين الشيعة من نشأنهم بعد السقيفة إلى يومنا هذا.

و إني كما عاهدت ربي أن أتبين في الأمر قبل الحكم عليه عندما قرأت كتاب موسى الموسوي "الشيعة و التصحيح" أقبلت عليه بكل جوارحي علني أدرك فيه ما فاتني و أكمل ما ينقصني فإذا بي لا أجد فيه إلا الأكاذيب و التناقضات و إنكار ما هو ثابت بنص القرآن والاستهزاء بسنة النبي و مخالفة إجماع المسلمين، و أدركت أن الموسوي لم يكلف نفسه قراءة صحيح البخاري فقء والذي هو أصح الكتب عند "أهل السنة و الجماعة" و الذي يريد الموسوي حسب "تصحيحه" أن ينضم إليهم الشيعة و يتركوا أوامر الله و رسوله، ولو قرأ هذا العالم الفذ!! الذي حصل علي الشهادة العليا في الفقه الإسلامي "الاجتهاد" و عمره على ما يبدو عشرون الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة طهران عام 1955 ولا تنس أنه ولد في النجف الأشرف عام 1930، كما حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة باريس "السوربون" عام 1959.

الصفحة 318

أقول لو كلف نفسه قراءة صحيح البخاري فقط و هو كتاب موثوق عند "أهل السنة و الجماعة" لما وقع في هذه الورطة التي سوف لا يجد منها مخرجاً إلا بالتوبة النصوحة و الرجوع إلي الله. و ألا سوق لن تنفعه الشهادات العليا وبل الألقاب الخلابة و لا الأنوال المذولة التي تصرف لتفريق المسلمين. قال تعالى: «إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه علي بعض فير كمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون» (الأنفال: 36-37).

و على كل حال، فكتابه مليء بالتناقضات التي يتعثر فيها كل باحث و إذا كان الموسوي يرى في نفسه الكفاءة لتصحيح مذهب الشيعة في عقائدهم و أحكامهم، فأنا أدعوه لمقاباته تلفزيونيه و ندوه عليمة يحضرها من يشاء من الباحثين و المحققين ليعرف الناس بعدها من هو المحتاج إلى التصحيح و هو ما يدعو له القرآن الكريم و ما وصل إليه الكفر الحر في أرقى المجتمعات، حتى يتبين المسلمون أمرهم فلا يكفروا قوماً بجهالة و يصبحوا بعد ذلك نادمين.

«قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» (البقرة: 111)

بقي شيء واحد لابد لنا أن ننصف فيه الدكتور الموسوي و هو ما ذكره في "تصحيحه" في ثلاثة عناوين رئيسية:

ضرب القامات في يوم عاشوراء.

الشهادة الثالثة (علي ولي الله)

الإرهاب

أما ضرب القامات بالسلاسل والزناجيل، فإنه ليس من عقائد الشيعة ولا من الدين و إنما هو من أعمال العوام، و لا يختص بالشيعة وحدهم، فهناك من أهل السنة و الجماعة و من الطريقة العيساوية المعروفة في كل شمال إفريقيا من يفعل اكثر من الشيعة ولا يقصدون بها حزناً على الحسين ولا على مصاب أهل البيت (عليهم السلام).

و نحن توافق الدكتور على تصحيحه و نعمل معه لرفع هذه المظاهر عن كل

الصفحة 319
المسلمين، مادام هناك من علماء الشيعة المخلصين من يحرم ذلك ويسعى لإبطاله كما اعترف بذلك الموسوي نفسه.

أما الشهادة الثالثة (أشهد أن علياً ولي الله)، فإن الموسوي نفسه يعرف جيداً بأن كل علماء الشيعة يقولون بأنها ليست جزءاً من الأذان، بل إذا جيء بها بنية الوجوب أو بنية أنها جزء من الأذان أو الإقامة بطل الأذان و الإقامة. والموسوي يعرف جيداً هذه الحقيقة، ولكنه يروك التهريج بأية مفردة تخدم هدفه المريب.

أما الإرهاب فنحن نرفضه رفضاً تاماً كما يرفضه الدكتور الموسوي ولكن كان على الدكتور الموسوي أن لا يلصق هذه التهمة الشنيعة بالشيعة، فموجة الإرعاب التي عرفت في السنوات الأخيرة هي نتيجة حتمية للصراع القائم بين الشرق و الغرب، بين الشمال والجنوب، بين المستكبرين و المستضعفين، بين الغاصبين و المغصوبين.

و لماذا يربط الدكتور الموسوي أعمال الحشاشين بالشيعة؟ و التاريخ يشهد أن الشيعة استهدفت علي مر التاريخ من كل الفرق و من كل الحكومات و المستعمرين، و مع ذلك كانوا يرفضون الإرهاب بكل أشكاله و ألوانه.

و لماذا لا يتكلم الموسوي عن إرهاب معاوية و ما قام به من اغتيالات في صفوف المسلمين حتى اغتال الإمام الحسن بالسم. و كان يغتال معارضيه من المؤمنين الصادقين بالسم ثم يقول: إن لله جنوداً من عسل.

و هل الحركات الإسلامية في العالم والتي اتصفت بالإرهاب في فلسطين و في مصر والسودان و في تونس و الجزائر و في أفغانستان و غيرها في بلاد الغرب مثل الباسك و الكورس و إيرلندا و غيرها من بلاد العالم، هل هؤلاء من الشيعة؟

و إذا كان الدكتور الموسوي يقصد بالإرهاب هو خطف الرهائن و تحويل الطائرات و نسفها، فإن المناضلين من الشعب الفلسطيني الذين شردتهم إسرائيل و طردتهم من بيوتهم هم الذين اختطفوا الرهائن في ملعب مونيخ إبان الألعاب الأولبية لسنة 75 وقتلوا بعض المشاركين من الإسرائيليين و حولوا بعض الطائرات و نسفوها، كل ذلك ليوقظوا ضمير العالم و يعرفوا بقضيتهم و مظلمتهم التاريخية التي لم تعرف البشرية مثلها.

الصفحة 320

و يشهد الموسوي بأن هؤلاء ليسوا من الشيعة، و إذا كان الدكتور الموسوي يتأثر بوكالات الأنباه الأجنبية التي تحاول جهدها إلصاق هذه التهمة بالشيعة من أجل المواقف السياسية و العداء المفرط الثورة الإسلامية، فإن هذه الأوساط تضع في قائمة الإرهاب الدولي كلا من ليبيا و سوريا و العراق على رأس القائمة، و كل هؤلاء ليسوا من الشيعة ضرورة.

فلماذا يخصص الدكتور الموسوي الشيعة بالإرهاب في كتابه "الشيعة و التصحيح" و هو نفسه يقول في صفحة 122 بأن الدولة الشيعية الإيرانية ما ولن تستطيع أن تتحدث باسم الشيعة جميعاً، بل و حتى باسم الشيعة في إيران.

و إذا كان الأمر كذلك فعلي الدكتور تصحيح مفاهيمه.

و هكذا و بهذا نكون قد أنصفنا الدكتور الموسوي و بينا الحق من الباطل و الصحيح من السقيم.

و أثبتنا للقراء الكرام بأن عقائد الشيعة الإمامية كلها صحيحة و سليمة لأنها وليدة القرآن الكريم و السنة النبوية.

و أن ما يحاوله المغرضون و المشاغبون أعداء الله و رسوله و أعداء الإسلام من اتهامات مزيفة و إشاعات باطلة للطعن بعقائد المتمسكين بالعترة الطاهرة سيبوء بالفشل و يذهب جفاء، قال تعالي:

"فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال" (الرعد" 17).

و نسأله سبحانه و تعالي أن يهدينا جميعاً و يوفقنا لما يحب و يرضي و يلهمنا رشدنا، و يرفع مقته و غضبه عنا، و يفرج كربتنا بحضور الحجة المنتظر، و يعجل لنا ظهوره، إنهم يرونه بعيداً و نراه قريباً.

و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أزكى التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا و مولانا محمد و على أله الطيبين الطاهرين.

المذنب الذي لا يرجو إلا رحمة ربة و شفاعة رسوله

محمد التيجاني السماوي

الصفحة 321

مصادر الكتاب

القرآن الكريم

1 ـ التفسير الكبير للفخر الرازي.

2 ـ تفسير الطبري.

3 ـ تفسير ابن كثير.

4 ـ تفسير الخازن.

5 ـ تفسير السيوطي.

6 ـ أحكام القرآن للجصاص.

7 ـ تفسير القرطبي.

8 ـ تفسير الألوسي.

9 ـ تفسير غرائب القرآن للنيسابوري.

10 ـ شواهد التنزيل للحسكاني.

11 ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور.

كتب الأحاديث

1 ـ صحيح البخاري.

2 ـ صحيح مسلم.

3 ـ صحيح الترمذي.

4 ـ صحيح النسائي.

5 ـ صحيح ابن ماجه.

6 ـ صحيح أبي داود.

7 ـ مستدرك الحاكم.

8 ـ مسند الإمام احمد.

9 ـ سنن الدارمي.

10 ـ سنن الدارقطني.

11 ـ سنن البيهقي.

12 ـ موطأ الإمام مالك.

13 ـ تنوير الحوالك.

14 ـ خصائص النسائي.

15 ـ كنز العمال.

16 ـ منتخب كنز العمال.

17 ـ منهاج السنة لابن تيمية.

18 ـ الجامع الصغير للسيوطي.

19 ـ الجامع الكبير للسيوطي.

20 ـ جمع الجوامع للسيوطي.

الصفحة 322

21 ـ اصول الكافي.

22 ـ بصائر الدرجات.

23 ـ لسان الميزان للذهبي.

24 ـ لسان الميزان لابن حجر.

25 ـ اللؤلؤ والمرجان.

26 ـ مناقب الشافعي.

27 ـ مناقب أحمد بن حنبل.

28 ـ مصنف الهداية.

كتب التاريخ:

1 ـ تاريخ ابن عساكر.

2 ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

3 ـ تاريخ الخلفاء لان قتيبة.

4 ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي.

5 ـ تاريخ المدائني.

6 ـ تاريخ الواقدي.

7 ـ تاريخ الطبري (الكبير).

8 ـ تاريخ ابن الأثير (الكامل).

9 ـ تاريخ المسعودي.

10 ـ تاريخ أعثم.

11 ـ تاريخ أبي الفداء.

12 ـ تاريخ اليعقوبي.

كتب السيرة

1 ـ الإصابة في تمييز الصحابة ,

2 ـ أسد الغابة لابن الأثير.

3 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد.

4 ـ طبقات الفقهاء.

5 ـ طبقات الحنابلة.

6 ـ الملل والنحل للشهرستاني.

7 ـ العقد الفريد لابن عبد ربه.

8 ـ الصواعق المحرقة لابن حجر.

9 ـ البداية والنهاية لابن كثير.

10 ـ تذكرة الحفاظ للذهبي.

11 ـ ينابيع المودة للقندوزي الحنفي.

12 ـ فرائد السمطين للحمويني.

13 ـ مقدمة ابن خلدون.

14 ـ ظهر الإسلام لأحمد أمين.

15 ـ مناقب الخوارزمي.

16 ـ شرح نهج البلاغه للمعتزلي.

17 ـ شرح نهج البلاغة لمحمد عبده.

18 ـ أعلام الموقعين.

19 ـ أنساب الأشراف للبلاذري.

20 ـ الاستيعاب لابن عبد البر.

21 ـ الرياض النضرة للطبري.

22 ـ أعلام النبلاء للذهبي.

23 ـ تلخيص الذهبي.

الصفحة 323

كتب مختلفة

1 ـ تقييد العلم للخطيب البغدادي.

2 ـ جامع بيان العلم لابن عبد البر.

3 ـ الصلة بين التصوف والتشيع.

4 ـ معالم المدرستين للعسكري.

5 ـ الفتنة الكبرى لطه حسين.

6 ـ تهذيب التهذيب لابن حجر.

7 ـ أحمد بن حنبل لأبي زهرة.

8 ـ أصول الفقه للشيخ أبي زهرة.

9 ـ ملخص أبطال القياس لابن حزم.

10 ـ النصائح الكافية لابن عقيل.

11 ـ رسائل الخوارزمي.

12 ـ المعجم الكبير للطبراني.

13 ـ فيض القدير للشوكاني.

14 ـ المحلي لابن حزم الظاهري.

15 ـ الفتاوي الواضحة لباقر الصدر.

16 ـ شرح المواهب للزرقاني.

17 ـ المراجعات لشرف الدين.

18 ـ النص والاجتهاد لشرف الدين.

19 ـ عبقرية خالد لعباس العقاد.

20 ـ الاحتجاج للطبرسي.

21 ـ أبو هريرة لمحمود أبي رية.

22 ـ فتح الباري لابن حجر.

23 ـ مقالات الإسلاميين.

24 ـ تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة.

25 ـ غاية المرام.

26 ـ الإمام الصادق للشيخ أبي زهرة.

27 ـ جمهرة رسائل العرب.

28 ـ الصحابة في نظر الشيعة الإمامية.

29 ـ كتاب الكبائر للذهبي.

30 ـ كتاب الصارم المسلول.

31 ـ كتاب معين الأحكام.

32 ـ كتاب تلقيح فهوم الآثار.

33 ـ إحياء علوم الدين للغزالي.

34 ـ نظرية الإمامة لمحمود صبحي.

35 ـ ثم اهتديت للمؤلف.

36 ـ مع الصادقين للمؤلف.

37 ـ فاسألوا اهل الذكر للمؤلف.