الصفحة 61

العقائد
عند الشيعة وعند أهل السنّة والجماعة


ممّا زاد قناعتي بأنّ الشيعة الإمامية هي الفرقة الناجية هو: أنّ عقائدهم سمحة وسهلة القبول لكلّ ذي عقل حكيم وذوق سليم، ونجد عندهم لكلّ مسأله من المسائل ولكلّ عقيدة من العقائد تفسيراً شافياً كافياً لأحد أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، قد لا نجد لها حلاًّ عند أهل السنّة وعند الفرق الأُخرى.

وسأتتبع في هذا الفصل بعض العقائد وأهمّها عند الفريقين، وأحاول إبراز ما اقتنعتُ به، وأترك للقارئ حريّة الفكر والاختيار، والنقد والتجريح.

وألفت النظر إلى أنّ العقيدة الأساسية هي بالنسبة للمسلمين كافّةً عقيدة واحدة، وهي الإيمان باللّه تعالى وملائكته وكتبه ورسله، لا يفرّقون بين أحد من رسله، كما يتفقُون في أنّ النار حقّ، والجنة حقّ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، ويحشرهم جميعاً ليوم الحساب.


الصفحة 62
كما أنّهم يتفقون على القرآن، ويؤمنون بأنّ نبيّهم محمّد رسول اللّه، وقبلتهم واحدة.

ولكن وقع الاختلاف في مفهوم هذه العقائد، فأصبحت مسرحاً للمدارس الكلامية يرون فيها شتّى الآراء والمذاهب.


الصفحة 63

العقيده في اللّه تعالى
عند الطرفين


وأهمّ ما يذكر في هذا الموضوع هو رؤية اللّه تعالى، فقد أثبتها أهل السنّة والجماعة لكلّ المؤمنين في الآخرة، وعندما نقرأ صحاح السنّة والجماعة ـ كالبخاري ومسلم مثلاً ـ نجد روايات تؤكّد الرؤية حقيقة لا مجازاً(1)، بل نجد فيها تشبيهاً للّه سبحانه، وأنّه يضحك، ويأتي، ويمشي، وينزل إلى سماء الدنيا، بل ويكشف عن ساقه التي بها علامة يُعرف بها(2)، ويضعُ رجله في جهنّم فتمتلئ وتقول: قط قط(3)، إلى غير ذلك من الأشياء والأوصاف التي يتنزّه

____________

1- مسند أحمد 1: 318، و4: 66و 5: 243 و سنن الدارمي2: 126، سنن الترمذي 5: 45، مستدرك الحاكم 1: 544، مجمع الزوائد 1: 237، عمدة القارىء في شرح صحيح البخاري 1: 40 وغيرها من المصادر.

2- صحيح البخاري6: 71، كتاب التفسير، تفسير سورة القلم، و8: 197، كتاب التوحيد، باب قول اللّه (يريدون أن يبدلوا) و8: 226، كتاب المناقب، باب مناقب الانصار.

3- صحيح البخاري6: 47 كتاب التفسير، تفسير سورة: ق.


الصفحة 64
اللّه جلّ وعلا عن أمثالها(1).

وأذكر أنّني مررت بمدينة (لامو) في كينيا بشرق أفريقيا، ووجدت إماماً من الوهّابية يحاضر المصلّين داخل المسجد، ويقول لهم بأنّ للّه يدين ورجلين وعينين ووجهاً، ولّما استنكرتُ عليه ذلك، قام يستدلّ بآيات من القرآن قائلاً: { وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ }(2)، وقال أيضاً: { وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأعْيُـنِنَا }(3)، وقال: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَـبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ... }(4).

قلتُ: يا أخي، كلّ هذه الآيات التي أدليتَ بها وغيرها إنّما هي مجازُ وليستْ حقيقة.

أجاب قائلاً: كلّ القرآن حقيقة وليس فيه مجازاً.

قلتُ: إذن ما هو تفسيركم للآية التي تقول: { وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أعْمَى }(5)، فهل تحملون هذه الآيات على

____________

1- صحيح البخاري6: 33 كتاب التفسير، تفسير سورة الزمر، وفيه إثبات الأصابع له تعالى.

2- المائدة: 64.

3- هود: 37.

4- الرحمن: 26 ـ 27.

5- الإسراء: 72.


الصفحة 65
المعنى الحقيقي، فكلّ أعمى في الدنيا يكون أعمى في الآخرة؟

أجاب الشيخ: نحن نتكلّم عن يد اللّه وعين اللّه ووجه اللّه، ولا دخل لنا في العميان.

قُلت: دعنا من العميان، فما هو تفسيركم في الآية التى ذكرتَها: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَـبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ... }؟

إلتفت إلى الحاضرين وقال لهم: هل فيكم من لم يفهم هذه الآية؟ إنّها واضحة جليّة كقوله سبحانه: { كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إلاّ وَجْهَهُ }(1).

قلتُ: أنت زدت الطين بلَّةً، يا أخي نحن إنّما اختلفنا في القرآن: ادّعيتَ أنتَ بأنّ القرآن ليس فيه مجاز وكلّه حقيقة! وادعيتُ أَنا بأنّ في القرآن مجازاً، وبالخصوص الآيات التي فيها تجسيم للّه تعالى أو تشبيهه، وإذا أصررت على رأيك فيلزمك أن تقول: بأنّ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه معناه: يداه ورجلاه وكلّ جسمه يفنى ويهلك ولا يبقى منه إلاّ الوجه، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً! ثم التفتُّ إلى الحاضرين قائلاً: فهل ترضون بهذا التفسير؟

سكتَ الجميع ولم يتكلّم شيخهم المحاضر بكلمة، فودّعتهم وخرجتُ داعياً لهم بالهداية والتوفيق.

نعم، هذه عقيدتهم في اللّه في صحاحهم وفي محاضراتهم، ولا

____________

1- القصص: 89.


الصفحة 66
أقول: إنّ بعض علمائنا ينكر ذلك، ولكن الأغلبية يؤمنون برؤية اللّه سبحانه في الآخرة، وأنّهم سوف يرونه كما يرون القمر ليلة البدر ليس دونها سحاب، ويستدلّون بالآية: { وُجُوهٌ يَوْمَـئِذ نَاضِرَةٌ * إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }(1).

وبمجرّد اطلاعك على عقيدة الشيعة الإمامية في هذا الصدد يرتاح ضميرك، ويُسلّم عقلك بقبول تأويل الآيات القرآنية التي فيها تجسيم أو تشبيه للّه تعالى، وحملها على المجاز والاستعارة، لا على الحقيقة ولا على ظواهر الألفاظ، كما توهّمه البعض.

يقول الإمام علي (عليه السلام) في هذا الصدد: "لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حدّ محدود، ولا نعتٌ موجودٌ، ولا وقتٌ محدودٌ، ولا أجل ممدودٌ..."(2).

ويقول الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) في الردّ على المشبّهة: "بل كلّ ما ميّزناه بأوهامنا في أدقّ معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا... "(3).

____________

1- القيامة: 22 ـ 23.

هذه الآية فَسّرها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بأنّ الوجوه تكون يومئذ ناضرة بمعنى الحسن والبهجة، وإلى رحمة ربّها ناظرة (المؤلّف).

2- نهج البلاغة 1: 14، الخطبة 1.

3- ورد الحديث في كتاب مشرق الشمسين للبهائي: 398، وعنه في البحار 69: 293، ولفظه: "كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم"، ونحوه في تاريخ دمشق لابن عساكر 66: 60 عن الشبلي.


الصفحة 67
ويكفينا في هذا ردّ اللّه سبحانه في محكم كتابه قوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }(1)، وقوله: { لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ }(2)، وقوله لرسوله وكليمه موسى (عليه السلام) لمّا طلب رؤيته: { قَالَ رَبِّ أرِنِي أنظُرْ إلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي }(3)، ولن "الزمخشرية" تفيد التأبيد كما يقول النحاة(4).

____________

1- الشورى: 11.

2- الأنعام: 103.

3- الأعراف: 143.

4- قال الشيخ السبحاني في كتابه "رؤية اللّه" 66 ـ 80: "وربما نوقش في دلالة { لن } على التأبيد مناقشة ناشئة عن عدم الوقوف الصحيح على مقصود النحاة من قولهم "لن" موضوعة للتأبيد، ولتوضيح مرامهم نذكر أمرين ثمّ نعرض المناقشة عليهما:

1 ـ إنّ المراد من التأبيد ليس كون المنفي ممتنعاً بالذات، بل كونه غير واقع، وكم فرق بين نفي الوقوع ونفي الإمكان، نعم ربما يكون عدم الوقوع مستنداً إلى الاستحالة الذاتية.

2 ـ إنّ المراد من التأبيد هو النفي القاطع، وهذا قد يكون غير محدّد بشيء، وربما يكون محدداً بظرف خاص، فيكون معنى التأبيد بقاء النفي بحاله ما دام الظرف باقياً.

إذا عرفت الأمرين تقف على وهن ما نقله الرازي عن الواحدي من أنّه قال:

=>


الصفحة 68

____________

<=

ما نُقل عن أهل اللغة إنّ كلمة "لن" للتأبيد دعوى باطلة، والدليل عن فساده قوله تعالى في حقّ اليهود: { وَلَنْ يَتَمَنَّوْنَهُ أبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بالظَّالمِينَ } (البقرة: 95)، قال: وذلك لأنّهم يتمنّون الموت يوم القيامة بعد دخولهم النار، قال سبحانه: { وَنَادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلِيْنا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَ } (الزخرف: 77)، فإنّ المراد من { لِيَقْضِ عَلِيْنا } هو القضاء بالموت.

ووجه الضعف ما عرفت من أنّ التأبيد على قسمين، غير محدّد ومحدّد باطار خاصّ، ومن المعلوم أنّ قوله سبحانه: { وَلَنْ يَتَمَنَّوْنَهُ } ناظر إلى التأبيد في الإطار الذي اتخذه المتكلم ظرفاً لكلامه وهو الحياة الدنيا، فالمجرمون ماداموا في الحياة الدنيا لا يتمنّون الموت أبداً، لعلمهم بأنّ اللّه سبحانه بعد موتهم يُقدّمهم للحساب والجزاء، ولأجل ذلك لا يتمنّوه أبداً قط.

وأمّا تمنّيهم الموت بعد ورودهم العذاب الأليم، فلم يكن داخلا في مفهوم الآية الأُولى حتى يعدّ التمنّي مناقضاً للتأبيد.

ومن ذلك يظهر وهن كلام آخر وهو: أنّه ربما يقال: إنّ "لن" لا تدلّ على الدوام والاستمرار بشهادة قوله: { إِنِّي نَذَرْتُ لِلْرَّحْمنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً }، إذ لو كانت { لن } تفيد تأبيد النفي لوقع التعارض بينهما وبين كلمة { اليوم }، لأنّ اليوم محدد معيّن، وتأبيد النفي غير محدد ولا معيّن، ومثله قول سبحانه على لسان ولد يعقوب: { فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي } (يوسف: 80)، حيث حدّد بقاءه في الأرض بصدور الاذن من أبيه.

وجه الوهن: أنّ التأبيد في كلام النحاة ليس مساوياً للمعدوم المطلق، بل المقصود هو النفي القاطع الذي لا يشق، والنفي القاطع الذي لا يكسر ولا

=>


الصفحة 69

____________

<=

يشق على قسمين:

تارةً يكون الكلام غير محدّد بظرف خاص ولا تدلّ عليه قرينة حالية ولا مقالية، فعندئذ يساوق التأبيدُ المعدوم المطلق.

وأُخرى يكون الكلام محدّداً بزمان حسب القرائن اللفظية والمثالية، فيكون التأبيد محدّداً بهذا الظرف أيضاً، ومعنى قول مريم: { فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً } (مريم: 26) هو النفي القاطع في هذا الاطار، ولا ينافي تكلّمها بعد هذا اليوم.

والحاصل: أنّ ما أُثير من الإشكال في المقام ناشئ من عدم الإمعان فيما ذكرنا من الأمرين، فتارةً حسبوا أنّ المراد من التأبيد هو الاستحالة فأوردوا بأنّه ربما يكون المدخول أمراً ممكناً كما في قوله: { فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أبَداً } (التوبة: 83)، وأُخرى حسبوا أنّ التأبيد يلازم النفي والمعدوم المطلق، فناقشوا بالآيات الماضية التي لم يكن النفي فيها نفياً مطلقاً، ولو أنّهم وقفوا على ما ذكرنا من الأمرين لسكتوا عن هذه الاعتراضات.

وبما أنّه سبحانه لم يتّخذ لنفي رؤيته ظرفاً خاصاً، فسيكون مدلوله عدم تحقّق الرؤية أبداً لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة.

ثمّ أنّه سبحانه علّق الرؤية على استقرار الجبل وبقائه على الحالة التي كان عليها عند التجلّي وعدم تحوّله إلى ذرات ترابية صغار بعده، والمفروض أنّه لم يبق على حالته السابقة، وبطلت هويته وصار تراباً مدكوكاً، فإذا انتفى المعلّق عليه (بقاء الجبل على حالته) ينتفي المعلّق... واللّه سبحانه بما أنه يعلم أنّ الجبل لا يستقر في مكانه بعد التجلي، فعلّق الرؤية على استقراره لكي يستدلّ بانتفائه على انتفائه، كما قال سبحانه: { وَلا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِياطِ }.

=>


الصفحة 70

____________

<=

وقال الزمخشري في ردّه على من قال إنّ الرؤية لو كانت مستحيلة لما طلبها موسى، قال: "وما كان طلب الرؤية إلاّ ليبكت هؤلاء الذين دعاهم سفهاء وضلالا وتبرأ من فعلهم، وذلك انّهم حين طلبوا الرؤية أنكر عليهم وأعلمهم الخطأ ونبههم على الحق، فلجّوا وتمادوا في لجاجتهم وقالوا: لابدّ ولن نؤمن حتى نرى اللّه جهرة، فأراد أن يسمعواالنصّ من عند اللّه باستحالة ذلك وهو قوله: { لن تراني }، ليتيقنوا وينزاح عنهم ما دخلهم من الشبهة، فلذلك قال: { رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ } " انتهى ما أوردناه من كلام الشيخ السبحاني ملخصاً.

وأمّا الآيات التي ذكرت لإثبات رؤية اللّه سبحانه وتعالى فهي لا تدلّ على ذلك.

والقرآن الكريم ينفي رؤيته سبحانه، قال تعالى: { لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ } (الأنعام: 103).

فالآية تنفي رؤية اللّه سبحانه وتعالى، وذلك:

1 ـ إنّ الإدراك إذا أُضيف إلى الأبصار يفيد الرؤية (مجمع البحرين: مادة درك)، فمعنى الآية يكون: لا تراه الأبصار وهو يرى الأبصار.

وما يقولون: من أنّ الإدراك بمعنى الإحاطة، والصحيح أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يحيط به المخلوق، فالمخلوق يرى اللّه لكن لا يحيط به، والمنفي في الآية الإحاطة دون الرؤية؟

قلنا: تفسير الإدراك بمعنى الإحاطة غير صحيح، إذ لم يذكر لمعنى الإدراك الإحاطة، بحيث يفهم من عند الإطلاق، ولم يذكر ذلك اللغويون أيضاً، فالإحاطة غير داخلة في معنى الإدراك.

=>


الصفحة 71
كلّ ذلك دليل قاطع على صحة أقوال الشيعة الذين يعتمدون فيها على أقوال الأئمة من أهل البيت، معدن العلم وموضع الرسالة، ومن أورثهم اللّه علم الكتاب.

ومن أراد التوسّع في هذا البحث فما عليه إلاّ الرجوع إلى الكتب

____________

<=

2 ـ إذا فسّرنا الإدراك بالإحاطة وآمنّا بالرؤية، فيكون معنى الآية: لا تحيط به الأبصار وهو يحيط بالأبصار، وهذا لا معنى له; لأنّ اللّه سبحانه وتعالى ليس محيطاً بالأبصار فقط وإنّما هو محيط بكلّ شيء; البصر وصاحب البصر، فلا وجه لأن يقيد إحاطته بالبصر.

واللّه سبحانه وتعالى لم يعلّق الرؤية على أمر ممكن، لأنّ المعلّق عليه ليس هو استقرار الجبل كي يقال بأنّه ممكن، وإنّما المعلّق عليه استقرار الجبل حال التجلّي، أي شرط الرؤية أن يستقرّ الجبل حال تجلّي اللّه سبحانه وتعالى، وقد تبيّن أنّ هذا مستحيل وغير ممكن.

وممّا يدل على أنّ رؤية اللّه سبحانه وتعالى غير ممكنة في الدنيا والآخرة قوله تعالى: { اللّه نور السموات والأرض }، وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سأله أبو ذر: هل رأيت ربّك؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "نورٌ أنّى أراه" صحيح مسلم 1: 111.

فاللّه سبحانه وتعالى نور، وهو نور السموات والأرض، فلا يمكن لبشر أن يراه.

ومن أعاجيب السلفية أنّهم ينكرون تأويل الآيات القرآنية ويحملوها على ظاهرها، إلاّ أنّهم في هذه الآية والحديث تأوّلوا فقالوا: معنى قوله: { اللّه نور السموات والأرض } يعني اللّه منور السموات والأرض!!

ومعنى قوله: "نورٌ أنّى أراه"، يعني حجب بيني وبينه النور فكيف أراه!!

راجع: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم: 35.

وهذا من تلاعبهم واضطرابهم في عقيدتهم، وما على المسلم الباحث إلاّ النظر بعين الحقيقة ليرى الحقّ.


الصفحة 72
المفصّلة بهذا الموضوع، ككتاب "كلمة حول الرؤية" للسيّد شرف الدين صاحب المراجعات(1).

____________

1- كتاب المراجعات من الكتب التي يجب أن يقرأها كل من يريد التعرف على عقائد الشيعة الإمامية وأفكارهم (المؤلّف).