يحيى الاشناني ، وقرة بن حبيب القنوي ، وهريم بن عثمان ، وخالد بن خداش ، وعلي بن
المديني ، وسعد بن محمد الحرمي ، وحبذل بن والق وغيرهم ، قال الدارقطني : صدوق لا
بأس به . مات بسر من رأى يوم السبت في أول يوم من المحرم سنة 281 .
وله غير هؤلاء من
المشايخ الثقات الذين يروي المؤلف عنهم ، وقد ترجمنا لهم حسب ما جاء في مطاوي
الكتاب في الهوامش .
تلاميذه في الرواية :
كما أخذ أبو بكر
الجوهري ، عن مشايخ الحديث والرواية ، ومن الذين أجمعت أئمة الجرح والتعديل على
توثيقهم وضبطهم ، كذلك يحدثنا التاريخ ان نفرا من المحدثين وشيوخ الأدب والشعر
والتاريخ قد أخذوا عنه ، وضعوا على ضوء أحاديثه ورواياته مؤلفاتهم وكتبهم ، وهذا
ان دل على شيء فانما يدل على تضلع الجوهري وصدقه ووفور علمه وعبقريته ، وانه كان
من كل صوب وحدب ، ويأخذون عنه ويسجلون ما يلقيه عليهم من أخبار وحكايات شتى ،
وأحاديث مختلفة وقضايا متنوعة في التاريخ والحديث والأدب ، ولم يأت في كل هذه بما
ينكر عليه .
لقد تخرج من
مدرسة أبي بكر الجوهري . . . رجال حفظوا التراث الاسلامي بثقافتهم ، وخلفوا ورائهم
ثروة فكرية ضخمة ، ومناعة علمية حية ، بحيث أصبحوا من كبار المؤلفين الذين عرفتهم
اللغة العربية خلال القرون المتطاولة ، لأن كل واحد منهم كان ذا شخصية ثقافية
متعددة الجوانب ، كثيرة المعارف ، ويكفينا للتعريف بشخصيته العلمية مؤلفاته التي
أصبحت ضالة كل أديب وعالم ومؤرخ وباحث ، وأقوله بصراحة : أن المؤلفين منذ القرن
الرابع الهجري الى الآن عيال في التاريخ والأدب ، على كل واحد تلاميذ مدرسة
الجوهري.
وهنا يجدر
الاشارة الى بعض من تلاميذه في الرواية لنقف على مدى حيوية
( 19
)
الشيخ الجوهري ، الثقافية ومناعته الفكرية التي أخرجت أمثال هذا الرعيل من العلماء
، فراحوا يثبتون روايتهم عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري في مؤلفاتهم .
1 ـ أبو الفرج الأصبهاني :
أبو الفرج علي بن
الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمان بن مروان بن عبد الله بن مروان
المعروف بالحمار ، آخر خلفاء الدولة الأموية في الشام ، ابن محمد بن مروان بن
الحكم بن ابي العباس بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي الاصبهاني ،
البغدادي المتوفى 356 (1).
فاضل علمه محيط
ما وجد له قاف ، قد جمع الأدب له من طريق هو نزهة الخليع ونفس ذات عفاف ، فكتبه
سلوة المهموم ، وعلى أغانيه خوافق القلوب تحوم ، وله شعر يستعير منه النسيم اللطف
، ويعلم من عكف عليه انه جامع الظرف ، وأخذ عن كثير من العلماء يطول عددهم ، وكان
بحرا في أخبار الناس وأيام العرب وأنسابهم ، وأحوال الشعراء الجاهليين والمخضرمين
والمولدين .
وحكى عن الصحاب
بن عباد ، انه كان في أسفاره وتنقلاته يستصحب حمل ثلاثين جملا من كتب الأدب
ليطالعها ، فلما وصل إليه كتاب ـ الاغاني ـ لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه استغناء به
عنها(2) .
له تآليف مستملحة
منها : الأغاني ، القيان ، الآماء الشواعر ، الديارات ، دعوة التجار ، أخبار مجظة
البرمكي ، مقاتل الطالبيين ، الحانات ، آداب الغرباء .
أخذ أبو الفرج ،
عن أبي بكر الجوهري ، ونقل وروى عنه الكثير وتخرج عليه
____________
) 1) ترجمة في : معجم المؤلفين 7 : 78 . الكنى والألقاب 1 : 138 .
ريحانة الأدب 7 : 236 . جامع الرواة 2 : 409 . معالم 7العلماء : 128 . تاريخ آداب
اللغة 2 : 591 . مجالس المؤمنين 1 : 56 . نسمة السحر 2 ـ خ ـ . سفينة البحار 2 :
353 .
(2) نسمة السحر ج 2 ـ حرف العين ـ خ ـ .
( 20
)
وهذا ما نجده واضحا في كتابيه الأغاني ومقاتل الطالبيين ، فكثيرا ما يقول : حدثنا
أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، أو أخبرنا الجوهري ، وهذه العبارات جاءت من المجلد
الأول ص 17 من الأغاني ، وتكررت في جميع مجلداته الى المجلد الأخير وآخرها ص 181
من المجلد العشرين .
أما في مقاتل
الطالبيين(1) فقد روي عن الجوهري ، ونقل عنه في اكثر صفحات كتابه ونجده
ص 171 ، 188 ، 189 ، 190 ، 191 ، 235 ، 236 ، 237 ، 238 ، 239 ، 240 ، 241 ، 244 ،
245 ، 246 ، 247 ، 248 ، 268 ، 269 .
وهذا ان دل على
شيء فانما يدل على أن أبا الفرج كان ملازما لمجلس الجوهري ، يسجل ما يمليه في شيت
الجوانب التاريخية والأدبية ، ولعله استفاد من أبي بكر . . . اكثر مما استفاد من
غيره ، والغريب جدا أن مصنف فهارس كتاب الأغاني لم يذكر اسم أحمد بن عبد العزيز
الجوهري ، في فهرست أسماء الرجال والنساء والقبائل ، مع كثرة ما ورد في مجلدات
الأغاني .
2 ـ أبو عبيد الله المرزباني :
أبو عبيد الله
محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بين عبيد الله المرزباني الكاتب الخراساني الأصل
البغدادي المولد ، والمتوفى 385 (3).
كان صاحب أخبار
ورواية للآداب ، ثقة في الحديث صادق اللهجة ، واسع المعرفة كثير المساع ، صنف كتبا
كثيرة مستحسنة في فنون ، وكان ما بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذين يبيتون
عنده ، وكان عضد الدولة البويهي يجتاز على داره فيقف
____________
(1) طبع النجف سنة 1385 تقديم المرحوم الاستاذ كاظم المظفر .
(2) طبع ليدن عام 1318 .
(3) اخبار السيد الحميري : 7 ـ 9 .
( 21
)
ببابه حتى يخرج إليه فيسلم عليه ، وكان أبو علي الفارسي (1) يقول : هو
من محسني الدنيا .
ان كافة أصحاب
المعاجم والسير ، ترجمت للمرزباني ونصت على صدقه وتوثيقه وصحة ما يكتبه ويرويه ،
وله تصانيف كثيرة في أخبار الشعراء وشعرهم ومنها : أخبار الشعراء المشهورين
والمكثرين من المحدثين ، وأنسابهم وأزمانهم ، أولهم بشار بن برد وآخرهم ابن المعتز
. أخبار أبي تمام . أخبار ابي مسلم الخراساني . أخبار البرامكة من ابتداء أمرهم
الى انتهائه . أخبار عبد الصمد بن المعدل الشاعر . أشعار النساء . أشعار الجن .
الأنوار والاثمار فيما قيل في الورد ، والنرجس ، وجميع الأنوار من الشعر . الرياض
في اخبار المتيمين من الشعراء لجاهليين ، والمخضرمين ، والاسلاميين ، والمحدثين .
كتاب الأزمنة ،
كتاب الأوائل في أخبار الفرس القدماء ، الموشح فيما انكره العلماء على بعض الشعراء
من كسر ولحن وعيوب الشعر . أخبار السيد الحميري (2). المفيد في أخبار
الشعراء وأحوالهم في الجاهلية والاسلام ، ودياناتهم ونحلهم ، أخبار النحاة . معجم
الشعراء . أخبار الغناء والأصوات . أخبار المتكلمين . أخبار أبي حنيفة وأصحابه .
شعر يزيد بن معاوية . كتاب التهاني . كتاب المراثي . كتاب التعازي . المديح في
الولائم والدعوات والتراب . أخبار الأولاد والزوجات والأهل . أخبار الزهاد . مختصر
أخبار الشيعة . ملوك كندة . أخبار الأجواء .
الى غير هذا من
الكتب والرسائل ، وقد استفاد في وضعه التآليف هذه من
____________
(1) أبو علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار الفارسي الفسوي النحوي
المتوفى 377 ، فار س ميدان العلم والأدب ، والذي ينسل الى فضله من كل حدب ، وكان
امام وقته في علم النحو .
(2) طبع في النجف عام 1385 | 1965 ويقع في 71 صفحة .
(3) لخصة السيد الأمين صاحب أعيان الشيعة ، وطبع في النجف سنة 1388 | 1968 ويقع في
135 صفحة .
( 22
)
حوزة شيخه واستاذه أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، كما صرح بذلك في كتابه
الموشح مآخذ العلماء على الشعراء في عدة انواع من صناعة الشعر (1) في
عدة صفحات منها ص 28 ، 47 ، 57 ، 64 ، 80 ، 82 ، 89 ،101 ، 107 ، 108 ، 163 ، 171
، 177 ، 188 ، 192 ، 208 ، 214 ، 216 ، 217 ، 224 ، 226 ، 252 ، 256 ، 261 ، 263 ،
280 ، 294 ، 295 ، 298 ، 319 ، 326 ، 329 ، 338 ، 340 ، 344 ، 354 ، 375 .
ففي ، هذه
الصحائف نجد المرزباني ، يصرح باسم الجوهري ، ونقله وروايته عنه ، ويقول في بعض
الأحايين : كتب الي أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، فبالاضافة الى الرواية يبدو ان
كانت بينهما مراسلات أدبية ، يسأله المرزباني عن قضايا تتعلق بالشعر والشعراء
وأخبارهم ، وهذا دليل على علو كعب لجوهري في الأدب والنقد ، واطلاعه الواسع على
كتب الأدب ، واللغة ، والنحو ، والنقد .
3 ـ أبو أحمد العسكري :
أبو أحمد الحسن
بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن اسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري الخراساني
المتوفى 382 (2).
كان أحد الأئمة
في الأدب والحفظ . وكان رواية للأخبار والنوادر متوسعا في ذلك ، وفي التصريف في
أنواع العلوم ، والتبحر في فنون الفهوم ، سمع ببغداد ، والبصرة ، واصبهان ، وغيرها
من أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن دريد ، ونفطويه ، وغيرهم واكثر وبالغ في
الكتابة واشتهر في الأفاق بالدراية والاتقن ، وانتهت إليه رياسة التحديث والاملاء
للآداب والتدريس ، بقطر خوزستان ، ورحل إليه الأجلاء ، روى عنه أبو
____________
(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي .
(2) معجم المؤلفين 3 : 239 . ويضاف الى مصادره ، الكنى والألقاب 1 : 182 . الأنساب
: 39 . خزانة الأدب 1 : 97 . ذكر اخبار اصفهان 1 : 272 ريحانة الأدب 4 : 136 .
قاموس الاعلام 4 : 3153 . راهنمادي دانشوران 2 : 17 . دائرة المعارف وجدي 6 : 436
. تاريخ آداب اللغة 2 : 616 . الاعلام 2 : 211 . نوابغ الرواة : 88 .
( 23
)
نعيم الاصبهاني ، وأبي سعد الماليني وغيرهما .
وكان الصاحب بن
عباد ، الوزير الأديب المشهور يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا ، فقال لأميره
مؤيد الدولة بن بويه ، ان معسكر مكرم قد اختلت أحوالها واحتاج الى كشفها بنفسي
فاذن له في ذلك . فلما أتاها توقع ان يزوره أبو أحمد العسكري فلم يزره ، فكتب
الصاحب إليه :
ولمـا أبيتم أن تـزوروا وقلـتم * ضعفنا فلم نقدر على الوخـدان
أتـيناكم من بعد أرض نزوركم * وكـم منـزل بـكر لنا وعوان
نسائكم هل من قرى لنـزيلكـم * بملء جفون لا بـملء جفـان
وكتب مع هذه
الأبيات شيئا من النثر ، فجاد به أبو أحمد عن النثر ، بنثر مثله وعن هذه الأبيات
بالبيت المشهور :
أهم بأمر الحزم لو استطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان
فلما وقف الصاحب
على الجواب ، عجب من اتفاق هذا البيت له ، وقال : والله لو علمت انه يقع له هذا
البيت لما كتبت إليه على هذا الروى .
وهذا البيت لصخر
بن عمرو بن الشريد ، أخي الخنساء وهو من جملة أبيات ، فقد كان صخر هذا حضر محاربة
بني أسد ، فطعنه ربيعة بن ثور الاسدي ، وامه وزوجته سليمى تمرضانه ، فضجرت زوجته
منه فمرت بها امه فسألتها عن حاله فقالت : ما هو حى فيرجى ، ولا ميت فينسى ،
فسمعها صخر فأنشد :
أرى أم صـخـر لا تمـل عيـادتي * وملت سليمى مضجعي ومـكـانـي
وما كنت أخـشـى ان اكـون جنازة * علـيك ومـن يـغتـر بالحـدثـان
لعمري لقد نبهت مـن كان نـائمـا * وأسمـعت مـن كانت لـه اذنــان
وأي امـرئ ساوى بـأم حـلـيلـة * فلا عـاش الا فـي شقي وهــوان
( 24 )
أهم بأمر الحزم لو استطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان
فللموت خبر من حياة كأنها * معرس يعسوب برأس سنان
له تصانيف منها :
البديعية . التصحيف ، الحكم والأمثال . ديوان شعر . الزواجر . المنطق . راحة
الأرواح . المختلف والمؤتلف . وغير ذلك . ولد أبو احمد العسكري شوال 293 ومات من
ذي الحجة 382 . وأخذ وتتلمذ على ابي بكر الجوهري ، وسمع منه وكتب عنه الكثير واعترف
به في تصانيفه وأقر على وثقاته وضبطه ، فقال في كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف
والتحريف ص 457 ما نصه :
وقرأت على أبي
بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وكان ضابطا صحيح العلم .
4 ـ أبو القاسم الطبراني :
أبو القاسم سليمان
بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبراني اللخمي المتوفى 360 (1) . من كبار
الحفاظ ، رحل في طلب الحديث من الشام الى العراق ، والحجاز ، واليمن ، ومصر ،
وغيرها من الأمصار الأسلامية ، وسمع الكثير وعدد شيوخه الف شيخ ، ويقال له مسند
الدنيا ، يروي عنه أبو نعيم الأصبهاني ، وله مصنفات اشهرها المعاجم الثلاثة :
الكبير ، والأوسط ، والصغير ، الدعاء في مجلد كبير ، دلائل النبوة ، الأوائل ،
تفسير القرآن كبير .
أخذ من طائفة
كبيرة من العلماء وقرأ عليهم ومنهم الجوهري . . . فقد روى عنه وأخذ منه كما صرح
بذلك في المعجم الصغير 1 : 59 .
ولد بطبرية الشام
سنة 260 وسكن اصبهان الى ان توفي بها سنة 360 ودفن
____________
(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي .
( 25 )
بقرب حمة الدوسي الصحابي ، وصلى عليه أبو نعيم صاحب حلية الأولياء ،
وكان له سنة وعشرة أشهر ، وكان ثقة صدوقا ، واسع الحفظ بصيرا بالعلل والرجال
والأبواب ، كثير التصانيف ، وأول سماعه في سنة 273 بطبرية المنسوب إليها ، ثم رحل
الى البلدان ، وقال ابن ناصر الدين : هو مسند الآفاق ثقة له المعاجم الثلاثة
المنسوبة إليه ، وكان يقول عن الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه .
كتاب السقية وفدك :
لم يحتفظ التاريخ
لأبي بكر الجوهري البغدادي البصري ، كتابا غير مؤلفه ـ السقيفة وفدك ـ وكأن
التاريخ أهمل هذا العالم المحدث ، مع وفور علمه وجهاده الفكري ، وألقاه في زاوية
الخمول والنسيان ، فلم يتوجه نحوه أصحاب المعاجم ، ولم يتقرب الى حوزته رجال البحث
والتحقيق ، ولذلك لم نجد له في ثنايا المعاجم تراجم شافية ودراسات ضافية ، ولعل
كتابه هذا كان الباعث في خموله وخموده .
ومهما يكن من أمر
، فقد أهمله رجال الحديث والدراية ، مع علمهم بوجوده وكونه من الرواة والمحدثين ،
فنجد مثلا ابن حجر العسقلاني . . . عندما يترجم في كتابه تهذيب التهذيب لواحد من
شيوخ الجوهري ، وهو أبو زيد عمر بن شبة المتوفى 262 يذكر الرواة عنه فيقول : روى
عنه . . . وأحمد بن عبد العزيز الجوهري . . . ولم يترجم له في حرف الألف من معجمه
، ولا في الكنى والألقاب من كتابه .
مع العلم أن أبا
بكر الجوهري . . . كان في الرعيل الأول من طبقة المحدثين والرواة الذين أفرد لهم
ابن حجر ، وغيره في كتبهم تراجم وافية ، وعقد لهم صفحات الثناء والتقدير ، وقد
سارت بذكره الركبان وكانت له حلقات حديث ودراية وأدب في الكوفة ، والبصرة ، وبغداد
.
وكان على شاكلته
الحافظ أبي أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، المتوفى عام
____________
(1) تهذيب التهذيب 7 : 46 .
( 26
)
463 فلم يترجم له في تاريخه ، مع ترجمته لتلميذ الجوهري ابي الفرج الاصفهاني (1)
علي بن الحسين صاحب الأغاني ، ومطالعته لكتاب الأغاني ، ومقاتل الطالبيين و . . .
واعترافه بهذه التصانيف التى وقعت إليه ، وفيهما الكثير من عبارات : حدثني أحمد بن
عبد العزيز الجوهري . . . ومن هنا يحق لنا أن نطالب بالدقة والاتقان في البحث
والتأليف في التأريخ ، لأنها اولى مراحل التأليف ، ودراسة حياة الرجال من أهم
ركائز البحث . . . ولعل للخطيب البغدادي . . . وزميله ابن حجر . . . عذرا ورأيا
محترما في عدم ذكرهم الجوهري :
لعل لها عذرا وأنت تلوم * وكم لائم قد لام وهو مليم
إن التاريخ لم
يعهد لأبي بكر . . . كتابا غير ـ السقيفة وفدك ـ وكان متداولا وموجودا وموضع
المطالعة والمراجعة حتى القرن السابع الهجري ، إلا انه فقد بعد هذا التاريخ ، ولم
نجد اشارة في الفهارس إليه وهذا ما اعترف وصرح به :
أ ـ عز الدين عبد
الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ابي الحديد المعتزلي المدائني ، الأديب
المؤرخ الحكيم الشاعر ، شارح نهج البلاغة والمتوفى 655 فقد كانت لديه نسخة من
الكتاب ، واكثر النقل عنه فقال : وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر
أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، في السقيفة وفدك ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث ،
كثير الأدب ، ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه . مصنفاته (2).
وقال ايضا : وقد
ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب ، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين (3).
____________
(1) تاريخ بغداد 11 : 398 .
(2) شرح ابن ابي الحديد 16 : 210 .
(3) شرح ابن ابي الحديد 2 : 60 .
( 27 )
ب ـ بهاء الدين
أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي البغدادي المتوفى 693 (1)
العالم الفاضل المحدث الثقة الشاعر الأديب المنشئ ، جامع الفضائل والمحاسن ، كان
ذا ثروة وشوكة اشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة ، له كتب منها ـ كشف
الغمة في معرفة الأئمة (2) نقل في كتابه عن كتاب الجوهري فقال : وحيث
انتهى بنا القول الى هنا فلنذكر خطبة فاطمة ( ع ) فإنها من محاسن الخطب وبدايعها ،
عليها مسحة من نور النبوة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة ، وقد أوردها المؤالف
والمخالف ، ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة ، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد
العزيز الجوهري ، من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور ، قرأت عليه في ربيع
الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة . . .
وقال ايضا في
كتابه : هذه الخطبة نقلتها من كتاب السقيفة ، وكانت النسخة مع قدمها مغلوطة فحققتها
من مواضع آخر (3).
ان النصوص هذه ان
دلت على شيء ، فإنما تدل على وجود الكتاب الى القرن السابع الهجري ، كما حدثنا عنه
ابن ابي الحديد ، والأربلي ... ولما كان الكتاب هذا تراثا فكريا إسلاميا ، وسندا
تأريخيا كثر النقل عنه بالواسطة لعدم وجوده ، واعتمد على ما ذكره ابن أبي الحديد
في شرحه . لذلك كانت في رغبة ملحة وبواعث جمة في اخراج وافراز هذه النصوص ، من شرح
النهج ، وجمعه وأخرجه في كتاب خاص .
فقد سبرت شرح
النهج في طبعته الجديدة من المجلد الأول الى آخر مجلده
____________
(1) ترجمته في : الكنى والألقاب 2 : 18 . فوات الوفيات 2 : 66 .
الوافي 12 : 135 . كشف الظنون : 1492 ، 1939 . ايضاح المكنون 1 : 18 . الفوائد
الرضوية 1 : 314 . هدية العافين 1 : 47 . روضات الجنات 4 : 341 . امل الآمل 2 :
195 . تأسيس الشيعة : 13 . الذريعة 18 : 47 . ريحانة الأدب 1 : 125 . الغدير 5 :
446 .
(2) طبع في العراق وايران ولبنان .
(3) كشف الغمة 1 : 492 ، 479 ط ايران .
(4) طبع القاهرة سنة 1378 تحقيق السيد محمد أبو الفضل ابراهيم .
( 28
)
ونقلت ما ذكره ابن أبي الحديد ، عن كتاب السقيفة وفدك ، مع الاشارة في الهامش الى
المجلد والصفحة ، وترجمت لمشايخه وللرواة ، وادعمت أحاديثه بمصادر ومراجع اخرى ،
في الحديث والتاريخ ، ومنحت كل رواية رقما بالتسلسل ، مع افراز كل رواية من اختها
الى وضع فهارس فنية في آخره ، وكان من توفيق الله وتسديده أن اخرج الكتاب بهذا
النهج الذي تراه .
وحين وقف على
عملي هذا بعض العاملين في حقل التاريخ والتحقيق قابلوني بالتشجيع والتقدير ،
وحفزوني على انهائه واتمامه لافتقار المكتبة العربية إليه .
ان الكتاب هذا
وإن لم يكن بكامل كتاب ـ السقيفة وفدك ـ وبتمامه ، إلا انه جزء منه ، والذى حفظه
لنا ابن ابي الحديد ، وسجله على صفحاته كتابه القيم ـ شرح نهج البلاغة ـ ولعل
التاريخ يكشف القناع في المستقبل عن وجود نسخة منه ، وليس ذلك على الله بعزيز .
فالشكر لله
سبحانه على منحه التوفيق . . . وله الحمد والمنة على ما أسداه من العناية ، ولله
شأنه الحمد أولا وآخرا .
مصادر ترجمة الجوهري :
لم تكن لأبي بكر
الجوهري في المعاجم ترجمة ضافية ، ولا لمحة عن حياته ، ولا اشارة إلى تاريخه ،
لذلك كانت حياته غامضة ، وأحواله مبهمة لم يكشف التاريخ عنها القناع بصورة باتة ،
بيد أننا نجد في بعض المعاجم ، اشارة عابرة إليه والاكتفاء بذكر اسمه وتأليفه ، مع
اليقين انه كان في الرعيل الأول من الذين احترمتهم الخاصة والعامة ، وأذعنت
لحيويته العلمية الشيعة والسنة ، ونقل الرواة عنه الكثير من القضايا ، بحيث ابتنوا
على ثقافته ، مؤلفاتهم في الحديث والأدب .
وهذا إن دل على
شيء فإنما يدل على أن الغموض إكتنف حياة هذا العيلم منذ
( 29
)
حياته ولم يبق لنا غير كلمات عن حياته ، كما اشار إليها ابن ابي الحديد من انه
عالم محدث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه منصفاته .
ومهما يكن من أمر
، فالثبت الفهرسي التالي يضم بعض المراجع التي اقتصرت على ذكر اسمه ، ونقلت عن
مؤلفاته الأحاديث والأخبار ، وهو مرتب حسب الحروف :
أعيان
الشيعة |
السيد
محسن الأمين العاملي 9 : 3 ط صيدا |
الأغاني |
أبو
الفرج علي بن الحسين الاصفهاني 1 : 17 ط بولاق |
الأوراق |
ابو
بكر محمد بن يحيى الصولي : 64 ط لبنان 1979 |
تنقيح
المقال |
الشيخ
عبدالله المامقاني 1 : 64 |
تهذيب
التهذيب |
ابن
حجر العسقلاني 7 : 460 ط حيدر آباد |
جامع
الرواة |
الميرزا
محمد علي الأردبيلي 1 : 52. |
جلاء
العيون |
السيد
عبدالله شبر 1 : 202 ط النجف |
جنة
العاصمة |
السيد
حسن مير جهاني الاصفهاني : 266 ط ايران |
حققة
جاويدان |
الشيخ
محمد باقر ملبوني : 53 |
دستور
معالم الحكم |
القاضي
محمد بن سلامة : 199. |
راهنماي
دانشوران |
السيد
علي اكبر البرقعي 1 : 179 ط قم |
روضات
الجنات |
السيد
محد باقر الخوانساري |
الذريعة |
الشيخ
آغا بزرك الطهراني 12 : 206 |
شرح
نهج البلاغة |
ابن
أبي الحديد المعتزلي 16 : 210 ط القاهرة |
____________
(1) شرح النهج 16 : 210.
( 30 )
شرح
ما يقع فيه التصحيف |
أبو
احمد الحسن بن عبد الله العسكري : 457 |
الصراط
المستقيم |
البياضي
الشيخ زين الدين 3 : 7 |
طبقات
أعلام الشيعة |
45 الشيخ آغا بزرك : 28 |
الغدير |
الشيخ
عبد الحسين الأميني 8 : 301 |
فدك |
السيد
محمد حسين القزويني : 146 |
الفهرست |
الشيخ
الطوسي : 30 |
قاموس
الرجال |
الشيخ
محمد تقي التستري 1 : 355 ط ايران |
كشف
الغمة |
أبو
الفتح الاربلي 1 : 479 ـ 492 ط النجف |
المجالس
السنية |
السيد
الأمين 2 : 94 |
معالم
العلماء |
رشد
الدين ابن شهر اشوب : 18 ط ايران |
المعجم
الصغير |
أبو
القاسم الطبراني 1 : 59 |
مقاتل
الطالبيين |
أبو
الفرج الاصفهاني : 171 ، 188 ، 189 ، 190 ، 191 |
ملكة
اسلام |
الشيخ
خليل كمره اي : لغته فارسية |
الموشح |
أبو
عبيد الله محمد بن عمران المرزباني : 641 ط مصر الفهرست |
النص
والاجتهاد |
السيد
عبد الحسين شرف الدين : 106 ط 1386 |
هدية
الأحباب |
الشيخ
عباس القمي : 35 ط النجف |
عقيدة الجوهري :
ما يتركه العالم
والأديب ، على صفحة الوجود من اثر فكري وجهود علمي نثرا أو شعرا ، فإنه ترجمان عن
اتجاهاته الدينية ، والاجتماعية ، والسياسية ، لان العالم أو الأديباو الناثر
والشاعر ، يعكس معتقداته وأحاسيسه في أثره ، والتأليف مرآة صافية تعبر عما نحن
بصدد التحدث فيه ، وبالكتاب نقف على ما في أعماق قلب مؤلفه من خواطر ، وعقائد
ومبادئ ، وما هو عليه منها ، وعلى ضوء هذا المعيار الفكري ، نتوصل الى عقيدة
الجوهري . . . المبثوثة في خلال سطور كتابه ـ السقيفة وفدك ـ والمشعشعة على