الصفحة 409

الغلوّ في حبّ الأئمة


لا نقصد بالغلوّ هنا هو الخروج عن الحقّ واتّباع الهوى حتّى يصبح المحبوب هو الإله المعبود، فهذا كفر وشرك لا يقول به أيّ مسلم يعتقد برسالة الإسلام ونبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).

وقد وضع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حدوداً لهذا الحبّ عندما قال للإمام علي (عليه السلام):

"هلك فيك اثنان: محبّ غال، ومبغضٌ قال"(1).

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ياعلي إنّ فيك مثلاً من عيسى بن مريم أبغضته اليهود حتى بهتوا أمّة، وأحبّه النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها"(2).

____________

1- عوالي اللئالي لابن أبي جمهور 4: 86 ح105.

2- مسند أحمد 1: 160 وحسّنه المحقّق أحمد محمّد شاكر، السنن الكبرى للنسائي 5: 137 ح8488، مسند أبي يعلي 1: 406 ح534، أنساب الأشراف للبلاذري: 121، تاريخ دمشق 42: 293، المستدرك للحاكم: باب مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) وصحّحه، الدر المنثور 2: 238 عن البخاري في تاريخه والحاكم، البداية والنهاية 7: 392.


الصفحة 410
وهو المعنى المرفوض للغلوّ أن يطغى الحب حتى يؤلّه المحبوب، وينزله منزلة ليس فيها، أو أن يطغى البغض حتى يصل إلى درجة البهت والاتهام الباطل.

والشيعة في حبّ عليّ والأئمة من ولده لم يغالوا بل أنزلوهم المنزلة المعقولة التي بوّأهم فيها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي أنّهم أوصياء النبي وخلفاؤه، ولم يقل أحد بنبوّتهم فضلاً عن اُلوهيّتهم، ودع عنك قول المشاغبين الذين يدعون بأنّ الشيعة ألّهوا عليّاً وقالوا بربوبيته، فهؤلاء إن صح الخبر لم يكونوا فرقة ولا مذهباً ولا شيعة ولا خوارج.

فما هو ذنب الشيعة إذا كان ربّ العزّة والجلالة يقول: { قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى }(1)، والمودّة كما هو معلوم أكبر من الحب، وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"(2).

فإنّ المودة تفرض عليك أن تحرم نفسك من شيء لتود به غيرك.

وما هو ذنب الشيعة إذا كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "ياعلي أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة، من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك

____________

1- الشورى: 23.

2- صحيح ابن حبان 1: 470، الجامع الصغير للسيوطي 2: 753 ح9940، مسند أحمد 3: 176، سنن الترمذي 4: 76 ح2634، سنن النسائي 8:115.


الصفحة 411
فقد أبغضني، وحبيبك حبيب اللّه، وبغيضك بغيض اللّه، والويل لمن أبغضك"(1).

ويقول أيضاً: "حبّ علىٌّ إيمان وبغضه نفاق"(2).

ويقول: "من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة... "(3).

____________

1- المستدرك للحاكم 3: 128 وصحّحه، نظم درر السمطين: 101، تاريخ دمشق 42: 292، المناقب للخوارزمي: 327 ح337.

2- بهذا اللفظ في بشارة المصطفى: 271، وفي صحيح مسلم1: 61، كتاب الإيمان، باب الدليل على أنّ حبّ الأنصار وعليّ من الإيمان عن عليّ بلفظ: "والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي الأُمي إليَّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق".

وأخرجه الألباني في صحيحته 4: 298 تحت رقم 1720 "إنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق"، وقال: "أخرجه مسلم 1: 61، والنسائي 2: 271، والترمذي 2: 301، وابن ماجه: 114، وأحمد 1: 84 و 95 و 128، والخطيب في التاريخ 14: 426...".

3- تفسير القرطبي 16: 23، تفسير الفخر الرازي 9: 595 سورة الشورى، تفسير آية 23 عن الكشاف للزمخشري.


الصفحة 412
وما هو ذنب الشيعة إذا كانوا يحبّون رجلاً قال فيه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "غداً لأعطين رايتي إلى رجل يحبّ اللّه ورسوله ويحبّهُ اللّهُ ورسولهُ"(1).

فحبيب عليّ هو حبيب اللّه ورسوله وهو مؤمن، وبغيض علي هو بغيض اللّه ورسوله وهو منافق.

وقد قال الإمام الشافعي في حبّهم:


يا أهل بيت رسول اللّه حبكمفرض من اللّه في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفضل أنّكممن لم يصلّ عليكم لا صلاة له(2)

وقد قال فيهم وفي حبّهم الفرزدق في ميميته المشهورة:

____________

1- حديث الراية حديث صحيح متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه 5: 76، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، وصحيح مسلم 5: 195، في نفس الموضع، كتاب السنّة لابن أبي عاصم: 594 ح1379، صحيح ابن حبان 15: 377، المعجم الكبير للطبراني 7: 13، تاريخ دمشق 42: 16، المناقب للخوارزمي: 108.

2- أوردها ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة 2: 435 الآية الثانية من الآيات الواردة فيهم نقلا عن الشافعي.


الصفحة 413

من معشر حبّهم دين وبغضهمكـفـر وقـربـهـم مـنجى ومعتصم
إن عُدّ أهل التقى كانوا أئمتهمأو قيل من خير أهل الأرض قيل هم(1)

فالشيعة أحبّوا اللّه ورسوله، وحبّهم للّه ورسوله هو الذي فرض حبّ أهل البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام)، والأحاديث في هذه المعنى كثيرة لا تحصى، وقد أخرجها علماء أهل السنّة والجماعة في صحاحهم، وقد ذكرنا البعض منها دوماً للاختصار.

وإذا كان حبّ عليّ وأهل البيت بصفة عامة هو حبّ لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعلينا أن نعرف مدى هذا الحب المطلوب من المسلمين حتى نعرف إن كان هناك غلو كما يزعمون.

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"(2).

____________

1- انظر: تاريخ دمشق 41: 402، تهذيب الكمال للمزي 20: 401، البداية والنهاية 9: 127.

2- صحيح البخاري1: 9، كتاب الإيمان، باب حب الرسول من الإيمان، صحيح مسلم 1: 49، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين.


الصفحة 414
وعلى هذا الأساس فلابدّ أن يحبّ المسلم عليّاً وأولاده الأئمة الطاهرين أكثر من الناس أجمعين بما في ذلك الأهل والأولاد، ولا يتمّ الإيمان إلاّ بذلك; لأنّ رسول اللّه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه... " الحديث.

فالشيعة أذاً لا يغالون وإنّما يعطون كلّ ذي حقّ حقّه، وقد أمرهم رسول اللّه أن ينزلوا عليّاً بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس، فهل هناك من الناس من يتنازل عن عينيه أو عن رأسه؟

ولكن في المقابل هناك مغالاة عند أهل السنّة والجماعة في حبّ الصحابة وتقديسهم في غير محلّه، وإنّما يبدو أنّها ردّ فعل على الشيعة الذين لم يقولوا بعدالة الصحابة أجمعين، فكان الأمويون يرفعون من شأن الصحابة ويحطّون من قيمة وشأن أهل البيت النبوي حتى إذا صلّوا على محمّد وآله أضافوا إليهم: وعلى أصحابه أجمعين; لأنّ في الصلاة على أهل البيت فضل لم يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق، فأرادوا أن يرفعوا الصحابة إلى تلك الدرجة العلية، وغفلوا عن أنّ اللّه سبحانه أمر المسلمين وعلى رأسهم الصحابة أجمعين أن يصلّوا على محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين، ومن لم يصلِّ عليهم فصلاته مردودة لا يقبلها اللّه إذا اقتصرت على محمّد

الصفحة 415
وحده، كما هو ثابت في صحيح البخاري ومسلم(1).

وإذا قلنا بأنّه غلّو في الصحابة ذلك لأنّ أهل السنّة يتعدّون حدود المنطق عندما يقولون بعدالتهم أجمعين، وقد شهد اللّه ورسوله بأنّ فيهم الفاسقين والمارقين والقاسطين والمنافقين.

والغلوّ ظاهر عندما يقولون بأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطئ ويصوّبه صحابي، أو أنّ الشيطان يلعب ويمرح بحضرة النبي ولكنّه يهرب من عمر!!

والغلوّ واضح في قولهم: لو أصاب اللّه المسلمين بمصيبة بما فيهم رسول اللّه، لم يكون ينج منها إلاّ ابن الخطاب!

والغلوّ أوضح في إلغائهم لسنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واتباع سنّة الصحابة وبالخصوص الخلفاء الراشدين! وقد أوقفناك على البعض من ذلك، وإذا أردت المزيد فعليك بالبحث والتأمّل للوقوف على مزيد من هذه المفارقات.

____________

1- صحيح مسلم 2: 16، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، صحيح البخاري 6: 27، كتاب التفسير، سورة الأحزاب آية 56.


الصفحة 416

الصفحة 417

المهدي المنتظر


وهو أيضاً من المواضيع التي يشنع بها أهل السنّة والجماعة على الشيعة، وذهب البعض منهم إلى حد السخرية والاستهزاء، إذ أنّهم يستبعدون أو قل يعتقدون استحالة أن يبقى بشر طيلة اثني عشر قرناً حياً ومخفياً عن أنظار الناس، حتى قال بعض الكتّاب المعاصرين: "بأنّ الشيعة اختلقوا فكرة الإمام الغائب الذي سينقذهم، وذلك لكثرة ما لاقوه من ظلم الحكام وجورهم على مر الأزمان، فسلّوا أنفسهم بأمنية المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، وينتقم لهم من أعدائهم".

وقد كثر الحديث في السنوات الأخيرة، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عن المهدي المنتظر، فأصبح المسلمون وبالخصوص الشباب المثقف في كلّ مكان يتساءلون عن حقيقة المهدي، وهل هي حقيقة ولها وجود في العقائد الإسلامية أم هو من مختلقات الشيعة؟


الصفحة 418
ورغم ماكتبه علماء الشيعة قديماً وحديثاً(1) بخصوص المهدي من موسوعات وأبحاث، ورغم اتصال كثير من السنّيين بإخوانهم من الشيعة في مؤتمرات عديدة، ومحادثات في شتى المواضيع العقائدية; يبقى هذا الموضوع من الألغاز عند الكثير منهم، لأنّهم ما تعوّدوا سماع أمثال هذه الروايات.

فما هي حقيقة المهدي المنتظر في العقائد الإسلامية؟

والبحث في هذا الموضوع ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: يتعلّق بالبحث عن المهدي من خلال الكتاب والسنّة.

والقسم الثاني: يتعلّق بالبحث عن حياته وغيبته وظهوره.

أمّا في البحث الأول: فالشيعة والسنّة متّفقون على أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بشَّرَ به، وأعلم أصحابه بأنّه سيظهره اللّه سبحانه وتعالى في آخر الزمان، وقد أخرج أحاديث المهدي (عليه السلام) كلّ من الشيعة والسنّة وفي صحاحهم ومسانيدهم.

وأنا بدوري وكالعادة حسبما تعهدّت به في كلّ أبحاث الكتاب لا أستدلّ إلاّ بما هو ثابت وصحيح عن أهل السنّة والجماعة.

____________

1- كالشهيد محمّد باقر الصدر في كتابه "بحث حول المهدي" (المؤلّف).


الصفحة 419
فقد جاء في سنن أبي داود(1): قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً".

وجاء في سنن ابن ماجة(2):

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً شديداً، وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينتصرون، فيعطون ماسألوا: فلا يقبلونه، حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً كما ملئت جوراً".

وقال ابن ماجة في سننه: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "المهدي منّا أهل البيت، المهدي من ولد فاطمة"(3).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "يكون في أُمّتي المهدي، إن قصر فسبع، وإلاّ فتسع، تنعم فيها أُمّتي نعمة لن تنعم مثلها قط ; تأتي أُكلها ولا تدّخر منه

____________

1- سنن أبي داود 4: 87 ح4282 كتاب المهدي، المعجم الأوسط 2: 55، والكبير 10: 135، الجامع الصغير 2: 438 ح7490، الدر المنثور 6: 58.

2- سنن ابن ماجة 2: 529 ح4082، ونحوه في المستدرك للحاكم 4: 464، والمعجم الأوسط 6: 29.

3- المصدر نفسه 2: 531 ح4085 و4086.


الصفحة 420
شيئاً، والمال يومئذ كدوس، فيقوم الرجل فيقول: يامهدي أعطيني، فيقول: خذ"(1).

وجاء في صحيح الترمذي: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، ولم لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يلي"(2).

وقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي"(3).

وأخرج الإمام البخاري في صحيحه(4): قال: حدّثنا بن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري، أن أبا هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم".

وقال صاحب غاية المأمول: "اشتهر بين العلماء سلفاً وخلفاً أنّه

____________

1- المصدر نفسه 2: 530 ح4083، المستدرك للحاكم 4: 558، مجمع الزوائد 7: 317 وقال: "رجاله ثقات".

2- سنن للترمذي 3: 343 ح2332، وعنه في كنز العمال 14: 264 ح38661.

3- المصدر نفسه 3: 343 ح2313، مسند أحمد 1: 377.

4- صحيح البخاري4: 143، كتاب أحاديث الأنبياء، باب نزول عيسى بن مريم.


الصفحة 421
لابدّ من ظهور رجل من أهل البيت في آخر الزمان يسمّى المهدي، وقد روى أحاديث المهدي جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين: كأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وأبي يعلى، والبزاز، والإمام أحمد بن حنبل، والحاكم رضي اللّه عنهم أجمعين، ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهدي كلّها".

قال الحافظ في فتح الباري: "تواترت الأخبار بأنّ المهدي من هذه الأُمّة، وأنّ عيسى بن مريم سينزل ويُصلّي خلفه"(1).

وقال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة: "والأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة"(2).

وقال الشوكاني في رسالتة المسمّاة "التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح"، وبعد سرده أحاديث المهدي: "وجميع ما سقناه بالغ حدّ التواتر، كما لا يخفى على من له فضل اطلاع"(3).

وقال الشيخ عبدالحق في اللمعات: "قد تظافرت الأحاديث

____________

1- فتح الباري 6: 358.

2- الصواعق المحرقة 2: 480.

3- عنه النواب صديق حسن خان القنونجي في كتابه الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة: 114 و 160، والكتاني في نظم المتناثة في الحديث المتواتر: 146.


الصفحة 422
البالغة حدّ التواتر في كون المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة"(1).

وقال الصبان في كتابه إسعاف الراغبين: "وقد تواترت الأخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخروجه، وأنّه من أهل البيت، وأنه يملأ الأرض عدلاً"(2).

وقال السويدي في كتابه المسمّى "سبائك الذهب": "الذي اتفق عليه العلماء أنّ المهدي هو القائم في آخر الوقت وأنّه يملأ الأرض عدلاً، والأحاديث في ظهوره كثيرة"(3).

وقال ابن خلدون في مقدمته:

"اعلم أنّ المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيّد الدين، ويظهر العدل، ويسمّى بالمهدي"(4).

كما أخرج أحاديث المهدي من المعاصرين مفتي الإخوان المسلمين السيد سابق في كتابه "العقائد الإسلامية"، واعتبر أنّ فكرة المهدي من العقائد الإسلامية التي يجب التصديق بها.

____________

1- أشعة اللمعات 4: 321.

2- إسعاف الراغبين: 152، بهامش نور الأبصار.

3- سبائك الذهب: 346.

4- مقدمة ابن خلدون: 287، الفصل الثاني والخمسون.


الصفحة 423
وكتب الشيعة أيضاً أخرجت أحاديث المهدي على كثرتها، حتى قيل: إنّه لم يُروَ عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر ممّا روي عنه في أحاديث المهدي.

وقد استخرج الباحث لطف اللّه الصافي في موسوعته "منتخب الأثر" أحاديث المهدي (عليه السلام) من أكثر من ستّين مصدراً من كتب أهل السنّة والجماعة من ضمنها الصحاح الستّة، وأكثر من تسعين مصدراً من كتب الشيعة من ضمنها الكتب الأربعة(1).

____________

1- وممّن صرّح بتواتر أخبار الإمام المهدي (عليه السلام) ـ كما ذكره الدكتور عبد العليم البستوي في كتابه: "المهدي المنتظر" ـ الحافظ أبو الحسن محمّد بن الحسين الآبري السجزي، قال في كتابه مناقب الشافعي: "وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر المهدي، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، وأنّه يملأ الأرض عدلا، وأنّ عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجّال، وأنّه يؤم هذه الأُمة ويصلّي عيسى خلفه...".

وقد نقل كلامه هذا عدد من الحفّاظ والأئمة، منهم: القرطبي في كتابه "التذكرة بأحوال الموتى وأحوال الآخرة" 2: 723، والمزي في "تهذيب الكمال" 6: 596، وابن قيّم الجوزية في "المنار المنيف": 142، والسخاوي في "فتح المغيث" 3: 41، وابن حجر في "فتح الباري" 6: 494 و"تهذيب التهذيب" 9: 144، والسيوطي في "العرف الوردي في أخبار المهدي" ـ وانظر "الحاوي في الفتاوي" 2: 165 ـ، وابن حجر الهيتمي في "القول المختصر": 118 وفي "الصواعق" أيضاً، والملاّ علي القاري في "رسالة المهدي من آل الرسول": 25، ومرعي بن يوسف الحنبلي في "فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر"، ومحمّد البرزنجي في "الاشاعة في أشراط الساعة": 87، والزركاني في "شرح المواهب".

ومن العلماء الذي نصّوا على تواتر أحاديث المهدي: الشيخ محمد السفاريني في "لوائح الأنوار البهية" 2: 80، والنواب صديق حسن خان القنوجي في "الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة": 145، والشيخ محمّد بن جعفر الكتاني في "نظم المتناثر من الحديث المتواتر": 229.

ثمّ ذكر الدكتور عبد العليم البستوي أسماء الأئمة والعلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي والّذين صحّحوا الأحاديث الواردة فيه، منهم: الحافظ العقيلي، وأبو الحسين ابن المنادي، وأبو حاتم ابن حبان البستي، وأبو سليمان الخطابي، والبيهقي، وأبو القاسم السهيلي، والقرطبي، وابن تيمية، وابن كثير، وأبو الحسن السمهودي، والمتقي الهندي، وعبد الرؤوف المناوي، وعبد الرحمن المباركفوري، وعبد العزيز بن باز، ومحمد ناصر الدين الألباني.


الصفحة 424
أما بخصوص البحث الثاني، والذي يتعلّق بولادة المهدي وحياته وغيبته وعدم وفاته (عليه السلام)، فهذا القسم أيضاً لم ينكره بعض علماء أهل السنّة الذين لا يستهان بهم، والذين يعتقدون بأنّ المهدي هو محمّد ابن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ولد، وأنّه لا يزال حيّاً، وسيظهر في آخر الزمان، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً وينصر اللّه به دينه، وهم بذلك يوافقون أقوال الشيعة الإمامية، ومن هؤلاء:


الصفحة 425
1 ـ محيي الدين بن العربي في "فتوحاته المكيّة".

2 ـ سبط ابن الجوزي في كتابه "تذكرة الخواص".

3 ـ عبدالوهاب الشعراني في كتابه "عقائد الأكابر".

4 ـ ابن الخشّاب في كتابه "تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم".

5 ـ محمّد البخاري الحنفي في كتابه "فصل الخطاب".

6 ـ أحمد بن إبراهيم البلاذري في كتابه "الحديث المتسلسل".

7 ـ ابن الصباغ المالكي في كتابه "الفصول المهمة".

8 ـ العارف عبدالرحمن في كتابه "مرآة الأسرار".

9 ـ كمال الدين بن طلحة في كتابه "مطالب السؤول في مناقب آل الرسول".

10 ـ القندوزي الحنفي في كتابه "ينابيع المودة"(1).

____________

1- وهناك العشرات من علماء أهل السنّة القائلين بولادة الإمام المهدي، محمّد بن الحسن العسكري، وهم علماء مشهورون في الأوساط السنيّة ومن أعمدة المذهب، ونذكر منهم:

1 ـ أحمد بن حجر الهيتمي: صرّح في كتابه "الصواعق المحرقة: 313" بولادة الإمام المهدي.

2 ـ الشيخ ملاّ علي القاري: صرّح بذلك في كتابه "مرقاة المفاتيح 10: 336".

3 ـ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي: صرّح بالولادة في كتابه "الوافي

=>


الصفحة 426

____________

<=

بالوفيات 12: 113".

4 ـ شمس الدين محمّد بن طولون الدمشقي الحنفي: صرّح بالولادة في كتابه "الأئمة الاثني عشر: 117".

5 ـ الإمام شهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد الحنبلي: قال بالولادة في كتابه "شذرات الذهب في أخبار من ذهب 2: 290 ".

6 ـ ابن الأثير الجزري، في كتابه الكامل في التاريخ 7: 274".

7 ـ شهاب الدين ياقوت بن عبد اللّه الحموي، في كتابه "معجم البلدان 5: 328 ".

8 ـ أبو العباس أحمد بن محمّد بن إبراهيم المعروف بابن خلكان، في كتابه "وفيات الأعيان 4: 31".

9 ـ العلاّمة الشهير شمس الدين الذهبي، صرّح بالولادة في كتابه "تاريخ الإسلام"، وكتابه "العبر في خبر من غبر 1: 381".

10 ـ حسين بن محمّد الدياربكري: صرّح بذلك في كتابه "تاريخ الخميس" 2: 343.

وقد ذكر الميرزا حسين النووي (رحمه الله) في كتابه "كشف الاستار"، أسماء أربعين عالماً سنيّاً يعترفون بأن الإمام محمّد بن الحسن العسكري هو الإمام المهدي المنتظر.

وهؤلاء الذين ذكرهم المؤلّف من العلماء المشهورين والمعروفين في العالم السنّي، وقد ذكروا لهم تراجم وأثنوا عليهم، وأطروهم بالعلم والفضل والتقديم، ونشير إلى ترجمة بعضهم، وعليك بمراجعة الباقين:

1 ـ محي الدين بن عربي: قال في طبقات الشافعية 1: 260: "الشيخ العارف

=>