الصفحة 43

(3) عبد المحسن السراوي
(سني / سوريا)




ولد السيد عبد المحسن بن علاوي عبد الله الحسيني السراوي عام 1957م في قرية السعدة من قرى ساحل الخابور التابعة لمحافظة الحسكة في دولة سوريا، أتمّ الاعدادية والثانوية في معهد الروضة الهدائية الشرعي بحماة عام 1981م، ثم انتسب إلى كلية الدعوة ـ فرع جامعة ليبيا بدمشق، ثم تخرّج منها سنة 1988م، وتلقى على عاتقه مهمة رئاسة ديوان مديرية أوقاف محافظة الحسكة وكان عضواً في مجلسها المحلي ما بين عام 82 ـ 1985.

بداية تعرفه على مذهب أهل البيت(عليهم السلام):

كان السيد عبد المحسن السراوي يمتلك عقلية باحثة ومتعطشة للتنقيب والدراسة والتحقيق فدفعه ذلك للخوض في دفائن التراث والبحث عن الحقائق فيه، وكان أكثر ما يلفت انتباهه هو البحث عن المذاهب وبالأخص موضوع فقه المذاهب الإسلامية.

كما كان السيد عبد المحسن السراوي غير متعصب حين بحثه حول المذاهب الإسلامية، فلهذا وسع دائرة بحثه ولم يقتصر على المذاهب الأربعة المعروفة، بل ارفق بها مذهب أهل البيت(عليهم السلام).


الصفحة 44
يقول السيد عبد المحسن في هذا المجال: "من أراد أن يبحث ويقارن بين المذاهب، فعليه أن يلقي جلباب التعصب المذهبي ويكون هدفه مرضاة الله تعالى ولمّ شمل هذه الأمة التي لا تزال تتخبط في العصبية المذهبية".

نبذه للتعصب المذهبي:

يرى السيد عبد المحسن أن التعصّب يهيمن على العقل ويحجب بصيرته عن الرؤية الواضحة، وأن عقول المتعصبين عاجزة حين البحث عن رؤية الواقع والحقيقة كما هي عليه، ومن جهة أخرى أن التعصب يزيد من شقة الخلاف، ويجرّ المسلمين إلى الوقوع في المآسي من جرّاء الانقسام والتفكك.

فيقول حول التخبّط في العصبية المذهبية: "لا يستفيد من هذا التخبط إلاّ أعداء الدين الذين يريدون أن تبقى الخلافات ليبقوا هم القدوة ولو على حساب التفرقة بين أبناء هذه الأمة.

لأنّ كثيراً من كتّاب عصرنا لا يزالون يعيشون بعقلية عصور الظلمة، تلك التي استغل ظروفها المندسون في صفوف المسلمين لنشر المفتريات وخلق الأكاذيب.

نعم اولئك الكتّاب فقد جمّدوا على عبارات سلف عاشوا في عصور الظلمة، عصور التطاحن والتشاجر فقلدوهم بدون تفكير أو تمييز حتى اصبحت القضية خارجة عن نطاق الأبحاث العلمية وهي إلى المهاترات أقرب من المناقشات المنطقية.

وكل ذلك من أثر التعصّب المردي والتقليد الأعمى والإدعاء الكاذب، فهم عندما يتناولون موضوع البحث عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بالذات أو بالعرض سواء في المعتقدات أو الآراء الفقهية أو الحوادث التاريخية فلا نجد إلا ما يخالف الحقيقة.


الصفحة 45
وأكثرهم يكتب بلغة الكذب والافتراء والتهم، كل ذلك نتيجة التعصّب البغيض الذي أسر عقولهم وحرمهم حرّية التفّهم للحوادث التاريخية طبقاً لواقعها الذي يجب أن يزول عنه قناع التضليل ويماط عن جوهره غبار الخداع والتمويه".

نتائج بحثه الموضوعي:

بهذه الرؤية الموضوعية قام السيد عبد المحسن السراوي بالبحث والتنقيب والمقارنة بين المذاهب الإسلامية، فأدرك بالتدريج خلال البحث رجحان كفة تراث مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وقوة مبادئة وغزارة معارفه، فلهذا بادر إلى ترك انتمائه السابق إلى مذهب أهل السنة والتحق بركب أهل البيت(عليهم السلام).

تقييمه لمذهب أهل البيت(عليهم السلام):

يقول السيد عبد المحسن مخاطباً أبناء انتمائه السابق: "إنني أود أن الفت نظر أبناء هذه الأمة في هذا العصر إلى رعاية حقوق أمتهم وأن يستعرضوا تاريخ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بدون تعصّب أو تحيّز.

وأن يلحظوا تطوّر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وسيره في طريق التقدّم بما لديه من القوى الحيوية والقدرة على مقاومة الطوارىء وتخطي تلك الحواجز التي وقفت في طريقه ما لو وقف بعضها في طريق غيره من المذاهب لما استطاع أن يخطوا خطوة واحدة لأنّها عوامل قاهرة.

على أن مذهب أهل البيت ليس باستطاعة أي أحد مؤاخذته بشيء في ذاته، فهو موافق لكتاب الله العزيز والسنة المستقيمة والشعور والمتطور والوجدان، وقد وجد العقل السليم فيه بغيته. كما أن باب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه، وقد برهن بغزارة مادته ومرونة أحكامه ودقة بحوثه وسلامة قواعده

الصفحة 46
ونقاوة أصوله وفروعه، على أنه أقوى مصدر للتشريع الإسلامي ويتطور مع الزمن ومع كثرة الحوادث".

عتابه لعلماء أهل السنة:

يقول السيد عبد المحسن: "إنّ من المؤسف أن نرى الكثير ممن كتبوا عن التشريع الإسلامي قد اقتصروا على ذكر المذاهب الأربعة فحسب رغم الخلاف الواسع بينها، ولم يذكروا أقوال أهل البيت وعلمائهم وآرائهم في الفقه والأصول والحوادث التاريخية".

ويضيف: "عذرنا أولئك القوم الذين دونوا الفقه في العصور الغابرة، لأن الخشية من ذكر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) قد أرغمتهم على الإعراض عن ذكره فإن التعرض لذلك إنّما هو تعرض للخطر.

ولكننا نعجب من المتأخرين الذين ساروا على تلك السيرة الملتوية ولم يعطوا مذهب أهل البيت(عليهم السلام) حقه من العناية في البحث ولا يستبعد أن التقليد من حيث هو قد دعاهم لمخالفة الواقع. وإلاّ فما هو المانع من التعّرض لذكر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عندما يكتبون عن التشريع الإسلامي".

موانع الاستبصار:

يرى السيد عبد المحسن أن من أهم العقبات التي تقف مانعاً بين المنتمى إلى مذهب أهل السنة والتعرّف على مذهب أهل البيت هي الموانع التي خلقها بعض علماء أهل السنة لتحول بين اتباع مذهبهم وبين الاحتكاك بمذهب أهل البيت(عليهم السلام).

ويرى كذلك عدم وجود كلفة في معرفة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) سوى قراءة الكتب الموضوعية المدوّنة حول هذا الموضوع، لأنّ هذا الأمر يوفر للباحث المناسبة للوقوف على الحقيقة، والسير في سبيل الهدى عن وعي وبصيرة.


الصفحة 47

مؤلفاته:

(1) "فاطمة الزهراء في الأحاديث النبوية":

صدر عن دار المودة / بيروت سنة 1994 م.

قال المؤلف في المقدمة: "إنه قد سألني بعض الاخوان من أهل الايمان أن أكتب له ما هو المختار من كتب الحديث والسيرة والتاريخ والسير والتراجم في سيرة السيدة فاطمة(عليها السلام) من أيام ولادتها إلى وفاتها.

وجعلته في بابين: الباب الأول في ثمانية فصول...، الباب الثاني في سبعة وعشرين فصلاً".

(2) "مسند الإمام عليّ(عليه السلام)":

قال المؤلف في المقدمة: "رتبته حسب الكتب الفقهية، يبدأ بكتاب الإسلام والايمان والوحي وينتهي بكتاب فضائل الصحابة. وهذا الكتاب الأخير لم ابوبه على اسماء الصحابة بل تركته بدون تفصيل.

ولم ادخل في هذا المسند المعلقات وجمعت فيه الأحاديث المسندة فحسب لأنّها هي التي يمكن أن يجري عليها الحكم تقوية أو تضعيفاً.

وحققت أحاديث المسند ليخرج وفيه الحكم على صحة كل حديث أو ضعفه وبيان علله استناداً إلى علم الجرح والتعديل بالبناء والتشييد لا بالتقليد والمتابعة".

(3) "القطوف الدانية في ستة عشر مسألة خلافية":

صدر عام 1997م عن دار المودة / بيروت.

قال المؤلف في مقدمة الجزء الثاني: "طبع الجزء الأول من كتابنا "القطوف الدانية في المسائل الثمانية" طبعتين. الطبعة الأولى في الشهر التاسع من عام 1993 ونفدت ولله الحمد، والطبعة الثانية في الشهر التاسع 1994 والتي طبعها الأخ الاستاذ عبد الله عدنان المنتفكي وقدم لها مشكوراً.


الصفحة 48
والآن نقدم للقراء الطبعة الثالثة من الكتاب المذكور مع الجزء الثاني بمسائله الثمانية الثانية".

وهذه المسائل الستة عشر هي عبارة عن: المسح على الرجلين في الوضوء، الآذان، الجهر بالبسملة، القنوت، السجود على الأرض، الجمع بين الصلاتين، التكبير على الجنائز، زيارة القبور، صلاة الجماعة، صلاة المسافر، التكتف في الصلاة، ذكر آمين بعد الفاتحة، التشهد في الصلاة، السهو والشك في الصلاة، صلاة الجمعة وشرائط صحة الصوم.

(4) "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم":

صدر عام 1998 م ـ 1418 هـ عن منشورات السراوي.

الكتاب من تأليف تقي الدين أحمد بن علي المقريزي المتوفي سنة 845 هـ وتحقيق السراوي.

يقول المحقق في المقدمة: "وبعد فإنّ الكتاب لمؤلفه العلامة المقريزي، والذي عالج فيه قضية من أدق القضايا التي كان لها أثر واضح في تاريخ الأمة الإسلامية، من خلال شرحه لخمس آيات من القرآن الكريم...

وقد جعل المقريزي من هذه الآيات الخمس مستنداً له في بحثه الذي يدور حول ما يجب لآل البيت(عليهم السلام) من حب المسلمين لهم وتوقيرهم، ونصرتهم، ومودتهم... واعتمد في تفسير هذه الآيات على عمدة المفسرين".

وعن عمله في الكتاب يقول: "خرجت الاحاديث والآثار على الكتب الستة، ثم اتبعتها بباقي الكتب من المسانيد والسنن والصحاح واجزاء الحديث والمعاجم وغيرها.

قد شرحت عقب تخريج الاحاديث أو الاثار، ما يحتاج إلى ايضاح أو بيان أو تعليق، وقد رجعت في بيان الغريب لكتب اللغة، وترجمت للاعلام الذين في الكتاب... وفي نهاية الكتاب وضعت الفهارس الفنية العلمية لتيسير الوصول للأحاديث واستخراجها بأقصر طريق".


الصفحة 49

وقفة مع كتابه: ((القطوف الدانية في ست عشرة مسألة خلافية))

تعرض الكاتب في كتابه إلى المسائل الخلافية بين مذهب أهل البيت(عليهم السلام)والمذاهب الأربعة والتي كثيراً ما يواجهها المهتدي لولاية أهل البيت(عليهم السلام) فيسأل عنها وما الدليل عليها، وقد أثبت الكاتب الرأي الصحيح فيها من أحاديث وأقوال وكتب أهل السنة فضلاً عن كتب الشيعة، وكتابه يدعو إلى الوحدة بين أبناء الأمة من خلال معالجة المسائل الخلافية والوصول بها إلى نتيجة علمية من خلال الأدلة الصحيحة المتفق عليها.

ونورد نحن هنا أهم ما كتبه في مسألتين من هذه المسائل كنموذج لعدم امكان ايراد جميع المسائل.

الأولى: الجمع بين الصلاتين:

لا خلاف بين المسلمين قاطبة في جواز الجمع بعرفة وقت الظهر بين فرضي الظهر والعصر كما لا خلاف بينهم في جواز الجمع في المزدلفة وقت العشاء بين فرضي المغرب والعشاء واختلفوا فيما عدا ذلك.

فالمذاهب الأربعة ومن تبعهم اختلفوا اختلافاً كبيراً في ذلك، فإليك صورة عن الخلاف المتشعب.

منهم من جوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً بعذر السفر(1).

____________

1- عند مالك والشافعي وأحمد.