"وبدعتهم (أي الخوارج) في الإمامة: إذ جوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش، وكل من نصبوه برأيهم، وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل، واجتناب الجور، كان إماماً، ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه، وإن غيّر السيرة، وعدل عن الحق، وجب عزله أو قتله، وهم أشد الناس قولا بالقياس، كما جَوّزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا، وإن أحتج إليه فيجوز أن يكون عبداً أو حراً أو نبطياً أو قرشياً(3).
وقال ضرار بن عمرو(4)، إذا اجتمع حبشي وقرشي، كلاهما قائم بالكتاب والسنة، فالواجب أن يقدم الحبشي، لأنه أسهل لخلعه، إذا حاد عن الطريقة(5).
هذا ويلخص "ابن أبي الحديد" في "شرح نهج البلاغة"(6) آراء الفرق المختلفة في كون "الأئمة من قريش" بقوله: اختلف الناس في اشتراط النسب القرشي في الإمامة، فقال قوم من قدماء أصحابنا (أي المعتزلة): إن النسب ليس شرطاً فيها أصلا، وأنها تصلح في القرشي وغير القرشي، إذا كان فاضلا مستجمعاً للشرائط المعتبرة، واجتمعت الكلمة عليه، وهو قول الخوارج.
____________
1- ذهب النظام والخوارج ونشوان الحميري وبعض الحشوية، أنها تصح في جميع الناس مطلقاً فرق في ذلك بين عربي وعجمي وزنجي (المذهب الزيدي: 43).
2- الشهرستاني: الملل والنحل: 1 / 116 (ط الحلبي ـ القاهرة 1387هـ ـ 1968).
3- الشهرستاني: الملل والنحل: 1 / 116 (ط الحلبي ـ القاهرة 1387هـ ـ 1968).
4- ضرار بن عمرو: من رجال منتصف القرن الثاني الهجري، اختلف في نسبه إلى المعتزلة، فابن الرواندي يثبت أنه من المعتزلة، والخياط ينفي ذلك وأنه كان تلميذاً لواصل بن عطاء، ثم انصرف عنه وأسس "الضرارية"، وأنه كان حيّاً حوالي عام 180م.
5- ابن حزم الأندلسي: الفصل في الملل والأهواء والنحل: 4 / 108 (ط محمد علي صبيح ـ القاهرة 1384هـ ـ 1964م).
6- نهج البلاغة: 9 / 77 ـ 88 (دار الفكر ـ بيروت 1967).
وقال بعض أصحابنا (المعتزلة): معنى الخبر أنه لا تخلو قريش أبداً ممن يصلح للإمامة، فأوحوا بهذا الخبر: أن هناك من يصلح للإمامة من قريش في كل عصر وزمان.
وقال معظم الزيدية: إنها في الفاطميين خاصة من الطالبيين، لا تصلح في غير البطنين (أبناء الحسن والحسين)، ولا تصلح إلاّ بشرط أن يقوم بها، ويدعو بها، ويدعو إليها، فاضل، زاهد، عالم، شجاع، سائس، هذا ومعظم الزيدية يجيز الإمامة في غير الفاطميين، من ولد علي(عليه السلام)، وهو من أقوالهم الشاذة.
وأما الرواندية فقد خصصوها للعباس بن عبدالمطلب، رحمه الله، من بين بطون قريش كلّها، وهذا القول ظهر في أيام الخليفة العباسي "المنصور" (136 ـ 158هـ / 754 ـ 775م) ثم المهدي (158 ـ 169هـ / 775 ـ 785م).
وأما الشيعة الإمامية، فقد جعلوها سارية في ولد مولانا الإمام الحسين بن علي ابن أبي طالب(عليه السلام)، في أشخاص مخصوصين، لا تصلح عندهم لغيرهم.
على أن الكيسانية إنما قصروها على "محمد بن الحنفية" ابن الإمام علي بن أبي طالب، من السيدة خولة بنت جعفر من بني حنيفة، ثم في ولده، ومنهم من نقلها منه إلى ولد غيره(1).
على أن آل بيت النبي(صلى الله عليه وآله)، إنما كان رأيهم أن الخلافة يجب أن تكون في بيت النبوة، والمقدم فيهم، سيدنا الإمام علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، وكرم الله وجهه في
____________
1- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: 9 / 86 (بيروت 1967).
وأما حصر الإمامة في الإمام علي وولده، فلقد أشرنا من قبل أن السنة حصرت الإمامة في قريش، دون غيرهم، وقالت الشيعة: أنه ما دام الأمر كذلك، فبيت النبي(صلى الله عليه وآله)، هو أفضل بيوت قريش قاطبة، ولولاه لم يكن لها هذا الشأن، بل لولا محمد وآله، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لم يكن للعرب تأريخ أو ذكر(1).
روى الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الفضائل): حدثنا مُحمد بن مَهْران الرازي، ومحمد بن عبدالرحمن بن سهم، جميعاً عن الوليد قال ابن مَهْران، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد، أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم"(2).
وأما حصرالأئمة في 12، فقد كانت تلك رواية الشيخين (البخاري ومسلم)(3).
ويذهب السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ـ إلى أن المقصود بالخلفاء أو الأمراء الاثنى عشر، إنما هم الأئمة الاثنى عشر (من الإمام علي وحتى الإمام المهدي الحجة)(4) والسبب في ذلك الأحاديث الشريفة ـ الآنفة الذكر ـ لا تنطبق على الخلفاء الراشدين الأربعة ـ أو حتى الخمسة بانضمام الإمام الحسن بن علي(عليهما السلام)، إليهم ـ لكونهم أقل عدداً، أو خلافة من سواهم من بني أمية أو بني
____________
1- محمد جواد مغنية، الشيعة في الميزان: 37 ـ 38.
2- صحيح مسلم: 15 / 36.
3- صحيح البخاري: 9 / 101، صحيح مسلم: 12 / 202 ـ 203.
4- الأئمة الاثني عشر وهم: الإمام علي بن أبي طالب ـ الإمام الحسن بن علي ـ الإمام الحسين بن علي ـ الإمام علي زين العابدين ـ الإمام محمد الباقر ـ الإمام جعفر الصادق ـ الإمام موسى الكاظم ـ الإمام علي الرضا ـ الإمام محمد الجواد ـ الإمام علي الهادي ـ الإمام الحسن العسكري ـ الإمام الحجة بن الحسن العسكري.
ومن ثم فالرأي عند الشيعة الإمامية ـ أو الاثني عشرية ـ إنما يراد بهؤلاء الاثني عشر أميراً أو خليفة، عترة النبي(صلى الله عليه وآله)، أولهم سيدنا الإمام علي، وآخرهم المهدي الحجة بن الحسن العسكري(عليهم السلام)(1).
الإمامة عند الشيعة الامامية:
يوضّح الكاتب ما يراه الشيعة في هذا المجال، فينقل من أقوال أئمتهم ممّا ورد في كتبهم، فيقول:
يقول سيدنا الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) (148 ـ 203هـ /765 ـ 818م): "إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين، إن الإمام أسّ الإسلام النامي، وفرعه السامي، وبالإمام توفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، وهو الأمين الرفيق، والوالد الرقيق، والأخ الشفيق، ومَفْزع العباد، أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، وخليفته في بلاده، الداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله، عز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين"(2).
____________
1- السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي: فضائل الخمسة من الصحاح الستة: 2 / 25 ـ 26 (مؤسسة الأعلمي ـ بيروت 1393هـ / 1973م).
2- السيد حسين يوسف مكي: عقيدة الشيعة في الإمام الصادق وسائر الأئمة ص38 ـ 39 (دار الزهراء ـ بيروت 1407هـ / 1987م) الكليني: كتاب أصول الكافي ص96 ـ 97 (فارس 1281هـ)، عطية مصطفى مشرفة: نظام الحكم بمصر في عصر الفاطميين (358 ـ 567هـ / 968 ـ 1271م) ص77، دار الفكر العربي ـ القاهرة 1367هـ / 1948م).
"الإمام البدر المنير، والسراج الظاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي... الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم... معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعبادة، مخصوص بدعوى الرسول، ونسل المطهرة البتول... فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده، وشاهد على خلقه"(1).
ويقول الإمام أبو عبدالله جعفر الصادق(عليه السلام) (80 أو 83هـ / 699 أو 703م ـ 148هـ / 765م): "إن الله ـ عزوجل ـ أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل، إن زاد المؤمنين شيئاً ردهم، وإن نقصوا شيئاً أتمهم، وهو حجة الله على عباده"(2).
والإمامة ـ عند الشيعة الإمامية ـ رياسة عامة في أمور الدين والدنيا، لشخص من الأشخاص، نيابة عن النبي(صلى الله عليه وآله)(3)، ومن ثم فإن الناس متى كان لهم
____________
1- الكليني: كتاب أصول الكافي: 84 ـ 86.
2- انظر: الجزائري، المبسوط في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص9 (ط الحيدرية ـ النجف 1954م)، البرسي: مشارق أنوار اليقين ص162 (دار الفكر ـ بيروت 1384هـ).
3- الطوسي، تلخيص الشافي: 1 / 201 (النجف 1965م).
وترى الشيعة الإمامية أن النبوة لطف(2)، ولما كانت الإمامة لطفاً(3)، فلذلك كل ما دل على وجوب النبوة، فهو دال على وجوب الإمامة، خلافة عن النبوة، قائمة مقامها، إلاّ من تلقى الوحي الإلهي بلا واسطة(4).
وترى الشيعة الإمامية أيضاً أن الإمامة عهد من الله إلى الأئمة، وتستدل على ذلك بقول مولانا الإمام جعفر الصادق(رضي الله عنه): "أترون أن الوصي منا، يوصي إلى من يريد؟، ولكنه عهد رسول الله ورسوله لرجل فرجل، حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه"(5).
هذا وترى كذلك أن الإمامة بالنص من الله ورسوله، وأن الأئمة منصوص عليهم(6).
وهكذا استعرض الكاتب هذين المصطلحين (أهل البيت والإمامة) وعرض آراء الفرق الإسلامية في ذلك وناقشها، ووضّح ما يراه صحيحاً ـ وهو ما يقوله الشيعة ـ واستدل على ذلك باستدلال لطيف وموجز.
____________
1- المفيد: النكت الاعتقادية ص39 (بغداد 1343هـ).
2- المفيد، النكت الاعتقادية ص47، المرتضى، الشافي ص2، الطوسي، فصول العقائد: 36.
3- السيوري، النافع يوم الحشر ص62 (قم 1367هـ).
4- الكليني، الكافي: 1 / 227.
5- نبيلة عبد المنعم داود: نشأة الشيعة الإمامية ـ بغداد 1968 ص311 ـ 312.
6- الجويني، الغياثي: 27 ـ 30.
(9) محمد التيجاني
(مالكي / تونس)
اعتمد الدكتور التيجاني على العقل السليم والفهم القويم، ثمّ شدّ الرحال في دنيا المعتقدات وفي خضم المدارس المذهبية والفلسفات الدينية، من أجل تمحيص الحق ومعرفته بين ركام الباطل، فوزن الأقوال بميزان العدل ليرجح كفة المعقول، وقارن الكلام والأحاديث ليتبين له المنطقي من اللامعقول والقوي من المهزول، وبذل أقصى جهده لمعرفة الحق، فتلقته الالطاف الإلهية وشملته التسديدات الربانية، فأنارت قلبه ليرى الحق حقاً لا غبار عليه وليرى الباطل باطلا لا لبس فيه، ثم شرح الباري صدره وهداه سواء السبيل، ثم وفّقه ليكون سبباً في هداية جمع غفير، قرؤوا كتبه واستمعوا إلى محاضراته فزالت عن بصيرتهم الحجب الداكنة وعرفوا السبيل إلى الطريق الآمنة.
المولد والنشأة:
ولد الدكتور التيجاني السماوي عام 1943م بمدينة قفصة الواقعة في جنوب دولة تونس، درس العلوم الدينية والعلوم الحديثة في بلاده، وانهى دراسته في جامعة الزيتونة العريقة في القدم، عمل في سلك التدريس 17 عاماً، حصل على شهادة الماجستير من جامعة باريس وكانت اطروحته التي قدّمها حول
نشأ وترعرع في أوساط عائلة متدينة منتمية إلى المذهب المالكي ومتشربة بالطريقه الصوفية التيجانية المنتشرة في شمال أفريقيا.
انتهز الأجواء الدينية المحيطة له لينال اسمى درجات التكامل العلمي والمعرفي والديني في أقصر مدة ممكنة، فحفظ نصف القرآن وهو بعد لم يبلغ العاشرة من عمره، وقد تشرّف بحج بيت الله الحرام وله من العمر ثمانية عشر عاماً.
بداية اثارة التساؤلات حول العقيدة الموروثة:
التقى الدكتور التيجاني خلال اقامته في مكة اثناء أداء فريضة الحج بمجموعة من العلماء الوهابيين واستمع إلى محاضراتهم فانجذب إلى جملة من أفكارهم وتأثر ببعض مبادئهم التي نالت اعجابه.
لكنه بعد العودة إلى بلده وجد أن ما حمل معه من الفكر الوهابي يتناقض ويصطدم مع الطقوس الصوفية، فاعترته حالة من التشويش الفكري ونشأ في نفسه صراعاً سلب منه حالة الاعتدال والتوازن، فبقي متحيراً بين الأخذ بعقيدة تعتبر التوسل بغير الله شرك وبين الطريقة الصوفية التي فيها يتم التقرب إلى الله عن طريق التوسل بالأولياء الصالحين.
وكان دأب الدكتور التيجاني هو كثرة السفر لا سيما خلال العطل الصيفية، فصادف ذات يوم خلال سفره من الاسكندرية إلى بيروت أن تعرّف في الباخرة على شخص عراقي وهو استاذ في جامعة بغداد اسمه منعم، وقد جاء إلى القاهرة لتقديم اطروحة الدكتوراه في الأزهر.
فدار بينهما حديث طويل أدى إلى توثيق العلاقة بينهما، وتحدث معه
ثمّ دعاه الاستاذ منعم لزيارة العراق للاتصال بعلماء الشيعة، وتعهّد له بتكفل جميع نفقات سفره ذهاباً وإياباً، وذكر له أن اقامته بالعراق ستكون معه في بيته.
ففرح الدكتور التيجاني بهذا العرض وجعل في قرارة نفسه أن يلبّي دعوة الاستاذ في أوّل فرصة ممكنة.
سفر الدكتور التيجاني إلى العراق:
وبالفعل تحققت امنية التيجاني لرؤية عاصمة الدولة العباسية، فسافر إلى العراق ونزل ضيفاً عند الاستاذ منعم، ثم التقى هناك بكبار علماء الشيعة في مدينة النجف الأشرف كالسيد الخوئي والشهيد الصدر والكثير من الاساتذة.
فانكشف له خلال ذلك قلة مستوى المامه بالتاريخ الاسلامي، وعرف أن سبب ذلك هو أن الاساتذة والمعلمين الذين تتلمذ على أيديهم كانوا يمنعونه من قراءة التاريخ مدّعين بأنه تاريخ أسود مظلم لا فائدة من قراءته.
كما تبيّن للدكتور التيجاني أن جميع الصور السلبية التي كان يعتقد بها عن الشيعة ليست إلاّ إشاعات وإدعاءات باطلة وأنّ التشيّع يحمل فكراً منطقياً يدخل العقول بدون استئذان، ثمّ تحاور عدّة مرّات مع صديقه الاستاذ منعم، فيقول الدكتور التيجاني في وصفه لهذه الحوارات: "كان كلامه يطرق سمعي وينفد إلى قلبي ويجد في نفسي صدىً إيجابياً".
وكان لكلام السيد الخوئي مع الدكتور حول التشيّع وقع خاص، فيقول الدكتور في ذلك: "بقيت اُفكر في أقواله وأنا مطرق أحلل واتذوق هذا الحديث المنطقي الذي نفذ إلى اعماقي وازال غشاوة عن بصري".
ويقول الدكتور التيجاني عن لقائه بالشهيد محمد باقر الصدر وأجوبته حول الاستفسارات التي كانت تدور في خاطره: "كانت اجوبة السيد محمد باقر الصدر
الانفتاح على كتب الشيعة:
بعد رجوع الدكتور التيجاني إلى أرض الوطن فوجىء عند دخوله إلى المنزل بكثرة الكتب التي بعثها علماء وفضلاء الشيعة الذين أخذوا عنوانه ووعدوه بارسال الكتب إليه.
ففرح بهذه الهدية الثمينة ونظم الكتب في مكتبته ثمّ بدأ بمطالعة الكتب المرسله له، فقرأ كتاب (عقائد الإمامية) و(أصل الشيعة واُصولها) فارتاح ضميره لتلك العقائد التي يرتئيها الشيعة، ثمّ قرأ كتاب (المراجعات) للسيد شرف الدين الموسوي، ولم يقرأ منه بضع صفحات حتى استهواه هذا الكتاب وانشد إليه انشداداً لا يوصف حيث يقول الدكتور التيجاني عن انطباعه في هذا المجال: "كان الكتاب بحق يمثّل دوري كباحث يفتش عن الحقيقة ويقبلها أينما وجدت، وعلى هذا كان الكتاب مفيداً جداً وله فضل عليّ عميم".
وكان من أهم المقاطع التي ادهشته في هذا الكتاب هي عدم امتثال الصحابة لأوامر الرسول في عدّة مواقف والتي منها حادثة رزية يوم الخميس، فيقول الدكتور: "لم أكن أتصور أن سيدنا عمر بن الخطاب يعترّض على أمر رسول الله ويرميه بالهجر، وظننت بادئ الأمر أن الرواية من كتب الشيعة، وازدادت دهشتي عندما رأيت العالم الشيعي ينقلها من صحيح البخاري وصحيح مسلم، وقلت في نفسي: إن وجدت هذا في صحيح البخاري فسيكون لي رأي".
فلمّا وقع كتاب البخاري بيده جعل يتصفحه باحثاً فيه عن رزية يوم الخميس متمنياً أن لا يعثر عليها، فيقول: "ورغم أنفي وجدتها وقرأتها مرّات عديدة فكانت كما نقلها السيد شرف الدين وحاولت تكذيب الحادثة برمتها واستبعدت أن يقوم سيدنا عمر بذلك الدور الخطير ولكن أنى لي تكذيب ما ورد في
بداية التوجه إلى البحث الجاد:
أدرك الدكتور التيجاني أنه بحاجة إلى دراسة معمقة وبحث جاد في رحاب العقيدة ليتمكّن من الوصول إلى الحقيقة، كما أدرك أن الأمر هذا لا يتحقق إلاّ بالاعتماد على الأحاديث الصحيحة والابتعاد عن المؤثرات العاطفية والتعصّبات المذهبية والنزعات القومية أو الوطنية.
فخاض في هذا المضمار بروح بناءه وعقلية منفتحة محاولا عدم التهرّب من الحقيقة وعدم محاولة طمسها عندما لا تتماشى مع ميوله وأهوائه وأغراضه، فواجه نصوصاً صريحة قلبت عنده الموازين، ثمّ أدرك الحق الذي لا يصل إليه إلاّ الذي يتحرر عن تعصّبه الأعمى وكبريائه وينصاع للدليل الواضح.
الشك والحيرة ثمّ الاستبصار:
بقي الدكتور التيجاني متحيّراً لفترة تتجاذبه الأفكار وتموج به الظنون والأوهام، خائفاً من مواصلة البحث لا سيّما حول تاريخ الصحابة خشية أن يقف على بعض المفارقات المذهلة في سلوكهم، فاستغفر الله مرّات عديدة ثمّ قرّر عدم مواصلة البحث، لكن دفعه حرصه على بلوغ الحقيقة إلى أن يقحم نفسه في البحث والتتبّع في مجال العقيدة ليكون على بصيرة من أمره.
واستمر في بحثه مقتحماً جميع العقبات التي كانت تعتري سبيله حتى أشرقت له الحقيقة، فأبدل أفكاراً متحجّرة متعصّبة تؤمن بالتناقضات بأفكار نيّرة متحرّرة ومنفتحة تؤمن بالدليل والحجّة والبرهان.
فيقول في هذا الجانب: "غسلت دماغي من أوساخ رانت عليها ـ طوال ثلاثين عاماً ـ أضاليل بني أمية، وطهّرته بعقيدة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً".
وصف حالة الاستبصار
يقول الدكتور التيجاني حول استبصاره: "كان التحوّل بداية السعادة الروحية، إذ أحسست براحة الضمير وانشرح صدري للمذهب الحقّ الذي اكتشفته أو قل للإسلام الحقيقي الذي لا شكّ فيه، وغمرتنى فرحة كبيرة واعتزاز بما أنعم الله عليّ من هداية ورشاد.
ولم يسعني السكوت والتكتم على ما يختلج في صدري، وقلت في نفسي: لابد لي من افشاء هذه الحقيقة على الناس (وأما بنعمة ربك فحدّث) وهي من أكبر النعم، أو هي النعمة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة".
ويضيف قائلا: "والذي زاد شعوري يقيناً لنشر هذه الحقيقة هو براءة أهل السنة والجماعة الذين يحبّون رسول الله وأهل بيته ويكفي أن يزول الغشاء الذي نسجه التاريخ حتّى يتّبعون الحقّ".
مؤلفاته:
(1) ثم اهتديت:
طبع عشرات الطبعات في بريطانيا ولبنان وايران و...
وسيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية بتحقيق جديد وتعليقات وردّ على الشبهات التي أثيرت حوله مع إضافات للمؤلّف، وذلك ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
ذكر المؤلف في تعريفه لهذا الكتاب: "هو قصة رحلة، قصة اكتشاف جديد، ليس اكتشافاً في عالم الاختراعات التقنية أو الطبيعية، ولكن في دنيا المعتقدات في خضم المدارس المذهبية والفلسفات الدينية".
وبيّن المؤلف في بداية الكتاب لمحة وجيزة عن حياته، ثم ذكر كيفية استبصاره
وقد كان هذا الكتاب سبباً في استبصار الكثير من الناس واعتناقهم لمذهب أهل البيت(عليهم السلام). فلهذا ترجم هذا الكتاب إلى العديد من اللغات منها:
(1) الأردو: ترجمه روشن علي صاحب نجفي، وصدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(2) الانجليزية: صدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(3) الفرنسية: صدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(4) التركية: ترجمة حسن يلدرم، وصدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(5) الفارسية: ترجمة السيد محمد جواد المهري، وصدر عن مؤسسة المعارف الاسلامية، وطبعت الترجمة حتى سنة 1997م عشرين طبعة.
(6) السواحلية: ترجمة موسى باه شعبان ما پيندا، وصدر في تنزانيا سنة 1420هـ.
(2) لأكون مع الصادقين:
طبع عدّة مرّات، وكانت طبعته الثانية عن المؤسسة الجامعية للدراسات الاسلامية سنة 1993م.
سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية بتحقيق جديد وتعليقات وردّ على الشبهات التي أُثيرت حوله، وذلك ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
ويحتوي هذا الكتاب على أربعة فصول:
الفصل الأول: القرآن عند السنة والشيعة الإمامية.
الفصل الثاني: السنة النبوية عند السنة والشيعة الإمامية.
الفصل الثالث: العقائد عند الشيعة والسنة.
الفصل الرابع: العقائد التي يشنع بها أهل السنة على الشيعة.
ترجم هذا الكتاب إلى عدّة لغات منها:
(1) الفارسية: ترجمة السيد محمد جواد المهري وصدر عن مؤسسة المعارف الاسلامية وصدر منه حتى 1996م ثماني طبعات.
(2) الانجليزية: ترجمة حسن نجفي وصدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(3) الأردوية: ترجمة روشن علي صاحب، وصدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(4) التركية: صدر عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(3) فأسألوا أهل الذكر:
طبع عدّة مرّات، وصدر في إيران عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
وسيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية بتحقيق جديد وتعليقات وردّ على الشبهات التي أُثيرت حوله، وذلك ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب: "اقدم كتابي هذا (فاسألوا أهل الذكر) وهو
وهذه الأسئلة اعددتها للمسلمين الباحثين خاصة منهم أهل السنة الذين يظنون أنهم هم وحدهم المتمسكون بالسنة النبوية الصحيحة، بل ويشدّدون نكيرهم على غيرهم من المسلمين وينبزونهم بالألقاب".
ويحتوي هذا الكتاب على ثمانية فصول تدور حول:
ـ الخالق جلّ جلاله.
ـ الرسول(صلى الله عليه وآله).
ـ أهل البيت(عليهم السلام).
ـ الصحابة عامة.
ـ الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان.
ـ الخلافة.
ـ الحديث الشريف حسبما جاء في صحاح أهل السنة.
ـ الصحيحين (البخاري ومسلم).
ترجم هذا الكتاب إلى عدّة لغات منها:
(1) الانجليزية: صدرت عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
(2) الأردوية: صدرت عن مؤسسة انصاريان ـ قم حتى سنة 1417هـ. ثلاثة طبعات وترجمه نثار أحمد زين پورى.
(3) التركية: صدرت عن مؤسسة انصاريان ـ قم سنة 1998 وترجمه جواد اسلامي.
(4) الفارسية: صدرت عن مؤسسة المعارف الاسلامية وحتى سنة 1375هـ. طبع منها اربع طبعات.
(4) الشيعة هم أهل السنة:
طبع عدّة مرّات، وصدر في ايران عن مؤسسة انصاريان ـ قم.
وسيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية بتحقيق جديد وتعليقات وردّ على الشبهات التي أثيرت حوله، وذلك ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
ذكر المؤلف في المقدمة: "هذا الكتاب الذي اضعه بين يدي المسلمين الباحثين، والذي يدور في فلك الكتب الثلاثة السابقة عسى ان ينتفع بها بعض المثقفين والباحثين عن الحق ليعلموا أن الفرقة المستهدفة والتي تسمّى بـ "الشيعة الإمامية" هي الفرقة الناجية، وأنهم ـ أي الشيعة ـ هم أهل السنة الحقيقية وأقصد بالسنة الحقيقة السنة المحمدية التي صدع بها نبيّ الإسلام بوحي من رب العالمين".
وقد تطرّق الدكتور التيجاني في هذا الكتاب إلى مواضيع عديدة منها:
ـ الشيعة وأهل السنة وأسباب الفرقة والخلاف.
ـ السنة النبوية بين الحقائق والأوهام.
ـ السرّ في انتشار المذاهب السنّية.
ـ حديث الثقلين عند الشيعة والسنة.
ـ التقليد والمرجعية عند الشيعة والسنة.
ـ أئمة أهل السنة والجماعة وأقطابهم.
ـ الصحابة عند الشيعة وعند السنة.
ـ مع الدكتور الموسوي و"التصحيح".
ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات منها:
(1) الأردوية: صدرت عن مؤسسة انصاريان سنة 1993 وترجمه نثار أحمد زين پورى.
(2) الانجليزية: صدر عن مؤسسة انصاريان سنة 1995، وترجمه حسن
(3) الفارسية: صدر عن مؤسسة المعارف الاسلامية وحتى سنة 1376 طبعت خمس مرّات، وترجمها عباس علي براتي.
(5) اتقوا الله:
صدر عن دار المجتبى، بيروت 1414هـ ـ 1993م.
وهو عبارة عن محاورة يدور معظمها في بحث الإمامة واحقية الإمام عليّ(عليه السلام)ومن ثم أهل البيت(عليهم السلام).
وقد جاء في مقدمة الناشر: "هذه محاورة جرت بين الدكتور محمد التيجاني السماوي في تونس مع بعض علماء السنة.
وحرصاً منا على ايصال الفكر إلى كل من يهمه التفكير والتدقيق قمنا بعونه تعالى بتحقيقها واثبات مصادرها بشكل مفصّل كي يزول أي التباس".
ترجمه إلى اللغة الفارسية لطيف راشدي وصدر عن انتشارات قدس ـ قم.
(6) اعرف الحق:
صدر في طبعته الاُولى سنة 1418هـ ـ 1997م عن دار المجتبى وصدر في طبعته الثانية سنة 1999م ـ 1420هـ. عن مكتبة باب الحوائج ـ قم.
جاء في مقدمة الناشر: "هذا الكتاب... هو حوار شيق ذا قيمة علمية بين الدكتور التيجاني وبعض الأخوة المتعطّشين للحق.
وقد قمنا بذكر المصادر الاساسية كي يسهل على الباحث الوصول إلى مبتغاه بأفضل الطرق".
(7) كل الحلول عند آل الرسول:
صدر سنة 1416هـ ـ 1995م عن دار المجتبى ـ بيروت.
يقول المؤلّف في المقدّمة: "كتاب (كل الحلول عند آل الرسول) الذي حاولت فيه جهدي تجنب القضايا الحساسة التي تثير حفيظة البعض وتستفزهم،