الصفحة 340
أيوب في بعض دور الهاشميين، فجمعنا اليه ثلاثين نفساً من شيوخ البصرة، فدخلنا اليه وسلمنا عليه وقلنا: إنك قاتلت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببدر وأُحد المشركين والآن جئت تقاتل المسلمين؟ فقال: والله لقد سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنك تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) قلنا: الله انك سمعت (ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الله لقد سمعت يقول ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلنا فحدثنا بشيء سمعته) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي، قال: سمعته يقول: علي مع الحق والحق معه، وهو الامام والخليفة بعدي، يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وإبناه الحسن والحسين سبطاي من هذه الاُمة إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، والأئمة بعد الحسين تسعة من صلبه، ومنهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمت في أوله، يفتح حصون الضلالة.

قلنا فهذه التسعة من هم قال: هم الأئمة بعد الحسين، خلف بعد خلف، قلنا: فكم عهد اليك رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ أن يكون بعده من الأئمة؟ قال: اثنا عشر، قلنا: فهل سماهم لك؟ قال: نعم، انه قال (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فاذا هو مكتوب بالنور لا إله إلاّ الله محمد رسول الله أيدته بعلي، ونصرته بعلي، ورأيت أحد عشر إسماً مكتوباً بالنور على ساق العرش بعد علي، منهم الحسن والحسين علياً علياً علياً ومحمداً ومحمداً وجعفر وموسى والحسن والحجة، قلت: إلهي (وسيدي) من هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماءَهم باسمك؟ فنوديت: يامحمد هم الأوصياء بعدك والأئمة، فطوبى لمحبيهم، والويل لمبغضيهم.

قلنا: فما لبني هاشم؟ قال: سمعت؟ يقول: أنتم المستضعفون من بعدي، قلنا: فمن القاسطون والناكثون والمارقون؟ قال: الناكثون الذين قاتلناهم، وسوف نقاتل القاسطين والمارقين، فاني والله لا أعرفهم غير أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: في الطرقات بالنهروانات، قلنا: فحدثنا ياحسين ما سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال:


الصفحة 341
سمعته يقول: مثل المؤمن عند الله عزّوجلّ كمثل ملك مقرب، فان المؤمن عند الله أعظم من ذلك، وليس شيء أحب إلى الله عزّوجلّ من مؤمن من تائب أو مؤمنة تائبة (قلنا: زدنا يرحمك الله، قال: نعم سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يتم الايمان إلاّ بولايتنا أهل البيت) قلنا زدنا يرحمك الله، قال: نعم سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: من قال لا إله إلاّ الله مخلصاً فله الجنة، قلنا: زدنا يرحمك الله، قال: نعم سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: من كان مسلماً فلا يمكر ولا يخدع، فاني سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول: المكر والخديعة في النار، قلنا: جزاك الله عن نبيك وعن الاسلام خيرا(1).

8511/49 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه ركب بعد انفصال الأمر من حرب البصرة، فصار يتخلّل بين الصفوف حتى مرّ على كعب بن سودة، وكان هذا قاضي البصرة، ولاّه إياها عمر بن الخطاب، فأقام بها قاضياً بين أهلها زمن عمر وعثمان، فلما وقعت الفتنة بالبصرة علّق في عنقه مصحفاً وخرج بأهله وولده يقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقتلوا بأجمعهم ـ فوقف (عليه السلام) عليه وهو صريع بين القتلى، فقال: اجلسوا كعب بن سودة فأجلس بين نفسين فقال: ياكعب بن سودة قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقاً؟ ثم قال: أضجعوا كعباً، وسار قليلا فمرّ بطلحة بن عبدالله صريعاً، فقال: اجلسوا طلحة، فأجلسوه، فقال: ياطلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟ ثم قال: أضجعوا طلحة، فقال له رجل من أصحابه: ياأمير المؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك؟ فقال: يارجل فوالله لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).


بيـان:

وهذا من الأخبار الدالة على أن بعض من يموت تردّ اليه روحه لتنعيمه أو لتعذيبه، وليس ذلك بعام في كل من يموت.


____________

1- كفاية الأثر: 114، البحار 36:324.

2- البحار 6:255، كتاب الجمل باب طواف أمير المؤمنين (عليه السلام) على القتلى: 391.


الصفحة 342
8512/50 ـ محمد بن جرير بن رستم الطبري، أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن مخزوم المقرئ (المسفري) مولى هاشم، قال: حدثنا عبيد بن كثير بن عبدالواحد العامري التمار بالكوفة، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن مسلمة بن كهيل، عن المسيب بن نجبة، قال: لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيداً للعرب، وأن يرسم عليهم أن يحملوا العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف على ظهورهم حول الكعبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم قوم.

فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فاكرموه وإن خالفكم. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فمن أين لك أن تفعل بقوم كرماء ما ذكرت، إن هؤلاء قوم ألقوا اليكم السلم، ورغبوا في الاسلام، ولابد من أن يكون لي منهم ذرية، وأنا أشهد الله وأشهدكم اني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله، فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا لك، فقال: اللهم اشهد واني قد أعتقت جميع ما وهبونيه من نصيبهم لوجه الله، فقال المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقنا لك ياأخا رسول الله، فقال: اللهم اشهد أنهم وهبوا حقهم وقبلته، واشهد لي بأني قد أعتقتهم لوجهك.

فقال عمر: لم نقضت عليّ عزمي في الأعاجم؟ وما الذي رغبّك عن رأيي فيهم؟ فأعاد عليه ما قال رسول الله في إكرام الكرماء، وما هم عليه من الرغبة في الاسلام، فقال عمر: قد وهبت لله ولك ـ ياأبا الحسن ـ ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) اللهم اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إياهم.

فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام)

الصفحة 343
هؤلاء لا يكرهن على ذلك ولكن يخيّرن، فما اخترنه عمل به، فأشار جماعة إلى شهر بانويه بنت كسرى، فخيرت وخوطبت من وراء حجاب، والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك؟ وهل أنت تريدين بعلا؟ فسكتت.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد أرادت، وبقي الاختيار.

فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل؟

فقال أمير المؤمنين: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت، أمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل؟ فان استحيت وسكتت جعل رضاها سكوتها وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا لم تكره على ما تختاره.

وإن شهر بانويه اُريت (بعد أن فهمت) الخطاب وأومأت بيدها، وأشارت إلى الحسين بن علي، فأعيد القول عليها في التخيير فأشارت بيدها فقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيّرة، وجعلت أمير المؤمنين وليها، وتكلم (فخطب) حذيفة بالخطبة، فقال أمير المؤمنين ما اُسمك؟ قالت: شاه زنان، فقال: نه شاه زنان نيست مگر دختر محمد، وهي سيدة النساء، وأنت شهر بانويه، وخيرت اُختها مرواريد فاختارت الحسن بن علي (عليه السلام) (1).

8513/51 ـ جيء ببنات الملك الثلاث فوقفن بين يديه ـ أي عمر ـ وأمر المنادي أن يناد عليهن وأن يزيل نقابهن عن وجوههن، ليزيد المسلمون في ثمنهن، فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادي في صدره، فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرة وهن يبكين، فقال له علي (رضي الله عنه): مهلا ياأمير المؤمنين فاني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ارحموا عزيز قوم ذَل وغني قوم افتقر، فسكن غضبه، فقال له علي: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة، فقال له عمر: كيف الطريق إلى

____________

1- دلائل الامامة (للطبري): 194 ح111، البحار 46:15، مناقب ابن شهر آشوب باب إمامة أبي عبدالله (عليه السلام) 4:161، مستدرك الوسائل 8:395 ح9780، العدد القوية: 56 ح74.


الصفحة 344
العمل معهن؟ فقال: يقومن ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن، فقومن وأخذهن علي(رضي الله عنه)، فدفع واحدة لعبدالله بن عمر فجاء منها بولده سالم واُخرى لمحمد بن أبي بكر فجاء منها بولده القاسم، والثالثة لولده الحسين فجاء منها بولده علي الملقب بزين العابدين(1).

8514/52 ـ ابن شهر آشوب: روى ابن مردويه بخمسة عشر طريقاً أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في حرب صفين: والله ما وجدت من القتال بداً أو للكفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله) (2).

8515/53 ـ المفيد: روى عمار الدهني، عن أبي صالح الحنفي، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) في منامي، فشكوت اليه ما لقيت من اُمته من الأوِد واللدد وبكيت، فقال: لا تبك ياعلي فالتفت فاذا رجلان مصفدان وإذا جلاحيد ترضخ بها رؤسهما، قال أبو صالح: فغدوت اليه من الغد كما كنت أغدو اليه كل يوم حتى إذا كنت في الجزارين لقيت الناس يقولون قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) (3).

8516/54 ـ الشيخ المفيد، حدث به شبابة بن سوار، عن أبي بكر الهذلي، قال: سمعت رجلا من علمائنا يقول: تكاتبت الأعاجم من أهل الهمدان وأهل الري واصبهان وقومس ونهاوند، وأرسل بعضهم إلى بعض، أن ملك العرب الذي جاءهم بدينهم وأخرج كتابهم قد هلك ـ يعنون النبي (صلى الله عليه وآله) وأن ملكهم من بعده رجل ملك يسيراً ثم هلك ـ يعنون أبا بكر ـ وقام من بعده آخر قد طال عمره حتى تناولكم في بلادكم وأغزاكم جنوده ـ يعنون عمر بن الخطاب ـ وانه غير منته عنكم حتى تخرجوا من في بلادكم من جنوده وتخرجوا اليه فتغزوه في بلاده، فتعاقدوا على

____________

1- السيرة الحلبية 2:92.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب في ظالميه ومقاتليه 3:217، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:220.

3- الارشاد: 15، الخرائج والجرائح 1:233، البحار 42:225.


الصفحة 345
هذا وتعاهدوا عليه.

فلما انتهى الخبر إلى من بالكوفة من المسلمين أنهوه إلى عمر بن الخطاب، فلما انتهى الخبر اليه فزع لذلك فزعاً شديداً ثم أتى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: معاشر المهاجرين والأنصار إن الشيطان قد جمع لكم جموعاً وأقبل بها ليطفئ بها نور الله، ألا إن أهل همدان وأهل اصبهان وأهل الري وقومس ونهاوند، مختلفة ألسنتها وألوانها وأديانها، قد تعاهدوا وتعاقدوا أن يخرجوا من بلادهم اخوانكم من المسلمين ويخرجوا اليكم فيغزوكم في بلادكم، فأشيروا عليّ وأوجزوا ولا تطنبوا في القول، فإن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا؟ فقام طلحة بن عبيدالله، وكان من خطباء قريش، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ياأمير المؤمنين قد حنكتك الاُمور وجربتك الدهور، وعجمتك البلايا وأحكمتك التجارب وأنت مبارك الأمر ميمون النقيبة قد وُليت فخبرت واختبرت وخبرت فلم تنكشف من عواقب قضاء الله إلاّ عن خيار، فأحضر هذا الأمر برأيك فلا تغب عنه ثم جلس، فقال عمر: تكلموا فقام عثمان بن عفان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد ياأمير المؤمنين فاني أرى أن تشخص أهل الشام من شامهم، وأهل اليمن من يمنهم وتسير أنت في أهل هذين الحرمين وأهل المصرين الكوفة والبصرة فتلقى جميع المشركين بجميع المسلمين، فانك ياأمير المؤمنين لا تستبقي من نفسك بعد العرب باقية ولا تمتع من الدنيا بعزيز ولا تلوذ منها بحريز، فأحضره برأيك ولا تغب عنه ثم جلس، فقال عمر: تكلموا.

فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): الحمد لله، حتى أتم التحميد والثناء على الله والصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أما بعد فانك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم، وان أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم، وان أشخصت من هذين الحرمين انتقضت عليك العرب من

الصفحة 346
أطرافها وأكنافها حتى يكون ما تدع وراء ظهرك من عيالات العرب أهم اليك مما بين يديك، فأما ذكرك كثرت العجم ورهبتك من جموعهم، فإنا لم نكن نقاتل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالكثرة وإنما نقاتل بالنصر، وأما ما بلغك من اجتماعهم على المسير إلى المسلمين فان الله لمسيرهم أكره منك لذلك وهو أولى بتغيير ما يكره، وإن الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا: هذا رجل من العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب، وكان أشد لكلبهم وكنت قد ألبتهم على نفسك وأمدهم من لم يكن يمدهم، ولكني أرى أن تنفر هؤلاء في أمصارهم وتكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا على ثلاثة فرق، فلتقم فرقة منهم على ذراريهم حرساً لهم، ولتقم فرقة على أهل عهدهم لئلا ينتقضوا، ولتسر فرقة منهم إلى اخوانهم مدداً لهم.

فقال عمر: أجل هذا الرأي وقد كنت أحب أن اُتابع عليه، وجعل يكرر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) وينسقه إعجاباً واختياراً له(1).

8517/55 ـ الشيخ المفيد: لما نزل [(عليه السلام)] بذي قار أخذ البيعة على من حضره، ثم تكلم فأكثر من الحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: قد جرت اُمور صبرنا عليها وفي أعيننا القذى تسليماً لأمر الله تعالى فيما امتحننا به ورجاء الثواب على ذلك، وكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون وتسفك دماؤهم، نحن أهل النبوة وعترة الرسول وأحق الخلق بسلطان الرسالة ومعدن الكرامة التي ابتدأ الله بها هذه الاُمة، وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل النبوة ولا من ذرية الرسول، حين رأيا أن الله قد رَد علينا حقنا بعد أعصر، فلم يصبرا حولا واحد ولا شهراً كاملا حتى وثبا على دأب الماضين قبلهما ليذهبا بحقي ويفرقا جماعة المسلمين عني، ثم دعا عليهما(2).

____________

1- الارشاد باب قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام): 111، البحار 40:192، مناقب ابن شهر آشوب باب مسابقته (عليه السلام) بالجزم 2:145.

2- الارشاد باب بعض خطبه (عليه السلام) بعد قتل عثمان: 133، البحار 32:114.


الصفحة 347
8518/56 ـ ابن شهر آشوب: من كلام له (عليه السلام) لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان: دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم لها القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب(1).

8519/57 ـ عن محمد بن الحنفية، قال: لما قتل عثمان استخفى علي [(عليه السلام)] في دار لأبي عمرو بن حصين الأنصاري فاجتمع الناس فدخلوا عليه الدار فتداكوا على يده ليبايعوه تداكك الابل البهم على حياضها، وقالوا: نبايعك، قال: لا حاجة لي في ذلك، عليكم بطلحة والزبير، قالوا: فانطلق معنا، فخرج علي وأنا معه في جماعة من الناس حتى أتينا طلحة بن عبيدالله، فقال له: إن الناس اجتمعوا ليبايعوني ولا حاجة لي في بيعتهم، فابسط يدك اُبايعك على كتاب الله وسنة رسوله، فقال له طلحة: أنت أولى بذلك مني وأحق لسابقتك وقرابتك، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من تفرق عني، فقال له علي [(عليه السلام)] : أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي، قال: لا تخافنّ ذلك فوالله لا ترى من قِبلي شيئاً تكرهه، قال: الله عليك بذلك كفيل؟ قال: الله عليّ بذلك كفيل، ثم أتى الزبير بن العوام ونحن معه، فقال له مثل ما قال لطلحة وردّ عليه مثل الذي ردّ عليه طلحة، وكان طلحة قد أخذ لقاحاً لعثمان ومفاتيح بيت المال، وكان الناس اجتمعوا عليه ليبايعوه، ولم يفعلوا فضرب الركبان بخبره إلى عائشة وهي بسرف، فقالت كأني أنظر إلى أصبعه تبايع بخب وغدر.

قال ابن الحنفية: لما اجتمع الناس على علي [(عليه السلام)] قالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابدّ للناس من إمام ولا نجد لهذا الأمر أحق منك ولا أقدم سابقة ولا أقرب برسول الله (صلى الله عليه وسلم) برحم منك، قال: لا تفعلوا فاني وزيراً لكم خير لكم مني أميراً،

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:110، البحار 41:116.


الصفحة 348
قالوا: والله ما نحن بفاعلين أبداً حتى نبايعك، وتداكوا على يده، فلما رأى ذلك، قال: إن بيعتي لا تكون في خلوة إلاّ في المسجد ظاهراً، وأمر منادياً فنادى المسجد المسجد فخرج وخرج الناس معه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: حق وباطل ولكل أهل، ولأن كثر الباطل لقد نما بما فعل، ولئن قلّ الحق فلربما ولقلما ما أدبر شيء فأقبل، ولئن ردّ اليكم أمركم انكم لسعداء، وإني أخشى أن تكونوا في فترة وما عليّ إلاّ الجهد، سبق الرجلان وقام الثالث، ثلاثة واثنان ليس معهما سادس ملك مقرّب، ومن أخذ الله ميثاقه، وصديق نجا، وساع مجتهد، وطالب يرجو إثرة السادس، هلك من إدعى، وخاب من افترى، اليمين والشمال مضلّة، والوسطى الجادة، منهج عليه بما في الكتاب وآثار النبوة، فإن الله أدب هذه الاُمة بالسوط والسيف ليس لأحد فيها عندنا هوادة، فاستتروا ببيوتكم وأصلحوا ذات بينكم، وتعاطوا الحق فيما بينكم، فمن أبرز صفحته معانداً للحق هلك، والتوبة من ورائكم، وأقول قولي هذا وأستغفروا الله لي ولكم(1).

8520/58 ـ من كلامه (عليه السلام) يوم الشورى: وقد قال قائل: إنك على هذا الأمر يابن أبي طالب لحريص، فقلت: بل أنتم والله أحرص وأبعد، وأنا أخص وأقرب، وإنما طلبت حقاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه، فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب كانه بهت لا يدري ما يجيبني به(2).

8521/59 ـ الطبرسي، باسناده عن إسحاق بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) في حديث طويل ذكر فيه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) العذر في ترك قتال من تقدم عليه، قال (عليه السلام): فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشتغلت بدفنه والفراغ من شأنه، ثم آليت يميناً أني لا أرتدي إلاّ للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلت، ثم أخذته وجئت به

____________

1- كنز العمال 5:747 ح14282.

2- نهج البلاغة خطبة: 172، مناقب ابن شهر آشوب باب قرابته برسول الله 2:169، البحار 38:317.


الصفحة 349
فأعرضته عليهم فقالوا: لا حاجة لنا به، ثم أخذت بيد فاطمة، وابني الحسن والحسين، ثم درت على أهل بدر، وأهل السابقة، فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلاّ أربعة رهط: سلمان وعمار والمقداد وأبو ذر(1).

8522/60 ـ وعنه: في رواية سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان، قال: (لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من تغسيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتكفينه) أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهما السلام فتقدم وصففنا خلفه وعائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ـ ثم قال سلمان بعد ذكر بيعة أبي بكر وما جرى فيها ـ فلما كان الليل حمل علي (عليه السلام) فاطمة (عليها السلام) على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين، فلم يدع أحداً من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلاّ أتاه في منزله وذكر له حقه ودعاه إلى نصرته، فما استجاب له من جميعهم إلاّ أربعة وأربعون رجلا، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم، مع سلاحهم قد بايعوه على الموت، فأصبح ولم يوافه منهم أحد غير أربعة.

قلت لسلمان: من الأربعة؟ قال: أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام، قال: ثم أتاهم من الليلة الثانية فناشدهم الله فقالوا: نصبحك بكرة، فما منهم أحد وفى غيرنا، ثم أتاهم في الليلة الثالثة فما وفى غيرنا، فلما رأى علي (عليه السلام) غدرهم وقلة وفائهم، لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه، الخبر(2).

8523/61 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان المعدل، ثنا محمد ابن الحسين بن حميد، ثنا محمد بن تسنيم، ثنا علي بن الحسين بن عيسى بن زيد، عن جده عيسى بن زيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عمرو بن قيس، عن المنهال ابن عمرو، عن زر عن علي [(عليه السلام)] قال: أنا فقأت عين الفتنة، ولو لم أكن فيكم ما

____________

1- الاحتجاج 1:450 ح104، كتاب سليم بن قيس: 92، البحار 22:328.

2- الاحتجاج 1:203 ح38، كتاب سليم بن قيس: 29، البحار 22:328.


الصفحة 350
قوتل فلان وفلان(1).

8524/62 ـ وعنه: حدثنا أبو عمرو بن حماد، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن عبيد النحاس، ثنا أبو مالك عمرو بن هاشم، عن ابن أبي خالد، أخبرني عمرو بن قيس، عن المنهال بن عمرو، عن زِر أنه سمع علي [(عليه السلام)] يقول: أنا فقأت عين الفتنة، لولا أنا ما قتل أهل النهر وأهل الجمل، ولولا أن أخشى أن تتركوا العمل لأنبأتكم بالذي قضى الله على لسان نبيكم (صلى الله عليه وسلم) لمن قاتلهم مبصراً ضلالتهم عارفاً للهدى الذي نحن فيه(2).

8525/63 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى، ثنا علي بن أبي قربة، ثنا نصر بن مزاحم، ثنا أبي، ثنا عمرو ـ يعني ابن شمر ـ عن محمد بن سوقة، عن عبدالواحد الدمشقي، قال: نادى حوشب الخيري علياً [(عليه السلام)] يوم صفين، فقال: انصرف عنا يابن أبي طالب فانا ننشدك الله في دمائنا ودمك، نخلي بينك وبين عراقك، وتخلي بيننا وبين شامنا، وتحقن دماء المسلمين، فقال علي [(عليه السلام)] : هيهات ياابن اُم ظليم! والله لو علمت أن المداهنة تسعني في دين الله لفعلت ولكان أهون عليّ في المؤونة، ولكن الله لم يرض من أهل القرآن بالادهان والسكوت والله يعصى(3).

8526/64 ـ عن علي (رضي الله عنه)، أرسل اليه أهل البصرة كليباً الجرمي بعد يوم الجمل، ليزيل الشبهة عنهم في أمره، فذكر ما علم به على الحق، ثم قال له: بايع، فقال: حتى أرجع اليهم، اني رسول القوم فلا اُحدث حدثاً دونهم، فقال: أرأيت الذين وراءك لو أنهم بعثوك رائداً تبتغي لهم مساقط الغيث، فرجعت اليهم فأخبرتهم عن الكلاء،

____________

1- حلية الأولياء 1:68.

2- حلية الأولياء 4:186.

3- حلية الأولياء 1:85.


الصفحة 351
فخالفوا إلى المعاطش والمجادب، ما كنت صانعاً؟ قال: كنت تاركهم ومخالفهم إلى الماء والكلاء، قال: فامدد إذن يدك، قال كليب: فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة عليّ، فبايعته(1).

8527/65 ـ قال أبو عبيد في حديث عن سليمان بن صرد، قال: أتيت علياً (عليه السلام) حين فرغ من مرحى الجمل فلما رآني قال: تزحزحت وتربصت وتنأنأت، فيكف رأيت الله عزّوجلّ صنع؟ فقلت: ياأمير المؤمنين! إن الشوط بطيئ وقد بقي من الاُمور ما تعرف به صديقك من عدوك(2).

8528/66 ـ عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده علي [(عليه السلام)] قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين(3).

8529/67 ـ ابن عساكر، أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبدالملك الفقيه، وأبو نصر أحمد بن علي بن محمد بن إسماعيل، قالا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبدالله بن خلف، أنبأنا محمد بن عبدالله الحافظ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة برذان، أنبأنا محمد بن سعد بن الحسن بن عطية بن سعد الصوفي، حدثني أبي، حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعد، عن أخيه الحسن بن عطية بن سعد، حدثني جدي سعد بن جنادة، عن علي (رضي الله عنه) قال: أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين والناكثين والمارقين، فأما القاسطون فأهل الشام، وأما الناكثون فذكرهم، وأما المارقون فأهل النهروان ـ يعني الحرورية ـ(4).

8530/68 ـ عن زهير بن الأقمر، قال: خطبنا علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] فقال: ألا إن بشراً قد طلع من قبل معاوية، ولا أرى هؤلاء القوم إلاّ سيظهرون عليكم

____________

1- ربيع الأبرار 2:118.

2- غريب الحديث 3:475.

3- كنز العمال 13:112 ح36367، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:204.

4- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام (عليه السلام) 3:202.


الصفحة 352
باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، وبطاعتهم أميرهم ومعصيتكم أميركم، وبأدائهم الأمانة وبخيانتكم، استعملت فلاناً فغل وغدر وحمل المال إلى معاوية، واستعملت فلاناً فخان وغدر وحمل المال إلى معاوية، حتى أني لو ائتمنت أحدهم على قدح خشب غلّ علاقته ما آمنه، اللهم اني أبغضتهم وأبغضوني، فارحهم مني وارحني منهم(1).

8531/69 ـ عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال علي [(عليه السلام)] : إن خليلي (صلى الله عليه وسلم) حدثني أن أضرب لسبع عشرة تمض من رمضان، وهي الليلة التي مات فيها موسى، وأموت لاثنتين وعشرين تمضي من رمضان، وهي الليلة التي رفع فيها عيسى(2).

8532/70 ـ عن عبيدالله بن أبي رافع، قال: سمعت علياً [(عليه السلام)] وقد وطىء الناس على عقبيه حتى أدموهما وهو يقول: اللهم اني قد مللتهم وملوني، فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي بشراً مني، فما كان إلاّ ذلك اليوم حتى ضرب على رأسه(3).

8533/71 ـ عن سعيد بن المسيب، قال: رأيت علياً [(عليه السلام)] على المنبر وهو يقول: لتخضبن هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته وجبهته، فما حبس أشقاها، فقلت لقد ادعى علي به علم الغيب، فلما قتل علمت أنه قد كان عهد اليه(4).

8534/72 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: أخبرني الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم) أني لا أموت حتى اُضرب على هذه ـ وأشار إلى مقدم رأسه الأيسر ـ فتخضب هذه منها بدم، وأخذ بلحيته وقال لي: يقتلك أشقى هذه الاُمة، كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود، فنسبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى فخذه الدنيا دون ثمود(5).

____________

1- كنز العمال 13:197 ح36489.

2- كنز العمال 13:197 ح36490.

3- كنز العمال 13:194 ح36579.

4- كنز العمال 13:194 ح36580.

5- كنز العمال 13:192 ح36571.


الصفحة 353
8535/73 ـ ابن عساكر، باسناده قال: وأنبأنا أبو القاسم، أنبأنا أبو عبدالله محمد ابن حمزة الحراني، قال: قراء على أبي القاسم الحسن بن علي البجلي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد، أنبأنا يحيى بن معين، أنبأنا ابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، قال: قال علي [(عليه السلام)] لأبي موسى: ياأبا موسى اُحكم على ما يأمر به القرآن، ولو على حزّ عنقي(1).

8536/74 ـ عن الطبرسي: في رواية أبي ذر الغفاري: لما استخلف عمر سأل علياً (عليه السلام) أن يدفع اليهم القرآن... فقال: ياأبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى يجتمع عليه، فقال علي (عليه السلام): هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا: ما جئتنا به، فإن القرآن الذي عندي لا يمسه إلاّ المطهرون والأوصياء من ولدي، فقال عمر: فهل لاظهاره وقت معلوم؟ قال علي (عليه السلام): نعم، إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به(2).

8537/75 ـ قال علي (رضي الله عنه): أوليس عجباً أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير معونة لاعطاء، وأنا أدعوكم، وأنتم تريكة الاسلام وبقية الناس، إلى المعونة أو طائفة من العطاء فتفرقون عني(3).

8538/76 ـ الصدوق، باسناده عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إليّ، فما برحت حتى فتح الله عليّ يدي(4).

8539/77 ـ روى حبيب بن أبي ثابت، عن الجعد مولى سويد بن غفلة، عن سويد ابن غفلة، عن علي (عليه السلام) في حديث قال: أما إني كنت مقروراً فلما بعثني رسول

____________

1- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:222.

2- تفسير نور الثقلين 5:226، الاحتجاج 1:360 ح57، البحار 92:42.

3- ربيع الأبرار 4:367.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 21:13.


الصفحة 354
الله (صلى الله عليه وآله) إلى خيبر، قلت له: إني أرمد، فتفل في عيني ودعا لي، فما وجدت برداً بعد ولا رمدت عيناي(1).

8540/78 ـ روى الحسين بن بسطام وأخوه أبو عتاب، عن أحمد بن محمد أبو جعفر، قال: حدثنا ابن أبي عمير، قال: حدثنا أبو أيوب الخزاز، قال: حدثنا محمد ابن مسلم، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام)، عن الباقر، عن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لما دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر، قيل له يارسول الله انه رمد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائتوني به، فأتيته فقلت: يارسول الله إني أرمد لا أبصر شيئاً، قال: فقال: ادن مني ياعلي، فدنوت منه فمسح يده على عيني فقال: بسم الله وبالله والسلام على رسول الله، اللهم اكفه الحر والبرد، وقه الأذى والبلاء، قال علي (عليه السلام) فبرأت والذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة واصطفاه على العباد ما وجدت بعد ذلك حراً ولا برداً ولا أذى في عيني(2).

8541/79 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبدالرحمن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا جابر بن عبدالله بن يحيى، عن عبدالله بن نجيّ، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يصلي معه أحد من الناس ثلاث سنين، وكان مما عهد إلي أن لا يبغضني مؤمن، ولا يحبني كافر أو منافق، والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضُلّ بي، ولا نسيت ما عُهد إليّ(3).

8542/80 ـ عن حبة بن جوين، قال: قال علي [(عليه السلام)] : عبدت الله مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

____________

1- أعلام الورى: 188، إثبات الهداة 2:110، البحار 41:282.

2- طب الأئمة: 21، البحار 95:86، إثبات الهداة 2:148.

3- أمالي الطوسي المجلس العاشر: 260 ح473، البحار 39:252، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1:64.


الصفحة 355
سبع سنين (خمس) قبل أن يعبده أحد من هذه الاُمة(1).

8543/81 ـ عن حبة: أن علياً [(عليه السلام)] قال: اللهم إنك تعلم أنه لم يعبدك أحد من هذه الاُمة قبلي، ولقد عبدتك قبل أن يعبدك أحد من هذه الاُمة ستّ سنين(2).

8544/82 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: أنا أول رجل صلّى مع النبي (صلى الله عليه وسلم)(3).

8545/83 ـ ابن عساكر، باسناده عن حبة العرني، قال: رأيت علياً [(عليه السلام)] يوماً ضحك ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أشد منه حتى أبدى ناجذه، ثم قال: اللهم لا أعرف عبداً من هذه الاُمة عبدك قبلي غير نبيها (عليه السلام) (4).

8546/84 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا الحفار، قال: حدثني أبو الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد، قال: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن سهل القرشي، قال: حدثنا عبدالله بن محمد البلوي الأنصاري، قال: حدثني إبراهيم بن عبيدالله بن العلاء، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال: ما زلت مظلوماً مذ كنت، أن كان عقيل ليرمد فيقول: لا تذرّوني حتى تذرّوا أخي علياً، فأضجع فأذرّ وما بي رمد(5).

8547/85 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد النوفلي، عن الحسين بن المختار، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): عندي صحيفة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخاتمه فيها ستون قبيلة مبهرجة، ليس لها في الاسلام نصيب، منهم غني وباهلة، وقال: يامعشر غني وباهلة

____________

1- كنز العمال 13:122 ح36390، الرياض النضرة 2:111.

2- كنز العمال 13:122 ح36391، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1:61.

3- كنز العمال 13:124 ح36396، الرياض النضرة 2:112، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1:57.

4- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1:61.

5- أمالي الطوسي المجلس 12:350 ح724، البحار 67:228، وسائل الشيعة 8:486، علل الشرائع باب 40:45.


الصفحة 356
أغدوا علي عطاياكم حتى أشهد لكم عند المقام المحمود إنكم لا تحبوني ولا أحبكم أبداً وقال: لآخذن غنياً أخذة تضطرب منها باهلة(1).

8548/86 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن الحرث بن المغيرة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: جاء أبو بكر وعمر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حين دفن النبي (صلى الله عليه وآله) والحديث طويل، فقال لهما أمير المؤمنين (عليه السلام): أما ما ذكرتما أني لم أشهد كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانه قال: لا يرى عورتي أحد غيرك إلاّ ذهب بصره ولم أكن لاوذيكما به، وأما كبّي (إكبابي) عليه فانه علمني ألف حرف يفتح ألف حرف كل حرف يفتح ألف حرف، ولم أكن لأطلّعكما على سرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).

8549/87 ـ محمد بن إسحاق باسناده، في خبر آية الافك، إلى أن قال: كالمسمار المحمى في الوبر ولا يثنيني شيء حتى أمضي لما أرسلتني به، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال: بل الشاهد قد يرى ما لا يرى الغائب، فأقبلت متوشحاً السيف فوجدته عندها فاخترطت السيف، فلما أقبلت نحوه عرف أني اُريده، فأتى نخلة فرقي فيها ثم رمى بنفسه على قفاه وشغر برجليه فاذا هو أجبّ أمسح ما له مما للرجل قليل ولا كثير، فأغمدت سيفي ثم أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته فقال: الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت الامتحان(3).

8550/88 ـ الصدوق، باسناده عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: دفع

____________

1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة أعطوا الجفر والجامعة: 179، البحار 40:138، وسائل الشيعة 11:382.

2- بصائر الدرجات باب الحروف التي علم رسول الله علياً: 328، البحار 22:464، الخصال باب ما بعد الألف: 648.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب الاختصاص برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) 2:225، البحار 38:302، كنز العمال 5:454 ح13593.