مخطط البحوث
مقدمة البحث.
مصطلحات اسلامية (الوحي، النبوة، الرسالة، الاية).
آيات القرآن الكريم.
شرح الكلمات.
تفسير الايات من الروايات.
خلاصة البحث.
ـ آدم عليه السلام:
آيات في خلق آدم.
شرح الكلمات.
تفسير الايات.
ـ أخبار الاوصياء من بعد آدم في كتب السيرة:
مقدمة.
شيث هبة اللّه.
أنوش بن شيث.
قينان بن أنوش.
مهلائيل بن قينان.
يرد بن مهلائيل.
ادريس البني ـ اخنوخ بن يرد.
متوشلح بن اخنوخ.
لمك بن متوشلح.
ـ تواريخ الاوصياء من التوراة:
بعض تواريخ الاوصياء الى عصر نوح في التوراة.
نتيجة البحث.
ـ نوح عليه السلام:
سيرته في آيات كريمة.
شرح الكلمات.
تفسير الايات.
خلاصة اخبار نوح.
أخبار نوح في مصادر الدراسات الاسلامية.
سام بن نوح.
ارفخشد بن سام.
شالح بن ارفخشد.
ـ هود عليه السلام:
سيرته في آيات كريمة.
شرح الكلمات.
موجز تفسير الايات.
ـ صالح عليه السلام:
سيرته في آيات كريمة.
شرح الكلمات.
موجز تفسير الايات.
نتيجة البحث.
ـ ابراهيم خليل الرحمن «عليه السلام»:
مشاهد من اخبار ابراهيم في القرآن الكريم.
أ ـ ابراهيم مع المشركين.
ب ـ إبراهيم ولوط.
ج ـ ابراهيم واسماعيل وبناء البيت والنداء بالحج.
د ـ ابراهيم واسحاق ويعقوب.
شرح الكلمات.
مواضع العبرة في تفسير الايات.
في المشهد الاول ـ ابراهيم مع المشركين.
أولاً ـ مع عُبّاد النجوم النيرة.
ثانيا ـ مع عُبّاد الاصنام.
ثالثا ـ مع طاغوت عصره.
في المشهد الثاني ـ موقف ابراهيم في خبر لوط وقومه.
في المشهد الثالث ـ خبر إبراهيم مع إسماعيل وبناء البيت ونداؤه بالحج.
في المشهد الرابع ـ ابراهيم مع فرعين من ذريته.
اخبار إسحاق بن ابراهيم (ع) وابنه يعقوب (ع)
إسرائيل وبنيه بني اسرائيل
ـ يعقوب بن اسحاق عليهما السلام:
سيرته في آيات كريمة.
شرح الكلمات.
تفسير الايات.
احكام استثنائية لقوم يعقوب في ظروف استثنائية.
ـ شعيب عليه السلام:
سيرته في آيات كريمة.
شرح الكلمات.
العبرة في تفسير الايات.
مشاهد من اخبار بني اسرائيل وانبيائهم وتفصيل حالاتهم الاستثنائية في القرآن الكريم
المشهد الاول: ولادة موسى وتبنّي فرعون ايّاه.
المشهد الثاني: آيات اللّه التسع.
المشهد الثالث: بنو اسرائيل في سيناء.
ـ مواضع العبرة في تفسير الايات:
المشهد الرابع: داود وسليمان (عليهما السّلام).
المشهد الخامس: زكريا ويحيى (عليهما السّلام).
المشهد السادس: عيسى بن مريم (عليهما السّلام).
عصر الفترة
ـ معنى عصر الفترة:
الانبياء والاوصياء في عصر الفترة من غير آباء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
بعض اخبار فرع اسماعيل (ع) وصي ابراهيم (ع) على شريعته الحنيفة.
اخبار بعض آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصر الفترة: عدنان، مضر، وغيرهم.
الياس بن مضر.
كنانة بن خزيمة.
كعب بن لؤي.
انتشار عبادة الاصنام في مكة وموقف آباء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منها.
قصي بن كلاب.
عبد مناف بن قصي.
هاشم بن عبد مناف.
كيف عالج هاشم الاعتفاد بمكة.
عبد المطلب بن هاشم.
عبد المطلب في ميلاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ـ خلاصة بحث فرع اسماعيل (ع) من وصيّي إبراهيم (ع):
أ ـ الياس بن مضر.
ب ـ خزيمة بن مدركة بن الياس.
ج ـ كعب بن لؤي.
ر ـ قصي.
ه ـ عبد مناف.
و ـ هاشم.
ز ـ عبد المطلب بن هاشم.
ـ ابوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو طالب وعبداللّه ابنا عبد المطلب:
أولاً: والد خاتم الانبياء عبداللّه.
ثانيا: كافل النبي وناصر الاسلام ابو طالب.
اسمه.
سيرته.
عقيدته.
نتيجة البحث.
نتائج البحوث.
(وَالّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُم اُولـئِكَ سَوفَ يُؤتِيهِم اُجُورَهُم وَكَانَ اللّه ُ غَفُورا رَحِيما)(النساء / 152)
(إنَّ الذين قالُوا ربُّنا اللّهُ ثُم استقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ ألا تخافُوا وَلا تَحزَنُوا وَأبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنتُم تُوعَدُون * نَحنُ أولياؤُكُم في الحَياةِ الدُّنيا وَفي الاخرة وَلَكُم فيها ما تَشتَهي أنفُسُكُم وَلَكُم فيها ما تَدَّعُون * نُزلاً مِنْ غَفُورٍ رَحيمٍ* وَمَنْ أحسَنُ قَولاً مِمَّن دَعَا إلى اللّهِ وَعَمِلَ صالحا وَقَالَ إِنَّني مِنَ المُسْلِمينَ) (فصلت: 30 ـ 33)
(وَالَّذينَ آمنوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ اُولـئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداء عِندَ رَبِّهِم لَهُم أجرُهُم وَنُورُهُم وَالّذينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا اُولـئك أصْحابُ الجَحيمِ)(الحديد/19).
(سابِقُوا إلى مَغفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماء وَالارْضِ اُعِدَّت للَّذينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤتِيهِ مَنْ يَشـاء وَاللّهُ ذُو الفَضْلِ العَظيمِ)(الحديد / 21).
وعندما عرضها العلماء في تآليفهم فصلوا بعضها عن الاخر، فاختفت بذلك حكمة عقائد الاسلام عن دارسيها.
واني سلسلت عقائد الاسلام في هذا الكتاب كما وجدتها في القرآن الكريم، مجموعة متناسقة يكمّل بعضها البعض الاخر، يهدي البحث المتقدم الى موضوع البحث المتأخّر وبذلك ندرك عقائد الاسلام وحكمتها.
وفي بحث الربوبية منه قلنا ما موجزه:
ان الربّ يربي مربوبه حالاً بعد حال حتى يبلغ درجة الكمال، وإن اللّه سبحانه شرع بمقتضى ربوبيته للانسان نظاما يتناسب وفطرته، وجعل لذلك النظام حملةً وحفظةً، وهم رُسُله واوصياء رسله، ثمّ قال جلّ اسمه: (لئلاّ يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل) (1) .
وقال وصيّ خاتم الانبياء الامام علي(ع): «لا تخلو الارض من قائم للّه بحجة، اما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا لئلاّ تبطل حججه وبيناته»(2) .
واوردنا في بحث (مبلغون عن اللّه ومعلّمون للناس) منه موجزا من اخبارهم، لما كان في ايراد تفصيلها فصل البحوث بعضها عن البعض الاخر، وزوال انسجامها وجميل تناسقها. ولم يكن يظهر عندئذ لدارسيها تسلسل عقائد الاسلام من المبدأ حتى المعاد، وكيف تهدي العقائد بعضها الى البعض الاخر.ولذلك ـ أيضا ـ اوجزت القول عن الظروف الاستثنائية لبني اسرائيل التي اقتضت أحكاما استثنائية لزمانهم وأماكنهم.
ولهذا، كان لا بدّ لنا في هذا المجلّد أن نفصل القول في ما أوجزناه في مجلّده الاوّل، ومن ثمَّ بسطنا القول هنا في اخبار الحجج وتسلسل مجيئهم حتى في عصر الفترة، لتوضيح ان الفترة كانت فترة في مجيء الرسل، وليست فترة في مجيء اوصياء الرسل. وأوضحنا فيه كيف كان حجج اللّه روادا للحضارة البشريّة، ولم تقتصر هدايتهم للناس في امور العبادة وللاخرة. كما فصّلنا القول عن ظروف بني اسرائيل الاستثنائية التي اقتضت تشريعا استثنائيا لهم، انتهى امر بعضها على عهد المسيح، فأحلّ لهم بعض ما كان حرّم عليهم قبل ذلك، وسوف نرى في بحوث الشريعة الخاتمة ـ ان شاء اللّه تعالى ـ كيف نسخ اللّه جميع الاحكام الاستثنائية التي كان قد شرعها متناسبة مع ظروف بني اسرائيل الاستثنائية، وكيف عادت حنيفية ابراهيم التي كان اللّه قد وصّى بها نوحا قبل ذلك والتي كانت متناسبة مع فطرة الانسان ابد الدهر.
وفي هذا المجلد ـ ايضا ـ عبّرنا احيانا في بيان معاني بعض المصطلحات التي عرّفناها في المجلد الاوّل بتعبير آخر، لما كان فيه زيادة بيان وتوضيح، اكمالاً للفائدة.
وقد اقتدنيا في كل ذلك باُسلوب القرآن الكريم المعجز في طرحه عقائد الاسلام، بايجاز تارة واُخرى بتفصيل واف يقتضيه المقام احيانا، بتغيير التعبير فيالمكان اللاحق عن التعبير في المكان السابق، حسب تناسب المقام، وتوخّيا لاتمام الفائدة للقارئ المتدبّر في القرآن الكريم أوردنا البحوث فيه وفق المخطط الاتي.
مقدمة البحث
في سيرة الرسل أصحاب الشرائع وأوصيائهم تجسيد لمفاهيم الاسلام وأحكامه، تُكوّن دراستها للمسلم رؤية صحيحة عن المبدأ حتى المعاد من عقائد الاسلام، وبما أنّ القيام بتلك الدراسة بحاجة إلى موسوعة ضخمة، ولا تتسع بحوث هذا الكتاب لها، نقتصر في ما يأتي بدراسة بعض أخبارهم في القرآن الكريم والعهدين ومصادر الدراسات الاسلامية، ممّا نجد في درسها ضرورة لفهم ما سبق، وما يأتي من بحوث الكتاب، وكذلك نقتصر في بيان تفسير الايات الاتية على ما نجد فيها ضرورة لفهم بحوث الكتاب. ونبدأ بحوله تعالى بدرس الايات التي تُعرّف الوحي والنبوّة والرسالة والاية والبشير والنذير ونظائرها، مما تدور البحوث الاتية حولها.
مصطلحات اسلامية
* الاصطفاء.
* الوحي.
* الكتاب.
* النبوة.
* الرسول.
* اُولُو العزم.
* الاية.
قال سبحانه:
أ ـ في سورة الحج:
(اللّهُ يصْطَفي مِنَ الملائكةِ رُسُلاً ومِنَ النّاس...) (الاية / 75)
ب ـ في سورة آل عمران:
(إنّ اللّهَ اصطَفى آدَمَ ونُوحا وآلَ إبراهِيمَ وَآلَ عِمرانَ عَلى العالَمين)(الاية/33)
ج ـ في سورة النساء:
(إنّا أوْحينا إليكَ كَما أوْحينا إلى نُوحٍ وَالنّبيِّينَ مِنْ بَعدِهِ وَأوْحينا إلى إبراهيمَ وَإسماعيلَ وَإسحاقَ وَيَعقوبَ وَالاسْباطِ وَعيسى وَأيّوبَ وَيُونُسَ وَهارونَ وَسُليمانَ وَآتيْنا داوُدَ زَبورا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُم عَليكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَـمْ نَقصُصْهـُم عَليكَ وَكَلّمَ اللّهُ مُوسى تَكْليما * رُسُلاً مُبَشِّرينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ علـى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللّهُ عزيزا حَكيما)(الايات: 163ـ 165)
د ـ في سورة النحل:
(وَلَقَدْ بَعثْنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنبِوا الطّاغوتَ فمِنهم مَنْ هدى اللّهُ وَمِنهم مَنْ حَقَّتْ عَليهِ الضّلالةُ...)(الاية: 36) (... فهَلْ عَلى الرُّسُلِ إلاّ البَلاغُ المُبِين)(الاية: 35)
هـ ـ في سورة آل عمران:
(وَإذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبيِّين لَما آتَيْتُكُم مِنْ كِتابٍ وَحِكمَةٍ ثُمَّ جاءكُم رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما معكم لَتُؤمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قال أأَقْرَرْتُم وَأخَذْتُم عَلى ذلِكُم إصري قالوا أقْرَرْنا قال فَاشْهَدوا وَأَنا مَعكُم مِنَ الشاهِدِينَ)(الاية: 81)
و ـ في سورة الانعام:
(وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرْفَعُ دَرجاتٍ مَنْ نَشاء إن رَبَّكَ حَكيمٌ عَلِيم * ووَهَبْنا لَهُ إِسحاقَ ويَعقُوبَ كُلاّ ً هَدَيْنا وَنُوحا هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُريَّتِهِ داوُدَ وسليْمان وَأَيّوبَ وَيُوسُفَ وَموسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزي المُـحسنِين* وَزَكريا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلُّ مِنَ الصّالِحين * وإسماعيلَ وَاليسَع وَيُونُسَ وَلوطا وَكلاّ ً فَضَّلْنا عَلى العالَمين *... * أُولئِكَ الَّذينَ آتَيْنَاهُمُ الكتاب والحُكمَ والنبوّةَ...)(الايات: 83 ـ 86، 89)
ز ـ في سورة البقرة:
(قُولوا آمَنّا بِاللّهِ وَما اُنْزِلَ إلَينا ومَا اُنْزِلَ إلى إبراهيمَ وَإسماعيلَ وَإسحاقَ وَيعقوبَ وَالاسْباطِ وَما أُوتيَ موسى وَعيسى وَما أُوتِيَ النّبيّونَ مِنْ رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أحدٍ منهم وَنَحنُ له مُسْلِمُونَ)(الاية: 136)
ح ـ في سورة الحديد:
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا معهم الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ وَأَنْزَلْنا الحَديدَ فِيهِ بَأسٌ شَديدٌ وَمَنافعُ لِلنّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيْبِ...)(الاية: 25) وفي سورة النور 24 والعنكبوت 18: (وَما عَلى الرَّسولِ إلاّ البَلاغُ المُبِين).
ط ـ في سورة سبأ:
(وَما أرْسَلْنا في قَريَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلاّ قالَ مُتْرَفُوها إنّا بِما أُرْسِلْتُم بهِ كافِرُونَ)(الاية: 34)
ي ـ في سورة الاعراف:
(وَإلى عادٍ أخاهُم هُودا...)(الاية: 65) وسورة هود (الاية:50) (وَإلى ثَمُودَ أخاهُم صالِحا...) (الاية: 73) وسورة هود (الاية: 61) والنمل (الاية: 45) (وَإلى مَدْيَنَ أخاهُم شُعَيْبا...) (الاية: 85) وسورة هود (الاية: 84) والعنكبوت (الاية: 5)
ك ـ في سورة الزخرف:
(وَلَقد أرْسَلْنا موسى بِآياتِنا إلى فِرْعَونَ وَمَلَئِه فقالَ إنّي رَسُولُ ربِّ العالَمين)(الاية: 46)
ل ـ في سورة الاحقاف:
(فاصْبِرْ كَما صَبَرَ اُولو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لهم...)(الاية:35)
م ـ في سورة فاطر:
(إنّا أرسلْناكَ بالحَقِّ بَشِيرا وَنَذِيرا وَإنْ مِنْ اُمّةٍ إلاّ خَلا فيها نَذِيرٌ)(الاية:24).
ن ـ في سورة الشعراء:
(وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرَيةٍ إلاّ لها مُنْذِرُون)(الاية: 208)
س ـ في سورة الاسراء:
(وَلقد آتَيْنا موسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَاسْأَلْ بَني إسرائيِلَ إذْ جاءهُم فقالَ له فِرْعَونُ إنّي لاظُنُّكَ يا موسى مَسْحورا) (الاية: 101)
ع ـ في سورة النمل في خطابه لموسى (ع):
(وَأَدْخِلْ يَدَكَ في جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيضاء مِنْ غَير سُوء في تِسْعِ آياتٍ إلى فِرْعَونَ وَقَومِهِ إنَّهُم كانوا قَوما فاسِقينَ * فلمّا جاءتهُم آياتُنا مُبْصِرةً قالوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)(الايتان: 12 ـ 13)
ف ـ في سورة الرعد:
(وَلقد أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لهم أزْواجا وَذُرّيّةً وَما كان لِرسولٍ أنْ يأتِيَ بِآيةٍ إلاّ بِإذنِ اللّهِ...)(الاية: 38)
ص ـ في سورة غافر:
(وَلقد أرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَليكَ ومِنهُمْ مَنْ لَم نَقْصُصُ عَليكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أنْ يأتِيَ بِآيةٍ إِلاّ بإِذنِ اللّهِ...)(الاية: 78).
ق ـ في سورة الحج:
(وَإنْ يُكَذِّبوكَ فَقَد كَذَّبَتْ قَبْلَهُم قَومُ نُوحٍ وَعادٌ وثمُودُ * وقومُ إبراهيمَ وَقومُ لُوطٍ * وأصحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ موسى فَأمْلَيْتُ للكافِرينَ ثمَّ أخَذْتُهم فَكيفَ كانَ نَكيرِ * فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرَيةٍ أهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمة فَهي خاوِية على عُرُوشِها وَبئْرٍ مُعَطَّلةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)(الايات: 42 ـ 45)
ر ـ في سورة الاحزاب:
(يا أيّها النّبيُّ إنّا أرْسَلْناكَ شاهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا * وَداعيا إلى اللّهِ بِإذنِهِ وَسراجا مُنِيرا)(الايتان: 45 ـ 46)
ش ـ في سورة سبأ:
(وَما أرْسَلْناكَ إلاّ كافَّةً لِلنّاسِ بَشِيرا وَنَذِيرا...)(الاية: 28)
ت ـ في سورة الاسراء:
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الانْسُ وَالجِنُّ عَلى أنْ يَأتوا بِمثلِ هذا القُرآنِ لا يَأتونَ بِمثْله وَلو كانَ بَعضُهم لِبَعضٍ ظَهيرا * وَلَقد صَرَّفْنا لِلنّاسِ في هذا القُرآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثرُ الناسِ إلاّ كُفُورا * وَقالوا لَنْ نُؤمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الارْضِ يَنْبُوعا* أوْ تكونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الانْهارَ خِلاَلها تَفْجيرا * أَو تُسْقِطَ السَّماء كَما زَعَمْتَ عَلينا كِسَفا أو تأتيَ بِاللّهِ وَالملائكةِ قَبيلاً * أوْ يَكونَ لكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أوْ تَرْقى في السَّماء وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزلَ علينا كِتابا نَقْرأُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبّي هَلْ كُنتُ إلاّ بَشَرا رَسُولاً * وَما مَنَعَ الناسَ أنْ يُؤمِنوا إذ جاءهُمُ الهُدى إلاّ أنْ قالوا أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرا رَسُولاً * قُلْ لَو كانَ في الارْضِ مَلائِكةٌ يَمشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزّلْنا عليهم مِنَ السماء مَلَكا رَسولاً)(الايات: 88 ـ 95)
شرح الكلمات:
في اللغة: الصفو من الشيء: خياره وخالصه. والاصطفاء: تناول صفو الشيء.
وفي المصطلح الاسلامي: اصطفاء اللّه بعض عباده يكون بتصفيته عن الشوائب الموجودة في غيره، أو باختياره على غيره.
والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صفوة اللّه من خلقه ومصطفاه، والانبياء من المصطَفَين.
في اللغة: أصل الوحي؛ الاعلام الخفيّ.
وفي المصطلح الاسلامي: وأوحى اللّه كذا إلى من يصطفيه من عباده: قذفه في قلبه وألهمه إيّاه في اليقظة أو في المنام، أو بلّغه إيّاه على لسان بعض ملائكته.
ج ـ بعث:
بعثه: بالنسبة إلى الرسل يعني أرسله اللّه.
في اللّغة: الصحف المجموعة والرسالة المكتوبة.
وفي المصطلح الاسلامي: هو الوحي الذي يصلح أن يُكتب فيصير كتاباً فيه علوم الدين من اعتقاد وعمل، وقد جاء بهذا النوع من الكتاب الانبياء الخمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين، والكتاب الذي مع الرسل اسم جنس يراد به الكتب السماوية.
هـ ـ الحُكم:
حَكَمَ يَحكُمُ حُكما: قضى وفصل في الامر. والحُكم ـ أيضا ـ: العلم والتفقه، ويأتي بمعنى الحِكمة، والحِكمة من الانسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات، وجميع هذه المعاني تناسب المقام.
في اللغة: نبا الشيء نبأً ونبوءا: ارتفع وظهر؛ ونبّأ الرجل وأنبأ: أخبر.
قال الراغب ما موجزه:
والنبأ خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظنّ، ولا يقال للخبر في الاصل نبأ حتى يتضمّن هذه الاشياء الثلاثة، وحقّ الخبر الذي يقال فيه نبأ أنْ يَتَعرّى عن الكذب، كالتواتر وخبر اللّه تعالى وخبر النبي عليه الصلاة والسّلام.
وقال: النبيّ من النبوة أي الرفعة، وسُمِّي نبيّا لرفعة محلّه(3) .
وفي المصطلح الاسلامي: وبملاحظة استعمال النبيّ في القرآن والحديث لنا أن نقول: إنَّ النبيَّ هو مَن يصطفيه اللّه من عباده، ويؤتيه الحكم، ويوحي إليه الكتاب، ويبعثه لينبئ الانس والجنّ بما فيه صلاح اُمور دنياهم واُخراهم، فهو المخبر عن اللّه جلّ اسمه بما اُوحي إليه، ويُجمع النبيّ على النبيِّين والانبياء(4) .
وبهذا المعنى أُطلق النبيّ في القرآن الكريم، ما عدا قوله تعالى في سورة الحجّ:
(ما مِنْ نَبيٍّ ولا رَسولٍ إلاّ إذا تَمَنّى ألقى الشّيطانُ في اُمْنِيَّتِه...).
فقد قال الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السّلام) عندما سئل كلّ منهما عن تفسير الاية ما موجز قولهما (عليهما السّلام):
النبيّ: الذي يَرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم، ويسمع الصوت ولا يُعاين المَلَك.
والرّسول الّذي يرى في المنام، ويسمع الصوت، ويُعايِن المَلَك، وربّما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد(5) .
في اللغة: بَعَثَ إنسانا عاقلاً برسالة فهو مُرسَل، ويقال للمفرد: الرسول، والجمع: الرسل.
وفي المصطلح الاسلامي: الرسول هو الانسان الذي يبعثه اللّه برسالة خاصّة إلى قوم لهدايتهم إلى شرائع الاسلام، ومعه آية أو آيات من ربّ العالمين تدلّ على صدق رسالته، وتتمّ بها الحجّة على من أرسله اللّه إليهم، ويستتبع تكذيبه ومخالفته شقاء وعذابا أو هلاكا في الدنيا، وأنواع العذاب في الاخرة، ومِن ثمَّ يكون الرسول نَذيرا ومُنْذِرا.
ويستتبع الايمان به وطاعته سعادة في الدنيا ورحمة ومغفرة وجنّة ورضوانا في الاخرة، فهو بذلك بشير ومُبشِّر.
وبناء على ما ذكرناه فإنّ كلّ رسولٍ نبيّ وكلّ نبيّ صفيّ، ولا عكس.
في اللغة: العَزْم: عَقْد القلب على القيام بأمر والصبرُ عليه.
وفي المصطلح الاسلامي: اُولو العزم من الرّسُل هم كلُّ من: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين.
ط ـ البَشِير والنَّذِير:
بَشَّرَه بشيء: أخبره بالخبر فهو بشير ومُبشّر.
وأنذره الشيء وبالشيء: أبلغه بالشيء المخوف؛ يقال: أنذرك السوء وبالسوء، وبالشيء المخوف فاحترس منه، فهو منذر ونذير.
وفي المصطلح الاسلامي: يطلق البشير والنذير في القرآن على الرسل الّذين أرسلهم اللّه إلى قوم، كما قال سبحانه: (وَما نُرْسِلُ المُرسَلينَ إلاّ مُبَشِّرِين وَمُنْذِرِين)(الانعام: 48، والكهف: 56)
وقال تعالى: (إنّا أرْسَلناك بِالَحقِّ بَشِيرا وَنَذِيرا وَإنْ مِنْ اُمَّةٍ إلاّ خلا فيها نَذِير). (فاطر: 24)
ويكون مع الرّسل المبشِّرين والمُنذِرين الايات.
ي ـ البَيّنات:
بانَ الشيء: اتّضح فهو بيّن وهي بيِّنة، والايات البيِّنات: الايات الواضحة لا غموض فيها ولا إبهام لاحد من البشر.
ك ـ وَأَنْزَلْنا:
أنزل اللّه الحديدَ والميزان ذا الكفّتين، أي هدى الناس للاستفادة منهما في معايشهم، وأنزل الميزان في الكتب السماوية، أي أنزل فيها ما يُوزن به أحوال المجتمع الا نساني وعادات البشر وأعرافهم وعقائدهم وأفعالهم، ويُشخّص الضارّ منها من النافع.
م ـ المِيزان:
الميزان في اللغة: ما يُوزن به الاشياء الماديّة المحسوسة.
وفي المصطلح الاسلامي: الدين الذي يشتمل عليه الكتاب حيث يوزن به العقائد والاعمال ويحاسب الانسان عليه يوم القيامة ويُجزى به.
ن ـ لِيَقُومَ الناسُ بِالقِسْط:
القِسْط: العَدْل؛ والعدل أن يُعطى الشخص ما يستحقّه، ويُؤخذ منه ما يجب أن يعطيه هو.
س ـ بَأْسٌ شَدِيد:
المقصود من البأس هنا: الحرب (وَأَنْزَلْنا الحَدِيدَ فيه بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافعُ لِلنَاس) أي هدى اللّه الناس أن يصنعوا من الحديد سلاحا للقتال الشديد دفاعا عن الحقّ، ولم يزل البشر ولا يزالون يصنعون من الحديد سلاح القتال، وـ أيضا ـ جعل في الحديد منافع اُخرى للناس.
ع ـ كسفا:
الكسفة: القطعة من الشيء، وجمعه كِسَفٌ، والمعنى: أن تسقط السماء علينا قطعة قطعة.
ف ـ الزُّخْرُف:
معناه الذهب، ثمّ استعمل في الزينة أو بالعكس.
ص ـ الجَيْب:
جيب القميص ونحوه: ما ينفتح على النحر ويدخل منه الرأس عند لبسه.
ق ـ مُبْصِرَة: بيِّنة واضحة.
ر ـ إصري:
الاِصر: العهد المؤكّد.
ش ـ الطاغوت:
طغى طغيانا: تجاوز الحدّ في العصيان؛ والطاغوت: كلّ مُتعدٍّ وكلّ معبود من دون اللّه، والجمع: طواغيت.
الاية في اللغة: العلامة الواضحة للشيء المحسوس، والامارة الدالّة على المراد للامر المعقول.
ومثال الاول: قوله تعالى في حكاية قول زكريا (ع) في سورة مريم: (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ ألاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيّا)(الاية: 10) أي قال: اجعل لي علامة، قال: علامتك.....
ومثال الثاني: قوله تعالى في سورة يوسف: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيةٍ في السّماواتِ وَالارضِ يَمُرُّونَ عَليها وَهُم عَنها مُعْرِضُون)(الاية: 105) أي: كم من أمارة تدلّ على قدرة اللّه وحكمته أو غيرها من صفاته تبارك وتعالى يمروّن عليها وهم عنها معرضون.
ومن النوع الثاني: الايات التي يُجريها اللّه سبحانه على أيدي أنبيائه، كما قال سبحانه في سورة النمل: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ في جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيضاء مِنْ غَيرِ سُوء فِي تِسْعِ آياتٍ إلى فِرْعَوْنَ وَقَومِه)(الاية: 12)
وفي المصطلح الاسلامي للاية معنيان:
أ ـ المعجزات التي يجريها اللّه على أيدي رسله وحججه، مثل: عصا الكليم موسى (ع)، وناقة صالح. ويقال لها المعجزة لعجز الجنّ والانس عن الاتيان بمثلها، وكذلك ولادة مولود بلا والد آية ومعجزة.
ومن هذا النوع من الايات كل ما يكون مع الانبياء من خوارق للنظام الطبيعي، مثل ولادة عيسى من اُمّه مريم بلا زوج لمريم ووالد لعيسى، كما قال سبحانه وتعالى: (وَجَعَلْنا ابْنَ مَرْيَمَ وَاُمَّهُ آيَةً...)(المؤمنون: 50) و(الانبياء: 91).
ومن هذا النوع ـ أيضا ـ العذاب الذي ينزل على المشركين، كما قال سبحانه في سورة العنكبوت: (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيةً للعالَمينَ)(الاية:15).
ونظيرها في سورة القمر 15.
ب ـ الاية من القرآن الكريم، قال الرّاغب في مفردات القرآن(6) : (كلّ جملة من القرآن دالّة على حكمٍ آيةٌ، سورة كانت أو فصولاً أو فصلاً من سورة. وقد يقال لكلّ كلام منه منفصل بفصل لفظي: آية. وعلى هذا اعتبار آيات السور التي تعدّ بها السورة).
تفسير الايات من الروايات
أ ـ في حديث أبي ذر قال:
قلت: يا رسول اللّه كم النبيّون؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبيّ، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جمّا غفيرا، قلت: من كان أوّل الانبياء؟ قال: آدم؛ قلت: وكان من الانبياء مرسلاً؟ قال: نعم، خلقه اللّه بيده ونفخ فيه من روحه. ثم قال: يا أبا ذر أربعة من الانبياء سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم، ونوح. وأربعة من العرب:
هود، وصالح، وشعيب، ونبيّك محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم). وأوّل نبيّ من بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وستمائة نبيّ. قلت: يا رسول اللّه كم أنزل اللّه تعالى من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب: أنزل اللّه تعالى على شيث (ع) خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان؛ الخبر(7) .
ولفظ الحديث في مسند أحمد: (... فقلت: يا رسول اللّه كم هي عدة الانبياء؟ قال: «مائة ألف وأ ربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر، جمّا غفيرا»)(8) .
ب ـ عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: إنّما سمّي أُولي العزم لانهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع، وذلك أنّ كل نبيّ كان بعد نوح (ع) كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل، وكلّ نبيّ كان في أيّام إبراهيم وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن موسى، وكلّ نبيّ كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى أيّام عيسى، وكلّ نبيّ كان في أيّام عيسى وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعا لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم). فهؤلاء الخمسة أُولو العزم، وهم أفضل الانبياء والرسل(ع)، وشريعة محمّد لا تُنْسَخ إلى يوم القيامة، ولا نبيّ بعده إلى يوم القيامة... الحديث(9) .
وفي تفسير السيوطي عن ابن عباس: إنّ اُولي العزم هم كل من: خاتم الانبياء، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى صلوات اللّه عليهم أجمعين(10) .
وفي أُصول الكافي بسنده عن الامام أبي عبداللّه الصادق(ع) قال: سادة الانبياء والمرسلين خمسة، وهم اُولو العزم من الرسل، وعليهم دارت الرحى: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد صلوات اللّه عليهم(11) .
ج ـ في تاريخ اليعقوبي، روى عن الامام جعفر بن محمّد (ع) أنه قال: إنّ اللّه لم يبعث قطّ نبيا إلاّ بما هو أغلب على أهل زمانه، فبعث موسى بن عمران (ع) إلى قوم كان الاغلب عليهم السحر، فأتاهم بما أبطل معه سحرهم من: العصا، واليد، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، وانفلاق البحر، وانفجار الحجر حتى خرج منه الماء، والطمس على وجوههم؛ فهذه آياته. وبعث داود(ع) في زمن أغلب الاُمور على أهله الصنعة والملاهي، فألانَ له الحديد، وأعطاه حسن الصوت، فكانت الوحوش تجتمع لحسن صوته. وبعث سليمان(ع) في زمان قد غلب على الناس فيه حبّ البناء واتّخاذ الطلسمات والعجائب، فسخّر له الرّيح والجنّ. وبعث عيسى(ع) في زمان أغلب الاُمور على أهله الطبّ، فبعثه بإحياء الموتى وإبراء الاكمه والابرص. وبعث محمّدا (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمان أغلب الاُمور على أهله الكلام والكهانة والسجع والخطب، فبعثه بالقرآن المبين والمحاورة(12) .
تفسير الايات على ضوء الروايات:
إنّ ربّ العالمين اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس، مثل: آدم، ونوح، وآل إبراهيم، وآل عمران على العالمين، واصطفى مريم على نساء العالمين.
وآتى نوحا وإبراهيم ولوطا وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون واليسع وداود وسليمان وأيوب ويونس وإلياس وزكريا ويحيى وعيسى الكتاب والحُكم والنبوّة، وخصّ من بينهم نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى(ع) مع نبينا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتاب وشريعة، وهم أولو العزم من الرسل(ع). وجعل اللّه في كتبهم الميزان لمعرفة الحقّ من الباطل من عقائد أفراد المجتمع وأعمالهم، وشرّع لبعضهم مثل: كليم اللّه موسى (ع) وحبيب اللّه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الاستفادة من الحديد في إقامة الحروب الشديدة ضدّ المنحرفين عن الانسانية، والّذين لا يمكن تعديل انحرافهم بدون الحروب الشديدة. وخصّ من الرسل بعضهم، فجعلهم مُبشّرين ومنذرين، سواء أكانوا رسلاً أصحاب شريعة مثل: نوح وموسى، أم لم يكونوا أصحاب شريعة مستقلّة مثل: شُعيب ولوط، وما كان اللّه سبحانه ليعذّب قوما حتى يبعث فيهم رسولاً مبشّرا ونذيرا ومعه آية من ربّه كما أخبر عزّ اسمه في:
أ ـ سورة الاسراء:
(... وما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسولاً)(الاية: 15)
ب ـ سورة يونس:
(ولِكُلِّ أُمَّةٍ رَسولٌ فإذا جاء رسولُهم قُضِيَ بَينهُم بِالقِسْطِ وهم لا يُظلَمونَ)(الاية: 47)
وتستحقّ الاُمم التي تعصي الرسول عذاب الدنيا والاخرة، كما أخبر سبحانه عن فرعون ومن قبله، وقال في سورة الحاقّة: (فَعَصَوا رَسولَ رَبِّهِم فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً)(الاية: 10)
وتكون معصية الرسول معصية اللّه الربّ، كما قال سبحانه في سورة الجن: (.. وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ ورَسولَهُ فَإنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فيها أبَدا)(الاية: 23)
واختار اللّه الرسل من الانبياء. وكان عدد الرسل أقلَّ من عدد الانبياء، كما مرّ بنا ذلك في ما رواه أبو ذر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). وكان لابدَّ لمن يبعثه اللّه الربُّ لهداية الناس أن يؤتيه آيةً على صدق مدَّعاه في أنّه مبعوث من قبل الربِّ.
حقيقة الاية كما فصلنا القول فيها:
إنّ اللّه سبحانه وتعالى آتى الانبياء من الولاية على النظام الكوني بحيث اذا اقتضت مشيئة اللّه أن يغيِّر النبيُّ شيئا يسيرا من النظام الذي جعله اللّه للكون استطاع أن يفعله بإذن اللّه تعالى. ولهذا فقد كان إتيان الانبياء الايات الخارقة لشيء من النظام الطبيعي للاشياء من سنن اللّه الربّ الكونية في المجتمعات الانسانية التي يبعث الانبياء إليها.
ومن ثم كانت الاُمم تطالب أنبياءها بأن يأتوا لهم بآية تكون دليلاً على صدق مُدّعاهم، كما حكى اللّه تعالى ذلك عن قوم صالح في سورة الشعراء وقال سبحانه:
(ما أنتَ إلاّ بَشَرٌ مِثلُنا فَأْتِ بِآيةٍ إنْ كُنْتَ مِنَ الصادِقِينَ * قالَ هذه ناقَةٌ لها شِرْبٌ وَلكم شِرْبُ يَومٍ مَعلُوم * ولا تَمَسّوها بِسُوء فَيَأخذَكُم عَذابُ يومٍ عَظيم)(الايات: 154 ـ 156)
وبعد إتيان النبيّ بالاية المعجزة، كثيرا ما كانت الامم تكابر وتعاند نبيّها، ولا تؤمن باللّه ربّا وبنبيّه مبعوثا إليهم، كما أخبر اللّه تعالى عن قوم ثمود بعد هذه الايات وقال:
(فَعَقَرُوها فَأصْبَحوا نادِمِين)(الاية: 157)
وإذا نزلت الاية حسب طلب قوم النبيّ ولم يؤمنوا بها استحقّوا الرجز والعذاب، فعذّبهم اللّه تعالى، كما أخبر في السورة نفسها عن عاقبة قوم ثمود ـ أيضا ـ وقال عزّ اسمه:
(فَأَخَذهُمُ العَذابُ إِنَّ في ذلِكَ لايةً وَما كانَ أكثرُهُم مُؤْمِنِين)(الاية:158)
ويكون إتيان الاية للانبياء بمقتضى الحكمة، ومقتضى الحكمة إتيان الاية بالمقدار الذي يظهر لمن أراد أن يؤمن بالرب ورسوله أن الرسول صادق في دعواه، وليس بمقدار تعنّت الاقوام التي تأبى الايمان بالربّ وبرسوله على أيّ حال. وأيضا لا يمكن أن تأتي بالامر المحال؛ كما ورد الامران في طلب قريش من خاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك بعد أن آتى اللّه قريشا من آياته ـ ما اختصّ العرب بالقيام به ـ كلاما بليغا، وخاطبهم في سورة البقرة وقال لهم:
(وإنْ كُنتُم في رَيْبٍ مما نَزَّلْنا على عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورةٍ مِنْ مِثِله وادْعُوا شُهَداءكُم مِنْ دُونِ اللّهِ إنْ كُنتُم صادِقينَ * فإنْ لَم تَفْعلُوا وَلَنْ تَفْعَلوا فَاتَّقوا النّارَ الّتي وَقُودُها النّاسُ والحِجارَةُ أُعِدَّت للكافِرِينَ)(الايتان: 23 ـ 24)
وهكذا أتمّ اللّه الربّ عليهم الحجة وقال: (وإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم). وأخبر أنّ الانس والجنّ لو اجتمعوا لما استطاعوا أن يأتوا بمثله. وإن كان بعضهم لبعض ظهيرا. وأكّد ذلك وقال: لن تستطيعوا أن تأتوا بمثله، وحتى عصرنا الحاضر لم يستطع خصوم الاسلام ـ على كثرتهم وما يملكون من قوى ضخمة ومتنوّعة ـ أن يأتوا بسورة من مثل القرآن.
بعد هذا التحدّي الصارخ وإتيان الامر المعجز للانس والجنّ، وعجز قريش عن الاتيان بمثله، طلبوا من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُغيّر مناخ مكة، وأن يكون له بيت من ذهب، أو يأتي باللّه والملائكة قبيلاً، أو يرقى في السماء ولا يؤمنون لرقيّه حتى ينزّل عليهم كتابا يقرأونه. وكان في ما طلبوا الامر المحال، وهو أن يأتي باللّه والملائكة قبيلاً «تعالى اللّه عمّا قاله الظالمون». وكان فيه ما يخالف سنن اللّه في إرسال الانبياء، بأن يرقى أمامهم إلى السماء ويأتي لهم بكتاب، وهو مما خصّ اللّه رسله من الملائكة، وليس من شأن البشر. واستنكروا أن يبعث اللّه لهم بشرا رسولاً، في حين أن الحكمة تقتضي أن يكون الرسل من جنس البشر؛ ليكونوا في عملهم قدوةً وأُسوةً لقومهم. ولم تكن سائر طلباتهم موافقة لمقتضى الحكمة، مثل طلبهم أن ينزل عليهم العذاب، ولذلك اُمر أن يجيبهم ويقول:
(سُبحانَ رَبّي هَلْ كُنْتُ إلاّ بَشَرا رَسولاً)(الاسراء: 93)
وخلاصة ما ذكرناه، أن حكمة الرب اقتضت أن المرسَل من قِبَلِه يأتي بآية من ربّه تدلُّ على صدق ادّعائه، ويُتِمُّ بذلك الحجّة على الناس، وعندئذٍ يؤمن من شاء أن يؤمن، ويجحد من شاء أن يجحد، كما كان شأن قوم موسى وهارون (عليهما السّلام) بعد إتيان المعجزات، فقد آمنت السحرة وكفر بها فرعون وملاُه، فأخزاهم اللّه بالغَرَق، وما يأتي به الانبياء من قِبَلِ اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ يُسمّى في المصطلح الاسلامي بالمعجزة ويكون دليلاً على صدقهم.
وبناء على ما ذكرنا فإن كلّ رسول نبيّ وليس كلّ نبيّ رسولاً مثل اليسع (ع) فإنه كان نبيّا ووصيّا للكليم موسى بن عمران (عليهما السّلام).
ومن الرسل من جاء بشريعة ناسخة لبعض ما في الشريعة السابقة من المناسك، كما كان شأن شريعة موسى (ع) بالنسبة إلى الشرائع السابقة على شريعته.
ومنهم من جاء بشريعة متمِّمة ومجدِّدة للشريعة السابقة كما كان شأن شريعة خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة إلى حنيفية إبراهيم الخليل (ع) كما قال سبحانه وتعالى في سورة النحل: (ثُمّ أوْحَيْنا إليكَ أنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهِيمَ حَنِيفا...)(الاية:123)
وقال تعالى في سورة المائدة: (اليَومَ أكمَلْتُ لكم دِينَكُم وأتَممْتُ عَليكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لكُمُ الاسلامَ دِينا)(الاية: 3)
بعد معرفة المصطلحات الانفة التي تدور حولها أخبار الانبياء في القرآن الكريم والحديث الشريف وكتب السيرة، ندرس ـ بحوله تعالى ـ أخبارهم في ما يأتي بدءا بأخبار آدم أبي البشر (ع).
آدم عليه السلام
* آيات في خلق آدم (ع).
* شرح الكلمات.
* تفسير الايات.
أ ـ في سورة طه:
(ولقد عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسيَ وَلَمْ نَجِدْ له عَزْما *... * ثمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عليهِ وَهَدى) (الايتان: 115 و122)
ب ـ في سورة البقرة:
(وَإذْ قالَ ربُّكَ للملائِكةِ إنّي جاعِلٌ في الارضِ خليفةً قالوا أتجْعلُ فيها مَنْ يُفسدُ فيها وَيَسْفِكُ الدماء ونحنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لكَ قالَ إنّي أعْلَمُ ما لا تَعلَمُون * وعَلَّمَ آدَمَ الاسماء كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم على الملائكةِ فقالَ أَنْبئُوني بأسْماء هؤلاء إنْ كُنتُم صادِقِين * قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلاّ ما عَلَّمْتَنا إنَّكَ أنتَ العَلِيمُ الحَكِيم * قالَ يا آدَمُ أنْبِئْهُم بأسْمائِهِم فَلَمّا أنْبَأَهُم بأسْمائِهم قالَ أَلمْ أَقُلْ لكُم إنّي أعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ والارْضِ وَأعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما كُنْتُم تَكْتُمونَ * وإذْ قُلنا للمَلائِكةِ اسْجُدوا لادَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إبليسَ أبى واستكْبَرَ وكانَ مِنَ الكافِرِينَ * وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدا حَيثُ شئتُما وَلا تَقْرَبا هذهِ الشَّجرَةَ فَتَكونا مِنَ الظالِمينَ * فَأَزَلَّهُما الشَّيْطانُ عَنها فَأَخْرَجَهُما ممّا كانا فيهِ وقُلنا اهْبِطوا بَعْضُكُم لَبعضٍ عَدُوُّ وَلكم في الارْضِ مُسْتَقَرُّ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ * فَتَلقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَليهِ إنَّهُ هو التّوّابُ الرَّحِيمُ)(الايات: 30 ـ 37)
ج ـ في سورة آل عمران:
(إنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحا وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ عَلى العالَمينَ) (الاية:33)
(أُولئك الّذين آتَيْناهُمُ الكِتابَ وَالحُكْمَ والنبوّة...)(الانعام: 89)
أ ـ اجْتَباهُ:
اجتباه: اختاره واصطفاه لنفسه، وفي مفردات الراغب اجتباء اللّه العبد: تخصيصه إياه بفيض الهي يتحصل له منه أنواع من النعم بلا سعي من العبد، وذلك للانبياء ومن يقاربهم من الصِّدّيقين والشّهداء.
ب ـ تابَ:
التّوبة من العبد: النّدم على المعصية والعزم على تركها، وتدارك ما أمكن تداركه من الاعمال.
ومن الرّبّ: تاب عليه بالمغفرة ورجع عليه بفضله وقَبِلَ تَوبته.
ج ـ الخليفة:
نقول تتمة لما أوردناه في بحث خلق الملائكة:
جاء من مادة الخليفة في القرآن الكريم بلفظ المفرد والجمع، أو مع ضمير الجمع، وما كان منها بلفظ المفرد كان القصد منها خلافة صفيّ من أصفياء اللّه للّه على وجه الارض، وما كان منها بلفظ الجمع أو مع ضمير الجمع كان القصد منها خلافة ناسٍ متأخّرين لمن سبقوهم على وجه الارض.
فالاول منها جاء في قوله تعالى:
1 ـ في خطابه للملائكة: (إنّي جاعِلٌ في الارْضِ خَلِيفَةً).
2 ـ في خطابه لداود: (يا داوُدُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفةً في الارْض).
ولو كان القصد في الاول أنّ اللّه جاعل في الارض نوع الانسان خليفة، لما كان ثمّةَ وجهٌ لاختصاص داود وتشريفه بجعله خليفةً، في حين أنه كان من ضمن الناس الّذين جعلهم اللّه أبدَ الدّهر خليفته في الارض. وبناء على هذا، فلا بدّ من القول: إنّ القصد في قوله تعالى للملائكة: (إنّي جاعلٌ في الارضِ خليفة) آدم وحده، أو آدم ومن اجتباه من ذريته؛ وهم الذين جعلهم أئمة يهدون الناس.
والثاني منها جاء في قوله تعالى:
1 ـ في ما حكاهُ اللّهُ في سورة الاعراف من خطاب هود لقومه:
(.. وَاذْكُروا إذْ جَعَلَكُم خُلَفاء مِنْ بَعْدِ قَومِ نُوحٍ...)(الاية: 69).
2 ـ وخطاب صالح بعد ذلك لقومه: (وَاذْكُروا إذْ جَعَلكُم خُلَفاء مِنْ بَعْدِ عادٍ...)(الاية: 74)
وكيف يكون أعداء اللّه أمثال: قوم عاد وقوم ثمود ومن قَبلهم قوم نوح ـ ممّن أبادهم اللّه وأفناهم من وجه الارض ـ خلفاء للّه على وجه الارض؟! وبناء على ما ذكرناه يكون القصد في قول هود (ع) لقومه: (جَعَلكُم خُلفاء مِنْ بَعْدِ قَومِ نُوحٍ): جعلكم خلفاء قوم نوح في الارض. وفي قول صالح لقومه: (جَعلكُم خُلفاء مِنْ بَعْدِ عادٍ): جعلكم خلفأهم في الارض من بعدهم.
وكذلك الامر مع القسم الثالث الذي جاء مع ضمير الجمع، مثل قوله تعالى في حكاية قول يونس لقومه في سورة الاعراف: (عَسى ربُّكُمُ أنْ يُهلِكَ عدُوَّكم وَيسْتَخلِفَكم في الارْضِ...)(الاية: 129)
فإنّ القصد: يستخلفهم اللّه في الارض بدلاً من أعدائهم.
د ـ الاسماء:
للاسم في لغة العرب معنيان:
1 ـ اللفظ الذي يدلُّ على مُسمّى به يُميّز ويُعرَف؛ مثل: مكّة علما للبلد الذي فيه الكعبة بيت اللّه الحرام، وأسماء الاشخاص في عصرنا، كيوسف وفيصل وعباس... الخ.
2 ـ اللفظ الذي يدلّ على حقيقة المسمّى أو صفته؛ مثل: (اسم) في قوله تعالى: (سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الاعْلى)(الاعلى: 1)
إذ ليس معنى (اسم ربك) هاهنا لفظ ربك، فيكون المعنى: سبِّح لفظ ربك، وإنما معناه صفة ربك فيكون المعنى: سبح صفة ربك، أي: نزّه ربوبيةَ ربِّكَ الاعلى عمّا لا يليق بذكره.
ومن هذا الباب قوله تعالى: (وعلّمَ آدَمَ الاسماء كُلَّها)، وليس معنى الاسمأ التي علّمها اللّه لادمَ خليفته أسماء عواصم البلدان: بغداد، وطهران، ولندن. وأعضاء جسد الانسان: العين، والرأس، والرّقبة. وأسماء الفواكه: التين، والزيتون والرمان، والاحجار: الياقوت، والدر، والزبرجد، والمعادن: الذهب، والفضة والنُّحاس، والحديد... إلى ما لا يحصى من الالفاظ التي سَمّى البشر بها الاشياء بلغاتهم، وإنما القصد أنّه علّمه ـ بصفته خليفة اللّه في الارضـ صفات الاشياء وحقائقها. وسيأتي تمام البحث في بحث وللّه الاسماء الحسنى إن شاء اللّه تعالى.
هـ ـ نُسبّح بحمدك:
سبّح تسبيحا: نزّه اللّه أو قال: سبحان اللّه؛ أي: التنزيه للّه.
و ـ نقدّس:
قدّس للّه تقديسا: طهّرَ نفسه له، وصلّى له وعظّمه وكبّره، ونزّهه عمّا لا يليق بِأُلوهِيَّته.
إنّ اللّه قَبِلَ توبة آدم، واجتباه واصطفاه لوحيه، كما اصطفى سائر أنبيائه لهداية الناس.
وفي طبقات ابن سعد ومسند أحمد ـ واللفظ للاول ـ:
سئل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن آدم، أنبيّا كان أو مَلَكا؟ قال: بل نبيّ مكلّم.
عن أبي ذر قال: قلت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أي الانبياء أول؟
قال: آدم، قلت: أَوَنبيّا كان؟ قال: نعم. قال: قلت: فكم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وخمسة عشر جمّا غفيرا(13) .
وكان مما جاء في شريعته من المناسك: الحج، والطواف حول بيت اللّه الحرام، والجمعة.
وفي طبقات ابن سعد:
أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يوم الجمعة سيّد الايّام وأعظمها عند اللّه، خلق اللّه فيه آدم، وأهبط فيه آدم إلى الارض، وفيه توفّى اللّه آدم(14) .
كان آدم(ع) نبيا آتاه اللّه الكتاب والحكم لهداية البشر الذين كانوا في زمانه، وهم زوجته وذريته. ولم يكن من الرسل المبشّرين والمنذرين من اُولي العزم؛ ودفن في أرض العراق التي توفي فيها، كما جاء عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأوصى في حياته إلى ابنه شيث بحفظ شريعته وحملها إلى الناس من بعده، كالاتي خبره بإذنه تعالى.
أخبار الاوصياء من بعد آدم في كتب السيرة
* مقدمة.
* شيث هبة اللّه.
* أنوش بن شيث.
* قينان بن أنوش.
* مهلائيل بن قينان.
* يرد بن مهلائيل.
* اخنوخ بن يرد.
* متوشلح بن اخنوخ.
* لمك بن متوشلح.
في طبقات ابن سعد وتاريخ الطبري وغيرهما بسندهما إلى ابن عباس ما موجزه أنّه قال:
ولدت حواء لادم هبة اللّه واسمهُ بالعبرانية: شيث، وإليه أوصى آدم.
وولد لشيث أنوش، ولما مرض أوصى لابنه أنوش ومات.
ثم ولد لانوش ابنه قينان وإليه الوصية.
وولد قينان مهلائيل وإليه الوصية.
وولد مهلائيل يرد وهو اليارد وإليه الوصية.
فولد يرد اخنوخ، وهو ادريس النبي (ع) وإليه الوصية(15) .
وولد اخنوخ متوشلح وإليه الوصية.
وولد متوشلح لمك وإليه الوصية.
هذا ما جاء في رواية ابن سعد والطبري عن ابن عباس في خبر أوصياء آدم، وجاءت أخبارهم بتفصيل واف عند اليعقوبي (ت: 284 هـ) والمسعودي (ت: 346 هـ) وسبط بن الجوزي (ت: 654 هـ) كما نوردها في ما يأتي:
* ولادته.
* وصية آدم عليه السلام إليه.
* حكمه وحجّهُ للبيت الحرام.
* وصيته لابنه أنوش.
قال المسعودي في مروج الذهب ما موجزه:
لمّا حملت حواء بشيث تلالا النور في جبينها، فلما ولدته انتقل النور إليه، فلما ترعرع وكمل أوعز إليه آدم وصيّته، وأعلمه أنّه حجّة اللّه بعده وخليفته في الارض، والمؤدّي حقّ اللّه إلى أوصيائه، وأنّه الثاني في انتقال نور الرسول الخاتم إليه(16) .
وفي أخبار الزمان: لما أراد اللّه أن يتوفّى آدم، أمره أن يسند وصيّته إلى ابنه شيث ويعلّمه جميع العلوم التي عُلّمَ بها ففعل(17) .
وفي تاريخ اليعقوبي:
لما حضرت آدم الوفاة، جاءه شيث ابنه وولد ولده، فصلّى عليهم ودعا لهم بالبركة، وجعل وصيّته إلى شيث، وأمره أن يحفظ جسده ويجعله إذا مات في مغارة الكنز، وأن يوصي بنيه وبني بنيه، ويوصي بعضهم بعضا عند وفاتهم؛ إذا كان هبوطهم من جبلهم أن يأخذوا جسده فيجعلوه وسط الارض، وأمر شيثا ابنه أن يقوم بعده في ولدهم، فيأمرهم بتقوى اللّه وحسن عبادته، وينهاهم أن يخالطوا قابيل اللعين وولده، ثمّ صلّى على بنيه اُولئك، ثم مات يوم الجمعة(18) .
أ ـ تاريخ اليعقوبي:
قام بعد موت آدم ابنه شيث، وكان يأمر قومه بتقوى اللّه سبحانه والعمل الصالح(19) .
وفي أخبار الزمان:
إن اللّه أمره ببناء البيت والحجّ والعمرة، وكان أول من اعتمر(20) .
ب ـ في مرآة الزمان:
لمّا مات آدم جاء إلى مكة فأقام بها يحجّ ويعتمر، وبنى الكعبة بالحجارة والطين؛ يعني إنّه رَثَّ فجدّده، وأقام يعمّر الارض ويقيم الحدود على المفسدين كما كان يفعل أبوه(21) .
ج ـ في مروج الذهب:
إنّ آدم حين أدّى الوصيّة إلى شيث احتقبها واحتفظ بمكنونها، وحكم في الناس واستشرع صحف أبيه، وواقع امرأته فحملت بأنوش، فانتقل النور إليها، حتى إذا وضعته لاحَ النور عليه، فلما بلغ الوصاة أوعز إليه شيث في شأن الوديعة، وعرّفه شأنها وأنها شرفهم وكرمهم، وأوعز إليه أن ينبّه ولده على حقيقة هذا الشرف وكبر محله، وأن ينبّهوا أولادهم عليه، ويجعل ذلك فيهم وصيّة منتقلة ما دام النسل(22) .
فكانت الوصيّة جارية تنتقل من قرن إلى قرن، إلى أن أدّى اللّه النور إلى عبد المطلب وولده عبداللّه أبي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم). وسوف نذكر اخبار بعضهم في ذكر اخبار آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان شاء اللّه تعالى.
في تاريخ اليعقوبي:
فلما حضرت وفاة شيث أتاه بنوه وبنو بنيه وهم يومئذ أنوش، وقينان، ومهلائيل، ويرد، وأخنوخ، ونساؤهم وأبناؤهم، فصلّى عليهم، ودعا لهم بالبركة، وتقدم إليهم أن لا يختلطوا بأولاد قابيل الملعون، وأوصى إلى انوش ابنه وأمره أن يحتفظ بجسد آدم، وأن يتّقي اللّه ويأمر قومه بتقوى اللّه وحسن العبادة، ثمّ توفّي(23) .
انوش بن شيث
* ولادة أنوش ووصيّة شيث إليه وانتقال نور خاتم الرسل إليه.
* أوّل من غرس وزرع.
* وصيّته لابنه قينان وتعليمه صحف آدم.
* وفاته.
ولادة أنوش ووصيّة شيث له وانتقال نور خاتم الرسل إليه:
في مرآة الزمان:
ولد أنوش في زمن آدم، فلمّا احتضر شيث أوصى إلى ابنه أنوش وأخبره بالنور الذي انتقل إليه منه ـ أي نور خاتم الرسل الذي يولد من نسله ـ وأمره أن ينبّه ولده على هذا الشرف كابرا عن كابر وسلفا بعد سلف، فقام ولده أنوش بعده بالامر أحسن قيام، ودبر الرعايا وعمل بالشرائع على ما كان عليه أبوه، وهو أول من غرس النخل وزرع الحبّ(24) .
في مروج الذهب:
إنّ أنوش قد لبث في الارض يعمّرها، وولد له قينان ولاح النور في جبينه، وأخذ عليه العهد(25) ـ أي العهد في أخبار من يحمل نور خاتم الانبياء من ولده ـ.
وصيّته لابنه قينان وتعليمه صحف آدم:
في أخبار الزمان:
وولد شيث أنوش وهو بكره ووصيّه، وإنّ أنوش أوصى إلى ابنه قينان وكان قد علّمه الصحف(26) .
في تاريخ اليعقوبي:
وقام أنوش بن شيث بعد أبيه بحفظ وصيّة أبيه وجدّه، وأحسن عبادة اللّه، وأمر قومه بحسن العبادة(27) .
وفي تاريخ الطبري:
وقام مقام أبيه بسياسة الملك وتدبير الرعية(28) .
ولمّا حضرت أنوش الوفاة اجتمع إليه بنوه وبنو بنيه قينان، ومهلائيل ويرد، وأخنوخ، ومتوشلح، ونساؤهم، وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودعا لهم بالبركة، ونهاهم أن يدعوا أحدا من بنيهم أن يختلطوا بولد قابيل اللعين، وأوصى قينان بجسد آدم، وأمرهم أن يصلّوا عنده ويقدسوا اللّه كثيرا، وتوفّي(29) .
قينان بن أنوش
* ولادته وظهور نور خاتم الانبياء في جبينه.
* تعليم أنوش له الصحف وأمره بإقامة الصلاة وسائر الاحكام.
* وصيّته لابنه مهلائيل.
ولادته وظهور نور خاتم الانبياء في جبينه:
أ ـ في مروج الذهب:
ولد لانوش قينان، ولاح النور في جبينه ـ نور خاتم الانبياء ـ وأخذ عليهم العهد(30) .
ب ـ وفي مرآة الزمان:
ولما احتضر أنوش أوصى إلى ابنه قينان، وانتقل النور إلى قينان وأخبره بالسرّ الذي أودعه فيه، فسار قينان بسيرة أبيه(31) .
قال المؤلف:
المقصود من السرّ: هو نور خاتم الانبياء الذي كان ينتقل من أحدهم إلى الاخر. وسوف نذكر معنى هذا العهد بُعَيد هذا إن شاء اللّه تعالى.
تعليم أنوش له الصحف وأمره بإقامة الصلاة وسائر الاحكام:
في أخبار الزمان:
أوصى أنوش إلى ابنه قينان وقد كان علّمه الصحف، وبيّن له قسمة الارض وما يكون فيها، وأمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج، وبجهاد ولد قابيل، ففعل ما أمره به أبوه(32) .
في تاريخ اليعقوبي:
وقام قينان بن أنوش وكان رجلاً لطيفا، تقيّا، مقدّسا، فقام في قومه بطاعة اللّه وحسن عبادته، واتّباع وصيّة آدم وشيث.
فلما دنا موته اجتمع إليه بنوه وبنو بنيه مهلائيل، ويرد، ومتوشلح، ولمك، ونساؤهم، وأبناؤهم، فصلّى عليهم، ودعا لهم بالبركة.
وجعل وصيّته إلى مهلائيل، وأمره أن يحتفظ بجسد آدم(33) .
____________
(1) النساء / 65.
(2) راجع: بحث الوصي في المجلد الاول من معالم المدرستين، ونهج البلاغة، باب الحكم، حكمة139.
(3) مادة نبأ من مفردات الراغب.
(4) راجع مادة نبأ من معجم ألفاظ القرآن الكريم والمعجم الوسيط.
(5) هكذا استفدنا من الاحاديث في باب الفرق بين الرسول والنبي من اصول الكافي (1 / 176).
(6) راجع مادة «الاية» بمفردات الراغب.
(7) البحار 11 / 32، عن معاني الاخبار ص 95، والخصال 2 / 104، ومسند أحمد 5/265 ـ 266، ومادّة حجّة من نهاية اللغة، وفي البحار 11 / 33، عن الخصال 1 / 144 مختصر الحديث عن الامام الباقر(ع)، لعلّ المقصود من السريانيّة في الحديث هو اللّغات القديمة عامّة.
(8) مسند أحمد 5/265-266.
(9) البحار 11 / 34 ـ 35، عن عيون أخبار الرضا 234 ـ 235.
(10) تفسير السيوطي 6 / 45.
(11) أصول الكافي 1 / 175، باب طبقات الانبياء والرسل، من كتاب الخصال 1 / 144.
(12) تاريخ اليعقوبي 2 / 34.
(13) طبقات ابن سعد. ط. بيروت 1376، 1 / 32 و34، وط. أوربا 10 و12، ومسند أحمد 5/178 و179 و5 / 265 ـ 266، وتاريخ الطبري ط.اوربا 1 / 152، وقد مرّ بنا الحديث في مصادر اُخرى بألفاظ أخرى.
(14) طبقات ابن سعد ط. أوربا 1 / 8، وط. بيروت 1 / 30.
(15) راجع أخبار ما أوردنا في: طبقات ابن سعد، ط. أوربا 1 / 14 ـ 17، وتاريخ الطبري، ط. أوربا 1 / 153 ـ 165 و166، وخبر وصيّة آدم لشيث في تاريخ ابن الاثير 1 / 19 ـ 20، 1/40ـ48، وتأريخ ابن كثير 1 / 98، وتاريخ اليعقوبي 1 / 11 وفيه ان اخنوخ هو ادريس النبي.
(16) نقلته بإيجاز من ترجمة شيث في مروج الذهب للمسعودي 1 / 47 ـ 48.
(17) نقلته بإيجاز من أخبار الزمان للمسعودي ط. دار الاندلس بيروت عام 1978 م، وأورد سبط ابن الجوزي بعض أخبار الوصيّة في ترجمة شيث من مرآة الزمان ط. دار الشروق في بيروت عام 1405 ه، ص223.
(18) تاريخ اليعقوبي، ط. بيروت 1 / 7.
(19) تاريخ اليعقوبي 1/8.
(20) أخبار الزمان ص76.
(21) مرآة الزمان ص 223.
(22) مروج الذهب 1/48.
(23) تاريخ اليعقوبي 1 / 8 - 9.
(24) مرآة الزمان ص 223.
(25) مروج الذهب 1 / 49.
(26) أخبار الزمان: ص 223 ـ 224.
(27) تاريخ اليعقوبي ط. بيروت 1/8.
(28) تاريخ الطبري: ط. اوربا 1 / 165.
(29) اليعقوبي: 1 / 8 ـ 9.
(30) مروج الذهب 1/49.
(31) مرآة الزمان ص 224.
(32) أخبار الزمان ص 77.
(33) تاريخ اليعقوبي 1/9.