قيام ارفخشد بعد سام:
في مروج الذهب للمسعودي:
وكان القيم بعد سام في الارض ولده ارفخشد(1) .
في تاريخ اليعقوبي:
ثم قام ارفخشد بن سام بعبادة اللّه تعالى وطاعته، وكان قد ولد له شالح بعد أن أتت عليه مائة وخمس وثمانون سنة، وقد تفرّق ولد نوح في البلاد، وكثرت الجبابرة والعُتاة منهم، وأفسد ولد كنعان بن حام، وأظهروا المعاصي(2) .
في تاريخ اليعقوبي:
ولمّا حضرت ارفخشد الوفاة جمع إليه ولده وأهله وأوصاهم بعبادة اللّه تعالى ومجانبة المعاصي، وقال لشالح ابنه: اقبلْ وصيّتي، وقم في أهلك بعدي عاملاً بطاعة اللّه تعالى. ومات(3) .
* قيامه في طاعة اللّه ووصيته لابنه.
في تاريخ اليعقوبي:
ثمّ قام شالح بن أرفخشد في قومه يأمرهم بطاعة اللّه تعالى، وينهاهم عن معاصيه، ويحذرهم ما نال أهل المعاصي من الرجز والعذاب. وكان قد ولد له عابر بعد أن أتت عليه مائة وثلاثون سنة، ثم حضرته الوفاة، فأوصى إلى ابنه عابر بن شالح، وأمره أن يتجنّب فعل بني قابيل اللعين؛ ومات(4) .
أخبار الانبياء من أوصياء نوح في القرآن
* هود (ع).
* صالح (ع).
* سيرته في آيات كريمة.
* شرح الكلمات.
* تفسير الايات.
قال اللّه سبحانه وتعالى:
أ ـ في سورة الاحقاف مخاطبا نبيّه الكريم:
(وَاذْكُرْ أخا عادٍ إذْ أنَذَرَ قومَهُ بالاحْقافِ وقدْ خَلَت النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ألاّ تَعْبُدوا إلاّ اللّهَ إنّي أخافُ عليكُم عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ * قالوا أجِئْتنا لتأفكَنا عَنْ آلهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إنْ كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قالَ إِنَّما العِلمُ عِندَ اللّهِ وَاُبَلّغُكُم ما أُرْسِلْتُ بهِ وَلكِنّي أراكُم قَوما تَجْهَلونَ * فَلمّا رَأوْهُ عارِضا مُسْتَقْبِلَ أوْديَتِهِم قالُوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلتُم بهِ ريحٌ فِيها عَذابٌ ألِيمٌ* تُدَمِّرُ كلَّ شَيء بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحوا لا يُرى إلاّ مَساكِنُهُم كَذلِكَ نَجْزي القومَ الُمجرِمِينَ)(الايات:21ـ25)
ب ـ في سورة هــود:
(وإلى عادٍ أخاهُمْ هُودا قالَ يا قَومِ اعْبُدوا اللّهَ ما لكُم مِنْ إلهٍ غَيْرُهُ إنْ أنتُم إلاّمُفْتَرونَ * يا قَومِ لا أسْألُكُم عليهِ أجْرا إنْ أجريَ إلاّ على الّذي فَطَرَني أفَلا تَعْقِلونَ * وَيا قَومِ اسْتَغْفِروا ربَّكم ثُمَّ تُوبُوا إليهِ يُرْسِلِ السَّماء عليكُم مدرارا ويزدْكُم قُوَّةً إلى قُوَّتِكم ولا تتولَّوا مُجْرمينَ * قالُوا يا هُودُ ما جِئتنا ببيِّنةٍ وما نحنُ بتاركي آلهتنا عن قولِك وما نحنُ لك بمُؤمنينَ * إنْ نَقولُ إلاّ اعْتراك بعضُ آلهتِنا بِسُوء قال إنّي أُشهدُ اللّه واشهدوا أنّي بريء ممّا تُشركونَ * من دونه فكيدُوني جميعا ثُمّ لا تُنظرُونِ)(الايات: 50 ـ 55)
ج ـ في سورة المؤمنون:
(وقال الملاُ من قومِه الّذين كفروا وكذَّبوا بلقاء الاخرةِ وأترفناهُم في الحياةِ الدُّنيا ما هذا إلاّ بشرٌ مثلُكُم يأكُلُ مما تأكُلُونَ منهُ ويشربُ ممّا تشربونَ* ولئن أطعتُم بشرا مثلَكُم إنَّكُم إذا لخاسرونَ * أيعدُكُم أنَّكُم إذا متُّم وكُنتُم تُرابا وعظاما أَنّكُم مُخرجُونَ * هيهاتَ هيهاتَ لما تُوعدُونَ * إن هي إلاّ حياتُنا الدُّنيا نمُوتُ ونحيا وما نحنُ بمبعُوثينَ * إن هُو إلا رجُلٌ افترى على اللّه كذبا وما نحنُ لهُ بِمُؤمنينَ * قال ربِّ انصُرني بما كذَّبُونِ * قال عمّا قليلٍ ليُصبِحُنَّ نادمينَ * فأخذتهُم الصَّيحةُ بالحقِّ فجعلناهُم غُثاء فبُعدا للقومِ الظالمينَ)(الايات: 33 ـ 41)
د ـ في سورة الاعراف:
(وإلى عادٍ أخاهُم هُودا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيرُهُ افلا تتقوُن * قال الملاُ الّذين كفروا من قومِه إنّا لنراك في سفاهةٍ وإنّا لنظُنُّك من الكاذبينَ * قال يا قومِ ليس بي سفاهةٌ ولكني رسولٌ من ربِّ العالمينَ * أُبلِّغُكُم رسالاتِ ربّي وأنا لكُم ناصحٌ أمينٌ * أَوعَجِبتُم أن جاءكُم ذكرٌ من ربِّكُم على رجُلٍ منكُم ليُنذركُم واذكُروا إذ جعلكُم خُلفاء من بعد قوم نُوحٍ وزادكُم في الخلقِ بصطةً فاذكُرُوا آلاء اللّه لعلَّكُم تُفلحونَ * قالوا أجئتنا لنعبُدَ اللّهَ وحدهُ ونذرَ ما كان يعبُدُ آباؤُنا فأْتنا بما تعدُنا إن كُنت من الصّادقينَ * قال قد وقع عليكُم من ربِّكُم رجسٌ وغضبٌ أتُجادلُونني في أسماء سمَّيتُموها أنتُم وآباؤُكُم ما نزَّل اللّهُ بها من سُلطانٍ فانتظروا إنّي معكُم من المنتظِرينَ * فأنجيناهُ والّذين معهُ برحمةٍ منّا وقطعنا دابرَ الذين كذّبوا بآياتنا وما كانُوا مُؤمنينَ)(الايات: 65 ـ 72)
هـ ـ في سورة القمر:
(كذَّبت عادٌ فكيف كان عذابي ونُذُر * إنّا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يومِ نحسٍ مُستمرٍ * تنزعُ النّاس كأنَّهُم أعجازُ نخلٍ مُنقعرٍ)(الايات: 18 ـ 20)
أ ـ الاحقاف:
الحقف: ما استطال واعوجّ من الرمل وجمعه: الاحقاف، والمقصود هنا مجتمع رمال بين عمان إلى حضرموت؛ راجع تفصيل خبره في مادة الاحقاف من معجم البلدان.
ب ـ لتأْفكنا:
الافك: أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، والمقصود هنا تصرفنا عن آلهتنا بكذبك وافترائك.
ج ـ عارض:
العارض: ما اعترض في الاُفق فسدّه من سحاب أو جراد أو نحل.
د ـ أترفناهُم:
التَّرف: التنعّم، وأترفناهم أي نعّمناهم بأنواع النعم من المال والولد والمساكن الطيّبة.
هـ ـ هيهات:
هيهات هذا الامر: أي بعُد.
و ـ بصطة:
البصطة لغة في البسطة. والبصطة في العلم: السعة والفضيلة والزيادة. وفي الجسم: زيادة تهيب العدوّ، والمقصود هنا المعنى الثاني.
ز ـ رجس:
الرِّجس هنا: العذاب الذي يقع بسبب ما يستقبح.
ح ـ قطعنا دابرهُم:
قطعُ الدابر كناية عن الاستئصال، وقطع اللّه دابرهم: أفناهم عن آخرهم.
كانت قبيلة عاد من ذرية نوح النبي قد بلغوا درجة من الحضارة تناسبهم شريعة نوح الواسعة، واستطاع الشيطان أن يستدرجهم إلى عبادة الاوثان، فأرسل اللّه لهدايتهم نبيّه هودا(ع) من أفراد قبيلتهم، فدعاهم إلى عبادة اللّه وحده والعمل بدين الاسلام الذي شرّعه لهم ربّ العالمين وجاء به نوح (ع) ووعظهم ولكنّهم طغوا وبغوا، فحبس اللّه عنهم المطر لعلّهم يتضرّعون، وبشّرهم إن آمنوا واستغفروا أن يرسل السماء عليهم مدرارا، وأنذرهم عذاب اللّه، ولكنّهم ازدادوا عتوّا فأرسل اللّه عليهم ريحا سوداء، فلمّا رأوها ظنوا أنّها سحابة مُمطرة ولكنّها كانت ريحا أهلكتهم وبقيت مساكنهم.
وكذلك كان شأن قبيلة ثمود الاتي خبرهم بإذنه تعالى:
صـالــح
* سيرته في آيات كريمة.
* شرح الكلمات.
* تفسير الايات.
أ ـ في سورة الّنمل:
(ولقد أرسلنا إلى ثمُود أخاهُم صالحا أن اعبُدوا اللّهَ فإذا هُم فريقانِ يختصمونَ* قال يا قوم لم تستعجلونَ بالسَّيِّئةِ قبل الحسنةِ لولا تستغفرُونَ اللّهَ لعلَّكُم تُرحمُونَ * قالُوا اطَّيَّرنا بك وبمن معك قال طائرُكُم عند اللّهِ بل أنتُم قومٌ تُفتنُونَ)(الايات: 45 ـ 47)
ب ـ في سورة الشعراء:
(كذَّبت ثمُودُ المُرسلينَ * إذ قال لهُم أخوهُم صالحٌ ألا تتَّقونَ * إنّي لكُم رسولٌ أمينٌ * فاتَّقوا اللّهَ واطيعُونِ * وما أسألُكُم عليه من أجرٍ إن أجري إلاّ على ربِّ العالمينَ * أتُتركُون في ما هاهُنا آمنينَ * في جنّاتٍ وعُيُونٍ * وزُرُوعِ ونخلٍ طلعُها هضيمٌ * وتنحتُونَ من الجبالِ بُيُوتا فارهينَ * فاتَّقوا اللّهَ وأطيعُونِ * ولا تُطيعُوا أمرَ المُسرفينَ * الّذين يُفسدُون في الارضِ ولا يُصلحُونَ * قالُوا إنّما أنت من المُسحَّرينَ * ما أنت إلاّ بشرٌ مثلُنا فأتِ بآيةٍ إن كُنت من الصّادقينَ * قال هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكُم شربُ يومٍ معلُومٍ)(الايات: 141 ـ 155)
ج ـ في سورة هـود:
(وإلى ثمُودَ أخاهُم صالحا قال يا قومِ اعبُدوا اللّهَ ما لكُم من إلهٍ غيرُهُ هُو أنشأكُم من الارضِ واستعمركُم فيها فاستغفرُوهُ ثمَّ تُوبُوا إليه إنَّ ربّي قريبٌ مُجيبٌ* قالُوا يا صالحُ قد كُنت فينا مرجُوّا قبل هذا أتنهانا أن نعبُدَ ما يعبُدُ آباؤُنا وإنَّنا لفي شكٍّ ممّا تدعونا إليه مُريبٍ * قال يا قومِ أرأيتُم إن كُنتُ على بيَّنةٍ من ربِّي وآتاني منهُ رحمةً فمن ينصُرُني من اللّهِ إن عصيتُهُ فما تزيدُونني غيرَ تخسيرٍ* ويا قومِ هذه ناقةُ اللّهِ لكُم آيةً فذرُوها تأكُلْ في أرضِ اللّهِ ولا تمسُّوها بسُوء فيأخُذكُم عذابٌ قريب * فعقرُوها فقال تمتَّعوا في دارِكُم ثلاثةَ أيّامٍ ذلك وعدٌ غيرُ مكذُوٍب * فلمّا جاء أمرُنا نجَّينا صالحا والّذين آمنوا معهُ برحمةٍ منّا ومن خزي يومئذٍ إنَّ ربَّك هُو القويُّ العزيزُ * وأخذ الّذين ظلمُوا الصَّيحةُ فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إنّ ثمُودَ كفروا ربَّهُم ألا بُعدا لثمُودَ) (الايات:61 ـ 68)
د ـ في سورة الاعراف:
(وإلى ثمُودَ أخاهمُ صالحا قال يا قوم اعبُدوا اللّهَ ما لكُم من إلهٍ غيرُهُ قد جاءتكُم بينةٌ من ربِّكُم هذه ناقةُ اللّهِ لكُم آيةً فذروها تأكُلْ في أرضِ اللّهِ ولا تمسُّوها بسُوء فيأخُذكُم عذابٌ أليمٌ * واذكُروا إذ جعلكُم خُلفاء من بعدِ عادٍ وبوَّأكُم في الارضِ تتَّخذونَ من سُهُولِها قُصُورا وتنحتُون الجبالَ بُيُوتا فاذكُروا آلاء اللّهِ ولا تعثوا في الارض مُفسدينَ * قال الملاُ الّذين استكبروا من قومِه للَّذين استُضعفُوا لمن آمن منهُم أتعلُمونَ أَنَّ صالحا مُرسلٌ من ربّه قالُوا إنّا بما أُرسلَ به مُؤمنونَ * قال الّذين استكبروا إنّا بالَّذي آمنتُم به كافرونَ * فعقروا الناقةَ وعتوا عن أمر ربّهم وقالُوا يا صالحُ ائتنا بما تعدُنا إن كُنت من المُرسلينَ* فأخذتهُمُ الرَّجفةُ فأصبحُوا في دارِهم جاثمينَ * فتولَّى عنهُم وقال يا قومِ لقد أبلغتُكُم رسالة ربّي ونصحتُ لكم ولكن لا تُحبّون النّاصحينَ)(الايات: 73 ـ 79)
هـ ـ في سورة النمل:
(وكان في المدينةِ تسعةُ رهطٍ يُفسدون في الارضِ ولا يُصلحونَ * قالُوا تقاسمُوا باللّهِ لنُبيِّتنَّهُ وأهلَهُ ثُمَّ لنقُولنَّ لوليِّه ما شهدنا مهلِكَ أهلِه وإنّا لصادقونَ* ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهُم لا يشعُرونَ * فانظُرْ كيف كان عاقبةُ مكرِهم أنّا دمَّرناهُم وقومَهُم أجمعينَ * فتلكَ بيُوتُهُم خاويةً بما ظلموا إنَّ في ذلك لايةً لقومٍ يعلمونَ * وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتَّقونَ)(الايات: 48 ـ 53)
أ ـ اطَّيَّرنا وطائرُكم:
تطيَّر واطَّيَّر: تشاءم. وطائركم هنا بمعنى شؤمكم.
ب ـ هضيم:
الهضيم: الناضج من الثمر. واللطيف: الليّن والمتدلّي.
ج ـ فارهين:
الفاره: الاشر والحاذق في عمله، وكلا المعنيين يناسبان المقام.
د ـ جاثمين:
جثم جثُوما: لزم مكانه لاصقا بالارض لا يبرحها.
هـ ـ بوَّأكُم:
بوَّأهُ منزلاً: أنزله فيه.
و ـ لا تعثوا:
عاث وعثا: أفسد أشدّ الافساد.
ز ـ عُتُوّا:
عتا عُتوّا: استكبر، جاوز الحدّ في الطغيان.
ح ـ الرَّجفة:
رجف: تحرّك واضطرب اضطرابا شديدا، والرجفة: المرّة منه.
ط ـ الرَّهط:
الرَّهط هنا بمعنى دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة.
كانت قبيلة ثمود ـ أيضا ـ من ذريّة نوح، وعاشت بعد قوم عاد وسكنت القصور الفارهة بين الشام والمدينة(5) وعتت وطغت وعبدت الاصنام دون اللّه، فأرسل اللّه إليهم نبيّه صالحا من أفراد قبيلتهم بشيرا ونذيرا فجرى بينهم ما مرّ بنا في الايات الانفة.
وأخيرا طلبوا من نبيّهم أمرا تعجيزيا حين طلبوا منه أن يخرج لهم من الجبل ناقة عشراء تكون آية على صدق مُدّعاه، فآتاهم اللّه تلك الاية وتمخّض الجبل عن ناقة عشراء عظيمة الجثة وولدت أمامهم، واتفق نبيّ اللّه صالح معهم أن تشرب الناقة من نهرهم يوما ولا يرد النهر غيرُها، ويكون لبنها في ذلك اليوم بديلاً لهم عن ماء النهر، وفي اليوم الاخر يكون ماء النهر لهم ولدوابّهم. وجرى الامر بينهم على ذلك، حتى تعاقد تسعة من طغاتهم على عقرها، وعقروها فأخذتهم الصّيحة والرّجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
نتيجة البحث:
أرسل اللّه كلاّ ً من هود وصالح عليهما السّلام بشيرين ونذيرين إلى قومهما يدعوانهم للعمل بشريعة نوح (ع)، وكذلك كان كلّ من جاء بعد نوح (ع) ممن بلّغ شرائع الدين كان وصيّا على شريعة نوح (ع) سواء أكان رسولاً مثل هود (ع) وصالح (ع) أو لم يكن رسولاً مثل سام بن نوح (ع) ومن جاء بعده من الاوصياء، إلى أن بعث اللّه إبراهيم (ع) بالشريعة الحنيفة، كما ندرس أخباره في ما يأتي بحوله تعالى.
* مشاهد من أخبار إبراهيم في القرآن الكريم.
* إبراهيم مع المشركين.
* إبراهيم مع لوط.
* إبراهيم وإسماعيل وبناء البيت والنداء بالحج.
* إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
مشاهد من أخبار إبراهيم (ع) في القرآن الكريم
المشهد الاوّل ـ إبراهيم مع المشركين:
قال اللّه سبحانه وتعالى:
أ ـ في سورة الشعراء:
(واتلُ عليهم نبأ إبراهيمَ * إذ قال لابيه وقومِه ما تعبُدونَ * قالُوا نعبُدُ أصناما فنظلُّ لها عاكفينَ * قال هل يسمعونكم إذ تدعُونَ * أو ينفعونكم أو يضُرُّونَ * قالُوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلونَ * قال أفرأيتُم ما كُنتُم تعبُدُونَ * أنتُم وآباؤُكُمُ الاقدمونَ * فإنَّهُم عدوُّ لي إلاّ ربَّ العالمينَ * الّذي خلقني فهُو يهدينِ* والّذي هُو يُطعمُني ويسقينِ * وإذا مرضتُ فهُو يشفينِ * والذي يُميتُني ثُمَّ يُحيينِ* والّذي أطمعُ أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّينِ)(الايات: 69 ـ82)
ب ـ في سورة الانعام:
(وإذ قال إبراهيمُ لابيه آزرَ أتتَّخذُ أصْناما آلهةً إنّي أراك وقومَك في ضلالٍ مُبينٍ * وكذلك نُري إبراهيمَ ملكُوتَ السَّماواتِ والارضِ وليكُونَ من المُوقنينَ * فلمّا جنّ عليه اللَّيلُ رأى كوكبا قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لا أُحبُّ الافلينَ * فلمّا رأى القمرَ بازغا قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لئن لم يهدني ربّي لاكُوننَّ من القوم الضّالِّينَ * فلمّا رأى الشَّمس بازغةً قال هذا ربّي هذا أكبرُ فلمّا أفلت قال يا قوم إنّي بريء ممّا تُشركونَ * إنّي وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطر السماواتِ والارضَ حنيفا وما أنا من المُشركينَ * وحاجَّهُ قومُهُ قال أتُحاجُّونّي في اللّهِ وقد هَدانِ ولا أخافُ ما تُشركون به إلاّ أن يشاء ربّي شيئا وسع ربّي كُلَّ شيء علما أفلا تتذكَّرونَ * وكيف أخافُ ما أشركتُم ولا تخافُون أنَّكُم أشركتُم باللّهِ ما لم يُنزِّل به عليكُم سُلطانا فأيُّ الفريقينِ أحقُّ بالامنِ إن كُنتُم تعلمُونَ)(الايات: 74 ـ 81)
ج ـ في سورة العنكبوت:
(وإبراهيمَ إذ قال لقومِه اعبُدوا اللّهَ واتَّقوهُ ذلكُم خيرٌ لكُم إن كُنتم تعلمونَ* إنّما تعبُدونَ من دُون اللّهِ أوثانا وتخلُقُون إفكا إنَّ الّذين تعبُدون من دُون اللّهِ لا يملكون لكُم رزقا فابتغوا عند اللّهِ الرِّزقَ واعبدُوهُ واشكُروا لهُ إليه تُرجعونَ * وإن تُكذِّبوا فقد كذَّب أُممٌ من قبلكُم وما على الرَّسولِ إلاّ البلاغُ المُبينُ *..... * فما كان جواب قومِه إلاّ أن قالُوا اقتُلُوهُ أو حرِّقوهُ فأنجاهُ اللّهُ من النّارِ إنَّ في ذلك لاياتٍ لقومٍ يُؤمنون * وقال إنّما اتخذتُم من دُون اللّهِ أوثانا مودَّة بينِكُم في الحياةِ الدُّنيا ثُمَّ يومَ القيامةِ يكفُرُ بعضُكُم ببعضٍ ويلعنُ بعضُكم بعضا ومأواكُمُ النّارُ وما لكُم من ناصرينَ)(الايات: 16 ـ 18 و 24 ـ 25)
د ـ في سورة الصافات:
(سلامٌ على نوُحٍ في العالَمين *..... * وإنَّ من شيعته لابراهيمَ * إذ جاء ربَّهُ بقلبٍ سليمٍ * إذ قال لابيه وقومه ماذا تعبُدونَ * أإفكا آلهةً دُون اللّه تُريدونَ * فما ظنُّكُم بربِّ العالمينَ * فنظر نظرةً في النُّجُومِ * فقال إنّي سقيمٌ * فتولَّوا عنهُ مُدبرينَ * فراغ إلى آلهتِهم فقال ألا تأكُلونَ * ما لكُم لا تنطقُونَ * فراغ عليهم ضربا باليمينِ * فأقبلُوا إليه يزفُّونَ* قال أتعبُدونَ ما تنحتُونَ * واللّهُ خلقكُم وما تعملونَ * قالُوا ابنُوا لهُ بُنيانا فألقُوُه في الجحيمِ * فأرادُوا به كيدا فجعلناهُمُ الاسفلينَ)(الايات: 79 و 83 ـ 98)
هـ ـ في سورة الانبياء:
(ولقد آتينا إبراهيمَ رُشدهُ من قبلُ وكُنّا به عالمينَ * إذ قال لابيه وقومه ما هذه التَّماثيلُ الَّتي أنتُم لها عاكفُونَ * قالُوا وجدنا آباءنا لها عابدينَ * قال لقد كُنتُم أنتُم وآباؤُكُم في ضلالٍ مُبينِ * قالُوا أجئتنا بالحقِّ أم أنت من اللاّعبينَ * قال بل ربُّكُم ربُّ السَّماواتِ والارضِ الّذي فطرهُنَّ وأنا على ذلكُم من الشّاهدين* وتاللّه لاكيدنَّ أصنامَكُم بعد أن تُولُّوا مُدبرينَ * فجعلهُم جُذاذا إلاّ كبيرا لُهم لعلَّهم إليه يرجعونَ * قالُوا من فعل هذا بآلهتِنا إنّهُ لمن الظّالمينَ * قالوا سمعْنا فتىً يذكُرُهُم يُقالُ لهُ إبراهيمَ * قالُوا فأتُوا به على أعيُنِ النّاسِ لعلَّهم يشهدونَ * قالُوا أأنت فعلت هذا بآلهتِنا يا إبراهيمُ * قال بل فعلهُ كبيرُهُم هذا فاسألوهُم إن كانوا ينطقونَ * فرجعوا إلى أنفُسِهم فقالوا إنكُم أنتمُ الظالمُونَ * ثُمَّ نُكسُوا على رُؤوسِهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقُونَ * قال أفتعبُدون من دُونِ اللّهِ ما لا ينفعُكُم شيئا ولا يضُرُّكم * أُفٍّ لكُم ولما تعبُدُون من دُون اللّه أفلا تعقلونَ * قالُوا حرِّقُوه وانصُروا آلهتَكم إن كُنتُم فاعلينَ * قُلنا يا نارُ كُوني بردا وسلاما على إبراهيمَ* وأرادُوا به كيدا فجعلناهُمُ الاخسرينَ) (الايات: 51 ـ 70)
و ـ في سورة البقرة:
(ألم تر إلى الَّذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه أن آتاهُ اللّهُ المُلكَ إذ قال إبراهيمُ ربّي الّذي يُحيي ويُميتُ قال أنا أُحيي وأُميتُ قال إبراهيمُ فإنَّ اللّهَ يأتي بالشَّمسِ من المشرقِ فأتِ بها من المغربِ فبُهت الّذي كفر واللّهُ لا يهدي القومَ الظالمينَ).(الاية:258)
المشهد الثاني ـ إبراهيم ولوط عليهما السّلام:
أ ـ في سورة العنكبوت:
(فآمن لهُ لُوطٌ وقال إنّي مُهاجرٌ إلى ربّي إنَّهُ هُو العزيزُ الحكيمُ * ووهبنا لهُ إسحاقَ ويعقُوبَ وجعلنا في ذُرِّيتِه النُّبُوَّةَ والكتابَ وآتيناهُ أجرَهُ في الدُّنيا وإنّهُ في الاخرةِ لمن الصّالحينَ *... * ولمَّا جاءت رُسُلُنا إبراهيمَ بالبُشرى قالُوا إنّا مُهلكو أهلِ هذه القريةِ إنَّ أهلَها كانُوا ظالمينَ * قال إنَّ فيها لُوطا قالُوا نحنُ أعلمُ بمن فيها لنُنجِّينَّهُ وأهلَهُ إلاّ امرأتَهُ كانت من الغابرينَ)(الايات: 26 ـ 27، 31 ـ 32).
ب ـ في سورة هـود:
(ولقد جاءت رُسُلُنا إبراهيمَ بالبُشرى قالُوا سلاما قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ * فلمّا رأى أيديَهُم لا تصلُ إليه نكرهُم وأوجس منهُم خيفةً قالُوا لاتخف إنّا أُرسلنا إلى قومِ لُوطٍ * وامرأتُهُ قائمةٌ فضحكت فبشَّرناها بإسحاقَ ومن وراء إسحاقَ يعقُوبَ * قالت يا ويلتى أألدُ وأنا عجُوزٌ وهذا بعلي شيخا إنَّ هذا لشيء عجيبٌ * قالُوا أتعجبين من أمرِ اللّهِ رحمةُ اللّهِ وبركاتُهُ عليكُم أهلَ البيت إنَّهُ حميدٌ مجيدٌ * فلمّا ذهب عن إبراهيمَ الرَّوعُ وجاءتهُ البُشرى يُجادلُنا في قومِ لُوطٍ* إنّ إبراهيمَ لحليمٌ أوّاهٌ مُنيبٌ * يا إبراهيمُ أعرض عن هذا إنَّهُ قد جاء أمرُ ربِّك وإنَّهُم آتيهم عذابٌ غيرُ مردُودٍ)(الايات: 69 ـ 76)
ج ـ في سورة الذاريات:
(هل أتاك حديثُ ضيفِ إبراهيمَ المُكرمينَ * إذ دخلوا عليه فقالُوا سلاما قال سلامٌ قومٌ مُنكرونَ * فراغ إلى أهلِه فجاء بعجلٍ سمينٍ * فقرَّبهُ إليهم قال ألا تأكُلُونَ * فأوجس منهُم خيفةً قالُوا لا تخف وبشَّرُوهُ بغُلامٍ عليمٍ * فأقبلت امرأتُهُ في صرَّةٍ فصكَّت وجهَها وقالت عجُوزٌ عقيمٌ * قالوا كذلكِ قال ربُّكِ إنَّهُ هُو الحكيمُ العليمُ * قال فما خطبُكُم أيُّها المُرسلُونَ * قالُوا إنّا اُرسلنا إلى قومٍ مُجرمينَ* لنُرسلَ عليهم حجارةً من طينٍ * مُسوَّمةً عند ربِّك للمُسرفينَ * فأخرجنا من كان فيها من المؤمنينَ * فما وجدنا فيها غيرَ بيتٍ من المسلمينَ * وتركنا فيها آيةً للَّذينَ يخافُونَ العذابَ الاليمَ)(الايات: 24 ـ 37)
د ـ في سورة الشعراء:
(كذَّبت قومُ لُوطٍ المُرسلينَ * إذ قال لهُم أخوهُم لُوطٌ ألا تتَّقونَ * إنّي لكُم رسُولٌ أمينٌ * فاتّقوا اللّهَ وأطيعُونِ * وما أسألُكُم عليه من أجرٍ إن أجري إلاّ على ربِّ العالمينَ * أتأتُون الذُّكرانَ من العالمينَ * وتذرُونَ ما خلق لكُم ربُّكُم من أزواجِكُم بل أنتُم قومٌ عادُونَ * قالُوا لئن لم تنتهِ يا لُوطُ لتكُوننَّ من الُمخرجينَ* قال إنّي لعملِكُم من القالينَ * ربِّ نجِّني وأهلي ممّا يعملونَ * فنجَّيناه وأهلَهُ أجمعينَ * إلاّ عجُوزا في الغابرينَ * ثُمَّ دمَّرنا الاخرينَ * وأمطرنا عليهِم مطرا فساء مطرُ المُنذرينَ)(الايات: 160 ـ 173)
المشهد الثالث ـ إبراهيم وإسماعيل(ع) وبناء البيت والنداء بالحجّ:
أ ـ في سورة إبراهيم:
(وإذ قال إبراهيمُ ربِّ اجعل هذا البلدَ آمنا واجنبني وبنيَّ أن نعبُدَ الاصنامَ * ربِّ إنَّهُنَّ أضللنَ كثيرا من النّاسِ فمن تبعني فإنَّهُ منّي ومن عصاني فإنَّك غفُورٌ رحيمٌ * ربَّنا إنّي أسكنتُ من ذُريّتي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ عند بيتِك المُحرَّمِ ربَّنا ليُقيموا الصَّلاةَ فاجعل أفئدةً من النّاسِ تهوي إليهم وارزقهُم من الثَّمراتِ لعلَّهم يشكُرونَ *... * الحمدُ للّهِ الّذي وهب لي على الكبرِ إسماعيلَ وإسحاقَ إنَّ ربّي لسميعُ الدُّعاء * ربِّ اجعلني مُقيمَ الصَّلاة ومن ذُرِّيَّتي ربَّنا وتقبَّل دُعاء * ربّنا اغفر لي ولوالديَّ وللمُؤمنينَ يومَ يقُومُ الحسابُ)(الايات:35ـ37 و39ـ41)
ب ـ في سورة الحج:
(وإذ بوَّأنا لابراهيمَ مكانَ البيتِ أن لا تُشركْ بي شيئا وطهِّرْ بيتيَ للطائفينَ والقائمينَ والرُّكعِ السُّجُودَ * وأذِّن في النّاسِ بالحجِّ يأتُوك رجالاً وعلى كُلِّ ضامرٍ يأتين من كُلِّ فجٍّ عميقِ *... * وجاهدوا في اللّه حقَّ جهاده هُو اجتباكُم وما جعل عليكُم في الدّينِ من حرجٍ ملَّةَ أبيكُم إبراهيمَ هُو سمّاكُم المُسلمينَ من قبلُ...)(الايات: 26 ـ 27 و 78)
ج ـ في سورة البقرة:
(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلماتٍ فأتمَّهُنَّ قال إنّي جاعلُك للنّاسِ إماما قال ومن ذُرِّيَّتي قال لا ينالُ عهدي الظّالمينَ * وإذ جعلنا البيتَ مثابةً للنّاسِ وأمنا واتَّخذوا من مقامِ إبراهيمَ مُصلّىً وعهدنا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أن طهِّرا بيتيَ للطّائفينَ والعاكفينَ والرُّكَّع السُّجُودِ * وإذ قال إبراهيمُ ربِّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزُق أهلهُ من الَّثمراتِ من آمن منهُم باللّهِ واليومِ الاخرِ قال ومن كفر فأُمتعُهُ قليلاً ثُمَّ أضطرُّهُ إلى عذابِ النّارِ وبئس المصيرُ * وإذ يرفعُ إبراهيمُ القواعد من البيتِ وإسماعيلُ ربَّنا تقبَّل منّا إنَّك أنت السَّميعُ العليمُ * ربَّنا واجعلنا مُسلمينِ لك ومن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسلمةً لك وأرنا مناسكَنا وتُب علينا إنّك أنت التَّوّابُ الرَّحيمُ* ربَّنا وابعث فيهم رسُولاً منهُم يتلُو عليهم آياتك ويُعلِّمُهُمُ الكتابَ والحكمةَ ويُزكِّيهم إنّك أنت العزيزُ الحكيمُ)(الايات: 124 ـ 129)
د ـ في سورة الصافات:
(وقال إنّي ذاهبٌ إلى ربّي سيهدينِ * ربِّ هب لي من الصالحينَ * فبشَّرناهُ بغُلامٍ حليمٍ * فلمّا بلغ معهُ السَّعيَ قال يا بُنيَّ إنّي أرى في المنامِ أنّي أذبحُك فانظُر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تُؤمرُ ستجدُني إن شاء اللّهُ من الصّابرينَ * فلمّا أسلما وتلَّهُ للجبينِ * وناديناهُ أن يا إبراهيمُ * قد صدَّقت الرُّؤيا إنّا كذلك نجزي المُحسنينَ * إنّ هذا لهُو البلاء المُبينُ * وفديناهُ بذبحٍ عظيمٍ)(الايات:99ـ107)
هـ ـ آل عمران:
(يا أهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم ما أُنزلت التَّوراةُ والانجيلُ إلاّ من بعده أفلا تعقلونَ *... * ما كان إبراهيمُ يهُوديّا ولا نصرانيّا ولكن كان حنيفا مُسلما وما كان من المُشركينَ * إنّ أولى النّاسِ بإبراهيمَ للَّذين اتَّبعُوهُ وهذا النَّبيُّ والَّذين آمنوا واللّهُ وليُّ المُؤمنين *... * قُل صدق اللّهُ فاتَّبعوا ملَّة إبراهيمَ حنيفا وما كان من المُشركينَ)(الايات: 65 و 67 ـ 68 و 95)
و ـ في سورة النحل:
(ثُمَّ أوحينا إليك أن اتَّبع ملَّة إبراهيمَ حنيفا وما كان منالمُشركينَ)(الاية:123).
ز ـ في سورة النساء:
(ومن أحسنُ دينا ممَّن أسلم وجهَهُ للّهِ وهُو مُحسنٌ واتَّبع ملَّة إبراهيمَ حنيفا واتَّخذ اللّهُ إبراهيم خليلاً)(الاية: 125)
المشهد الرابع ـ إبراهيم وإسحاق ويعقوبعليهم السلام:
قال اللّه سبحانه:
أ ـ في سورة مريم:
(فلمّا اعتزلهُم وما يعبُدُونَ من دُونِ اللّهِ وهبنا لهُ إسحاقَ ويعقُوبَ وكُلاّ ً جعلنا نبيّا *... وجعلنا لهُم لسانَ صدقٍ عليّا)(الايتان: 49 ـ 50)
ب ـ في سورة الانبياء:
(ووهبنا لهُ إسحاقَ ويعقُوبَ نافلةً وكُلاّ ً جعلنا صالحينَ * وجعلناهُم أئمَّةً يهدُون بأمرنا وأوحينا إليهم فعلَ الخيراتِ وإقامَ الصَّلاةِ وإيتاء الزَّكاةِ وكانوا لنا عابدينَ)(الايتان: 72 ـ 73)
ج ـ في سورة مريم:
(اُولئك الَّذين أنعم اللّهُ عليهم من النَّبيِّينَ من ذُرِّيَّةِ آدمَ وممّن حملنا مع نُوحٍ ومن ذُرِّيَّةِ إبراهيمَ وإسرائيلَ....)(الاية: 58)
شرح الكلمات:
أ ـ حَنِيفا:
الحَنِيف: الُمخلص الذي أسلم لامر اللّه فلم يلتو في شيء من دينه، المائل عن الضلالة إلى الاستقامة.
الحَنَف: ميل عن الضلالة إلى الاستقامة.
والجَنَف: ميل عن الاستقامة إلى الباطل.
ب ـ فراغ:
راغ: أقبل ومال.
ج ـ يَزِفّون:
زفّ: أسرع، ويزفّون: يسرعون.
د ـ افٍّ:
كلمة تضجر وتأفف.
هـ ـ جُذاذا:
جَذّه: قطعه وكسره ـ في حالة استقذار الشيء ـ وفتّته فالشيء مجذوذ.
و ـ بَهَتَ:
بَهَتَ الرجل: دهش مأخوذا بالحجّة وتحيّر.
ز ـ بوّأنا:
بوّأه منزلاً: أنزله، وبوّأ المنزل: أعدّه وهيّأه.
ح ـ ضامِر:
ضمُر الجمل ونحوه: هزل وقلّ لحمه، والضامر منه: الهزيل.
ط ـ فجّ عميق:
الفجّ: الطريق الواسع.
ي ـ مثابة:
المثاب والمثابة: البيت والملجأ.
ك ـ تَلَّهُ:
تلّه هنا بمعنى: ألقاه على عنقه وخدّه.
ل ـ قانِتا:
قَنَتَ للّه: لزم طاعته وأطال القيام في الصلاة والدعاء.
م ـ أوّاه:
الاوّاه: الكثير الدعاء، الرحيم، الرقيق القلب.
ن ـ مُنِيب:
ناب إليه: رجع إليه مرّة بعد اُخرى، ناب إلى اللّه: تاب ورجع.
س ـ صرّة:
الصرّة: الصيحة والضجّة.
ع ـ فصكّت:
صكّت هنا بمعنى لطمت وجهها تعجّبا.
ف ـ نافِلة:
النافِلة: من معانيها المناسبة للمقام: الشيء الزائد من الخير والبرّ وما هو محمود، وولد الولد لانّه زيادة على الولد.
ص ـ اسرائيل:
إسرائيل: لقب يعقوب ومن ثمّ سمّيت ذرّيّته بني إسرائيل(6) .
مواضع العبرة في تفسير الايات الانفة
في مشاهد من أخبار إبراهيم الخليل(ع)
ويتّضح منها أُسلوب الانبياء في طرح عقائد الاسلام
في المشهد الاول: إبراهيم مع المشركين:
انتشرت في بابل موطن إبراهيم (ع) على عهده ثلاثة أنواع من العبوديّة لغير اللّه جلّ جلاله:
أ ـ عبادة النجوم.
ب ـ عبادة الاصنام.
ج ـ عبادة طاغوت العصر نمرود.
لم يعتمد خليل الرحمن (ع) في احتجاجه على المشركين الادلّة العقليّة البحتة، كما فعله علماء الكلام بعد انتشار تراجم كتب الفلسفة اليونانية منذ القرن الثاني الهجري حتى اليوم، ولم يعتمد في احتجاجه على بحوث: (ممكن الوجود وممتنع الوجود وواجبه) وإنّما اعتمد الادلّة المحسوسة المعقولة في احتجاجه معهم كالاتي بيانه:
أوّلاً ـ مع عُبّاد النجوم النيّرة:
استدرجهم الخليل (ع) في الكلام وقال لهم: إنّكم تتّخذون النيّرات أربابا، ولكنّ القمر أكبر نورا؛ هذا ربّي !؟ إنّه استدراج طبيعي محسوس معقول؛ ويتسلسل الاستدراج بعد ذلك ويوجّه أذهانهم مرّة ثانية إلى الشمس ويقول: هذا ربّي، هذا أكبر !؟ ويستمرّ الاستدراج حين يوجّه أذهانهم بعد أُفول الشمس إلى زوال نورها وأنّ الزائل لا يُعبَد حيث قال: (إنّي بريء ممّا تُشركُونَ * إنّي وجَّهتُ وجهيَ للّذي فطرَ السَّماواتِ والارضَ...).
ثانيا ـ مع عُبّاد الاصنام:
كان عُبّاد الاصنام يدعون الاصنام ويطلبون منها إنزال المطر، ومنها يستشفعون ويستنصرون في دفع العدوّ، ويخاطبونها في قضاء حوائجهم سرّا وإعلانا ! وليس هناك أدلّ على إظهار عجز تلك الالهة عن كلّ ما يعتقدون فيها ولها من كسرها والاستهزاء بهم في ما يعتقدون ! وكذلك فعل بطل التوحيد وأمعن في كسرها حتى جعلها جذاذا، ووضع فأسه على عاتق كبير الاصنام ! ولمّا رجعوا من عيد لهم وشاهدوا ذلك المشهد المثير تساءلوا في ما بينهم: من فعل هذا بآلهتنا؟ قالوا: سمعنا فتى يذكرهم بالاستهزاء يقال له: إبراهيم، قالوا: (فأتوا به على أعين الناس لعلّهم يشهدون)، وأتوا به وقالوا له: (أَأَنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعلهُ كبيرُهُم هذا فاسألُوهُم إن كانُوا ينطقُون)، فظهرت حجّة إبراهيم(ع) بأجلى ما يكون من ظهور الحجة، ورجع المشركون إلى أنفسهم وقالوا: (انّكم أنتم الظالمون)، ثم نكسوا على رؤوسهم ـ ولم يحروا جوابا ـ ولقد علمت ما هؤلاء ينطقون !
ولمّا عجزوا عن مقابلة أدلّة إبراهيم على عجز الاصنام بعجزها عن الدفاع عن أنفسها فضلاً عن نفعها لغيرها من الخلق (فما كان جواب قومه ـ عندئذ ـ إلاّ أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه).. (وقالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم) وقالوا: (حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين).
ثالثا ـ مع طاغوت عصره:
احتجّ إبراهيم (ع) على طاغوت عصره نمرود الّذي ادّعى الربوبية بدليل انّه ملك مجتمعه كما أخبر اللّه تعالى عنه وقال:
(أَلم تر إلى الّذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه أن آتاهُ اللّهُ المُلكَ) وكما هو دأب القرآن الكريم في ذكر موضع العبرة من الاحتجاج قال تعالى بعده: (إذ قال إبراهيمُ ربّي الّذي يُحيي ويُميت) لابدّ أن يكون هذا الكلام في مقابل ادّعاء الطاغية نمرود الربوبيّة، وذكر القرآن بعد هذا ردّ نمرود على إبراهيم حيث قال: (أنا أُحيي واُميت) وفعلاً أمر بإنسان بريء فقتل! وأمر بإطلاق سراح محكوم بالقتل، وزعم أنّ ذلك تحقيق لقوله: أنا أُحيي واُميت هنا لم يخض إبراهيم معه احتجاجا عقليا ليبرهن أنّ قتل البريء والعفو عن المجرم ليسا بإحياء حقيقي وإماتة حقيقية، بل قدّم دليلاً محسوسا معقولاً آخر وقال: (فَإنَّ اللّه يأتي بالشَّمسِ من المشرقِ فأتِ بها من المغربِ) (فبُهت الَّذي كفر) ولم يحر جوابا !
هكذا اعتمد خليل الرحمن الادلّة المحسوسة المعقولة في محاججة المشركين. وكذلك فعل سائر الانبياء في احتجاجهم مع المشركين في عصورهم، وكذلك ـأيضاـ حاجج القرآن أصناف المشركين، حيث خاطب الناس ـ كلّ الناس ـ ولم يخصّ بالاستدلال الفلاسفة والمثقّفين منهم، وضرب للناس ـ كلّ الناس ـ مثلاً محسوسا معقولاً حين قال تعالى: (يَا أيُّها النَّاسُ قد ضُرب مثلٌ فاستمعُوا لهُ إنَّ الّذين تدعُون من دُون اللّه لن يخلُقُوا ذُبابا) انه ـ تعالى ذكره ـ اختار للمثل ذكر حشرة يتقذر منها جميع البشر ومنتشرة في جميع مجتمعاتهم، وقال سبحانه: (إنّ الّذين تدعُون من دُون اللّه) لقضاء حوائجكم في حياتكم عاجزون عن خلق حشرة قذرة ـ الذبابة ـ وأكّد ذلك بلفظ (لن) التي تفيد التأبيد، ثم أوضح أكثر من ذلك على ضعف الالهة التي يعبدونها بقوله جل اسمه: (وإن يسلُبهُم الذُّبابُ شيئا لا يستنقذوه) وإنَّ الذبابة لو امتصّت شيئا من دم فرعون طاغوت مصر أو الابقار آلهة الهنود وما شاكلها من آلهة البشر لا تستطيع تلك الالهة أن تستنقذ حقها من تلك الحشرة الضعيفة القذرة المهانة؛ ثم أربى على ذلك وقال سبحانه وتعالى ذكره: (وما قدروا اللّه حقَّ قدره) حين يشركون به ـ وهو خالق السماوات والارض ـ تلك المخلوقات الضعيفة !
هكذا كان احتجاج اللّه ورسله، وليس في كلّها شيء من أساليب علماء علم الكلام في مؤلّفاتهم، فأيّ الطريقين أجدر أن نسلكه في المناظرة والاحتجاج؟ كانت مقابلة إبراهيم مع عبّاد الكواكب والاصنام والطاغوت في موطنه بابل، وبعد ذلك هاجر إلى بلاد الكنعانيين فـي الشام وجرى له فيها مـا يأتي:
المشهد الثاني ـ في موقف إبراهيم في خبر لوط وقومه:
قال سبحانه في سورة العنكبوت:
(فآمَنَ له لوط...)(الاية: 27).
يظهر من هذه الاية أنّ لوطا (ع) كان يعمل بشريعة الخليل إبراهيم وأنَّ اللّه أرسله إلى القرية التي تعمل الخبائث(7) ، بشريعة إبراهيم (ع) حين قال تعالى في سورة الصافات: (وإنَّ لُوطا لمن المرسلين)(الاية: 133) ومن مشاهد خبر إبراهيم مع لوط موقفه من نزول العذاب على قوم لوط(ع) كما قال سبحانه في سورة العنكبوت: (قال إنَّ فيها لُوطا قالوا نحنُ أعلُم بمن فيها لنُنجِّينَّهُ وأهلَهُ إلاّ امرأتَهُ كانت من الغابرينَ)(الاية: 32)
وقال سبحانه في سورة هـود:
(فلمّا ذهب عن إبراهيم الرَّوعُ وجاءتهُ البُشرى يُجادلُنا في قومِ لُوطٍ * إنَّ إبراهيمَ لحليمٌ أواهٌ مُنيبٌ * يا إبراهيمُ أعرض عن هذا إنّهُ قد جاء أمرُ ربِّك وإنَّهُم آتيهم عذابٌ غيرُ مردُودٍ)(الايات: 74 ـ 76)
وكان جدال إبراهيم الذي أخبر اللّه عنه مع الملائكة عندما أخبروه أنّ اللّه أرسلهم ليهلكوا قوم لوط أنّه قال لهم: إن كان في القرية كذا نفر من المسلمين أتهلكون أهلها؟
وفي رواية قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين، فقالوا: ان كان فيها خمسون لم نعذّبهم، قال: أربعون، قالوا: وأربعون، قال: ثلاثون، قالوا: وثلاثون، حتى بلغ عشرة، قالوا: وإن كان فيها عشرة.
ويظهر من قوله تعالى: (قال إنّ فيها لوطا) انه بلغ في ذكر العدد الواحد، وقالت الملائكة له ان كان فيها مسلم واحد لم نعذبهم، فقال لهم عندئذٍ: إنّ فيها لوطا فقالوا في جوابه: لننجينّه. ولموقف إبراهيم (ع) في الرحمة بقوم لوط وسعيه لدفع العذاب عنهم أثنى اللّه تعالى عليه وقال: (إنَّ إبراهيم لحليمٌ أوّاهٌ مُنيبٌ)
المشهد الثالث ـ خبر إبراهيم مع إسماعيل وبناء البيت ونداؤه بالحجّ:
أباحت سارة زوجة إبراهيم (ع) وابنة خالته لزوجها إبراهيم (ع) أن يطأ جاريتها هاجر فحملت منه وولدت إسماعيل (ع)، فغارت سارة من أمتها هاجر وابنها اسماعيل وطلبت من زوجها إبراهيم (ع) أن يبعد الامة هاجر وابنها إسماعيل عنها ويسكنها في أرض غير ذات زرع، وأمره اللّه أن يُنفّذ رغبتها فأركبهما إبراهيم دابّة وسار بهما إلى البرّ، وكلما مرّ بأرض ذات زرع وماء وأراد أن ينزلهما هناك منعه أمين وحي اللّه جبرائيل عن ذلك حتى بلغ بهم مكّة في أرض فاران بين جبال سود وأرض غير ذات زرع وماء، وعند بيت اللّه الحرام الذي طاف حوله آدم ومن جاء بعده من الانبياء طلب منه جبرائيل أن ينزلهما هناك، فأنزلهما وقال: (ربنا إنّي أسكنتُ من ذرّيّتي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ عند بيتِك المُحرَّم ربَّنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناسِ تهوي إليهم) وعاد إبراهيم لتوّه إلى مسكنه في الشام، ونفد الماء الذي كان مع هاجر وجفّ لبنها وأشرف الوليد على الهلاك في حرّ الحجاز وأخذ يفحص برجليه الارض، فركضت هاجر والهة إلى جبل الصفا وصعدت عليه علّها ترى بالوادي أحدا، ولم تر أحدا ولم تسمع صوتا غير رجع صداها، فنزلت من الصفا وسارت إلى جبل المروة وصعدته وكرّرت ما فعلته على جبل الصفا ثم أعادت الكرة إلى الصفا، وكلّما وصلت في مسيرها إلى ما يحاذي وليدها هرولت في سيرها، وبعد الشوط السابع من سعيها بين الجبلين تقدّمت إلى وليدها تنظر إليه وإذا بها ترى الماء يجري من تحت قدمي وليدها، فحوّطت التراب حول الماء فتوقف عن الجري وارتوت منه وأروت ابنها وأرضعته، ومرّت سابلة من جرهم فرأوا طيرا في الجوّ هناك وتحقّقوا من أمره فرأوا الماء والتقوا هاجر ووليدها، فاستأذنوها أن يسكنوا معها فأذنت لهم، ولمّا نشأ إسماعيل وتزوّج منهم زارهم إبراهيم وأمره اللّه ببناء البيت فبناه مع ابنه إسماعيل وأراه اللّه مناسك الحجّ ودعا ربّه وهو يبني البيت وقال: (ربّنا واجعلنا مُسلمين لك ومن ذريتنا اُمّة مُسلمة لك) وقال: (واجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي)، ووصّى بها بنيه (إنّ اللّه اصطفى لكم الدين فلا تموتُنَّ إلاّ وأنتم مسلمون)، ثـم ذهب إبراهيم مع ابنه إسماعيل لاداء مناسك الحجّ، فلما عـادا من عرفات إلى منى وأخبر إبراهيم إسماعيل بأنّه رأى في المنام أنّه يذبحه، ورؤيا الانبياء نوع من الوحي، قال إسماعيل: (يا ابتِ افعل ما تؤمر ستجدُني إن شاء اللّه من الصابرين) فلمّا ألقاه إبراهيم (ع) على وجهه باشر بالذبح وأمرّ السكين على رقبة إسماعيل، لم تحزّ رقبته، فناداه اللّه: (يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا)؛ لانّه كان قد رأى أنّه يذبحه ولم ير أنّه قد ذبحه وقد فعل ما رآه في المنام، وفَداه اللّه بكبش أحضره جبرائيل، فذبحه إبراهيم وأتمّ مناسك الحجّ، وبعد قيام إبراهيم بكلّ ما سبق وما يأتي، جعله اللّه إماما للناس، وأمره اللّه أن ينادي بالحجّ ليأتي النّاس على كلّ جمل ضامر من كل طريق بعيد، وكذلك أصبح الحجّ إلى بيت اللّه الحرام أساس شريعة إبراهيم الحنيفة وعماد ملته التي قال اللّه في شأنها: (واتّبعوا ملَّة إبراهيم حنيفا).
وبعد اجتياز خليل اللّه إبراهيم المراحل المذكورة جعله اللّه إماماً للناس وقال سبحانه: (وإِذِ ابتَلَى إِبراهيمَ ربُّهُ بكلماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إنّي جاعِلُكَ للنَّاسِ إماماً قالَ وَمِن ذُرِّيَّتي قالَ لاَ يَنَالُ عَهْدي الظّالِمينَ). وجدنا في سيرة إبراهيم (ع) ظاهرتين خاصتين به من بين الانبياء والرسل:
أ ـ خصيصة إكرام الضيف والاهتمام بإطعامه كما أخبر اللّه عنه وقال: (فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذ) أي بادر بتهيئة الطعام لضيوف لا يعرفهم، ويظهر أنّ إطعامه للضيف كانت ميزة تلازمه ولم يقتصر على هؤلاء الضيوف.
ب ـ اهتمامه بتعمير البيت ودعوته الناس لاداء مناسك الحجّ حيث قال تعالى: (وطهِّر بيتيَ للطائفينَ والقائمينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ * وأذّن في النّاسِ بِالحَجِّ يأتُوك رجالاً وعلى كُلِّ ضامرٍ يأتين من كُلِّ فجٍّ عميقِ).
وسوف ندرس في أوصياء إبراهيم (ع) من ورث عنه هاتين الخصيصتين الظاهرتين في حياته إن شاء اللّه تعالى.
المشهد الرابع ـ إبراهيم مع فرعين من ذريتهعليهم السّلام:
بعد نقل إبراهيم (ع) إسماعيل وهاجر إلى مكة وبنائه مع ولده إسماعيل البيت وأدائه مناسك الحجّ، وعودته إلى موطنه في الشام ونزول العذاب على قوم لوط، وهب اللّه له إسحاق وحفيده يعقوب نافلة له وجعلهم اللّه أئمة يهدون بأمره، وأوحى إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
ومن ثمّ تفرّعت النبوّة والوصاية بعد إبراهيم الخليل (ع) إلى فرعين:
الفرع الاول: فرع ابنه اسماعيل وأولاده في مكّة وهم أوصياء إبراهيم على شريعته الحنيفة.
الفرع الثاني: فرع ابنه إسحاق وابنه يعقوب وأولاده في فلسطين الذين خصّهم اللّه بشريعة تكاملت في شريعة موسى (ع).
وسوف ندرس بإذنه تعالى أخبار كلّ واحد من الفرعين على حدة، ونبدأ بدراسة أخبار فرع الابن الاصغر إسحاق (ع) وبنيه في ما يأتي:
أخبار إسحاق بن إبراهيم (ع) وابنه يعقوب (ع)
إسرائيل وبنيه بني إسرائيل
لم نجد في أخبار إسحاق ما يدلّ على انّه خُصّ بشريعة دون شريعة أبيه إبراهيم، وإنما وجدنا ذلك في ما أخبر اللّه عن ابنه يعقوب والملقّب بإسرائيل كما سندرسه بإذنه تعالى في ما يأتي:
____________
(1) مروج الذهب للمسعودي (1 / 54).
(2) تاريخ اليعقوبي (1/18).
(3) تاريخ اليعقوبي (1 / 18).
(4) تاريخ اليعقوبي (1 / 18).
(5) مرّ رسول اللّه 9 على منازلهم في مسيره إلى غزوة تبوك، راجع: أخبار غزوة تبوك في مغازي الواقدي وإمتاع الاسماع.
(6) قاموس الكتاب المقدّس مادّة اسرائيل.
(7) راجع تفسير الاية في تفاسير الطبري والقرطبي وابن كثير والسيوطي.