3 - وأورد القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) روايات كثيرة دالة على لحوق الآل بالنبي صلى الله عليه وآله عند الصلاة عليه (1).
4 - وأورد ابن العربي الأندلسي المالكي في كتابه (أحكام القرآن) عدة روايات تدل على أنها نزلت في حق النبي صلى الله عليه وآله (2).
وغيرهم من أكابر علماء السنة، وللاختصار تركنا الروايات العديدة الواردة المعتبرة في كتب القوم وذلك لكثرتها.
وقد ذكر جملة منها سيدنا الأجل آية الله النسابة السيد شهاب الدين المرعشي النجفي في تعليقاته على إحقاق الحق للإمام السعيد الشهيد القاضي نور الله التستري فراجع (3)، ونكتفي هنا بذكر بعض الرواة والمصادر، ونحيل القارئ إلى مظانها:
فمن جملة من ذكر هذه الآية الكريمة وقال:
إنها نزلت في حق النبي صلى الله عليه وآله والآل:
1 - البخاري في صحيحه: 4 / 146 و ج 6 / 120 و ج 8 / 77 (ط الأميرية بمصر).
2 - الواحدي في أسباب النزول: 271 (ط. الهندية بمصر).
3 - البغوي في معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن:
5 / 225 (ط. مصر).
____________
1 - { ج 14 ص 233 - 234 } ط. القاهرة 1357 ه.
2 - { ج 1 ص 184 } ط. السعادة بمصر.
3 - إحقاق الحق: 3 / 252 - 274 و ج 9 / 524 - 605 و ج 18 / 290 - 310.
5 - الفخر الرازي في تفسيره: 25 / 226 (ط. مصر).
6 - الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في أخبار أصبهان: 1 / 130 (ط. ليدن).
7 - الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد: 6 / 216 (ط. السعادة بمصر).
8 - ابن عبد البر الأندلسي في تجريد التمهيد: 185.
9 - النيسابوري في تفسيره: 22 / 30.
10 - الآلوسي في روح المعاني: 22 / 72 (ط. المنيرية بمصر).
11 - محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: 19 (ط. مصر 1356).
12 - النووي في كتابه رياض الصالحين: 455 (ط. مصر).
13 - ابن كثير في تفسيره: 3 / 506 (ط. مصطفى الحلبي بمصر).
14 - الطبري في تفسيره: 22 / 27 (ط. الميمنية).
15 - الخازن في تفسيره: 5 / 226 (ط. مصر).
16 - السيوطي الشافعي في الدر المنثور: 5 / 215 - 219 (ط. بمصر)، وفي بغية الوعاة: 442 (ط. مصر بتصحيح الشيخ الشنقيطي) حيث أورد عدة روايات مسندة مسلسلة بالعد.
17 - الشوكاني في فتح القدير: 4 / 293 (ط. مصطفى محمد بمصر).
19 - السيد إبراهيم نقيب مصر في كتاب (البيان والتعريف):
2 / 134 (ط. حلب 1329 ه).
20 - الشيخ محمد بن إدريس الحنفي في كتابه التعليق الصحيح في شرح المصابيح: 1 / 401 - 402 [عنه إحقاق الحق: 9 / 605].
أورد الحديث بأسانيد متعددة ومتون مختلفة كلها مشتملة على كيفية الصلاة عليه وآله، إلى غير ذلك ممن يطول الكلام باستقصاء أسمائهم.
أقول: فإفرادهم بالصلاة دون من عداهم، دليل واضح على علو قدرهم، ورفعة مقامهم، فلا تصح صلاة مكلف بدونها كائنا " من كان، ولو كان صديقا " أو فاروقا "، أو ذا نورين، أو أنوارا " !
قال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى:
(قل لا أسألكم عليه أجرا " إلا المودة في القربى) (1) كفى شرفا " لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وفخرا " ختم التشهد بذكرهم، والصلاة عليهم في كل صلاة (2).
وروى محب الدين الطبري في ذخائر العقبى عن جابر (رض) أنه كان يقول: لو صليت صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد
____________
1 - سورة الشورى: 23.
2 - أخرجه في الغدير: 2 / 304 عن تفسير النيسابوري.
وأخرج القاضي عياض [المغربي] في الشفاء، [أنه قال: وفي حديث أبي جعفر عن] ابن مسعود [عن النبي صلى الله عليه وآله]:
(من صلى صلاة لم يصل علي فيها وعلى أهل بيتي لم تقبل منه).
[ثم قال: وقد روي من قبل ابن مسعود موقوفا " أيضا "] (2).
وقال ابن حجر في الصواعق: أخرج الدارقطني والبيهقي حديث (من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي، لم تقبل منه) وكأن هذا الحديث هو مستند قول الشافعي: (إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة، كالصلاة عليه صلى الله عليه وآله) لكنه ضعيف، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه (قولوا: اللهم صلى على محمد وعلى آله محمد) والأمر للوجوب حقيقة على الأصح (3).
وقال الرازي في تفسيره: إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وقوله: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمدا "، وآل محمد) وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب.
وقال: أهل بيته صلى الله عليه وآله ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهد، وفي السلام، والطهارة، وفي تحريم الصدقة، وفي المحبة (4).
____________
1 - ذخائر العقبى: 19 (ط. مصر).
2 - الشفاء: 2 / 55 (ط. مصر).
3 - الصواعق المحرقة: 139 و 232 (ط. عبد اللطيف بمصر) عنه الغدير: 2 / 303.
4 - تفسير الرازي: 7 / 391، عنه الغدير: 2 / 303.
ولقد أخذني العجب، واعترتني الدهشة عندما وقفت على هذه الأخبار الكثيرة، كيف ساغ للقوم تقديم غير أهل البيت على أهل البيت عليهم السلام ؟ ! وزادتني الدهشة والعجب من قول ابن أبي الحديد المعتزلي في أول كتابه شرح النهج إذ يقول:
الحمد لله الذي قدم المفضول على الفاضل ! ! ! فكلامه هذا مخالف لكتاب الله وسنة الرسول إذ أن الله تعالى لا يرضى بتقديم المفضول على الفاضل وكذا رسوله صلى الله عليه وآله، وكل ذي عقل سليم وضمير حر، على أنه قبيح عقلا " ونقلا "، ثم كيف اجترأ القوم أيضا " على الطعن في شيعة آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله الذين هم تولوا الله ورسوله والذين آمنوا، وقد قال الله تعالى: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (1) والشيعة آخذين بكل ما جاء عن الله ورسوله لم يحيدوا عنه قيد شعرة ؟ !
وصفوة القول: ثبتت خلافه علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الآية الكريمة، إذ قرنه الله تعالى مع رسوله في ذكر الصلاة عليه كما تقدم، فعليه لا يجوز تقدم أحد عليه، كما لا يجوز تقدم أحد على رسول الله صلى الله عليه وآله، فتأمل إن كنت حرا " أيها القارئ العزيز.
____________
1 - سورة المائدة: 56.
(آية التبليغ) - أو حديث الغدير -
وهي قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1).
يأمر الله تعالى نبيه في غدير خم في تبليغ هذه الآية الكريمة، وقد أجمع المفسرون من السنة والشيعة على أنها نزلت في غدير خم في شأن علي عليه السلام (2) في تحقيق أمر الإمامة، وأنها نص في الخلافة الإلهية العظمى، والزعامة الدينية الكبرى، بحيث لا يرتاب فيه إلا من ارتكب
____________
1 - المائدة: 67.
2 - وإليك عزيزي القارئ بعض المصادر المعتبرة - بعضها أوردها المؤلف - التي ذكرت نزول هذه الآية في حق أمير المؤمنين علي عليه السلام منها:
الدر المنثور: 2 / 298، تفسير مفاتيح الغيب: 12 / 50، تفسير المنار:
6 / 463، تنزيل الآيات: 54، التهذيب في التفسير: 3 / 106، توضيح الدلائل: 158، حبيب السير: 2 / 12، مودة القربى: 55، ينابيع المودة:
20، الفصول المهمة: 23، و 74، فتح البيان: 3 / 89، شواهد التنزيل:
1 / 187 - 192، تفسير فتح القدير: 3 / 57، تفسير الثعلبي: 68، أمالي الشجري: 145، أسباب النزول: 135، أرجح المطالب: 67 و 203 و 566، وما نزل من القرآن في علي عليه السلام: 86.
قال العلامة الحجة السيد عباس الكاشاني في كتابه (مصابيح الجنان) (1):
يوم عيد الغدير الأغر، هو عيد الله الأكبر، وعيد آل محمد صلى الله عليه وآله وأعظم الأعياد وأشرفها عندهم، وهو اليوم الذي نصب فيه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عليا " عليه السلام إماما " وخليفة من بعده، بحضرة تلك الأشهاد المجتمعة من أقطار المسلمين، وأمرهم بمبايعته، والتسليم عليه بإمرة
____________
1 - مصابيح الجنان ص 560.
قال المؤلف: هو من أعظم الكتب المؤلفة في هذه الآونة الأخيرة في الأدعية والزيارات وأعمال السنة ووقائعها، ومناسك الحج وسائر الآداب والسنن، وما يحتاجه المسلم المتورع من حين الولادة إلى بعد الوفاة.
ولعمري إنه ليتيمة الدهر، ومفخرة الأيام والشهور، ومصابيح مضيئة تأخذ بيد مقتنيه إلى الجنة، وهو أول كتاب ألف في هذا الموضوع بالشرح العربي، وكنا نأمل أن يصدر مؤلف قيم مثل هذا الكتاب الجليل قبل سنين وأعوام، حتى قيض الله سيدنا الشريف، الحجة المجاهد العباس الكاشاني الذي يمت هذا السفر القيم، والأثر الخالد الذي خدم به الإسلام والمسلمين، فحيا الله سيدنا الكاشاني المجبل وبياه، ورفع الله به كلمة الإسلام.
وكان قد نزل عليه جبرئيل عليه السلام بذلك في (ضجنان) (3) فأشفق النبي صلى الله عليه وآله من مخالفة قومه فقال: يا رب ! إن قومي حديثو عهد بالجاهلية، فمتى أفعل هذا يقولوا فعل بابن عمه وفعل.
فنزل عليه جبرئيل مرة ثانية على خمس ساعات مضت من النهار، فقال:
يا محمد ! إن الله يقرئك السلام ويقول لك:
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - يعني عليا " - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) الآية.
____________
1 - غدير خم: بضم الخاء وتشديد الميم، اسم لما بين مكة والمدينة فيه غدير خطب عنده رسول الله صلى الله عليه وآله.
قاله الطريحي في مجمع البحرين (مادة: خمم).
2 - قال الطريحي في مجمع البحرين: 5 / 31: الجحفة - بضم الجيم - هي مكان بين مكة والمدينة، محاذية لذي الحليفة من الجانب الشامي، قريب من رابغ بين بدر وخليص، سميت بذلك لأن السيل اجتحف بأهلها أي ذهب بهم، وكان اسمها قبل ذلك (مهيعة).
وقال في معجم البلدان: 2 / 111... بينها وبين المدينة ست مراحل وبينهما وبين غدير خم ميلان.
3 - ضجنان - بالتحريك ونونين -: قال أبو منصور: لم أسمع فيه شيئا " مستعملا " غير جبل بناحية تهامة يقال له (ضجنان)... وقيل: جبل على بريد من مكة، ولضجنان حديث في حديث الإسراء (معجم البلدان: 3 / 453).
فلما بلغ (غدير خم) نادى مناديه: الصلاة جامعة، وكان في وقت الضحى، والحر شديد، بحيث لو طرح اللحم على الأرض لانشوى، وأمر أن يعمدوا إلى أصل شجرتين، فيكنسوا تحتهما، وأن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كالمنبر، وأمر بثوب فطرح عليه، ثم صعد.
فلما اجتمعوا خطب خطبته تلك العظيمة التي صدع بها، رافعا " صوته لتسمعه تلك الأشهاد المجتمعة من أقطار المسلمين (1)، فبعد أن حمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى الأمة نفسه، وقال:
____________
1 - روى القوم خطبة الرسول صلى الله عليه وآله في أحاديثهم بالتقطيع والتشطير نحو: ابن المغازلي في المناقب: 16 (ط. المكتبة الإسلامية)، وابن الصباغ في الفصول المهمة: 23 (ط. النجف)، والقندوزي في ينابيع المودة: 7 (ط. اسلامبول)، والأمر تسري في أرجح المطالب: 338 و 560 (ط. لاهور)، والنسائي في الخصائص: 20 (ط. التقدم بمصر)، والحاكم في المستدرك:
3 / 109 (ط. حيدر آباد الدكن)، والخوارزمي في المناقب: 93 (ط. تبريز)، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 163 (ط. مكتبة القدسي بالقاهرة)، وكثير غيرهم يطول بهم المقام، راجع إحقاق الحق: 4 / 436 و ج 6 / 346، وتجدها بتمامها - أخي القارئ - في كتاب الإحتجاج للطبرسي:
1 / 66، وكتاب روضة الواعظين للنيسابوري: 109.
(أيها الناس ! ألست أولى بكم من أنفسكم) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال صلى الله عليه وآله: (اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله، وأبغض من أبغضه، وأعن من أعانه، وأحب من أحبه، وأعز من أعزه، إنما أكمل الله لكم الدين بولايته وإمامته، لا يبغض عليا " إلا شقي، ولا يوالي عليا " إلا تقي.
معاشر الناس، لا ترجعوا بعدي كفارا " يضرب بعضكم أعناق بعض، فإني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
أيها الناس ! قد ضل من قبلكم أكثر الأولين، أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم أن تسلكوا الهدى إليه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق، إني قد بينت لكم وفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي.
ألا وإني أدعوكم إلى مصافحتي على بيعته، والإقرار له، ألا وإني قد بايعت الله، وعلي بايع الله، وإني لآخذكم بالبيعة له عن الله، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا " عظيما ").
هنيئا " لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة - وفي بعض الأحاديث - بخ بخ لك يا علي (1).
قال أبو سعيد الخدري: فلم ننصرف حتى نزلت هذه الآية:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
____________
1 - روى حديث التهنئة العديد من علماء ورواة الفريقين في مصادرهم المعتبرة وبأسانيد صحيحة، قال ابن الجوزي في مناقبه: 29، بعد إيراده لحديث التهنئة:
اتفق علماء السير على قصة الغدير، انتهى.
وحتى لا نطيل على القارئ الكريم نشير إلى موسوعة الغدير: 1 / 275... وموسعة عبقات الأنوار: 7 / 167 و ج 10 / 294... وموسوعة إحقاق الحق: 5 / 79 و ج 6 / 361... وغيرها.
المسند لأحمد بن حنبل، المسند الكبير للشيباني النسوي، المسند لأبي يعلى الموصلي، المصنف لابن أبي شيبة، التفسير للطبري، التفسير لابن مردويه الأصفهاني، الساير الداير لنظام الدين القمي النيشابوري، التفسير الكبير للفخر الرازي، التفسير لعبد الوهاب البخاري، تفسير شاهي لمحمد محبوب العالم، من روى حديث الغدير للحافظ الدارقطني، الإبانة لابن بطة، الكشف والبيان للثعلبي، الفصول المهمة للحافظ البيهقي، الفصول المهمة لابن الصباغ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، فضائل للسمعاني، الملل والنحل للشهرستاني، النهاية لابن الأثير، أسد الغابة، الصواعق المحرقة، والخطط للمقريزي.
ثم قام حسان بن ثابت، فقال: ائذن لي يا رسول الله صلى الله عليه وآله أقول في علي أبياتا " لتسمعهن.
فقال صلى الله عليه وآله: قل على بركة الله.
فقال حسان:
____________
1 - المائدة: 3.
أقول أخرج في عبقات الأنوار: 9 / 231 - 240 أحاديث وروايات من كتب الفريقين بشأن نزول هذه الآية في يوم الغدير، وإليك أخي القارئ عددا " من المصادر المعتبرة المذكور فيها نزول هذه الآية المباركة في حق أمير المؤمنين علي عليه السلام: تفسير ابن كثير 2 / 14، تفسير الثعلبي: 2 / 14، أرجح المطالب:
66، 67، 73، 566، 568، وأخرجه عن حلية الأولياء وشرح البخاري وتفسير الكبير وتفسير الواحدي والدر المنثور وغرائب القرآن، أمالي الشجري: 1 / 42، 146، البداية والنهاية: 5 / 213، توضيح الدلائل:
156، روح المعاني: 6 / 55، شواهد التنزيل: 1 / 156، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 143، مطلع الأقمار ومجمع الأنهار: 176، مناقب عبد الله الشافعي: 105، مناقب المغازلي: 18 ح 24، ينابيع المودة: 120 و 249.
2 - (وأكرم بالنبي) خ.
3 - (التعاديا) خ.
ثم ذكر العلامة الكاشاني في مصابيحه قال: وقد ذكر مؤرخو المسلمين على اختلاف مذاهبهم موقف النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير، ونصبه عليا " بالخلافة، وكفي لذلك اليوم التاريخي عظمة وإجلالا " عناية المؤمنين والكتاب والشعراء به، ومن العسير جدا " استقصاء ما جمع فيه من المجلدات الضخمة من التفاسير وكتب الصحاح والمسانيد والسير والتواريخ والحديث والموسوعات الأدبية، راجع تعرف، وفي كتابي (العقبات) و (الغدير) كفاية، انتهى.
أقول: اتفق علماء الإسلام قاطبة على نزول هذه الآية الكريمة وهي: (يا أيها الرسول بلغ) الخ، في شأن أمير المؤمنين علي عليه السلام
____________
1 - (ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا) خ.
2 - راجع مناقب الخوارزمي: 80، فرائد السمطين: 1 / 76، نظم درر السمطين 112، وكثير غيرها تجدها في إحقاق الحق: 6 / 247 - 276.
حتى أن رواته بلغوا عددا " لا يوجد في غيره من الأحاديث، إذ رواه على ما يربو على المائة والخمسين صحابيا " من بدري وغيره من أعاظم الصحابة، وأما من التابعين، فقد بلغ عدد رواته أربعة وثمانون راويا " (1).
ومن العلماء والمحدثين من علماء السنة والجماعة، فقد بلغ عدد رواته ثلاثمائة وستون شخصا "، هذا ما عثرت عليه من مصادر المؤرخين والمحدثين والمفسرين من كتب القوم (السنة).
وأما حصر الرواة على الضبط متعذر بل متعسر جدا ".
ولعل ما غاب عنا من الرواة، ولم نعثر عليهم أكثر من ذلك بكثير، ومقتضى الحال ينبغي أن يكون رواة الحديث أضعاف المذكورين، لأن تلك الجموع المصغية إلى خطبة النبي صلى الله عليه وآله كان عددهم يربو على مائة ألف، وبمقتضى الطبيعة أنهم حدثوا بالواقعة عند رجوعهم إلى أوطانهم، وهذا حال كل مسافر ينبئ عن الأحداث
____________
1 - ذكر في كتاب عوالم العلوم المجلد الخاص بحديث الغدير: 479 رواة حديث الغدير من التابعين، فقد عد ممن روى هذا الحديث مائة وواحدا ".
نعم، فعلوا ذلك إلا طائفة ضئيلة لا يعتنى بهم من ذوي الضغائن والأحقاد الكامنة في صدورهم، كتموه حسدا " وبغضا " (1).
وأما الشيعة، فقد أجمعت كلمتهم، وتصافقوا برمتهم على تواتر لا يختلف فيه منهم اثنان، لكن لما ثبت حديث الغدير، وتحقق ثبوته بدرجة لا تدع إلى من في قلبه زيغ من أعداء أهل البيت عليهم السلام خدش الرواة والروايات، أخذ يتشبث بتأويل لفظة (المولى) حسب ما يقتضيه هواهم، فمرة فسره بمعنى (المحب)، أخرى بمعنى (الناصر)، وثالثة بمعنى (الأولى) وهكذا، إذ لم يجد طريقا " لإيقاع الخلل والطعن في تفسير الآية ومعنى الحديث، وتشبث أيضا " بأن النبي صلى الله عليه وآله إنما نزل في (غدير خم) وقام خطيبا " ليبين للناس مقام علي عليه السلام ويعرفهم بشأنه !
أما قول المشكك في لفظة (الولي) بما ذكر، فهو وإن كان محتملا " لتلك المعاني التي أتى بها الخصم المكابر، فهي لا تحتمل إلا من هو أحق بالأمر، ولا يجوز لأحد تولي الأمر سواه، ودليلنا آية الولاية المتقدمة،
____________
1 - ولنعم ما قيل في أن حديث الغدير رواته كثيرون جدا "، قليلون جدا ").
فهم كثيرون جدا " لانفراده بذلك العدد الجم من الرواة، إذ ينعدم نظيره في تراثنا الإسلامي المجيد، وقليلون جدا " بالنسبة إلى الجماهير التي احتشدت في ذلك اليوم الخالد بما زاد على المائة ألف.
وحديث الغدير، وهو قوله صلى الله عليه وآله في خطبته الشريفة الطويلة:
(أيها الناس ! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟) قالها ثلاثا " وفي كل مرة يجيب القوم: بلى يا رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بعضد علي عليه السلام وقال:
(من كنت مولاه فهذا علي مولاه).
فالحديث مطابق للآية الشريفة سواء بسواء.
وأما قول المخالف أيضا ": إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك المنزل ليبين للناس مقام علي ! إلى آخر مفترياته، فكلامه باطل لا يمت إلى الحقيقة بصلة، فلا يعول عليه.
كأن عليا " عليه السلام لم يعرف من ذي قبل حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك المنزل، في ذلك الوقت الرهيب، والحر الشديد - كما مر عليك قريبا " - على أن عليا " عليه السلام أشهر من نار على علم في غزواته، فقد شهد المواقف كلها، و [أما] جهاده فقد قام الدين بسيفه.
ثم إن أقوى دليل على صحة مدعانا، قيام علي خطيبا " على منبر جامع (الرحبة) - وقد ذكره جميع المؤرخين - بعد أن فاء إليه أمر الخلافة، وقال:
أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم
____________
1 - ذكر في كتاب عبقات الأنوار: 8 / 11 - 199 التفاسير السنية التي فسر فيها كلمة (مولى) بمعنى - الأولى - وعد منها (43) تفسيرا ".
فقام ثلاثون صحابيا "، فيهم اثنا عشر بدريا "، فشهدوا أنه أخذه بيده فقال للناس: (أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ؟ قالوا:
نعم.
قال صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) الحديث (2).
ولا يخفى على القارئ اللبيب أن تواطؤ ثلاثين صحابيا " على الكذب مما لا يقره العقل السليم، فحصول التواتر بمجرد شهادتهم إذا " قطعي لا ريب فيه، وقد حمل هذا الحديث عنهم كل من كان في (الرحبة) من تلك المجموع، فبثوه بعد تفرقهم في البلاد، فطار كل مطير.
قال الإمام شرف الدين (ره) في كتابه بعد نقله هذا الكلام:
ولا يخفى أن يوم (الرحبة) (3) إنما كان في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام،
____________
1 - راجع فضائل الصحابة: 2 / 682 ح 1167، خصائص النسائي: 124، والإصابة: 2 / 408 و ج 4 / 80، عنها الاحقاق: 2 / 438 و ج 6 / 323، وفضائل الخمسة: 1 / 377.
2 - أقول: ذكر في عوالم العلوم المجلد الخاص بحديث الغدير: 488، أربعة وثلاثين صحابيا " ممن شهد لأمير المؤمنين عليه السلام يوم الرحبة والركبان بحديث الغدير.
وذكر في ص 486 مناشدات أمير المؤمنين عليه السلام، بالإضافة إلى يوم الرحبة والركبان، وهي مناشدته عليه السلام لأبي بكر، ومناشدته عليه السلام يوم الشورى، ومناشدته عليه السلام في المسجد أيام عثمان، ومناشدته عليه السلام يوم الجمل، ومناشدته عليه السلام يوم صفين.
3 - الرحبة: محلة بالكوفة، ورحبة المسجد: الساحة المنبسطة.
كان في خلالها طاعون عمراس (1)، وحروب الفتوحات والغزوات على عهد الخلفاء [الثلاثة]، وهذه المدة - وهي ربع قرن - بمجرد طولها، وبحروبها وغاراتها وبطاعون عمواسها الجارف، قد أفنت جل من شهد يوم الغدير من شيوخ الصحابة وكهولهم، ومن فتيانهم المتسرعين - في الجهاد - إلى لقاء الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله حتى لم يبق منهم حيا " بالنسبة إلى من مات إلا قليل، والأحياء منهم كانوا منتشرين في الأرض، إذ لم يشهد منهم الرحبة إلا من كان مع أمير المؤمنين عليه السلام في العراق من الرجال دون النساء، ومع هذا كله، فقد قام ثلاثون صحابيا "، فيهم اثنا عشر بدريا "، فشهدوا بحديث الغدير سماعا " من رسول الله صلى الله عليه وآله.
ورب قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة كأنس بن مالك (2) حيث قال له علي عليه السلام: ما لك لا تقوم مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فتشهد بما سمعته يومئذ منه ؟ ! فقال: يا أمير المؤمنين كبرت سني ونسيت.
____________
1 - قال في لسان العرب 9 / 398: طاعون عمواس: أول طاعون كان في الإسلام بالشام: وقال اليعقوبي في تاريخه 2 / 150: ومات في تلك السنة [سنة 18 ه] في طاعون عمواس خمسة وعشرون ألفا " سوى من لم يحصر منهم.
2 - المراجعات: 325 (ط. دار الكتاب الإسلامي)
فما قام حتى ابيض وجهه برصا "، فكان بعد ذلك يقول:
أصابتني دعوة العبد الصالح انتهى (1).
ولو تهيأ " للإمام علي عليه السلام جمع كل من كان حيا " يوم ذلك من الصحابة رجالا " ونساء، ثم يناشدهم كما ناشد أصحاب (الرحبة) لشهد له أضعاف أضعاف [الأربعة و] الثلاثين، وكيف لو تهيأ له الأمر بالمناشدة في الحجاز قبل أن يمضي على عهد الغدير ما مضى من الزمن ؟
فأمعن النظر أيها القارئ المنصف، وتدبر هذه الحقيقة الراهنة، تجدها أقوى دليل واضح على تواتر حديث الغدير.
وسنورد عليك أيها القارئ الكريم بعض ما يتيسر لنا ذكره من أقوال المفسرين، وأئمة الحديث من أن آية (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك) إلخ، وآية (اليوم أكملت لكم دينكم) إلخ، وآية (سأل
____________
1 - قال المؤلف: إنها لكرامة عظيمة للإمام عليه السلام وقد ذكرها جل المؤرخين، منهم: ابن قتيبة الدينوري في كتابه المعارف [آخر] ص 194 حيث ذكر (أنس) في أهل العاهات.
ويشهد لها ما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده:
1 / 119 (ط. الميمينة بمصر) حيث يقول: فقاموا إلا ثلاثة لم يقوموا، فأصابتهم دعوته.
أقول: وممن كتم حديث الغدير - إضافة لأنس - فأصابته دعوة الإمام علي عليه السلام:
1 - البراء بن عازب.
2 - زيد بن أرقم.
3 - جرير بن عبد الله البجلي.
4 - يزيد بن وديعة.
5 - عبد الرحمن بن مدلج.
6 - أشعت بن قيس الكندي.
7 - خالد بن يزيد البجلي
وقد رواه أكابر علماء المسلمين، بما ثبت لديهم من الأحاديث الحاكية لقصة يوم الغدير، بسند متواتر معتبر على أن المراد منها، وأنها نزلت بخصوص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
فهذا الواحدي يقول في كتابه: إن آية (يا أيها الرسول) إلى آخر [الآية] نزلت في يوم غدير خم في علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (2).
وهذا السيوطي في كتابه يقول: وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن أبي سعيد الخدري أن الآية: (يا أيها الرسول) إلخ نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم في علي بن أبي طالب عليه السلام.
____________
1 - وإليك عزيز القارئ بعض المصادر التي روت نزول هذه الآية في مناوئ علي عليه السلام يوم غدير خم:
أربعين الهروي (مخطوط)، أرجح المطالب: 568، تفسير الثعلبي (مخطوط)، تفسير القرطبي، شواهد التنزيل: 268، الفصول المهمة: 24، فيض القدير: 6 / 217، نزهة المجالس: 2 / 209، نظم درر السمطين: 93، نفحات اللاهوت: 27، نور الأبصار: 87، ينابيع المودة: 274 وغيرها.
وممن روى نزول هذه الآية في يوم غدير خم:
ابن عباس، أبو هريرة، حذيفة بن اليمان، سعد بن أبي وقاص، سفيان بن عيينة، وجعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليهم السلام وغيرهم.
2 - أسباب النزول: 150 (ط. مصر).
وقال الرازي في تفسيره الكبير (2): ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية وجوها "، إلى أن قال:
(العاشر): نزلت هذه الآية في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام، ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده، وقال:
(من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) فلقيه عمر فقال: هنيئا " لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وهو قول ابن عباس، والبراء بن عازب، ومحمد بن علي.
وقال النيسابوري في تفسيره - المطبوع بهامش ابن جرير - (3): إن هذه الآية نزلت في فضل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه وكرم الله وجهه) يوم غدير خم.
وذكر ما ذكره الرازي حرفا " بحرف.
وقال الشوكاني في تفسيره (4): وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا "، وعرفت
____________
1 - الدر المنثور: 2 / 298 (ط. مصر).
2 - ج 3 ص 636، عنه الغدير: 1 / 219.
3 - { ج 6 ص 194 }.
4 - { ج 2 ص 57 }.
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).
وقد ذكر ما ذكره السيوطي من نزولها يوم (غدير خم) في علي بن أبي طالب عليه السلام وأنهم كانوا يقرأون أن عليا " عليه السلام مولى المؤمنين.
وقال القندوزي الحنفي في كتابه (1): أخرج الثعلبي، عن ابن صالح، عن ابن عباس، وعن محمد الباقر (رضي الله عنه) قالا:
نزلت هذه الآية في علي عليه السلام.
وقال الآلوسي في تفسيره (2)، وعن ابن عباس (رض) قال:
نزلت هذه الآية في علي كرم الله تعالى وجهه، حيث أمر سبحانه وتعالى [النبي صلى الله عليه وآله] أن يخبر الناس بولايته، فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقولوا حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه.
فأوحى الله تعالى إليه هذه الآية، فقام بولايته يوم (غدير خم) وأخذ بيده فقال صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) وذكر ما ذكره السيوطي في الدر المنثور إلى آخره.
وفي تفسير (المنار) المنسوب إلى الشيخ محمد عبده أنها نزلت يوم (غدير خم) في علي بن أبي طالب عليه السلام ذكره عن ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، ثم ذكر رواية ابن عباس، وأن الآية الشريفة نزلت عليه صلى الله عليه وآله في (غدير خم) كما ذكرها الآلوسي (3).
____________
1 - ينابيع المودة: 120 (ط. الاسلامبول).
2 - { ج 6 ص 172 }.
3 - ج 6 ص 463، عنه الغدير: 1 / 223.
لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا " عليه السلام يوم (غدير خم) فنادى له بالولاية هبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم) الخ.
ومن طريقهما وطريق الخطيب إلى أبي هريرة، قال: لما كان يوم (غدير خم) وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، قال النبي صلى الله عليه وآله:
(من كنت مولاه فعلي مولاه) فأنزل الله:
(اليوم أكملت لكم دينكم) إلخ (1).
وفي (تاريخ بغداد) للخطيب بسند متصل بأبي هريرة وفيه: لما أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: (ألست ولي المؤمنين) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم.
فأنزل الله (اليوم أكملت لكم دينكم) (2).
وفي (فرائد السمطين) للحمويني الباب الثاني عشر بسنده المتصل بأبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس يوم (غدير خم) إلى علي عليه السلام وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس.
____________
1 - الدر المنثور 2 / 259، عنه الغدير 1 / 231.
2 - تاريخ بغداد: 8 / 290 رواه بسندين صحيحين عنه الغدير: 1 / 232.
(اليوم أكملت لكم دينكم) الخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وبالولاية لعلي عليه السلام من بعدي).
ثم قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
وفي الباب المذكور أخرجه بألفاظه من طريق آخر.
وأخرجه الخوارزمي في مناقبه (1).
وفي (تاريخ اليعقوبي): وقد قيل: إن آخر ما نزل عليه صلى الله عليه وآله:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ") وهي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة، وكان نزولها - يوم النص - على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بغدير خم (2).
وهكذا ذكروا في شأن آية المعارج بأنها نزلت في حق علي عليه السلام.
قال الشبلنجي في كتابه: ونقل الإمام الثعلبي في تفسيره:
إن سفيان بن عيينة سئل عن قول الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع)، فيمن نزلت ؟ فقال للسائل: لقد سألتني عن مسألة ما
____________
1 - فرائد السمطين: 1 / 72 من طريقين، ومناقب الخوارزمي: 80 (ط. تبريز) عنهما إحقاق الحق: 6 / 355 - 357.
2 - تاريخ اليعقوبي: 2 / 43 (منشورات الشريف الرضي).
(من كنت مولاه فعلي مولاه) فشاع ذلك في أقطار البلاد، وبلغ ذلك (الحارث بن النعمان الفهري) فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله على ناقته، فأناخ راحلته ونزل عنها وقال: يا محمد ! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسوله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمسا " فقبلناه، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم رمضان فقبلناه، وأمرتنا، بالحج فقبلناه، ثم لن ترضى بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا، فقلت:
(من كنت مولاه فعلي مولاه) ! فهذا شئ منك أم من الله ؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله: (والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله عز وجل) فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا "، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر سقط على هامته
____________
1 - كذا، وفي أكثر المصادر هكذا: سألتني عن شئ ما سألني عنه خلق قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد عليهم السلام عن مثل الذي سألتني عنه، فقال: أخبرني أبي، عن جده، عن أبيه، عن ابن عباس، فقال: لما كان يوم غدير خم... وذكر الحديث.
وتجدر الإشارة إلى أن سفيان بن عيينة هو ممن روى عن الإمام الصادق عليه السلام.
(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) (1).
وفي (فرائد السمطين) بسنده عن الإمام أبي الحسن الواحدي، قال: قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره أن سفيان بن عيينة سئل عن قول الله عز وجل إلى آخر ما ذكره في نور الأبصار (2).
وحكاه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة (3) وحكاه سبط ابن الجوزي في تذكرته، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وقد احمرت عيناه: (والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله، وليس مني) قالها ثلاثا " إلى آخر الحديث (4).
وقال أبو السعود في تفسيره المطبوع بهامش تفسير الرازي:
وقيل: هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنه لما بلغه قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام (من كنت مولاه فعلي مولاه) إلى آخره (5).
____________
1 - نور الأبصار: 106 (ط. العثمانية بمصر).
والآية من سورة المعارج: 1 - 3.
ورواه الثعلبي في تفسيره: 4 / 234 (مخطوط) راجع إحقاق الحق: 3 / 582 و ج 14 / 443.
2 - فرائد السمطين الباب الثالث عشر، عنه الغدير: 1 / 242.
3 - ص 24 (ط. النجف).
4 - تذكرة ابن الجوزي: 19 بإسناده عن أبي إسحاق في تفسيره، عنه الغدير:
1 / 242 ح 6.
5 - ج 8 ص 292، عنه الغدير: 1 / 343.
(والله الذي لا إله إلا هو إنه من عند الله) الخ (1).
وأما حديث (من كنت مولاه) ففي مسند أحمد بن حنبل بسنده عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر، فنزلنا بغدير خم فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي عليه السلام فقال:
(ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من نفسهم) ؟ قالوا: بلى.
قال: فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).
قال فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئا " لك يا بن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة (2).
وروى عن عطية العوفي، قال: سألت زيد أرقم فقلت له: إن ختنا " لي حدثني عنك بحديث في شأن علي عليه السلام يوم غدير خم، فأنا
____________
1 - نزهة المجالس: 2 / 209 (ط. القاهرة).
2 - مسند أحمد: 4 / 281 (ط. الأولى بمصر)
فقلت له: ليس عليك مني بأس.
فقال: نعم، كنا بالجحفة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلينا ظهرا "، وهو آخذ بعضد علي عليه السلام، فقال: (يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ؟ قالوا: بلى.
قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه...) الحديث (1).
وروى أيضا " بسنده عن ميمون قريبا " منه (2).
وروى أيضا " في الجزء الأول من مسنده، أخرجه عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (3).
وروى ابن ماجة في سننه بطريقه إلى البراء بن عازب الحديث قريبا " مما تقدم (4).
وروى النسائي في خصائص علي عليه السلام بطريقه إلى سعد، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، وفي تلك الصحيفة أيضا " أخرجه بسنده إلى زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه) ؟ قالوا: بلى، نشهد لأنت أولى بكل مؤمن من نفسه.
قال:
____________
1 - مسند أحمد: 4 / 281.
2 - مسند أحمد: 4 / 372.
3 - مسند أحمد: 1 / 84 (من 13 طريقا ") و ص 152 (ط. الأولى بمصر).
4 - سنن ابن ماجة: 1 / 55 و 56 (ط. الأولى بمصر) و ص 43 ح 116 (ط. دار إحياء التراث العربي).
وروى ابن عبد ربه في العقد الفريد عند ذكر احتجاج المأمون على الفقهاء في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام قال في جملة كلامه:
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) (2).
وروى السيوطي في كتابه قال: وأخرج الترمذي عن أبي سريحة، أو زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (3).
وروى أيضا " في كتابه حديث: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (4).
وفي (كنوز الحقائق) بهامش (الجامع الصغير) جاء هذا الحديث الشريف: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (5).
وفي (إسعاف الراغبين) بهامش (نور الأبصار) قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله - يوم غدير خم -: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار).
رواه عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاثون صحابيا "، وكثير من طرقه صحيح أو حسن (6).
____________
1 - ص 22 (ط. القاهرة).
2 - العقد الفريد: 3 / 42، عنه الغدير: 1 / 210.
3 - تاريخ الخلفاء: 65 (ط. الميمنية بمصر).
4 - الجامع الصغير: 179 و 180 و 141 ح 5598 (ط. مصطفى محمد بمصر).
5 - { كنوز الحقائق: 2 / 117 }.
6 - { إسعاف الراغبين: 151 }.
علي مولى من كان رسول الله صلى الله عليه وآله مولاه (1).
وفي تلك الصحيفة أيضا ": قال: وعن سالم، قيل لعمر: إنك تصنع بعلي عليه السلام شيئا " ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قال: إنه مولاي.
وفي مصابيح السنة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (2).
وفي حلية الأولياء عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (3).
وفي (نثر اللئالي) قال في عداد فضائله: ومنها:
قوله صلى الله عليه وآله في حقه: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) (4).
وفي الشرف المؤبد قال صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (5).
وفي تذكرة الحفاظ قال صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) (6).
وفي الجزء الثالث ص 231: وأما حديث - من كنت مولاه - فله طرق جيدة، وقد أفردت ذلك.
وفي (تاريخ بغداد للخطيب) عن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله
____________
1 - { الرياض النضرة: 2 / 170 }.
2 - { ج 2 ص 220 }.
3 - { الجزء الرابع ص 23 }.
4 - { ص 166 }.
5 - { ص 111 }.
6 - { ج ص 10 }.