الصفحة 15

الرابع والأربعون:

التوبة الحقيقية من الذنوب.

وإن كانت التوبة من الأعمال المحرمة واجبة في كل زمان إلا أن أهميتها في هذا الزمان من جهة أن أحد أسباب غيبة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه وطولها هو ذنوبنا العظيمة والكثيرة, فأصبحت سبباً لامتناعه عن الظهور, كما ورد ذلك في (البحار) عن أمير المؤمنين (ع)، وكذلك في التوقيع الشريف المروي في (الاحتجاج) حيث يقول:

"فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم".(1)

ومعنى التوبة هو الندم على الذنوب السابقة والعزم على تركها في المستقبل، وعلامة ذلك إبراء الذمّة من الواجبات التي تركت، وأداء حقوق الناس الباقية في ذمّته، وإذابة اللحم الذي نشأ في بدنك من المعاصي، وتحمّل مشاق العبادة بما ينسيك ما اكتسبته من لذّة المعصية.

وبهذه الأمور الستّة تتحقّق التوبة كاملاً، وتكون كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) في كتب متعددة.

فانتبه إلى نفسك، ولا تقول: وعلى فرض أنّي أتوب ولكن الناس لا يتوبون فيستمر الإمام (ع) في غيبته، فذنوب الجميع تؤدي إلى غيبته وتأخّر ظهوره!

فأقول: إن كان جميع الخلق سبباً لتأخير ظهوره (ع) فالتفت إلى نفسك فلا تكون شريكاً معهم في ذلك، فأخشى أن يصبح حالك تدريجاً

____________

(1) الاحتجاج: 2/ 325 وعنه في البحار: 53/ 177.


الصفحة 16
كحال هارون الرشيد في حبسه للإمام موسى الكاظم (ع)، وحبس المأمون للرضا (ع) في (سرخس)، أو حبس المتوكّل للإمام علي النقي (ع) في (سامراء)!

الخامس والأربعون:

ما روي في (روضة الكافي) عن الصادق (ع) أنه قال:

"إذا تمنّى أحدكم القائم فليتمنّه في عافية، فإنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله رحمة ويبعث القائم نقمة".(1)

أقول: يعني اسألوا الله تعالى أن تلاقوه (ع) وأنتم مؤمنون ومعافون من ضلالات آخر الزمان كي لا تكونوا محلاَّ لإنتقامه.

السادس والأربعون:

أن يدعو المؤمن الناس إلى محبته (ع) ببيان إحسانه (ع) إليهم وبركات ومنافع وجوده المقدّس لهم وحبّه (ع) لهم، وأمثالها، ويتحبب إليه بما يكسب به حبّه (ع) له.

السابع والأربعون:

أن لا يقسو قلبك بسبب طول زمان الغيبة، بل يبقى طريّاً بذكر مولاه (ع)، وقد قال ربّ العالمين جلّ شأنه في القرآن المجيد في سورة الحديد: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).(2)

____________

(1) الكافي: 8/ 233 ح 306.

(2) سورة الحديد: 16.


الصفحة 17
وقد روي في (البرهان) عن الصادق (ع) أنه قال:

"نزلت هذه الآية _ (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) _ من أهل زمان الغيبة، ثم قال: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)".(1)) وعن الإمام الباقر (ع) أنه قال في معنى موت الأرض:

"كفر أهلها والكافر ميت، يحييها الله بالقائم (ع) فيعدل فيها، فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم".(2)

وفي (كمال الدين) بسند صحيح عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال:

"للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة".(3)

أقول: أيها المؤمنون المنتظرون إمام زمانكم، لتسرّ قلوبكم وتقرّ عيونكم بهذه البشارة العظمى التي هي أعظم البشارات، واسعوا أن تكون قلوبكم رقيقة غير قاسية في زمان غيبة إمام زمانكم.

فإن قلتم: إنّ رقّة القلب وقساوته خارجان عن اختيارنا، أقول: صحيح ما تقولون ولكن مقدمات ومسببات ذلك باختياركم، أي تستطيعون

____________

(1) البرهان: 4/ 291 ح1.

(2) البرهان: 4/ 291 ح 4.

(3) كمال الدين: 1/ 303 ح 14.


الصفحة 18
القيام بأعمال تجعلون بها قلوبكم نقية، وتستطيعون القيام بأعمال تُقسي قلوبكم، فإن كنتم تخشون قساوة القلب فاتركوا ما يسبب ذلك، وواظبوا على الأعمال التي تنقي وترقّق القلب، كما ورد في (مجمع البيان) في تفسير الآية المذكورة، حيث قال: فغلظت قلوبهم وزال خشوعها ومرنوا على المعاصي.(1)

وري عن الإمام محمد الباقر (ع): إنّ الله لا يعاقب على ذنب كما يعاقب على قساوة القلب.(2)

وسأشير هنا إلى بعض منها كما قد رأيتها في كتب الحديث مذكّراً بذلك نفسي وإخواني في البلدان ومن الله التوفيق.

____________

(1) مجمع البيان: 9/ 238.

(2) تحف العقول: 296، ولفظ الحديث: عن الباقر (ع): "... وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب".


الصفحة 19
أمّا ما يرقّق وينقي القلب فأمور:

1 _ الحضور في مجالس ذكر بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف وشرح صفاته وخصائصه وشؤونه ومجالس الوعظ على ضوء نصائح أهل البيت عليهم السلام ومجالس قراءة القرآن بشرط التأمّل والتفكّر في معاني الآيات القرآنية.

2 _ زيارة القبور.

3 _ كثرة ذكر الموت.

4 _ مسح رؤوس اليتامى، والحبّ والإحسان إليهم.

وأمّا ما يسبّب قساوة القلب، فمنها:

1 _ ترك ذكر الله جلّ شأنه.

2 _ أكل الطعام المحرم.

3 _ مجالسة أهل الدنيا، وكثرة زيارتهم.

4 _ الأكل على الشبع.

5 _ كثرة الضحك.

6 _ كثرة التفكير بالأكل والشرب.

7 _ كثرة الحديث فيما لاينفع في الآخرة.

8 _ طول الأمل.

9 _ عدم أداء الصلاة في أوّل الوقت.

10 _ مجالسة ومصاحبة أهل المعاصي والفسق.

11 _ الإستماع للكلام غير النافع في الآخرة.

12 _ الذهاب إلى الصيد للهو واللعب.

13 _ تولّي الرئاسة في أمور الدنيا.

14 _ الذهاب إلى المواطن الدنيئة المخجلة.

15 _ كثرة مجالسة النساء.

16 _ كثرة أموال الدنيا.

17 _ ترك التوبة.

18 _ الإستماع إلى الموسيقى.


الصفحة 20
19 _ شرب مسكر وكل شراب حرام.

20 _ ترك مجالس أهل العلم.

أي ترك الحضور في المجالس التي ترقّق وتنقي القلب والحاوية على ذكر أحكام الدين، وأحاديث ومواعظ الأئمة الطاهرين، وشؤون صاحب الزمان(ع)، وآيات القرآن الكريم، وخصوصاً إذا كان المتحدّث مطابق عمله قوله بما يجعل لقوله تأثير خاص في قلب المستمع، فقد ورد عن الرضا (ع) أنه قال:

"من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب".(1)

والخلاصة: رقّقوا قلوبكم من قساوة القلب على حذر، فأخشى أن يصل الأمر بحيث لا تؤثر الموعظة بعده في القلوب ويحرم من رحمة الله جل شأنه.

الثامن والأربعون:

الاتّفاق والاجتماع على نصرة صاحب الزمان (ع):

أي تتّفق قلوب المؤمنين مع بعضها وتتعاهد لنصرته (ع) والوفاء بعهده، وقد ورد في التوقيع الشريف عن الناحية المقدسة إلى الشيخ المفيد (رحمه الله تعالى) وهو آخر توقيع أورده الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي (رحمه الله) في كتاب (الاحتجاج)، وجاء فيه: "ولو أنّ أشياعنا

____________

(1) أمالي الصدوق: 68/ المجلس 17 ح 4، وعنه في البحار: 44/ 278 ح1.


الصفحة 21
وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا".(1)

التاسع والأربعون:

الاهتمام في أداء الحقوق المالية المتعلّقة بذمتهم من قبيل الزكاة والخمس وسهم الإمام (ع).

وهذا الأمر واجب في كل زمان، إلاّ أنّ له أثراً خاصاً في زمان غيبة الإمام (ع) فاهتم به وجاءت التوصية والأمر به، فيقول الإمام (ع) في نفس ذلك التوقيع:

"ونحن نعهد إليك... إنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته فإنّه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته".(2)

تنبيه:

واعلم أن من جملة الحقوق المالية المترتّبة على الشخص أن يوصل في كل سنة مبلغاً من المال إلى إمام زمانه (ع)، وهذا غير سهم الإمام الواجب، لأنّ سهم الإمام مفروض في أشياء خاصة في ظروف خاصة ورد ذكرها في الكتب الفقهية، وهذا الأمر أي إهداء مبلغ من المال سنوياً للإمام (ع) ليس له شرط خاص، بل هو تكليف على الجميع سواء كان

____________

(1) الاحتجاج: 2/ 325.

(2) البحار: 96/ 216، والبرهان: 1/ 297، والآية من سورة آل عمران: 92.


الصفحة 22
الشخص فقيراً أو غنياً، ففي كل الأحوال يجب أن يخرج مقداراً من ماله سنوياً ويقدّمه هدية لإمام زمانه (ع).

وقد روي في (البحار) وفي (البرهان) عن المفضل أنّه قال:

دخلت على أبي عبد الله (ع) يوماً ومعي شيء، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك. قال: فقال (ع) لي: يا مفضل، إنّي لأقبل ذلك وما أقبل من حاجة بي إليه، وما أقبله إلاّ ليزكوا به، ثم قال: سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله، قل أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلاّ أن يعفو الله عنه.

ثم قال: يا مفضل إنّها فريضة فرضها الله تعالى على شيعتنا في كتابه إذ يقول: (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).(1)

وفي حديث آخر عنه (ع) في تفسير الآية الشريفة: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (إلى أن قال:

"هو صلة الإمام في كل سنة ممّا قلّ أو كثر، ثم قال (ع): وما أُريد بذلك إلاّ تزكيتكم".(2)

وفي حديث آخر عنه (ع) أنه قال:

"لا تدعوا صلة آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين من أموالكم، من كان غنياً فعلى قدر غناه، ومن كان فقيراً فعلى قدر فقره، ومن أراد أن

____________

(1) البحار: 96/ 216، والبرهان: 1/ 297، والآية من سورة آل عمران: 92.

(2) البحار: 96/ 216 ح5، والبرهان: 2/ 289، والآية من سورة الرعد: 21.


الصفحة 23
يقضي الله الحوائج إليه فليصل آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين وشيعتهم بأحوج ما يكون إليه من ماله".(1)

وفي (الفقيه) عن الإمام الصادق (ع) أيضاً أنه قال:

"درهم يوصل به الإمام أفضل من ألف ألف درهم في غيره في سبيل الله".(2)

أقول: ومن الرؤيا الصادقة أني رأيت في ليلة في عالم الرؤيا شخصاً جليلاً قال: المؤمن الذي يخرج شيئاً من ماله صلة لإمامه في زمان غيبته ثوابه ألف مرة ومرة مقابل الذي يقدم ذلك إلى إمامه في زمان ظهوره وحضوره.

وسيأتي في الوظيفة الحادية والخمسين حديثاً يؤيد ذلك.

ولا يخفى أن في هذا الزمان الّذي كان إمامنا (ع) غائباً يجب أن يصرف ذلك المال الذي يقدّمه المؤمن هدية له (ع) في ما يرضاه، كأن يصرف في طبع الكتب المتعلّقة به (ع)، أو في المجالس التي تذكر فيها فضائله وأخلاقه، أو يعطى إلى أحبائه بعنوان هدية عنه (ع)، وهكذا مع تقديم الأهمّ فالأهمّ، والله العالم.

____________

(1) البحار: 96/ 216 ح6.

(2) الفقيه: 2/ 72.


الصفحة 24
ومن جملة الحقوق المالية صلة الرحم، ومساعدة الجار حتى في إعارتهم لوازم المنزل مثلاً كالأواني والمصابيح وغيرها، وإن احتاجوا إلى أمور زهيدة الثمن كالملح والتوابل ونحوها فتهدى إليهم.

الخمسون:

المرابطة.

واعلم أنّ المرابطة على قسمين:

الأول:

ما ذكره الفقهاء في كتاب الجهاد، وهو أن يقيم المؤمن في ثغر من الثغور ويربط دابّته قريباً من بلاد الكفار لأجل أن يخبر المسلمين إن أراد الكفار الهجوم عليهم، أو يدافع عن المسلمين في حال تعرّضهم لاعتداءات الكفرة إن لزم الأمر، وهذا العمل سواء كان في زمان حضور الإمام (ع) أو في غيبته مستحبّ مؤكّد، كما ذكر ذلك العلامة رحمه الله في (الإرشاد)، والشهيد رحمه الله في (الروضة)، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

"كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتّان القبر".(1)

وفي حديث آخر ورد في (الجواهر) عن (المنتهى) أنّه صلى الله عليه وآله قال:

"رباط الخيل ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه".(2)

____________

(1) المنتهى: 2/ 902.

(2) جواهر الكلام: مجلد الحج والجهاد ص 555، والمنتهى: 2/ 902.


الصفحة 25
ولهذا القسم من المرابطة شرطان:

1 _ أن يكون الوقوف في منطقة حدودية لحفظ بلاد الإسلام وشرع خير الأنام صلى الله عليه وآله من اعتداءات الأجانب، ولذلك قالوا: إن لم يستطع الرجل البقاء في ذلك المكان فعليه أن يجعل فيه شخصاً آخر نيابة عنه.

2 _ أن يكون أقلّ زمان المرابطة هناك ثلاثة أيام كما ذكر ذلك في (الإرشاد) وغيره، وأكثره أربعون يوماً، فإن بقي أكثر من أربعين يوماً فانّه يحسب من المجاهدين وله ثواب المجاهد في سبيل الله.

الثاني:

المرابطة بأن يُعِدّ المؤمن فرسه وسيفه تهيؤاً واستعداداً لظهور الإمام (ع) لنصرته، وهذا القسم من المرابطة ليس له زمان أو مكان معين، وقد ورد في (روضة الكافي) عن أبي عبد الله الجعفي أنّه قال:

"قال لي أبو جعفر بن علي (ع): كم الرباط عندكم؟ قلت: أربعون، قال (ع): لكن رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابّة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحاً كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرّة ولا من مرّتين ولا من ثلاث ولا من أربع، فانّما مثلنا ومثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل، فأوحى الله عز وجل إليه أن ادع قومك للقتال فانّي سأنصرك، فجمعهم من رؤوس الجبال، ومن غير ذلك، ثم توجّه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فاني سأنصرك، فدعاهم فقالوا:


الصفحة 26
وعدتنا النصر فما نصرنا، فأوحى الله تعالى إليه: إما أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا ربّ، القتال أحبّ إليّ من النار.

فدعاهم، فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدّة أهل بدر، فتوجه بهم، فما ضربوا بسيف ولاطعنوا برمح حتى فتح الله لهم عز وجل لهم".(1)

وقال المجلسي رحمه الله في شرح قوله: رباطنا رباط الدهر: أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على طاعة إمام الحقّ وانتظار فرجه ويتهيّؤوا لنصرته.

وقال رحمه الله في شرح قوله (ع): كان له وزنها... الخ، أي: كان له ثواب التصدّق بضعفي وزنها ذهباً وفضّة كلّ يوم... أو من الثواب مثلي وزن الدابّة،(2) (والله تعالى هو العالم).

وقد وردت أخبار أخرى في هذا الخصوص، وقد ذكرتها في كتاب (مكيال المكارم) في آخر الجزء الثاني منه.

الحادي والخمسون:

الإهتمام في اكتساب الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة، وأداء الطاعات والعبادات الشرعية، واجتناب المعاصي والذنوب التي نهي عنها في الشرع المقدّس، لأنّ مراعاة هذه الأمور في زمان غيبة الإمام أعسر من مراعاتها في زمان ظهوره (ع) بلحاظ ازدياد الفتن ولكثرة الملحدين والمشكّكين والمتصدّين لإضلال المؤمنين.

____________

(1) روضة الكافي: ص 381.

(2) مكيال المكارم: 2 / 397.


الصفحة 27
ولهذا ورد في الحديث النبوي الشريف أنّه قال لأمير المؤمنين (ع):

"يا علي، واعلم أن أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم، فآمنوا بسواد على بياض".(1)

وروي في (البحار) عن الصادق (ع) أنّه قال:

"من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم (ع) بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه".(2)

وروي في (الكافي) عنه (ع) أنّه قال:

"ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها كتب الله عزَّ وجل بها له خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمّها كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله عز وجل له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله عزَّ وجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه أضعافاً مضاعفة، إنّ الله عز وجل كريم".(3)

____________

(1) كمال الدين: 1/ 288 ح8.

(2) البحار: 52 / 140.

(3) الكافي: 1/ 333.