الصفحة193

الملحق رقم ( 1 )
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة

اعتمدتها الجمعية العامّة ، وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار 34/180
المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1979
تاريخ بدء النفاذ : 3 ايلول/ سبتمبر 1981 ، طبقاً لأحكام المادة 27

نصّ الاتفاقية

إنّ الدول الأطراف في هذه الاتفاقية ، إذ تلحظ أنّ ميثاق الأُمم المتحدة يؤكّد من جديد الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية ، وبكرامة الفرد وقدره ، وبتساوي الرجل والمرأة في الحقوق .

وأن تلحظ أنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكّد مبدأ عدم جواز التمييز ، ويعلن أنّ جميع الناس يولدون أحراراً ، ومتساوين في الكرامة والحقوق ، وأنّ لكل إنسان حق التمتّع بجميع الحقوق والحريّات الواردة في الإعلان المذكور ، دون أىّ تمييز ، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس .

وأن تلحظ أنّ على الدول الأطراف في العهدين الدوليين الخاصّين بحقوق الإنسان واجب ضمان مساواة الرجل والمرأة في حق التمتّع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .


الصفحة194

وأن تأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية المعقودة برعاية الأُمم المتحدة والوكالات المتخصّصة ، التي تشجّع مساواة الرجل والمرأة في الحقوق .

وأن تلحظ أيضاً القرارات والإعلانات والتوصيات التي اعتمدتها الأُمم المتحدة والوكالات المتخصّصة للنهوض بمساواة الرجل والمرأة في الحقوق .

وأن يساورها القلق مع ذلك ; لأنّه لا يزال هناك ـ على الرغم من تلك الصكوك المختلفة ـ تمييز واسع النطاق ضدّ المرأة .

وأن تشير إلى أنّ التمييز ضدّ المرأة يشكّل انتهاكاً لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان ، ويعدّ عقبة أمام مشاركة المرأة ، على قدم المساواة مع الرجل ، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ويعوق نموّ ورخاء المجتمع والأُسرة ، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية .

وأن يساورها القلق ، وهي ترى النساء ، في حالات الفقر ، لا ينلن إلاّ أدنى نصيب من الغذاء والصحة والتعليم والتدريب وفرص العمالة والحاجات الأُخرى .

وأن تؤمن بأنّ إقامة النظام الاقتصادي الدولي الجديد ، القائم على الإنصاف والعدل ، سيسهم إسهاماً بارزاً في النهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة .

وأن تنّوه بأنّه لابدّ من استئصال شأفة الفصل العنصري ، وجميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري ، والاستعمار الجديد ، والعدوان والاحتلال الأجنبي ، والسيطرة الأجنبية ، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا أريد للرجال والنساء أن يتمتّعوا بحقوقهم تمتّعاً كاملاً .

وأن تجزم بأنّ من شأن تعزيز السلم والأمن الدوليين ، وتخفيف حدّة التوتّر الدولي ، وتبادل التعاون فيما بين جميع الدول بغضّ النظر عن نظمها الاجتماعية والاقتصادية ، ونزع السلاح العام الكامل ، ولاسيّما نزع السلاح النووي في ظل


الصفحة195

رقابة دولية صارمة وفعّالة ، وتثبيت مبادئ العدل والمساواة والمنفعة المتبادلة في العلاقات بين البلدان ، وإعمال حقّ الشعوب الواقعة تحت السيطرة الأجنبية والاستعمارية والاحتلال الأجنبي في تقرير المصير والاستقلال ، وكذلك من شأن احترام السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية ، النهوض بالتقدّم الاجتماعي والتنمية والإسهام ، نتيجة لذلك في تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة .

وإيماناً منها بأنّ التنمية التامة والكاملة لأىّ بلد ، ورفاهية العالم وقضية السلم ، تتطلّب جميعاً مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل أقصى مشاركة ممكنة في جميع الميادين .

وأن تضع نصب عينيها دور المرأة العظيم في رفاهية الأُسرة ، وفي تنمية المجتمع الذي لم يعترف به حتّى الآن على نحو كامل ، والأهمية الاجتماعية للأمومة ، ولدور الوالدين كليهما في الأُسرة ، وتنشئة الأطفال .

وأن تدرك أنّ دور المرأة في الإنجاب لا يجوز أن يكون أساساً للتمييز ، بل إنّ تنشئة الأطفال تتطلّب بدلاً من ذلك تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة والمجتمع ككل.

وأن تدرك أنّ تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلّب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل ، وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأُسرة .

وقد عقدت العزم على تنفيذ المبادئ الواردة في إعلان القضاء على التمييز ضدّ المرأة ، وعلى أن تتخذ ـ لهذا الغرض ـ التدابير التي يتطلّبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله ومظاهره ، قد اتفقت على ما يلى :

الجزء الأول
      المادة 1

أغراض هذه الاتفاقية يعني : مصطلح التمييز ضدّ المرأة أىّ تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتّم على أساس الجنس ، ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط


الصفحة196

الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الإساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنيّة أو في أىّ ميدان آخر ، أو توهين أو إحباط تمتّعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها ، بصرف النظر عن حالتها الزوجية ، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل .

المادة 2

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة ، وتتّفق على أن تنتهج ، بكلّ الوسائل المناسبة ودون إبطاء ، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضدّ المرأة ، وتحقيقاً لذلك تتعهّد بالقيام بما يلى :

(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأُخرى ـ إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن ـ وكفالة التحقيق العلمي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة .

(ب) اتخاذ المناسب من التدابير ، تشريعية وغير تشريعية ، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات ، لحظر كل تمييز ضدّ المرأة .

(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل ، وضمان الحماية الفّعالة للمرأة ، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأُخرى في البلد ، من أىّ عمل تمييزي .

(د) الامتناع عن مباشرة أىّ عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضدّ المرأة ، وكفالة تصرّف السلطات والمؤسسات العامة بما يتّفق وهذا الالتزام .

(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة من جانب أي شخص أو منظّمة أو مؤسسة .


الصفحة197

(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريعي منها ، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكّل تمييزاً ضدّ المرأة .

(ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكّل تمييزاً ضدّ المرأة .

المادة 3

تتّخذ الدول الأطراف في جميع الميادين ، ولاسيّما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، كلّ التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريعي منها ، لكفالة تطوّر المرأة وتقدّمها الكاملين ، وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، والتمتّع بها على أساس المساواة مع الرجل .

المادة 4

1 ـ لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصّة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية ، ولكنّه يجب ألاّ يستتبع ـ على أي نحو ـ الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة ، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة .

2 ـ لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصه تستهدف حماية الأُمومة ، بما في ذلك تلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية ، إجراءً تمييزّياً .

المادة 5

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي :

(أ) تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة ، بهدف تحقيق القضاء على التحيّزات والعادات العرفية ، وكلّ الممارسات الأُخرى القائمة على


الصفحة198

الاعتقاد بكون أيّ من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر ، أو على أدوار نمطيّة للرجل والمرأة .

(ب) كفالة تضمين التربية العائلية فهماً سليماً للأُمومة بوصفها وظيفة اجتماعية ، والاعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوماً أنّ مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات .

المادة 6

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريعي منها ، لمكافحة جميع أشكال الاتّجار بالمرأة واستغلال بغاء المرأة .

الجزء الثاني
      المادة 7

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد ، وبوجه خاص تكفل للمرأة ، على قدم المساواة مع الرجل ، الحق في :

(أ) التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة ، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام .

(ب) المشاركة في صياغة سياسة الحكومة ، وفي تنفيذ هذه السياسة ، وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية .

(ج) المشاركة في أيّة منظّمات وجمعيّات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد .


الصفحة199

المادة 8

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة ، على قدم المساواة مع الرجل ، ودون أيّ تمييز ، فرصة تمثيل حكوماتها على المستوى الدولي والاشتراك في أعمال المنظّمات الدولية .

المادة 9

1 ـ تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها .

وتضمن بوجه خاص ألاّ يترتّب على الزواج من أجنبي ، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج ، أن تتغيّر تلقائياً جنسية الزوجة ، أو أن تصبح بلا جنسية ، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج .

2 ـ تمنح الدول الأطراف المرأة حقّاً مساوياً لحقّ الرجل فيما يتعلّق بجنسية أطفالهما .

الجزء الثالث
    المادة 10

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة لكي تكفل لها حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في ميدان التربية ، وبوجه خاص لكي تكفل ، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة :

(أ) شروط متساوية في التوجيه الوظيفي والمهني ، والالتحاق بالدراسات والحصول على الدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية على اختلاف فئاتها ، في المناطق الريفية والحضرية على السواء ، وتكون هذه المساواة مكفولة في مرحلة


الصفحة200

الحضانة وفي التعليم العام والتقني والمهني والتعليم التقني العالي ، وكذلك في جميع أنواع التدريب المهني .

(ب) التساوي في المناهج الدراسية ، وفي الامتحانات ، وفي مستويات مؤهلات المدرّسين ، وفي نوعية المرافق والمعدّات الدراسية .

(ج) القضاء على أيّ مفهوم نمطي عن دور المرأة والرجل ودورهما في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله ، عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف ، ولا سيّما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية ، وتكييف أساليب التعليم .

(د) التساوي في فرص الحصول على المنح والإعانات الدراسية الاُخرى .

(هـ) التساوي في فرص الإفادة من برامج مواصلة التعليم ، بما في ذلك برامج تعليم الكبار ، ومحو الأُميّة الوظيفي ، ولاسيّما البرامج التي تهدف إلى التعجيل بقدر الإمكان بتضييق أيّ فجوة في التعليم قائمة بين الرجل والمرأة .

(و) خفض معدّلات ترك الطالبات للدراسة ، وتنظيم برامج للفتيات والنساء اللآتي تركن المدرسة قبل الأوان .

(ز) التساوي في فرص المشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدنية .

(ح) إمكانية الحصول على معلومات تربوية محدّدة تساعد على كفالة صحة الأُسر ورفاهها . بما في ذلك المعلومات والإرشادات التي تتناول تنظيم الأُسرة .

المادة 11

1 ـ تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها ، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ، نفس الحقوق ، ولا سيما :


الصفحة201

(أ) الحق في العمل بوصفه حقاً ثابتاً لجميع البشر .

(ب) الحق في التمتّع بنفس فرص العمالة ، بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في شؤون الاستخدام .

(ج) الحق في حرية اختيار المهنة ونوع العمل ، والحق في الترقية ، والأمن على العمل ، وفي جميع مزايا وشروط الخدمة ، والحق في تلقي التدريب وإعادة التدريب المهني ، بما في ذلك التلمذة الحرفية والتدريب المهني المتقدّم والتدريب المتكرر .

(د) الحق في المساواة في الأجر ، بما في ذلك الاستحقاقات ، والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلّق بالعمل ذي القيمة المساوية ، وكذلك المساواة في المعاملة في تقييم نوعية العمل .

(هـ) الحق في الضمان الاجتماعي ، ولا سيّما في حالات التقاعد والبطالة والمرض والعجز والشيخوخة وغير ذلك من حالات عدم الأهلية للعمل ، وكذلك الحق في إجازة مدفوعة الأجر .

(و) الحق في الوقاية الصحية وسلامة ظروف العمل ، بما في ذلك حماية وظيفة الإنجاب .

2 ـ توخّياً لمنع التمييز ضدّ المرأة بسبب الزواج أو الأُمومة ، وضماناً لحقها الفعلي في العمل ، تتّخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة :

(أ) حضر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأُمومة ، والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية ، مع فرض جزاءات على المخالفين .

(ب) إدخال نظام إجازة الأُمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعلاوات الاجتماعية .


الصفحة202

(ج) لتشجيع توفير الخدمات الاجتماعية المساندة اللازمة لتمكين الوالدين من الجمع بين الالتزامات العائلية وبين مسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة ، ولا سيّما عن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق رعاية الأطفال .

(د) لتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل في الأعمال التي يثبت أنّها مؤذية لها .

3 ـ يجب أن تستعرض التشريعات الوقائية المتصلة بالمسائل المشمولة بهذه المادة استعراضاً دورياً في ضوء المعرفة العلمية والتكنولوجية ، وأن يتم تنقيحها أو إلغاؤها أو توسيع نطاقها حسب الاقتضاء .

المادة 12

1 ـ تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن لها ـ على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ـ الحصول على خدمات الرعاية الصحية ، بما في ذلك الخدمات المتعلّقة بتنظيم الأُسرة .

2 ـ بالرغم من أحكام الفقرة 1 من هذه المادة تكفل الدول الأطراف للمرأة خدمات مناسبة فيما يتعلّق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة ، موفّرة لها خدمات مجانية عند الاقتضاء ، وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة .

المادة 13

تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في المجالات الأُخرى للحياة الاقتصادية والاجتماعية لكي تكفل لها ـ على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ـ نفس الحقوق ، ولا سيّما :


الصفحة203

(أ) الحق في الاستحقاقات العائلية .

(ب) الحق في الحصول على القروض المصرفية ، والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال الائتمان المالي .

(ج) الحق في الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية ، وفي جميع جوانب الحياة الثقافية .

المادة 14

1 ـ تضع الدول الأطراف في اعتبارها المشاكل الخاصة التي تواجهها المرأة الريفية ، والأدوار الهامة التي تؤدّيها في توفير أسباب البقاء اقتصادياً لأُسرتها ، بما في ذلك عملها في قطاعات الاقتصاد غير النقدية ، وتتّخذ جميع التدابير المناسبة لكفالة تطبيق أحكام هذه الاتفاقية على المرأة في المناطق الريفية .

2 ـ تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في المناطق الريفية لكي تكفل لها ـ على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ـ أن تشارك في التنمية الريفية وتستفيد منها ، وتكفل للريفية بوجه خاص الحق في :

(أ) المشاركة في وضع وتنفيذ التخطيط الإنمائي على جميع المستويات .

(ب) الوصول إلى تسهيلات العناية الصحية الملائمة ، بما في ذلك المعلومات والنصائح والخدمات المتعلّقة بتنظيم الأُسرة .

(ج) الاستفادة بصورة مباشرة من برامج الضمان الاجتماعي .

(د) الحصول على جميع أنواع التدريب والتعليم ، الرسمي وغير الرسمي ، بما في ذلك ما يتصل منه بمحو الأُميّة الوظيفي ، وكذلك التمتّع خصوصاً بكافة الخدمات المجتمعية والإرشادية ، وذلك لتحقق زيادة كفاءتها التقنية .


الصفحة204

(هـ) تنظيم جماعات المساعدة الذاتية والتعاونيات من أجل الحصول على فرص اقتصادية مكافئة لفرص الرجل عن طريق العمل لدى الغير أو العمل لحسابهنّ الخاص .

(و) المشاركة في جميع الأنشطة المجتمعية .

(ز) فرصة الحصول على الائتمانات والقروض الزراعية ، وتسهيلات التسوية والتكنولوجيا المناسبة ، والمساواة في المعاملة في مشاريع إصلاح الأراضي والإصلاح الزراعي ، وكذلك في مشاريع التوطين الريفي .

(ح) التمتّع بظروف معيشة ملائمة ، ولا سيّما فيما يتعلّق بالإسكان ، والمرافق الصحية ، والإمداد بالكهرباء والماء والنقل والمواصلات .

الجزء الرابع
    المادة 15

1 ـ تعترف الدول الأطراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون .

2 ـ تمنح الدول الأطراف المرأة ، في الشؤون المدنية ، أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل ، وتساوي بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية ، وتكفل للمرأة ، بوجه خاص ، حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات ، وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية .

3 ـ تتّفق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي يكون لها أثر قانوني يستهدف الحدّ من الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية .

4 ـ تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلّق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص ، وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم .


الصفحة205

المادة 16

1 ـ تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الأُمور المتعلّقة بالزواج والعلاقات العائلية ، وبوجه خاص تضمن ، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة :

(أ) نفس الحق في عقد الزواج .

(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج ، وفي عدم عقد الزواج إلاّ برضاها الحر الكامل .

(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه .

(د) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين ، بغض النظر عن حالتهما الزوجية ، في الأُمور المتعلّقة بأطفالهما ، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول .

(هـ) نفس الحقوق في أن تقرر ، بحرية وبإدراك للنتائج ، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه ، وفي الحصول على معلومات التثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق .

(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلّق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنّيهم ، أو ما شابه ذلك من الأعراف ، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني ، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول .

(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأُسرة والمهنة ونوع العمل .

(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلّق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتّع بها والتصرّف فيها ، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض .


الصفحة206

2 ـ لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أيّ أثر قانوني وتتّخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها ، لتحديد سن أدنى للزواج ، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً .

الجزء الخامس
    المادة 17

1 ـ من أجل دراسة التقدّم المحرز في تنفيذ هذه الاتفاقية ، تنشأ لجنة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة (يشار إليها فيما يلي باسم اللجنة) تتألّف ، عند بدء نفاذ الاتفاقية ، من ثمانية عشر خبيراً ، وبعد تصديق الدولة الطرف الخامسة والثلاثون عليها أو انضمامها إليها من ثلاثة وعشرين خبيراً من ذوي المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة العالية في الميدان الذي تنطبق عليه هذه الاتفاقية ، تنتخبهم الدول الأطراف من بين مواطنيها ، ويعملون بصفتهم الشخصية ، مع إيلاء الاعتبار لمبدأ التوزيع الجغرافي العادل ، ولتمثيل مختلف الأشكال الحضارية ، وكذلك النظم القانونية الرئيسية .

2 ـ ينتخب أعضاء اللجنة بالاقتراع السري من قائمة أشخاص ترشحهم الدول الأطراف ، ولكل دولة طرف أن ترشح شخصاً واحداً من بين مواطنيها .

3 ـ يجري الانتخاب الأوّل بعد ستة أشهر من تاريخ بدء نفاد هذه الاتفاقية . وقبل ثلاثة أشهر على الأقل من تاريخ كل انتخاب يوجّه الأمين العام للأمُم المتحدة رسالة إلى الدول الأطراف يدعوها فيها إلى تقديم ترشيحاتها في غضون شهرين . ويعدّ الأمين العام قائمة ألفبائية بجميع الأشخاص المرشّحين على هذا النحو ، مع ذكر الدولة الطرف التي رشّحت كّلاًمنهم ، ويبلّغها إلى الدول الأطراف .


الصفحة207

4 ـ تجري انتخابات أعضاء اللجنة في اجتماع للدول الأطراف يدعو إليه الأمين العام في مقرّ الأُمم المتحدة . وفي ذلك الاجتماع ، الذي يشكّل اشتراك ثلثي الدول الأطراف فيه نصاباً قانونياً له يكون الأشخاص المنتخبون لعضوية اللجنة هم المرشّحون الذين يحصلون على أكبر عدد من الأصوات وعلى أكثرية مطلقة من أصوات ممثلي الدول الأطراف الحاضرين والمصوّتين .

5 ـ ينتخب أعضاء اللجنة لفترة مدّتها أربع سنوات . غير أنّ فترة تسعة من الأعضاء المنتخبين في الانتخاب الأول تنقضي في نهاية فترة سنتين ، ويقوم رئيس اللجنة ، بعد الانتخاب الأول فوراً ، باختيار أسماء هؤلاء الأعضاء التسعة بالقرعة .

6 ـ يجرى انتخاب أعضاء اللجنة الإضافيين الخمسة وفقاً لأحكام الفقرات 4 ،3 ،2 ، من هذه المادة بعد التصديق أو الانضمام الخامس والثلاثين . وتنتهي ولاية اثنين من الأعضاء الإضافيين المنتخبين بهذه المناسبة في نهاية فترة سنتين ويتمّ اختيار إسميهما بالقرعة من قبل رئيس اللجنة .

7 ـ لملء الشواغر الطارئة ، تقوم الدولة الطرف التي كفّ خبيرها عن العمل كعضو في اللجنة بتعيين خبير آخر من بين مواطنيها ، رهناً بموافقة اللجنة .

8 ـ يتلقّى أعضاء اللجنة ، بموافقة الجمعية العامة ، مكافآت تدفع من موارد الأُمم المتحدة بالأحكام والشروط التي تحدّدها الجمعية ، مع إيلاء الاعتبار لأهمية المسؤوليات المنوطة باللجنة .

9 ـ يوفّر الأمين العام للأُمم المتحدة ما يلزم اللجنة من موظفين ومرافق للاضطلاع بصورة فعّالة بالوظائف المنوطة بها بموجب هذه الاتفاقية .

المادة 18

1 ـ تتعّهد الدول الأطراف بأن تقدّم إلى الأمين العام للأُمم المتحدة ، تقريراً عمّا


الصفحة208

اتّخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ هذه الاتفاقية . وعن التقدّم المحرز في هذا الصدد ، كيما تنظر اللجنة في هذا التقرير ، وذلك :

(أ) في غضون سنة واحدة من بدء النفاذ بالنسبة للدولة المعنيّة .

(ب) وبعد ذلك كل أربع سنوات على الأقل ، وكذلك كلّما طلبت اللجنة ذلك .

2 ـ يجوز أن تبيّن التقارير العوامل والصعاب التي تؤثّر على مدى الوفاء بالالتزامات المقرّرة في هذه الاتفاقية .

المادة 19

1 ـ تعتمد اللجنة النظام الداخلي الخاص بها .

2 ـ تنتخب اللجنة أعضاء مكتبها لفترة سنتين .

المادة 20

1 ـ تجتمع اللجنة ـ عادة ـ مدى فترة لا تزيد على أسبوعين سنوياً للنظر في التقارير المقدّمة وفقاً للمادة 18 من هذه الاتفاقية .

2 ـ تعقد اجتماعات اللجنة ـ عادة ـ في مقر الأُمم المتحدة أو في أىّ مكان مناسب آخر تحدّده اللجنة .

المادة 21

1 ـ تقدّم اللجنة تقريراً سنوياً عن أعمالها إلى الجمعية العامة للأُمم المتحدة بواسطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، ولها أن تقدّم مقترحات وتوصيات عامّة مبنّية على دراسة التقارير والمعلومات الواردة من الدول الأطراف وتدرج تلك المقترحات والتوصيات العامة في تقرير اللجنة مشفوعة بتعليقات الدول الأطراف ، إن وجدت .


الصفحة209

2 ـ يحيل الأمين العام تقارير اللجنة إلى لجنة مركز المرأة ، لغرض إعلامها .

المادة 22

يحقّ للوكالات المتخصّصة أن توفد من يمثّلها لدى النظر في تنفيذ ما يقع في نطاق أعمالها .

الجزء السادس
    المادة 23

ليس في هذه الاتفاقية ما يمسّ أيّة أحكام تكون أكثر مواتاة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة تكون واردة :

(أ) في تشريعات دولة طرف مّا .

(ب) أو في أيّة اتفاقية أو معاهدة أو اتفاق دولي نافذ إزاء تلك الدولة .

المادة 24

تتعهّد الدول الأطراف باتخاذ جميع ما يلزم من تدابير على الصعيد الوطني تستهدف تحقيق الإعمال الكامل للحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية .

المادة 25

1 ـ يكون التوقيع على هذه الاتفاقية متاحاً لجميع الدول .

2 ـ يسمّى الأمين العام للأمم المتحدة وديعاً لهذه الاتفاقية .

3 ـ تخضع هذه الاتفاقية للتصديق ، وتودع صكوك التصديق لدى الأمين العام للأُمم المتحدة .

4 ـ يكون الانضمام إلى هذه الاتفاقية متاحاً لجميع الدول ، ويقع الانضمام بإيداع صك انضمام لدى الأمين العام للأُمم المتحدة .


الصفحة210

المادة 26

1 ـ لأيّة دولة طرف ، في أيّ وقت أن تطلب إعادة النظر في هذه الاتفاقية ، وذلك عن طريق إشعار خطّي يوجّه إلى الأمين العام للأُمم المتحدة .

2 ـ تقرّر الجمعية العامة للأُمم المتحدة الخطوات التي تتّخذ ، عند اللزوم ، إزاء مثل هذا الطلب .

المادة 27

1 ـ يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية في اليوم الثلاثين الذي يلي تاريخ إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين لدى الأمين العام للأُمم المتحدة .

2 ـ أمّا الدول التي تصدّق هذه الاتفاقية أو تنضمّ إليها بعد إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين فيبدأ نفاذ الاتفاقية إزاءها في اليوم الثلاثين الذي يلي تاريخ إيداع هذه الدولة صك تصديقها أو انضمامها .

المادة 28

1 ـ يتلقّى الأمين العام للأُمم المتحدة نصّ التحفّظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام ، ويقوم بتعميمها على جميع الدول .

2 ـ لا يجوز إبداء أيّ تحفّظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها .

3 ـ يجوز سحب التحفّظات في أيّ وقت بتوجيه إشعار بهذا المعنى إلى الأمين العام للأُمم المتحدة ، الذي يقوم عندئذ بإبلاغ جميع الدول به .

ويصبح هذا الإشعار نافذ المفعول إعتباراً من تاريخ تلقّيه .

المادة 29

1 ـ يعرض للتحكيم أيّ خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوّى عن طريق المفاوضات ، وذلك بناءً على


الصفحة211

طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكّن الأطراف ، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم ، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم ، جاز لأيّ من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدّم وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة .

2 ـ لأيّة دولة طرف أن تعلن ، لدى توقيع هذه الاتفاقية أو تصديقها أو الانضمام إليها ، أنّها لا تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة 1 من هذه المادة . ولا تكون الدول الأطراف الأُخرى ملزمة بتلك الفقرة إزاء أيّة دولة طرف أبدت تحفّظاً من هذا القبيل .

3 ـ لأيّة دولة طرف أبدت تحفّظاً وفقاً للفقرة 2 من هذه المادة أن تسحب هذا التحفّظ متى شاءت بإشعار توجّهه إلى الأمين العام للأُمم المتحدة .

المادة 30

تودع هذه الاتفاقية ، التي تتساوى في الحجّية نصوصها بالإسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية لدى الأمين العام للأُمم المتحدة .

وإثباتاً لذلك ، قام الموقّعون أدناه ـ المفوّضون حسب الأُصول ـ بإمضاء هذه الاتفاقية .

المحاذير والسلبيات الواردة في نصوص الاتفاقية

إنّ المحذور المهمّ والرئيسي هو : عند تطبيق الاتفاقية واعتبار ما يتعارض معها من التشريعات التي تؤمن بها الدول الإسلامية منسوخاً ، فإن هذا يؤدّي إلى انتهاك حقّ الإنسان في اختيار ما يؤمن به ويطمئن إليه ، ومنه اختيار الدين الذي يؤمن به ويتعبّد بأحكامه .

ومن أهم المسائل التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية :

أولاً : إنّ المادّة الأُولى تتعارض مع أحكام الحجاب الإسلامي ، لأنّها عرّفت


الصفحة212

التمييز على أنّه تفرقة على أساس الجنس ، ومنعت منه ، وعلى هذا فإنّ الحجاب الذي فرض على المرأة بصورة معيّنة ، وفرض على الذكر بصورة أخف ، يجب أن يزول من عالم التشريع لأنّه ينافي حقّ الإنسان في حريّته .

كما أن المادة الاولى والمادة الخامسة عشر تتعارض مع احكام الشهادة (شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في مورد القبول) واحكام الدية ، حيث تكون دية المرأة نصف دية الرجل ، واذن الاب في زواج بنته الباكر التابعة له ، واحكام الارث حيث يختلف حكم ارث المرأة عن الرجل كثرة وقلّة ، وأحكام اقامة الزوجة مع الزوج في محل اختيار السكنى ، وفي حكم ولاية الاب على الزوجة والبنات دون العكس .

ثانياً : إنّ المادة العاشرة في فقرتها (ج) تنصّ على تشجيع التعليم المختلط في جميع مراحله ليساعد في تحقيق إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة .

والتعليم المختلط وإن كان في نفسه لا محذور فيه إذا التزم الطرفان بالشريعة الإسلامية من الحجاب والأخلاق والحشمة ، إلاّ أنّ المراد من هذه الفقرة هو إزالة الحجاب ليزول التمايز بين الجنسين ، وعلى هذا فهو مخالف للتعاليم الإسلامية .

على أنّ هذه الفقرة تتعارض مع أحكام حرمة النظر لغير المحارم ، وهذا حكم مخالف لوجوب الحجاب عند ظهور المرأة في الميادين العامّة .

ثالثاً : ان الفقرة (أ) من المادة الثالثة عشر اوجبت التساوي بين الرجل والمرأة في "الحقّ في الاستحقاقات العائلية" الذي يشمل تركة الميّت بالنسبة لذريته الذكور والإناث من الطبقة الاولى والثانية والثالثة . وهذا مخالف لقانون الارث حيث يختلف بين الذكور والاناث قلة وكثرة ، كما ان هناك حالات يمتنع فيها الميراث لاختلاف الدين ، قد رفضته فكرة التساوي بين الرجال والنساء .


الصفحة213

رابعاً : ان الفقرة (4 ) من المادة الخامسة عشر تلزم الدول الاطراف اعطاء نفس الحقوق للرجل والمرأة فيما يتعلق بالتشريع المتصّل بحركة الاشخاص وحريّة اختيار محل سكناهم وإقامتهم .

وهذا النصّ يمنح المرأة حقّ التنقل واختيار السكنى حتى اذا كان ذلك خلاف اقامة وسكنى الزوج ومن دون رضا الزوج أو الولي .

وهذا مخالف تعاليم الإسلام الذي يحرّم على المرأة التحرك السفري أو غيره بدون إذن الزوج كما لا يعطي الحقّ للمرأة في تعيين سكناها ، بل هي تابعة للزوج في ذلك إلاّ أن تشترط ذلك في متن العقد على خلاف البعض حتى في هذا الشرط باعتباره مخالفاً للسنة التي اعطت هذا الحقّ للزوج .

خامساً : المادة السادسة عشر تتعارض مع أحكام اختلاف الإبن والبنت من حيث سنّ البلوغ ، وزواج المسلمة بغير المسلم ، وإذن الأب في زواج بنته الباكر التابعة له .

كما تتنافى مع أحكام حرمة الزواج بالمحارم وأُخت الزوجة ، وتتنافى مع حرمة العقد حال الإحرام ، وبعض أحكام الزنا والطلاق وواجبات الزوجة وتعدّد الزواج ، وعيوب الفسخ والعدّة والحضانة والإجهاض وأمثال ذلك .

فمثلاً : المادة (ج) من هذه الفقرة ذكرت مبدأ المساواة ومنح المرأة "نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه" ، وهذا يعني : أن تكون النفقة التي هي من مسؤوليات الزوج لزوجته ، من مسؤوليات الزوجة ولا يكون الزوج مسؤولاً عنها .

وكذا بالنسبة للمهر الذي يلزم الزوجُ تقديمه لزوجته في الشريعة الإسلامية ، فإنّ هذا البند يلزم المرأة أن تقدّم مهراً لزوجها كما يقدّم لها المهر .


الصفحة214

وكذا الحضانة ستكون من نصيبهما ، بينما هي أوّلاً من نصيب المرأة لمدّة محدودة في الشريعة .

وكذا بالنسبة لحقّ التوارث ، فقد ذكر القرآن : أنّ إرث الزوج من زوجته إذا لم يكن لها ولد هو النصف ، وإن كان لها ولد فله الربع ، أمّا المرأة {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ}وقال : {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم}(1) .

وفي مسائل الارث (اذا لم ننظر إلى الازواج) فمن المعلوم أن قواعد الارث في الشريعة الإسلامية لا تقوم على مبدأ التساوي لجميع الأقارب باقتسام التركة بالتساوي بين الذكور والاناث ، فهناك حالات تاخذ المرأة مثل نصيب الرجل كما في الاب والام اذا كان للميت ولد .

وهناك حالات تاخذ فيها المرأة نصف نصيب الرجل كما في الاول والذكور والاناث للميت ، وهناك حالات تاخذ المرأة اكثر من نصيب الرجل كما اذا ترك الميت بنتاً مع أب أو بنتان مع الأب .

كما أنّ على المرأة الإطاعة في الأمور الجنسية ، وليس على الزوج الإطاعة مطلقاً في الأمور الجنسية ، وإن كان يستحب له ذلك إذا رأى عندها رغبة في ذلك .

كما يجب على الزوج إدارة أُمور الزوجة وحمايتها ، وهو ما يسمّى بالقيمومة ، ولا يجب ذلك على الزوجة .

نعم ، هناك مسؤوليات متساوية في المعاشرة بالمعروف والتناصح .

أمّا في حالة فسخ العقد : فهناك حالات يثبت فيها حقّ الفسخ لكلّ من الزوجين ،

____________

1- النساء : 12 .


الصفحة215

كما في حالة وجود أحد عيوب المرأة فيحقّ للزوج الفسخ ، وكما في حالة وجود أحد عيوب الزوج فيحقّ للمرأة فسخ العقد .

كما توجد حالات يجوز فيها للمرأة فقط طلب التفريق ، كما إذا كان الزوج معسراً لا يتمكّن من نفقتها حتى بالاقتراض ، وكما إذا غاب غيبة لا يُعرف له مكان ، ولم يكن هناك من ينفق على الزوجة ، فترفع أمرها للحاكم الشرعي لطلب الطلاق .

كما يمكن للزوج الطلاق بإرادته المنفردة ، ولكن قد جعله الشارع أكره الحلال .

كما أنّ الفقرة الأولى بند (ب) من المادة السادسة عشر قد ذكرت الحقّ للمرأة في اختيار الزوج وعدم عقد الزواج إلاّ برضاها الحرّ الكامل ، وهذا الأمر صحيح بناءً على فتوى البعض من أنّ أمرها بيدها وبرضاها الحرّ الكامل فقط في اختيار الزوج المسلم ، ولكن هناك فتوى لبعض العلماء يستند إلى النصوص الشرعية القائلة : بأنّ الولي له دخل في صحة زواج البنت الباكر التابعة له ، فإن رضي بذلك الزواج صحّ وإلاّ فلا ، وهذا الرأي الذي يجمع بين رضا البنت والأب في الزوج المسلم هو الموافق للاحتياط ، فلا يجوز أن نقنّن قانوناً نُلزِمُ به جميع البنات وإن كنّ يقلدنّ ما يرى رضى (البنت وأبيها) في صحة زواجها ، فالأوفق ترك المسألة لرأي المجتهد الذي ترجع إليه البنت .

ويدخل في هذا البند جواز أن تختار المرأة المسلمة زوجاً غير مسلم ، فكما يجوز للزوج المسلم أن يختار إمرأة كتابية فيتزوجها ، فكذلك يجوز للمسلمة أن تختار زوجاً كتابياً لتتزوّجه استناداً إلى المساواة التي تؤكّد عليه الاتفاقية ، والحريّة في اختيارها الزوج برضاها .

كما يشمل هذا البند جواز أن تختار المسلمة زوجاً لها وإن لم يكن مسلماً ولا كتابياً استناداً إلى نصّ البند ، وهذا ـ كما ترى ـ يخالف ما جاء في السنّة النبويّة من


الصفحة216

عدم جواز أن تتزوج المسلمة كتابياً فضلاً عن غير الكتابي ، وإن جاز للزوج أن يتزوج كتابية على اختلاف في سعة الزواج وضيقه .

سادساً : إنّ نصوص الاتفاقية ـ من مقدمتها إلى مادتها السادسة عشر ـ قد اشتملت على كلمات معيّنة كخطاب للبشر :

1) فقد استعملت كلمة حق أو حقوق 56 مرّة .

2) استعملت كلمة مساواة 36 مرّة .

3) استعملت كلمة مسؤولية 7 مرّات .

4) استعملت كلمة التزام مرّتين .

5) استعملت كلمة واجب مرّة واحدة .

ولكنّها لم تستعمل كلمة تضامن أو تعاون ولا مرّة واحدة .

وهذه الأدبيات تحرّك وتحفّز المرأة إلى المطالبة بمالها من دون الشعور بالمسؤولية التي عليها ، والمحبّة والتعاون مع الزوج ، وهذا له الأثر السيّء على التربية المستندة إلى أخذ الحقّ دون الالتفات إلى الالتزام والمحبة والتعاون الذي افترض أساس العيش الزوجي الذي أراد الاله أن يكون سكناً وأُلفة ومودّة .

سابعاً : إنّ هذه الاتفاقية إذا انضمّت إليها دولة مع التحفّظ على البنود المخالفة للشريعة الإسلامية ، فإنّ هذا التحفّظ لا يفيد مع تصريح الاتفاقية بأنّها ترفض التحفّظات المنافية لروحها ، فقد ذكرت فقرة (2 ) من المادة 28 فقالت : لا يجوز إبداء أيّ تحفّظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها .


الصفحة217

الملحق رقم ( 2 )
إشكالات على تعدّد الزوجات

وقد ذكرها السيّد الطباطبائي في الميزان(1)

فقال: هي إشكالات اعترض بها النصارى على الإسلام أو من يوافقهم من المدنيين المنتصرين لمسألة تساوي حقوق الرجال والنساء في المجتمع، وهي:

(1) أنّه يقرع قلوب النساء في عواطفهن ويخيّب آمالهن ويسكت فورة الحبّ في قلوبهن، فينعكس حسِ الحبّ إلى حسِّ الانتقام، فيهملْن أمر البيت ويتثاقلن في تربية الأولاد، ويقابلن الرجال بمثل ما أساؤوا إليهن، فيشيع الزنا والسفاح والخيانة في المال والعِرض، فلا يلبث المجتمع دون أن ينحطّ في أقرب وقت.

(2 ) أنّ التعدّد في الزوجات يخالف ما هو المشهود المتراءى من عمل الطبيعة فإنّ الإحصاء في الاُمم والاجيال يُفيد أنّ قبيلي الذكورة والإناث متساويان عدداً تقريباً، فالذي هيّأته الطبيعة هو واحدة ـ لواحد ـ وخلاف ذلك (أي تعدّد الزوجات لزوج واحد) خلاف غرض الطبيعة.

(3 ) أنّ في تشريع تعدّد الزوجات ترغيباً للرجال إلى الشره والشهوة وتقوية لهذه القوّة فى المجتمع.

____________

1- الميزان في تفسير القرآن ج4/184.


الصفحة218

(4 ) أنّ في ذلك حطّاً لوزن النساء في المجتمع بمعادلة الأربع منهن بواحد من الرجال، وهو تقويم جائر حتى بالنظر إلى مذاق الإسلام الذي سُوّي فيه بين امرأتين ورجل كما في الإرث والشهادة وغيرهما، ولازمه تجويز التزويج باثنتين منهن لا أزيد، ففي تجويز الأربع عدول عن العدل على أي حال من غير وجه.

وقد أجاب السيّد الطباطبائي، فقال ما خلاصته بتصرّف وزيادة منّا:

الجواب عن الإشكال الأوّل:

أ) أنّ الإسلام وضع أساس المجتمع الإنساني على أساس الحياة العقلية دُون الحياة العاطفية، فالمتّبع عنده هو الصلاح العقلي في السنن الاجتماعية دون ما تهواه الإحساسات وتنجذب إليه العواطف.

ب) ليس في تعدّد الزوجات إماتة لعواطف النساء، فإنّ الأبحاث النفسية قرّرت أنّ الصفات الروحية والعواطف والإحساسات الباطنة تختلف كماً وكيفاً باختلاف التربية والعادة، فكثيراً من الآداب الممدوحة عند الشرقيين هي مذمومة عند الغربيين وبالعكس. وعلى هذا فالتربية الدينية في الإسلام أقامت المرأة مقاماً لا تتألم عواطفها بأمثال تزوّج زوجها بزوجة ثانية. نعم، المرأة الغربية اعتادت أن تكون وحدها زوجة لزوجها وتربّت عليه فاستمكنت في روحها عاطفة نفسانية تضادّ التعدّد، ولهذه التربية غير الصحيحة التجأ رجالهم لقضاء شهواتهم إلى الجنس الآخر وحتّى المحارم منهن بدون زواج، ولم يقتنعوا بذلك حتّى وقعوا في الرجال، حتّى بلغ الأمر أن طلبوا من البرلمان في بريطانيا إباحته لهم ليكون اللواط سنّة قانونية بعد شيوعه بينهم من دون أن يكون قانوناً رسمياً(1).

____________

1- وقد شرّع أخيراً كعملية زواج بين الجنس الواحد.


الصفحة219

وهنا قد يتساءل الإنسان فيقول: لماذا لم تنكسر قلوب النساء ولم تتألم عواطفها من هذه الأعمال التي يقوم بها الزوج مع نساء أخريات أو رجال آخرين؟! ولماذا لا يتألم الرجل عندما يتزوج امرأة يراها قد بُني بها وفقدت بكارتها وافترشت لجماعة كبيرة؟!! بل يباهي الزوج بزوجته هذه الأقران بحجّة أنّ زوجته قد توفرت عليها رغبات الرجال وتنافس عليها العشرات والمئات(1). ومن هذا نستنتج أنّ هذه السيّئات قد تكرّرت عندهم بحجّة الحريّة فصارت عادة مألوفة لا تمتنع منها العواطف والإحساسات ولا تستنكرها النفوس.

ج) أمّا أنّ التعدّد يستلزم أن تهمل المرأة الأولى تدبير البيت وتتثاقل في تربية الأولاد وشيوع الزنا والخيانة، فهو ادّعاء محض، إذ أفادت التجربة خلاف ذلك، فإنّ حكم تعدّد الزوجات قد طبّق في صدر الإسلام، وليس في وسع أحد من أهل الخبرة بالتاريخ أن يدّعي حصول وقفة في أمر المجتمع من جهته، بل كان الأمر بالعكس.

د) إنّ النساء اللآتي يتزوج بهنّ على الزوجة الأولى في المجتمع الإسلامي وسائر المجتمعات التي ترى ذلك (كالزوجة الثانية والثالثة والرابعة) إنّما يتزوّج بهن عن رضا ورغبة منهن، وهنّ من نساء هذه المجتمعات، ولم يسترققهن الرجال من مجتمعات أخرى، ولا جلبوهن للنكاح من غير هذه الدنيا، وإنّما رغبن في مثل هذا الزواج لِعلل اجتماعية، فطباع جنس المرأة لا يمتنع عن مسألة تعدّد الزوجات، ولا تتألم قلوبهن منها. نعم، إذا كان تألم فهو من عوارض الزوجة الأولى التي لا تحبّ أن ترد عليها وعلى بيتها زوجة أخرى لخوفها أن يميل عنها بعلها أو تترأس عليها امرأة أخرى أو يحصل اختلاف بين الأولاد، فعدم الرضا والتألم منشؤوه حالة عرضية لا غريزة طبيعية.

____________

1- شاهدت شخصيّاً في إحدى الفضائيات أنّ امرأة مسنّة تقريباً قدّمت لها هدية ثمينة; لأنّها كانت قد قاربها أكثر من ستمائة رجل، فهي قد فازت على قريناتها بكثرة مقاربة الرجال لها، فلاحظ.


الصفحة220

وأمّا الجواب على الإشكال الثاني: الذي هو عبارة عن تسوية الطبيعة بين الرجال والنساء في العدد، فهو:

أ) إنّ الرشد الفكري والجسمي للتهيّؤ للنكاح أسرع في النساء من الرجال، فالنساء (وخاصة في المناطق الحارة)، إذا جِزْنَ التسع صلحن للنكاح، أمّا الرجال فلا يتهيؤون للنكاح غالباً قبل ستة عشر سنة، وهذا هو الذي اعتبره الإسلام بلوغاً ووصولاً إلى مرحلة الرجولة(1).

ولازم هذا الأمر: لو اعتبرنا مواليد ستة عشر سنة من أيّ قوم (والمفروض تساوي عدد الذكور والاناث فيهم) كان الصالح للنكاح في هذه السنة السادسة عشر من الرجال ألفاً مثلاً، أمّا النساء الصالحات للزواج في هذه السنة منهم سبعة آلاف من النساء، ولو اعتبرنا مواليد خمسة وعشرين سنة وهي سنّ بلوغ الأشدّ من الرجال كان الصالح للزواج من الرجال هم مواليد عشرة سنين فيكون الرجال المهيؤون للنكاح عشرة آلاف رجلاً، أمّا النساء فيكون الصالح منهن للزواج مواليد خمسة عشر (أو ستة عشر سنة) أي: خمسة عشر ألف أو ستة عشر ألفاً، وإذا أخذنا النسبة الوسطى حصل لكل واحد من الرجال اثنتان من النساء حسب عمل الطبيعة.

ب) إنّ الاحصائيات المذكورة تبيّن أنّ النساء أطول عمراً من الرجال، ولازمه أن يتهيأ عدد من النساء ليس بحذائهنّ رجال. وقد ذكرت جريدة اطلاعات الإيرانية في الشهر العاشر من سنة (1335) هجري شمسي احصائية لدائرة الاحصاء في

____________

1- وهذا هو الذي عليه إجماع الأطباء تقريباً، فإنّهم يقولون: إنّ سنّ البلوغ في النساء ما بين التاسعة والحادي عشر، أو ما بين الثامنة إلى الحادي عشر.

من الانترنيت / راجع مرحلة البلوغ

www.alshamsi.net/women/blooq1.html

وراجع ركن المرأة العربية "البلوغ والمراهقة لدى البنات" للدكتورة فريال، الأُستاذ والدكتور محمد كامل فرج.


الصفحة221

فرنسا وخلاصة ذلك: إنّه يولد في فرنسا حذاء كلّ (100) مولود من البنات (105) من البنين، ومع ذلك فإنّ الإناث يربو عددهن على عدد الذكور بما يعادل (000/765/1) نسمة، ونفوس المملكة (40) مليوناً تقريباً والسبب فيه: أنّ البنين أضعف مقاومة من البنات قبال الأمراض، ويهلك منهم 5% إلى سنة 19 من الولادة ثمّ يأخذ عدد الذكور في النقص ما بين 25 ـ 30 سنة حتّى إذا بلغوا سنة 60 ـ 65 لم يبق تجاه كلّ (000/500/1) من الإناث إلاّ (000/750) من الذكور.

ج) إنّ خاصة النسل والتوليد تدوم في الرجال أكثر من النساء، فالأغلَب في النساء أن يكون يَئْسهنّ من الحمل في سنة الخمسين، أمّا النسل في الرجال فيبقى لسنين عديدة بعد ذلك، وربما بقي إلى تمام العمر الطبيعي وهي مائة سنة، فيكون عمر صلاحية الرجل للتوليد هو ثمانون سنة تقريباً، وهو عدد يكون نصفه عند المرأة، وإذا ضمّ هذا الوجه إلى الوجه السابق أنتج أنّ الطبيعة والخلقة تبيح للرجل التعدّي من الزوجة الواحدة إلى غيرها، إذ لا معنى لتهيئة قوة التوليد والمنع من الاستيلاد، فإنّ هذا مما تأباه سنّة العِلل الطبيعية.

د) إنّ الحوادث المبيدة لأفراد المجتمع من الحروب والمقاتِل وغيرهما تُحلّ بالرجال وتفنيهم أكثر مما تحلّ بالنساء، وهذا أقوى العوامل لشيوع تعدّد الزوجات، إذ هذه الأرامل والنساء العزّل لا محيص لهن إلاّ قبول التعدّد أو الزنا (والعياذ بالله) أو خيبة القوّة المودَعة في طبائعهن وبطلانها. ومما يؤيد هذا ما وقع في المانيا الغربية (الظاهر بعد الحروب التي حلّت بها) حيث أظهرت جمعية النساء العُزّل تحرّجها من فقدان البعولة وسألت الحكومة أن يسمح لهن بسنّة تعدّد الزوجات الإسلامية حتّى يتزوج مَنْ شاء من الرجال بأزيد من واحدة وترتفع بذلك غائلة الحرمان، غير أنّ الحكومة لم تجبهن في ذلك وامتنعت الكنيسة من قبوله ورضيت بالزنا وشيوعه وفساد النسل به.


الصفحة222

هـ) على أنّ الاستدلال بتسوية الطبيعة النوعية بين الرجال والنساء في العدد (بغضّ النظر عمّا تقدم) إنّما يستقيم لو فرض أن يتزوج كلّ رجل في المجتمع بأكثر من واحدة إلى أربع من النساء، ولكن الطبيعة لا تسمح بإعداد جميع الرجال لذلك، نعم، تسمح الطبيعة لبعض الرجال. والإسلام لم يشرّع التعدّد على نحو الفرض والوجوب، بل أباح التعدّد لمن استطاع أن يقيم القسط بين النساء.

وأوضح دليل على عدم استلزام هذا التشريع الحرج والفساد هو سير هذه السنّة بين المسلمين وكذا بين سائر الأُمم الذين يرون ذلك ولم يستلزم حرجاً من قلة النساء واعوازهن على الرجال، بل تحريم التعدّد أوجد لنا ألوفاً من النساء قد حرمن من الأزواج والسكن العائلي وامتهنَّ الزنا.

وأمّا الجواب على الإشكال الثالث: الذي يقول: إنّ في تشريع تعدّد الزوجات ترغيباً للرجال إلى الشره والشهوة، فيتّضح ببيان أُمور:

أ) إنّ شهوة النكاح في المرأة أقل منها في الرجل، فشهوة النكاح في المتوسط من الرجال تعادل ما في أكثر من امرأة واحدة، فالشهوة موجودة في الرجال أكثر من النساء لا أنّ تشريع تعدّد الزوجات هو الموجد لها.

ب) قرر الدين الإسلامي رفع الحرمان مما يوجبه مقتضى الطبع، فاعتبر أن لا تخزن الشهوة في الرجل ولا يحرم منها بصورة صحيحة فيلتجأ إلى التعدّي والفجور والفحشاء، فأجاز للشهوة الزائدة أن تنطلق بصورة صحيحة.

ج) المرأة تعتذر من المواقعة في ثلث أوقاتها، كأيام العادة وبعض أيام الحمل والوضع والرضاع ونحو ذلك.

وبما أنّ الإسلام تربيته عقلية وليست عاطفية، فقرر أن لا يحرم الزوج من الزواج الثاني إذا كانت له شهوة إليه فينجرف إلى الزنا والفحشاء، وهو من أعظم المخاطر في المجتمع.


الصفحة223

على أنّ من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية تكثير نسل المسلمين لعمارة الأرض بيد مجتمع مسلم عمارة صالحة ترفع الشرك والفساد، وهذا ممّا يقتضي الدعوة إلى زيادة النسل الصالح كما أكّدت عليه الروايات.

وعلى ما تقدّم: فإنّ تشريع تعدّد الزوجات لم يكن للشره والشهوة، بل هو لمصالح طبيعية واجتماعية، وقد أنصف بعض الباحثين الغربيين حيث قال: لم يعمل في إشاعة الزنا والفحشاء بين الملل المسيحية عامل أقوى من تحريم الكنيسة تعدّد الزوجات(1).

وأمّا الجواب على الإشكال الرابع: الذي يقول: إنّ تعدّد الزوجات فيه حطّ لكرامة المرأة في المجتمع بمعادلة الأربع منهن بواحد من الرجال، فجوابه يتمثّل في أُمور:

أ) كانت المرأة مظلومة قبل الإسلام، وهذا ما أكّدته كتب التاريخ في شأن المرأة.

ب) جاء الإسلام فقرر هوية المرأة فذكر: أنّ المرأة كالرجل إنسان، وكلّ ذكر أو أُنثى يشتركان في المادّة والعنصر، ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(2). وقال تعالى: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِّنكُم مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض}(3) فصرّح أنّ السعي غير خائب والعمل غير مضيّع عند الله وعلّل ذلك بقوله تعالى: (بَعْضُكُم مِّن بَعْض) وهذا هو نتيجة قوله تعالى في الآية السابقة: (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى) أي إنّ الرجل والمرأة جميعاً من نوع واحد من

____________

1- رسالة المستر جان ديون بورت الانجليزي في الاعتذار إلى حضرة محمّد (صلى الله عليه وآله) والقرآن. ترجمة الفاضل السعيدي، بالفارسية.

2- الحجرات: 13.

3- آل عمران: 195.


الصفحة224

غير فرق في الأصل والنوع. وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}(1) وقال تعالى: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب}(2) وقال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}(3).

وقد ذم الله سبحانه الاستهانة بأمر البنات بأبلغ الذم إذ قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}(4)، وقد بالغ الله تعالى في التشديد على وأد البنات الذي كان سائداً قبل الإسلام لعدّهن عاراً على ابائهن وبيوتهن فقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنب قُتِلَتْ}(5).

وقد أقر الإسلام مكانتها الاجتماعية، فقد ساوى بين المرأة والرجل من حيث تدبير شؤون الحياة بارادتها وعملها، فإنّها تساوي الرجل من حيث تعلّق ارادتها بما يحتاج إليه المجتمع الإنساني في كلّ لوازم بقائه، إذ قال تعالى: {بَعْضُكُم مِّن بَعْض}(6) فللمرأة أن تستقل بالارادة ولها أن تستقل بالعمل وتملك نتاج عملها كما كان ذلك للرجل من غير فرق فقال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}(7)

____________

1- النحل: 97.

2- المؤمن: 40.

3- النساء: 124.

4- النحل: 58 ـ 59.

5- التكوير: 8 ـ 9.

6- آل عمران: 195.

7- البقرة: 286.


الصفحة225

وقال تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(1).

نعم قرر الإسلام اختلافها عن الرجل في نقطتين:

الأولى: إنّها بمنزلة الحرث في تكوّن النوع الإنساني ونمائه، فعليها يعتمد النوع في بقائه فتختص بأحكام بمثل ما يختص به الحرث، إذن هي تمتاز عن الرجل في هذه النقطة.

الثانية: إنّ وجود المرأة يبتني على الرقّة والرأفة واللطافة (فهي ريحانة وليست قهرمانة) فتحوّل إليها الأعمال والوظائف الاجتماعية التي تنسجم مع هذه الصفات.

ولهذا قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْ عَلِيماً}(2). فالمرأة أفضل من الرجل في بعض أحكامها والرجل أفضل من المرأة في بعض أحكامه، وقد نهى أن يتمنى كلّ قبيل ما فضّل القبيل الآخر عليه، فالمرأة أفضل من الرجل في التربية والحضانة والرجل أفضل منها في بعض سهام الإرث.

نعم، الرجل والمرأة مشتركان في جميع الأحكام العبادية والمعاملات والحقوق الاجتماعية والسياسية وغيرها، باستثناء القضاء والقيادة للأُمّة (وهذا بحث موكول إلى الفقه ليس هنا مجال بحثه).

وكلّ هذه الأحكام قائمة على الفطرة قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}(3).

هكذا قرر الإسلام حقّ المرأة.

____________

1- البقرة: 234.

2- النساء: 32.

3- الروم: 30.


الصفحة226

نعم، إنّ أقوى ما تشبّث به المخالفون لسنّة تعدّد الزوجات من علماء الغرب وزوّقوه في أعين الناظرين ما هو مشهود في بيوت بعض المسلمين، تلك البيوت المشتملة على زوجات عديدة (ضرّتان أو أكثر) فإنّ هذه البيوت لا تحتوي على حياة صالحة ولا عيشة هنيئة، ولا تلبث الضرّتان من أوّل يوم حلّتا البيت دون أن تأخذا في التحاسد، حتّى إنّهم سمّوا الحسد بداء الضرائر، وعندئذ تنقلب جميع العواطف التي جبلت عليها النساء من الحبّ ولين الجانب والرقّة والرأفة والشفقة والنصح وحفظ الزوج بالغيب والوفاء والمودّة والرحمة والإخلاص للزوج وأولاده من غيرها إلى أضدادها، فينقلب البيت الذي هو سكن للإنسان يستريح فيه من تعب الحياة اليومية وتألم الروح والجسم من مشاقّ الأعمال والجهد في كسب معركة قتال تستباح فيها النفوس والأعراض والأموال ويتكدّر صفو العيش وترتحل لذّة الحياة، ويحلّ محلها الضرب والشتم والسب واللعن والسعاية والنميمة والمكر والحيلة والمكيدة، ويختلف الأولاد ويتشاجرون وربما انجرَّ همّ الزوجة لإهلاك زوجها، ويقتل بعض الأولاد بعضاً أو يقتل الأبناء آبائهم وتتبدّل القرابة بينهم إلى ضدِّها وتورث في الأعقاب فتسفك الدماء ويهلك النسل ويفسد البيت.

وهذه الأمور التي تحدثُ في البيت تسري إلى المجتمع فيوجد الشقاق وتفسد الأخلاق وتوجد القسوة والظلم والبغي والفحشاء وينسلب الأمن، فإذا أُضيف إلى ذلك جواز الطلاق، فينشأ في المجتمع رجال ذوّاقون مترفون لا همّ لهم إلاّ إتباع الشهوات، وهذا فيه تضييع نصف المجتمع وهم قبيل النساء، وإذا فسد هذا النصف فسد النصف الآخر.

ويرد على هذا الكلام:

أ) إنّ هذا الذي ذكر ليس موجوداً في كلّ بيت فيه ضرّتان أو ضرائر، إذ إنّ كثيراً من هذه البيوت فيها الوئام والعيش الكريم على كتاب الله وسنّة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذا


الصفحة227

يكشف عن أنّ تعدّد الزواج ليس هو العلة لهذه النتائج التي وصل إليها المستشكلون على تعدّد الزوجات، وإلاّ لكانت تلك النتائج في كلّ بيت فيه تعدّد الزوجات، وهو أمر ممنوع(1).

ب) ثمّ لو كان هذا موجوداً على نحو الموجبة الجزئية، فيمكن التخلّص منه بأن يجعل لكلّ زوجة سكناً خاصّاً كما هي عليه حياتنا الحاضرة، فتزول تلك النتائج التي توصّل إليها المستشكلون.

ج) إنّ تلك الإشكالات المحدودة في بعض بيوت الضرائر إنّما ترد على المسلمين لا على الإسلام وتعاليمه، فإنّ كثيراً من المسلمين لم يعملوا بحقيقة ما ألقته إليهم تعاليم الإسلام، وقد فقدوا الحكومة الصالحة منذ قرون وقد تربوا على غير دين الإسلام، فالمسلمون اليوم لا نجد في كثير من منازلهم اجتماعاً سعيداً حتّى بدون وجود ضرّة فيه، ولعل السبب في ذلك هو تقديم شره وشهوة الرجل على أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وعدم الاعتناء بما يجب على الزوج من واجبات تجاه أهله وأولاده.

د) إنّ الإسلام لم يشرّع تعدّد الزوجات على سبيل الفرض والوجوب، بل شرّعه على وجه الإباحة لحفظ المجتمع الإنساني، وقيّده بعدل الرجل بين الضرائر ومن لم يثق بنفسه العدل فيقتصر على الواحدة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}(2).

نعم، إذا وجد الولي أنّ التعدّد في ظرف من الظروف يشكّل فساداً في المجتمع، فله الحقّ أن يمنع منه منعاً حكوميّاً لفترة معيّنة إلى أن تزول تلك المشاكل الناشئة من تعدّد الزوجات، وهذا غير رفع التشريع الذي شرّعه الإسلام والذي يجب أن

____________

1- إنّ أهم بيت في الإسلام تعدّدت فيه الزوجات هو بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ولا نجد لتلك النتائج أثراً.

2- النساء: 3.


الصفحة228

يكون إلى الأبد; لأنّ حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، كما جاء في الأحاديث الشريفة(1).

هذه خلاصة ما ذكر من إشكالات على تعدّد الزوجات والإجابة عليها، فلاحظ وتأمّل.

____________

1- راجع تفسير الميزان 2: 260، وما بعدها و4: 178 ـ 194.