الصفحة 271

منابع علومهم (عليهم السلام)
هي مصادر ومتون الشريعة


أقسام الوحي:

{مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}


قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}(1).

والبحث في هذه الآيات هو أحد أُمّهات البحوث في معرفة النبوّة، وقد استدلّ بها فريق المثبتين لصلاحيته (صلى الله عليه وآله) لدور التشريع التابع لتشريع الله، كما استدلّ بها النافون لهذا الدور والمقام.

وقد استدلّ بها كثير من العامّة لحصر عصمة النبوّة في التبليغ دون بقية الأفعال والشؤون، وهذه الدعوى منهم مبنية على التفكيك بين شخصية النبوّة فيه (صلى الله عليه وآله)،

____________

1- سورة النجم 53: 1 - 5.


الصفحة 272
وشخصية شؤونه الأُخرى، وعلى تعدّد حيثيات شخصيته (صلى الله عليه وآله)، ومن ثمّ تعدّد حيثيات شؤونه، وبالتالي انقسام أقواله وأفعاله إلى ما يرتبط بالشريعة، وإلى ما لا صلة له بالشريعة، وهذه النظرة إلى شخصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد أصبحت عندهم من المسلّمات(1)، وهي بعيدة تمام البعد عن حقيقة شخصيّة النبيّ; فإنّ حقيقة تكوين وتركيب شخصيّته ليست بنحو يتصوّر انفكاك فطرته الغريزية وفطرته الإنسانية والعقلانية عن فطرته الوحيانية، وبالتالي هيمنة الفطرة الوحيانية على تمام درجات فطره الأُخرى، وذوبانها فيها، وتبعيتها وانقيادها لها، وانصباغها وتلوّنها بها، فلا مجال للتفكيك والتفكّك، ولا للانفصال والفصل، بل كلّ حركاته وسكناته خوضه وامساكه قوله وفعله حلّه وترحاله مسيره وخطواته، كلّ ذلك متن وحياني ونموذج أمثل ركّبته يد القدرة الإلهية; ليحتذي به النبيّون والمرسلون والأوصياء والمصطفون، فضلاً عن سائر البشرية.

فالتفكيك في شخصيّته بين الشؤون الشرعية وأُمور الحياة الاعتيادية نظرية خاطئة متفشّية في بحوث المعرفة والعلوم الدينية، ولأجل الوقوف على مفاد الآيات الكريمة السابقة لابدّ من تحرّي المراد من كلّ من العناوين الواردة فيها، من الوحي والنطق والهوى والضلال والغواية.

أمّا العنوان الأوّل: فالوحي، الذي هو مصدر نطق النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كما أنّه علّة بثلاث قضايا الأخبار في الآيات، حيث قد سبق الأخبار عن حصر مصدر النبيّ ومعتمده علي الوحي: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}، قد سبقه ثلاثة إخبارات: الأوّل: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ}، الثاني: {وَمَا غَوَى}، الثالث: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، فجاء الإخبار

____________

1- وزيّفت موارد مفتراة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قد أخطأ، كقضية أُسارى بدر، وتأبير النخل، وغيرها من حكايات مصطنعة لفّقوها بأقلام أموية مروانية تنفث عن أدبيات يهودية نصرانية في الإزراء بمقام الأنبياء (عليهم السلام).


الصفحة 273
الرابع: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} في مقابل الإخبارات الثلاثة، أي في مقابل المنفي في الإخبارات الثلاثة، فهو بمنزلة العلة للنفي فيها، فليس هو تعليل للنفي في الإخبار الثالث فقط كما شاع في كلمات جملة من المفسّرين وأبحاث العلوم الإسلامية، بل هو تعليل للنفي في كلّها.

وعلى ذلك، فالضمير في الإخبار الرابع {إِنْ هُوَ إِلاَّ...} لا يعود إلى النطق، بل يعود إلى شخص النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهويته والإخبار عن هويته وشخصيّته بأنّها وحيٌ يوحى، وهو من قبيل زيدٌ عدلٌ، أي لبيان استغراق زيد في العدالة في أفعاله وأقواله ومواقفه وإحجامه وإقدامه، فكذلك الحال في الإخبار عن هويته (صلى الله عليه وآله) بأنّه وحيٌ يوحى للدلالة على أنّ شخصيّته (صلى الله عليه وآله) في تمام أبعادها هي بتركيب وتصوير وهيئة وحيانية.

بل إنّ في الإخبار الرابع عناية فائقة في تأكيد ذلك بأداة الحصر، أي بحصر هويته في الوحي، أي ليس هويته بشيء من الأشياء إلاّ وحيٌ يوحى. وهذا مفاد ما مرّ من أنّ الفطرة والغريزة فيه (صلى الله عليه وآله)، والفطرة الإنسانية والفطرة العقلانية لا استقلال لها مقابل الفطرة الوحيانية التي له (صلى الله عليه وآله)، فكلّ تلك الفطر قد انقادت وتبعت الفطرة الوحيانية.

بل في الآية تأكيد آخر، وهو أنّه لم يُجعل الخبر عن هويته (صلى الله عليه وآله) الوحي بمفرده، بل جُعل مؤكّداً بنفس العنوان بصيغة الفعل المضارع المستمر; للدلالة على التأكيد والتأبيد والاستمرار والشمولية لكلّ شؤونه (صلى الله عليه وآله).

وقد أُكّد هذا المضمون في الآية بالقسم الإلهي: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}، ولا يخفى أنّ القسم الإلهي وقع على مجموع الإخبارات الأربعة وما بعدها، وهو ممّا يؤكّد أنّ الضمير في {إِنْ هُوَ إِلاَّ} غير راجع لخصوص النطق، بل هو إلى حقيقة وهوية وشخصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وممّا يؤكّد هذا المفاد أيضاً الإخبار الخامس في الآيات،

الصفحة 274
وهو: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}، فإنّ الضمير في (علّمه) راجع إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)، متّحد السياق مع ضمير (هو)، مع أنّ التعليم شامل لكلّ شؤون النبيّ لا لخصوص القرآن.

وإلى هذا التقرير من مفاد الآية يشير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)(1): "ولقد قرن الله به صلّى الله عليه وآله من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يَسلُكُ به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهارهُ".

وفي صحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام): "إنّ الله عزّوجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه، فلمّا أكمل له الأدب قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم}(2)، ثمّ فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ليسوس عباده، فقال عزّ وجلّ: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس، لايزلّ ولايخطىء في شيء ممّا يسوس به الخلق، فتأدّب بآداب الله"(3).

وما في ذيل الرواية قد يشير إليه الإخبار الخامس في الآيات: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}، فإذا تبين أنّ مرجع الضمير ليس هو النطق والكلام النبويّ بل هو كلّ سلوكيات النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسيرته وهديه وبسطه وقبضه، ظهر أنّ الوحي في الآيات الكريمة السابقة ليس هو خصوص الوحي التشريعي، بل يعمّ الوحي التسديدي، والتأييدي والإلهامي والتوفيقي، وغيرها.

ولكلّ من هذه الأقسام معنىً وسنخ ونمط يختلف عن الآخر، أو وضحت في محالها.

وقد أُشير إلى الوحي التسديدي وغيره في مواطن عديدة من القرآن الكريم،

____________

1- نهج البلاغة الخطبة القاصعة.

2- سورة القلم 68: 4.

3- الكافي 1 / 266 كتاب الحجّة.


الصفحة 275
نحو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاة وَإِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}(1).

حيث إنّ الوحي في الآية ليس هو الوحي التشريعي الذي هو عبارة عن الأمر والنهي الإنشائي; لأنّ متعلّق الوحي قد جُعل نفس فعل الخيرات، أي أنّها كانت تصدر عنهم بوحي مقارن بصدور الفعل، كما أشار إلى ذلك العلاّمة الطباطبائي في الميزان، فالآية تشير إلى أنّ الموصوفين بجعلهم أئمّة من قبله تعالى مؤيدون بحقيقة أمرية من عالم الأمر، وهو روح القدس الطاهرة، ومسدّدون بقوّة ربانية ينبعث منهم بتوسّطها فعل الخيرات.

والقرينة الأُخرى على إرادة الوحي التسديدي في الآية المزبورة: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ}، أنّه لو أُريد الوحي التشريعي لفُصل بين كلمة الوحي وكلمة فعل الخيرات بأنّ ونحوها، كما هو الشائع في الاستعمال القرآني واللغوي.

وممّا يعضد استعمال الوحي في الأعمّ من الوحي التشريعي (الأنبائي) والتسديدي قوله تعالي: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ}(2)، فإنّ الإيحاء بالروح الأمري (أي من عالم الأمر) المراد به تسديده (صلى الله عليه وآله) بذلك الروح لا صرف الأنباء، بقرينة ذكر كلّ من الكتاب والإيمان، فإنّ الإيمان فعل تسديدي نظير: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ}، مضافاً إلى أنّه جعل متعلّق الوحي في قوله تعالى: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} هو نفس الروح، ممّا يدلّل على إرساله ليلتحم بروح النبيّ (صلى الله عليه وآله).

فيتحصّل في مفاد الآية تعليل هدي النبيّ (صلى الله عليه وآله) ورشاده (صلى الله عليه وآله) ونور نطقه بأنّ

____________

1- سورة الأنبياء 21: 73.

2- سورة الشورى 42: 52.


الصفحة 276
الباري اصطنعه بيد القدرة الربانية، كما في قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}(1)، وقوله تعالى في شأن النبيّ موسى:{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}(2)، بنحو يكون جميع شؤونه وحيانيةً. ومن ثمّ فرض الباري على البشرية لزوم التأسّي برسوله في جميع شؤونه، حيث قال: {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(3)، وأطلق تعالى الأمر بالأخذ بجميع ما يأتي به النبيّ (صلى الله عليه وآله) والانتهاء عمّا ينهى عنه، فقال: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.

وما اشتهر في كلمات المفسّرين وجملة من المتكلّمين وعلماء الأُصول، وكثير من بحوث المعرفة الدينية، من تقييد هذه الآية وآية {مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} وآية (التأسّي) بالشرعيات والأحكام دون العاديات وأُمور المعاش، فقال بعضهم: (ويحتجّ بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء، ويُجاب: بأنّ الله تعالى إذ سوّغ لهم الاجتهاد كان الاجتهاد وما يستند إليه كلّه وحياً لا نطق عن الهوى)(4)، فمبنيّ على النظرية التي سبق تخطئتها من التفكيك في شخصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بين الفطرة الغريزية والنفسانية والفطرة العقلانية والفطرة الوحيانية. وقد سبق عدم تعقّل خروج درجات النفس النبويّة عن هيمنة الفطرة الوحيانية، ومن ثمّ وصفه الباري بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم}(5)، وقال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}(6).

وقال تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم}(7)، ووصفه تعالى بالرؤوف الرحيم، مع أنّها من أسمائه الحسنى، فقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(8).

____________

1- سورة طه 20: 39.

2- سورة طه 20: 41.

3- سورة الأحزاب 33: 21.

4- الكشّاف للزمخشري 2 / 418.

5- سورة القلم 68: 4.

6- سورة الشرح 94: 1.

7- سورة يس 36: 3 - 4.

8- سورة التوبة 9: 128.


الصفحة 277
ووصفه تعالى بأنّه رحمة للعالمين، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(1)، وبيّن تعالى استغراق عنايته بنبيّه في كلّ أحواله ومقاماته بقوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}(2).

كما أنّ نظرية التفكيك مبنية على التفكيك في سياق الآيات في سورة النجم، مع أنّه قد اتّضحت المقابلة في الآيات بين الضلال والغي والهوى من جهة، والتسديد الوحياني من جهة أُخرى.

ومن ثمّ ترى مفسّري العامّة حيث لا يقولون بالعصمة المطلقة للأنبياء يرتكبون التمحّل في الآيات الأُولى في سورة النجم بنحو ممجوج، فيقيدون متعلّق الضلال بموارد خاصّة، مع أنّ الآية تنفي مطلق الضلال عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في كلّ شؤونه، وتثبت الهدى والهداية في كلّ مقاماته. وكذلك تمحّلوا في نفي الغواية عنه (صلى الله عليه وآله) بتقييدها بموارد خاصّة أيضاً، مع أنّ الآية تنفي الغواية في كلّ سلوكه وتثبت الرشاد في كلّ سيره ومسيرته. ولم يكتفوا بذلك، بل تمحّلوا التقييد في الآية الثالثة، فقالوا: إنّه لا ينطق عن الهوى في تبليغه للقرآن خاصّة.

وبعضهم قال في تبليغ الشريعة والشرائع خاصّة دون تدبيره في الأُمور العامّة فضلاً عن أُموره الخاصّة، مع أنّ الآية تنفي مطلق النطق عن الهوى، ولم يُقيد متعلّقها بشيء، كما أنّهم ارتكبوا التمحّل مرّةً رابعة في مرجع الضمير (إن هو إلاّ وحي)، فجعلوه القرآن خاصّة تارة، أو قوله في التبليغ خاصّة وكذلك جعلوا هذه الآية الرابعة في مقابل الثانية فقط، مع أنّه قد مرّ بوضوح أنّ الضمير راجع إلى شخصه (صلى الله عليه وآله)، والمقابلة هي مع الآيات الثلاث السابقة.

ومن ثمّ يتبيّن وجهان آخران في الآيات، دالاّن على كون مفادها هو تقرير

____________

1- سورة الأنبياء 21: 107.

2- سورة الطور 52: 48.


الصفحة 278
العصمة المطلقة للنبيّ (صلى الله عليه وآله):

الأوّل: إنّ في الآيات حصر عقلي، حيث تعرّضت لنفي الضلال والغواية والهوى، وهي مناشئ الخطأ والزلل والزيغ في فعل الإنسان وشؤونه. والضلال: النقص في الجانب العلمي، والغواية: النقص في صفات النفس العملية الموجبة للمعصية، والهوى: فلتان النفس عن السيطرة عليها.

وبعبارة أُخرى: الضلال هو القصور العلمي والزلل بسبب ذلك، وأمّا الغواية فهو الزيغ عن عمد لصفة عملية رذيلية للشخص، كما في إبليس اللعين للاستكبار والعناد واللجاج والعصبية والحميّة، وفي قبالهما الزيغ بسبب ميل الهوى.

وبهذا التقريب يتبين أنّ الآية الرابعة {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ..} هي في مقابل الآيات الثلاثة السابقة، أي أنّ علم النبيّ (صلى الله عليه وآله) الشامل لكلّ الموارد منبعه الوحي التسديدي والتأييدي والإلهامي والتوفيقي الوفاقي، وغيرها من أقسام الوحي اللدني، كما أنّ فعل النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسلوكه وإراداته النفسانية منبعها الوحي، وهو ذلك الوحي التأييدي والتسديدي وغيرهما، وكذلك نطقه (صلى الله عليه وآله) سواء فيما يخبر عنه أو يأمر به وينهى عنه، على صعيد التشريع أو التدبير في الأُمور الكلّية أو الجزئية، فكلّ نطقه وأقواله (صلى الله عليه وآله) نابعة من ذلك الوحي الذي أُويّد وسُدّد به ويشير إلى محصّل ذلك قوله تعالى:

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الاُْمُورُ}(1).

فلم يجعل أثر الروح الأمري درايته (صلى الله عليه وآله) للكتاب فقط، بل كمال الإيمان ونور

____________

1- سورة الشورى 42: 52 - 53.


الصفحة 279
الهداية، ممّا يؤكّد كون هذا الروح الذي أويّد به رسول الله ليس للأنباء والدراية فقط، بل للتسديد في العمل والسلوك أيضاً، ومن ثمّ فرّع عليه تعالى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم}، كما قال في حقّ عيسى: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(1)، وقال تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(2).

فكيف بسيد الرسل وقد تقدم؟ ويأتي أيضاً اختلاف درجات التأييد الإلهي بروح القدس للأنبياء بحسب اختلاف درجاتهم، ويشير إلى هذا المعنى في الآية قول الإمام الصادق (عليه السلام) في صحيحة أبي بصير عندما سأله عن معنى الآية؟ قال (عليه السلام): "خلق من خلق الله عزّوجلّ أعظم من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبره ويسدّده، وهو مع الأئمّة من بعده"(3).

وفي رواية أُخرى، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العلم، أهو علم يتعلّمه العالم من أفواه الرجال، أم الكتاب عندكم تقرأونه فتعلمون منه؟ قال: الأمر أعظم من ذلك وأوجب، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم}(4)"(5).

وفي رواية سعد الاسكاف قال: "أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) يسأله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): جبرئيل من الملائكة، والروح غير جبرئيل. فكرّر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيماً من القول، ما أحد يزعم أنّ الروح غير جبرئيل! فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّك ضالّ تروي عن أهل الضلال، يقول الله تعالى لنبيّه (عليه السلام): {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ

____________

1- سورة المائدة 5: 110.

2- سورة البقرة 2: 87.

3- الكافي 1 / 273.

4- سورة الشورى 42: 52.

5- الكافي 1 / 274.


الصفحة 280
الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ}(1)، والروح غير الملائكة صلوات الله عليهم"(2).

الثانية: إنّ الآيات المتقدّمة من سورة النجم لم تكتفِ بنفي الضلال والغواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، بل أثبتت وحصرت هويته بالدرجة الوحيانية، وهذا يقتضي العصمة اللدنية من لدن الوحي التأييدي والتسديدي.

وبيان ذلك: إنّ بين نفي الضلالة والغواية والهوى وبين الذات الوحيانية هناك درجات أُخرى، كالهدي والرشد والنطق العقلي والعقلاني أو العرفي الأدبي ونحو ذلك من الدرجات، فلأجل ذلك لم يكتفِ الباري تعالى بنفي الأُمور الثلاثة، بل أثبت منشأ سلوك وسيرة ونطق النبيّ (صلى الله عليه وآله) أي مجموع أفعاله ـ هي من الوحي التأييدي اللدني، بل حصرها في ذلك.

وبعبارة أُخرى: عندما يقال ما ينطق عن الهوى فقد يقال ينطق عن العقل أو السنن العرفية المحمودة، وكذا عندما يقال: ما ضلّ فقد يقال هدي عند أحلام البشر، وكذا عندما يقال: ما غوى فقد يقال رشد في تحسين أهل المحامد، بخلاف ما إذا ضمّ إليه منشأية الوحي التأييدي، بل حصر المنشأ في ذلك.

فتحصّل: إنّ الآية في بيان العصمة المطلقة في كلّ أفعاله وأقواله، وأنّها متن الوحي والشريعة، وغاية الأمر الوحي أعمّ من الوحي الإنبائي، أو الوحي التأييدي والتسديدي وإلالهامي والتوفيقي وإلايتائي واللذاني والبسط في العلم والإلقائي، وغيرها من العناوين الواردة في السور والآيات القرآنية الشارحة لأنواع الوحي.

ومن ثمّ نقف على حقيقة هامّة.

____________

1- سورة النحل 16: 1-2.

2- الكافي 1 / 274.


الصفحة 281

حقيقة التشريع النبويّ:

وهي: إنّ التشريع منه ما يكون بفرض من الله وإنباء لنبيّه (صلى الله عليه وآله) بتوسّط الوحي الإنبائي، ومنه ما يكون من فعل النبيّ وسيرته وقوله وسننه، وهو قسم آخر من الوحي ليس من قبيل الوحي والإنباء وإرسال الملك، بل هو من الوحي المؤيّد المسدّد به النبيّ بتوسّط روح القدس والروح الأمري، وهو الذي أشار إليه أمير المؤمنين في معنى مجموع الآيات المتقدّمة: أن قد قرن بنبيّه (صلى الله عليه وآله) أعظم ملائكته من لدن أن كان فطيماً، فلمّا أكمل له الأدب قال له: {إِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم}، ثمّ فوّض إليه أمر دينه فقال: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(1)، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(2). أي أنّ كلّ حركات وسكنات وأفعال وسيرة وهدي الرسول (صلى الله عليه وآله) هو على وفق القالب للأدب الإلهي النموذج الذي صاغته اليد الربانية، فيمتنع أن يوجد في هذا القالب النموذجي أي تفاوت أو فطور، فارجع البصر ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير.

ثمّ إنّ من ذهب من علماء العامّة إلى اجتهاد النبيّ وعمله بالظنّ تشبّث بوجوه واهية من التمسّك بأحاديث مدسوسة بيّن عليها علائم الوضع من خلال قرائن لا تخفى على البصير، مع أنّه نوع من التمسّك بالمتشابه الوهمي في مقابل المحكم القطعي.

ويجدر في نهاية هذه المقالة أن نشير إلى وهن بعض الأقاويل المتقدّمة:

منها: ما تقدّم من أنّ اجتهاد النبيّ والعياذ بالله إذا كان بأمر من الوحي فهو كلّه وحيٌ لا نطق عن الهوى.

____________

1- سورة الحشر 59: 7.

2- سورة الأحزاب 33: 21.


الصفحة 282
ويُجاب: أوّلاً: فإنّه وفق هذه المقولة والنظرية تكون اجتهادات الفقهاء وحي يوحى.

ثانياً: إنّ عدم النطق عن الهوى بالاستناد إلى موازين الاجتهاد الظنّية لا يستلزم صدق الوحي على الحكم الظنّي.

وثالثاً: إنّ لازم تسويغ الاجتهاد من النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو جواز معارضته وعصيانه والاعتراض عليه لمن قطع على خلاف الحكم الظنّي الذي يحكم به النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كما اجترأ على ذلك أبو بكر وعمر في صلح الحديبية، ويوم التخلّف عن جيش أُسامة، وغير ذلك من الموارد(1).

بل إنّ مغزى القائلين باجتهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهدفهم هو فتح باب الاعتراض والردّ على النبيّ، ونبذ طاعته وتبرير ما وقع من جمع من الصحابة من الاجتراء على عصيان الرسول ومشاققته والردّ عليه.

ومنها: وصف النبيّ أو وصف الأئمّة من عترته بأنّهم مجرّد نقلة الأحكام الإلهية.

فيُردّ عليه مضافاً إلى ما تقدّم:

أوّلاً: إنّ لازم ذلك احتمال أعلمية المنقول إليه من الناقل; إذ رواية العلم غير درايته ووعايته; فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، مع أنّ الباري تعالى قال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}(2)، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ

____________

1- كاعتراض عمر على رسول الله وهو مسجّى على فراش الموت، عندما طلب ç دواة وكتف ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا ما إن تمسّكوا به، فقال عمر: إنّ الرجل ليهجر، قد غلبه المرض. وكذلك تشكيك جملة من الصحابة فيما يخبرهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) من فضائل ومقام عترته وسؤالهم: إنّ ذلك من الله أو منه (صلى الله عليه وآله)؟

2- سورة النحل 16: 44.


الصفحة 283
الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ}(1)، وقال تعالى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}(2)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الاُْمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَل مُبِين}(3). وغيرها من الآيات الدالّة على أنّ بيان القرآن كلّه تنزيله وتأويله عمومه وخصوصه ناسخه ومنسوخه ظاهره وباطنه هو على عهدة النبيّ، مع أنّ الكتاب والكتاب المبين يستطرّ فيه كلّ شيء، وكلّ غائبة في السماء والأرض.

وكلمات الله تعالى لا تنفذ ولو كان ما في الأرض من شجر أقلام والبحر مداداً ومن بعده سبعة أبحر، ما نفذت كلمات الله تعالى في كتابه، فالنبيّ (صلى الله عليه وآله) الذي يكون على عهده تبيان كلّ ذلك ولو بتوسّط تعليمه جملة ذلك لأهل بيته ليبينّوا على مرّ العصور والدهور إلى يوم القيامة للأُمّة ما تحتاجه من الكتاب هل يعقل تطرّق الظنّ والجهل إلى ساحته المطهّرة بالنور الإلهي؟

هذا مع أنّ روح القدس يتنزّل عليه ليلة القدر وكلّ ليلة كما سيأتي في الفصل السابع بالقضاء والقدر لكلّ شيء، فكيف تخفى عليه صغيرة وكبيرة وذرّة إلى مجرّة; وكيف لا يكون علمه الوحياني لدني يؤيّده ويسدّده؟ وكيف لا يكون سيره وسيرته وكلّ نطقه هداية ورشاد وحياني، وقد جعل الله على عهدته تزكية الأُمّة جمعاً؟ وكيف يعزب عنه باب من الحكمة وقد جعل الباري على عهدته تعليم الكتاب كلّه والحكمة للبشرية أجمع؟

ونظير هذه المقامات قد أسندها الباري إلى عترته المطهّرة فقال تعالى: {إِنَّهُ

____________

1- سورة النحل 16: 64.

2- سورة القيامة 75: 16-19.

3- سورة الجمعة 62: 2.


الصفحة 284
لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَاب مَكْنُون * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(1)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}(2)، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء}(3)، وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}(4).

وقد روى العامّة، كابن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمر، قال: "كنت أكتب كلّ شيء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنّك تكتب كلّ شيء تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلّم في الغضب، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منّي شيء إلاّ الحقّ"(5).

ورووا عنه وزعموا أنّه قال (صلى الله عليه وآله): "ما أخبرتكم أنّه من عند الله فهو الذي لا شكّ فيه"(6)، وهذه الرواية متدافعة مع الرواية السابقة.

وعن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: "لا أقول إلاّ حقّاً. قال بعض أصحابه: فإنّك تداعبنا يارسول الله؟ قال: إنّي لا أقول إلاّ حقاً"(7).

____________

1- سورة الواقعة 56: 77-80.

2- سورة آل عمران 3: 7.

3- سورة النحل 16: 89.

4- سورة العنبكوت 29: 49.

5- أخرجه أحمد وأبو داود، وفي بعض الروايات: (بشر يتكلّم في الرضا والغضب)، المستدرك على الصحيحين 1 / 106، مسند أحمد 2 / 162، تقييد العلم 80 / 18، وجامع بيان العلم 1 / 71.

6- أخرجه الحافظ البزاز، وتفسير ابن كثير في ذيل سورة النجم.

7- تفسير ابن كثير في ذيل سورة النجم، وأخرجه الإمام أحمد.


الصفحة 285
والملاحظ في رواية عبد الله بن عمر تصريحه بأنّ الذين كانوا يتبنّون عدم عصمة النبيّ المطلقة هم قريش دون الأنصار، ويُظهر دوافع قريش من ذلك، وأنّ سياستهم في تبني هذه النظرية هو لفتح باب الردّ على النبيّ ومعارضته، وتقليب الأُمور في جانب التشريع والحكم، فيفتح الطريق أمام إحكام قبضتهم على مجمل الأُمور.

وأمّا الرواية الثانية، فلا يخفى تدافعها مع الرواية الأُولى، ويد قريش في وضعها لائح بيّن; إذ هي سياستهم في تبنّي نظرية التفصيل في عصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله).

وأمّا الرواية الثالثة، فهي متطابقة مع الرواية الأُولى، ومتطابقة مع مفاد آيات سورة النجم التي مرّ أنّ ظاهرها هو وحيانية كلّ شخصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهويته، وأنّ كلّ سلوكه وسيره وسيرته وكلّ نطقه وأقواله وجميع شؤونه حقّاً وحيانياً، إمّا بالوحي التأييدي التسديدي وغيرهما، أو الوحي الإنبائي.

إلى هنا تمّ الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث بإذن الله تعالى وهو المستعان وله المنّة والفضل والحمد لله أوّلاً وآخراً.