الصفحة 491

ثم قال الطبري: وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده ووهي أسانيد غيره. انتهى.

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

بإمكان الباحث أن يفتش عن الحقيقة في سبب نزول الآية الكريمة في أحاديث حجة الوداع، لأن هذا الوداع الرسولي المهيب قد تم بإعلان رباني مسبق، وإعداد نبوي واسع.. وقد حضره ما بين سبعين ألفا إلى مئة وعشرين ألفا من المسلمين، ونقلوا العديد من من أحداث حجة الوداع، وأقوال النبي صلى الله عليه وآله وأفعاله فيها، بشئ من التفصيل، ورووا أنه خطب في أثنائها خمس خطب أو أكثر.. وسجلوا يوم حركته من المدينة، والأماكن التي مر عليها أو توقف فيها، ومتى دخل مكة، ومتى وكيف أدى المناسك..

ثم رووا حركة رجوعه وما صادفه فيها.. إلى أن دخل إلى المدينة المنورة وعاش فيها نحو شهرين بقية عمره الشريف صلى الله عليه وآله.

وعلى هذا، فإن عنصر التوقيت والتاريخ حاسم في المسألة، وهو الذي يجب أن يكون مرجحا للرأي الصحيح من الرأيين المتعارضين.

وعنصر التوقيت هنا يرجح قول أهل البيت عليهم السلام والروايات السنية الموافقة لهم، مضافا إلى المرجحات الأخرى المنطقية، التي تنضم إليه كما يلي:

أولا: إن التعارض هنا ليس بين حديثين أحدهما أصح سندا وأكثر طرقا كما توهموا.. بل هو تعارض بين حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وبين قول للخليفة عمر. فإن الأحاديث التي ضعفوها هي أحاديث نبوية مسندة،

الصفحة 492
بينما أحاديث البخاري وغيره هي قول لعمر، لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله!

فالباحث السني لا يكفيه أن يستدل بقول عمر في سبب نزول القرآن، ويرد به الحديث النبوي المتضمن سبب النزول، بل لا بد له أن يبحث في سند الحديث ونصه، فإن صح عنده فعليه أن يأخذ به ويترك قول عمر..

وإن لم يصح رجع إلى أقوال الصحابة المتعارضة، وجمع بين الموثوق منها إن أمكن الجمع، وإلا رجح بعضها وأخذ به وترك الباقي.. ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأن عمر عندهم معصوم عمليا، وإن قالوا غير معصوم نظريا!

ثانيا: لو تنزلنا وقلنا إن أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سبب نزول الآية والأحاديث السنية المؤيدة لها ليست أكثر من رأي لأهل البيت ومن أيدهم في ذلك، وأن التعارض يصير بين قولين لصحابيين في سبب النزول، أو بين قول صحابي وقول بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام..

فنقول: إن النبي صلى الله عليه وآله أوصى أمته بأخذ الدين من أهل بيته عليهم السلام ولم يوصها بأخذه من صحابته.. وذلك في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع، وهو كما في مسند أحمد 3 / 14: عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. انتهى.

ورواه أيضا في 3 / 17 - 26 و 59، و 4 / 366، و 371، والدارمي 2 / 431، ومسلم 7 / 122، والحاكم، وصححه على شرط الشيخين وغيرهما في 3 / 109 و 148، والبيهقي في سننه 2 / 148، وغيرهم.


الصفحة 493
وهذا الحديث الصحيح بدرجة عالية، يدل على حصر مصدر الدين بعد النبي صلى الله عليه وآله بآله عند تعارضه مع قول غيرهم!

ثالثا: أن الرواية عن الخليفة عمر نفسه متعارضة، وتعارضها يوجب التوقف في الأخذ بها، فقد رووا عنه أن يوم عرفة في حجة الوداع كان يوم خميس، وليس يوم جمعة.

قال النسائي في سننه 5 / 251: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال : قال يهودي لعمر: لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا: اليوم أكملت لكم دينكم.

قال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والليلة التي أنزلت، ليلة الجمعة ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات! والطريف أن النسائي روى عن عمر في 8 / 114: أنها نزلت في عرفات في يوم جمعة!

رابعا: تقدم قول البخاري في روايته أن سفيان الثوري وهو من أئمة الحديث والعقيدة عندهم، لم يوافق على أن يوم عرفة كان يوم جمعة قال سفيان وأشك كان يوم الجمعة أم لا..

وهناك عدد من الروايات تؤيد شك سفيان، بل يظهر أن سفيانا كان قاطعا بأن يوم عرفة في حجة الوداع لم يكن يوم جمعة، وإنما قال أشك مداراة لجماعة عمر، الذين رتبوا كل الروايات لأحداث حجة الوداع، بل وأحداث التاريخ الإسلامي كلها.. على أساس أن يوم عرفات كان يوم جمعة، كما ستعرف.


الصفحة 494
خامسا: إن عيد المسلمين هو يوم الأضحى، وليس يوم عرفة، ولم أجد رواية تدل على أن يوم عرفة عيد شرعي، فالقول بذلك مما تفرد به الخليفة عمر، ولم يوافقه عليه أحد من المسلمين! وهو عند السلفيين يدخل في باب البدعة!

أما إذا أخذنا برواية النسائي القائلة إن عرفة كان يوم خميس، وأن الآية نزلت ليلة عرفة.. فلا يبقى عيد حتى يصطدم به العيد النازل من السماء، ولا يحتاج الأمر إلى قانون إدغام الأعياد الإلهية المتصادمة، كما ادعى الخليفة!

فيكون معنى جواب الخليفة على هذه الرواية أن يوم نزول آية إكمال الدين يستحق أن يكون عيدا، ولكن آيته نزلت قبل العيد بيومين، فلم نتخذ يومها عيدا! وهذا كلام متهافت!

سادسا: إن قول عمر يناقض ما رووه عن عمر نفسه بسند صحيح أيضا..

فقد فهم هذا اليهودي من الآية أن الله تعالى قد أكمل تنزيل الإسلام وختمه في يوم نزول الآية، وقبل عمر منه هذا التفسير.. فلا بد أن يكون نزولها بعد نزول جميع الفرائض، فيصح على رأيه ما قاله أهل البيت عليهم السلام وما قاله السدي وابن عباس وغيرهما من أنه لم تنزل بعدها فريضة ولا حكم. مع أن الخليفة عمر قال إن آية إكمال الدين نزلت قبل آيات الكلالة، وأحكام الإرث وغيرها، كما تقدم.. فوجب على مذهبه أن يقول لليهودي:

ليس معنى الآية كما ظننت، بل كان بقي من الدين عدة أحكام وشرائع نزلت بعدها، وذلك اليوم هو الجدير بأن يكون عيدا!

وعندما تتعارض الروايات عن شخص واحد وتتناقض، فلا بد من التوقف فيها جميعا، وتجميد كل روايات عمر في آخر ما نزل من القرآن، وفي وقت نزول آية إكمال الدين!


الصفحة 495
ومن جهة أخرى، فقد أقر الخليفة أن اليوم في الآية هو اليوم المعين الذي نزلت فيه، وليس وقتا مجملا ولا يوما مضى قبل سنة كفتح مكة، أو يأتي بعد شهور مثلا.

فهو يستوجب رد قول الطبري الذي تعمد اختياره ليوافق عمر، ويستوجب رد كل الروايات التي تريد تعويم كلمة (اليوم) في الآية، أو تريد جعله يوم فتح مكة.

قال القرطبي في تفسيره 1 / 143: وقد يطلق (اليوم) على الساعة منه قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم)، وجمع يوم أيام، وأصله أيوام فأدغم.

وقال في 2 / 61: اليوم قد يعبر بجزء منه عن جميعه، وكذلك عن الشهر ببعضه تقول: فعلنا في شهر كذا كذا وفي سنة كذا كذا، ومعلوم أنك لم تستوعب الشهر ولا السنة، وذلك مستعمل في لسان العرب والعجم.

سابعا: إن جواب الخليفة لليهودي غير مقنع لا لليهودي ولا للمسلم!

فإن كان يقصد الاعتذار بأن نزولها صادف يوم عيد، ولذلك لم نتخذ يومها عيدا! فيمكن لليهودي أن يجيبه: لماذا خرب عليكم ربكم هذا العيد وأنزله في ذلك اليوم؟!

وإن كان يقصد إدغام عيد إكمال الدين بعيد عرفة، حتى صار جزءا منه!

فمن حق سائل أن يسأل: هذا يعني أنكم جعلتم يوم نزولها نصف عيد، مشتركا مع عرفة.. فأين هذا العيد الذي لا يوجد له أثر عندكم، إلا عند الشيعة؟!


الصفحة 496
وإن كان يقصد أن هذا اليوم الشريف والعيد العظيم، قد صادف يوم جمعة ويوم عرفة، فأدغم فيهما وذاب أو أكلاه وانتهى الأمر!

فكيف أنزل الله تعالى هذا العيد على عيدين، وهو يعلم أنهما سيأكلانه!

فهل تعمد الله تعالى تذويب هذا العيد، أم أنه نسي والعياذ بالله فأنزل عيدا في يوم عيد، فتدارك المسلمون الأمر بقرار الدمج والإدغام، أو التنصيف!!

ثم من الذي اتخذ قرار الادغام؟ ومن الذي يحق له أن يدغم عيدا إلهيا في عيد آخر، أو يطعم عيدا ربانيا لعيد آخر!

وما بال الأمة الإسلامية لم يكن عندها خبر من حادثة اصطدام الأعياد الربانية في عرفات، حتى جاء هذا اليهودي في خلافة عمر ونبههم! فأخبره الخليفة عمر بأنه يوافقه على كل ما يقوله، وأخبره وأخبر المسلمين بقصة تصادم الأعياد الإلهية في عرفات! وأن الحكم الشرعي في هذا التصادم هو الادغام لمصلحة العيد السابق، أو إطعام العيد اللاحق للسابق!

وهل هذه الأحكام للأعياد أحكام إسلامية ربانية، أم استحسانية شبيها بقانون تصادم السيارات، أو قانون تصادم الأعياد الوطنية والدينية؟!!

إن المشكلة التي طرحها اليهودي، ما زالت قائمة عند الخليفة وأتباعه، لأن الخليفة لم يقدم لها حلا.. وكل الذي قدمه أنه اعترف بها وأقرها، ثم رتب عليها أحكاما لا يمكن قبولها، ولم يقل إنه سمعها من النبي صلى الله عليه وآله، فقد اعترف خليفة المسلمين بأن يوم نزول الآية يوم عظيم ومهم بالنسبة إلى المسلمين، لأنه يوم مصيري وتاريخي أكمل الله فيه تنزيل الإسلام، وأتم فيه النعمة على أمته، ورضيه لهم دينا يدينونه به، ويسيرون عليه، ويدعون الأمم إليه.


الصفحة 497
وأن هذا اليوم العظيم يستحق أن يكون عيدا شرعيا للأمة الإسلامية تحتفل فيه وتجتمع فيه، في صف أعيادها الشرعية الثلاث: الفطر والأضحى والجمعة، وأنه لو كان عند أمة أخرى يوم مثله لأعلنته عيدا ربانيا، وكان من حقها ذلك شرعا.

لقد وافق الخليفة محاوره اليهودي على كل هذا، وبذلك يكون عيد إكمال الدين في فقه إخواننا عيدا شرعيا سنويا، يضاف إلى عيدي الفطر والأضحى السنويين وعيد الجمعة الأسبوعي.

إن الناظر في المسألة يلمس أن الخليفة عمر وقع في ورطة آية علي بن أبي طالب من ناحيتين: فهو من ناحية ناقض نفسه في آخر ما نزل من القرآن..

ومن ناحية فتح على نفسه المطالبة بعيد الآية إلى يوم القيامة!! وصار من حق المسلم أن يسأل أتباع عمر من الفقهاء عن هذا العيد الذي لا يرى له عينا ولا أثرا ولا اسما في تاريخ المسلمين، ولا في حياتهم، ولا في مصادرهم.. إلا عند الشيعة!

ثم.. إن الأعياد الإسلامية توقيفية، فلا يجوز لأحد أن يشرع عيدا من نفسه.. وحجة الشيعة في جعل يوم الغدير عيدا، أن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أن يوم الآية أي يوم الغدير عيد شرعي، وأن جبرئيل أخبره بأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يأمرون أممهم أن تتخذوا يوم نصب الوصي عيدا.

فما هي حجة الخليفة في تأييد كلام اليهودي، وموافقته له بأن ذلك اليوم يستحق أن يكون عيدا شرعيا للأمة الإسلامية!


الصفحة 498
ثم أخذ يعتذر له بأن مصادفة نزولها في عيدين أوجبت عدم إفراد المسلمين ليومها بعيد.. الخ. فإن كان الخليفة حكم من عند نفسه بأن يوم الآية يستحق أن يكون عيدا، فهو تشريع وبدعة، وإن كان سمعه من النبي صلى الله عليه وآله، فلماذا لم يذكره، ولم يرو أحد من المسلمين شيئا عن عيد الآية، إلا ما رواه الشيعة؟!!

  • فكتب (جميل 50) بتاريخ 2 - 7 - 1999، العاشرة إلا ربعا مساء:

    سماحة الأخ الفاضل العاملي:

    شكرا لك على جهودك الغالية، وجزاك الله عن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين خير الجزاء، وأحسن الجزاء، وأوفى الجزاء...

    قد جاء عن اليهود - كما نقلت في الرواية - أن هذه الآية لو نزلت فيهم لاتخذوا ذلك اليوم عيدا، وإنا نعلم أنه عيد، وأما من خالفنا فيحاججون ويلاججون بأحاديث لا تصل معشار ما وصل إليه هذا الحديث في قوة سنده، وصراحة متنه، وبعد شأوه.

    فما هو الأمر الخطير الذي يوقف مسيرة الحجيج، ولا شئ يظلهم أو يقيهم حرارة الشمس الوهاجة، أم ماذا ألقي في يراع الشعراء الذين هتفوا بهذا الحدث في مصارع بلاغتهم وأبيات أراجيزهم وقوافيهم، وكان في من كان الصحابي الجليل حسان بن ثابت؟!

    ولو علم معشر اليهود بأن مشكلة هذا الحديث هو عدم توافقه مع السكة الحديدية للخلافة السياسية لدى المسلمين آنذاك، لما تعمقوا في استغراباتهم من مجانبة المسلمين بعضا ممن جثم على جسد الأمة!!!


    الصفحة 499
    وأما تساؤل عمر فلم يكن أبداه هو ولا من بعده حين احتج به علي نفسه، وحين احتجت به فاطمة، وكثير من الصحابة كعمار بن ياسر، وقد ذكرت هذه الاحتجاجات بحديث الغدير وجمعت، وصنف لها، وكفانا ما جاء في كتاب الغدير...

  • وكتب (الشمري) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلا:

    اسمح لي يا أخ عاملي أن أؤكد كلامك بنص لحديث من مسند أحمد بن حنبل.. جدير أن يذكر هنا:

    فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

    17749 - حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر، وأخذ بيد علي رضي اللهم تعالى عنهم، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: بلى

    قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه. قالوا: بلى. قال:

    فأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. قال أبو عبد الرحمن، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب عن النبي صلى اللهم عليه وسلم نحوه.


    الصفحة 500
    وشكرا لإتاحتك الفرصة لنا.

  • وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 5 - 7 - 1999، السابعة مساء:

    أحسنت وأجدت يا أخي العاملي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.

    ولم يعلق مشارك ومشاركوه على هذا الموضوع!!!

  • وكتب (إسلام) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 17 - 7 - 1999، الخامسة مساء، موضوعا بعنوان (سؤال بسيط في التفسير..!) قال فيه:

    قال جل وعلا: فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى. قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين. سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين.

    السؤال: ما هو تفسيركم لقوله تعالى: وفديناه بذبح عظيم؟

  • فكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة مساء:

    إلى الأخ إسلام، السلام عليكم،

    إن سؤالك عن الآية المباركة (وفديناه بذبح عظيم).. أي وفدينا ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وكان كبشا أتى به جبرائيل من الله سبحانه وتعالى فداء، على ما في الأخبار. والمراد بعظمة الذبح عظمة شأنه بكونه من عند الله سبحانه وتعالى، وهو الذي فدى به الذبيح.


    الصفحة 501
    وإن شئت المزيد راجع تفسير الميزان ج 17 ص 161

  • وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة والنصف مساء:

    الآية تتحدث عن الامتحان الإلهي والفداء الرمزي، في إبراهيم وذريته، وبعد إبراهيم لم يبعث الله تعالى نبيا ولا وصيا إلا من ذريته..

    وسنة الله تعالى في إبراهيم جارية في رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته، امتحانهم في أنفسهم، وامتحان الأمة بهم، وهذه الأمة امتحانها الإلهي أعظم الامتحانات، لأنها خاتمة الأمم.. فتكلم ما تريد يا إسلام.

  • فكتب (إسلام) بتاريخ 17 - 7 - 1999، العاشرة ليلا:

    إلى حسين الشطري، شكرا على إجابتك على السؤال.

    وفعلا كما ذكرت الذبح العظيم هو الكبش الذي أنزله الله فداء لإسماعيل علية السلام، كما هو مذكور في كتب التفسير لاكن (كذا) قول (كذا) لي ما هو رأيك في كلام شيخكم المهاجري التالي: فقد ذكر في معرض حديثه عن قصة مقتل الحسين رضي الله عنه هذه الآية، ثم فسرها بأن الذبح العظيم هو الحسين. وكلامه بالحرف:

    (وفديناه بذبح عظيم: الذبح العظيم هو الحسين!! سلام الله عليه، وإلا الكبش لا يوصف بأنه عظيم.). انتهى؟؟!!

    ولا أدري أيكما أكثر علما؟!! أو بالأصح أيكما أكثر جهلا!!

  • وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلا:

    الأدب عنوان الإنسان.


    الصفحة 502
    وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلا:

    أعرف أخلاقك ومستوى علمك من زمان يا إسلام! ولو أن أخلاق ديننا الإسلام الحنيف السهل السمح مثل أخلاقك، لوقعت في العالم كارثة!

    وكلام خطيب عالم ليس نصا، فهل عندك نص على أن الله تعالى جعل فداء إسماعيل رمزيا هو الكبش، وأن الله تعالى جعل ثأره سبحانه، وثأر أنبيائه ودينه في العالم: السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام؟

    أم تريد أن نأتي لك بنص لتناقشنا فيه، وتثبت لنا أنا مغالون في حق الإمام الحسين وأهل البيت الطاهرين، الذين اختارهم الله تعالى رغم حسد الحاسدين من أئمتك وتثبت لنا أننا مقصرون في حق إمامك أمير المؤمنين المظلوم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب، الذي قال الله تعالى عنه أنه إمام ابن إمام أخ إمام.. من أئمة الكفر!!

    فقلتم أنتم إن الله اشتبه في تسميتهم أئمة الكفر. ورسوله اشتبه في لعنه إياهم! وجعلتموهم أئمة المسلمين من أمثالكم؟!!

  • وكتب (عرفج) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة والثلث ليلا:

    الأخ إسلام، الشيخ المهاجري، كما تسميه، رجل خطيب كأي خطيب مسلم في أي مسجد في بلاد المسلمين، وليس عالما يحتج بقوله. فهل تريدنا أن نتتبع عثرات الخطباء وليس العلماء من السلف؟

    وزرت الصفحة التي أسسها أحدهم ورص بها قائمة بأسماء الخطباء وهم:

    الشيخ عبد الحميد المهاجر. الشيخ الشاهرودي. السيد الفالي. السيد جاسم الطويرجاوي. وغيرهم من الخطباء.


    الصفحة 503
    هؤلاء خطباء يا إخوان.. فعليكم بذكر المصدر هداكم الله.

  • وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعا ليلا:

    ليس قصد الأخ عرفج الانتقاص من علم ومكانة الخطباء الكرام المذكورين، فكلهم معروفون بالعلم والفقاهة والاطلاع وحسن العقيدة، والحمد لله.

    وكفى المسلم فخرا أنه يقوم بتوعية الناس على قضية أهل البيت المظلومين صلوات الله عليهم، خاصة الإمام الحسين عليه السلام مظهر ظلامة أوصياء الله في أرضه، ومثال النور الإلهي في مقابل الضلال البشري.

    بل قصده أن الاحتجاج على الشيعة يجب أن يكون موثقا من مصادرهم المعتمدة المحكوم بصحتها عند علمائهم.

    وللمناسبة فإن الحديث الذي ذكره المدعو إسلام موجود في مصادرنا، وقد يكون سنده صحيحا. ولكنه لم يذكره من مصدر، فنبهه الأخ عرفج.

  • وكتب (إسلام) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الواحدة صباحا:

    نستنتج من هذا الكلام أن خطباءكم جهال لا يحتج بكلامهم.. إذا شيخكم المهاجري خطيب جاهل وليس خطيب (كذا) عالم!! ويخطب فيكم!

    وإلا هل يقول هذا الكلام ومثله عاقل: علي وجه رب الكون؟!!

  • وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الواحدة والنصف صباحا:

    أنا لم أحب أن أشارك في هذا الموضوع، ولكن اتهام المهاجر بالجهل قد أثارني.


    الصفحة 504
    حسنا، فلنسمع ما يقوله خطباؤكم ولن أقول علماؤكم:

    الرافضة في الأحساء يتكاثرون بمعدلات كبيرة، تصوروا أنهم يقومون بتنظيم حفلات الزواج الجماعي لكي يكثروا من النسل، تصوروا أنهم يقومون بتزويج أبنائهم وبناتهم وهم أقل من عشرين سنة، تصوروا أنهم يدخلون الجامعات ويتخرجون بمعدلات عالية، تصوروا أنهم يقومون بالالتحاق بالعمل في المؤسسات الحكومية!!.

    بذمتكم هذا منطق، أليس هذا كلام الجهال؟ وعلى نفس المنوال أقول أنا:

    تصوروا أن البعض فخور بهذا المستوى في الطرح، لدرجة أنهم نشروه على الإنترنت؟

  • وكتب (عرفج) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعا صباحا:

    الأخ العاملي.. أعزه الله ونصر به الإسلام.

    لم أقصد الإساءة لأحد، وأردت فقط التنبيه إلى أن الأخوة السلفيون (كذا) يلتقطون أي كلمة يشعرون أنها وسيلة ممتازة للتشنيع على الشيعة.

    ولو أردنا اتباع أسلوبهم هذا لاحتجنا إلى (10 جيجا بايت) من هذا (السرفر) حتى يفي بغرض سرد الخرافات والخزعبلات التي يذكرونها، وخاصة هنا في الشمال الأمريكي.

  • وكتب (مشارك) 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعا ظهرا:

    دعونا من اللف والدوران، هل من يقول أن المقصود بالآية هو الحسين رضي الله عنه مخطئ في ذلك أم لا؟

    وهل من ينفي ذلك يعتبر من النواصب المبغضين لآل البيت، كعادتكم معنا إذا أنكرنا هذا التفسير؟


    الصفحة 505
    وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثالثة مساء:

    تعريفنا للنواصب واضح، هم: من يبغض عليا وآل البيت ويتهجم عليهم، وينصر أعداءهم. وإنكار هذا التفسير لا يجعلك ناصبي (كذا).

  • وكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلا:

    لماذا يبحث مشارك دائما عن فضائل أعداء أهل البيت عليهم السلام، ويحاول مستميتا التشكيك في فضائل أهل بيت نبيه صلى الله عليه وعليهم!!

    ولو قيل له توجد رواية عن كعب الأحبار تقول إن مروان بن الحكم اللعين بن اللعين الوزغ ابن الوزغ.. الذي قتلته زوجته وخنقته بالمخدة لأمور أخلاقية.. هو شهيد هذه الأمة، وأن الله تعالى نجى إسماعيل من الذبح ليكون مروان بدله.. فإن مشاركا يفرح بها وينظر لها!!

    سبحان الله، لقد أشرب حب هؤلاء الملعونين على لسان نبيه الأمين، فصاروا أئمته الربانيين!! حتى كأنه ابن أبي سفيان لصلبه!!!

  • فكتب (مشارك) 19 - 7 - 1999، الواحدة صباحا:

    أهذه بضاعتك يا عاملي؟ خبت وخسرت.

  • وكتب (إسلام) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الرابعة إلا ربعا عصرا:

    إلى العاملي.

    كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

    موت (كذا) بغيضك.. فالحاسد يصاب بالهزال من سمنة الآخرين!!

    أما الوزغ ابن الوزغ فهو أشرف من الوطواط ابن الوطواط، أتعرف من هو؟!


    الصفحة 506
    عليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين إلى يوم الدين...

  • وكتب (طالب العلم) 19 - 7 - 1999، الخامسة عصرا:

    يا إسلام لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك!

    أهكذا تريد أن تستفيد؟!! أترك الكلام البذئ وأجب على أسئلة الآخرين، فوالله لم أر فيها إلا العدل والإنصاف. فلماذا لا تقبل كلام الحق؟

  • وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السادسة مساء:

    الحمد لله لسنا من الزنادقة الذين يفسرون القرآن بأهوائهم، ليأكلوا به ثمنا قليلا وخمسا كبيرا. انتهى.

    قال العاملي:

    من الملاحظ أنهم يتهمون الشيعة بأنهم لا بضاعة لهم في التفسير.. وعندما يفحمون ولا يستطيعون نقاش طلبة الشيعة في تفسير آيات القرآن! يلجؤون إلى أسلوب الشتم، ويتهمون علماء الشيعة بأنهم يفسرون القرآن لمصلحة أهل البيت عليهم السلام، من أجل أن يعطيهم الشيعة أموالا!!!

    وهذا تأكيد على إفلاسهم العلمي.

    فتوى عمر: تفسير القرآن والبحث العلمي فيه حرام!

  • وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 20 - 7 - 1999 العاشرة مساء، موضوعا بعنوان (السؤال عن تفسير آيات القرآن، والبحث العلمي فيه حرام عند الخليفة عمر!)، قال فيه:


    الصفحة 507

    فضربه بالدرة وقال: ما لك نقبت عنها؟!:

    - قال السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 227:

    وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر بن الخطاب إني لأعرف أشد آية في كتاب الله، فأهوى عمر فضربه بالدرة، وقال: ما لك نقبت عنها؟! فانصرف حتى كان الغد، قال له عمر: الآية التي ذكرت بالأمس، فقال: من يعمل سوءا يجز به.

    فما منا أحد يعمل سوء إلا جزي به، فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب، حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال: من يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. انتهى.

    وروى الدارمي في سننه ج 1 ص 50: عن عمرو عن طاوس قال قال عمر على المنبر: أحرج بالله على رجل سأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن انتهى. وبمقتضى فتوى الخليفة يجب أن يصبر الحاكم والقضاة والناس حتى تقع الحوادث فيسألون أو يبحثون عن حكمها، ولا يجوز افتراض حادثة لم تقع وبحث حكمها الشرعي!!

    محنة صبيغ التميمي!!!

    - وثائق القضية:

    1 - روى الدارمي في سننه ج 1 ص 54:

    عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال:

    من أنت؟ قال أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين

    الصفحة 508
    فضربه. وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل يضربه حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي!

    2 - عن نافع مولى عبد الله أن صبيغ العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه. فقال: أين الرجل؟ فقال:

    في الرحل. قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني به العقوبة الموجعة!

    فأتاه به فقال عمر: تسأل محدثة!! فأرسل عمر إلى رطائب من جريد فضربه بها حتى ترك ظهره دبرة!! ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له! ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود له!! قال فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا، وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت!!

    فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين! فاشتد ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسنت توبته، فكتب عمر أن يأذن للناس بمجالسته!!.

    3 - ورواه في كنز العمال ج 2 ص 331 وقال: الدارمي، وابن عبد الحكم، كر ورواه بروايات أخرى مختلفة، منها عن السائب بن يزيد قال:

    أتى عمر بن الخطاب فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل مشكل القرآن، فقال عمر: اللهم أمكني منه، فبينما عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاء وعليه ثياب وعمامة صفراء، حتى إذا فرغ. قال: يا أمير المؤمنين، والذاريات ذروا، فالحاملات وقرا.

    فقال عمر: أنت هو، فقام إليه، وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت

    الصفحة 509
    رأسك، ألبسوه ثيابا واحملوه على قتب، وأخرجوه حتى تقدموا به بلاده، ثم ليقم خطيب، ثم يقول: إن صبيغا ابتغى العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك، وكان سيد قومه. ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، واللالكائي، كر. ورواه عن سليمان بن يسار كرواية الدارمي الأولى، وقال الدارمي ونصر والأصبهاني معا في الحجة وابن الأنباري واللالكائي كر.

    4 - عن أبي العديس قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل، فقال يا أمير المؤمنين: ما الجوار الكنس؟ فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل، فألقاها عن رأسه، فقال عمر: أحروري؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجدتك محلوقا لأنحيت القمل عن رأسك. الحاكم في الكنى.

    5 - عن أبي عثمان النهدي عن صبيغ، أنه سأل عمر بن الخطاب، عن المرسلات والذاريات والنازعات، فقال له عمر: ألق ما على رأسك، فإذا له ضفيرتان، فقال له: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك، ثم كتب إلى أهل البصرة: أن لا تجالسوا صبيغا! قال أبو عثمان: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا عنه. نصر المقدسي في الحجة كر.

    6 - عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: أن لا تجالسوا صبيغا، وأن يحرم عطاءه ورزقه. ابن الأنباري في المصاحف كر.

    7 - عن إسحاق بن بشر القريشي، قال: أخبرنا ابن إسحاق، قال:

    جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، ما النازعات غرقا، فقال عمر: من أنت؟ قال امرؤ من أهل البصرة من بني تميم، ثم أحد بني

    الصفحة 510
    سعد، قال: من قوم جفاة، أما إنك لتحملن إلى عاملك ما يسوؤك، ولهزه حتى فرت قلنسوته، فإذا هو وافر الشعر، فقال: أما إني لو وجدتك محلوقا ما سألت عنك، ثم كتب إلى أبي موسى: أما بعد: فإن الأصبغ بن عليم التميمي تكلف ما كفي وضيع ما ولي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه. ثم التفت إلى القوم فقال:

    إن الله عز وجل خلقكم وهو أعلم بضعفكم فبعث إليكم رسولا من أنفسكم وأنزل عليكم كتابا، وحد لكم فيه حدودا أمركم أن لا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض أمركم أن تتبعوها، وحرم حرما نهاكم أن تنتهكوها. وترك أشياء لم يدعها نسيانا، فلا تكلفوها وإنما تركها رحمة لكم!

    قال فكان الأصبغ بن عليم يقول: قدمت البصرة فأقمت بها خمسة وعشرين يوما، وما من غائب أحب إلي أن ألقاه من الموت، ثم إن الله ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فأتيت أبا موسى وهو على المنبر، فسلمت عليه فأعرض عني. فقلت: أيها المعرض، إنه قد قبل التوبة من هو خير منك ومن عمر، إني أتوب إلى الله عز وجل مما أسخط أمير المؤمنين وعامة المسلمين، فكتب بذلك إلى عمر، فقال: صدق، إقبلوا من أخيكم!!

    8 - وروى في كنز العمال ج 2 ص 510: عن سعيد بن المسيب قال:

    جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب، فقال يا أمير المؤمنين: أخبرني عن الذاريات ذروا، فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الحاملات وقرا، قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته،

    الصفحة 511
    قال: فأخبرني عن الجاريات يسرا، قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال فأخبرني عن المقسمات أمرا، قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

    ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى، وحمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري: إمنع الناس من مجالسته، فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب عمر ما أخاله إلا قد صدق فخل بينه وبين مجالسة الناس. البزار قط في الافراد وابن مردويه - كر.

    9 - وفي كنز العمال ج 11 ص 296: مسند عمر، عن صبيغ بن عسل قال: جئت عمر بن الخطاب زمان الهدنة، وعلي غديرتان وقلنسوة فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من المشرق حلقان الرؤوس يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، طوبى لمن قتلوه وطوبى لمن قتلهم! ثم أمر عمر أن لا أداوى ولا أجالس - كر.

    10 - وفي الدر المنثور ج 2 ص 7: وأخرج الدارمي في مسنده ونصر المقدسي في الحجة عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل... وأخرج الدارمي عن نافع أن صبيغا العراقي... الخ.

    11 - وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس أن عمر بن الخطاب جلد صبيغا الكوفي في مسألة عن حرف من القرآن حتى اطردت الدماء في ظهره.


    الصفحة 512
    12 - وأخرج ابن الأنباري في المصاحف ونصر المقدسي في الحجة وابن عساكر، عن السائب بن يزيد أن رجلا قال لعمر: إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن! فقال عمر: اللهم أمكني منه.

    فدخل الرجل يوما على عمر فسأله، فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده! ثم قال ألبسوه تبانا واحملوه على قتب وأبلغوا به حيه، ثم ليقم خطيب فليقل إن صبيغا طلب العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم.

    13 - وأخرج نصر المقدسي في الحجة وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي أن عمر كتب إلى أهل البصرة أن لا يجالسوا صبيغا، قال فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا.

    14 - وأخرج ابن عساكر عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالس صبيغا، وأن يحرمه عطاءه ورزقه.

    15 - وأخرج نصر في الحجة وابن عساكر عن زرعة قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير أجرب يجئ إلى الحلقة ويجلس وهم لا يعرفونه، فتناديهم الحلقة الأخرى عزمة أمير المؤمنين عمر، فيقومون ويدعونه.

    16 - وأخرج نصر في الحجة عن أبي إسحاق أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد فإن الأصبغ تكلف ما خفي وضيع ما ولي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه.

    17 - وأخرج الهروي في ذم الكلام عن الأم للشافعي رضي الله عنه قال:


    الصفحة 513
    حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على علم الكلام!!

    18 - وفي الدر المنثور ج 3 ص 161: وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير والنحاس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن الأنفال، فقال: الفرس من النفل والسلب من النفل، فأعاد المسألة، فقال ابن عباس ذلك أيضا، قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟

    فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه، فقال ابن عباس: هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر، وفي لفظ فقال: ما أحوجك إلى من يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي، وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه!.

    19 - وفي الدر المنثور ج 6 ص 111: وأخرج البزار والدار قطني في الإفراد وابن مردويه وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أخبرني عن الذاريات ذروا... الخ.

    20 - وأخرج الفريابي عن الحسن قال سأل صبيغ التميمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الذاريات ذروا وعن المرسلات عرفا وعن النازعات غرقا؟ فقال عمر رضي الله عنه: إكشف رأسك فإذا له ظفيرتان، فقال:

    والله لو وجدتك محلوقا لضربت عنقك!

    ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه مسلم ولا يكلمه!.


    الصفحة 514
    21 - وفي إكمال الكمال ج 5 ص 221: وأما صبيغ بالصاد المهملة وغين معجمة فهو صبيغ بن عسل، الذي كان يسأل عمر عن غريب القرآن.

    22 - وفي إكمال الكمال ج 6 ص 206:

    وعسل بن عبد الله بن عسل التميمي، حدث عن عمه صبيغ بن عسل قال:

    جئت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه - وهو الذي كان يتتبع مشكل القرآن، فأمر عمر رضي الله تعالى عنه أن لا يجالس، وقال يحيى بن معين: هو صبيغ ابن شريك من بني عمرو بن يربوع روى خالد بن نزار عن عمر بن قيس عن عسل.

    وقال في هامشه: في الأصل كتب، وفي الإصابة روى الخطيب من طريق عسل بن عبد الله بن عسيل كذا التميمي عن عطاء بن أبي رباح عن عمه صبيغ بن عسل قال جئت عمر فذكر قصة ثم قال: الضمير في قوله عن عمه يعود على عسل. وربيعة بن عسل أحد بني عمرو بن يربوع بن حنظلة - ذكره ابن الكلبي في جمهرة بني تميم. وأما عسل بفتح العين والسين فهو عسل بن ذكوان، أخباري. انتهى.

    والأخباري في ذلك الوقت هو المؤرخ في عصرنا.

    23 - وفي معجم البلدان ج 4 ص 124: عسل: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره لام، يقال: رجل عسل مال كقولك ذو مال، وهذا عسل هذا وعسنه أي مثله، وقصر عسل: بالبصرة بقرب خطة بني ضبة، وعسل: هو رجل من بني تميم من ولده صبيغ بن عسل الذي كان يتتبع مشكلات القرآن فضربه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأمر أن لا يجالس!!.


    الصفحة 515

    الصيغة القضائية لقضية صبيغ:

    المتهم:... إلى آخر البحث، ولا يتسع المجال لإيراده.. وقال في آخره:

    النتيجة: أن صبيغا دفع في حياته ثمن أسئلته غاليا، ثم دفعها على يد الفقهاء من سمعته لأجل تبرير عمل الخليفة، فصار صاحب بدعة، وصار خارجيا مستحقا للعقوبة قبل ظهور الخوارج وتسميتهم خوارج بربع قرن أو أكثر..

    كل ذلك بدون دليل عند أحد من هؤلاء الفقهاء إلا عمل الخليفة..

    ويمكن أن يصير صبيغ بعد مدة رافضيا خبيثا، مع أني لم أجد له إشارة مدح واحدة في مصادر الشيعة!

    ولكن لا يختلف الحال في غرض بحثنا، فسواء اعتبرنا قضية صبيغ قضية علمية أو عقائدية أو شخصية أو سياسية.. فإنها قضية تخدم تحريم البحث العلمي في القرآن والسؤال عن غوامضه وحتى عن معاني ألفاظه ومفرداته، كما نرى في نهي الخليفة عن البحث في معنى: وفاكهة وأبا.. وغيرها، وغيرها!

    وإذا أردنا تطبيق أحكام الخليفة على صبيغ في عصرنا فيجب على الحاكم المسلم أن يجمع كتب التفسير ويحرقها، ثم يقيم الحد الشرعي على المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، فيجلدهم حتى تسيل دماؤهم على رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم، والأحوط أن يكون ذلك بجريد النخل الرطب، ثم يسجنهم حتى يبرؤوا، ثم يضربهم مرة ثانية وثالثة.. ثم يلبسهم تبابين ويركبهم في شاحنات ويطوفهم في مدنهم وقراهم.. ويحذر الناس من شرهم.. إلى آخر أحكام الخليفة.


    الصفحة 516
    هذا إذا كانت أسئلتهم بمقدار أسئلة صبيغ، أما إذا كانت أسئلتهم أكثر مثل طلبة المعاهد والجامعات الدينية في عصرنا، فيجب أن يحكم عليهم بالإعدام حتى يخلص الأمة من شرهم!!

  • فكتب (مالك الأشتر) 20 - 7 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلا:

    رحم الله والديك، وحشرهما وما ولدا مع عترة المصطفى صلى الله عليه وآله.

  • وكتب (جميل 50) بتاريخ 20 - 7 - 99، الثانية عشرة إلا خمس دقائق ليلا: الأخ الفاضل العاملي. بارك الله في يراعك، وكثر فينا من أمثالك وما أبلغ الحجج التي تداور بها على رؤوس القوم فيحسبونها المنايا!! انتهى.

    وغاب علماء السلف المتبجحون، بأنهم وحدهم علماء بالحديث والتفسير ولم يجب أحد منهم بشئ!!!

    * *

    تم المجلد الثالث من كتاب:
    الإنتصار - مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت.
    ويليه المجلد الرابع إن شاء الله، وموضوعه:
    دفاعا عن الأنبياء، وعن سيد الأنبياء وخاتمهم صلى الله عليه وآله، وعليهم