الصفحة 166

يرى جماعة من الشيعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عصى في أخذ الفداء يوم بدر، أما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، لأن الرسول إذا عصى فالوحي يأتيه من قبل الله فينبهه على وجه الخطأ فيتوب منه، والأئمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم وهم من أجل ذلك معصومون لا يجوز أن يسهوا أو يغلطوا وإن جاز على الرسول العصيان. انظر كلامهم هذا على ألسنة علمائك عند الأشعري في مقالات الإسلاميين (ص 48)، والشهرستاني في الملل والنحل (1 - 185).

والآن أورد لك بعض الكلام على لسان الخميني نائب المنتظر، وهو ينتقص الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء ويجوز عليهم الفشل، فهو يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم فشل في أداء المهمة التي بعث من أجلها، وهي إقامة حكومة العدل الإلهي، بل إن كل الأنبياء فشلوا في هذه المهمة، ويرى أن الذي سينجح فيها هو الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر.

يقول الخميني بهذا الشأن: (لقد جاء الأنبياء جميعا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم، لكنهم لم ينجحوا، حتى محمد خاتم الأنبياء، الذي جاء لإصلاح البشرية، وتنفيذ العدالة وتربية البشر، لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم الانحرافات هو المهدي المنتظر).

هذا النص جزء من خطاب ألقاه الخميني في ذكرى مولد المهدي المنتظر، وقد ألقى الخطاب في (15 شعبان 1400 ه) ونقل عبر إذاعة طهران، وتناقلته بعض وكالات الأنباء والصحف، ومنها صحيفة الرأي العام الكويتية في عددها الصادر بتاريخ (21 - 6 - 1980 م) وقد انتظرت رابطة العالم

الصفحة 167
الإسلامي تكذيبا أو توضيحا من الجهات الرسمية في إيران بشأن هذا الخطاب، ولما لم يصدر شئ من هذا، أصدرت الرابطة بيانا بتاريخ (9 رمضان 1400 ه) استنكرت فيه هذا الكلام، واعتبرته طعنا في الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام.

ويؤكد هذا المعتقد في موضع آخر، حين يبدي أسفه لفشل الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول: (إني متأسف لأمرين، أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغي).

ضمن خطاب ألقاه الخميني في ذكرى مولد الرضا الإمام السابع عندكم بتاريخ (9 - 8 - 1984 م)، وقد استنكرت هذا الخطاب عدة جهات إسلامية.

ويعلل الخميني فشل الرسول صلى الله عليه وسلم - كما يدعي - إلى عجزه بسبب إحاطة المنافقين به، وغلبتهم. من نفس المصدر السابق.

كما وأن الخميني يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتهيب من تبليغ أوامر الله تعالى الخاصة بإمامة علي رضي الله عنه، ويدعي أن الرسول بقي محجما عن هذا التبليغ إلى أن جاءه الأمر الرباني الصريح.

يقول الخميني في ذلك: (يتضح من مجموع هذه الأدلة ونقل الأحاديث بأن النبي كان متهيبا من الناس بشأن الدعوة إلى الإمامة، وأن من يعود إلى التواريخ والأخبار، يعلم بأن النبي كان محقا في تهيبه، إلا أن الله أمره بأن يبلغ، ووعده بحمايته، فكان أن بلغ وبذل المجهود في ذلك حتى نفسه الأخير إلا أن الحزب المناوئ لم يسمح بإنجاز الأمر. في كتابه كشف الأسرار (ص 150).


الصفحة 168
وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم على خوفه وتردده - كما يدعي الخميني - إلى أن نزل قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) المائدة - 67.

ويزعم أن هذه الآية نزلت بشأن إمامة علي، لأنها نزلت بعد أن كان الرسول قد بلغ كل أحكام الله تعالى إلا أمرا واحدا وهو إمامة علي التي عناها الله تعالى بقوله (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) النساء - 58.

قال الخميني عقب إيراده لهذه الآية: (يفسر آخرون الأمانة بالإمامة، وقد ورد ذلك في مضامين بعض الأحاديث إذ يبدي الإمام أن المقصود من هذه الآية نحن الأئمة، فقد أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم برد الأمانة، أي الإمامة إلى أهلها وهو أمير المؤمنين عليه السلام، وعليه هو أن يردها إلى من يليه وهكذا).

الحكومة الإسلامية للخميني (ص 81).

ولا يخفي ما في كلام الخميني من جرأة حين يدعي أن عليا صاحب الأمر والرسول مأمور برد الأمانة إليه، فضلا عما في تفسير الأمانة بالإمامة من تحريف لكلام الله، وتجاهل لسبب نزولها المشهور.

ولم يقتصر تجاوز الخميني على هذا الحد، ولكنه زاد الأمر قبحا عندما وقع في تناقض، فزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ أصلا ما أمر به بشأن خلافة علي، مما أدى إلى وقوع خلافات بين المسلمين.

يقول الخميني في هذا الصدد: (وواضح بأن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقا لما أمر الله به، وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان

الصفحة 169
الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات، ولما ظهرت في أصول الدين وفروعه). كشف الأسرار للخميني (ص 155).

ولكلام الخميني هذا مدلول واحد لا غير، وهو أن كل ما حدث من خلافات بين المسلمين عبر تاريخهم الطويل كان بسبب تقصير الرسول صلى الله عليه وسلم في التبليغ، وعدم بذله الجهد في بيان أحكام الله تعالى للمسلمين مما أدى إلى تخبطهم واختلافهم. إنها لإساءة بالغة يوجهها الخميني للرسول صلى الله عليه وسلم لم يجرؤ على مثلها الأعداء. وبعد هذا الذي ذكرت: ألا يفهم من كلام الخميني أن الأنبياء يجوز عليهم الخطأ والنسيان والسهو والمعصية؟!

وما رأيك في هذا يا تلميذ:

يقول الخميني: (إن النبي أحجم عن التطرق إلى الإمامة في القرآن لخشية أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف) كشف الأسرار - الخميني: ص 14.

وهل النبي جاء بالقرآن من عند نفسه حتى يتطرق فيه لما يشاء ويحجم عما يشاء؟؟؟ هل النبي يخاف أن يحرف القرآن بعد وعد الله له بالحفظ؟؟ هل للنبي أن يحجم عن تنفيذ شئ من الدين بزعمكم ويفرط في ذلك؟؟

أهذه هي عقيدة نائب المعصوم عندكم؟ أهذه هي عقيدة الولي الفقيه عندكم؟

(11) تقول يا تلميذ: (خامسا: إن موسى عليه السلام وبعد أن قصد مرة أخرى نصرة الإسرائيلي وعزم عليها لم يثبت أن ذكر القرآن أو الروايات أنه رجع إلى ربه بما يثبت أنه نادم على قصده المعصية مرة أخرى أو على

الصفحة 170
مخالفته للعهد الذي قطعه على نفسه بأنه لن يكون ظهيرا للمجرمين وهذا دليل أيضا على أن النصرة لم تكن معصية ولا ذنبا).

وأقول لك: هذا إشكال جيد، جعلتني أتنبه فيه لقضية هامة فأشكر لك طرح هذا الإشكال علي وأقول لك: دعنا ننتهي من الكلام على النصرة الأولى بجميع أبعادها ثم نتكلم عن النصرة الثانية، فالنصرة الأولى قال بعدها موسى واصفا نفسه (رب إني ظلمت نفسي) فهل يعتبر قتل الكافر من ظلم النفس؟

والنصرة الأولى طلب موسى من ربه أن يغفر له (فاغفر لي) وهل يطلب الإنسان من ربه أن يغفر له قتله لكافر؟

والنصرة الأولى غفر الله لموسى فيها ما فعل (فغفر له) وهل تغفر الحسنات؟

والنصرة الأولى قال موسى للإسرائيلي بعدها (إنك لغوي مبين) والنصرة الأولى ما زال موسى يعتبرها ذنبا، ويتذكرها لسنوات فها هو موسى وبعد مرور عشر سنوات على تلك القصة يتذكر ذلك الذنب الذي حصل قبل البعثة: (وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل.

قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين)

الصفحة 171
والسؤال: لماذا قال موسى عن نفسه (فعلتها إذا وأنا من الضالين)؟

أرجو ألا تأتيني بقول يقول إن المقصود (وأنا من الضالين) القبطي أو الإسرائيلي!!! فإذا قضية النصرة في المرة الأولى لا شك فيها ولا مرية فيها أنها مما يتاب منه ويستغفر وأنها معصية صغيرة، على ما سبق تفصيله. ونأتي الآن إلى الكلام على النصرة الثانية وهل كان الإسرائيلي ظالما فيها أم مظلوما.

وهل كان ما فعله موسى صلى الله عليه وسلم فيها صحيحا أم غير صحيح؟

وأقول لك يا تلميذ: القرآن لم يفصل في موضوع النصرة الثانية وهل كانت هذه المرة صحيحة أم خاطئة، أما النصرة الأولى فقد فصل فيها القرآن وأثبت خطأ موسى عليه الصلاة والسلام فيها، ورجوعه عن هذا الخطأ وقبول توبته من الله عز وجل، وأما النصرة الثانية فليس لنا أن نجزم فيها بشئ طالما أنه لم يثبت لنا شئ فيها من طريق النقل، فالإسرائيلي وإن كان مشهورا بالغواية وكثرة المشاكل إلا أنه ربما كان في هذه المرة مظلوما بحق وواجب النصرة فعند ذلك ليس هناك إشكال في نصرته في هذه المرة، بعكس المرة السابقة، وهذا احتمال قائم لا يمكن الجزم به ويبقى الاحتمال السابق قائما، وأن موسى ربما كان مخطئا في هذه المرة أيضا، وهذا ما لم يجزم بذكره في القرآن، فكيف تطالب بذكر توبته منه؟

غاية ما قلناه أن هذا يبقى احتمالا قائما، فإن كان ما حصل منه في المرة الثانية ذنبا فمن المحتم أن يتوب منه موسى عليه الصلاة والسلام، وإن لم يكن كذلك فلا حاجة للاستغفار، وأقول لك: إن هذا كله كان قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، ومسألة العصمة قبل البعثة فيها خلاف كبير.


الصفحة 172
(12) تقول يا تلميذ: (أولا: كان الواجب عليك أن تنقل لنا نص هذا الحديث الصحيح - حسب قولك - الوارد فيه أن (لو) تفتتح عمل الشيطان، وعليه نطالب بذكر هذا الحديث ونقله لنا كاملا مع سنده).

وأقول لك: مع تحفظي السابق على رفضك للأحاديث التي أوردتها من الصحاح، سأجيبك هذه المرة لطلبك لأنك كبرت الموضوع كثيرا، ففي صحيح مسلم وفي آخر كتاب القدر، قال مسلم بن الحجاج: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير، قالا حدثنا عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان).

وتجد هذا الحديث بمتن مقار ب عند النسائي وابن ماجة والطحاوي والطبري كما فصله ابن حجر في الفتح طبعة دار الفكر (13 - 227) في كتاب التمني باب ما يجوز من اللو والتي ذكر البخاري فيها أحاديث استعمل فيها النبي صلى الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلى 7245.

(13) تقول يا تلميذ: (ثانيا: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين ومن أتى بعدهم في أقوالهم وخطاباتهم التي أثرت عنهم قد استخدموا هذه اللفظة (لو) في بداية أحاديثهم وأقوالهم وحتى المسلمون في يومنا هذا فمن احتاج كلامه وخطابه أن يستخدم هذه اللفظة فيه يستخدمها

الصفحة 173
دون أدنى حرج أو مانع أو شئ من هذا القبيل سواء كان الاستخدام لها في بداية الكلام أو أثنائه).

وأقول لك: هذا صحيح، وأنا لا أنك ذلك، بل إنني أستخدمها كثيرا في كلامي، وحتى في حواري السابق معك لو راجعته! بل ولماذا لا تستشهد علينا بالقرآن الكريم في ذلك يا تلميذ والله عز وجل يقول: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) ويقول (ودوا لو تدهن فيدهنون). وسبق أن نقلت لك أن البخاري أورد بابا كاملا في صحيحه في كتاب التمني باب ما يجوز من اللو والتي؟ ذكر البخاري فيها تسعة أحاديث استعمل فيها النبي صلى الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلى 7245، والأحاديث في ذلك كثيرة جدا.

(14) تقول يا تلميذ: (ثالثا: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدى التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخرى نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضا بين توجيه النبي إلى أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه؟ بعبارة أخرى: إن هذا تناقض بين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجدت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عذرا في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلى الله

الصفحة 174
عليه وآله وسلم: أن الافتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها).

وأقول لك: أولا: ليس فيما ثبت عندنا من روايات تناقض ولا تعارض بل التناقض والتعارض هو أساس دينكم يا إمامية، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.

ثانيا: تقول يا تلميذ: (ففي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام).

وأقول لك: لا، ليس هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام أو اختتامه أو أثناءه، وأما ما ذكرته لك سابقا (أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدما كلمة (لو)، أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخرى فيصبح من عمل الشيطان!). فإن الثابت منه عن الرسول صلى الله عليه وسلم هو قوله صلى الله عليه وسلم (فإن لو تفتح عمل الشيطان). وأما الباقي فهو من كلامي وكنت أقوله لك مازحا بدليل أني وضعت لك علامة التعجب، وقلت لك أضحكتني يا تلميذ، وإلا فالصحيح فإن استعمال (لو) هو بحكم غرضه وسببه لا بحكم موضعه، فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام بقدر ما هي متعلقة بالضابط المذكور في الحديث (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان). على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله.

يتبع قريبا جدا إن شاء الله باقي الرد يا تلميذ فمعذرة.


الصفحة 175

  • وكتب (مشارك) 10 - 10 - 1999، السادسة وعشر دقائق مساء:

    تقول يا تلميذ: (ثالثا: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدى التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخرى نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضا بين توجيه النبي إلى أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه بعبارة أخرى إن هذا تناقض بين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجد ت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عذرا في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الافتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان، فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها).

    وأقول لك: استخدامك (لو) في ذلك الموضع لا مشكلة فيه يا تلميذ وأنا كنت أداعبك لأنك كنت تتحدث عن عمل الشيطان وبدأت بكلمة لو، وليس في رواياتنا تناقض أو تعارض كما سيأتي.

    تقول يا تلميذ: (رابعا: إن الحديث الوارد فيه ذلك لم يرد من طرقنا فلسنا ملزمين بالأخذ به ولا حجة فيه علينا لأنه لم تثبت صحته عندنا نحن الشيعة).


    الصفحة 176
    وأقول لك: لقد فاتكم الكثير من أحكام الدين بهذا السبب، فأنتم لا تأخذون إلا عن قلة من الصحابة ومع ذلك فرجالكم وعلماؤكم لا أئمتكم يعتبرون عند علماء الجرح والتعديل عندنا من الكذابين والوضاعين، وعلى ذلك فليست لو إلا نقطة في بحر، ويكفي لنقض دينكم ما صرحتم به في روايتكم أن الشيعة كانت لا تعرف الحلال والحرام ومناسك الحج حتى جاء جعفر الباقر، وهذا يعني أنكم مكثتم أكثر من ثمانين سنة حتى عرفتم بعض ما علم من الدين بالضرورة، ولا أدري ماذا كنتم تفعلون في تلك المدة، وأما بقية أحكام الدين فعليكم أن تنتظروا صاحب السرداب وبسبب تبنيكم لمخالفتنا دائما كما في الروايات التي تنسبونها لأئمتكم ومنها كما في التقية لفيصل نور (فنسبوا إلى الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم، وعن الحسن بن جهم أنه سأل الرضا يروى عن الصادق شيئا ويروى خلافه، فبأيهما نأخذ؟ قال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه. وعن الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه، وعنه أيضا: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم، وفي رواية: كيف يصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه. وعن سماعة بن مهران أنه سأل الصادق: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالعمل به والآخر ينهانا عن العمل به ولا بد أن يعمل بأحدهما؟ قال:

    اعمل بما فيه خلاف العامة، وعن زرارة أنه سأل الصادق عن الخبرين والحديثين المتعارضين، فبأيهما يأخذ، وكلاهما مشهوران مرويان مأثوران

    الصفحة 177
    عن الأئمة؟ قال: انظر ما وافق العامة فاتركه وخذ ما خالفه، فإن الحق فيما خالفهم، وعن علي بن أسباط قال: قلت له - يعني الرضا - حدث الأمر من أمري لا أجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك.

    فقال: ايت فقيه البلد، فإذا كان ذلك فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه) - ذكر هناك مصادر كل هذه الروايات وهو ما رجحه الخميني في رسالته عن التعارض والترجيح 71.

    تقول يا تلميذ: (خامسا: اللازم عليك أن تذكر لنا ما ذكره الباحث من وجوه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة لنعرف هل أن استخدامنا ل (لو) في كلامنا هل يدخل في الوجوه الصحيحة أم في الوجوه الخاطئة؟

    سادسا: لم نسمع بأحد من المسلمين من علماء السنة أو الشيعة من ينهى أو يحرم أو يفتي بعدم استخدام هذه اللفظة في بداية الكلام والافتتاح بها، إلا إذا كان هناك من علماء مذهبك أنت (الوهابية) من يذهب إلى هذا في فتواه فقوله ليس بحجة علينا وفتواه غير ملزمة لنا.

    والخلاصة: وإن كان هذا البحث لا علاقة له بموضوع حوارنا ولكن أطالبك أولا: بذكر الرواية وثانيا: بكلام الباحث الذي أشرت إليه).

    وأقول لك: لم يتيسر لي الوقوف على كلام الباحث السابق، ولكن أنقل لك من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عندما أجاب على مثل هذا السؤال، سئل عمن سمع رجلا يقول: لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شئ من هذا، فقال له رجل آخر سمع هذه الكلمة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها وهي كلمة تؤدي قائلها إلى الكفر. فقال رجل آخر: قال النبي صلى الله

    الصفحة 178
    عليه وسلم في قصة موسى مع الخضر يرحم الله موسى وددنا لو كان صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما، واستدل الآخر بقوله صلى الله عليه وسلم:

    المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. إلى أن قال: فإن كلمة (لو) تفتح عمل الشيطان فهل هذا ناسخ لهذا أم لا فأجاب: الحمد لله، جميع ما قاله الله ورسوله حق، و (لو) تستعمل على وجهين: أحدهما: على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور فهذا هو الذي نهى عنه كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم)، وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال وإن أصابك شئ فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان، أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع، بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كما قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه). قالوا هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، والوجه الثاني: أن يقال: (لو) لبيان علم نافع كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) ولبيان محبة الخير وإرادته كقوله:

    لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل ونحوه جائز وقول النبي صلى الله عليه وسلم وددت لو أن موسى صبر ليقص الله علينا من خبرهما هو من هذا الباب كقوله ودوا لو تدهن فيدهنون، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أحب أن يقص الله خبرهما فذكرهما لبيان محبته للصبر المترتب عليه فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يحب من الصبر

    الصفحة 179
    على المقدور وقوله وددت لو أن موسى صبر قال النحاة: تقديره: وددت أن موسى صبر وكذلك قوله: (ودوا لو تدهن فيدهنون) تقديره: ودوا أن تدهن. وقال بعضهم: بل هي لو شرطية وجوابها محذوف والمعنى على التقديرين معلوم وهو محبة ذلك الفعل وإرادته ومحبة الخير وإرادته محمود والحزن والجزع وترك الصبر مذموم والله أعلم. مسائل في الحديث وعلومه - الفتاوى ج 18 ص 347. وهناك زيادات في نفس الموضوع تجدها في فتح الباري تجدها في الموضع السابق المشار إليه سابقا من الفتح.

    والآن يا تلميذ: هل تبين لك أن استخدام (لو) ليس جائزا على إطلاقه وبنص القرآن؟ كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم)، وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان.

    أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك. هل تيقنت الآن أنه ليس عندنا تناقض ولله الحمد ولا تعارض؟ وهل تيقنت الآن أنه فاتكم في دينكم الأوجه الخاطئة في استخدام لو؟

    ثم نأتي يا تلميذ إلى ما نريد إثباته عن أصول دينكم وأنها تناقض بعضها البعض وأنقل لك مثالا من رسالة دكتوراه بعنوان (تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة) وبالطبع كان لكم نصيبا (كذا) كبيرا منها، وأكتفي بذكر مثال واحد متعلق بالعصمة حتى لا تقول إنني من أصحاب التشعبات:


    الصفحة 180
    (5 - ومن الأمثلة: - أن الشيعة تقول بمسألة الإمامة وربطها باللطف:

    يقول ابن المطهر (ذهبت الإمامية إلى أن الله عدل حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب وأن أفعاله إنما تقع لغرض صحيح وحكمة، وأنه لا يفعل الظلم ولا العبث وأنه رؤوف بالعباد يفعل ما هو الأصلح لهم والأنفع، وأنه تعالى كلفهم تخييرا لا إجبارا ووعدهم الثواب وتوعدهم بالعقاب على لسان أنبيائه ورسله المعصومين بحيث لا يجوز عليهم الخطأ ولا النسيان ولا المعاصي وإلا لم يبق وثوق بأقوالهم وأفعالهم فتنتفي فائدة البعثة، ثم أردف الرسالة بعد موت الرسول بالإمامة فنصب أولياء معصومين ليأمن الناس من غلطهم وسهوهم وخطئهم فينقادون إلى أوامرهم لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته) منهاج السنة 1 - 124.

    ومع ذلك يجعلون التقية ركنا من أركان الدين، فهي عندهم تسعة أعشار الدين، ويزعمون كذبا وافتراء أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: تارك التقية كتارك الصلاة. بحار الأنوار 75 - 412...

    فهم يعدون ترك التقية ذنبا لا يغفر، فزعموا أن الله يغفر للمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان، فجمعوا بين المتناقضات. فكيف يزعمون أن الأئمة معصومون من الغلط والسهو والخطأ حتى لا ينقاد الناس إلى أوامرهم، فماذا تعني التقية إلا المخالفة والخطأ، وهذا يقتضي متابعة الآخرين وتقليدهم؟

    يقول ابن حجر يرحمه الله: والتقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وتغيره للغير. فتح الباري 12 - 314.

    ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله: والمفهوم من كلامهم أن معنى التقية عندهم كتمان الحق أو ترك اللازم، أو ترك المنهي خوفا من

    الصفحة 181
    الناس. رسالة في الرد على الرافضة ص 21، فدل ذلك على أن التقية تستلزم إظهار خلاف المعتقد والوقوع في الأخطاء والذنوب، ومن ثم يقلد الأتباع الأئمة، فجمعوا في هذا المعتقد بين المتناقضات، فإما أن يقولوا بالعصمة وإما أن يقولوا بالتقية، أما الجمع بين الاثنين فهو تناقض واضح وبين.

    ومن التناقض في هذه المسألة أن الشيعة يعتقدون أن الله ينصب أولياء معصومين لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته ومع ذلك فإنهم يقولون: إن الأئمة مقهورون مظلومون عاجزون ليس لهم سلطان ولا قدرة ولا تمكين، ويعلمون أن الله لم يمكنهم ولم يؤتهم ولاية ولا ملكا كما أتى المؤمنين والصالحين، ولا كما أتى الكفار والفجار) منهاج السنة 1 - 131، فقولهم الثاني يناقض قولهم الأول حيث إن الإمام مقهور مسكين فكيف يقوم بالمصلحة والنفع للآخرين؟) ص 500 (*) - البحار، 68 - 163، 74 - 229، 75 - 409، 415 تفسير العسكري، 128 وسائل الشيعة، 11 - 474، 16 - 223 جامع الأخبار، 95. انتهى المثال يا تلميذ.

    وأقول لكم كيف استطعتم الجمع بين العصمة والتقية؟ وما الفائدة من عصمة أئمتكم إذا كنتم لا تدرون صحة ما يقولونه ويعملونه طالما أن تسعة أعشار دينكم التقية!!!...

    تقول يا تلميذ: (قلت يا مشارك: (ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي من عمل الشيطان طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟).

    أقول: لقد جاوبنا على هذا أعلاه وقلنا هناك بما نختصره هنا: أن هذه مغالطة منك. فكلام الإمام عليه السلام كان وصفا لنفس الاقتتال بما هو اقتتال بغض النظر عن من هو المخطئ فيه ومن هو المصيب.


    الصفحة 182
    قلت: يا مشارك: لم تجب على إشكالية إرادة تكرار موسى للأمر مع حثكم بعدم الاقتداء به فطالما أنك تعترف أنه خطأ فلم حاول تكراره صلى الله عليه وسلم؟

    أقول: إن نصرة موسى عليه السلام للإسرائيلي لم تكن خطأ في حد ذاتها حتى يكون تكرارها تكرار (كذا) للخطأ فهذا الإشكال غير متوجه إلينا البتة، فالنبي موسى عليه السلام عندما حاول نصرة الإسرائيلي مرة أخرى ضد العدو الآخر إنما فعله باعتباره جائزا إن لم نقل أنه واجب عليه من باب نصرة المظلوم من ظالمه.

    وأقول لك: سبق الكلام على هذا في الأعلى بما يغني عن إعادته هنا.

    تقول يا تلميذ: (أولا: لم أحجر واسعا ولا عقيدتنا هذه عقيدة تشديد على الناس ولا شئ من هذا القبيل وإنما عدم تدبرك في كلامي هو الذي جعلك تصل إلى هذه النتيجة. ثانيا: إن هذا المثال أنت الذي أتيت به سابقا - أعني مثال وتر النبي - للإشكال علي وهو في الحقيقة غير دقيق، وذلك لأننا نعني بخلاف الأولى هو الفعل الذي لو فعله العبد كانت آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو تركه كان العكس أو هو الفعل الذي لو تركه العبد تكون آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو فعله كان العكس، فلو وتر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من ركعة بثلاث أو خمس أو... الخ مبينا أن الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس ممكن وجائز ولا إشكال فيه، فهذا حتى نحن نقول بأنه يجوز الاقتداء به في كل هذه الموارد لأنه ليس في الاقتداء به في واحد من هذه الموارد ما يخالف

    الصفحة 183
    الأولى. وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلا فنقول هنا لا مورد للاقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولى، وأن له سلبيات كبيرة كما تقولون أنتم بأنه ما ثبت لنا أنه معصية ومخالفة لله من قبل الأنبياء فلا مجال للاقتداء بهم فيه (وحاشاهم أن يصدر منهم ذنب ومخالفة لله بمعنى تجرؤ على أوامره الإلزامية). وعليه فمطالبتي بالدليل ناشئ من عدم فهمك لكلامي لأن موضوع المناقشة في خصوص هذه المسألة هو موضوع الاقتداء بالأنبياء في موارد مخالفة الأولى، لا في الاقتداء بهم في فعلهم للفعل المفضول مع سبق فعلهم للفاضل أو لحوقه أو ثبوت أن هذا الفعل مفضول وأن هناك فعل فاضل له، فنحن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية أيضا نقول بأن كلا الموردين مورد اقتداء، فمن فعل هذا فقد اقتدى بالنبي ومن فعل هذا فقد اقتدى بالنبي، وأنت لو دققت النظر في كلامي أعلاه الذي أشكلت به علي لوجدت أنه جاء في سياقه كلمة (خلاف الأولى).

    وأقول لك: وأما نحن فنقتدي بجميع أفعال النبي صلى الله عليه وسلم جميعها ونحملها على الاقتداء والتأسي إلا ما استثني على لسان الشارع، وورد به النقل الصحيح الثابت في الكتاب والسنة، ولا نجعل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عرضة للبحث والتدقيق والنظر.

    من باب ما تقوله (وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلا فنقول هنا لا مورد للاقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولى وأن له سلبيات كبيرة).


    الصفحة 184
    نقول لك: لا مجال عندنا لدراسة أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بآرائنا وبفقهنا، فهي تشريع عندنا يا تلميذ، ولا نستثني من ذلك إلا ما عاد منه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه أو بوحي من الله أو باعترافه صلى الله عليه وسلم أنه من قبيل النسيان أو مما نص الدليل على أنه خاص به كالزواج من تسع، وما شابه ذلك.

    وبعد، أيها التلميذ، فقد ساءني إعلانك أنك تود إنهاء هذه المناظرة وقد كنت على وشك أن أطلب منك البدء في قصة أكل آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة فهذه القصة لا تستطيع إنكار معصية آدم فيها مهما حاولت فالآيات واضحة في إثبات الله المعصية لآدم (وعصى آدم ربه فغوى)، وفي الحديث الصحيح عندنا (وعصى آدم فعصت ذريته). فالآيات واضحة في نهي الله لآدم الصريح بعدم الأكل من الشجرة (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين).

    والآيات واضحة في تزيين الشيطان المعصية لآدم (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور).

    والآيات واضحة في تبيان ما حدث لموسى مباشرة بعد عصيانه لأمر الله:

    (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) والآيات واضحة في عتاب الله لآدم لعصيانه أمر الله: (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين).


    الصفحة 185
    والآيات واضحة في اعتراف موسى بذلك وطلب المغفرة من الله: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). والآيات واضحة في قبول الله لتوبة آدم: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم). وعموما يا إمامية: ليتنا نجرب المناقشة عن طريق البريد الإلكتروني، وحتى بدون البريد الإلكتروني المعروف للشخص وبدون إعلام الشخص بنفسه من يكون، فهذا أدعى لقبول الحق، وأعدكم أني لن أقول أن فلان (كذا) الفلاني راسلني واقتنع بهذه الجزئية من كلامي، فيعلم الله أني أهدف من ذلك إلى هدايتكم لما أعرفه من الإسلام وهذا بريدي:

    almosharek@ayna.com

    وأخيرا يا تلميذ: احترت في موقفك، فهل أنت تريد الإكمال معي أم لا؟

    في كل الأحوال أرجو إخباري بقرارك عاجلا وبعد ذلك خذ ما شئت من وقت للرد على ردي المطول، وفي كل الأحوال فقد سعدت بحواري معك وأعتذر عما بدر مني من إساءة. (إلى هنا انتهى ما نشره مشارك في شبكة سحاب).

  • ثم كتب (مشارك) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثانية ليلا، موضوعا بعنوان (إلى التلميذ: ها قد نشرت مناظرتنا هناك كاملة ليطلع القوم على بضاعتكم المزجاة)، قال فيه:

    وقد تركت ردي الأخير كما هو في الأصل لأنك رفضت تعديل ردك، ولأنك افتريت علي الآن، وأنا أطلب من الجميع أن يحكموا على تلك المناظرة التي عجز التلميذ أن يجيب فيها على تناقضاته التي لا تنتهي.


    الصفحة 186

  • فكتب (التلميذ)، الثامنة مساء:

    إلى مشارك: أولا: إذا خلى لك الجو (في منبر الحوار في شيعة لنك) فبيضي وفرخي.

    ثانيا: إعلم أن من يتلقى علومه عن أهل البيت (المصطفى والمرتضى والمجتبى والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي) فلن تكون تجارته أبدا خاسرة، ولا بضاعته مزجاة، بل الذي يتلقى علومه من النواصب أمثال ابن تيمية فبلا شك إنه سيكون كذلك، أيها الرجل، تجارتنا رابحة وإن رغمت أنوف النواصب، وأنا بدوري أقول ليحكم الأخوة في الموضوع أعلاه، وهل ترى إرجافك هذا ينطلي على أهل البصائر وذوي العقول، وما عناوينك الرنانة إلا تحمل تحتها الفشل والزيغ، الذي يصيبك في كل حوار مع أي شيعي. ولكن هو الارجاف، وقد سبقك غيرك في ذلك من أسلافك فلا عتب عليك أن ترجف أنت أيضا.

  • وكتب (مشارك)، الثامنة والربع:

    ولماذا تهربت أيها البطل الهمام من الرد على كامل ما طرحته لك في ردي الأخير؟ لقد طرحت عليك إشكالات كثيرة ولكن (ربما كان السكوت جوابا) صدقني والله إني لا أعجب من كثرة هجركم للقرآن لأنه يفضحكم ويفضح زيف عقيدتكم. ما زلت تلميذا يا تلميذ، ثم إذن أن تعتبرنا من النواصب يا تلميذ، أهذه هي عقيدتكم فينا؟. إذا، وبالطبع تفضلون علينا اليهود والنصارى.


    الصفحة 187

  • فأجاب (التلميذ)، الثامنة والنصف مساء:

    نعم، شيخك ابن تيمية ناصبي تشهد كتاباته ضد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أما أنت فأتمنى أن لا تكون مثله.

    ونعم، أنا التلميذ وسأبقى عظما في حنجرتك. ولا علي من أراجيفك وهرجك وكثرة تخريفك وإشكالاتك تجد عليها الجواب في ردودي عليك أعلاه، في نفس موضوع الحوار. وليس لي وقت كي أضيعه مع أمثالك، فأنت أحقر من أن تناقش مثلي وأنا لن أناقشك فقط من باب لا تماري جاهلا، فما تقوم به أنت ليس سوى مكابرة ومماراة. فابحث عن غيري تلعب معه.

  • وكتب (مشارك)، التاسعة مساء:

    قبل قليل تخليت عن تقيتكم المعهودة وقلت إني ناصبي، ولما وجدت نفسك قد حصرت وأظهرت السر المكنون والذي لأجله تفضلون اليهود والنصارى علينا اضطررت إلى تدارك الورطة التي أوقعت نفسك فيها وقمت بحذف عقيدتك الحقيقية فينا أهل السنة، وجئت الآن تلف وتدور وتقول:

    (أتمنى ألا تكون من النواصب). (يبه عرفناكم زين يبه).

    عموما: يبدو أنك لا تدري ما تقول، وتكثر من تناقضاتك بمناسبة وبلا مناسبة، فبينما تقول متحديا (وسأبقى عظما في حنجرتك) إذا بك تفر بغبار كثير وبتعالي (كذا) لم أجده في غيرك من قومك (فأنت أحقر من أن تناقش مثلي) وعجبا، ومن أنت أيها التلميذ؟ إن أنت إلا رافضي، وهذا يكفيك!

    لقد هزلت حتى بدا من هزالها * كلاها وحتى سامها كل مفلس

    إن كنت تراجعت تقية عن اتهامك لي بأني ناصبي فأقول لك: نحن ولله الحمد نتبرأ من الروافض والنواصب، وأنتم روافض ونواصب، لأنكم تناصبون آل البيت العداء.