الصفحة 165
  • وكتب (أبو فراس)، الواحدة والثلث صباحا:

    يا عاملي. إن كنت ترى نصبا من يدافع عن معاوية فإنني أدافع عنه، فحديث: لا أشبع الله بطنه، فقد مات رسول الله وهو عنه راض، وهذا يكفي.

  • وكتب (ذو الشهادتين)، الثانية صباحا:

    السلام عليكم أيها العاملي الجليل.

    ساعد الله قلبك على مناقشة أناس من أمثال أبو فراس وعمر.

    والله إنك تحتاج لصبر أمير المؤمنين (ع) وسعة صدره لمحاورة عمر وأبو فراس.

    إذ أنهم لا يميزون الحق من الباطل والظالم من المظلوم والقاتل من المقتول.

    أين العدالة الإلهية يا بشر؟؟؟ قليل من التفكير ينفع.

    إنفضوا غبار الجهل والتعصب عن خلايا عقولكم لعلها تحيا مرة أخرى!!!

    ساعد الله قلبك يا رسول الله (ص) ويا أمير المؤمنين (ع)، فإذا كان العاملي يلاقي كل هذه المحن بمناقشته عمر وأبو (كذا) فراس اللذان (كذا) يعيشان في عصر التكنولوجيا المتقدمة وعصر ازدهار العلم، فلا أستطيع أن أتصور محن ومصائب أمير المؤمنين في التعامل مع الأجلاف من الأعراب الجهلة والمنافقين، وبعض الصحابة المرتدين، والمبدلين لسنة المصطفى (ص).

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

  • وكتب (أبو فراس)، الثالثة صباحا:

    لا يوجد فتن إلا من ورائكم يا أسباب فتن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من قتلهم غيركم... من خذلهم غيركم، خذلتم علي بن

    الصفحة 166
    أبي طالب وياما يحرضكم حتى لعنكم. وغدرتم بالحسين حتى قتلتموه بسيوفكم..

    عندما هددكم عبيد الله بن زياد بجنود الشام فانضممتم إليه ضد الحسين، وقتلتم مسلم بن عقيل في الكوفة قبل قدوم الحسين، وتتباكون عليه في عاشوراء.

    تقتلونه وتتباكون عليه؟! صدق الفرزدق حين قال للحسين رضي الله عنه:

    قلوبهم معك وسيوفهم عليك. أي نفاق هذا؟!

  • وكتب (أبو زهراء)، الرابعة إلا الثلث صباحا:

    أحسنت يا شيخنا العاملي، فلقد أمتعتنا بهذا البحث القيم، فحشرك الله مع محمد وآله الطاهرين.

    أبا فراس: إقرأ وافهم، ولا تتعصب على الحق فتكون من أهل النار، لا أشبع الله بطنه، إنما هي دعوة على كافر، وإليك هذا الحديث من صحيح البخاري: 5078 / 5080 - حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الصمد:

    حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد، عن نافع قال: كان ابن عمر لا يأكل حتى يؤتى بمسكين يأكل معه، فأدخلت رجلا يأكل معه فأكل كثيرا، فقال: يا نافع، لا تدخل هذا علي، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء).

    وأخبرنا متى رضي الرسول صلى الله عليه وآله عن معاوية وهو يلعنه ويلعن أباه، كما أن أم المؤمنين عائشة كانت تدعو على معاوية أيضا بعد مقتل أخيها محمد بن أبي بكر.


    الصفحة 167

    الفصل الخامس
    فضل شيعة علي عليه السلام

    عناوين مواضيع الفصل:

  • أسلوب النبي الفريد في الحث على حب علي والعترة!

  • فضل شيعة علي من مصادر السنيين!


    الصفحة 168

    الصفحة 169

    أسلوب النبي الفريد في الحث على حب علي والعترة!

  • كتب (سلمان مسعود العربي)، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11 - 12 - 1999، الثانية والنصف ظهرا، موضوعا بعنوان (حب علي بن أبي طالب أحلى من الشهد إلى الشارب)، قال فيه:

    حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الغطريف الجرجاني، قال: حدثني أبو خليفة الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثني علي بن عبد الله بن جعفر، قال:

    حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثني عبد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله عن علي بن أبي طالب عليه السلام، فغضب وقال: ما بال أقوام ينكرون من له منزلة عند الله كمنزلتي ومقام كمقامي إلا النبوة؟!

    ألا ومن أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني رضي الله عنه كافأه بالجنة.

    ألا ومن أحب عليا استغفرت له الملائكة وفتحت له أبواب الجنة يدخل من أي باب شاء بغير حساب.

    ألا ومن أحب عليا أعطاه الله كتابه بيمينه وحاسبه الله حساب الأنبياء.

    ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من حوض الكوثر ويأكل من شجرة طوبى ويرى مكانه من الجنة.


    الصفحة 170
    ألا ومن أحب عليا هون الله عليه سكرات الموت وجعل قبره روضة من رياض الجنة.

    ألا ومن أحب عليا أعطاه الله في الجنة بكل عرق في بدنه حوراء وشفعه في ستين نفرا من أهل بيته وله بكل شعرة على بدنه مدينة في الجنان.

    ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء ودفع عنه أهوال منكر ونكير ونور قبره وفسحه مسيرة سبعين عاما وبيض وجهه يوم القيامة.

    ألا ومن أحب عليا أظله الله في ظل عرشه مع الصديقين والشهداء والصالحين وآمنه من الفزع الأكبر وأهوال الصاخة.

    ألا ومن أحب عليا تقبل الله منه حسناته وتجاوز عن سيآته وكان في الجنة رفيق حمزة سيد الشهداء.

    ألا ومن أحب عليا أثبت الله الحكمة في قلبه وأجرى على لسانه الصواب وفتح الله عليه أبواب الرحمة.

    ألا ومن أحب عليا سمي أسير الله في الأرض وباهى به الله ملائكته وحملة العرش.

    ألا ومن أحب عليا ناداه ملك من تحت العرش: الآن يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر الله لك الذنوب كلها.

    ألا ومن أحب عليا جاء يوم القيامة وجهه كالقمر ليلة البدر.

    ألا ومن أحب عليا وضع الله على رأسه تاج الكرامة وألبسه حلة العز.

    ألا ومن أحب عليا مر على الصراط كالبرق الخاطف ولم ير صعوبة المرور.

    ألا ومن أحب عليا كتب الله له براءة من النار وبراءة من النفاق وجوازا على الصراط وأمانا من العذاب.


    الصفحة 171
    ألا ومن أحب عليا لا ينشر له ديوان ولا ينصب له ميزان وقيل له ادخل الجنة بغير حساب.

    ألا ومن أحب عليا أمن من الحساب والميزان والصراط.

    ألا ومن مات على حب آل محمد صلى الله عليه وآله صافحته الملائكة وزارته أرواح الأنبياء وقضى الله له كل حاجة كانت له عند الله.

    ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا.

    ألا ومن مات على حب آل محمد مات على الإيمان.

    ألا ومن مات على بغض آل محمد مكتوب بين عينيه هذا آيس من رحمة الله.

    ألا ومن مات على بغض آل محمد صلى الله عليه وآله لم يشم رائحة الجنة.

    ألا ومن مات على بغض آل محمد صلى الله عليه وآله يخرج من قبره أسود الوجه.

    ملامك في آل النبي فإنهم * أحباي ما داموا وأهل ثقاتي.

  • فكتب (الفاطمي) بتاريخ 12 - 12 - 1999، الواحدة صباحا:

    لم إن تيمني الوجد وأعياني الهيام * وترامتني أيادي الشوق وأشتد الأوام
    لم إن أسكرني الحب وأضناني الغرام * يندب القلب على ذكرك من دون دليل

    (قال (العاملي): روى نحو هذا الحديث الشريف، من علماء السنة:

    الزمخشري في تفسيره الكشاف: 3 / 82 وفي طبعة ثانية: 2 / 339.

    وابن الفوطي في الحوادث الجامعة ص 153.

    وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 109، أوله.

    والقندوزي في ينابيع المودة ص 27 و 263.


    الصفحة 172
    والحمويني الشافعي في فرائد السمطين باب 49.

    والشبلنجي في نور الأبصار ص 104.

    وأبو بكر العطاس في رشفة الصادي ص 45.

    والآمر تسري الحنفي في أرجح المطالب ص 320.

    وولي الله اللكنهوي في مرآة المؤمنين ص 5.

    وفي نزهة المجالس ص 469.

    ورواه من علماء الشيعة:

    الصدوق في فضائل الشيعة ص 2.

    والطوسي في الأمالي ص 30.

    وابن جرير الطبري الشيعي في بشارة المصطفى ص 36. وآخرون غيرهم.


    الصفحة 173

    فضل شيعة علي من مصادر السنيين!

  • وكتب (خطير) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 23 - 4 - 2000، الواحدة ظهرا، موضوعا بعنوان (شيعة علي في الجنة.. من مصادر أهل السنة)، قال فيه: بعض الروايات الواردة في مصادر إخواننا أهل السنة:

    مجمع الزوائد 9 / 173:

  • روى عن أبي هريرة، قال النبي (ص) لعلي: أنت معي وشيعتك في الجنة).

    تاريخ بغداد: 12 / 289:

  • قال النبي (ص) لعلي: أنت وشيعتك في الجنة).

    الدر المنثور للسيوطي: 6 / 379 (طبعة مصر):

    (قال رسول الله (ص) لعلي: أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواء).

    تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص 59 ط. الغري:

    (بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: نظر النبي (ص) إلى علي بن أبي طالب. فقال: هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة).

    تاريخ ابن عساكر: 4 / 318، ابن حجر في الصواعق ص 96، تذكرة الخواص ص 31، مجمع الزوائد: 9 / 131:

    (قال (ص): يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا).

    الصواعق المحرقة ص 66 (طبعة الميمنية بمصر):


    الصفحة 174
    (قال رسول الله (ص): يا علي أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواء مرويين، مبيضة وجوههم، وإن أعداءكم يردون على الحوض ظماء مقمحين).

    كفاية الطالب ص 135:

    (قال (ص) لعلي:.. وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، فيكونون غدا في الجنة جيراني..).

    فردوس الأخبار للديلمي:

    (روى عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله (ص): شيعة علي هم الفائزون).

    جعلنا الله وإياكم من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.


    الصفحة 175

    الفصل السادس
    أين الصحابة.. من علي عليه السلام؟!

    عناوين مواضيع الفصل:

  • أين الصحابة كلهم.. من علي عليه السلام؟!

  • رد زعمهم أن أبا بكر أفضل من علي عليه السلام.

  • حديث سورة براءة بين علي وأبي بكر.

  • علي أحق أن يتبع!

  • لولا علي لهلك عمر!

  • علي مجمع الفضائل.. ولا يقاس به غيره
  • علي سيد العرب

    الصفحة 176

    الصفحة 177

    أين الصحابة.. من علي عليه السلام؟!

  • كتب (خادم أهل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 28 - 12 - 1999، الواحدة ظهرا، موضوعا بعنوان (أين الصحابة من علي)، قال فيه:

    مما لا شك فيه أن تاريخ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تاريخ حافل بالتضحيات والتفاني والآلام، كلها في سبيل ربه.. ولم يكن لأي من الصحابة أن يضاهيه ولو بنصف إنجازاته عليه السلام، وحتى ربعها، فلم يكن كمن بكى وطلب أن يقيلوه البيعة بعدما طالب بها، أو كمن يختبئ خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويطلب الإذن بضرب رقاب الناس! في حين ليس له أي حادثة تذكر في الحروب! أو كمن يفضل عشيرته على حساب عباد الله بعدما فاز بالخلافة!

    إنما كان ممن يحبهم الله ورسوله ويحبهم الله ورسوله، كرار غير فرار، مع الحق والحق معه، يدور معه حيث دار، صارم يقتل أعداء الدين والمنافقين.

    وعبد مطيع خاشع في محرابه، زاهد في الدنيا، لا تستميله الصفراء والبيضاء، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل.

    أسد باسل في الحروب، يباهي الله به ملائكة السماء!


    الصفحة 178
    يعترف الموالي والمخالف بأعلميته وأفضليته وأشجعيته.

    يحذو حذو الرسول، يقاتل على التأويل كما قاتل على التنزيل.

    احتضنه الرسول الأكرم منذ اليوم الأول لولادته عليه السلام، وكان يلقمه أنامله، ويغذيه الأخلاق الرسالية من صغره، فكان الرسول الأب الروحي والمعلم الأول له، يتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، ترعرع في كنف الرسالة، يتعبد ورسول الله معا في حراء، ويصلون سويا في حين لا تزال مكة في ضلالها، وضياعها، تعبد الأصنام، وتأكل الربا، ويأكل القوي الضعيف، إلى أن أنار الله بالنبي ظلمها، فكان علي أول القوم إيمانا وتصديقا، إذ كان شريكا له في التعبد والصلاة من دون الناس.

    وعند نزول قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا المصطفى عشيرته فقال لهم: أيكم يعينني على هذا الأمر فيكون أخي ووصيي وخليفتي ووزيري من بعدي. فلم يجبه إلا علي عليه السلام، وكررها ثانية وثالثة، وفي كل مرة يجيب الإمام علي عليه السلام، فقال الرسول الكريم: (أنت أخي وخليفتي ووصيي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا).

    فخرج القوم مستهزئين ساخرين، يقولون لأبي طالب: قد أمر ابنك عليك.

    وتمر السنون، ولا يزال القوم يؤذون النبي الأكرم، حتى أمره الله عز وجل أن يهاجر، وأن يبيت علي بفراشه، وما أن سمع الإمام بذلك حتى قال:

    نفسي لنفسك الفدى، وروحي لروحك الوقى، والله لا يبالي ابن أبي طالب، وقع على الموت أم وقع الموت عليه. ففداه بروحه في سبيل إعلاء كلمة الله ودينه، ونصرة رسوله فنزل قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء

    الصفحة 179
    مرضات الله والله رؤوف بالعباد) وقال جبريل وميكائيل: (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكة السماء).

    في حين شهدت السماء بشجاعة علي عليه السلام في هذا الموقف، شهدت أيضا بخوف الآخر في الغار، حتى كان النبي يهدئه ويطمئنه.

    ويلحق بعدها الإمام علي عليه السلام بالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، مع الفواطم من بني هاشم، ليستقبله النبي المختار قبل دخوله المدينة المنورة، ليدخلاها سويا بين أهازيج المستقبلين من المهاجرين والأنصار:

    طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع
    أيها المبعوث فينا * جئت بالأمر المطاع
    جئت نورت المدينة * مرحبا يا خير داع

    وفي السنة الأولى من الهجرة المباركة، تزوج علي عليه السلام بالزهراء عليها السلام، بعدما رد أبوها جميع الخاطبين من أكابر المسلمين، وأعلاهم شأنا، لتنحصر ذرية النبوة في علي وفاطمة.

    ويوم بدر، لم يكن علي عليه السلام كمن قال لرسول الله: (إنها قريش وخيلاؤها) متخوفا من القتال!! إنما كان حاملا لواء المسلمين متقدما عليهم، استأنف المعركة بقتل الوليد بن عتبة، وعاون على قتل شيبة وعتبة، ليفور التنور بعدها ويحمى الوطيس، ويستمر علي في قطع أعناق الكفر واحدا بعد واحد، إلى أن وضعت الحرب أوزارها، فيكون عدد قتلى قريش سبعون، قتل من الإمام علي عليه السلام ستة وثلاثين رجلا، أي نصفهم تقريبا، أي نصف من قتلوا على يد المسلمين والملائكة معا.


    الصفحة 180
    ويوم أحد... كان الفارس الأول بلا منازع، والفتى المتقدم من دون المسلمين، قتل حملة ألوية الكفر، ليتقهقر الكفار بعدها، ويلوح النصر في الأفق، لولا مخالفة بعض المسلمين لأوامر قائدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعدم تقيد الرماة بمواقعهم، ليغير عليهم خالد بن الوليد من ظهورهم، يقود الكفار، ليحاصر المسلمين، فيصيح إبليس: (قتل محمد، قتل محمد) ليتزعزع الصف الإسلامي، وينهزم أصحاب النفوس الضعيفة، ليقاتل رسول الله وعلي وحدهم في مواجهة الجيش الكافر، ويصيح الرسول:

    (يا علي رد هذه الكتيبة عني) فيردها عليه السلام بكل استبسال واستماتة في سبيل الله، وإذا بجبريل ينادي بين السماء والأرض: (لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار)... فينهزم بعدها الجيش الإسلامي، ويتقهقر، ويختبئ النبي وأصحابه خلف صخرة، ويبدو أن أحدهم ظهرت شجاعته خلف الصخرة فقط، فأصبح يقول: (الله مولانا ولا مولى لكم، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار).

    ويوم الخندق... عندما اجتمعت الأحزاب للهجوم على المدينة المنورة، حفر المسلمون خندقا كي يتجنبوا تعدد الجبهات القتالية، فيستطيع عمرو بن عبد ود العامري من اختراق هذا الخندق، طالبا المبارزة، فطلب الرسول الكريم من أصحابه أن يبارزوه، لكن وكالعادة لم يجبه أحد سوى ذلك الفتى ابن أبي طالب، فأجلسه النبي، ليعرض الموضوع على الآخرين، فلم يجب أحد أيضا عدا الأسد الباسل ابن أبي طالب، فأجلسه النبي، ويعرض الأمر عليهم للمرة الثالثة، فلم يجبه أحد غير الليث القسورة علي بن أبي طالب، ليأذن له بالقتال، فيقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (خرج الإيمان كله للكفر كله).


    الصفحة 181
    فلم يطيل (كذا) علي الأمر ورجع حاملا رأس الكفر، مما دعا رسول الله أن يقول: (ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين).

    وتتوالى الأحداث... ولا يزال ابن أبي طالب الفتى المقدم على الصحابة بإنجازاته وفضائله الجمة، فها هو ذا يوم خيبر، يفتح فتحا جديدا للإسلام، بعدما عجز الأول والآخر عن فتح حصن اليهود، وعادا خائبين كل يجبن أصحابه وأصحابه ويجبنونه، فقال الرسول المصطفى: (سأعطي الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، يفتح الله على يديه) فتطاولت الأعناق واشرأبت، كلهم ينظر أيهم يعطاها، فدعا الرسول فتاه مناديا أين عليا؟ فاقتيد أرمد عين، فتفل صلى الله عليه وآله فيها فبرأت، وأعطاه الراية ليدك حصون اليهود ويفتح خيبر، ويحقق نصرا جديدا للإسلام.

    وأهله.

    وتستمر إنجازات ابن أبي طالب... وله مواقف يوم الحديبية، وفتح مكة، وحنين وغيرها من الغزوات والسرايا، إلى أن ينتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، ويغتصبه القوم حقه بالخلافة، متناسين مكانته وفضله على الإسلام وأحقيته ووصية الرسول يوم الغدير، لكنه فضل أن يقعد حقنا لدماء المسلمين، وخوفا على بيضة الإسلام، لم يكن كمن يقاتل لنيلها، ويغتصب البيوت ويحرق الأبواب ليحصل على البيعة، علما بوجود من يسانده ويطلب له بحقه، لكنه فضل السكوت على مضض!! وعندما مضى الأول لسبيله، أعطاها للآخر كبيعة في سوق، وكأنه اتفاق مسبق، ولم يكن الآخر أصلا في الحسبان، إذا أنه لم يكن مرشحا لها، حيث التنافس كان بين الإمام علي عليه والسلام وبين الأول منهما، هذا ما دعاه عليه السلام لقول ما قاله في

    الصفحة 182
    الخطبة الشقشقية: (فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لأخر بعد وفاته).

    وعند ممات الآخر، اختلق وابتدع كعادته، إذ جعلها في ستة نفر أحدهم الإمام علي عليه السلام، ويقتل من لا يتفق معهم، ولم يكن أي من الستة نظيرا له، ولا مساويا له في الفضل، يقول عليه السلام: (فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن بهذه النضائر!) فقام الثالث بالخلافة، مفضلا أهله وعشيرته على حساب الناس، وجعل رقاب المسلمين بأيديهم، حتى غاض ذلك المسلمين، فعارضوه ونددوا به، وقال أحدهم (اقتلوا نعثلا فقد كفر) فقامت ثائرة القوم من ظلم بنو أمية، فقتلوه، وبايعوا عليا، ولكن بعد ماذا؟ بعدما قدموا غيره عليه، وذاقوا الذل والهوان على أيديهم وما أن قام عليه السلام بالخلافة وبايعه المسلمون حتى عاداه القوم، حقدا عليه وكرها، فقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، لا يخاف في الله لومة لائم، يقوم اعوجاج الناس، ويقتل أئمة النفاق.

    إلى أن وقف عليه السلام في مثل هذه الليلة في محرابه بمسجد الكوفة يصلي، فضربه أشقى الآخرين يتبع أشقى الأولين على رأسه الشريف بسيف مسموم، فصاح عليه السلام على الفور: (فزت ورب الكعبة) وخضبت لحيته الكريمة بدمه الطاهر، لينتقل إلى الرفيق الأعلى بعدها بيومين، خاتما حياة مليئة بالإنجازات والفضائل، لم تكن لأحد من الصحابة.

    ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد.

  • فكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 28 - 12 - 1999 الثانية ظهرا:


    الصفحة 183
    الزميل الكريم خادم أهل البيت:

    رغم عدم موافقتي على الكثير مما أوردته بشأن الصحابة الكرام وخاصة الصديق أبو بكر (كذا) والفاروق عمر وذي النورين عثمان رضي الله عنهم، فإنني أوافقك بأن سيدنا علي (كذا) رضي الله عنه هو من أجل الصحابة وأكرمهم.

    الشاهد أن الشيعة تقول إن علي (كذا) هو وصي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنص، أي إنه تكليف إلهي وليس بالاختيار أو الانتخاب أو القرعة أو بالبحث والتمحيص... ولكنك أوردت في رسالتك الآتي:

    (وعند نزول قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا المصطفى عشيرته فقال لهم: أيكم يعينني على هذا الأمر فيكون أخي ووصيي وخليفتي ووزيري من بعدي. فلم يجبه إلا علي عليه السلام، وكررها ثانية وثالثة، وفي كل مرة يجيب الإمام علي عليه السلام، فقال الرسول الكريم: أنت أخي وخليفتي ووصيي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا) فخرج القوم مستهزئين ساخرين، يقولون لأبي طالب: قد أمر ابنك عليك).

    أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم حسب رواياتكم كان يبحث عن أخ وخليفة ووصي بين بني هاشم، ولكنهم رفضوا لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كررها ثلاثا، وأخيرا وافق علي على ذلك وهو صبي صغير لا يعرف معنى الوصاية والخلافة، وعندها اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم أخا وخليفة ووصيا؟؟؟ فأين النص على علي بالوصاية والإمامة والخلافة إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عرضها على الجميع من بني هاشم مرارا، وكان علي مخيرا، برفضها أو قبولها؟؟؟


    الصفحة 184
    أي أن ولاية علي التي يتولاها الشيعة قد جاءت باختيار علي بعد إلحاح، وليس بالنص حسب الرواية التي توردونها أنتم في تفسير الآية الكريمة: وأنذر عشيرتك الأقربين. فإما أن تفسيركم للآية وهذه الرواية غير صحيحين، أو أن القول بالنص على ولاية علي غير صحيح!

    مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون. العنكبوت 41.

  • فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 28 - 12 - 1999، الثالثة ظهرا:

    الزميل محمد إبراهيم. السلام عليكم ورحمة الله.

    القول بأن الرسول (ص) يبحث عن أخ أو خليفة أو وصي غير صحيح، إذ أن البيان بالصورة التي كان عليها في آية الإنذار، إنما هي طريقة من طرق البيان كغيرها من الطرق الموصلة لبيان المعنى المراد، المعتمدة في إيصال المعاني الإلهية عبر الآيات القرآنية، أو حتى المفاهيم العقلية.

    والرسول مأمور بالحديث بلسان قومه وعلى قدر عقولهم. فما كان لا يعدو كونه طريقة لإيصال المعنى المراد، وهذا ما فسره علماء السنة فضلا عن الشيعة. ناهيك عن التكرار بطرق مختلفة من القول والفعل والتقرير في مثل كثير من الأحكام وغيرها، وهذا يرشدنا إلى ما قلناه سابقا من المخاطبة على قدر العقول، فهذا منه ولا فرق بين الخطابين.

    فلا التفسير غير صحيح، خاصة وأنه جاء به كثير من علماء السنة فضلا عن الشيعة، ولا النص على ولاية أمير المؤمنين غير صحيح، لما ذكر ولتواتر الكثير من الروايات الدالة على هذا، فضلا عن حكم العقل بوجوب النص.

    كما لا محل للاختيار في البين. وفقنا الله وإياكم. كتب هذا الرد على عجالة.


    الصفحة 185

  • وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 28 - 12 - 1999 - الرابعة عصرا:

    الزميل محمد إبراهيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    بالنسبة لسؤالك حول النص والوصية، فقد أجاب عليه أستاذنا الجليل عبد الحسين البصري. لكن أود أن أعرف ما الذي لم توافقني عليه بشأن الصحابة؟ علما بأن جميع الروايات التي ذكرتها من كتب أهل السنة.

    وهل وافقتني بأن الإمام عليه السلام أفضل الصحابة؟ ولا يوجد لأي من الصحابة تاريخ كتاريخه؟ ولا لأي منهم إنجازات كإنجازاته وفضائله؟ هل وافقتني؟

    وإن لم توافقني... فهلا ذكرت تاريخ أكبرهم شأنا؟ وهل سيتعدى تاريخه في انتشار الإسلام وخدمته وخصوصا في صدر الإسلام بضعة أسطر؟

    وأغلبها موضوع وضعيف؟!!.. ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد.

  • وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 29 - 12 - 1999، الثانية عشرة والربع ليلا:

    الزميلين الكريمين خادم أهل البيت، وعبد الحسين البصري:

    للأسف أن الأخ عبد الحسين البصري لم يجب عن سؤالي بشكل مباشر رغم أهميته، رغم أنني أعذره في أنه كتب الرد في عجالة، ولكنني أتطلع إلى جواب شاف يقطع الشك باليقين لأهمية أمر الولاية والوصاية.

    لقد ذكرت في روايتك العديد من الأشياء غير الصحيحة عن جميع الخلفاء الأربعة: فانتقصت من الخلفاء الثلاثة الأوائل، وغاليت في علي حتى جعلته يتعبد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء؟؟!!! وهذه جديدة ليس علي فقط بل على جميع المسلمين.


    الصفحة 186
    لقد قال سيدنا أبو بكر: (لقد وليت عليكم ولست بخيركم) فإن قال:

    (وأنا بخيركم). لقلتم: (مدع). وإن قال: (لست بخيركم). قلتم:

    لا يستحق البيعة؟؟؟

    ولقد اتبع سيدنا أبو بكر أسس العدالة الإسلامية عندما قال: (فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني).

    أما سيدنا عمر الذي تقول عنه إنه جبان رعديد، فأنصحك أن تقرأ سيرته وخاصة طريقة هجرته إلى المدينة.

    وأما سيدنا عثمان وقولكم أنه عين الولاة من الأمويين، فإنه من المعروف أن هؤلاء الولاة وأولهم معاوية وعمرو بن العاص، كانوا في الولاية من أيام سيدنا عمر ولقد أثبتا جدارتهما في الولاية والفتوحات الإسلامية: فلماذا يعزلهما؟؟

    اسمح لي أن أقول أن: رسالتك كانت مليئة بالمغالطات، ولكن هذا ليس بيت القصيد الآن: بل المهم هو توضيح المغالطة الخطيرة فيما ذكرتموه عن التالي: أن الرسول صلى الله وآله عليه وسلم حسب رواياتكم كان يبحث عن أخ وخليفة ووصي بين بني هاشم ولكنهم رفضوا (لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كررها ثلاثا) وأخيرا وافق علي على ذلك (وهو صبي صغير لا يعرف معنى الوصاية والخلافة) وعندها اختاره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أخا وخليفة ووصيا؟؟؟ فأين النص على علي بالوصاية والإمامة والخلافة... إلى آخر ما تقدم من كلامه.

  • وكتب (فرات) بتاريخ 29 - 12 - 1999 - العاشرة والنصف ليلا:


    الصفحة 187
    الأخ العزيز محمد إبراهيم أدامه الله. أرجو أن تتحملوا تطفلي على هذا الموضوع. وأحب أن أبين بعض الملاحظات على ما أوردته من إشكال على ما أفاده الأخ خادم أهل البيت:

    أولا: إن هذا الحديث لم ينفرد به الشيعة، كما أردت أن توهمه عند قولك (حسب رواياتكم)! فقد أخرجه عدد كبير من أصحاب الحديث والتواريخ وصححه بعظهم مثل الطبري في تاريخه ج 2 ص 216، والإمام أحمد في مسنده ج 1 ص 159، والنسائي في الخصائص ص 18، والكنجي الشافعي في الكفاية ص 89، وابن أبي الحديد في شرحه على النهج ج 3 ص 255، وغيرهم كثير.

    ثانيا: قوله: إن أمير المؤمنين كان صبيا صغيرا لا يعرف معنى الوصاية والخلافة، فكتب الحديث والتاريخ تدل على أن أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآزره هو علي عليه السلام، وكون عمره صغيرا لا يقدح في كونه وصيا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخليفة، وهو في هذا العمر لأنها منصب إلهي، وإلا كيف كان عيسى عليه السلام نبيا وهو في المهد؟!

    الحديث واضح في الدلالة على الوصاية والخلافة.

    ثالثا: كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرضها على بني هاشم فرفضوها وقبلها علي عليه السلام، فهذا كله من تدبير الله تعالى لأن منصب الخلافة والولاية منصب إلهي كما قلنا، والله تعالى هو الذي يختار الشخص المناسب لهذا المنصب، ففي ذلك أبلغ حجة على بني هاشم في وجوب اتباع علي عليه السلام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وليست المسألة مسألة انتخابات والرسول بانتظار من يرشح نفسه كما يصور ذلك الأخ

    الصفحة 188
    محمد إبراهيم!! فلا يرد قوله إن ولاية علي قد جائت باختيار علي بعد إلحاح وليس بالنص.

    رابعا: سوقه الاحتمالات في أنه إما أن الرواية غير صحيحة، أو أن القول بالنص على ولاية علي غير صحيح.. كما بينا فإن الرواية صحيحة والنص على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام صحيح، وليس هذا الحديث وحده يدل على ذلك بل هناك الكثير كحديث الغدير والمنزلة وحديث (ولي كل مؤمن بعدي) وغيرها والسلام. انتهى.

    ولم يجب أحد من المخالفين.


    الصفحة 189

    رد زعمهم أن أبا بكر أفضل من علي عليه السلام

  • كتب (مشارك) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 3 - 12 - 1999، الثانية ظهرا، موضوعا بعنوان (تفضيل أبي بكر على علي رضي الله عنهما)، نقل فيه مقطعا من كلام إمامه ابن تيمية، جاء فيه:

    وسئل رحمه الله عن رجلين اختلفا فقال أحدهما: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أعلم وأفقه من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

    وقال الآخر: بل علي بن أبي طالب أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر.

    فأي القولين أصوب؟ وهل هذان الحديثان، وهما قوله صلى الله عليه وسلم: أقضاكم علي. وقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها صحيحان؟ وإذا كانا صحيحين فهل فيهما دليل أن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين؟

    وإذا ادعى مدع أن إجماع المسلمين على أن عليا رضي الله عنه أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، يكون محقا أو مخطئا؟.

    فأجاب: الحمد لله، لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين أن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر ولا من أبي بكر وحده، ومدعي الإجماع على ذلك من أجهل الناس وأكذبهم، بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء على أن أبا بكر الصديق أعلم من علي. منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني المروذي أحد أئمة السنة من أصحاب الشافعي، ذكر في كتابه تقويم الأدلة على الإمام، إجماع علماء السنة على أن أبا بكر أعلم من علي، وما علمت أحد المشهورين ينازع في ذلك! كيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة

    الصفحة 190
    النبي صلى الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهى ويقضي ويخطب، كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام لما هاجرا جميعا، ويوم حنين، وغير ذلك من المشاهد! والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يقره على ذلك ويرضى بما يقول، ولم تكن هذه المرتبة لغيره. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من أصحابه يقدم في الشورى أبا بكر وعمر فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول عليه السلام على سائر أصحابه، مثل قصة مشاورته في أسرى بدر أول من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر، وكذلك غير ذلك.

    وقد روى في الحديث أنه قال لهما: إذا اتفقتما على أمر لم أخالفكما، ولهذا كان قولهما حجة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهذا بخلاف قول عثمان وعلي.

    وفي السنن عنه أنه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، ولم يجعل هذا لغيرهما. بل ثبت عنه أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين، وهذا يتناول الأئمة الأربعة، وخص أبا بكر وعمر بالاقتداء بهما. ومرتبة المقتدى به في أفعاله، وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط...

    وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت حتى أني لأرى الري يخرج من أظفاري. ثم ناولت فضلي عمر. فقالوا: ما أولته

    الصفحة 191
    يا رسول الله؟ قال: العلم. وفي الترمذي وغيره أنه قال: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.

    وأيضا فإن الصديق استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة التي هي عمود الإسلام، وعلى إقامة المناسك التي ليس في مسائل العبادات أشكل منها، وأقام المناسك قبل أن يحج النبي صلى الله عليه وسلم، فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. فأردفه بعلي بن أبي طالب لينبذ العهد إلى المشركين، فلما لحقه قال: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور، فأمر أبا بكر على علي بن أبي طالب. وكان على ممن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمع ويطيع في الحج وأحكام المسافرين، وغير ذلك لأبي بكر. وكان هذا بعد غزوة تبوك التي استخلف عليا فيها على المدينة ولم يكن بقي بالمدينة من الرجال إلا منافق أو معذور أو مذنب. فلحقه علي فقال:

    أتخلفني مع النساء والصبيان. فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. بين بذلك أن استخلاف على على المدينة لا يقتضي نقص المرتبة فإن موسى قد استخلف هارون. وكان النبي صلى الله عليه وسلم دائما يستخلف رجالا لكن كان يكون بها رجال، وعام تبوك خرج النبي صلى الله عليه وسلم بجميع المسلمين، ولم يأذن لأحد في التخلف عن الغزاة، لأن العدو كان شديدا والسفر بعيدا..... وأيضا فعلي بن أبي طالب تعلم من أبي بكر بعض السنة، بخلاف أبي بكر فإنه لم يتعلم من علي بن أبي طالب. كما في الحديث المشهور الذي في السنن حديث صلاة التوبة: عن علي قال: كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، فإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته...